الفاضلي البلوي
10-31-2011, 06:53 PM
أعضاء في منتهى العدل .!!!
قال الله تعالى : (( وإذا قلتم فاعدلوا )).
وقال تعالى: (( ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولايجرمنكم شنئآن قوم على ألاتعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى )).
والعدل يشمل القولَ والكتابة والنقل.
وفي عالم الإنترنت (( السحيق )) تكاد تكون هذه الصفة (( نادرة )) مع أنها موجودة ولله الحمد وبسبب كثرة الكتابات، وتنوع المصادر، وتعدد المشارب، وإختلاط
(( الحابل بالنابل )) ذاب العدل وغلب عليه (( كثرة الخَبَث )).
ولكن ولله الحمد (( لازال في النت خير كثير )) ففي كثير من المنتديات نرى هذه الصفة (( العدل )) بتقسيماته؛ نراها في الكثير من الأعضاء وهذا (( فضل الله يؤتيه من يشاء )) …
وأحببت أن أساهم في نشر هذه الصفة وهذه الخصلة الكريمة مع إخواني وأخواتي ليبلغ العدل عندنا (( قُلَّتين )) وهذا لايكون إلا بجهود الجميع.
ملاحظة قبل البدء:
من أجل العدل والبحث عن العدل والحث على العدل أكتب هذه الوصايا، وهي وصايا إجتهادية قابلة للخطأ؛ والنقصان؛ والزيادة عليها؛ فلاتحرمنا من التصحيح
والتعديل والإضافة.
تأملت حالنا في منتدياتنا فوجدت أننا لانعدوا أن نكون أحد ثلاثة:
فإما كاتبٌ (( يؤلف )) ويكتب المقالات والمواضيع.
وإما ناقل ينقل ماكتبه غيره.
أو قارئ (( يتلقى )) مايكتبه الآخرون …
والأغلب منَّا هو (( مزيج من هذه الثلاثة مجتمعة ))
ولابد لكل واحد من الثلاثة الإعتناء بأمور مهمة تجعله بإذن الله يحقق صفة (( العدل ))..
وسأبدأ أولاً بالكاتب:
الكاتب (( المؤلف )) :
هو من يقوم بكتابة المواضيع والمقالات (( من تأليفه )) والتي تدور في خدمة أمرين في المنتديات (( من وجهة نظري الشخصية )) ..
فإما أنه يكتب من أجل النقد (( بغض النظر عن نوعه ))
أو أنه يكتب من أجل إيضاح فكرة معينة وإفادة الاخرين منها.
ولابد لمن كان (( كاتباً )) أن يعتني بهذه الأمور:
1- أن يتقِ الله في كتابته فلا يكتب إلا ما يرضي الله ومايوافق شرع الله ودينه والحرص على (( الذوق والأدب العام )) للمجتمع وأن يجعل نصب عينيه قوله تعالى (( مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ))،و قوله تعالى : (( حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون ))، ويتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم واصفاً حال العبد بين يدي ربه عند الحساب : (( .. فيختم على فيه فيقال لأركانه " أي جوارحه " أنطقي قال فتنطق بأعماله .. ))
2- أن يخلص النية فيما يكتبه لله وحده وأنما أراد بكتابته هذه مرضاة الله، لاشهوةً في النفس أو أي إربة أخرى إنما الله والله وحده لاشريك له.
3- معرفة نوعية المُخاطَب (( المتلقي )) للتوصل للطريقة المناسبة للكتابة له والتعامل معه حول الموضوع الذي تكتبه.
فهل المُخاطَب (( المتلقي )) من الأشخاص العاديين؛ أم هو شخص خبير؛ أم أنه شخص تنفيذي؛ أو هو لايعدو أن يكون إلا مجرد مُهتم فقط؛ أو هو جمهور مختلط معقد !!!
فمعرفة المُخاطَب مهمة جداً لمعرفة الطريقة الصحيحة للكتابة له والتعامل معه.
(( فالشخص العادي:
هو شخص ذو خبرات قليلة؛ وفي مواضيع محددة فقط؛ ويكون حافزه فاتراً لقرآءة ماتكتبه.
وتكون طريقة الكتابة له: بتحفيزه؛ وجذب إنتباهه للقرآءة؛ وعدم الدخول في التفاصيل والإطالة، وعند الإضطرار للتفاصيل يتم عرضها له بطريقة شيقة وجذَّابة.
والشخص الخبير:
هو شخص ذو خبرات واسعة أو لابأس بها؛ وفي مواضيع محددة فقط؛ ويكون حافزه قوياً لقرآءة ماتكتبه ويهتم به، إذا كان ظمن نطاق خبرته.
وتكون طريقة الكتابة له: بالتركيز على التفاصيل والإجراءات والطرق وكل مايتعلق بالموضوع ومن ثم الوصول إلى النتائج النهائية.
أما الشخص التنفيذي:
فهو شخص عملي (( مُنَفِّذ )) ذو خبرات واسعة في مواضيع محددة، ويكون حافزة قوياً لقرآءة ماتكتبه إذا كان يتعلق بالمعلومة النهائية، وداخل نطاقه التنفيذي بغض النظر عن التفاصيل.
وتكون طريقة الكتابة له: بالتركيز على المعلومات النهائية والنتائج مباشرة دون الخوض في التفاصيل والإطالة، وعند الحاجة للتفاصيل ضع مُلَّخصاً للمعلومات النهائية.
وأما الشخص المُهتم:
فهو شخص ذو خبرات محدودة وفي مواضيع محددة فقط، ويكون لديه حافز قوي جداً لماتكتبه إذا كان يدور حول إهتماماته.
وتكون طريقة الكتابة له: بالتركيز على التفصيل في نطاق إهتمامه دون الخوص في المواضيع الأخرى.
وأخيراً ….
الجمهور المختلط (( المعقد )) :
وهو عبارة عن مُركّب من مجموعة من القرآء مختلفي التصنيف (( عادي - تنفيذي - خبير - مهتم )) والكتابة لهذا النوع هي من أصعب الكتابات لذلك كانت طريقة
الكتابة هي: أن تكتب للقاسم المشترك الأدنى للقرآء وهو الشخص أو القارئ العادي …)) بتصرف من كتاب : أقلام تقطر ذهباً - لـ: رانيا بركات الزواهرة.
4- كتابة الموضوع في مسودة وقرآءتها كثيراً قبل الكتابة النهائية، ومن ثم كتابة الموضوع (( بشكله النهائي )) على الحاسب وقرآءته للمرة الأخيرة قبل نشره، وتذكر الحكمة التي تقول : (( أخِّر كلامك قبل أن تتحدث وأعط الإختيار وقتاً كافياً لنضج الكلام؛ فالكلمات كالثمار تحتاج لوقتٍ كافٍ حتى تنضج ! )).
يذكر ميخائيل نعيمة في كتابه - الغربال الجديد - أن الروائي والمفكر الروسي المشهور تولستوي أعاد كتابة الفصل الأول من روايته (( الحرب والسلم )) خمس عشرة مرة !!!.
