حماد سعد السحيمي
08-11-2012, 05:44 AM
مواقف وقصص للمغفور له الشيخ زايد طيب ثراه ..
الموقف الأول: زايد الخير يتابع أمطار الخير من باكستان!
في عام 1988م سقطت أمطار غزيرة على الإمارات، وكان يسأل عن تفاصيلها من باكستان، وحدث أن انهمرت السيول وأغرقت العديد من القرى وخربت بعض الطرق، فتابع بنفسه عملية صيانة ما خربته الأمطار، وخصص لي مجموعة من آليات البلدية والقوات المسلحة وطائرتين مروحيتين لإنقاذ من علقوا بسبب السيول، ويومها أنقذنا عدداً كبيراً من الناس، وكان يحرص على سلامة الناس وتوفير ما يطلبونه وتعويضهم عما خسروه.
الموقف الثاني: سد الشويب!
أذكر أنه ـ رحمة الله عليه ـ قضى 15 يوماً يتابع بعض عمليات إنشاء سد الشويب، يذهب إلى المكان مع شروق الشمس ويستمر يتابع العمل حتى غروبها، يجلس فوق العراقيب لا مظلة ولا خيمة، يعطي توجيهاته ويتابع بنفسه كل صغيرة وكبيرة، حباً في العمل وتقديراً لقيمة المطر وحرصاً على ألا تكرر الأمطار فعلتها وتؤذي البشر.
الموقف الثالث: رحلات القنص..عطاء بلا حدود!
أنا أؤكد لك ان هناك الكثير الذي قدمه بنفسه ـ رحمة الله عليه ـ ولم تعلم به الجهات الرسمية التي كانت تتولى الإشراف على توزيع المنح التي تقدمها الدولة بأوامر منه رحمة الله عليه.. منها مثلا المنح التي كان يقدمها اثناء رحلات القنص التي كان يقوم بها.
وهذه لم يحدث ان تضمنتها تقارير الهلال الأحمر أو الجمعيات الخيرية التي كانت كما قلت لك تتولى عمليات توزيع المنح للمحتاجين، القنص كان بالنسبة للشيخ زايد ـ رحمة الله عليه ـ استمتاعاً بهواية، وعطاء بلا حدود، فكان أولاً كما قلت لك والداً للجميع وأقصد بهم من كانوا معه في رحلاته، فقد كان حريصاً على ان يوفر لهم كل وسائل الراحة وكل المستلزمات التي تكفل لهم رحلة استمتاع بالقنص، وكانت تلك الرحلات بالنسبة للقرى التي يحل الشيخ زايد ـ رحمة الله عليه ـ بالقرب منها سواء في باكستان والهند والجزائر والمغرب جوار خير، فكان يعطي كل من جاء يعرض مسألته.
بل كان أحيانا يأمر بتمهيد الطرق لتلك القرى إذا طلب منه أهلها ذلك أو لاحظ هو ان الطريق يحتاج إلى تعبيد، وبالمناسبة ـ كان رحمة الله عليه ـ دقيق الملاحظة، وكان يطلب من زواره ان يعرضوا عليه ما يحتاجونه ويسعد عندما يرى السرور والبهجة على وجوههم عندما يحقق طلباتهم، وكان ـ رحمة الله عليه ـ لا يخلد للراحة بعد عناء القنص إلا بعد ان يطمئن على كل من كان معه، ثم يتفقد أحوالهم صباحا..
الموقف الرابع: سوق الميناء بأبوظبي..
كان رحمة الله عليه يزور السوق ويشتري بعض الاغراض بنفسه، ويعطي البائع أضعاف ثمن ما اشتراه، ويسأل بو مطر: هل تتصور ان الشيخ زايد ـ رحمة الله عليه ـ كان ينقصه شيء حتى يشتريه من سوق الميناء؟، بالطبع لا، ولكنه كان حريصا على الترويج للسوق، وعلى تشجيع البائعين وتحريكا للسوق في الوقت نفسه.
