ماجد سليمان البلوي
01-20-2013, 12:55 AM
أشهر شبكة للتجسس شبكة توماس المصري عام 1954م..؟؟
محدودة جداً. . شبكات الجاسوسية الإسرائيلية في مصر، قياساً بعدد الجواسيس الذين يعملون بمفردهم. وأشهر هذه الشبكات التي نعرفها ولاقت شهرة واسعة.. شبكة التخريب التي تكونت من يهود مصر وفجرت "فضيحة لافون" عام 1954 فأحدثت أزمة طاحنة في إسرائيل حينذاك.
أما شبكة توماس – التي لم تأخذ ولو قدراً ضئيلاً من الشهرة – فتعد من أكبر الشبكات التي ضُبطت، وحجّمت كثيراً من شأن الموساد، وألقت الضوء مبهراً براعة المخابرات المصرية.
وخطورة هذه الشبكة تكمن في تنوع أنشطتها وأهدافها، وكثرة عدد أعضائها من المصريين والأجانب، وكثافة المعلومات الحيوية التي نقلتها لإسرائيل، وأيضاً. . عمرها القصير جداً الذي يقابله انتشار شرس محموم في أكثر من دولة.
إنها بحق . . أشهر شبكات الجاسوسية التي سقطت في مصر .. ولا يعرفها أحد. . !!
الصياد والفريسة
في فبراير عام 1958 دخلت سوريا مع مصر في اتحاد اندماجي، وعرفت الدولتان باسم "الجمهورية العربية المتحدة" وكانت سوريا هي الاقليم الشمالي، ومصر هي الاقليم الجنوبي. ورأت إسرائيل في هذا الاتحاد خطراً عظيماً يتهدد أمنها في الشمال والجنوب ومن الشرق أيضاً.
وحوصرت الدولة اليهودية بالجيوش العربية، ولم يتبق لها سوى البحر الأبيض المتوسط – المنفذ الوحيد الآمن، فحصنته بالسفن وبالمدمرات، وزرعت غواصاتها بطول الساحل خوفاً من حصار هذه الجبهة بالقوات البحرية العربية، وأصبحت إسرائيل تعيش في حالة طوارئ دائماً لا تدري من أية جهة تأتيها الضربة الفجائية القاضية.
لذلك حرص ساستها – بواسطة أجهزة المخابرات – عرقلة نمو هذا التطويق العربي من الشمال والجنوب، ولعبت كل الأوتار لإفشاله والقضاء عليه. ولم يكن بمستطاعها وقف الزحف العربي لإنقاذ فلسطين المغتصبة، سوى باللجوء الى كل الحيل القذرة والتصرفات الوحشية لإرهاب العرب، وبث الدعايات المسمومة لإخافتهم، وتصوير الجندي الاسرائيلي والعسكرية الاسرائيلية كأسطورة في الأداء والمهارة والقوة.
لذا فقد عمدت الى ترسيخ هذا الاعتقاد لدى العرب بمحو ما يقرب من "293" قرية فلسطينية وإزالتها من فوق الأرض والخريطة، وارتكاب أبشع المذابح في التاريخ دموية وبربرية ضد العرب العزل في فلسطين. هذا بجانب التكثيف الإعلامي والنشاط الدبلوماسي للحد من يقظة روح الجهاد، التي جاهدت قوى الاستعمار إسكاتها بالضغط العرب وسد أفواههم.. ومنع السلاح عنهم وإغراقهم في مشاكل داخلية معقدة . . كالجهل والتخلف والفقر والمرض. . وإثارة الثورات الداخلية طمعاً في شهوة الوصول الى الحكم.
كل ذلك أدى الى إضعاف الجيوش العربية في حين كانت إسرائيل تتشكل وتقوى، وتغدق عليها الدول الاستعمارية الكبرى الأسلحة المتطورة الحديثة التي صنعت إسرائيل، وزراعتها في قلب المنطقة العربية لتقسمها الى نصفين – أفريقي وآسيوي – لا أمل في التقائهما إلا بفناء إسرائيل.
من هنا كان الرعب الأكبر لإسرائيل حينما قامت الوحدة في فبراير 1958 بين الشطرين المنفصلين في الشمال والجنوب، وربطهما اتحاد اندماجي وحكومة واحدة رأسها الزعيم جمال عبد الناصر، خاصة بعدما فشل زعماء اتفاق "سيفر" بفرنسا في العدوان الثلاثي الغاشم مصر في أكتوبر 1956، والذي انتهى بخيبة أمل انجلترا وفرنسا وإسرائيل، وانسحابهم يملأهم الخزي والعار.
