ماجد سليمان البلوي
01-16-2013, 01:04 AM
قصة حكمة جميلة بس دقيقة..؟؟
السلام عليكم
كنت أقف في دوري على شباك التذاكر لأشتري بطاقة سفر في الحافلة
إلى مدينة تبعد حوالي 330كم،
وكانت أمامي سيدة ستينية قد وصلت إلى شباك التذاكر
وطال حديثها مع الموظفة التي قالت لها في النهاية:
الناس ينتظرون، أرجوكِ تنحّي جانباً.
فابتعدت المرأة خطوة واحدةلتفسح لي المجال،
وقبل أن أشتري بطاقتي سألت الموظفة عن المشكلة،
فقالت لي بأن هذه المرأة معها ثمن بطاقة السفر
وليس معها يورو واحد قيمة بطاقة دخول المحطة،
وتريد أن تنتظر الحافلة خارج المحطة وهذاممنوع.
قلتُ لها: هذا يورو وأعطها البطاقة.
وتراجعتُ قليلاً وأعطيتُ السيدةمجالاً لتعود إلى دورها بعد أن نادتها الموظفة مجدداً.
اشترت السيدة بطاقتها ووقفت جانباً وكأنها تنتظرني،
فتوقعت أنها تريد أن تشكرني،
إلا أنها لم تفعل، بل انتظرتْ لتطمئن إلى أنني اشتريت بطاقتي وسأتوجه إلى ساحةالانطلاق،
فقالت لي بصيغةالأمر: احمل هذه... وأشارت إلى حقيبتها.
كان الأمر غريباً جداً بالنسبة لهؤلاء الناس الذين يتعاملون بلباقة ليس لهامثيل.
بدون تفكير حملت لها حقيبتها واتجهنا سوية إلى الحافلة،
ومن الطبيعي أن يكون مقعدي بجانبها لأنها كانت قبلي تماماً في الدور.
حاولت أن أجلس من جهة النافذة لأستمتع بمنظر تساقط الثلج الذي بدأ منذ ساعة.
وأقسم بأن يمحو جميع ألوان الطبيعة معلناً بصمته الشديد:
أنا الذي آتي لكم بالخير وأنا من يحق له السيادةالآن!
لكن السيدة منعتني وجلستْ هي من جهة النافذة دون أن تنطق بحرف،
فرحتُ أنظر أمامي ولا أعيرها اهتماماً، إلى أن التفتتْ إلي تنظر في وجهي وتحدق فيه،
وطالت التفاتتها دون أن تنطق ببنت شفة وأنا أنظر أمامي،
حتى إنني بدأت أتضايق من نظراتها التي لا أراها لكنني أشعر بها، فالتفتُ إليها.
عندها تبسمتْ قائلة: كنت أختبر مدى صبرك وتحملك.
-صبري على ماذا؟
- على قلة ذوقي. أعرفُ تماماً بماذا كنتَ تفكر.
- لاأظنك تعرفين، وليس مهماً أن تعرفي.
- حسناً، سأقول لك لاحقاً، لكن بالي مشغول كيف سأرد لك الدين.
- الأمر لا يستحق، لا تشغلي بالك.
- عندي حاجةسأبيعها الآن وسأرد لك اليورو، فهل تشتريها أم أعرضها على غيرك؟
- هل تريدين أن أشتريها قبل أن أعرف ما هي؟
- إنها حكمة. أعطني يورو واحداً لأعطيك الحكمة.
- وهل ستعيدين لي اليورو إن لم تعجبني الحكمة؟
- لا، فالكلام بعد أن تسمعه لاأستطيع استرجاعه،
ثم إن اليورو الواحد يلزمني لأنني أريد أن أرد به دَيني.
أخرجتُ اليورو من جيبي ووضعته في يديها وأنا أنظر إلى تضاريس وجهها.
لا زالت عيناها جميلتين تلمعان كبريق عيني شابة في مقتبل العمر،
وأنفها الدقيق مع عينيها يخبرون عن ذكاء ثعلبي.
مظهرها يدل على أنها سيدة متعلمة، لكنني لن أسألها عن شيء،
أنا على يقين أنها ستحدثني عن نفسها فرحلتنا لا زالت في بدايتها.
أغلقت أصابعها على هذه القطعةالنقدية التي فرحت بها.