الموقف الخامس: حادثة سير..
في عام 1982م، حيث كانت أولوية المرور في بعض الدورات المغلقة في أبوظبي للقادم من اليمين على عكس باقي الدوارات، وكان الشيخ زايد ـ رحمة الله عليه ـ يومها يقود سيارته بنفسه يتجول في شوارع أبوظبي يتفقد أعمال الإنشاءات وأحوال المواطنين، ولم تكن السيارة عليها العلم كما هو معتاد من قبل رؤساء الدول، ولم تكن أمام سيارته ولا خلفها أرتال سيارات الحراسة، بل كان ـ رحمة الله عليه ـ يتوقف في إشارات المرور كما يقتضي النظام المروري. وكثيراً ما كان سائقو السيارات يفاجأون بأن من يتوقف في الإشارة على يمينهم أو يسارهم هو رئيس الدولة، ونعود للحديث عن الحادثة ـ يواصل بو مطر حديثه ـ ووصل بسيارته لإحدى تلك الدورات المغلقة، ولم ينتبه رحمة الله عليه ليفاجأ بسيارة تاكسي يقودها سائق آسيوي تصطدم بسيارته صدمة قوية حتى أنه رحمة الله عليه أصيب في كتفه وسافر للعلاج في الخارج، المهم، انتبه بعدها ـ رحمة الله عليه ـ إلى أو أولوية المرور في ذلك الدوار كانت لسائق التاكسي، فعفا عنه، وأرضاه.
تصور أنت لو كانت تلك الحادثة في بلد آخر ومع رئيس آخر غير الشيخ زايد ـ رحمة الله عليه ـ، أعتقد أنها لم تكن لتحدث من الأساس لأنه لا يوجد رئيس دولة يسير في الطريق دون أن يتم إخلاؤه قبل مروره بساعات ولساعات طويلة بعد مروره، ثم تخيل أنت ما كان سيحدث للسائق لو كان في بلد آخر؟!!.. هذه هي عظمة زايد، وهذه العظمة مع التواضع ولين الجانب كانت من أسباب علو قدره وحب الناس له..
الموقف السادس: الله يرحمك يا زايد..
تخيل أننا في كثير من الجولات التي كان يقوم بها ـ رحمة الله عليه ـ كان يتوقف فجأة أمام رجل يبدو من ملامحه أنه غير مواطن.. وغير عربي.. وأنه عامل بناء بسيط أو مزارع في مزرعة.. يناديه ويسأله عن اسمه وأسرته ومعيشته.. وهل هو مرتاح في عمله أم لا؟.. وإذا كانت له مشكلة أمر بحلها.. ثم يعطيه مبلغاً من المال ويمضي مواصلاً جولته.. تخيل أنت رئيس دولة يقوم بهذا العمل الإنساني الجليل.. مع شخص بسيط لا نعرفه.. هذا الموقف النبيل تكرر لا أقول عشرات المرات.. بل مئات المرات سواء في المدن أو القرى وحتى في الوديان والصحراء.
الموقف السابع: مشكلة عجيبة.. وحل أعجب!
كان ـ رحمة الله عليه ـ يتجول يوماً بسيارته متفقداً كورنيش أبوظبي.. ولمح سيدة عربية تعرفت عليه فأخذت تحييه من بعيد.. وعندما اقترب منها سمعها تقول: إنها تتمنى أن تصافح الشيخ زايد.. فأمر السائق بالتوقف.. وناداها.. فهرولت للسلام عليه..
