سعود عقيل بن مظهر السحيمي
07-06-2012, 07:48 AM
70 عاماً في عزلته المريرة بعد رحيل رفاقه
البلوي .. وحيداً في صندقته يغالب ذكريات البحر
عبدالرحمن العرفي (ينبع)
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20120706/images/i40_th3.jpg (http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20120706/Images/i40.jpg)
وحيدا في خريف العمر، يتكئ عيد البلوي على صندقته متأملا حياته الماضية، أيام كان شابا في مقتبل العمر مفعما بالحياة والأمل عندما قدم أول مرة إلى ينبع. يتكئ البلوي على صندقته مستعيدا ذكريات الشقاء مع زملاء البحر من الصيادين الذين انتقل معظمهم إلى الضفة الأخرى فلم يتبق منهم سوى القليل.
تشع من عينيه الغائرتين نظرات ساهمة ممزوجة بالحزن وربما الأسى على رفاق الأمس متأملا مصائر الأنام وتقلبات الأيام.
نظراته العميقة تكاد تخترق حجب الفضاء، وقد خط الشيب جفنيه ولحيته المهيبة التي أطلقها للريح والمطر.
مرتديا فانيلة اختلط فيها عرقه بغبار الطقس المتقلب ورمال الشاطئ معتمرا طاقية من الصوف تقيه زمهرير الشتاء ولفح الهجير في الصيف اللاهب.
ويعود أصل الحكاية لأكثر من 70 عاما، عندما قدم إلى محافظة ينبع عدد من الصيادين من الوجه وتبوك وأملج، من بينهم شاب مفتول العضلات سريع الحركة يخدم مجموعته التي كانت تعيش على الصيد والبحر.
تبدلت الأيام وتعاقبت السنون وعاد الكثير من الصيادين إلى أسرهم والبعض الآخر انتقل للرفيق الأعلى، بينما عصفت الأيام بالصياد البلوي حتى أصبح وحيدا كمقطوع من شجرة، فقرر البقاء في الشاطئ حتى نشأت بينه وبين ذلك الصندوق الخشبي علاقة حميمة فأصبح كلاهما لا يستطيع ترك الآخر.
يعيش البلوي في صندقته الخشبية بجوار مرسى مركز الحنو بلا عائل إلا الله ثم موظفي المركز وأصحاب اللنشات.
«عكاظ» زارت البلوي في صندقته، حيث تتناثر أشياؤه الصغيرة والبسيطة (خزان بلاستيكي، بسكويت، ماء وزيتون)، وفانوس يتدلى من سقفها ليضيء له المكان، حيث لا أثر لتبريد أو تكييف أو أوان للطبخ، فقط هو يعيش على ما يجود به الخيرون.
العم عيد لم يسبق له الزواج، وليس له قريب سوى شخص يمت إليه بصلة القرابة (هو ابن عم له يكبره في العمر ويسكن الوجه).
قضى البلوي أكثر أوقاته على شاطىء البحر، حيث كان يملك لنشا يستخدمه في جلب الأسماك من البحر ويبيعها على التجار في شبابه، أما الآن فهو عاجز تماما عن مزاولة نشاطه السابق، وينتظر حضور من يتلمس حاجته من أهل الخير بعد أن تجاهلته الشؤون الاجتماعية وغابت عنه الجمعيات الخيرية.
وبينما لم ترد الشؤون الاجتماعية على اتصالات واستفسارات «عكاظ»، أبدى مدير المستودع الخيري في محافظة ينبع سلطان الشريف تعاطفه الشديد مع البلوي ووعد بدراسة الحالة وتقديم المساعدة التي توفر له العيش الكريم.
المصدر صحيفة عكاظ
البلوي .. وحيداً في صندقته يغالب ذكريات البحر
عبدالرحمن العرفي (ينبع)
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20120706/images/i40_th3.jpg (http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20120706/Images/i40.jpg)
وحيدا في خريف العمر، يتكئ عيد البلوي على صندقته متأملا حياته الماضية، أيام كان شابا في مقتبل العمر مفعما بالحياة والأمل عندما قدم أول مرة إلى ينبع. يتكئ البلوي على صندقته مستعيدا ذكريات الشقاء مع زملاء البحر من الصيادين الذين انتقل معظمهم إلى الضفة الأخرى فلم يتبق منهم سوى القليل.
تشع من عينيه الغائرتين نظرات ساهمة ممزوجة بالحزن وربما الأسى على رفاق الأمس متأملا مصائر الأنام وتقلبات الأيام.
نظراته العميقة تكاد تخترق حجب الفضاء، وقد خط الشيب جفنيه ولحيته المهيبة التي أطلقها للريح والمطر.
مرتديا فانيلة اختلط فيها عرقه بغبار الطقس المتقلب ورمال الشاطئ معتمرا طاقية من الصوف تقيه زمهرير الشتاء ولفح الهجير في الصيف اللاهب.
ويعود أصل الحكاية لأكثر من 70 عاما، عندما قدم إلى محافظة ينبع عدد من الصيادين من الوجه وتبوك وأملج، من بينهم شاب مفتول العضلات سريع الحركة يخدم مجموعته التي كانت تعيش على الصيد والبحر.
تبدلت الأيام وتعاقبت السنون وعاد الكثير من الصيادين إلى أسرهم والبعض الآخر انتقل للرفيق الأعلى، بينما عصفت الأيام بالصياد البلوي حتى أصبح وحيدا كمقطوع من شجرة، فقرر البقاء في الشاطئ حتى نشأت بينه وبين ذلك الصندوق الخشبي علاقة حميمة فأصبح كلاهما لا يستطيع ترك الآخر.
يعيش البلوي في صندقته الخشبية بجوار مرسى مركز الحنو بلا عائل إلا الله ثم موظفي المركز وأصحاب اللنشات.
«عكاظ» زارت البلوي في صندقته، حيث تتناثر أشياؤه الصغيرة والبسيطة (خزان بلاستيكي، بسكويت، ماء وزيتون)، وفانوس يتدلى من سقفها ليضيء له المكان، حيث لا أثر لتبريد أو تكييف أو أوان للطبخ، فقط هو يعيش على ما يجود به الخيرون.
العم عيد لم يسبق له الزواج، وليس له قريب سوى شخص يمت إليه بصلة القرابة (هو ابن عم له يكبره في العمر ويسكن الوجه).
قضى البلوي أكثر أوقاته على شاطىء البحر، حيث كان يملك لنشا يستخدمه في جلب الأسماك من البحر ويبيعها على التجار في شبابه، أما الآن فهو عاجز تماما عن مزاولة نشاطه السابق، وينتظر حضور من يتلمس حاجته من أهل الخير بعد أن تجاهلته الشؤون الاجتماعية وغابت عنه الجمعيات الخيرية.
وبينما لم ترد الشؤون الاجتماعية على اتصالات واستفسارات «عكاظ»، أبدى مدير المستودع الخيري في محافظة ينبع سلطان الشريف تعاطفه الشديد مع البلوي ووعد بدراسة الحالة وتقديم المساعدة التي توفر له العيش الكريم.
المصدر صحيفة عكاظ