5- البعد عن الأخطاء النحوية؛ والإملائية. (( قدر الإستطاعة ))
لأن مثل هذه الأخطاء هي (( التجاعيد )) التي تُشوه (( جمال )) الموضوع.
6- الإحالة للمراجع (( أيَّاً كانت )) أو الشواهد أو المؤلفين. (( قدر الإستطاعة ))
لأن القارئ يستطيع بذلك متابعة المعلومة والإستفادة منها، وتعطي هذه الطريقة الكاتب مصداقية في معلوماته المنقولة، ناهيك أن الإحالة والعزو من باب (( الأمانة العلمية )).
7- التراجع عن الخطأ أو النسيان أو الزلل، وخاصة بعد أن يُوَضَّح توضيحاً (( لاغبار )) عليه وبشكل مناسب.
8- قبول الحوار حول الموضوع المكتوب بشرط أن يتصف الحوار (( بالمنطقية )) وأن يكون مَبنيَاً على (( الأدلة والبراهين )) وليس حواراً (( بيزنطياً )) عقيماً.
كانت هذه ثمانُ نقاطٍ عامة تتعلق بالكاتب إذا أراد أن يكتب بشكلٍ عام، ولكن هناك بعض النقاط التي تتعلق ببعض المجالات الكتابية (( الخاصة )).
فقد قلت سابقاً إن الكتاب في المنتديات (( من وجهة نظري )) يكتبون في مجالين :
@ الأول النقد. @ والثاني لأجل إيضاح فكرة معينة.
وهناك بعض النقاط الخاصة التي تتعلق بهذين المجالين…
أما مايتعلق بمجال النقد:
فقد كثر النقد في عالم الإنترنت (( بشكل عام )) وفي المنتديات (( بشكل خاص ))، وكان في غالبيته يُوجّه تجاه المؤسسات الحكومية والخيرية (( بذاتها )) أو يكون
موجهاً لنقد بعض الأنظمة فيها، أو لنقد واقعها الحالي (( الغير مُرضي )) ـ بنظر الناقد ـ (( تَطلُّعاً )) لمستقبلٍ مشرق !!.
غير أن النقد ـ أحياناً ـ (( يَشُّذ )) لينال من (( شخوص )) أناس معيّنين بأسمائهم أو مراكزهم أو وظائفهم…
فكان لابد للكاتب في مجال النقد من نقاط تجعل نقده يحقق صفة (( العدل )) بإذن الله، وتكون ضابطة له …. ومنها:
1- أن يكون النقد مبنياً على (( أدلة وبراهين )) واضحة وليس على (( توقعات )) أو (( إستنتاجات )) أو حتى (( تُهَماً )) تُلقى جُزافاً.
2- أن يكون النقد يصب في مصلحة (( المُنْتَقَد )) وليس في مصلحة (( الناقد )) المباشرة.
فبعض من يقوم بعملية النقد تكون هذه العملية من باب (( تصفية الحسابات )) والثأر من أمور قد تخفى على القارئ.
أو يكون نقده من بابٍ ظاهره (( مصلحة المُنْتَقَد )) وباطنه (( مصلحة الناقد )).
فلو فرضت أني صاحب مشغل نسائي وكنت في مجلسٍ وفيه (( منافسٌ لي )) ثم بدأت بمخاطبة (( منافسي )) بهذه الكلمات على الملأ:
(( & ياعزيزي ـ ماشاء الله ـ كم أنتم منظمون في مشغلكم، وتستخدمون آخر التقنيات الحديثة، ومانقصكم إلا بعض الأمور ويكون مشغلكم من أفضل المشاغل إطلاقاً..
& صحيح !! .. مثل ماذا ؟؟!!
& يعني لو وضعتم ساتراً أمام الباب لأن النساء التي تدخل عندكم تنكشف للمارّة وهذا الساتر لايكلف شيئاً، وقد صنعته لمشغلي عند فلان!.
وهل تصدق أن أجور العاملات المسلمات!! رخيصة… بصراحة ستوفر لك دخلاً جيداً لو إستقدمتهن بدل اللآتي عندك!.
نسيت أن أخبرك لقد نزل جهاز جديد في السوق لتعقيم الأدوات أفخم وأحسن تعقيماً من جهاز [ كذا وكذا ] … ياأخي كيف فاتك .. جربه وسترى الفرق ! ))
بماذا خرج المستمع من حديثنا السابق ؟؟!!
خرج المستمع بأنّ (( مشغلي أفضل )) لأنه :
# يحرص على ستر النساء وخصوصيتهن بعكس (( المنافس )) الذي مع كونه متفوق (( تنظيمياً وتقنياً )) إلا أنه يفتقد هذه الميزة المهمة جداً للناس.
# العمالة لدينا مسلمة بعكس المنافس.
# المنافس معروف بتقنيته المتقدمة، لكننا نحن سبقناه فنحن أفضل منه.
بهذه الكلمات صحيح أن نقدي يظهر أنه لمصحة (( منافسي )) ولكني تركت إنطباعاً للسامع جعل النقد يصب في مصلحتي مباشرة.
وكثيراً لايستفيد (( من ننقد )) من نقدنا، لأننا غالباً ماننقد الآخرين بهذه الطريقة إما عن (( حسن نية )) أو (( نسياناً )) …
فكيف إذا كان (( الناقد )) قد بنى نقده على أساس (( تصفية الحسابات )) !!! ..
فأنَّا له ولغيره الفائدة !!!
وصدق من قال: (( الريش الجميل ليس كافياً ليصنع طائراً جميلاً )) … فلابد من الروح الطاهرة لهذا الطائر.
3- بحث النقاط (( المُنْتَقدة )) بشكل دقيق وواضح وليس بشكل عام.
فعلى سبيل المثال عندما أقول في نقدي لأحد المؤسسات:
(( إن هذه المؤسسة مهملة وفاشلة إدارياً ))
كل ماذكرته من نقد هو نقد بشكل (( عام ))، ويجب التفصيل في هذا العام… فيجب أن أقول:
(( إن هذه المؤسسة مهملة لأنها :
أ - …………..
ب - …………..
ج - …………..
وهي فاشلة إدارياً لأنها لم تحقق:
أ - …………..
ب - …………..
ج - ………….. ))
ولايستلزم التفصيل أن تكون نقاطاً (( مُرَقمة )) المهم أن تبحث هذه النقاط.
4- وهي من النقاط المهمة جداً:
التفريق بين نقد من ينتمي أو يعمل في جهة معينة؛ ونقد الجهة التابع لها.
فنقد المُنْتمي لايستلزم نقد الجهة؛ ونقد الجهة لايستلزم نقد المُنْتمي…
مثال:
(( لاعب في منتخبنا الأول لكرة القدم ))
عندما أنتقد اللاعب على (( أدائه السيئ )) وعلى (( إضاعته للفرص )) وعلى (( تهاونه ضد الخصم )) وعلى (( قلة الأخلاق الرياضية)) وإنعدام (( اللعب النظيف ))
فهل هذا يعني أنّ منتخبنا كله يتصف بهذه الصفات ؟!!!