وبطبيعة الحال كان الموقف أكبر من تصورها واستيعابها.. فانعقد لسانها.. صافحته ـ رحمة الله عليه ـ وظلت ممسكة بيده دون أن تنطق بكلمة.. وبإنسانيته وعطفه أدرك ما كانت فيه.. فأخذ يخفف عنها ويبتسم لها ويسألها عن أحوالها وأسرتها.. لكنها ظلت شاخصة دون كلمة.. فسألها عن حاجتها.. قالت من بين دموعها: إن لها ستة عشر عاماً في الإمارات.. ولا تريد إلا سلامته.. سألها إن كانت في حاجة للمال فقالت: نحن أسرة ميسورة الحال وزوجي يعمل في إحدى شركات البترول..
وكنت أحلم بمصافحتك لأنك الزعيم العربي الوحيد الذي يمكن أن يقترب منه الناس ويصافحوه.. ولم أحلم بذلك في بلادي.. أنت الرئيس الذي أحبه المواطنون والمقيمون ولو سرت بدون أي حراسة لا تخاف على نفسك فقد أحبك الجميع.. استمر ـ رحمة الله عليه ـ يخفف عنها بابتسامته الحنون وعاد ليسألها: هل لك حاجة.. هل عندك مشكلة لنحلها لك؟.. قالت مندفعة: الآن بدأت مشكلتي.. فابتسم ـ رحمة الله عليه ـ قائلاً قبل أن يتعرف على مشكلتها: سنحلها لك بإذن الله..
ما هي مشكلتك؟ قالت: لن يصدق أهلي وأقاربي وصديقاتي أنني صافحت الشيخ زايد يداً بيد.. فضحك ـ رحمة الله عليه ـ وقال لها: نحن سنجعلهم يصدقون.. وأمرني بأخذ رقم هاتفها.. وفي المساء كنت أدق باب بيتها.. ومعي مبلغ من المال.. ومجموعة هدايا قيمة.. وساعة يد حريمي عليها صورته ـ رحمة الله عليه ـ.. وأبلغتها رسالة منه: الآن سيصدقون أنك صافحتي زايد يداً بيد.
الموقف الثامن: مبزرة..
كان ـ رحمة الله عليه ـ يتجول في منطقة المبزرة في العين.. وكان يوم خميس.. يعني منطقة المبزرة مليئة بالرواد.. فشعر ـ رحمة الله عليه ـ بسعادة الناس وفرحتهم وأنسهم بتلك المنطقة الجميلة التي تحولت إلى جنة خضراء توفرت فيها كل الخدمات وسبل إسعاد الناس وراحتهم بعد أن كانت منطقة جبلية موحشة..
ففرح بذلك وأمرني أن نقدم العشاء لكل من كان في المبزرة.. وأن تجول سيارات الشرطة بين الناس لتطلب منهم البقاء في أماكنهم لأن عشاءهم تلك الليلة على الشيوخ.. وانطلقنا إلى مطاعم العين ولم نترك فيها وجبة واحدة.. ووزعناها على الناس الذين كانوا في غاية السعادة ويدعون بأن يجعل الله له ذلك في ميزان حسناته.. وعندما عدنا ليلتها إلى القصر في أبوظبي سألني ليزداد اطمئنانا: هل عشيتم الناس وكم وجبة قدمتم؟.. قلت له: نعم قمنا بتنفيذ ما أمرتنا به على أكمل وجه وقدمنا ثلاثة آلاف وجبة ولم يتبق أحد لم يتناول من أكل الشيوخ.. فانفرجت أساريره وشعرت بسعادته ورضاه.
فيهما أيضاً، وقمت بتوزيعه فعلاً على كل من كن في الباصين من الطالبات ومدرساتهن، وبذلت مجهوداً كبيراً في التعرف على منازل الطالبات اللاتي كن في الباصين وذهبن إلى بيوتهن قبل مقابلته ـ رحمة الله عليه ـ وأعطيتهن نصيبهن، وزاد معي مبلغ من المال فأعدته له، سألني لماذا: قلت: لقد أعطيتني أمانة وأديتها كما أمرت وما تبقى لا بد أن يعود لصاحبه، فلم يكن راضياً. لأنه كان يريد توزيع كل المبلغ على الطالبات ولا يبقى منه شيء.
