ماجد سليمان البلوي
12-19-2011, 01:42 PM
حدث في شهر ذي القعدة (اكتوبر) في التاريخ الاسلامي ..؟؟
يوم الجمعة الدموي
5 من ذي الحجة 1407هـ ـ 31 يوليو 1987م
وهي الجمعة التي وقعت بها اضطرابات عنيفة بمكة البلد الحرام بسبب قيام الحجاج الشيعة الإيرانيين بمظاهرة ضخمة بالحرم أطلقوا عليها مظاهرة البراءة من المشركين، وكانت هذه المظاهرة واحدة من أساليب تصدير الثورة الخومينية للخارج وترويج مبادئها بدول الخليج خاصة، وكان الحجاج الإيرانيون الشيعة يحملون صورًا كبيرة للخوميني ويريدون إدخالها صحن الكعبة وإعلان الخوميني زعيمًا لكافة المسلمين في العالم.
وكانت الحكومة السعودية قد سمحت لهذه المظاهرة عدة مرات من قبل، ولكن لما تنامى لعلمها ما يخطط له الإيرانيون هذا العام، تصدت الشرطة السعودية للمظاهرة فوقعت اشتباكات دامية بين الطرفين، واتضح أن الإيرانيين يحملون أسلحة بيضاء معهم مما زاد من عدد الخسائر والتي بلغت 402 قتيل.
وفاة الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور
6 من ذي الحجة 158هـ ـ 7 أكتوبر 775م
المؤسس الحقيقي للدولة العباسية وثاني خلفائها وأقوى رجالها، الطاغية في ثوب ناسك، والملك في حال زاهد، أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي، الملقب بالمنصور، وُلد في صفر سنة 95 هـ بالحميمة من بلاد البلقاء بالشام، فنشأ محبًا للقرآن والعلم الشرعي وحضر مجالس العلماء وروى الحديث وأصبح من طلبة العلم الشرعي المعروفين في الشام، ولما بدأت أسرته تسعى للعمل الجاد من أجل قيام دولتهم وإسقاط دولة بني أمية، شد المأزر وشمَّر ساعد الجد واشترك بقوة في تشييد قواعد هذه الدولة، وقد بويع له بالخلافة بعد أخيه السفاح في ذي الحجة سنة 136هـ، فصار من أقوى من تولى هذا المنصب الخطير، وكان له جلالة ومهابة في القلوب والنفوس، كأنه الليث في مشيته، له عينان ثاقبتان كأنهما لسانان ناطقان.
لم يعرف المنصور لهوًا ولا لعبًا ولا راحة ولا تنعمًا، فلقد كان جادًا حازمًا زاهدًا في متاع الدنيا يرجع في الجملة إلى سلامة دين وصحة اعتقاد، كان يقسم يومه وليله لأمور الحكم وشئون الخلافة، ففي أول النهار يتصدى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والولايات والعزل والنظر في مصالح العامة، فإذا صلى الظهر دخل منزله واستراح إلى العصر، فإذا صلى العصر جلس لأهل بيته ونظر في مصالحهم الخاصة، فإذا صلى العشاء نظر في الكتب والرسائل الواردة من الآفاق إلى ثلث الليل، ثم ينام إلى الثلث الأخير، ثم يقوم إلى قيام الليل حتى صلاة الفجر فيخرج ويصلي بالناس ثم يجلس في إيوان الحكم.
واجه المنصور مواقف في غاية الصعوبة وشدائد وأهوالاً، فتصدى لها بحزمه وشدته وبطشه حتى كأنه لم يعرف العفو مطلقًا، فلقد خرج عليه عمه «عبد الله بن علي» في أول ولايته ودعا الناس لنفسه فضربه بأبي مسلم الخراساني، ثم قضى على أبي مسلم الذي كان يتعالى عليه ويحتقره أيام أخيه السفاح وكان المنصور لا ينساها أبدًا لأبي مسلم، ثم تصدى لحركة النفس الزكية «محمد بن عبد الله بن الحسن»، وبنى مدينة بغداد التي كانت إحدى عجائب الدنيا وقتها، ورغم الثورات المشتعلة ضده ليل نهار إلا إن الجهاد والغزو ما زال قائمًا ومستمرًا لم يتوقف أيام المنصور، وقد مات المنصور وهو في طريقه للحج في 6 من ذي الحجة سنة 158هـ ودفن بمكة.
والجدير بالذكر أن المنصور كان معنيًا بتتبع الزنادقة والملاحدة وقتلهم وتطهير البلاد منهم وقد أوصى خليفته المهدي بنفس الأمر فسار على درب أبيه ولعل ذلك من أعظم أعمال المنصور.
معركة تولوز
9 من ذي الحجة 102هـ ـ 9 يونية 721م
لم يكد المسلمون يستقرون في بلاد الأندلس بعد فتحها المبين سنة 92هـ حتى أخذت أصابع الفتنة تعبث بهذا الاستقرار، وأخذت العصبية القبلية والعرقية تنزغ بينهم، واشتعلت الصراعات الداخلية من ناحيتين: بين العرب والبربر من ناحية، وبين العرب قيسية ويمانية من ناحية أخرى، واضطربت الأوضاع بشدة حتى تولى الخليفة الراشد «عمر بن عبد العزيز» الأمر فعزل والي الأندلس «الحر بن عبد الرحمن الثقفي» والذي تسبب بسوء إدارته للبلاد لاشتداد الفتنة، وعيَّن رجلاً صالحًا هو «السمح بن مالك الخولاني» وجعل الأندلس ولاية مستقلة تابعة للخلافة مباشرة بعد أن كانت تابعة لولاية إفريقية.
كان السمح حاكمًا وافر الخبرة والحكمة والعقل فقبض على زمام الأمور بحزم ودهاء وهمة فقمع الفتن وأصلح الإدارة والجيش، ثم قرر «السمح» أن يوسِّع رقعة دولة الإسلام في الأندلس وذلك بمد الفتوحات الإسلامية لما بعد جبال البرانس أو ألبرت حيث جنوب فرنسا، وفي سنة 101هـ قاد السمح حملة عسكرية كبيرة افتتح بها جنوب فرنسا من ناحية الشرق وقضى على كل قوة اعترضت طريقه، وبعدها قرر مهاجمة مملكة «أكوتين» أو مملكة الفرنج الجنوبية وكانت مدينة «تولوز» هي أحصن مدن المملكة وقاعدتها، وكانت هذه المملكة ممتدة من نهر اللوار إلى جبل البرانس.
بعد أن افتتح المسلمون إقليم «سبتمانيا» أقاموا بها حكومة إسلامية وتركوا للنصارى حرية التحاكم إلى شرائعهم واكتفوا بالجزية، واتجهوا بعدها لمملكة «أكوتين»، وحاولت قبائل البشكنس منع تقدم المسلمين ولكنهم فشلوا رغم المقاومة الباسلة، وفي هذه الفترة قام الكونت «أودو» زعيم مملكة «أكوتين» بتجهيز جيش ضخم للتصدي للمسلمين وخرج به إلى ظاهر تولوز استعدادًا للمعركة.
وفي يوم 9 من ذي الحجة سنة 102هـ التقى الجيشان بظاهر تولوز في معركة عنيفة وكان المسلمون قد قلت أعدادهم بسبب المعارك الكثيرة والحاميات التي تركوها في المدن المفتوحة، ورغم هذه القلة كاد المسلمون أن يحققوا انتصارًا رائعًا لولا سقوط القائد البطل «السمح بن مالك» شهيدًا في أرض المعركة فاضطربت صفوف المسلمين واختل نظام الفرسان ووقعت الهزيمة بقدر الله وحده على صفوف المسلمين ولكن بعرف الحروب لا تعتبر هذه المعركة هزيمة للمسلمين بل غاية الأمر أنهم فشلوا في فتح «تولوز».