إطلاقاً …
بل قد يكون المنتخب في هذه المباراة التي ظهر بها هذا اللاعب بهذه الصورة (( المزرية ))؛ كان المنتخب في (( أحسن )) صُوَرِه، وأوج عطائه.
فهل ينسحب نقد اللاعب على المنتخب ؟؟!! … أظن أن هذا من الظلم…
والعكس كذلك ..
فلو كان المنتخب هو الذي ظهر بصورة (( سيئة جداً ولاتوصف )) فهل هذا يعني أنّ (( فلان )) ـ مُخَصَّصاً بالإسم ـ هو أيضاً يتصف بهذه الصفة ؟؟!!
أبداً ….
فكم رأينا مباريات يكون أداء الفريق فيها (( يقطع الوجه )) ويُهزم الفريق؛ ويأخذ أحد لاعبيه جائزة أحسن لاعب في هذه المباراة !!!
(( وللعدل )) … فإن النظرية (( النسبية )) قد تشمل العلاقة بين (( المُنْتَمي والجهة )).
5- طرح الحل والعلاج.
فكثير من المواضيع التي تقوم بالنقد لاتطرح الحل أو الطرق التي تساعد على الحل والعلاج المناسب للموضوع، وإنما تكتفي فقط بمجرد النقد، والأصل من النقد هو الإصلاح وطرح الحلول للوصول إلى الأفضل وإفادة الآخرين.
6- تجنب نقد الأشخاص (( بذواتهم )) وإن كانوا يمثلون جهات أو أعمال معينة.
فعندما أحب أن أنقد سياسة (( رئيس المحكمة )) في إدارة محكمته، فأنا أتكلم عن رجل معروف، وكلنا أو أغلبنا يعرف من هو رئيس المحكمة؛ فنقدي (( لسياسته الإدارية )) إنتقل من نقد سياسة (( الوظيفة )) إلى نقد سياسة (( صاحب الوظيفة )) … وتحول النقد من الطابع (( الوظيفي )) إلى الطابع (( الشخصي )) …
ولأوضح أكثر كلامي السابق:
لوقلت هذا الكلام: (( إن سياسة رئيس المحكمة صارمة وله صلاحيات مطلقة ويجب محاسبته على مايدور في المحكمة من…. و … و … إلخ ))
فأنا لاأنتقد (( الوظيفة )) والتي هي (( وظيفة رئيس المحكمة )) وأناقش السياسات الإدارية الممنوحة لهذه الوظيفة في كل محاكم المملكة …. لا …
ولكني أنتقد (( صاحب الوظيفة )) والذي يشغرها، وهو (( الشيخ فلان )) لأنه رئيس المحكمة، وأناقش سياسته هو (( الشخصية )) والتي قد لايُمارسها غيره من رؤساء المحاكم في المملكة.
فيكون نقدي هنا نقد (( شخصي )) بحت؛ وليس نقد (( وظيفي )).
والنقد الشخصي الأصل فيه أن يكون مُوجهاً مباشرة للشخص المعني ودون نشره على الملأ، ولكن إن أضطر الواحد منا لجعل النقد (( الشخصي )) مُعْلناً فيكون ذلك في أضيق الحدود، ومبني على الأدلة والبراهين الواضحة، ويتعلق بعمل الشخص وليس بذاته وشخصه.
كانت هذه سِتُّ نقاطٍ خاصة بمجال الكتابة النقدية وقبل أن ننتقل إلى المجال الآخر أحب أن أذكر بعض الخصائص التي تميز الناقد البنَّاء عن غيره من النقَّاد.
(( وهي أربع خصائص:
الأولى: التمتع بالوعي.
وهذا الوعي يكون وعياً بالنفس؛ ووعياً بالآخرين؛ ووعياً بأهيمة النقد.
فوعيه بنفسه يكون بحرصه على أن يُلِّم بماهية نفسه وصفاتها (( الإيجابية والسلبية )) لذلك تراه يتقبل النقد بكل صدر رحب.
ووعيه بالآخرين يكون بوعيه بمشاعرهم وعواطفهم وتصرفاتهم وفهم نفسياتهم لأن وعيه بالآخرين يمده بالمعلومات التي تساعده في تشكيل أفكارهم وتوجيهها إلى نقد فعَّال وقوي.
ووعيه بأهمية النقد يكون بمعرفته وإلمامه بدور النقد في تحقيق النجاح الفردي والجماعي (( لأنه بتقبله النقد يحقق النجاح الفردي ونقده للآخرين يحقق النجاح الجماعي )).
الثانية: بذل قصارى الجهد.
فالناقد الإيجابي لايكتفي بمجرد (( التغيير )) بل يريد بذل قصارى جهده لتحقيق الهدف.
الثالثة: التمتع بالمسؤولية الذاتية.
لأن الناقد الإيجابي يعلم أنه مسؤول عن تصرفاته؛ فهو مسؤول عن تصرفه تجاه (( تقبل النقد )) ومسؤول عن تصرفه تجاه (( توجيه النقد )) لأنه لاأحد يرغمه على فعل أي شيئ بل هو يختار أكثر الطرق فعالية للنقد الذي يوجهه ويتلقاه.
الرابعة: أن يكون نشيطاً.
وذلك للبحث عن أفضل الطرق والوسائل التي تجعل تصرفاته أفضل عند (( تقبل النقد )) من الآخرين أو عند (( توجيهه )) للآخرين. )) بتصرف من كتاب : قوة النقد البنَّاء - للدكتور هندري ويسينجر.
وأما مايتعلق في مجال الكتابة الثاني وهو الكتابة (( من أجل إيضاح فكرة معينة )) فلابد كذلك من مراعاة بعض النقاط. وهي:
1- إحترام عقل وثقافة القارئ.
وهذا الإحترام لايتأتى إلا (( بالتعب )) على الموضوع وإخراجه بشكل لائق جداً (( بكل ماتعنيه هذه الكلمة من معنى )) يليق بثقافة القُرآّء الأفاضل.
2- توضيح النقاط قدر الإستطاعة والهرب من الغموض والمبادرة بإيضاح ماأشكل على القرآَّء.
3- التجديد في طرح الفكرة وقالب عرضها وطريقة إيصالها إلى القارئ الكريم.
هذه كانت بعض النقاط الخاصة بهذا المجال.
علماً أن النقاط العامة المتعلقة بالكتابة بشكل عام هي الأساس في كل من المجاليين المذكورين سابقاً.
وثاني ماسأتحدث عنه هو الناقل.
الناقل:
وهو الذي يقوم بعملية (( نقل )) الأخبار أو كتابات الآخرين.
وكذلك لابد (( للناقل )) لكي يحقق صفة (( العدل )) في نقله أن يحرص على هذه الأمور المهمة:
1- أن يتقِ الله في نقله فلاينقل إلامايرضي الله ومايوافق شرع الله ودينه والحرص على (( الذوق والأدب العام )) للمجتمع وأن يجعل نصب عينيه قوله تعالى (( ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين )).