الموقف التاسع : قصة اليهودي في سويسرا..
كنا في سويسرا وعندما يكون الشيخ زايد في أي مكان كان يلقى كل ترحيب، وكان عدد كبير من العرب والمسلمين في الخارج يحرصون على السلام عليه، ومنهم من كانت له حاجة يعرضونها عليه في رسائل، وذات يوم جلس لاستعراض الرسائل والرد عليها، وكان يأمر بإعطاء كل صاحب حاجة حاجته، ولاحظ ـ رحمة الله عليه ـ أن الشخص الذي كان مكلفاً بعرض الرسائل قد أخفى إحداها في جيبه، واستمر يعرض الرسائل إلى أن انتهى منها.
فسأله الشيخ زايد: هل انتهينا؟ قال: نعم، فعاد الشيخ ليسأله عن الرسالة التي أخفاها في «مخباه»، فأجابه أنه أخفاها لأن صاحبها يهودي ويطلب مبلغاً من المال لغرض ما، فأمره أن يعطيه ضعف ما طلب، قائلاً له: إننا نتعامل مع الآخرين على أنهم بشر، وليس وفقاً لجنسياتهم أو دياناتهم، أعطه ما يريد ليعرف ذلك الشخص كيف يتعامل المسلمون مع غيرهم، أعطه، فربما يهديه الله بسببنا.
الموقف العاشــر: قصة عجيبة..
كان من عادته رحمة الله عليه أن يتناول طعام الغداء مع جميع أبنائه، ويجلس معهم مدة من الوقت، ثم يرخصهم ليمضي كل منهم لحال سبيله، أما في رمضان فكانوا يتجمعون عنده عقب الإفطار يجلسون لساعة أو ساعتين، وذات يوم، وبعد أن انصرف أبناء زايد والآخرون ولم يبق إلا خاصته، وحوالي منتصف الليل، دق جرس هاتفي عدة مرات ولم أرد عليه احتراماً للجلسة التي كنا فيها، ولما وصل الأمر إلى ما يقارب عشرة اتصالات من هاتف واحد أمرني رحمة الله عليه أن أرد على التليفون فربما كان هناك شيء مهم طالما أن صاحب الاتصال يلح عليه.
وعندما رددت جاءني من الجانب الآخر صوت سيدة عربية لا أعرفها، لكنها قالت لي: أنا تعبت وأنا أبحث عن رقم هاتفك، وأعلم أنك قريب من الشيخ زايد، وأنك توصل إليه حاجة الناس، إنني أستحلفك بالله أن تخبر الشيخ زايد عن حالتي، فزوجي مدين بمبلغ ستين ألف درهم، وهو في السجن، ولا أعرف كيف أدبر هذا المبلغ الكبير، وأنا وأولادي في ظروف في غاية السوء، أنا أريد الإفراج عن زوجي ونعدك بأننا لن نبقى في بلدكم، لا نريد البقاء بعد الإفراج عن زوجي.
وعندما انتهت المكالمة سألني الشيخ زايد رحمة الله عليه عنها فأخبرته بتفاصيلها، فاستاء ـ رحمة الله عليه ـ وأمرني بأن أبادر بتسديد ديون الرجل والإفراج عنه فوراً ـ ثم تساءل سعيد ـ أتدري لماذا استاء رحمة الله عليه؟ ـ وأجاب ـ لأن السيدة قالت: لا نريد البقاء في الإمارات، نريد العودة إلى بلادنا، فقط، أفرجوا عن زوجي، وبعد نصف ساعة كنت على باب بيتها أبلغها بأوامره رحمة الله عليه بالإفراج عن زوجها، وأعطيتها مبلغاً إضافياً من المال، وأمرني أن أبلغها بأن الشيخ زايد يريد أن تبقى في البلاد ولا ترحل عنها، وأن تبقى كأنها في وطنها.