كما يفرح الأطفال عندما نعطيهم بعض النقود..؟
وقالت: أنا الآن متقاعدة، كنت أعمل مدرّسة لمادة الفلسفة،
جئت من مدينتي لأرافق إحدى صديقاتي إلى المطار.
أنفقتُ كل ما كان معي وتركتُ ما يكفي لأعود إلى بيتي،
إلا أن سائق التكسي أحرجني وأخذ مني يورو واحد زيادة،
فقلت في نفسي سأنتظر الحافلة خارج المحطة،
ولم أكن أدر أنه ممنوع.
أحببتُ أن أشكرك بطريقة أخرى بعدما رأيت شهامتك،
حيث دفعت عني دون أن أطلب منك.
الموضوع ليس مادياً. ستقول لي بأن المبلغ بسيط،
سأقول لك أنت سارعت بفعل الخير ودونما تفكير.
قاطعتُ المرأة مبتسماً: أتوقع بأنك ستحكي لي قصة حياتك،
لكن أين البضاعة التي اشتريتُها منكِ؟ أين الحكمة؟
- "بَسْ دقيقة".
- سأنتظر دقيقة.
- لا، لا، لا تنتظر.. "بَسْ دقيقة"... هذه هي الحكمة.
- مافهمت شيئاً.
- لعلك تعتقد أنك تعرضتَ لعمليةاحتيال؟
- ربما.
- سأشرح لك: "بس دقيقة"، لا تنسَ هذه الكلمة.
في كل أمر تريد أن تتخذ فيه قراراً،
عندما تفكر به وعندما تصل إلى لحظة اتخاذ القرار ..
أعطِ نفسك دقيقة إضافية،ستين ثانية.؟
هل تعلم كم من المعلومات يستطيع دماغك أن يعالج خلال ستين ثانية؟
في هذه الدقيقة التي ستمنحها لنفسك قبل إصدار قرارك.
قد تتغير أمور كثيرة، ولكن بشرط.؟
- وما هو الشرط؟
- أن تتجرد عن نفسك، وتُفرغ في دماغك وفي قلبك جميع القيم الإنسانية.
والمثل الأخلاقية دفعة واحدة، وتعالجها معالجة موضوعية ودون تحيز،
فمثلاً: إن كنت قد قررت بأنك صاحب حق.
وأن الآخر قد ظلمك فخلال هذه الدقيقة وعندما تتجرد عن نفسك.
ربما تكتشف بأن الطرف الآخر لديه حق أيضاً،
أو جزء منه، وعندها قد تغير قرارك تجاهه.؟
إن كنت نويت أن تعاقب شخصاً ما فإنك خلال هذه الدقيقة.
بإمكانك أن تجد له عذراً فتخفف عنه العقوبة.
أو تمتنع عن معاقبته وتسامحه نهائياً.
دقيقة واحدة بإمكانها أن تجعلك تعدل عن اتخاذ خطوة مصيرية في حياتك.
لطالما اعتقدت أنها هي الخطوة السليمة، في حين أنها قد تكون كارثية.؟
دقيقة واحدة ربما تجعلك أكثر تمسكاً بإنسانيتك وأكثر بعداً عن هواك.؟
دقيقة واحدة قد تغير مجرى حياتك وحياة غيرك،
وإن كنت من المسؤولين فإنها قد تغير مجرى حياة قوم بأكملهم...
هل تعلم أن كل ما شرحته لك عن الدقيقة الواحدة لم يستغرق أكثر من دقيقة واحدة؟
- صحيح، وأنا قبلتُ برحابة صدر هذه الصفقة وحلال عليكِ اليورو.؟
- تفضل، أنا الآن أردُّ لك الدين وأعيد لك ما دفعته عني عند شباك التذاكر.
والآن أشكرك كل الشكر على ما فعلته لأجلي.
أعطتني اليورو. تبسمتُ في وجهها واستغرقت ابتسامتي أكثر من دقيقة،
لأنتبه إلى نفسي وهي تأخذ رأسي بيدها وتقبل جبيني قائلة :
هل تعلم أنه كان بالإمكان أن أنتظر ساعات دون حل لمشكلتي،
فالآخرون لم يكونوا ليدروا ماهي مشكلتي،
وأنا ما كنتُ لأستطيع أن أطلب يورو واحد من أحد..
- حسناً، وماذا ستبيعيني لو أعطيتك مئة يورو؟
- سأعتبره مهراً وسأقبل بك زوجاً.