2- أن يخلص النية فيما ينقله لله وحده وأنما أراد بنقله هذا مرضاة الله، لاشهوةً في النفس أو أي إربة أخرى إنما الله والله وحده لاشريك له.
3- توضيح أن الموضوع أو الخبر منقول بكتابة كلمة (( منقول )) والإحالة للمصدر المنقول عنه ووضع رابطه. (( قدر الإستطاعة ))
4- التأكد من صحة الخبر أو منطقية النقد (( وعدله )) لكي لايقع الإنسان في إثم نقل (( الإشاعة )) وترويج الكذب. (( قدر الإستطاعة كذلك ))
5- نقل مافيه فائدة فكرية أو معرفية للقارئ أو مايفيد المنتدى بشكل عام.
6- الأصل في (( الناقل )) موافقته التامة لمانقله (( وإلا لماذا نقله؟؟!! ))
فيجب على الناقل عندما لايُقِّر بعض النقاط في موضوعه المنقول أن يقوم بتوضيحها.
7- قد يُنقد أو يُناقش الموضوع المنقول فإن أراد الناقل توضيح وجهة نظره أو الدفاع عنها؛ فإنه يقوم بالدفاع ومناقشة (( الأفكار )) وليس الموضوع المنقول، وإن ظن الناقل أن الموضوع يشتمل على هذه الأفكار؛ لأن الناقل (( أساساً )) لم يكتب هذا الموضوع فقد (( يُخطئ )) فهم المراد منه؛ (( فالأسلم )) مناقشة الفكرة التي يتبناها الناقل والتي رأى أن هذا الموضوع المنقول يحتويها.
وأخيراً سنتكلم عن القارئ.
القارئ:
وهو الذي يقوم بقرآءة مايكتبه الآخرون.
ولكي يحقق القارئ صفة العدل في (( قرآءته )) فعليه الحرص على بعض النقاط … منها:
1- عند قرآءة خبر أو نقد يجب مطالبة الكاتب أو الناقل بالمصدر دائماً.
2- عدم الجزم بصحة (( المقروء )) وتصديق مافيه أو نشره حتى يتبين صحته، أو يقوم القارئ بتمحيصه وتبيين الغث من السمين حتى لايقع الإنسان في نقل (( وبث )) الإشاعات وأحياناً الكذب والإفتراء على الآخرين ـ بدون علمه ـ.
3- قرآءة الموضوع بحيادية دون الحكم عليه (( سلباً أو إيجاباً )) بمجرد النظر إلى اسم كاتبه.
4- تصحيح الأخطاء والمعلومات التي قد تكون خاطئة والمُضَمَّنة للموضوع ، وتوضيحها للكاتب أو الناقل وللقرآء جميعاً.
5- طلب إيضاح الغامض من النقاط، وتفصيل المجمل منها، وتفسير المتشابه، لكي يُفهم الموضوع على ماأريد منه.
وختاماً …
كان هذا جهداً متواضعاً (( من أخيكم )) حاولت فيه أن أكتب بعض مارأيته مُهماً من نقاط، وهو جهد (( بشري )) لايخلو من صفات هذا الجهد …
فإن رأيتَ عيباً فسُّد الخلل.
وإن رأيتَ هفوةً فقوِّم الزلل.
وإن رأيت نقصاً فشاركنا ليكتمل العمل.
الملخص :
تأملت حالنا في منتدياتنا فوجدت أننا لانعدوا أن نكون أحد ثلاثة:
فإما كاتبٌ (( يؤلف )) ويكتب المقالات والمواضيع.
وإما ناقل ينقل ماكتبه غيره.
أو قارئ (( يتلقى )) مايكتبه الآخرون …
والأغلب منَّا هو (( مزيج من هذه الثلاثة مجتمعة ))
ولابد لكل واحد من الثلاثة الإعتناء بأمور مهمة تجعله بإذن الله يحقق صفة (( العدل ))..
أولاً الكاتب (( المؤلف )) :
وهناك نقاط عامة للكتابة بشكل عام تدخل مع النقاط الخاصة للكتابة في مجالي (( النقد )) أو (( الكتابة من إجل إيضاح فكرة )).
النقاط العامة:
1- أن يتقِ الله في كتابته ويُراعي (( الذوق والأدب العام )) للمجتمع.
2- أن يخلص النية لله سبحانه وتعالى.
3- معرفة نوعية المُخاطب (( المُتلقي )).
4- كتابة الموضوع في مسودة وقرآءته كثيراً قبل نشره.
5- الإبتعاد عن الأخطاء الإملائية والنحوية.
6- الإحالة للمراجع أو الشواهد أو المؤلفين.
7- الرجوع عن الخطأ.
8- قبول الحوار المشروط.
النقاط الخاصة:
في مجال النقد:
1- بناية النقد على الأدلة والبراهين.
2- مُراعاة مصلحة (( المُنْتَقَد )) وليست مصلحة الناقد المباشرة.
3- بحث النقاط (( المُنْتَقَدة )) بشكل دقيق وواضح وليس بشكل عام.
4- التفريق بين نقد من (( ينتمي )) لجهة معينة وبين الجهة التابع لها.
5- طرح الحل والعلاج للموضوع (( المُنْتَقَد )).
6- نقد عمل الأشخاص وتجنب (( ذواتهم ))
وفي مجال الكتابة لإيضاح فكرة معينة:
1- إحترام عقل وثقافة القارئ.
2- توضيح النقاط والبعد عن الغموض.
3- التجديد في طريقة طرح الفكرة والإسلوب.
ثانياً الناقل:
1- أن يتقِ الله في نقله ويُراعي (( الذوق والأدب العام )) للمجتمع.
2- أن يخلص النية لله سبحانه وتعالى.
3- وضع كلمة (( منقول )) وذكر المصدر المنقول عنه.
4- التأكد من صحة المنقول.
5- الحرص على مافيه فائدة.
6- توضيح النقاط التي (( لاتُوافق عليها )) في المنقول.
7- مناقشة أفكار المنقول وليس المنقول بذاته.
ثالثاً القارئ:
1- المُطالبة بذكر المصدر.
2- تمحيص مايُقرأ والتأكد منه.
3- القرآءة بحيادية.
4- تصحيح الأخطاء والمعلومات وتوضيحها.
5- طلب إيضاح النقاط الغامضة والغير مفهومة.
كان هذا مُلخصاً وإذا أردت فهم بعض النقاط أو التوسع في فهم نقطة معينة إرجع إلى الموضوع الأساسي ….
وختاماً …
كان هذا جهداً متواضعاً (( من أخيكم )) حاولت فيه أن أكتب بعض مارأيته مُهماً من نقاط، وهو جهد (( بشري )) لايخلو من صفات هذا الجهد …
فإن رأيتَ عيباً فسُّد الخلل.
وإن رأيتَ هفوةً فقوِّم الزلل.