الانقلاب العسكري الثاني بتركيا
3 من ذي القعدة 1400هـ ـ 12 سبتمبر 1980م
في سنة 1392هـ ـ 1972م ظهر أول حزب إسلامي في تركيا العلمانية وذلك لأول مرة منذ سقوط الخلافة العثمانية، وهو حزب السلامة الوطني بزعامة نجم الدين أربكان، وقد استغل هذا الحزب الإسلامي حالة التعطش الشديد لدى الأتراك نحو الإسلام، وحقق نجاحًا كبيرًا في انتخابات سنة 1393هـ ـ 1973م وحصل على ثالث أعلى نسبة أصوات في المجلس النيابي، واشترك الحزب في حكومة ائتلافية مع حزب الشعب الجمهوري، وأصبح نجم الدين أربكان نائبًا لرئيس الوزراء، وزادت شعبية حزب السلامة وارتفعت مكانته خاصة بعد الإنزال التركي على جزيرة قبرص، وترجمت هذه الشعبية في انتخابات سنة 1975م ـ 1395هـ؛ إذ حصل الحزب على ثاني أعلى نسبة أصوات في المجلس النيابي لأعتى النظم علمانية ومحاربة للإسلام.
وفي هذه الفترة برز أيضًا على الساحة التركية حزب الحركة الملية بزعامة «ألب أرسلان توكيس» وهو حزب قومي عنصري ولكن لا يعادي الإسلام بل يسكت عنه وربما يسايره أحيانًا، وكان هذا الحزب نشيطًا في أضنة ومرعش وله مليشيا عسكرية قوية تدعمه، وقد حقق هذا الحزب نجاحًا ملحوظًا في الانتخابات.
كانت الدوائر الاستعمارية من شرقية وغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة النفوذ الأول في تركيا تراقب هذه النشاطات الجديدة بعين التوجس والارتياب، خاصة مع التقارب الحادث بين حزب السلامة الوطني وحزب الحركة الملية، ومع زيادة شعبية الاتجاه الإسلامي بدأت المخاوف تتحول إلى هواجس وشيكة الحدوث، لذلك رأت أمريكا أن توقف هذا النشاط الإسلامي المتنامي بانقلاب عسكري يلغي ولو مؤقتًا شعار الحرية الذي ظهرت هذه الأحزاب من خلاله.
وفي يوم 3 من ذي القعدة 1400هـ 12 سبتمبر 1980م تحرَّك الجيش بقيادة رئيس الأركان كنعان إيفيرين فأعلن الأحكام العرفية وأسقط الحكومة، واستلم الجيش الأمر وحل الأحزاب كلها وإن كان المقصود في الأساس هو التيار الإسلامي الممثل في حزب السلامة.
مجزرة الخصاص
4 من ذي القعدة 1366هـ ـ 19 سبتمبر 1947م
وهي المجزرة القذرة التي قامت بها عصابات الهاجانا الصهيونية بحق أهل قرية الخصاص الواقعة في قضاء صفد في شمال فلسطين «السكان الفلسطينيون في هذا القضاء يمثلون 87% واليهود 13% » وقد أدت هذه المجزرة لمقتل 10 من سكانها وإجبار الباقي على الفرار منها وتركها خاوية للصهاينة المغتصبين.
وفاة السلطان المملوكي سيف الدين قلاوون
6 من ذي القعدة 689هـ ـ 11 نوفمبر 1290م
سابع سلاطين دولة المماليك البحرية، السلطان سيف الدين قلاوون الألفي الصالحي، الملقب بالملك المنصور، وأصله من قبيلة أوغلي القوقازية، جلب صغيرًا لبلاد الشام وكان مملوك الأمير علاء الدين أقسنقر العادلي وقد اشتراه بألف دينار فعُرف بالألفي، ثم اشتراه نجم الدين أيوب سلطان مصر فصار من يومها من ضمن المماليك البحرية، وقد زامل الظاهر بيبرس البندقداري في حرب الصليبيين في المنصورة وفارسكور أثناء الحملة الصليبية السابعة، كما رافق بيبرس في الهرب إلى الشام بعد مقتل أستاذهم فارس الدين أقطاي أيام عز الدين أيبك، ثم عاد واشترك في قتال المغول في عين جالوت، ولما تولى بيبرس سلطنة المماليك صار قلاوون أكبر أمرائه، وقد زوج ابنته من الابن الأكبر لبيبرس «بركة خان».
تولى سلطنة المماليك سنة 678هـ بعد عزل السلطان الطفل «بدر الدين سلامش» ابن بيبرس لعدم صلاحيته للمنصب الخطير، وقد واجه معارضات قوية من المماليك الظاهرية أتباع الظاهر بيبرس، ومن نائب دمشق الأمير سنقر الأشقر، الذي تحالف مع مغول فارس والعراق وتلقب بالملك الكامل وحشد الجيوش لمحاربة سيف الدين قلاوون، ولكن سيف الدين قضى على كل هذه التمردات والفتن، ثم تفرغ بعدها لمواجهة الخطر الصليبي والمغولي واستكمال المهمة التي كان بيبرس قد اضطلع بها من قبل.
ومن أعظم أعمال سيف الدين قلاوون هو معركة حمص الكبرى ضد المغول سنة 680هـ، حيث قاد المسلمين في معركة رهيبة ضد الغزو المغولي وانتصر عليهم انتصارًا عظيمًا من جنس عين جالوت كسر به شوكة التتار فترة طويلة، وفي نفس الوقت أقام قلاوون علاقات وثيقة مع مغول القبيلة الذهبية المسلمين، ولما أعلن حاكم مغول العراق وفارس أي ما تعرف بالدولة الإيلخانية تكودار بن هولاكو إسلامه سنة 682هـ أقام معه قلاوون علاقات مودة وصداقة.
أما على الجبهة الصليبية فلقد هادنهم قلاوون حتى يفرغ من أمر المغول، فلما انتصر عليهم في «حمص» بادر بالعمل ضد الصليبيين وكانوا متمركزين في إمارة طرابلس، ففتح حصن المرقب الذي كان بيد الفرسان الاستبارية وكان خط الدفاع الأول لطرابلس وذلك سنة 684هـ، ثم استولى على اللاذقية سنة 686هـ، ثم فتح طرابلس وبيروت وجبلة سنة 688هـ، ولم يبق للصليبيين أي مستوطنات إلا في عكا وصيدا، وقد أسرع من فيها بعقد معاهدة بشروط مهينة ومذلة لهم حفاظًا على وجودهم بالشام، ولكن سيف الدين قلاوون ما لبث أن قرر فتح عكا وطرد الصليبيين من بلاد الشام والإسلام للأبد، وأثناء استعداده وتحضيره لفتح عكا وافته المنية في 6 من ذي القعدة سنة 689هـ ـ 11 نوفمبر 1290م فحزن الناس عليه بشدة وتأسفوا على رحيله.
معركة ملازكرد الخالدة
7 من ذي القعدة 463هـ
هي واحدة من أشهر معارك الإسلام، وفصل باهر من فصول الصراع بين الإسلام والصليبية في العصور الوسطى، بل هي تمثل فاتحة العصور الوسطى، وأعظم انتصار حققه المسلمون على الصليبيين وأبعده أثرًا وأكثره قيمة وفاعلية، فمنذ أن خبت قوة الخلافة العباسية وتفككت أوصالها تحت أطماع أمراء وملوك الأطراف الذين استقلوا بما تحت أيديهم من أقاليم، بحيث إن الخلافة العباسية لم يبق لها سوى بغداد وما حولها، وما سوى ذلك خاضع لهذا الأمير أو ذاك السلطان وهكذا، منذ أن حدث هذا الضعف، والدولة البيزنطية الشرقية التي كانت تمثل الخصم التاريخي للخلافة الإسلامية قد استطاعت أن تدفع فتوحاتها ناحية بلاد الإسلام في منطقة الجزيرة الفراتية وشمال الشام، وأرغمت كثيرًا من أمراء المسلمين على دفع إتاوة لها نظير عدم التعرض لهم، وظل الحال على ما هو عليه حتى ظهرت القوة الجديدة والفتية وهم «السلاجقة الأتراك» والذي جاء ظهورهم كسنة ربانية في مدافعة الباطل بالحق، واستطاع أول سلاطين هذه الدولة «طغرلبك» أن يحقق عدة انتصارات مؤثرة على البيزنطيين، أحدثت رجة شديدة بالأوساط الأوروبية عامة والبيزنطية خاصة، وتمثل ذلك في كثرة تغيير قياصرة بيزنطة خلال فترة وجيزة، وأخذ الأوربيون في التشكيك في قدرة بيزنطة على حماية النصرانية في أوروبا، وقد كانت من قبل تلقب بحامية حامي النصرانية.