لذلك كان إسرائيل أن تراقب اتحاد الشطرين، بل وتسعى الى معرفة أدق الأسرار عنهما. . لكي تحتاط الى نفسها من مغبة تقويضها واجتياح الأرض السليبة فجأة.
وكانت أن أرسلت الى مصر وسوريا بأمهر صائدي الجواسيس . . للبحث عن خونة يمدونها بالمعلومات وبالوثائق السرية، فجندت مصرياً خائناً من أصل أرمني اسمه
"جان ليون توماس"
استطاع تكوني شبكة تجسس خطيرة في مصر، وأرسلت الى سوريا
– إيلياهو كوهين –
داهية الجواسيس الإطلاق، وأسطورة الموساد الذي ظل جسده معلقاً في المشنقة لأربعة أيام في دمشق. والأرمن . .جالية أقلية استوطنت مصر هرباً من الاضطهاد والتنكيل الذي تعرض له الشعب الأرمني . . وتعدادهم بالآلاف في مصر .. امتزجوا بنسيجها الاجتماعي وتزاوجوا فيما بينهم في البداية. . ثم اختلطت دماؤهم بالمصريين في مصاهرة طبيعية تؤكد هذا الامتزاج والاستقرار، واحتفظوا فيما بينهم بعاداتهم وتقاليدهم وبلغتهم الأصلية.
وتشير بعض المصادر أن تعدادهم في مصر يصل الى مائة ألف أرمني، يتمتعون بالية المصرية وبكامل الحقوق، وسمحت لهم السلطات بإصدار صحيفة باللغة الأرمينية، تدعم ترابطهم وتذكرهم بجذورهم.
اشتهر عن الأرمن أنهم أناس درجوا العمل والكفاح والاشتغال بالتجارة، لذلك.. فأمورهم الحياتية والمادية ممتازة.. خاصة بعدما هيأ لهم المناخ المستقر في مصر فرص الانطلاق والنجاح.
وكان "جان ليون توماس" أحد ابناء هذه الجالية، وقد عمل بالتجارة والاستيراد والتصدير، واستطاع بعد عدة سنوات أن يجمع ثروة طائلة تؤمن له مستقبلاً رائعاً. . تدفعه إليه زوجته الألمانية "كيتي دورث" فتغلغل داخل أوساط المجتمع الراقي يزهو بثمرة كده واجتهاده. ولظروف عمله وقرابته تعددت سفرياته الى ألمانيا الغربية لإنجاز أعماله.
هناك . . اقترب منه أحد صائدي الجواسيس المهرة، واشتم فيه رائحة ما غالباً هي نقطة ضعف من خلالها يستطيع الالتفاف حوله. . وتجنيده، لا سيما بعد تأكده من أن له علاقات واسعة في مصر.
ولم تخب حاسة الشم لدى ضابط المخابرات الاسرائيلي الذي يتستر وراء شخصية رجل أعمال. إذ اكتشف هواية خاصة جداً عن توماس. . وهي عشقه لل مع الأطفال الصغار. ففي غمرة مشاغله وأعماله، سرعان ما ينقلب الى ذئب شره يبحث عن فريسة تشبع نهم شذوذه.
كان توماس بالفعل يعاني من هذا الداء، ويصاب أحياناً بتوترات عصبية وتقلبات مواجية حادة، تظهر عادة في صورة ثورة زوجته الجميلة. . التي لم تكن تدرك السبب الحقيقي في هروب الخادمات صغيرات السن من بيتها، ولا يعدن إليه مرة ثانية؟ وفشلت كثيراً في الوصول الى إجابة منطقية لذلك.
بياتريشيا اللذيذة
ولكي يزجوا به داخل دائرة الجاسوسية من أوسع الأبواب. . قذفوا اليه بطفلة يهودية يتيمة في العاشرة من عمرها، طرقت باب شقته في فرانكفورت، ولأنهم زرعوا الكاميرات والأجهزة السرية بها واتخذوا من الشقة المجاورة مكمناً لتسجيل ما سيحدث .. أذهلتهم أغرب مطاردة بين جدران الشقة الصغيرة، بين توماس الذئب الجائع. . والطفلة الضعيفة التي كانت تبكي متوسلة إليه، فيتوسل هو إليها ألا تتركه يعاني أكثر من ذلك.