وإن رأيت نقصاً فشاركنا ليكتمل العمل.
قال الله تعالى : (( وإذا قلتم فاعدلوا )).
وقال تعالى: (( ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولايجرمنكم شنئآن قوم على ألاتعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى )).
والعدل يشمل القولَ والكتابة والنقل.
وفي عالم الإنترنت (( السحيق )) تكاد تكون هذه الصفة (( نادرة )) مع أنها موجودة ولله الحمد وبسبب كثرة الكتابات، وتنوع المصادر، وتعدد المشارب، وإختلاط
(( الحابل بالنابل )) ذاب العدل وغلب عليه (( كثرة الخَبَث )).
ولكن ولله الحمد (( لازال في النت خير كثير )) ففي كثير من المنتديات نرى هذه الصفة (( العدل )) بتقسيماته؛ نراها في الكثير من الأعضاء وهذا (( فضل الله يؤتيه من يشاء )) …
وأحببت أن أساهم في نشر هذه الصفة وهذه الخصلة الكريمة مع إخواني وأخواتي ليبلغ العدل عندنا (( قُلَّتين )) وهذا لايكون إلا بجهود الجميع.
ملاحظة قبل البدء:
من أجل العدل والبحث عن العدل والحث على العدل أكتب هذه الوصايا، وهي وصايا إجتهادية قابلة للخطأ؛ والنقصان؛ والزيادة عليها؛ فلاتحرمنا من التصحيح
والتعديل والإضافة.
تأملت حالنا في منتدياتنا فوجدت أننا لانعدوا أن نكون أحد ثلاثة:
فإما كاتبٌ (( يؤلف )) ويكتب المقالات والمواضيع.
وإما ناقل ينقل ماكتبه غيره.
أو قارئ (( يتلقى )) مايكتبه الآخرون …
والأغلب منَّا هو (( مزيج من هذه الثلاثة مجتمعة ))
ولابد لكل واحد من الثلاثة الإعتناء بأمور مهمة تجعله بإذن الله يحقق صفة (( العدل ))..
وسأبدأ أولاً بالكاتب:
الكاتب (( المؤلف )) :
هو من يقوم بكتابة المواضيع والمقالات (( من تأليفه )) والتي تدور في خدمة أمرين في المنتديات (( من وجهة نظري الشخصية )) ..
فإما أنه يكتب من أجل النقد (( بغض النظر عن نوعه ))
أو أنه يكتب من أجل إيضاح فكرة معينة وإفادة الاخرين منها.
ولابد لمن كان (( كاتباً )) أن يعتني بهذه الأمور:
1- أن يتقِ الله في كتابته فلا يكتب إلا ما يرضي الله ومايوافق شرع الله ودينه والحرص على (( الذوق والأدب العام )) للمجتمع وأن يجعل نصب عينيه قوله تعالى (( مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ))،و قوله تعالى : (( حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون ))، ويتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم واصفاً حال العبد بين يدي ربه عند الحساب : (( .. فيختم على فيه فيقال لأركانه " أي جوارحه " أنطقي قال فتنطق بأعماله .. ))
2- أن يخلص النية فيما يكتبه لله وحده وأنما أراد بكتابته هذه مرضاة الله، لاشهوةً في النفس أو أي إربة أخرى إنما الله والله وحده لاشريك له.
3- معرفة نوعية المُخاطَب (( المتلقي )) للتوصل للطريقة المناسبة للكتابة له والتعامل معه حول الموضوع الذي تكتبه.
فهل المُخاطَب (( المتلقي )) من الأشخاص العاديين؛ أم هو شخص خبير؛ أم أنه شخص تنفيذي؛ أو هو لايعدو أن يكون إلا مجرد مُهتم فقط؛ أو هو جمهور مختلط معقد !!!
فمعرفة المُخاطَب مهمة جداً لمعرفة الطريقة الصحيحة للكتابة له والتعامل معه.
(( فالشخص العادي:
هو شخص ذو خبرات قليلة؛ وفي مواضيع محددة فقط؛ ويكون حافزه فاتراً لقرآءة ماتكتبه.
وتكون طريقة الكتابة له: بتحفيزه؛ وجذب إنتباهه للقرآءة؛ وعدم الدخول في التفاصيل والإطالة، وعند الإضطرار للتفاصيل يتم عرضها له بطريقة شيقة وجذَّابة.
والشخص الخبير:
هو شخص ذو خبرات واسعة أو لابأس بها؛ وفي مواضيع محددة فقط؛ ويكون حافزه قوياً لقرآءة ماتكتبه ويهتم به، إذا كان ظمن نطاق خبرته.
وتكون طريقة الكتابة له: بالتركيز على التفاصيل والإجراءات والطرق وكل مايتعلق بالموضوع ومن ثم الوصول إلى النتائج النهائية.
أما الشخص التنفيذي:
فهو شخص عملي (( مُنَفِّذ )) ذو خبرات واسعة في مواضيع محددة، ويكون حافزة قوياً لقرآءة ماتكتبه إذا كان يتعلق بالمعلومة النهائية، وداخل نطاقه التنفيذي بغض النظر عن التفاصيل.
وتكون طريقة الكتابة له: بالتركيز على المعلومات النهائية والنتائج مباشرة دون الخوض في التفاصيل والإطالة، وعند الحاجة للتفاصيل ضع مُلَّخصاً للمعلومات النهائية.
وأما الشخص المُهتم:
فهو شخص ذو خبرات محدودة وفي مواضيع محددة فقط، ويكون لديه حافز قوي جداً لماتكتبه إذا كان يدور حول إهتماماته.
وتكون طريقة الكتابة له: بالتركيز على التفصيل في نطاق إهتمامه دون الخوص في المواضيع الأخرى.
وأخيراً ….
الجمهور المختلط (( المعقد )) :
وهو عبارة عن مُركّب من مجموعة من القرآء مختلفي التصنيف (( عادي - تنفيذي - خبير - مهتم )) والكتابة لهذا النوع هي من أصعب الكتابات لذلك كانت طريقة
الكتابة هي: أن تكتب للقاسم المشترك الأدنى للقرآء وهو الشخص أو القارئ العادي …)) بتصرف من كتاب : أقلام تقطر ذهباً - لـ: رانيا بركات الزواهرة.
4- كتابة الموضوع في مسودة وقرآءتها كثيراً قبل الكتابة النهائية، ومن ثم كتابة الموضوع (( بشكله النهائي )) على الحاسب وقرآءته للمرة الأخيرة قبل نشره، وتذكر الحكمة التي تقول : (( أخِّر كلامك قبل أن تتحدث وأعط الإختيار وقتاً كافياً لنضج الكلام؛ فالكلمات كالثمار تحتاج لوقتٍ كافٍ حتى تنضج ! )).
يذكر ميخائيل نعيمة في كتابه - الغربال الجديد - أن الروائي والمفكر الروسي المشهور تولستوي أعاد كتابة الفصل الأول من روايته (( الحرب والسلم )) خمس عشرة مرة !!!.