ظلت الأوضاع الداخلية ببيزنطة مضطربة حتى ظهر القائد العسكري «رومانوس ديوجين» وقد نال شهرة كبيرة داخل المجتمع البيزنطي بعد أن حقق عدة انتصارات على بعض أمراء المسلمين في شمال الشام في الفترة من 461هـ ـ 463هـ، وكان السلاجقة خلال هذه الفترة منشغلين ببعض الفتن الداخلية، التي وقعت بعد وفاة طغرلبك وتنصيب ابن أخيه «ألب أرسلان» ومعناها بالتركية الأسد الباسل، واتجهت آمال البيزنطيين نحو «رومانوس» واختاروه قيصرًا عليهم ولقبوه «رومانوس الرابع»، وعلى الفور قرر «رومانوس الرابع» التحضير لعمل عسكري كبير وضخم ينهي به الوجود الإسلامي في منطقة آسيا الصغرى والجزيرة الفراتية، فهو يعلم أن الشعب البيزنطي قد انتخبه واختاره لكفاءته العسكرية، فهو قد جاء في هذه الفترة لقتال المسلمين وهذا الهدف كان الأجندة الوحيدة التي تم اختيار «رومانوس» من أجلها، وقد حشد «رومانوس» لهذه المعركة الفاصلة أربعمائة ألف مقاتل، جاء شطر كبير منهم من أوروبا الغربية، إضافة لعتاد حربي ضخم، وفي نية رومانوس اكتساح بلاد الإسلام كلها حتى بغداد عاصمة الخلافة، ومن شدة ثقته من النصر وزع ولاية الأقاليم التي سيفتحها على أمرائه، وهو طبعًا لا يعرف ما يخبئه له القدر المحتوم.
وصلت أخبار هذه الحملة الجرارة للسلطان «ألب أرسلان» وكان وقتها في مدينة «خوى» من أعمال أذربيجان، ولم يكن معه سوى خمسة عشر ألفًا من المقاتلين، وكان البيزنطيون قد اخترقوا قلب الأناضول ووصلوا إلى مدينة «ملازكرد» أو منازكرت، وهي مدينة حصينة على نهر «مرادسو» وهي مازالت قائمة حتى الآن بتركيا، فأسرع ألب أرسلان لوقف تقدم البيزنطيين، والتقت طلائع السلاجقة مع طلائع البيزنطيين وكانوا من القبائل الروسية، فانتصر المسلمون انتصارًا باهرًا، ولكن هذا النصر القوي لم يدفع القائد المحنك «ألب أرسلان» بالتعجيل في الصدام بجيشه الصغير مع حملة ضخمة بمثل هذا العدد، فأرسل في طلب هدنة من «رومانوس»، فظن «رومانوس» أن ألب أرسلان ما طلب الهدنة إلا من ضعف أو خوف، فرفض الهدنة وقال بكبر وصلف صليبي: «لا هدنة إلا في الري» وهي كلمة سيدفع ثمنها بهزيمة لم يسمع بمثلها في التاريخ، و«الري» هي عاصمة السلاجقة في خراسان.
عندما وصل هذا الرد لألب أرسلان أخذته حمية الإسلام وعزة المسلم وأنفته وقرر القتال رغم الفارق الضخم بين الطرفين، وعملاً بنصيحة العلماء والفقهاء المصاحبين لألب أرسلان، قرر ألب أرسلان أن يكون الصدام يوم الجمعة بعد الزوال في الساعة التي يكون الخطباء فيها على المنابر ويدعون للمجاهدين بالنصر، وفي يوم الجمعة 7 من ذي القعدة سنة 463هـ قام ألب أرسلان وصلى بالناس وبكى ودعا الله عز وجل طويلاً ولبس البياض وتكفن وتحنط وقال: «إن هزمت فإن ساحة الحرب تغدو قبري» ثم اندلع القتال الشامل بين الجيشين في معركة بكل المقاييس لا تصدق ولا يوجد بها نسبة خطأ في أن النصر لصالح البيزنطيين، ولكن كل هذه المقاييس ذهبت سدى أمام عزيمة وإيمان الفئة المؤمنة، ولجأ رومانوس للزحف بجيشه كله مرة واحدة ليسحق جيش السلاجقة، ولكنه فوجئ بالثبات العظيم للمسلمين، ولم تغرب شمس هذا اليوم إلا والمسلمون قد حققوا واحدًا من أعظم الانتصارات خلال عدة قرون، ووقع رومانوس نفسه في الأسر، فقام ألب أرسلان بتأنيبه على أفعاله وضربه بيده ثلاث مقارع، ويقال: إنه وضع قدمه على هامة «رومانوس» تحقيرًا وإذلالاً له، ثم عفا عنه بعد أن اشترط عليه عدم العودة لقتال المسلمين أبدًا.
كان لهذه المعركة نتائج خطيرة على الصعيد العالمي، بل هي أهم حدث في التاريخ العالمي خلال عدة قرون؛ إذ أدت الهزيمة المروعة للبيزنطيين لبداية انهيار الإمبراطورية القديمة، وفتحت الطريق أمام تدفق المسلمين السلاجقة إلى منطقة الأناضول وتأسيس سلطنة سلاجقة الروم هناك، أما أهم أثر لهذه المعركة فإنها كانت السبب المباشر لتحضير أوروبا الغربية للحملات الصليبية الشهيرة على بلاد الشام ومصر حيث أدرك البابا «جريجوري السابع» أن بيزنطة لم تعد السد المنيع أمام الانسياح الإسلامي على أوروبا، ومن ثم كان لابد من التحضير لعمل كبير لوقف الفتوحات الإسلامية على الجبهة الأوروبية، ومن ثم كانت الحملات الصليبية.
معركة ملدافيا
10 من ذي القعدة 1029هـ ـ 7 أكتوبر 1620م
بلغت الدولة العثمانية أقصى اتساعها في عهد سلطانها القوي سليمان القانوني، وبلغت أقصى العمق الأوروبي وشملت بولونيا «بولندا» وملدافيا وولاشيا «روسيا سابقًا» وترانسلفانيا «شمال رومانيا»، وهذه الدولة الكبيرة مترامية الأطراف تحتاج لقبضة قوية ضابطة لهذا الجسد المتسع والمليء بالأقليات والعرقيات المختلفة، لذلك لم يستطع خلفاء سليمان القانوني أن يسيطروا على هذه المساحة الشاسعة من الأرض والتي تمتد عبر ثلاث قارات، فكثرت الثورات الداخلية والنزعات الاستقلالية، وكان العمق الأوروبي مهد هذه الحركات للمباينة العرقية والدينية مع العثمانيين.
في سنة 1012هـ حرضت إمبراطورية النمسا بولونيا وملدافيا وترانسلفانيا على خلع طاعة السلطان محمد الثالث الذي قاد الجيوش بنفسه وانتصر على النمساويين وأعاد هذه الأقاليم للطاعة، فلما مات محمد الثالث عادت النمسا لتحريض هذه الأقاليم على الثورة، فدخل السلطان أحمد الأول في حرب مستمرة ضد النمسا، انتهت بعقد اتفاقية منع اعتداء بين الطرفين وذلك سنة 1015هـ، وبعدها أصبحت بولونيا هي التي تتولى تحريض ملدافيا وولاشيا وترانسلفانيا والأفلاق على الثورة.