علتْ ضحكتُنا في الحافلة وأناأُمثـِّلُ بأنني أريد النهوض ومغادرة مقعدي.
وهي تمسك بيدي قائلة:
اجلس، فزوجي متمسك بي وليس له مزاج أن يموت قريباً!
وأنا أقول لها: "بس دقيقة"، "بس دقيقة"...
لم أتوقع بأن الزمن سيمضي بسرعة.
كانت هذه الرحلة من أكثر رحلاتي سعادة،
حتى إنني شعرت بنوع من الحزن عندما غادرتْ الحافلة.
عندما وصلنا إلى مدينتها في منتصف الطريق تقريباً.
قبل ربع ساعة من وصولها حاولتْ أن تتصل من جوالها
بابنها كي يأتي إلى المحطة ليأخذها،
ثم التفتتْ إليّ قائلة : على مايبدو أنه ليس عندي رصيد.
فأعطيتها جوالي لتتصل.
المفاجأة أنني بعد مغادرتها للحافلة بربع ساعة تقريباً.
استلمتُ رسالتين على الجوال:
الأولى تفيد بأن هناك من دفع لي رصيداً بمبلغ يزيد عن 10يورو،
والثانية منها تقول فيها : كان عندي رصيد في هاتفي.
لكنني احتلتُ عليك لأعرف رقم هاتفك فأجزيكَ على حسن فعلتك.
إن شئت احتفظ برقمي، وإن زرت مدينتي فاعلم بأن لك فيها أمّاً ستستقبلك.
فرددتُ عليها برسالة قلت فيها:
عندما نظرتُ إلى عينيك خطر ببالي أنها عيون ثعلبية.
لكنني لم أتجرأ أن أقولها لك،
أتمنى أن تجمعنا الأيام ثانية،
أشكركِ على الحكمة واعلمي أنني سأبيعها بمبلغ أكبر بكثير..؟
..."بس دقيقة"...
حكمةأعرضها للبيع،
فمن يشتريها مني في زمن نهدر فيه الكثير الكثير من الساعات.؟
لنصدر أحكامًا تعسفية تؤدي بنا لتمزيق أواصر وروابط المحبة بيننا..؟
وبعد دقيقة احكموا على قصتي..؟
تحيات
ماجد البلوي
السلام عليكم
كنت أقف في دوري على شباك التذاكر لأشتري بطاقة سفر في الحافلة
إلى مدينة تبعد حوالي 330كم،
وكانت أمامي سيدة ستينية قد وصلت إلى شباك التذاكر
وطال حديثها مع الموظفة التي قالت لها في النهاية:
الناس ينتظرون، أرجوكِ تنحّي جانباً.
فابتعدت المرأة خطوة واحدةلتفسح لي المجال،
وقبل أن أشتري بطاقتي سألت الموظفة عن المشكلة،
فقالت لي بأن هذه المرأة معها ثمن بطاقة السفر
وليس معها يورو واحد قيمة بطاقة دخول المحطة،
وتريد أن تنتظر الحافلة خارج المحطة وهذاممنوع.
قلتُ لها: هذا يورو وأعطها البطاقة.
وتراجعتُ قليلاً وأعطيتُ السيدةمجالاً لتعود إلى دورها بعد أن نادتها الموظفة مجدداً.
اشترت السيدة بطاقتها ووقفت جانباً وكأنها تنتظرني،
فتوقعت أنها تريد أن تشكرني،
إلا أنها لم تفعل، بل انتظرتْ لتطمئن إلى أنني اشتريت بطاقتي وسأتوجه إلى ساحةالانطلاق،
فقالت لي بصيغةالأمر: احمل هذه... وأشارت إلى حقيبتها.
كان الأمر غريباً جداً بالنسبة لهؤلاء الناس الذين يتعاملون بلباقة ليس لهامثيل.
بدون تفكير حملت لها حقيبتها واتجهنا سوية إلى الحافلة،
ومن الطبيعي أن يكون مقعدي بجانبها لأنها كانت قبلي تماماً في الدور.
حاولت أن أجلس من جهة النافذة لأستمتع بمنظر تساقط الثلج الذي بدأ منذ ساعة.
وأقسم بأن يمحو جميع ألوان الطبيعة معلناً بصمته الشديد:
أنا الذي آتي لكم بالخير وأنا من يحق له السيادةالآن!
