سالم مسلم حمدان البلوي
06-16-2012, 06:29 PM
ضعف الطالب والمطلوب
إن كل إنسان عاقل على هذه الأرض لا بد له من هدف يسعى إليه ولن يستريح حتى يبلغ غايته ومراده , فأما إن كان لا يعرف هدفه فهو حينئذ يسعى لغاية مجهولة ليس لها مكان وليس لها وجهه , فحينئذ لا بد أن يكون هذا الإنسان إما من الغافلين أو من الذين لا يعقلون , لذا نتساءل كيف يقبل إنسان أن يمضي من عمره ما مضى من دون أن يعرف إلى أي شيء هو صائر , فكل عاقل يعرف أن كل مخلوق له بداية نشأة وتاريخ نهاية وما بينهما هو عمرك الذي قدر لك في هذه الحياة الدنيا , فليس الأمر يحتاج إلى فك ألغاز ولا إلى عبقرية فذة لفهم حقيقة الأمر , فوجودك في الدنيا هو في الحقيقة على ثلاث مراحل نشأة حياة ثم عمر مقدر ثم موت , فهل أنت تؤمن بحقيقة الحياة والموت والبعث والنشور والجزاء ثم إلى الجنة أو إلى النار ؟ .
إن الكافر لا يؤمن بالغيبيات بل يتمسك بقوة بما هو بين يديه من مخلوقات جامدة أو حية ولا يرى سواها , قال تعالى في المكذبين للبعث ( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ) الصافات (16) , وفي أية أخرى عن المكذبين للحساب ( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ ) الصافات (53) , فهم يعيشون وفي أذهانهم أنها فترة من الزمن يستمتعون بها في الحياة الدنيا بقدر استطاعتهم ثم يموتون ولا شيء غيره , وهو ما يرونه بين أيديهم من مخلوقات ولا يعتقدون شيء بعد هذه الحياة غير الفناء , فلذلك هم يكذبون بما بعد الموت , ولو كانوا يؤمنون بالذي خلق الحياة لزمهم أن يؤمنوا بالذي قدر الموت والذي يحي هو قادر على أن يميت وكذلك قادر على أن يحي الخلق مرة أخرى , قال تعالى ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) الأحقاف (33) .
إن الإنسان يظن أنه هو المخلوق العجيب على هذه الأرض ويظن بعضهم أنه خلق قبل السموات والأرض والجبال ولم يعلم أن الملائكة خلقوا قبله والجن وكثير من المخلوقات ولا يعلم أنه ليس من المخلوقات التي تفوق عظمتها السموات والأرض يقول الله تعالى ( لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون )غافر (57) , فكيف تؤمن أن الله هو رب السموات ورب الأرض وأنه هو خالقها وبارئها ثم ترى أنه يعجز عن إحياء الموتى , فالذي تمكن بقدرته على خلق السموات العظيمة فلن يعجزه أن يبعثك ويحشرك من جديد , ومن رأى غير ذلك فإنه والله لفي جهل شديد , وقال تعالى ( وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) الجاثية (24) , وليس لهم علم بما يقولون بل هو الظن السيئ بربهم .
بل حتى الأنبياء يتعجبون من قدرة الله العظيمة في أحياء الخلق بعد الموت , ولكن تعجبهم لا يفضي إلى التشكك في قدرة الله , وإنما تعجبهم تعجب حب معرفة وطلب يقين علم , فهم يتمنون لو يدركون رؤية شيء ولو بسيط من قوة هذا الرب العظيم ليزدادوا طمأنينة , فهذه أسرار يكشف الله بعضها للخلص من عباده وهم الأنبياء والرسل , فقد تساءل نبينا إبراهيم عليه السلام عن هذه القدرة وسئل الله أن يمن عليه رؤية شيء من هذه القدرة العظيمة , قال الله تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة (260) , فهذا النبي الكريم أراد أن يزداد أيمانا على إيمانه فطلب من ربه أن يريه كيف يحي الموتى عيانا في بعض مخلوقاته التي بين يديه , فأمره الله على أن يأتي بأربعة من الطيور المختلفة ثم يقوم بذبحها وخلط دمائها ولحمها وريشها وأن يقوم على تفريقها في نواحي الجبال ثم يدعوها ليرى بنفسه كيف تسعى إليه تلك الأجزاء المتفرقة بأذن الله , لتجتمع تلك الأطراف الممزقة وتتركب بين يديه كل جزء منها يذهب إلى الطير الذي أقتطع منه من غير نقص أو اختلاف , كأنها لم تذبح ولم تمت من قبل , فكذلك يحي الله الموتى يوم البعث الذين تفرقت أبدانهم وتمزقت في القبور وخارج القبور , يقول الله تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) العنكبوت (19) .