عندما جلس السلطان عثمان الثاني على عرش الدولة العثمانية قرر البدء بمحاربة بولونيا لتأديبها ومنعها من التدخل في شئون الولايات العثمانية الأوروبية، فكلَّف السلطان عثمان الثاني والي القرم «سليم كراي» أن يهجم على بولونيا من ناحية الشرق، على أن تقوم الجيوش العثمانية بالهجوم من ناحية الجنوب، وفي يوم 10 من ذي القعدة 1029هـ انقضت الجيوش العثمانية من جهتين على الجيوش البولونية ومزقتها شر تمزيق، حتى أن الجيش البولوني البالغ ستين ألف مقاتل لم ينج منه سوى 400 مقاتل لا غير، وأمر السلطان عثمان الثاني الجيوش بمواصلة القتال للقضاء تمامًا على تمرد بولونيا وملدافيا، ولكن الإنكشارية رفضوا وطلبوا الصلح من أجل الراحة بعد أن أصابهم التعب من القتال، وفي نفس الوقت طلبت بولونيا الصلح نظير جزية كبيرة وتعهد بعدم التدخل في شئون الدولة العثمانية، فاضطر السلطان للموافقة على الصلح ولكنه غضب على الإنكشارية بشدة، وهذا الأمر سيؤدي بعد ذلك بقليل لعزله ثم قتله على يد الإنكشارية في سابقة هي الأولى في تاريخ الدولة العثمانية.
وفاة الإمام سراج الدين البُلقيني
11 من ذي القعدة 805هـ ـ 2 يونية 1403م
أحد الأئمة الأعلام والمجتهدين المطلقين، وأحد المجددين لهذه الأمة، الإمام عمر بن رسلان بن نصير السراج أبو حفص الكناني البُلقيني ثم القاهري الشافعي، وُلد سنة 724هـ ببُلقينة من الغربية وأظهر منذ نعومة أظفاره حافظة عجيبة، فحفظ القرآن وهو في السابعة، وأمَّ الناس وحفظ الشاطبية وكتب الفقه الشافعي والمحرر والكافية في النحو لابن مالك وهو في العاشرة، فحمله أبوه إلى القاهرة وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وعرضه على مشايخ الوقت مثل السبكي والقزويني فبهرهم بفرط ذكائه وكثرة محفوظاته، واستوطن القاهرة وأخذ في سماع الحديث وحضور الدروس، وأدى فريضة الحج سنة 740هـ، وزار بيت المقدس وسمع من شيوخها وعلمائها، وطاف البلاد، وكان كل من يلتقي به ينبهر به ويعظمه لحفظه الفريد، وكان شيوخه أمثال أبي حيان والأصبهاني يعظمونه جدًا، وأذن له الأئمة بالإفتاء والتدريس وتولى مناصب الإفتاء والقضاء بالشام ومصر.
جرت للبلقيني محنة شديدة وتعصب عليه الأشاعرة خاصة السبكية بالشام بسبب قول العماد بن كثير له: «أذكرتنا سمت ابن تيمية» وقول ابن شيخ الجبل «شيخ الحنابلة» له: «ما رأيت بعد ابن تيمية أحفظ منك» فثارت الأشاعرة عليه بسبب اقتدائه بابن تيمية، وكان البلقيني صحيح العقيدة، شديدًا على ابن عربي الصوفي ويفتي بحرمة قراءة كتبه، مشهورًا بصفاء الخاطر وسلامة الصدر واشتغاله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهما كانت عواقب ذلك، وسلاطين المماليك مشهورون بنزفهم وحدّتهم ومع ذلك لا يبالي فيبطل المكوس ويغلق الحانات.
طال العمر بالبلقيني حتى لم يبق من العلماء من يدانيه فضلاً على أن يزاحمه، وظل مقبلاً على الاشتغال بالعلم تدريسًا وفتوى، ولم يكمل مصنفاته لأنه كان يشرع في الشيء ولسعة علمه وكثرة محفوظه يطول عليه الأمر، حتى أنه كتب من شرح البخاري على نحو عشرين حديثًا مجلدين، ورغم سعة علمه وقوة حفظه وشدة ذكائه إلا إنه كان سريع البادرة سريع الرجوع للدليل والحق إن فاته، وكان مجتهدًا مطلقًا واستكمل آلة الاجتهاد، ولكن خوفه من أن يلقى نفس مصير ابن تيمية شيخه وقدوته ظل مجتهدًا في نطاق المذهب الشافعي، وقد رزق قبولاً عند الناس في كل مكان، فلا تركن النفس إلا لفتواه، وقد عده علماء زمانه أحد المجددين فقالوا: «إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة لهذه الأمة من يجدد لها دينها بدئت بعمر؛ يعني عمر بن عبد العزيز، وختمت بعمر؛ يعني البلقيني»، وقد مات في 11 من ذي القعدة 805هـ ودفن بالقاهرة.
إغتيال عالمة الذرة المصرية سميرة موسى
13 من ذي القعدة 1371هـ ـ 5 أغسطس 1952م
إحدى النوابغ العلمية الفذة، وأول امرأة عربية ومسلمة تحصل على درجة الدكتوراه في الذرة، سميرة محمد موسى، ولدت سنة 1335هـ ـ 1917م بقرية سينو الكبرى ـ الغربية ـ مصر، حفظت القرآن وهي في السابعة، وانتقلت مع أبيها للقاهرة، والتحقت بمدارس القاهرة، وخلال مراحل التعليم الابتدائية والإعدادية والثانوية كانت الأولى على القطر المصري، وقد ألفت كتابًا في تبسيط مادة الجبر لزميلاتها وهي في الصف الأول الثانوي سنة 1351هـ ـ 1932م.
دخلت كلية العلوم ثم تخرجت فيها سنة 1358هـ ـ 1939م بامتياز مع مرتبة الشرف، واعترضت الجامعة على تعيينها معيدة، فأصر أستاذها العالم الكبير دكتور مصطفى مشرفة على تعيينها وهدد بالاستقالة، فوافقت الجامعة على تعيينها، فحصلت على درجة الماجستير بعد ثلاث سنوات، ثم سافرت لبعثة خارجية إلى لندن للحصول على درجة الدكتوراه، واستطاعت أن تحصل عليها في أقل من عامين فقط، وبهرت الإنجليز فأطلقوا عليها اسم «مس كوري المصرية».
خلال إقامتها بإنجلترا درست الذرة وأجرت عليها أبحاثًا طبية ووضعت فكرة العلاج بالذرة وقالت: «سأعالج الأمراض بالذرة مثل العلاج بالإسبرين»، فحصلت على منحة دراسية لدراسة الذرة بأمريكا سنة 1370هـ ـ 1951م بجامعة كاليفورنيا، ولشدة نبوغها وتفوقها النادر سُمح لها بزيارة المختبرات السرية لأبحاث الذرة بأمريكا، وعرض عليها الأمريكان منح الجنسية وامتيازات كثيرة، ولكنها رفضت وأصرت على العودة إلى مصر، وألح الأمريكان في العرض وأصرت هي على الرفض، فكان جزاؤها أن قام عملاء المخابرات باغتيالها عن طريق تدبير حادث سيارة غامض لم تعرف أسبابه في 13 من ذي القعدة 1371هـ ـ 5 أغسطس 1952م، وبمقتلها دشنت أمريكا بالتعاون مع دولة الصهاينة سياسة تصفية علماء المسلمين واغتيال أي شخصية وعقلية نابغة، وقد انضم إليها الدكتور المشد والدكتور سعيد بدير والدكتور شريف خان، هذا غير من نجح الأمريكان واليهود في استقطابهم وإغرائهم بالمناصب والامتيازات.