كان عارياً تماماً، يتصبب منه العرق الغزير وترتجف خلجات وجهه، وبدا في قمة ضعفه عندما هجم الطفلة، وصفعها في..؟؟ فانخرست من الخوف، وشرع في الحال في تجريدها من ملابسها حتى تعرت تماماً، وبدا واضحاً ارتجاف أطرافها واضطراب أنفاسها اللاهثة، فتحرر بسرعة من ملابسه كأنه لا يصدق أن فريسة بين يديه، واحتضنها في لهفة الجائع وهو يأمرها ألا تصده، أو تعترض ما يفعله بها.
وفوجئ بهم من حوله، انتزعوا الطفلة من بين يديه فانزوت ترتجف.. بينما أخذ يرجوهم ألا يصحبوه عارياً للشرطة. وأطلعوه ما لديهم من أدلة شذوذه، فانهار.. ووقع في لمح البصر عقد يقر فيه بتعاونه مع الموساد، وأنه استعداد تام لتنفيذ ما يكلف به.
هذه هي الموساد .. تتبع أقذر الحيل للسيطرة عملائها وإخضاعهم، وهذا ليس بأمر جديد المخابرات الاسرائيلية، فلا شيء يهم طالما ستحقق مآربها وتجند ضعاف النفوس في كل زمان ومكان.
في قمة مذلته وشذوذه لم تكن لديه القدرة أن يفكر أو يقرر، إذ أن إرادته قد شلت . . وانقلب الى شخص آخر بلا عقل. . فقد خلفته المحنة وأزهقته الصدمة، وبسهولة شديدة استسلم لضباط الموساد يتحكمون بأعصابه.. وابتدأوا في تدريبه وإحكام سيطرتهم عليه، وكتب في عدة صفحات بيده كل ما لديه من معلومات اقتصادية يعرفها بحكم عمله وعلاقاته، وأحاطوه بدائرة الخوف فلم يستطع الإفلات، وهددوا بقتل أفراد أسرته إذا ما عاد الى مصر وأبلغ السلطات. . فقد كان من السهل إقناعه بوجود عملاء لهم في القاهرة ينتظرون إشارة منهم ليقوموا باللازم مع عائلته هناك.
وتأكيداً لذلك. . أرسلوا باقة زهور الى منزله بمناسبة عيد ميلاد ابنته. . وكم كان فزعه شديداً عندما اتصل بالقاهرة فتشكره ابنته باقة الزهور التي أرسلها.. وأصيب رجل الأعمال المذعور بصدمة عنيفة، وصرخ في هلع مؤكداً بأنه سيقوم بالعمل لصالحهم. . وتركوه يسافر ملتاعاً ومرعوباً يحمل تكليفات محددة وأسئلة مطلوب إجاباتها، وكانوا يقين أنه سقط في شباكهم ولن يمكنه الإفلات أبداً.
وفي الطائرة استغرقه تفكير عميق فيما صار إليه حاله، وهل يستطيع النجاة من هذا المأزق أم لا؟ واتصل فور وصوله بصديقه محمد أحمد حسن الذي يشغل منصباً حساساً في مدرسة المدفعية بالقاهرة، وسأله عدة أسئلة تتصل بعمل جهاز المخابرات المصري. وهل بالإمكان حماية شخص ما تورط مع المخابرات الاسرائيلية؟ وكانت إجابات محمد حسن إجابات قاطعة، تؤكد ان المخابرات المصرية من أنشط أجهزة المخابرات في العالم بعد استحداثها وتدريب كوادرها بأقسامها المختلفة، وحسبما يقال فهي تحمي المتورطين إذا ما تقدم بالإبلاغ عما وقع لهم بالخارج.
لكن توماس لم يثق بكلامه، وظن انها دعاية يروجها لا أكثر.. فتملكه الخوف من الانسياق وراء دعاية لن تفيد، وحرص المضي في طريق الخيانة حتى آخره. بينما انشغل صديقه بالهدايا الثمينة التي جلبها له ولم يسأله عن تفاصيل الأمر. أو عن ذلك الشخص المتورط مع الموساد.