إن الله يتحدى جميع مخلوقاته من أنس وجن على صعيد واحد على أن يخلقوا شيء بسيط يشابه أي مخلوق من مخلوقاته أو يحيوا شيء ميتا زالت عنه الحياة , يقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) الحج (73) , أي أن كان الذي تدعونه من دون الله يستطيع أن يخلق شيئا ولو بمقدار ذبابة في حجمها فلهم أن يجتمعوا ويتعاونوا فيما بينهم لتحقيق ذلك , فإن عجزوا عن ذلك وسيعجزون , فالسؤال لماذا إذا تصرف العبادة لغير الله وهو الذي خلقكم من عدم , فالله يصفهم بالضعف والعجز وإن كان المطلوب منهم شيء ضعيفا مثلهم فكيف لو طلب منهم أن يخلقوا شمسا أو قمرا أو نجما أو سماء , ولكن الله سبحانه وتعالى سهل الطلب وجعله في ذبابة واحدة تقع على أنوفهم وليس أكثر من ذلك وترك الآيات العظيمة الباهرة فهم أعجز من أن يقبلوا التحدي , فتعالى الله الملك الحق وسبحان الله عما يصفون .
إن الذين ينصرفون إلى عبادة القبور والأضرحة ويطلبون من الموتى ما لا يستطيعه إلا الله فإنهم لا عقول لهم يفكرون بها وإنما هم يتخبطون تخبط الشيطان فقد أغضبوا ربهم وأضاعوا وجهتهم وضلوا الطريق إلى ربهم ومولاهم الحق , وسلكوا طريقا وعرا إلى جهنم , ولن يجدوا إلا الشيطان أمامهم ينتظرهم في النار ليخطب عليهم خطبته الشهيرة , يقول الله تعالى عن ذلك الموقف ( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) أبراهيم (22) .
إن الوضع في العالم الإسلامي لن يستقر ولن يعود الإسلام إلى قوة كما كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم حتى تزول بؤر الشرك ومعاقله في كل بلد , فلا بد من الناس من مكافحة وإزالة كل معلم من معالم الشرك كمثل الحسينيات التي يشرك بالله فيها ويصور فيها صور أل البيت وتعظم وتنزل بمنزلة الرب , وكذلك القبور التي تزار ويحج إليها , فعلى المجاهدين أن لا يكون جهادهم مقصورا على دفع الكفار والمشركين بل لا بد أن يتوازى معه إزالة كل بيوت الشرك حتى يتحقق التوحيد كاملا ويبقى الإسلام خالصا في المساجد النقية من الشرك ويعبد الله وحده , يقول الله تعالى ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ) الجن (18) , فإذا قام المؤمنين بتطهير بلادهم من براثن الشرك فإن النصر حليفهم لا محالة وجنود الله من الملائكة ستقاتل بين صفوفهم وتغشاهم السكينة والرحمة , أسئل الله أن يزيل عنا كل ما كدر على عبادتنا من دنس الشرك والبدع والخرافات .....والحمد لله رب العالمين .
منقول للفائده
إن كل إنسان عاقل على هذه الأرض لا بد له من هدف يسعى إليه ولن يستريح حتى يبلغ غايته ومراده , فأما إن كان لا يعرف هدفه فهو حينئذ يسعى لغاية مجهولة ليس لها مكان وليس لها وجهه , فحينئذ لا بد أن يكون هذا الإنسان إما من الغافلين أو من الذين لا يعقلون , لذا نتساءل كيف يقبل إنسان أن يمضي من عمره ما مضى من دون أن يعرف إلى أي شيء هو صائر , فكل عاقل يعرف أن كل مخلوق له بداية نشأة وتاريخ نهاية وما بينهما هو عمرك الذي قدر لك في هذه الحياة الدنيا , فليس الأمر يحتاج إلى فك ألغاز ولا إلى عبقرية فذة لفهم حقيقة الأمر , فوجودك في الدنيا هو في الحقيقة على ثلاث مراحل نشأة حياة ثم عمر مقدر ثم موت , فهل أنت تؤمن بحقيقة الحياة والموت والبعث والنشور والجزاء ثم إلى الجنة أو إلى النار ؟ .
إن الكافر لا يؤمن بالغيبيات بل يتمسك بقوة بما هو بين يديه من مخلوقات جامدة أو حية ولا يرى سواها , قال تعالى في المكذبين للبعث ( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ) الصافات (16) , وفي أية أخرى عن المكذبين للحساب ( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ ) الصافات (53) , فهم يعيشون وفي أذهانهم أنها فترة من الزمن يستمتعون بها في الحياة الدنيا بقدر استطاعتهم ثم يموتون ولا شيء غيره , وهو ما يرونه بين أيديهم من مخلوقات ولا يعتقدون شيء بعد هذه الحياة غير الفناء , فلذلك هم يكذبون بما بعد الموت , ولو كانوا يؤمنون بالذي خلق الحياة لزمهم أن يؤمنوا بالذي قدر الموت والذي يحي هو قادر على أن يميت وكذلك قادر على أن يحي الخلق مرة أخرى , قال تعالى ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) الأحقاف (33) .