يتبع
يوم الجمعة الدموي
5 من ذي الحجة 1407هـ ـ 31 يوليو 1987م
وهي الجمعة التي وقعت بها اضطرابات عنيفة بمكة البلد الحرام بسبب قيام الحجاج الشيعة الإيرانيين بمظاهرة ضخمة بالحرم أطلقوا عليها مظاهرة البراءة من المشركين، وكانت هذه المظاهرة واحدة من أساليب تصدير الثورة الخومينية للخارج وترويج مبادئها بدول الخليج خاصة، وكان الحجاج الإيرانيون الشيعة يحملون صورًا كبيرة للخوميني ويريدون إدخالها صحن الكعبة وإعلان الخوميني زعيمًا لكافة المسلمين في العالم.
وكانت الحكومة السعودية قد سمحت لهذه المظاهرة عدة مرات من قبل، ولكن لما تنامى لعلمها ما يخطط له الإيرانيون هذا العام، تصدت الشرطة السعودية للمظاهرة فوقعت اشتباكات دامية بين الطرفين، واتضح أن الإيرانيين يحملون أسلحة بيضاء معهم مما زاد من عدد الخسائر والتي بلغت 402 قتيل.
وفاة الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور
6 من ذي الحجة 158هـ ـ 7 أكتوبر 775م
المؤسس الحقيقي للدولة العباسية وثاني خلفائها وأقوى رجالها، الطاغية في ثوب ناسك، والملك في حال زاهد، أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي، الملقب بالمنصور، وُلد في صفر سنة 95 هـ بالحميمة من بلاد البلقاء بالشام، فنشأ محبًا للقرآن والعلم الشرعي وحضر مجالس العلماء وروى الحديث وأصبح من طلبة العلم الشرعي المعروفين في الشام، ولما بدأت أسرته تسعى للعمل الجاد من أجل قيام دولتهم وإسقاط دولة بني أمية، شد المأزر وشمَّر ساعد الجد واشترك بقوة في تشييد قواعد هذه الدولة، وقد بويع له بالخلافة بعد أخيه السفاح في ذي الحجة سنة 136هـ، فصار من أقوى من تولى هذا المنصب الخطير، وكان له جلالة ومهابة في القلوب والنفوس، كأنه الليث في مشيته، له عينان ثاقبتان كأنهما لسانان ناطقان.
لم يعرف المنصور لهوًا ولا لعبًا ولا راحة ولا تنعمًا، فلقد كان جادًا حازمًا زاهدًا في متاع الدنيا يرجع في الجملة إلى سلامة دين وصحة اعتقاد، كان يقسم يومه وليله لأمور الحكم وشئون الخلافة، ففي أول النهار يتصدى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والولايات والعزل والنظر في مصالح العامة، فإذا صلى الظهر دخل منزله واستراح إلى العصر، فإذا صلى العصر جلس لأهل بيته ونظر في مصالحهم الخاصة، فإذا صلى العشاء نظر في الكتب والرسائل الواردة من الآفاق إلى ثلث الليل، ثم ينام إلى الثلث الأخير، ثم يقوم إلى قيام الليل حتى صلاة الفجر فيخرج ويصلي بالناس ثم يجلس في إيوان الحكم.
واجه المنصور مواقف في غاية الصعوبة وشدائد وأهوالاً، فتصدى لها بحزمه وشدته وبطشه حتى كأنه لم يعرف العفو مطلقًا، فلقد خرج عليه عمه «عبد الله بن علي» في أول ولايته ودعا الناس لنفسه فضربه بأبي مسلم الخراساني، ثم قضى على أبي مسلم الذي كان يتعالى عليه ويحتقره أيام أخيه السفاح وكان المنصور لا ينساها أبدًا لأبي مسلم، ثم تصدى لحركة النفس الزكية «محمد بن عبد الله بن الحسن»، وبنى مدينة بغداد التي كانت إحدى عجائب الدنيا وقتها، ورغم الثورات المشتعلة ضده ليل نهار إلا إن الجهاد والغزو ما زال قائمًا ومستمرًا لم يتوقف أيام المنصور، وقد مات المنصور وهو في طريقه للحج في 6 من ذي الحجة سنة 158هـ ودفن بمكة.
والجدير بالذكر أن المنصور كان معنيًا بتتبع الزنادقة والملاحدة وقتلهم وتطهير البلاد منهم وقد أوصى خليفته المهدي بنفس الأمر فسار على درب أبيه ولعل ذلك من أعظم أعمال المنصور.
معركة تولوز
9 من ذي الحجة 102هـ ـ 9 يونية 721م
لم يكد المسلمون يستقرون في بلاد الأندلس بعد فتحها المبين سنة 92هـ حتى أخذت أصابع الفتنة تعبث بهذا الاستقرار، وأخذت العصبية القبلية والعرقية تنزغ بينهم، واشتعلت الصراعات الداخلية من ناحيتين: بين العرب والبربر من ناحية، وبين العرب قيسية ويمانية من ناحية أخرى، واضطربت الأوضاع بشدة حتى تولى الخليفة الراشد «عمر بن عبد العزيز» الأمر فعزل والي الأندلس «الحر بن عبد الرحمن الثقفي» والذي تسبب بسوء إدارته للبلاد لاشتداد الفتنة، وعيَّن رجلاً صالحًا هو «السمح بن مالك الخولاني» وجعل الأندلس ولاية مستقلة تابعة للخلافة مباشرة بعد أن كانت تابعة لولاية إفريقية.
كان السمح حاكمًا وافر الخبرة والحكمة والعقل فقبض على زمام الأمور بحزم ودهاء وهمة فقمع الفتن وأصلح الإدارة والجيش، ثم قرر «السمح» أن يوسِّع رقعة دولة الإسلام في الأندلس وذلك بمد الفتوحات الإسلامية لما بعد جبال البرانس أو ألبرت حيث جنوب فرنسا، وفي سنة 101هـ قاد السمح حملة عسكرية كبيرة افتتح بها جنوب فرنسا من ناحية الشرق وقضى على كل قوة اعترضت طريقه، وبعدها قرر مهاجمة مملكة «أكوتين» أو مملكة الفرنج الجنوبية وكانت مدينة «تولوز» هي أحصن مدن المملكة وقاعدتها، وكانت هذه المملكة ممتدة من نهر اللوار إلى جبل البرانس.
بعد أن افتتح المسلمون إقليم «سبتمانيا» أقاموا بها حكومة إسلامية وتركوا للنصارى حرية التحاكم إلى شرائعهم واكتفوا بالجزية، واتجهوا بعدها لمملكة «أكوتين»، وحاولت قبائل البشكنس منع تقدم المسلمين ولكنهم فشلوا رغم المقاومة الباسلة، وفي هذه الفترة قام الكونت «أودو» زعيم مملكة «أكوتين» بتجهيز جيش ضخم للتصدي للمسلمين وخرج به إلى ظاهر تولوز استعدادًا للمعركة.
وفي يوم 9 من ذي الحجة سنة 102هـ التقى الجيشان بظاهر تولوز في معركة عنيفة وكان المسلمون قد قلت أعدادهم بسبب المعارك الكثيرة والحاميات التي تركوها في المدن المفتوحة، ورغم هذه القلة كاد المسلمون أن يحققوا انتصارًا رائعًا لولا سقوط القائد البطل «السمح بن مالك» شهيدًا في أرض المعركة فاضطربت صفوف المسلمين واختل نظام الفرسان ووقعت الهزيمة بقدر الله وحده على صفوف المسلمين ولكن بعرف الحروب لا تعتبر هذه المعركة هزيمة للمسلمين بل غاية الأمر أنهم فشلوا في فتح «تولوز».