الله يرحمه الله يرحمه ويدخله الجنه آمين يارب
(( منقول))
الموقف الأول: زايد الخير يتابع أمطار الخير من باكستان!
في عام 1988م سقطت أمطار غزيرة على الإمارات، وكان يسأل عن تفاصيلها من باكستان، وحدث أن انهمرت السيول وأغرقت العديد من القرى وخربت بعض الطرق، فتابع بنفسه عملية صيانة ما خربته الأمطار، وخصص لي مجموعة من آليات البلدية والقوات المسلحة وطائرتين مروحيتين لإنقاذ من علقوا بسبب السيول، ويومها أنقذنا عدداً كبيراً من الناس، وكان يحرص على سلامة الناس وتوفير ما يطلبونه وتعويضهم عما خسروه.
الموقف الثاني: سد الشويب!
أذكر أنه ـ رحمة الله عليه ـ قضى 15 يوماً يتابع بعض عمليات إنشاء سد الشويب، يذهب إلى المكان مع شروق الشمس ويستمر يتابع العمل حتى غروبها، يجلس فوق العراقيب لا مظلة ولا خيمة، يعطي توجيهاته ويتابع بنفسه كل صغيرة وكبيرة، حباً في العمل وتقديراً لقيمة المطر وحرصاً على ألا تكرر الأمطار فعلتها وتؤذي البشر.
الموقف الثالث: رحلات القنص..عطاء بلا حدود!
أنا أؤكد لك ان هناك الكثير الذي قدمه بنفسه ـ رحمة الله عليه ـ ولم تعلم به الجهات الرسمية التي كانت تتولى الإشراف على توزيع المنح التي تقدمها الدولة بأوامر منه رحمة الله عليه.. منها مثلا المنح التي كان يقدمها اثناء رحلات القنص التي كان يقوم بها.
وهذه لم يحدث ان تضمنتها تقارير الهلال الأحمر أو الجمعيات الخيرية التي كانت كما قلت لك تتولى عمليات توزيع المنح للمحتاجين، القنص كان بالنسبة للشيخ زايد ـ رحمة الله عليه ـ استمتاعاً بهواية، وعطاء بلا حدود، فكان أولاً كما قلت لك والداً للجميع وأقصد بهم من كانوا معه في رحلاته، فقد كان حريصاً على ان يوفر لهم كل وسائل الراحة وكل المستلزمات التي تكفل لهم رحلة استمتاع بالقنص، وكانت تلك الرحلات بالنسبة للقرى التي يحل الشيخ زايد ـ رحمة الله عليه ـ بالقرب منها سواء في باكستان والهند والجزائر والمغرب جوار خير، فكان يعطي كل من جاء يعرض مسألته.
بل كان أحيانا يأمر بتمهيد الطرق لتلك القرى إذا طلب منه أهلها ذلك أو لاحظ هو ان الطريق يحتاج إلى تعبيد، وبالمناسبة ـ كان رحمة الله عليه ـ دقيق الملاحظة، وكان يطلب من زواره ان يعرضوا عليه ما يحتاجونه ويسعد عندما يرى السرور والبهجة على وجوههم عندما يحقق طلباتهم، وكان ـ رحمة الله عليه ـ لا يخلد للراحة بعد عناء القنص إلا بعد ان يطمئن على كل من كان معه، ثم يتفقد أحوالهم صباحا..
الموقف الرابع: سوق الميناء بأبوظبي..
كان رحمة الله عليه يزور السوق ويشتري بعض الاغراض بنفسه، ويعطي البائع أضعاف ثمن ما اشتراه، ويسأل بو مطر: هل تتصور ان الشيخ زايد ـ رحمة الله عليه ـ كان ينقصه شيء حتى يشتريه من سوق الميناء؟، بالطبع لا، ولكنه كان حريصا على الترويج للسوق، وعلى تشجيع البائعين وتحريكا للسوق في الوقت نفسه.