5- البعد عن الأخطاء النحوية؛ والإملائية. (( قدر الإستطاعة ))
لأن مثل هذه الأخطاء هي (( التجاعيد )) التي تُشوه (( جمال )) الموضوع.
6- الإحالة للمراجع (( أيَّاً كانت )) أو الشواهد أو المؤلفين. (( قدر الإستطاعة ))
لأن القارئ يستطيع بذلك متابعة المعلومة والإستفادة منها، وتعطي هذه الطريقة الكاتب مصداقية في معلوماته المنقولة، ناهيك أن الإحالة والعزو من باب (( الأمانة العلمية )).
7- التراجع عن الخطأ أو النسيان أو الزلل، وخاصة بعد أن يُوَضَّح توضيحاً (( لاغبار )) عليه وبشكل مناسب.
8- قبول الحوار حول الموضوع المكتوب بشرط أن يتصف الحوار (( بالمنطقية )) وأن يكون مَبنيَاً على (( الأدلة والبراهين )) وليس حواراً (( بيزنطياً )) عقيماً.
كانت هذه ثمانُ نقاطٍ عامة تتعلق بالكاتب إذا أراد أن يكتب بشكلٍ عام، ولكن هناك بعض النقاط التي تتعلق ببعض المجالات الكتابية (( الخاصة )).
فقد قلت سابقاً إن الكتاب في المنتديات (( من وجهة نظري )) يكتبون في مجالين :
@ الأول النقد. @ والثاني لأجل إيضاح فكرة معينة.
وهناك بعض النقاط الخاصة التي تتعلق بهذين المجالين…
أما مايتعلق بمجال النقد:
فقد كثر النقد في عالم الإنترنت (( بشكل عام )) وفي المنتديات (( بشكل خاص ))، وكان في غالبيته يُوجّه تجاه المؤسسات الحكومية والخيرية (( بذاتها )) أو يكون
موجهاً لنقد بعض الأنظمة فيها، أو لنقد واقعها الحالي (( الغير مُرضي )) ـ بنظر الناقد ـ (( تَطلُّعاً )) لمستقبلٍ مشرق !!.
غير أن النقد ـ أحياناً ـ (( يَشُّذ )) لينال من (( شخوص )) أناس معيّنين بأسمائهم أو مراكزهم أو وظائفهم…
فكان لابد للكاتب في مجال النقد من نقاط تجعل نقده يحقق صفة (( العدل )) بإذن الله، وتكون ضابطة له …. ومنها:
1- أن يكون النقد مبنياً على (( أدلة وبراهين )) واضحة وليس على (( توقعات )) أو (( إستنتاجات )) أو حتى (( تُهَماً )) تُلقى جُزافاً.
2- أن يكون النقد يصب في مصلحة (( المُنْتَقَد )) وليس في مصلحة (( الناقد )) المباشرة.
فبعض من يقوم بعملية النقد تكون هذه العملية من باب (( تصفية الحسابات )) والثأر من أمور قد تخفى على القارئ.
أو يكون نقده من بابٍ ظاهره (( مصلحة المُنْتَقَد )) وباطنه (( مصلحة الناقد )).
فلو فرضت أني صاحب مشغل نسائي وكنت في مجلسٍ وفيه (( منافسٌ لي )) ثم بدأت بمخاطبة (( منافسي )) بهذه الكلمات على الملأ:
(( & ياعزيزي ـ ماشاء الله ـ كم أنتم منظمون في مشغلكم، وتستخدمون آخر التقنيات الحديثة، ومانقصكم إلا بعض الأمور ويكون مشغلكم من أفضل المشاغل إطلاقاً..
& صحيح !! .. مثل ماذا ؟؟!!
& يعني لو وضعتم ساتراً أمام الباب لأن النساء التي تدخل عندكم تنكشف للمارّة وهذا الساتر لايكلف شيئاً، وقد صنعته لمشغلي عند فلان!.
وهل تصدق أن أجور العاملات المسلمات!! رخيصة… بصراحة ستوفر لك دخلاً جيداً لو إستقدمتهن بدل اللآتي عندك!.
نسيت أن أخبرك لقد نزل جهاز جديد في السوق لتعقيم الأدوات أفخم وأحسن تعقيماً من جهاز [ كذا وكذا ] … ياأخي كيف فاتك .. جربه وسترى الفرق ! ))
بماذا خرج المستمع من حديثنا السابق ؟؟!!
خرج المستمع بأنّ (( مشغلي أفضل )) لأنه :
# يحرص على ستر النساء وخصوصيتهن بعكس (( المنافس )) الذي مع كونه متفوق (( تنظيمياً وتقنياً )) إلا أنه يفتقد هذه الميزة المهمة جداً للناس.
# العمالة لدينا مسلمة بعكس المنافس.
# المنافس معروف بتقنيته المتقدمة، لكننا نحن سبقناه فنحن أفضل منه.
بهذه الكلمات صحيح أن نقدي يظهر أنه لمصحة (( منافسي )) ولكني تركت إنطباعاً للسامع جعل النقد يصب في مصلحتي مباشرة.
وكثيراً لايستفيد (( من ننقد )) من نقدنا، لأننا غالباً ماننقد الآخرين بهذه الطريقة إما عن (( حسن نية )) أو (( نسياناً )) …
فكيف إذا كان (( الناقد )) قد بنى نقده على أساس (( تصفية الحسابات )) !!! ..
فأنَّا له ولغيره الفائدة !!!
وصدق من قال: (( الريش الجميل ليس كافياً ليصنع طائراً جميلاً )) … فلابد من الروح الطاهرة لهذا الطائر.
3- بحث النقاط (( المُنْتَقدة )) بشكل دقيق وواضح وليس بشكل عام.
فعلى سبيل المثال عندما أقول في نقدي لأحد المؤسسات:
(( إن هذه المؤسسة مهملة وفاشلة إدارياً ))
كل ماذكرته من نقد هو نقد بشكل (( عام ))، ويجب التفصيل في هذا العام… فيجب أن أقول:
(( إن هذه المؤسسة مهملة لأنها :
أ - …………..
ب - …………..
ج - …………..
وهي فاشلة إدارياً لأنها لم تحقق:
أ - …………..
ب - …………..
ج - ………….. ))
ولايستلزم التفصيل أن تكون نقاطاً (( مُرَقمة )) المهم أن تبحث هذه النقاط.
4- وهي من النقاط المهمة جداً:
التفريق بين نقد من ينتمي أو يعمل في جهة معينة؛ ونقد الجهة التابع لها.
فنقد المُنْتمي لايستلزم نقد الجهة؛ ونقد الجهة لايستلزم نقد المُنْتمي…
مثال:
(( لاعب في منتخبنا الأول لكرة القدم ))
عندما أنتقد اللاعب على (( أدائه السيئ )) وعلى (( إضاعته للفرص )) وعلى (( تهاونه ضد الخصم )) وعلى (( قلة الأخلاق الرياضية)) وإنعدام (( اللعب النظيف ))
فهل هذا يعني أنّ منتخبنا كله يتصف بهذه الصفات ؟!!!