لم يضيع توماس وقته في إثارة أعصابه بالتفكير والقلق.. وشرع كما دربوه في دراسة أحوال المحيطين به ليستكشف نقاط ضعف تمكنه من النفاذ اليهم، وكان أول من نصب شباكه حوله – محمد أحمد حسين – الذي كان يدرك جيداً أن المخابرات المصرية أضافت اختصاصات وتكنولوجيا حديثة تمكنها من تعقب الجواسيس والخونة.
تناسى الرجل العسكري كل ذلك وعاش في وهم ابتدعه. ولم يعد يفكر سوى في نفسه فقط. . وقد طغت هدايا صديقه أنسجة عقله. كان ذلك في شهر أكتوبر عام 1958 عندما نام ضميره نوم الموات بلا أدنى حياة أو رعشة من شعور. . وأسلم مصيره بل حياته كلها لمغامرة طائشة قادته الى الهلاك.
وكانت "بياتريشيا" خطوة أولى في سلم الموت الذي لا مهرب منه ولا منجي الإطلاق. . وبياتريشيا هذه راقصة ألمانية مقيمة بالقاهرة. . تربطها بتوماس علاقة قديمة قبل زواجه من كيتي، وفي حين انشغل عنها بعمله اضطر لتجديد علاقته بها بمجرد عودته، لتساعده في تجنيد محمد حسن الذي كان يعرف عنه ميله الشديد للخمر والنساء.
فرحت الراقصة المثيرة بعودة توماس اليها وتقابلت الأغراض والنوايا. . وبعد سهرة ممتعة بأحد النوادي الليلية. . ارتسمت بخيالات محمد حسن صور متعددة لعلاقته ببياتريشيا، أراد ترجمتها الى واقع فعلي لكن راتبه الضئيل لم يكن ليكفي للإنفاق بيته. . و راقصة مثيرة تجتذب من حولها هواة صيد الحسناوات. وتكررت السهرات الرائعة، التي أصبحت تشكل شبه عادة لديه لم يكن من السهل تبديلها أو الاستغناء عنها، وأغرقته الراقصة في عشقها فازداد اندفاعاً تجاهها، ولم يوقفه سوى ضيق ذات اليد.
عند ذلك لم يكن أمامه سوى الالتجاء الى توماس ليستدين منه، وتضخم الدين حتى توترت حياة محمد حسن. . وانتهزها توماس فرصة سانحة لاستغلاله والضغط عليه فرضخ له في النهاية وسقط مخموراً في مصيدة الجاسوسية. . مستسلماً بكامل رغبته مقابل راتب شهري – خمسين جنيهاً – خصصه له توماس لينفق الفاتنة التي أغوته وأسكرته حتى الثمالة.
في المقابل لم يبخل محمد حسن بالمعلومات الحيوية عن مدرسة المدفعية. . كأعداد الطلاب بها وأسماء المدربين والخطة الاستراتيجية للتدريب.. كل ذلك من أجل عيون الفاتنة الحسناء العميلة.
فيالها من سقطة .. ويالها من مأساة وخيبة !!
وفي الوقت الذي نشط فيه توماس كجاسوس يقوم بمهمته، تراءت له فكرة تجنيد عملاء آخرين تتنوع من خلالهم المعلومات التي يسعى للوصول اليها. فكان أن نصب شباكه حول مصور أرمني محترف اسمه جريس يعقوب تانيليان – 43 عاماً ، واستطاع أن يسيطر عليه هو الآخر بواسطة إحدى الساقطات وتدعى – كاميليا بازيان – أوهمته كذباً بفحولة لا يتمتع بها سواه.
ولأنه كان ضعيفاً ياً. . رأى رجولة وهمية بين أحضانها، فهي المرأة الوحيدة التي "أنعشت" رجولته، وبالتالي فقد كان لزاماً عليه إسباغ رجولة أخرى حولها، وهي الإنفاق عليها بسخاء.
وفي غضون عدة أشهر استنزفته كاميليا مادياً. . فاتبع مسلك محمد حسن باللجوء الى توماس ليقرضه مالاً، فجنده في لحظات ضعفه وحاجته.