الانقلاب العسكري الثاني بتركيا
3 من ذي القعدة 1400هـ ـ 12 سبتمبر 1980م
في سنة 1392هـ ـ 1972م ظهر أول حزب إسلامي في تركيا العلمانية وذلك لأول مرة منذ سقوط الخلافة العثمانية، وهو حزب السلامة الوطني بزعامة نجم الدين أربكان، وقد استغل هذا الحزب الإسلامي حالة التعطش الشديد لدى الأتراك نحو الإسلام، وحقق نجاحًا كبيرًا في انتخابات سنة 1393هـ ـ 1973م وحصل على ثالث أعلى نسبة أصوات في المجلس النيابي، واشترك الحزب في حكومة ائتلافية مع حزب الشعب الجمهوري، وأصبح نجم الدين أربكان نائبًا لرئيس الوزراء، وزادت شعبية حزب السلامة وارتفعت مكانته خاصة بعد الإنزال التركي على جزيرة قبرص، وترجمت هذه الشعبية في انتخابات سنة 1975م ـ 1395هـ؛ إذ حصل الحزب على ثاني أعلى نسبة أصوات في المجلس النيابي لأعتى النظم علمانية ومحاربة للإسلام.
وفي هذه الفترة برز أيضًا على الساحة التركية حزب الحركة الملية بزعامة «ألب أرسلان توكيس» وهو حزب قومي عنصري ولكن لا يعادي الإسلام بل يسكت عنه وربما يسايره أحيانًا، وكان هذا الحزب نشيطًا في أضنة ومرعش وله مليشيا عسكرية قوية تدعمه، وقد حقق هذا الحزب نجاحًا ملحوظًا في الانتخابات.
كانت الدوائر الاستعمارية من شرقية وغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة النفوذ الأول في تركيا تراقب هذه النشاطات الجديدة بعين التوجس والارتياب، خاصة مع التقارب الحادث بين حزب السلامة الوطني وحزب الحركة الملية، ومع زيادة شعبية الاتجاه الإسلامي بدأت المخاوف تتحول إلى هواجس وشيكة الحدوث، لذلك رأت أمريكا أن توقف هذا النشاط الإسلامي المتنامي بانقلاب عسكري يلغي ولو مؤقتًا شعار الحرية الذي ظهرت هذه الأحزاب من خلاله.
وفي يوم 3 من ذي القعدة 1400هـ 12 سبتمبر 1980م تحرَّك الجيش بقيادة رئيس الأركان كنعان إيفيرين فأعلن الأحكام العرفية وأسقط الحكومة، واستلم الجيش الأمر وحل الأحزاب كلها وإن كان المقصود في الأساس هو التيار الإسلامي الممثل في حزب السلامة.
مجزرة الخصاص
4 من ذي القعدة 1366هـ ـ 19 سبتمبر 1947م
وهي المجزرة القذرة التي قامت بها عصابات الهاجانا الصهيونية بحق أهل قرية الخصاص الواقعة في قضاء صفد في شمال فلسطين «السكان الفلسطينيون في هذا القضاء يمثلون 87% واليهود 13% » وقد أدت هذه المجزرة لمقتل 10 من سكانها وإجبار الباقي على الفرار منها وتركها خاوية للصهاينة المغتصبين.
وفاة السلطان المملوكي سيف الدين قلاوون
6 من ذي القعدة 689هـ ـ 11 نوفمبر 1290م
سابع سلاطين دولة المماليك البحرية، السلطان سيف الدين قلاوون الألفي الصالحي، الملقب بالملك المنصور، وأصله من قبيلة أوغلي القوقازية، جلب صغيرًا لبلاد الشام وكان مملوك الأمير علاء الدين أقسنقر العادلي وقد اشتراه بألف دينار فعُرف بالألفي، ثم اشتراه نجم الدين أيوب سلطان مصر فصار من يومها من ضمن المماليك البحرية، وقد زامل الظاهر بيبرس البندقداري في حرب الصليبيين في المنصورة وفارسكور أثناء الحملة الصليبية السابعة، كما رافق بيبرس في الهرب إلى الشام بعد مقتل أستاذهم فارس الدين أقطاي أيام عز الدين أيبك، ثم عاد واشترك في قتال المغول في عين جالوت، ولما تولى بيبرس سلطنة المماليك صار قلاوون أكبر أمرائه، وقد زوج ابنته من الابن الأكبر لبيبرس «بركة خان».
تولى سلطنة المماليك سنة 678هـ بعد عزل السلطان الطفل «بدر الدين سلامش» ابن بيبرس لعدم صلاحيته للمنصب الخطير، وقد واجه معارضات قوية من المماليك الظاهرية أتباع الظاهر بيبرس، ومن نائب دمشق الأمير سنقر الأشقر، الذي تحالف مع مغول فارس والعراق وتلقب بالملك الكامل وحشد الجيوش لمحاربة سيف الدين قلاوون، ولكن سيف الدين قضى على كل هذه التمردات والفتن، ثم تفرغ بعدها لمواجهة الخطر الصليبي والمغولي واستكمال المهمة التي كان بيبرس قد اضطلع بها من قبل.
ومن أعظم أعمال سيف الدين قلاوون هو معركة حمص الكبرى ضد المغول سنة 680هـ، حيث قاد المسلمين في معركة رهيبة ضد الغزو المغولي وانتصر عليهم انتصارًا عظيمًا من جنس عين جالوت كسر به شوكة التتار فترة طويلة، وفي نفس الوقت أقام قلاوون علاقات وثيقة مع مغول القبيلة الذهبية المسلمين، ولما أعلن حاكم مغول العراق وفارس أي ما تعرف بالدولة الإيلخانية تكودار بن هولاكو إسلامه سنة 682هـ أقام معه قلاوون علاقات مودة وصداقة.
أما على الجبهة الصليبية فلقد هادنهم قلاوون حتى يفرغ من أمر المغول، فلما انتصر عليهم في «حمص» بادر بالعمل ضد الصليبيين وكانوا متمركزين في إمارة طرابلس، ففتح حصن المرقب الذي كان بيد الفرسان الاستبارية وكان خط الدفاع الأول لطرابلس وذلك سنة 684هـ، ثم استولى على اللاذقية سنة 686هـ، ثم فتح طرابلس وبيروت وجبلة سنة 688هـ، ولم يبق للصليبيين أي مستوطنات إلا في عكا وصيدا، وقد أسرع من فيها بعقد معاهدة بشروط مهينة ومذلة لهم حفاظًا على وجودهم بالشام، ولكن سيف الدين قلاوون ما لبث أن قرر فتح عكا وطرد الصليبيين من بلاد الشام والإسلام للأبد، وأثناء استعداده وتحضيره لفتح عكا وافته المنية في 6 من ذي القعدة سنة 689هـ ـ 11 نوفمبر 1290م فحزن الناس عليه بشدة وتأسفوا على رحيله.
معركة ملازكرد الخالدة
7 من ذي القعدة 463هـ
هي واحدة من أشهر معارك الإسلام، وفصل باهر من فصول الصراع بين الإسلام والصليبية في العصور الوسطى، بل هي تمثل فاتحة العصور الوسطى، وأعظم انتصار حققه المسلمون على الصليبيين وأبعده أثرًا وأكثره قيمة وفاعلية، فمنذ أن خبت قوة الخلافة العباسية وتفككت أوصالها تحت أطماع أمراء وملوك الأطراف الذين استقلوا بما تحت أيديهم من أقاليم، بحيث إن الخلافة العباسية لم يبق لها سوى بغداد وما حولها، وما سوى ذلك خاضع لهذا الأمير أو ذاك السلطان وهكذا، منذ أن حدث هذا الضعف، والدولة البيزنطية الشرقية التي كانت تمثل الخصم التاريخي للخلافة الإسلامية قد استطاعت أن تدفع فتوحاتها ناحية بلاد الإسلام في منطقة الجزيرة الفراتية وشمال الشام، وأرغمت كثيرًا من أمراء المسلمين على دفع إتاوة لها نظير عدم التعرض لهم، وظل الحال على ما هو عليه حتى ظهرت القوة الجديدة والفتية وهم «السلاجقة الأتراك» والذي جاء ظهورهم كسنة ربانية في مدافعة الباطل بالحق، واستطاع أول سلاطين هذه الدولة «طغرلبك» أن يحقق عدة انتصارات مؤثرة على البيزنطيين، أحدثت رجة شديدة بالأوساط الأوروبية عامة والبيزنطية خاصة، وتمثل ذلك في كثرة تغيير قياصرة بيزنطة خلال فترة وجيزة، وأخذ الأوربيون في التشكيك في قدرة بيزنطة على حماية النصرانية في أوروبا، وقد كانت من قبل تلقب بحامية حامي النصرانية.