إطلاقاً …
بل قد يكون المنتخب في هذه المباراة التي ظهر بها هذا اللاعب بهذه الصورة (( المزرية ))؛ كان المنتخب في (( أحسن )) صُوَرِه، وأوج عطائه.
فهل ينسحب نقد اللاعب على المنتخب ؟؟!! … أظن أن هذا من الظلم…
والعكس كذلك ..
فلو كان المنتخب هو الذي ظهر بصورة (( سيئة جداً ولاتوصف )) فهل هذا يعني أنّ (( فلان )) ـ مُخَصَّصاً بالإسم ـ هو أيضاً يتصف بهذه الصفة ؟؟!!
أبداً ….
فكم رأينا مباريات يكون أداء الفريق فيها (( يقطع الوجه )) ويُهزم الفريق؛ ويأخذ أحد لاعبيه جائزة أحسن لاعب في هذه المباراة !!!
(( وللعدل )) … فإن النظرية (( النسبية )) قد تشمل العلاقة بين (( المُنْتَمي والجهة )).
5- طرح الحل والعلاج.
فكثير من المواضيع التي تقوم بالنقد لاتطرح الحل أو الطرق التي تساعد على الحل والعلاج المناسب للموضوع، وإنما تكتفي فقط بمجرد النقد، والأصل من النقد هو الإصلاح وطرح الحلول للوصول إلى الأفضل وإفادة الآخرين.
6- تجنب نقد الأشخاص (( بذواتهم )) وإن كانوا يمثلون جهات أو أعمال معينة.
فعندما أحب أن أنقد سياسة (( رئيس المحكمة )) في إدارة محكمته، فأنا أتكلم عن رجل معروف، وكلنا أو أغلبنا يعرف من هو رئيس المحكمة؛ فنقدي (( لسياسته الإدارية )) إنتقل من نقد سياسة (( الوظيفة )) إلى نقد سياسة (( صاحب الوظيفة )) … وتحول النقد من الطابع (( الوظيفي )) إلى الطابع (( الشخصي )) …
ولأوضح أكثر كلامي السابق:
لوقلت هذا الكلام: (( إن سياسة رئيس المحكمة صارمة وله صلاحيات مطلقة ويجب محاسبته على مايدور في المحكمة من…. و … و … إلخ ))
فأنا لاأنتقد (( الوظيفة )) والتي هي (( وظيفة رئيس المحكمة )) وأناقش السياسات الإدارية الممنوحة لهذه الوظيفة في كل محاكم المملكة …. لا …
ولكني أنتقد (( صاحب الوظيفة )) والذي يشغرها، وهو (( الشيخ فلان )) لأنه رئيس المحكمة، وأناقش سياسته هو (( الشخصية )) والتي قد لايُمارسها غيره من رؤساء المحاكم في المملكة.
فيكون نقدي هنا نقد (( شخصي )) بحت؛ وليس نقد (( وظيفي )).
والنقد الشخصي الأصل فيه أن يكون مُوجهاً مباشرة للشخص المعني ودون نشره على الملأ، ولكن إن أضطر الواحد منا لجعل النقد (( الشخصي )) مُعْلناً فيكون ذلك في أضيق الحدود، ومبني على الأدلة والبراهين الواضحة، ويتعلق بعمل الشخص وليس بذاته وشخصه.
كانت هذه سِتُّ نقاطٍ خاصة بمجال الكتابة النقدية وقبل أن ننتقل إلى المجال الآخر أحب أن أذكر بعض الخصائص التي تميز الناقد البنَّاء عن غيره من النقَّاد.
(( وهي أربع خصائص:
الأولى: التمتع بالوعي.
وهذا الوعي يكون وعياً بالنفس؛ ووعياً بالآخرين؛ ووعياً بأهيمة النقد.
فوعيه بنفسه يكون بحرصه على أن يُلِّم بماهية نفسه وصفاتها (( الإيجابية والسلبية )) لذلك تراه يتقبل النقد بكل صدر رحب.
ووعيه بالآخرين يكون بوعيه بمشاعرهم وعواطفهم وتصرفاتهم وفهم نفسياتهم لأن وعيه بالآخرين يمده بالمعلومات التي تساعده في تشكيل أفكارهم وتوجيهها إلى نقد فعَّال وقوي.
ووعيه بأهمية النقد يكون بمعرفته وإلمامه بدور النقد في تحقيق النجاح الفردي والجماعي (( لأنه بتقبله النقد يحقق النجاح الفردي ونقده للآخرين يحقق النجاح الجماعي )).
الثانية: بذل قصارى الجهد.
فالناقد الإيجابي لايكتفي بمجرد (( التغيير )) بل يريد بذل قصارى جهده لتحقيق الهدف.
الثالثة: التمتع بالمسؤولية الذاتية.
لأن الناقد الإيجابي يعلم أنه مسؤول عن تصرفاته؛ فهو مسؤول عن تصرفه تجاه (( تقبل النقد )) ومسؤول عن تصرفه تجاه (( توجيه النقد )) لأنه لاأحد يرغمه على فعل أي شيئ بل هو يختار أكثر الطرق فعالية للنقد الذي يوجهه ويتلقاه.
الرابعة: أن يكون نشيطاً.
وذلك للبحث عن أفضل الطرق والوسائل التي تجعل تصرفاته أفضل عند (( تقبل النقد )) من الآخرين أو عند (( توجيهه )) للآخرين. )) بتصرف من كتاب : قوة النقد البنَّاء - للدكتور هندري ويسينجر.
وأما مايتعلق في مجال الكتابة الثاني وهو الكتابة (( من أجل إيضاح فكرة معينة )) فلابد كذلك من مراعاة بعض النقاط. وهي:
1- إحترام عقل وثقافة القارئ.
وهذا الإحترام لايتأتى إلا (( بالتعب )) على الموضوع وإخراجه بشكل لائق جداً (( بكل ماتعنيه هذه الكلمة من معنى )) يليق بثقافة القُرآّء الأفاضل.
2- توضيح النقاط قدر الإستطاعة والهرب من الغموض والمبادرة بإيضاح ماأشكل على القرآَّء.
3- التجديد في طرح الفكرة وقالب عرضها وطريقة إيصالها إلى القارئ الكريم.
هذه كانت بعض النقاط الخاصة بهذا المجال.
علماً أن النقاط العامة المتعلقة بالكتابة بشكل عام هي الأساس في كل من المجاليين المذكورين سابقاً.
وثاني ماسأتحدث عنه هو الناقل.
الناقل:
وهو الذي يقوم بعملية (( نقل )) الأخبار أو كتابات الآخرين.
وكذلك لابد (( للناقل )) لكي يحقق صفة (( العدل )) في نقله أن يحرص على هذه الأمور المهمة:
1- أن يتقِ الله في نقله فلاينقل إلامايرضي الله ومايوافق شرع الله ودينه والحرص على (( الذوق والأدب العام )) للمجتمع وأن يجعل نصب عينيه قوله تعالى (( ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين )).