ولما اتسع نشاطه.. استأجر توماس شقة بمنطقة روكسي باسم محمد حسن كانت تزهر بأنواع فاخرة من الخمور، وتقام فيها الحفلات الماجنة التي تدعى اليها شخصيات عامة، تتناثر منها المعلومات كلما لعبت الخمر بالرؤوس فتمايلت صدور الحسان وتمرغت بين أحضانها. وفي إحدى حجرات الشقة أقام جريس تانيليان معملاً مصغراً لتحميض الأفلام وإظهار الصور والخرائط، حيث كان يجلبها محمد حسن من مقر عمله ويعيدها ثانية الى مكانها.
وذات مرة . . عرض توماس محمد حسن فكرة السفر الى السويس بالسيارة. . ثم الى بورسعيد لتصوير المواقع العسكرية والتعرف عليها من خلال شروحه. . ووافق الأخير ورافقتهما كيتي التي اطلعت سر مهنة زوجها وشاركته عمله. وكان محمد حسن دليلاً لهما يشرح الواقع أماكن الوحدات العسكرية.. فيقوم توماس بتصويرها من النافذة وتسجيلها خريطة معه بينما تقود كيتي السيارة.
المشهد العجيب
وعندما تعثرت أحوال "جورج شفيق دهاقيان" – 45 عاماً – تاجر الملابس، تدخل صديقه توماس بطريقته الخاصة لإنقاذه، وكان المقابل تجنيده للعمل معه في شبكة الجاسوسية.
لم يعترض جورج كثيراً في البداية.. فهو يعلم أنه لا يملك معلومات حيوية هامة تساوي مئات الجنيهات التي أخذها من توماس مقابل إيصالات ورهونات. وقد كان توماس الخائن ينظر الى بعيد. . الى ضابط كبير يقيم أ شقة جورج وتربطهما علاقات وطيدة، وكان له دور فعال فيما بعد.
ولأن
"بوليدور باب زوغلو"
تاجر طموح يحلم بامتلاك محل كبير للمجوهرات بوسط القاهرة .. عرض الفكرة توماس فأبدى موافقته وشجعه المضي لتحقيق حلمه، والحلم تلزمه مبالغ كبيرة، والخمر تلتهم حصيلة مكسبه أولاً بأول الى جانب السهرات الماجنة التي تستنزف الكثير من رأسماله. عند ذلك لم يجد توماس صعوبة تذكر في اصطياده أيضاً بعدما رسم له خطوط الحلم المرجو.
لقد رأى بوليدور أن لا شيء يجب أن يعوق تنفيذ حلمه الكبير .. حتى ولو كانت الخيانة هي الثمن.
هكذا مضى توماس يصطاد ضعاف النفوس. . فيمدهم بالمال ويغرقهم في الخمر وال ويحصل مبتغاه من خلالهم.. وانتعشت بذلك شبكة توماس في جمع المعلومات، لا يوقفها خوف من السقوط أو من حبل المشنقة. فالمخابرات الاسرائيلية كانت تؤكد له في كل مرة يزور فيها ألمانيا أن المخابرات المصرية خاملة ضعيفة. نشأت منذ سنوات قليلة ولم تنضج بعد، ومهما أوتيت من علم ومقدرة فمن المستحيل كشفه.
هذا الاعتقاد سيطر عليه فأظهر وفاءه لإسرائيل وكراهيته للعرب ولكل ما هو عربي. وكلما استدعوه الى ألمانيا كانوا يعدون له وليمة يعشقها من الفتيات الصغيرات أو الغلمان. ولم يعد يهمهم تصويره في أوضاعه الشاذة مع الصغار بعد ذلك. . فلقد سقط حتى أذنيه وتوسعت شبكته توسعاً مذهلاً حير خبراء الموساد أنفسهم، إذ تعدت الشبكة حدود مصر الى دول عربية أخرى.. بعدما ازداد توماس علماً بأدق فنون التجسس. . وكيفية السيطرة شركائه بسهولة بواسطة نقاط ضعفهم التي استغلها بمهارة، وبالأموال الطائلة التي ينفقها عليهم، وقد اشتدت حاجتهم اليها، وقد عرفوا أن لكل معلومة ثمناً وقيمة.
وذات مرة عاد توماس من إحدى رحلاته في ألمانيا وفي ذهنه صورة "جورج استماتيو" الموظف بمحلات جروبي بالقاهرة.
كان استماتيو يشرف حفلات العشاء التي كانت تقيمها رئاسة الجمهورية للضيوف، ومن خلال دخوله لقصر الرئاسة بشكل رسمي، فقد كان يعد بمثابة سلة معلومات طازجة، تحوي كل ما يدور في الحفلات الرسمية من أسرار وأخبار، ويمكن استخدام هذه المعلومات بشكل أو بآخر، إضافة الى الاستعانة باستماتيو في تنفيذ أية مخططات مستقبلية.
