قصة القرد أبو طاقية ..؟؟

[ماجد سليمان البلوي]

قصة القرد أبو طاقية ..؟؟
________________________________________


لأن رأسه كان لونها مختلفا عن بقية جسمه, فقد أطلقت الحيوانات عليه اسم القرد أبو طاقية. وقد اشتهر بحبه للخير, وعطفه على الحيوانات الضعيفة. وكانت له صلة قوية بالأسد قسورة ملك الغابة. وقد كانت الحيوانات الضعيفة تلجأ إليه كلما شعرت بالخطر, فيسرع بنقل شكواهم إلى الأسد قسورة, الذي غالبا ما ينطلق لإغاثة الضعفاء.
كان يقضي الليل فوق شجر الغابة, يأكل ثم يستريح.
كانت الذئاب تأتي بالليل فتجتمع تحت الأشجار لتدبير المؤامرات, ولكن مؤامراتهم سريعا ما يكشفها القرد أبو طاقية وهم لا يعلمون, وكانوا يتعجبون كيف وصلت أسرارهم إلى علم الأسد قسورة.
اجتمعت الذئاب برئاسة الذئب بليكان ليتدبروا أمرهم. قال بليكان: أيها الذئاب لا بد أن فيكم خونة ينقلون أخبارنا إلى الأسد, ما نكاد نعقد أمرا حتى يسبقنا إليه.
قال الذئب ربتان: حقا يا زعيم, لقد تربص الأسد للذئب هلكان وقتله , وكان هلكان قد أسر إلينا أنه سوف يفترس صغار الغزلان في الليل بينما أمهاتهم نائمات.
- إذن فليخرج الخائنون من بيننا.
تعالت أصوات الذئاب: فليخرج الخائنون من بيننا, فليخرج الخائنون من بيننا.
حينئذ ارتفع صوت الذئب خبران( وهو ذئب كبير السن) قائلا: أيها الحمقى, وهل سيقف واحد منكم ويقول أنا الخائن فاقتلوني؟
- إذن كيف نعرف الخائنين؟
- سوف أتحدث معك على انفراد يا ذئب بليكان.
بعد أن انصرفت الذئاب, اجتمع الذئبان: بليكان وخبران, قال خبران:إن بيت صديقي التعلب مكرون قريب من بيت الأسد قسورة, سوف أقيم عنده الأسبوع القادم, وسوف أراقب الداخلين إلى بيت الأسد.
- هذه فكرة جيدة أيها الذئب الخبير.
أقام الذئب خبران عند صديقه الثعلب كما قال. لاحظ خلالها كثرة تردد القرد أبي طاقية على بيت الأسد.
قال الذئب بليكان: وما علاقة القرد أبي طاقية بما نحن فيه؟
- دعنا نتدبر أمرنا.
في الأيام القليلة التالية, وبينما هم مجتمعون تحت الأشجار في ظلام الليل, سمع الذئاب سعال القرد أبي طاقية من فوق الشجرة, صاحت الذئاب: من يجلس فوق الشجرة؟
لم يرد القرد أبو طاقية, والتزم الصمت, ولكنه سعل مرة أخرى- فقد كان صدره مريضا.
حينئذ أيقنت الذئاب أن هناك من يجلس فوق الشجرة, ولابد من معرفته.
تم القبض على القرد أبي طاقية, وقررت الذئاب قتله, ولكنهم خافوا من انتقام الأسد قسورة.
قال الذئب بليكان: هيا انصرف بعيدا أيها القرد.
تواصت الذئاب بقتل القرد أبي طاقية, وشعر القرد بالخطر الشديد على حياته, فكان لا يكاد ينزل من فوق الشجر, وأخذ يفكر في طريقة يغادر بها الغابة إلى مكان آخر.
لم يمض وقت طويل حتى جاء الصياد لقمان إلى الغابة, ومعه سيارته وحباله التي يستخدمها.
اختفت الحيوانات خوفا من الصيد, بينما أخذ الصياد لقمان يتجول في الغابة بهدوء لعله يعثر على ما يريد. هبط القرد أبو طاقية من فوق الشجرة, وتقدم من الصياد لقمان, وقال له: أيها الصياد, أولا أعرفك بنفسي: أنا القرد أبو طاقية, إذا كنت تبحث عن قرد تصيده فلا تتعب نفسك, فأنا على استعداد للخروج معك من الغابة.
- شيء غريب حقا , لماذا تفعل ذلك يا قرد أبا طاقية؟
روى القرد أبو طاقية حكايته مع الذئاب, وكيف أنهم يتربصون به ليقتلوه.
قال الصياد: لا تخف يا أبا طاقية, سوف أسلمك إلى حديقة الحيوانات بالمدينة.
- وماذا لو عرفت الذئاب مكاني, وذهبوا لقتلي.
- لا تخف, سوف يدافع عنك العم عطية.
- ومن هو العم عطية؟
- العم عطية هو حامل البندقية, ويقوم بالدفاع عن الحديقة ضد اللصوص والمعتدين.
وصل القرد أبو طاقية إلى الحديقة, وأحسنت الحيوانات استقباله, وبدأ يشعر بالاطمئنان.
لم يمر وقت طويل حتى استيقظت حيوانات الحديقة وحراسها على صوت ضوضاء كبيرة أمام باب الحديقة, والذي كان مغلقا بالليل.
استطلع الحارس الأمر فوجد الذئاب متجمعة أمام الباب, سألهم: ماذا تريدون أيها الذئاب؟
- نريد القرد أبا طاقية, أخرجه لنا بسرعة, وإلا هجمنا على الحديقة, وسوف تكون أنت أول من يفترس.
ذهب الحارس إلى بيت القرد أبي طاقية وأخبره بالأمر.
امتلأ القرد أبو طاقية بالرعب, وقال: لقد عرفوا مكاني, ويريدون قتلي.
- وماذا ستفعل الآن؟
- أرجوك أخبر العم عطية حامل البندقية.
ذهب الحارس مسرعا, وأخبر العم عطية بالموقف.قال العم عطية: لا تقلق أيها الحارس, اذهب إلى مكان حراستك, وسوف ألحق بك بعد قليل.
عاد الحارس إلى الباب, فقال له الذئب بليكان في غضب شديد: أين القرد أيها الحارس؟
- انتظر قليلا أيها الذئب.
بعد وقت قليل, حضر العم عطية مرتديا ملابس القتال, وتقدم بشجاعة فائقة تجاه الذئاب, وأطلق الرصاص, فقتل بعضهم, بينما فر الباقون خائفين, وأخذوا يركضون وسط السيارات, فأصيب بعضهم, ودهس آخرون.
عاد العم عطية إلى القرد أبي طاقية, وقال: لا تخش شيئا أيها القرد. لقد قضيت على الذئاب.
فرح القرد أبو طاقية, كما فرحت الحيوانات والحراس بالقضاء على الذئاب المعتدين.
أقام سكان الحديقة احتفالا كبيرا بهذه المناسبة, ووقف القرد أبو طاقية ينشد ويقول:
أفديك بروحي وعينيً
يا عم عطية
يا حامل البندقية
لولا ربي بعثك ليَ
لصرت الآن مهلبية
في بطون الذئاب المفترية
أخذ الجميع يضحكون, وعم الفرح الحديقة..؟؟

تحيات
ماجد البلوي