ظلت الأوضاع الداخلية ببيزنطة مضطربة حتى ظهر القائد العسكري «رومانوس ديوجين» وقد نال شهرة كبيرة داخل المجتمع البيزنطي بعد أن حقق عدة انتصارات على بعض أمراء المسلمين في شمال الشام في الفترة من 461هـ ـ 463هـ، وكان السلاجقة خلال هذه الفترة منشغلين ببعض الفتن الداخلية، التي وقعت بعد وفاة طغرلبك وتنصيب ابن أخيه «ألب أرسلان» ومعناها بالتركية الأسد الباسل، واتجهت آمال البيزنطيين نحو «رومانوس» واختاروه قيصرًا عليهم ولقبوه «رومانوس الرابع»، وعلى الفور قرر «رومانوس الرابع» التحضير لعمل عسكري كبير وضخم ينهي به الوجود الإسلامي في منطقة آسيا الصغرى والجزيرة الفراتية، فهو يعلم أن الشعب البيزنطي قد انتخبه واختاره لكفاءته العسكرية، فهو قد جاء في هذه الفترة لقتال المسلمين وهذا الهدف كان الأجندة الوحيدة التي تم اختيار «رومانوس» من أجلها، وقد حشد «رومانوس» لهذه المعركة الفاصلة أربعمائة ألف مقاتل، جاء شطر كبير منهم من أوروبا الغربية، إضافة لعتاد حربي ضخم، وفي نية رومانوس اكتساح بلاد الإسلام كلها حتى بغداد عاصمة الخلافة، ومن شدة ثقته من النصر وزع ولاية الأقاليم التي سيفتحها على أمرائه، وهو طبعًا لا يعرف ما يخبئه له القدر المحتوم.
وصلت أخبار هذه الحملة الجرارة للسلطان «ألب أرسلان» وكان وقتها في مدينة «خوى» من أعمال أذربيجان، ولم يكن معه سوى خمسة عشر ألفًا من المقاتلين، وكان البيزنطيون قد اخترقوا قلب الأناضول ووصلوا إلى مدينة «ملازكرد» أو منازكرت، وهي مدينة حصينة على نهر «مرادسو» وهي مازالت قائمة حتى الآن بتركيا، فأسرع ألب أرسلان لوقف تقدم البيزنطيين، والتقت طلائع السلاجقة مع طلائع البيزنطيين وكانوا من القبائل الروسية، فانتصر المسلمون انتصارًا باهرًا، ولكن هذا النصر القوي لم يدفع القائد المحنك «ألب أرسلان» بالتعجيل في الصدام بجيشه الصغير مع حملة ضخمة بمثل هذا العدد، فأرسل في طلب هدنة من «رومانوس»، فظن «رومانوس» أن ألب أرسلان ما طلب الهدنة إلا من ضعف أو خوف، فرفض الهدنة وقال بكبر وصلف صليبي: «لا هدنة إلا في الري» وهي كلمة سيدفع ثمنها بهزيمة لم يسمع بمثلها في التاريخ، و«الري» هي عاصمة السلاجقة في خراسان.
عندما وصل هذا الرد لألب أرسلان أخذته حمية الإسلام وعزة المسلم وأنفته وقرر القتال رغم الفارق الضخم بين الطرفين، وعملاً بنصيحة العلماء والفقهاء المصاحبين لألب أرسلان، قرر ألب أرسلان أن يكون الصدام يوم الجمعة بعد الزوال في الساعة التي يكون الخطباء فيها على المنابر ويدعون للمجاهدين بالنصر، وفي يوم الجمعة 7 من ذي القعدة سنة 463هـ قام ألب أرسلان وصلى بالناس وبكى ودعا الله عز وجل طويلاً ولبس البياض وتكفن وتحنط وقال: «إن هزمت فإن ساحة الحرب تغدو قبري» ثم اندلع القتال الشامل بين الجيشين في معركة بكل المقاييس لا تصدق ولا يوجد بها نسبة خطأ في أن النصر لصالح البيزنطيين، ولكن كل هذه المقاييس ذهبت سدى أمام عزيمة وإيمان الفئة المؤمنة، ولجأ رومانوس للزحف بجيشه كله مرة واحدة ليسحق جيش السلاجقة، ولكنه فوجئ بالثبات العظيم للمسلمين، ولم تغرب شمس هذا اليوم إلا والمسلمون قد حققوا واحدًا من أعظم الانتصارات خلال عدة قرون، ووقع رومانوس نفسه في الأسر، فقام ألب أرسلان بتأنيبه على أفعاله وضربه بيده ثلاث مقارع، ويقال: إنه وضع قدمه على هامة «رومانوس» تحقيرًا وإذلالاً له، ثم عفا عنه بعد أن اشترط عليه عدم العودة لقتال المسلمين أبدًا.
كان لهذه المعركة نتائج خطيرة على الصعيد العالمي، بل هي أهم حدث في التاريخ العالمي خلال عدة قرون؛ إذ أدت الهزيمة المروعة للبيزنطيين لبداية انهيار الإمبراطورية القديمة، وفتحت الطريق أمام تدفق المسلمين السلاجقة إلى منطقة الأناضول وتأسيس سلطنة سلاجقة الروم هناك، أما أهم أثر لهذه المعركة فإنها كانت السبب المباشر لتحضير أوروبا الغربية للحملات الصليبية الشهيرة على بلاد الشام ومصر حيث أدرك البابا «جريجوري السابع» أن بيزنطة لم تعد السد المنيع أمام الانسياح الإسلامي على أوروبا، ومن ثم كان لابد من التحضير لعمل كبير لوقف الفتوحات الإسلامية على الجبهة الأوروبية، ومن ثم كانت الحملات الصليبية.
معركة ملدافيا
10 من ذي القعدة 1029هـ ـ 7 أكتوبر 1620م
بلغت الدولة العثمانية أقصى اتساعها في عهد سلطانها القوي سليمان القانوني، وبلغت أقصى العمق الأوروبي وشملت بولونيا «بولندا» وملدافيا وولاشيا «روسيا سابقًا» وترانسلفانيا «شمال رومانيا»، وهذه الدولة الكبيرة مترامية الأطراف تحتاج لقبضة قوية ضابطة لهذا الجسد المتسع والمليء بالأقليات والعرقيات المختلفة، لذلك لم يستطع خلفاء سليمان القانوني أن يسيطروا على هذه المساحة الشاسعة من الأرض والتي تمتد عبر ثلاث قارات، فكثرت الثورات الداخلية والنزعات الاستقلالية، وكان العمق الأوروبي مهد هذه الحركات للمباينة العرقية والدينية مع العثمانيين.
في سنة 1012هـ حرضت إمبراطورية النمسا بولونيا وملدافيا وترانسلفانيا على خلع طاعة السلطان محمد الثالث الذي قاد الجيوش بنفسه وانتصر على النمساويين وأعاد هذه الأقاليم للطاعة، فلما مات محمد الثالث عادت النمسا لتحريض هذه الأقاليم على الثورة، فدخل السلطان أحمد الأول في حرب مستمرة ضد النمسا، انتهت بعقد اتفاقية منع اعتداء بين الطرفين وذلك سنة 1015هـ، وبعدها أصبحت بولونيا هي التي تتولى تحريض ملدافيا وولاشيا وترانسلفانيا والأفلاق على الثورة.