الموقف الخامس: حادثة سير..
في عام 1982م، حيث كانت أولوية المرور في بعض الدورات المغلقة في أبوظبي للقادم من اليمين على عكس باقي الدوارات، وكان الشيخ زايد ـ رحمة الله عليه ـ يومها يقود سيارته بنفسه يتجول في شوارع أبوظبي يتفقد أعمال الإنشاءات وأحوال المواطنين، ولم تكن السيارة عليها العلم كما هو معتاد من قبل رؤساء الدول، ولم تكن أمام سيارته ولا خلفها أرتال سيارات الحراسة، بل كان ـ رحمة الله عليه ـ يتوقف في إشارات المرور كما يقتضي النظام المروري. وكثيراً ما كان سائقو السيارات يفاجأون بأن من يتوقف في الإشارة على يمينهم أو يسارهم هو رئيس الدولة، ونعود للحديث عن الحادثة ـ يواصل بو مطر حديثه ـ ووصل بسيارته لإحدى تلك الدورات المغلقة، ولم ينتبه رحمة الله عليه ليفاجأ بسيارة تاكسي يقودها سائق آسيوي تصطدم بسيارته صدمة قوية حتى أنه رحمة الله عليه أصيب في كتفه وسافر للعلاج في الخارج، المهم، انتبه بعدها ـ رحمة الله عليه ـ إلى أو أولوية المرور في ذلك الدوار كانت لسائق التاكسي، فعفا عنه، وأرضاه.
تصور أنت لو كانت تلك الحادثة في بلد آخر ومع رئيس آخر غير الشيخ زايد ـ رحمة الله عليه ـ، أعتقد أنها لم تكن لتحدث من الأساس لأنه لا يوجد رئيس دولة يسير في الطريق دون أن يتم إخلاؤه قبل مروره بساعات ولساعات طويلة بعد مروره، ثم تخيل أنت ما كان سيحدث للسائق لو كان في بلد آخر؟!!.. هذه هي عظمة زايد، وهذه العظمة مع التواضع ولين الجانب كانت من أسباب علو قدره وحب الناس له..
الموقف السادس: الله يرحمك يا زايد..
تخيل أننا في كثير من الجولات التي كان يقوم بها ـ رحمة الله عليه ـ كان يتوقف فجأة أمام رجل يبدو من ملامحه أنه غير مواطن.. وغير عربي.. وأنه عامل بناء بسيط أو مزارع في مزرعة.. يناديه ويسأله عن اسمه وأسرته ومعيشته.. وهل هو مرتاح في عمله أم لا؟.. وإذا كانت له مشكلة أمر بحلها.. ثم يعطيه مبلغاً من المال ويمضي مواصلاً جولته.. تخيل أنت رئيس دولة يقوم بهذا العمل الإنساني الجليل.. مع شخص بسيط لا نعرفه.. هذا الموقف النبيل تكرر لا أقول عشرات المرات.. بل مئات المرات سواء في المدن أو القرى وحتى في الوديان والصحراء.
الموقف السابع: مشكلة عجيبة.. وحل أعجب!
كان ـ رحمة الله عليه ـ يتجول يوماً بسيارته متفقداً كورنيش أبوظبي.. ولمح سيدة عربية تعرفت عليه فأخذت تحييه من بعيد.. وعندما اقترب منها سمعها تقول: إنها تتمنى أن تصافح الشيخ زايد.. فأمر السائق بالتوقف.. وناداها.. فهرولت للسلام عليه..
وبطبيعة الحال كان الموقف أكبر من تصورها واستيعابها.. فانعقد لسانها.. صافحته ـ رحمة الله عليه ـ وظلت ممسكة بيده دون أن تنطق بكلمة.. وبإنسانيته وعطفه أدرك ما كانت فيه.. فأخذ يخفف عنها ويبتسم لها ويسألها عن أحوالها وأسرتها.. لكنها ظلت شاخصة دون كلمة.. فسألها عن حاجتها.. قالت من بين دموعها: إن لها ستة عشر عاماً في الإمارات.. ولا تريد إلا سلامته.. سألها إن كانت في حاجة للمال فقالت: نحن أسرة ميسورة الحال وزوجي يعمل في إحدى شركات البترول..