لكن السيدة منعتني وجلستْ هي من جهة النافذة دون أن تنطق بحرف،
فرحتُ أنظر أمامي ولا أعيرها اهتماماً، إلى أن التفتتْ إلي تنظر في وجهي وتحدق فيه،
وطالت التفاتتها دون أن تنطق ببنت شفة وأنا أنظر أمامي،
حتى إنني بدأت أتضايق من نظراتها التي لا أراها لكنني أشعر بها، فالتفتُ إليها.
عندها تبسمتْ قائلة: كنت أختبر مدى صبرك وتحملك.
-صبري على ماذا؟
- على قلة ذوقي. أعرفُ تماماً بماذا كنتَ تفكر.
- لاأظنك تعرفين، وليس مهماً أن تعرفي.
- حسناً، سأقول لك لاحقاً، لكن بالي مشغول كيف سأرد لك الدين.
- الأمر لا يستحق، لا تشغلي بالك.
- عندي حاجةسأبيعها الآن وسأرد لك اليورو، فهل تشتريها أم أعرضها على غيرك؟
- هل تريدين أن أشتريها قبل أن أعرف ما هي؟
- إنها حكمة. أعطني يورو واحداً لأعطيك الحكمة.
- وهل ستعيدين لي اليورو إن لم تعجبني الحكمة؟
- لا، فالكلام بعد أن تسمعه لاأستطيع استرجاعه،
ثم إن اليورو الواحد يلزمني لأنني أريد أن أرد به دَيني.
أخرجتُ اليورو من جيبي ووضعته في يديها وأنا أنظر إلى تضاريس وجهها.
لا زالت عيناها جميلتين تلمعان كبريق عيني شابة في مقتبل العمر،
وأنفها الدقيق مع عينيها يخبرون عن ذكاء ثعلبي.
مظهرها يدل على أنها سيدة متعلمة، لكنني لن أسألها عن شيء،
أنا على يقين أنها ستحدثني عن نفسها فرحلتنا لا زالت في بدايتها.
أغلقت أصابعها على هذه القطعةالنقدية التي فرحت بها.
كما يفرح الأطفال عندما نعطيهم بعض النقود..؟
وقالت: أنا الآن متقاعدة، كنت أعمل مدرّسة لمادة الفلسفة،
جئت من مدينتي لأرافق إحدى صديقاتي إلى المطار.
أنفقتُ كل ما كان معي وتركتُ ما يكفي لأعود إلى بيتي،
إلا أن سائق التكسي أحرجني وأخذ مني يورو واحد زيادة،
فقلت في نفسي سأنتظر الحافلة خارج المحطة،
ولم أكن أدر أنه ممنوع.
أحببتُ أن أشكرك بطريقة أخرى بعدما رأيت شهامتك،
حيث دفعت عني دون أن أطلب منك.
الموضوع ليس مادياً. ستقول لي بأن المبلغ بسيط،
سأقول لك أنت سارعت بفعل الخير ودونما تفكير.
قاطعتُ المرأة مبتسماً: أتوقع بأنك ستحكي لي قصة حياتك،
لكن أين البضاعة التي اشتريتُها منكِ؟ أين الحكمة؟
- "بَسْ دقيقة".
- سأنتظر دقيقة.
- لا، لا، لا تنتظر.. "بَسْ دقيقة"... هذه هي الحكمة.
- مافهمت شيئاً.
- لعلك تعتقد أنك تعرضتَ لعمليةاحتيال؟
- ربما.
- سأشرح لك: "بس دقيقة"، لا تنسَ هذه الكلمة.
في كل أمر تريد أن تتخذ فيه قراراً،
عندما تفكر به وعندما تصل إلى لحظة اتخاذ القرار ..
أعطِ نفسك دقيقة إضافية،ستين ثانية.؟
هل تعلم كم من المعلومات يستطيع دماغك أن يعالج خلال ستين ثانية؟
في هذه الدقيقة التي ستمنحها لنفسك قبل إصدار قرارك.
قد تتغير أمور كثيرة، ولكن بشرط.؟
- وما هو الشرط؟
- أن تتجرد عن نفسك، وتُفرغ في دماغك وفي قلبك جميع القيم الإنسانية.
والمثل الأخلاقية دفعة واحدة، وتعالجها معالجة موضوعية ودون تحيز،
فمثلاً: إن كنت قد قررت بأنك صاحب حق.