عندما جلس السلطان عثمان الثاني على عرش الدولة العثمانية قرر البدء بمحاربة بولونيا لتأديبها ومنعها من التدخل في شئون الولايات العثمانية الأوروبية، فكلَّف السلطان عثمان الثاني والي القرم «سليم كراي» أن يهجم على بولونيا من ناحية الشرق، على أن تقوم الجيوش العثمانية بالهجوم من ناحية الجنوب، وفي يوم 10 من ذي القعدة 1029هـ انقضت الجيوش العثمانية من جهتين على الجيوش البولونية ومزقتها شر تمزيق، حتى أن الجيش البولوني البالغ ستين ألف مقاتل لم ينج منه سوى 400 مقاتل لا غير، وأمر السلطان عثمان الثاني الجيوش بمواصلة القتال للقضاء تمامًا على تمرد بولونيا وملدافيا، ولكن الإنكشارية رفضوا وطلبوا الصلح من أجل الراحة بعد أن أصابهم التعب من القتال، وفي نفس الوقت طلبت بولونيا الصلح نظير جزية كبيرة وتعهد بعدم التدخل في شئون الدولة العثمانية، فاضطر السلطان للموافقة على الصلح ولكنه غضب على الإنكشارية بشدة، وهذا الأمر سيؤدي بعد ذلك بقليل لعزله ثم قتله على يد الإنكشارية في سابقة هي الأولى في تاريخ الدولة العثمانية.
وفاة الإمام سراج الدين البُلقيني
11 من ذي القعدة 805هـ ـ 2 يونية 1403م
أحد الأئمة الأعلام والمجتهدين المطلقين، وأحد المجددين لهذه الأمة، الإمام عمر بن رسلان بن نصير السراج أبو حفص الكناني البُلقيني ثم القاهري الشافعي، وُلد سنة 724هـ ببُلقينة من الغربية وأظهر منذ نعومة أظفاره حافظة عجيبة، فحفظ القرآن وهو في السابعة، وأمَّ الناس وحفظ الشاطبية وكتب الفقه الشافعي والمحرر والكافية في النحو لابن مالك وهو في العاشرة، فحمله أبوه إلى القاهرة وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وعرضه على مشايخ الوقت مثل السبكي والقزويني فبهرهم بفرط ذكائه وكثرة محفوظاته، واستوطن القاهرة وأخذ في سماع الحديث وحضور الدروس، وأدى فريضة الحج سنة 740هـ، وزار بيت المقدس وسمع من شيوخها وعلمائها، وطاف البلاد، وكان كل من يلتقي به ينبهر به ويعظمه لحفظه الفريد، وكان شيوخه أمثال أبي حيان والأصبهاني يعظمونه جدًا، وأذن له الأئمة بالإفتاء والتدريس وتولى مناصب الإفتاء والقضاء بالشام ومصر.
جرت للبلقيني محنة شديدة وتعصب عليه الأشاعرة خاصة السبكية بالشام بسبب قول العماد بن كثير له: «أذكرتنا سمت ابن تيمية» وقول ابن شيخ الجبل «شيخ الحنابلة» له: «ما رأيت بعد ابن تيمية أحفظ منك» فثارت الأشاعرة عليه بسبب اقتدائه بابن تيمية، وكان البلقيني صحيح العقيدة، شديدًا على ابن عربي الصوفي ويفتي بحرمة قراءة كتبه، مشهورًا بصفاء الخاطر وسلامة الصدر واشتغاله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهما كانت عواقب ذلك، وسلاطين المماليك مشهورون بنزفهم وحدّتهم ومع ذلك لا يبالي فيبطل المكوس ويغلق الحانات.
طال العمر بالبلقيني حتى لم يبق من العلماء من يدانيه فضلاً على أن يزاحمه، وظل مقبلاً على الاشتغال بالعلم تدريسًا وفتوى، ولم يكمل مصنفاته لأنه كان يشرع في الشيء ولسعة علمه وكثرة محفوظه يطول عليه الأمر، حتى أنه كتب من شرح البخاري على نحو عشرين حديثًا مجلدين، ورغم سعة علمه وقوة حفظه وشدة ذكائه إلا إنه كان سريع البادرة سريع الرجوع للدليل والحق إن فاته، وكان مجتهدًا مطلقًا واستكمل آلة الاجتهاد، ولكن خوفه من أن يلقى نفس مصير ابن تيمية شيخه وقدوته ظل مجتهدًا في نطاق المذهب الشافعي، وقد رزق قبولاً عند الناس في كل مكان، فلا تركن النفس إلا لفتواه، وقد عده علماء زمانه أحد المجددين فقالوا: «إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة لهذه الأمة من يجدد لها دينها بدئت بعمر؛ يعني عمر بن عبد العزيز، وختمت بعمر؛ يعني البلقيني»، وقد مات في 11 من ذي القعدة 805هـ ودفن بالقاهرة.
إغتيال عالمة الذرة المصرية سميرة موسى
13 من ذي القعدة 1371هـ ـ 5 أغسطس 1952م
إحدى النوابغ العلمية الفذة، وأول امرأة عربية ومسلمة تحصل على درجة الدكتوراه في الذرة، سميرة محمد موسى، ولدت سنة 1335هـ ـ 1917م بقرية سينو الكبرى ـ الغربية ـ مصر، حفظت القرآن وهي في السابعة، وانتقلت مع أبيها للقاهرة، والتحقت بمدارس القاهرة، وخلال مراحل التعليم الابتدائية والإعدادية والثانوية كانت الأولى على القطر المصري، وقد ألفت كتابًا في تبسيط مادة الجبر لزميلاتها وهي في الصف الأول الثانوي سنة 1351هـ ـ 1932م.
دخلت كلية العلوم ثم تخرجت فيها سنة 1358هـ ـ 1939م بامتياز مع مرتبة الشرف، واعترضت الجامعة على تعيينها معيدة، فأصر أستاذها العالم الكبير دكتور مصطفى مشرفة على تعيينها وهدد بالاستقالة، فوافقت الجامعة على تعيينها، فحصلت على درجة الماجستير بعد ثلاث سنوات، ثم سافرت لبعثة خارجية إلى لندن للحصول على درجة الدكتوراه، واستطاعت أن تحصل عليها في أقل من عامين فقط، وبهرت الإنجليز فأطلقوا عليها اسم «مس كوري المصرية».
خلال إقامتها بإنجلترا درست الذرة وأجرت عليها أبحاثًا طبية ووضعت فكرة العلاج بالذرة وقالت: «سأعالج الأمراض بالذرة مثل العلاج بالإسبرين»، فحصلت على منحة دراسية لدراسة الذرة بأمريكا سنة 1370هـ ـ 1951م بجامعة كاليفورنيا، ولشدة نبوغها وتفوقها النادر سُمح لها بزيارة المختبرات السرية لأبحاث الذرة بأمريكا، وعرض عليها الأمريكان منح الجنسية وامتيازات كثيرة، ولكنها رفضت وأصرت على العودة إلى مصر، وألح الأمريكان في العرض وأصرت هي على الرفض، فكان جزاؤها أن قام عملاء المخابرات باغتيالها عن طريق تدبير حادث سيارة غامض لم تعرف أسبابه في 13 من ذي القعدة 1371هـ ـ 5 أغسطس 1952م، وبمقتلها دشنت أمريكا بالتعاون مع دولة الصهاينة سياسة تصفية علماء المسلمين واغتيال أي شخصية وعقلية نابغة، وقد انضم إليها الدكتور المشد والدكتور سعيد بدير والدكتور شريف خان، هذا غير من نجح الأمريكان واليهود في استقطابهم وإغرائهم بالمناصب والامتيازات.
يتبع