إن الإنسان يظن أنه هو المخلوق العجيب على هذه الأرض ويظن بعضهم أنه خلق قبل السموات والأرض والجبال ولم يعلم أن الملائكة خلقوا قبله والجن وكثير من المخلوقات ولا يعلم أنه ليس من المخلوقات التي تفوق عظمتها السموات والأرض يقول الله تعالى ( لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون )غافر (57) , فكيف تؤمن أن الله هو رب السموات ورب الأرض وأنه هو خالقها وبارئها ثم ترى أنه يعجز عن إحياء الموتى , فالذي تمكن بقدرته على خلق السموات العظيمة فلن يعجزه أن يبعثك ويحشرك من جديد , ومن رأى غير ذلك فإنه والله لفي جهل شديد , وقال تعالى ( وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) الجاثية (24) , وليس لهم علم بما يقولون بل هو الظن السيئ بربهم .
بل حتى الأنبياء يتعجبون من قدرة الله العظيمة في أحياء الخلق بعد الموت , ولكن تعجبهم لا يفضي إلى التشكك في قدرة الله , وإنما تعجبهم تعجب حب معرفة وطلب يقين علم , فهم يتمنون لو يدركون رؤية شيء ولو بسيط من قوة هذا الرب العظيم ليزدادوا طمأنينة , فهذه أسرار يكشف الله بعضها للخلص من عباده وهم الأنبياء والرسل , فقد تساءل نبينا إبراهيم عليه السلام عن هذه القدرة وسئل الله أن يمن عليه رؤية شيء من هذه القدرة العظيمة , قال الله تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة (260) , فهذا النبي الكريم أراد أن يزداد أيمانا على إيمانه فطلب من ربه أن يريه كيف يحي الموتى عيانا في بعض مخلوقاته التي بين يديه , فأمره الله على أن يأتي بأربعة من الطيور المختلفة ثم يقوم بذبحها وخلط دمائها ولحمها وريشها وأن يقوم على تفريقها في نواحي الجبال ثم يدعوها ليرى بنفسه كيف تسعى إليه تلك الأجزاء المتفرقة بأذن الله , لتجتمع تلك الأطراف الممزقة وتتركب بين يديه كل جزء منها يذهب إلى الطير الذي أقتطع منه من غير نقص أو اختلاف , كأنها لم تذبح ولم تمت من قبل , فكذلك يحي الله الموتى يوم البعث الذين تفرقت أبدانهم وتمزقت في القبور وخارج القبور , يقول الله تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) العنكبوت (19) .
إن الله يتحدى جميع مخلوقاته من أنس وجن على صعيد واحد على أن يخلقوا شيء بسيط يشابه أي مخلوق من مخلوقاته أو يحيوا شيء ميتا زالت عنه الحياة , يقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) الحج (73) , أي أن كان الذي تدعونه من دون الله يستطيع أن يخلق شيئا ولو بمقدار ذبابة في حجمها فلهم أن يجتمعوا ويتعاونوا فيما بينهم لتحقيق ذلك , فإن عجزوا عن ذلك وسيعجزون , فالسؤال لماذا إذا تصرف العبادة لغير الله وهو الذي خلقكم من عدم , فالله يصفهم بالضعف والعجز وإن كان المطلوب منهم شيء ضعيفا مثلهم فكيف لو طلب منهم أن يخلقوا شمسا أو قمرا أو نجما أو سماء , ولكن الله سبحانه وتعالى سهل الطلب وجعله في ذبابة واحدة تقع على أنوفهم وليس أكثر من ذلك وترك الآيات العظيمة الباهرة فهم أعجز من أن يقبلوا التحدي , فتعالى الله الملك الحق وسبحان الله عما يصفون .
إن الذين ينصرفون إلى عبادة القبور والأضرحة ويطلبون من الموتى ما لا يستطيعه إلا الله فإنهم لا عقول لهم يفكرون بها وإنما هم يتخبطون تخبط الشيطان فقد أغضبوا ربهم وأضاعوا وجهتهم وضلوا الطريق إلى ربهم ومولاهم الحق , وسلكوا طريقا وعرا إلى جهنم , ولن يجدوا إلا الشيطان أمامهم ينتظرهم في النار ليخطب عليهم خطبته الشهيرة , يقول الله تعالى عن ذلك الموقف ( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) أبراهيم (22) .
إن الوضع في العالم الإسلامي لن يستقر ولن يعود الإسلام إلى قوة كما كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم حتى تزول بؤر الشرك ومعاقله في كل بلد , فلا بد من الناس من مكافحة وإزالة كل معلم من معالم الشرك كمثل الحسينيات التي يشرك بالله فيها ويصور فيها صور أل البيت وتعظم وتنزل بمنزلة الرب , وكذلك القبور التي تزار ويحج إليها , فعلى المجاهدين أن لا يكون جهادهم مقصورا على دفع الكفار والمشركين بل لا بد أن يتوازى معه إزالة كل بيوت الشرك حتى يتحقق التوحيد كاملا ويبقى الإسلام خالصا في المساجد النقية من الشرك ويعبد الله وحده , يقول الله تعالى ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ) الجن (18) , فإذا قام المؤمنين بتطهير بلادهم من براثن الشرك فإن النصر حليفهم لا محالة وجنود الله من الملائكة ستقاتل بين صفوفهم وتغشاهم السكينة والرحمة , أسئل الله أن يزيل عنا كل ما كدر على عبادتنا من دنس الشرك والبدع والخرافات .....والحمد لله رب العالمين .
منقول للفائده