وكنت أحلم بمصافحتك لأنك الزعيم العربي الوحيد الذي يمكن أن يقترب منه الناس ويصافحوه.. ولم أحلم بذلك في بلادي.. أنت الرئيس الذي أحبه المواطنون والمقيمون ولو سرت بدون أي حراسة لا تخاف على نفسك فقد أحبك الجميع.. استمر ـ رحمة الله عليه ـ يخفف عنها بابتسامته الحنون وعاد ليسألها: هل لك حاجة.. هل عندك مشكلة لنحلها لك؟.. قالت مندفعة: الآن بدأت مشكلتي.. فابتسم ـ رحمة الله عليه ـ قائلاً قبل أن يتعرف على مشكلتها: سنحلها لك بإذن الله..
ما هي مشكلتك؟ قالت: لن يصدق أهلي وأقاربي وصديقاتي أنني صافحت الشيخ زايد يداً بيد.. فضحك ـ رحمة الله عليه ـ وقال لها: نحن سنجعلهم يصدقون.. وأمرني بأخذ رقم هاتفها.. وفي المساء كنت أدق باب بيتها.. ومعي مبلغ من المال.. ومجموعة هدايا قيمة.. وساعة يد حريمي عليها صورته ـ رحمة الله عليه ـ.. وأبلغتها رسالة منه: الآن سيصدقون أنك صافحتي زايد يداً بيد.
الموقف الثامن: مبزرة..
كان ـ رحمة الله عليه ـ يتجول في منطقة المبزرة في العين.. وكان يوم خميس.. يعني منطقة المبزرة مليئة بالرواد.. فشعر ـ رحمة الله عليه ـ بسعادة الناس وفرحتهم وأنسهم بتلك المنطقة الجميلة التي تحولت إلى جنة خضراء توفرت فيها كل الخدمات وسبل إسعاد الناس وراحتهم بعد أن كانت منطقة جبلية موحشة..
ففرح بذلك وأمرني أن نقدم العشاء لكل من كان في المبزرة.. وأن تجول سيارات الشرطة بين الناس لتطلب منهم البقاء في أماكنهم لأن عشاءهم تلك الليلة على الشيوخ.. وانطلقنا إلى مطاعم العين ولم نترك فيها وجبة واحدة.. ووزعناها على الناس الذين كانوا في غاية السعادة ويدعون بأن يجعل الله له ذلك في ميزان حسناته.. وعندما عدنا ليلتها إلى القصر في أبوظبي سألني ليزداد اطمئنانا: هل عشيتم الناس وكم وجبة قدمتم؟.. قلت له: نعم قمنا بتنفيذ ما أمرتنا به على أكمل وجه وقدمنا ثلاثة آلاف وجبة ولم يتبق أحد لم يتناول من أكل الشيوخ.. فانفرجت أساريره وشعرت بسعادته ورضاه.
فيهما أيضاً، وقمت بتوزيعه فعلاً على كل من كن في الباصين من الطالبات ومدرساتهن، وبذلت مجهوداً كبيراً في التعرف على منازل الطالبات اللاتي كن في الباصين وذهبن إلى بيوتهن قبل مقابلته ـ رحمة الله عليه ـ وأعطيتهن نصيبهن، وزاد معي مبلغ من المال فأعدته له، سألني لماذا: قلت: لقد أعطيتني أمانة وأديتها كما أمرت وما تبقى لا بد أن يعود لصاحبه، فلم يكن راضياً. لأنه كان يريد توزيع كل المبلغ على الطالبات ولا يبقى منه شيء.
الموقف التاسع : قصة اليهودي في سويسرا..