لذلك .. وجدها توماس فرصة لا تعوض .. وكان عنده إصرار متوحش لتجنيده هو الآخر ليحصل منه معلومات تدر عليه مبالغ خيالية.. خاصة وأن استماتيو – 53 عاماً – يعيش مأساة عجيبة جداً. إذ كان مصاباً بالعنة المؤقتة أو عدم القدرة الجماع إلا بعد أن يجامعه رجل مثله. حينئذ تعود اليه رجولته ويأتي المرأة بمهارة.
اكتشف توماس هذا السر وأخذ يدبر للسيطرة عليه والدخول به لوكر الجواسيس الذي صنعه. وعندما عرض الأمر ضباط الموساد. . تهللت أساريرهم وأمدوه بأجهزة حساسة دُرب عليها لتسجيل هذا المشهد الشاذ العجيب. . وعاونه جريس تانيليان في مهمته الى جانب بياتريشيا التي واقت تصوير المشهد للسيطرة استماتيو.
كيرلس الوطني الشريف
في شقة روكسي تحولت إحدى حجرات النوم في شقة روكسي الى بلاتوه، وقام أحد الشباب بدور الرجل مع استماتيو المخمور. وكان المشهد الغريب الذي تم تصويره – سبباً لخضوعه. . وسقوطه في دائرة الجاسوسية غصباً عنه. ومن خلاله.. تدفقت أسرار قصر الرئاسة وما يجري بين أروقته، وما يتلقطه من أخبار وأسرار وحكايات لا تنشرها الصحف أو يعلم بها أحد.
داس توماس كل القيم والمبادئ لتحقيق أغراضه.. ووصل به الأمر أنه قدم زوجته كيتي دورث هدية الى بعض المحيطين به لتستخلص منهم أسراراً معينة. . ولم يبخل بها صديقه محمد حسن الذي حمل إليه ذات مرة وثيقة هامة تحوي أسراراً غاية في الخطورة، أراد توماس تصويرها فطلب منه محمد حسن الثمن. . زوجته، وأمام رغبته وتصميمه لم يجد بداً من تحقيق مطلبه، و فراشه.
ونعود مرة أخرى الى جورج شفيق دهاقيان . . التاجر الذي أنقذه توماس من الإفلاس، لقد كانت تربطه جيرة وصداقة بضابط كبير بالقوات المسلحة اسمه
"أديب حنا كيرلس"
لاحظ كيرلس تردد جاره دهاقيان منزله كثيراً في مناسبات عديدة وبدون مناسبات أيضاً. وكان في كل مرة يناقشه في أمور عسكرية حساسة ويحاول الحصول إجابات لاستفساراته.. بل وإطلاعه لوحات ووثائق عسكرية تؤكد شروحه.
لاحظ كيرلس أيضاً أن جاره يعيد طرح أسئلة بعينها سبق أن أجابه عليها. وشك الضابط في الأمر، فهذا التاجر يريد إجابات تفصيلية لأمور عسكرية حساسة. . وكلما أعرض عنه يزداد إلحاحاً عليه. . عندئذ. . انقلب شكه الى يقين. . وبلا تردد حمل شكوكه الى جهاز المخابرات المصرية وأطلعهم كل ما دار من حوارات.
وبعد مراقبات دقيقة لدهاقيان .. أمكن التعرف توماس والمترددين عليه، وكانت مفاجأة غاية في الغرابة. . إذ تكشفت شبكة جاسوسية خطيرة كان لا بد من معرفة كل أعضائها. وفي خطة بالغة السرية والحذر . . أمكن الزج بعناصر مدربة الى الشبكة فاتضح أن لها أذرعاً أخطبوطية تؤلف شبكة جاسوسية تمتد لتشمل دولاً عربية أخرى.. تكونت بها خلايا اتصال بفروع للموساد في كل من ألمانيا وفرنسا وسويسرا وهولندا وإيطاليا. . وكلها تعمل في تناسق مدهش، وتكوّن في مجملها ست شبكات للجاسوسية في القاهرة والاسكندرية ودمشق.