2- أن يخلص النية فيما ينقله لله وحده وأنما أراد بنقله هذا مرضاة الله، لاشهوةً في النفس أو أي إربة أخرى إنما الله والله وحده لاشريك له.
3- توضيح أن الموضوع أو الخبر منقول بكتابة كلمة (( منقول )) والإحالة للمصدر المنقول عنه ووضع رابطه. (( قدر الإستطاعة ))
4- التأكد من صحة الخبر أو منطقية النقد (( وعدله )) لكي لايقع الإنسان في إثم نقل (( الإشاعة )) وترويج الكذب. (( قدر الإستطاعة كذلك ))
5- نقل مافيه فائدة فكرية أو معرفية للقارئ أو مايفيد المنتدى بشكل عام.
6- الأصل في (( الناقل )) موافقته التامة لمانقله (( وإلا لماذا نقله؟؟!! ))
فيجب على الناقل عندما لايُقِّر بعض النقاط في موضوعه المنقول أن يقوم بتوضيحها.
7- قد يُنقد أو يُناقش الموضوع المنقول فإن أراد الناقل توضيح وجهة نظره أو الدفاع عنها؛ فإنه يقوم بالدفاع ومناقشة (( الأفكار )) وليس الموضوع المنقول، وإن ظن الناقل أن الموضوع يشتمل على هذه الأفكار؛ لأن الناقل (( أساساً )) لم يكتب هذا الموضوع فقد (( يُخطئ )) فهم المراد منه؛ (( فالأسلم )) مناقشة الفكرة التي يتبناها الناقل والتي رأى أن هذا الموضوع المنقول يحتويها.
وأخيراً سنتكلم عن القارئ.
القارئ:
وهو الذي يقوم بقرآءة مايكتبه الآخرون.
ولكي يحقق القارئ صفة العدل في (( قرآءته )) فعليه الحرص على بعض النقاط … منها:
1- عند قرآءة خبر أو نقد يجب مطالبة الكاتب أو الناقل بالمصدر دائماً.
2- عدم الجزم بصحة (( المقروء )) وتصديق مافيه أو نشره حتى يتبين صحته، أو يقوم القارئ بتمحيصه وتبيين الغث من السمين حتى لايقع الإنسان في نقل (( وبث )) الإشاعات وأحياناً الكذب والإفتراء على الآخرين ـ بدون علمه ـ.
3- قرآءة الموضوع بحيادية دون الحكم عليه (( سلباً أو إيجاباً )) بمجرد النظر إلى اسم كاتبه.
4- تصحيح الأخطاء والمعلومات التي قد تكون خاطئة والمُضَمَّنة للموضوع ، وتوضيحها للكاتب أو الناقل وللقرآء جميعاً.
5- طلب إيضاح الغامض من النقاط، وتفصيل المجمل منها، وتفسير المتشابه، لكي يُفهم الموضوع على ماأريد منه.
وختاماً …
كان هذا جهداً متواضعاً (( من أخيكم )) حاولت فيه أن أكتب بعض مارأيته مُهماً من نقاط، وهو جهد (( بشري )) لايخلو من صفات هذا الجهد …
فإن رأيتَ عيباً فسُّد الخلل.
وإن رأيتَ هفوةً فقوِّم الزلل.
وإن رأيت نقصاً فشاركنا ليكتمل العمل.
الملخص :
تأملت حالنا في منتدياتنا فوجدت أننا لانعدوا أن نكون أحد ثلاثة:
فإما كاتبٌ (( يؤلف )) ويكتب المقالات والمواضيع.
وإما ناقل ينقل ماكتبه غيره.
أو قارئ (( يتلقى )) مايكتبه الآخرون …
والأغلب منَّا هو (( مزيج من هذه الثلاثة مجتمعة ))
ولابد لكل واحد من الثلاثة الإعتناء بأمور مهمة تجعله بإذن الله يحقق صفة (( العدل ))..
أولاً الكاتب (( المؤلف )) :
وهناك نقاط عامة للكتابة بشكل عام تدخل مع النقاط الخاصة للكتابة في مجالي (( النقد )) أو (( الكتابة من إجل إيضاح فكرة )).
النقاط العامة:
1- أن يتقِ الله في كتابته ويُراعي (( الذوق والأدب العام )) للمجتمع.
2- أن يخلص النية لله سبحانه وتعالى.
3- معرفة نوعية المُخاطب (( المُتلقي )).
4- كتابة الموضوع في مسودة وقرآءته كثيراً قبل نشره.
5- الإبتعاد عن الأخطاء الإملائية والنحوية.
6- الإحالة للمراجع أو الشواهد أو المؤلفين.
7- الرجوع عن الخطأ.
8- قبول الحوار المشروط.
النقاط الخاصة:
في مجال النقد:
1- بناية النقد على الأدلة والبراهين.
2- مُراعاة مصلحة (( المُنْتَقَد )) وليست مصلحة الناقد المباشرة.
3- بحث النقاط (( المُنْتَقَدة )) بشكل دقيق وواضح وليس بشكل عام.
4- التفريق بين نقد من (( ينتمي )) لجهة معينة وبين الجهة التابع لها.
5- طرح الحل والعلاج للموضوع (( المُنْتَقَد )).
6- نقد عمل الأشخاص وتجنب (( ذواتهم ))
وفي مجال الكتابة لإيضاح فكرة معينة:
1- إحترام عقل وثقافة القارئ.
2- توضيح النقاط والبعد عن الغموض.
3- التجديد في طريقة طرح الفكرة والإسلوب.
ثانياً الناقل:
1- أن يتقِ الله في نقله ويُراعي (( الذوق والأدب العام )) للمجتمع.
2- أن يخلص النية لله سبحانه وتعالى.
3- وضع كلمة (( منقول )) وذكر المصدر المنقول عنه.
4- التأكد من صحة المنقول.
5- الحرص على مافيه فائدة.
6- توضيح النقاط التي (( لاتُوافق عليها )) في المنقول.
7- مناقشة أفكار المنقول وليس المنقول بذاته.
ثالثاً القارئ:
1- المُطالبة بذكر المصدر.
2- تمحيص مايُقرأ والتأكد منه.
3- القرآءة بحيادية.
4- تصحيح الأخطاء والمعلومات وتوضيحها.
5- طلب إيضاح النقاط الغامضة والغير مفهومة.
كان هذا مُلخصاً وإذا أردت فهم بعض النقاط أو التوسع في فهم نقطة معينة إرجع إلى الموضوع الأساسي ….
وختاماً …
كان هذا جهداً متواضعاً (( من أخيكم )) حاولت فيه أن أكتب بعض مارأيته مُهماً من نقاط، وهو جهد (( بشري )) لايخلو من صفات هذا الجهد …
فإن رأيتَ عيباً فسُّد الخلل.
وإن رأيتَ هفوةً فقوِّم الزلل.
وإن رأيت نقصاً فشاركنا ليكتمل العمل.