… بشفافيه مرهفه .. وروحانيه .. كان هذا اللقاء مع جميل …
لنتدارس معه .. الحب العذري .. وما قيل عن حبه لـ( بثينه ) ومساهمه متواضعه من الفقير إلى الله .. لذوي القلوب المكويه بنار الحب .. !!
وعلى فنجان من الكوباتشينو … في أحد الأماكن .. كانت هذه الدردشه ..
حضر جميل .. حسب الموعد .. مرتديا ثوبه المرودن .. المشهراوي .. منتعلا حذاءا رقيقا من جلد البعير … لا يضع عمامه .. بل كان يتعمم بمنديل من الخز .. مـُسبل على الرأس .. يجلله بعصابة ..
كان لباس جميل .. مدهشا .. من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه ..
وسرعان ما زالت الدهشه ..
عندما لاحظت على عصابته .. الحرفين .. S-D
.. ومنها عرفت أن أزيائه كانت .. من تصميم ( شليويح ــ ديور ) ..!!
ورحبت به قائلا :
أهلا بك يا أخا ( قـُضاعه ) .. يا مرحبا .. يا مرحبا ..
جميل : حياك الله وبياك .. يابن العم ..
قلت : ذكر الأخباريون بأنك من أسره ثريه .. فمن أين لكم هذا ؟؟ فعذرا على السؤال ..
قال : أسرتي كانت تملك قطعانا كثيره من الإبل .. ورثها والدي عن والده .. وجده … ومن كثرها .. كنا نتوزعها بيننا من أجل الرعي … وكان لدي قطيع منها .. أرعاه .. ولولا رعيي لهذا القطيع .. لما عرفت حبيبة القلب .. بثينه …
قلت : نعم .. وكانت بثينه طفله شقيه .. ومن شقاوتها .. ( أجفلت ) إبلك .. وغضبت .. وتراشقتما بقليلٍ .. من الردح الشرقي البديع … ومن ثم علقتها .. وفي ذلك قلت :
وأول من قاد المودة بيننا **** بوادي ( بغيضٍ ) يا بثين سباب
وقلت لها قولا فجائت بمثله **** لكل كلام يا بثين جواب
ولعلمك يا جميل .. فإن ( وادي بغيض ) الذي خلدته في شعرك .. إسمه الآن هو ( العـُذيب ) ..
وتــَحـَمـَـد ربك .. أن ( دراكترات ) البلديه .. لا زالت بعيده عنه ..
لكن الأمل بالله .. ومن ثم بهيئة السياحه والأثار .. أن تحيي تراثنا .. بمعرفة تلك الأماكن … على أقل تقدير .. من منفوحة الأعشى .. وجبل التوباد .. ووادي عبقر … إلى ( الجواء ) .. ديار عبله وعنتر … وهي ( عيون الجوا ) حالياً ….
وقلت لجميل : ما وعد بثينه لك … عندما قلت :
ما أنت والوعد الذي تعدينني **** إلا كبرق سحابة لم تمطر
تـُقضى الديون ولست تقضي عاجلا **** هذا الغريم ولست منه بمعسر
يا ليتني القى المنية بغتةً **** إن كان يوم لقائكم لم يقدر
قال جميل : هو وعد .. لا أكثر ولا أقل .. ولم يتحقق لظروف بثينه .. حيث كانت محاصره .. وعليها رقابه من أخيها ( شبيب ) ..!!
قلت : يقول بعض الرواه .. بأنها وعدتك بقبله ؟؟ ماذا تقول ؟
قال : غير صحيح .. فعندما كنا نلتقي خلسه .. كعاده متبعه .. لا نجلس متقاربين .. فتكفي النظره .. والتعبير عن المشاعر وقول الشعر .. ولو كان غير ذلك .. لما كان الحب .. عذرياً ..!!
قلت : ولكن أخا بثينه .. ( شبيب ) .. أمسك بكما .. وانتما في خلوه .. وقال بعض الرواه … بأنه ( دبجك ) بالعجرا … قل لنا ما الذي حصل ؟؟
قال : الذي حصل كان بسبب أحد صعاليك الحي .. الذي كان عاذلا وحاقداً .. لأن بثينه لم تكترث به .. مما أوغر قلبه .. بأن يراقبنا .. وعرف مكان لقائنا .. وابلغ ( شبيب ) بذلك .. الذي جاء للمكان .. وكان بيننا تلاسن فقط ..
ولا تثريب على شبيب .. فهذا ما كان عليه أن يفعله .. لقول الشاعر :
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى **** حتى يراق على جوانبه الدم
وهذا ما يقابله بنفس المعنى في عصركم … القول المأثور لأحد حكمائكم .. القائل :
( شرف البنت مثل عود الكبريت .. ما يولع .. إلا مره واحده )
ولا عداوه بيني وبين شبيب .. ولو كان ذلك .. فكله يهون .. علشان خاطر عيون بثينه … وقلت في هذا المعنى :
وقالوا يا جميل أتى أخوها **** فقلت أتى الحبيب أخو الحبيب
قلت : في عصرك وفي عصر ما بعد عصرك .. اشادوا بشعرك .. الشعراء البارزون .. من عمر بن أبي ربيعه .. وكثير عزه .. وجرير والفرزدق .. وغيرهم .. واعترفوا لك بأنك شيخ الشعراء العذريون .. ما تعليقك ؟؟
قال : فيهم الخير ..
أما إبن أبي ربيعه .. هذا الفتى القرشي .. فهو صديقي الحميم والوفي .. فكانت بيننا مساجلات .. ولطالما كنا نلتقي في مواسم الحج …
إلا أن لي تحفظ على الفرزدق .. على الرغم من مدحه لي .. وإعجابي بجزالة شعره وفخامته .. إلا أننا على نقيضين .. فأنا شاعر عذري .. وهو شاعر كبير …. و .. نسونجي ..!!
قلت لـ( جميل ) : أفدنا أفادك الله .. عن الحب العذري .. بصفتك من الضالعين ..!!
قال : حـــيهلا .. وحبا وكرامه ..
لا أستطيع وصفه .. ولكنه طيف .. يدخل العاطفه والشعور .. يلامسهما ويدغدع تلك الأحاسيس .. ويتمركز في شغاف القلب …
قلت : زدني .. زدني .. بارك الله فيك ….
قال : الحب العذري يهذب النفس .. ويهيمن على الوجدان ويتمكن منه .. وفي حالة اليأس .. ينحل الجسم ويرق عوده .. وتخرج الروح .. قليلا .. قليلا ..
قلت : حسبك يا جميل .. قتلتنا يا رجل … الله يخرب بيتك …
منت بشايف …. أرواحنا طالعه … قليلاً ….. قليلاً ..!!!
ولكم تحياتي !!!