وبالقبض الخونة في 6 يناير 1961 اتضحت حقائق مذهلة .. فغالبية الجواسيس سقطوا في بئر الخيانة بسبب الانحراف والشذوذ. وكانت أدوات التجسس التي ضبطت عبارة عن خمس آلات تصوير دقيقة، وحقيبة سفر ذات قاع سري، وعلبةسجائر جوفاء تخبئ به الوثائق والأفلام، وجهاز إرسال متقدم وجد بسيفون الحمام بشقة خاصة بتوماس في جاردن سيتي.
وبموجب القرار الجمهوري رقم 71 لسنة 1961 شكلت محكمة أمن دولة عليا. . يشمل اختصاصها كل وقائع التجسس في مصل وسوريا
"كانت الوحدة لازالت قائمة"
وخلال ستة أشهر.. بلغت جلسات المحاكمة 83 جلسة، وبلغ عدد صفحات ملف القضية حوالي ستة آلاف صفحة، وأدلى 95 شاهداً بأقوالهم منهم الخبراء والفنيون والمختصون، أما عدد المتهمين من المصريين فكان 11 متهماً ومن الأجانب 6 ودافع عنهم 33 محامياً، وجرى ندب طابور طويل من خبراء مصلحة التزيف والتحليل بالطب الشرعي، وخبراء اللاسلكي والإلكترونيات، بالإضافة الى عدد كبير من الفنيين الذين انتدبوا بمعرفة المحكمة، وعدد من المترجمين بالجهات الرسمية.
وفي 25 أكتوبر 1961 أصدرت المحكمة حكماً بإعدام جان ليون توماس شنقاً، ومحمد حسن رمياً بالرصاص، وبالأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة الآخرين.
أما كيتي دورث فقد أفلتت من العقاب في مصر لأنها سافرت لألمانيا قبل القبض أفراد الشبكة بعدة أيام، لكن عقاب السماء كان أسرع. إذ صدمتها سيارة مسرعة وقتلت. . في الحال بأحد شوارع فرانكفورت. . بينما باتريشيا التي عوقبت بالسجن لمدة عامين، فقد أصيبت بسرطان في الثدي امتد الى صدرها النافر المثير. . والتهم هذا الجمال الرائع الذي استغل أسوأ استغلال في اصطياد الخونة والجواسيس.
وفي إسرائيل تشكلت لجنة "قعادات" وهو اختصار لاسم "قعادات راشيل هاشيرو تيم" والمؤلفة من رؤساء أجهزة المخابرات في إسرائيل ومستشاري رئيس الوزراء. . لدراسة أسباب سقوط هذه الشبكة .. التي كانت تمثل مصدراً حيوياً يتدفق بالمعلومات الاستراتيجية في الجمهورية العربية المتحدة.
لقد كان هذا السقوط المفاجئ سبباً في صدمة عنيفة لكبار قادة الاستخبارات الاسرائيلية. إذ تبين لهم بشكل قاطع أن هناك عقولاً عربية تستطيع إرباكهم. . وتدمير مخططاتهم القذرة في المنطقة العربية بحيث يجدّون دائماً في البحث عن أساليب جديدة متطورة، تذكي ذلك العالم السري الغامض .. عالم المخابرات والجاسوسية. . !!
لكم تحيات
ماجد البلوي
محدودة جداً. . شبكات الجاسوسية الإسرائيلية في مصر، قياساً بعدد الجواسيس الذين يعملون بمفردهم. وأشهر هذه الشبكات التي نعرفها ولاقت شهرة واسعة.. شبكة التخريب التي تكونت من يهود مصر وفجرت "فضيحة لافون" عام 1954 فأحدثت أزمة طاحنة في إسرائيل حينذاك.
أما شبكة توماس – التي لم تأخذ ولو قدراً ضئيلاً من الشهرة – فتعد من أكبر الشبكات التي ضُبطت، وحجّمت كثيراً من شأن الموساد، وألقت الضوء مبهراً براعة المخابرات المصرية.
وخطورة هذه الشبكة تكمن في تنوع أنشطتها وأهدافها، وكثرة عدد أعضائها من المصريين والأجانب، وكثافة المعلومات الحيوية التي نقلتها لإسرائيل، وأيضاً. . عمرها القصير جداً الذي يقابله انتشار شرس محموم في أكثر من دولة.
إنها بحق . . أشهر شبكات الجاسوسية التي سقطت في مصر .. ولا يعرفها أحد. . !!