كنا في سويسرا وعندما يكون الشيخ زايد في أي مكان كان يلقى كل ترحيب، وكان عدد كبير من العرب والمسلمين في الخارج يحرصون على السلام عليه، ومنهم من كانت له حاجة يعرضونها عليه في رسائل، وذات يوم جلس لاستعراض الرسائل والرد عليها، وكان يأمر بإعطاء كل صاحب حاجة حاجته، ولاحظ ـ رحمة الله عليه ـ أن الشخص الذي كان مكلفاً بعرض الرسائل قد أخفى إحداها في جيبه، واستمر يعرض الرسائل إلى أن انتهى منها.
فسأله الشيخ زايد: هل انتهينا؟ قال: نعم، فعاد الشيخ ليسأله عن الرسالة التي أخفاها في «مخباه»، فأجابه أنه أخفاها لأن صاحبها يهودي ويطلب مبلغاً من المال لغرض ما، فأمره أن يعطيه ضعف ما طلب، قائلاً له: إننا نتعامل مع الآخرين على أنهم بشر، وليس وفقاً لجنسياتهم أو دياناتهم، أعطه ما يريد ليعرف ذلك الشخص كيف يتعامل المسلمون مع غيرهم، أعطه، فربما يهديه الله بسببنا.
الموقف العاشــر: قصة عجيبة..
كان من عادته رحمة الله عليه أن يتناول طعام الغداء مع جميع أبنائه، ويجلس معهم مدة من الوقت، ثم يرخصهم ليمضي كل منهم لحال سبيله، أما في رمضان فكانوا يتجمعون عنده عقب الإفطار يجلسون لساعة أو ساعتين، وذات يوم، وبعد أن انصرف أبناء زايد والآخرون ولم يبق إلا خاصته، وحوالي منتصف الليل، دق جرس هاتفي عدة مرات ولم أرد عليه احتراماً للجلسة التي كنا فيها، ولما وصل الأمر إلى ما يقارب عشرة اتصالات من هاتف واحد أمرني رحمة الله عليه أن أرد على التليفون فربما كان هناك شيء مهم طالما أن صاحب الاتصال يلح عليه.
وعندما رددت جاءني من الجانب الآخر صوت سيدة عربية لا أعرفها، لكنها قالت لي: أنا تعبت وأنا أبحث عن رقم هاتفك، وأعلم أنك قريب من الشيخ زايد، وأنك توصل إليه حاجة الناس، إنني أستحلفك بالله أن تخبر الشيخ زايد عن حالتي، فزوجي مدين بمبلغ ستين ألف درهم، وهو في السجن، ولا أعرف كيف أدبر هذا المبلغ الكبير، وأنا وأولادي في ظروف في غاية السوء، أنا أريد الإفراج عن زوجي ونعدك بأننا لن نبقى في بلدكم، لا نريد البقاء بعد الإفراج عن زوجي.
وعندما انتهت المكالمة سألني الشيخ زايد رحمة الله عليه عنها فأخبرته بتفاصيلها، فاستاء ـ رحمة الله عليه ـ وأمرني بأن أبادر بتسديد ديون الرجل والإفراج عنه فوراً ـ ثم تساءل سعيد ـ أتدري لماذا استاء رحمة الله عليه؟ ـ وأجاب ـ لأن السيدة قالت: لا نريد البقاء في الإمارات، نريد العودة إلى بلادنا، فقط، أفرجوا عن زوجي، وبعد نصف ساعة كنت على باب بيتها أبلغها بأوامره رحمة الله عليه بالإفراج عن زوجها، وأعطيتها مبلغاً إضافياً من المال، وأمرني أن أبلغها بأن الشيخ زايد يريد أن تبقى في البلاد ولا ترحل عنها، وأن تبقى كأنها في وطنها.
الله يرحمه الله يرحمه ويدخله الجنه آمين يارب
(( منقول))