وأن الآخر قد ظلمك فخلال هذه الدقيقة وعندما تتجرد عن نفسك.
ربما تكتشف بأن الطرف الآخر لديه حق أيضاً،
أو جزء منه، وعندها قد تغير قرارك تجاهه.؟
إن كنت نويت أن تعاقب شخصاً ما فإنك خلال هذه الدقيقة.
بإمكانك أن تجد له عذراً فتخفف عنه العقوبة.
أو تمتنع عن معاقبته وتسامحه نهائياً.
دقيقة واحدة بإمكانها أن تجعلك تعدل عن اتخاذ خطوة مصيرية في حياتك.
لطالما اعتقدت أنها هي الخطوة السليمة، في حين أنها قد تكون كارثية.؟
دقيقة واحدة ربما تجعلك أكثر تمسكاً بإنسانيتك وأكثر بعداً عن هواك.؟
دقيقة واحدة قد تغير مجرى حياتك وحياة غيرك،
وإن كنت من المسؤولين فإنها قد تغير مجرى حياة قوم بأكملهم...
هل تعلم أن كل ما شرحته لك عن الدقيقة الواحدة لم يستغرق أكثر من دقيقة واحدة؟
- صحيح، وأنا قبلتُ برحابة صدر هذه الصفقة وحلال عليكِ اليورو.؟
- تفضل، أنا الآن أردُّ لك الدين وأعيد لك ما دفعته عني عند شباك التذاكر.
والآن أشكرك كل الشكر على ما فعلته لأجلي.
أعطتني اليورو. تبسمتُ في وجهها واستغرقت ابتسامتي أكثر من دقيقة،
لأنتبه إلى نفسي وهي تأخذ رأسي بيدها وتقبل جبيني قائلة :
هل تعلم أنه كان بالإمكان أن أنتظر ساعات دون حل لمشكلتي،
فالآخرون لم يكونوا ليدروا ماهي مشكلتي،
وأنا ما كنتُ لأستطيع أن أطلب يورو واحد من أحد..
- حسناً، وماذا ستبيعيني لو أعطيتك مئة يورو؟
- سأعتبره مهراً وسأقبل بك زوجاً.
علتْ ضحكتُنا في الحافلة وأناأُمثـِّلُ بأنني أريد النهوض ومغادرة مقعدي.
وهي تمسك بيدي قائلة:
اجلس، فزوجي متمسك بي وليس له مزاج أن يموت قريباً!
وأنا أقول لها: "بس دقيقة"، "بس دقيقة"...
لم أتوقع بأن الزمن سيمضي بسرعة.
كانت هذه الرحلة من أكثر رحلاتي سعادة،
حتى إنني شعرت بنوع من الحزن عندما غادرتْ الحافلة.
عندما وصلنا إلى مدينتها في منتصف الطريق تقريباً.
قبل ربع ساعة من وصولها حاولتْ أن تتصل من جوالها
بابنها كي يأتي إلى المحطة ليأخذها،
ثم التفتتْ إليّ قائلة : على مايبدو أنه ليس عندي رصيد.
فأعطيتها جوالي لتتصل.
المفاجأة أنني بعد مغادرتها للحافلة بربع ساعة تقريباً.
استلمتُ رسالتين على الجوال:
الأولى تفيد بأن هناك من دفع لي رصيداً بمبلغ يزيد عن 10يورو،
والثانية منها تقول فيها : كان عندي رصيد في هاتفي.
لكنني احتلتُ عليك لأعرف رقم هاتفك فأجزيكَ على حسن فعلتك.
إن شئت احتفظ برقمي، وإن زرت مدينتي فاعلم بأن لك فيها أمّاً ستستقبلك.
فرددتُ عليها برسالة قلت فيها:
عندما نظرتُ إلى عينيك خطر ببالي أنها عيون ثعلبية.
لكنني لم أتجرأ أن أقولها لك،
أتمنى أن تجمعنا الأيام ثانية،
أشكركِ على الحكمة واعلمي أنني سأبيعها بمبلغ أكبر بكثير..؟
..."بس دقيقة"...
حكمةأعرضها للبيع،
فمن يشتريها مني في زمن نهدر فيه الكثير الكثير من الساعات.؟
لنصدر أحكامًا تعسفية تؤدي بنا لتمزيق أواصر وروابط المحبة بيننا..؟
وبعد دقيقة احكموا على قصتي..؟
تحيات
ماجد البلوي