الصياد والفريسة
في فبراير عام 1958 دخلت سوريا مع مصر في اتحاد اندماجي، وعرفت الدولتان باسم "الجمهورية العربية المتحدة" وكانت سوريا هي الاقليم الشمالي، ومصر هي الاقليم الجنوبي. ورأت إسرائيل في هذا الاتحاد خطراً عظيماً يتهدد أمنها في الشمال والجنوب ومن الشرق أيضاً.
وحوصرت الدولة اليهودية بالجيوش العربية، ولم يتبق لها سوى البحر الأبيض المتوسط – المنفذ الوحيد الآمن، فحصنته بالسفن وبالمدمرات، وزرعت غواصاتها بطول الساحل خوفاً من حصار هذه الجبهة بالقوات البحرية العربية، وأصبحت إسرائيل تعيش في حالة طوارئ دائماً لا تدري من أية جهة تأتيها الضربة الفجائية القاضية.
لذلك حرص ساستها – بواسطة أجهزة المخابرات – عرقلة نمو هذا التطويق العربي من الشمال والجنوب، ولعبت كل الأوتار لإفشاله والقضاء عليه. ولم يكن بمستطاعها وقف الزحف العربي لإنقاذ فلسطين المغتصبة، سوى باللجوء الى كل الحيل القذرة والتصرفات الوحشية لإرهاب العرب، وبث الدعايات المسمومة لإخافتهم، وتصوير الجندي الاسرائيلي والعسكرية الاسرائيلية كأسطورة في الأداء والمهارة والقوة.
لذا فقد عمدت الى ترسيخ هذا الاعتقاد لدى العرب بمحو ما يقرب من "293" قرية فلسطينية وإزالتها من فوق الأرض والخريطة، وارتكاب أبشع المذابح في التاريخ دموية وبربرية ضد العرب العزل في فلسطين. هذا بجانب التكثيف الإعلامي والنشاط الدبلوماسي للحد من يقظة روح الجهاد، التي جاهدت قوى الاستعمار إسكاتها بالضغط العرب وسد أفواههم.. ومنع السلاح عنهم وإغراقهم في مشاكل داخلية معقدة . . كالجهل والتخلف والفقر والمرض. . وإثارة الثورات الداخلية طمعاً في شهوة الوصول الى الحكم.
كل ذلك أدى الى إضعاف الجيوش العربية في حين كانت إسرائيل تتشكل وتقوى، وتغدق عليها الدول الاستعمارية الكبرى الأسلحة المتطورة الحديثة التي صنعت إسرائيل، وزراعتها في قلب المنطقة العربية لتقسمها الى نصفين – أفريقي وآسيوي – لا أمل في التقائهما إلا بفناء إسرائيل.
من هنا كان الرعب الأكبر لإسرائيل حينما قامت الوحدة في فبراير 1958 بين الشطرين المنفصلين في الشمال والجنوب، وربطهما اتحاد اندماجي وحكومة واحدة رأسها الزعيم جمال عبد الناصر، خاصة بعدما فشل زعماء اتفاق "سيفر" بفرنسا في العدوان الثلاثي الغاشم مصر في أكتوبر 1956، والذي انتهى بخيبة أمل انجلترا وفرنسا وإسرائيل، وانسحابهم يملأهم الخزي والعار.
لذلك كان إسرائيل أن تراقب اتحاد الشطرين، بل وتسعى الى معرفة أدق الأسرار عنهما. . لكي تحتاط الى نفسها من مغبة تقويضها واجتياح الأرض السليبة فجأة.
وكانت أن أرسلت الى مصر وسوريا بأمهر صائدي الجواسيس . . للبحث عن خونة يمدونها بالمعلومات وبالوثائق السرية، فجندت مصرياً خائناً من أصل أرمني اسمه
"جان ليون توماس"
استطاع تكوني شبكة تجسس خطيرة في مصر، وأرسلت الى سوريا
– إيلياهو كوهين –
داهية الجواسيس الإطلاق، وأسطورة الموساد الذي ظل جسده معلقاً في المشنقة لأربعة أيام في دمشق. والأرمن . .جالية أقلية استوطنت مصر هرباً من الاضطهاد والتنكيل الذي تعرض له الشعب الأرمني . . وتعدادهم بالآلاف في مصر .. امتزجوا بنسيجها الاجتماعي وتزاوجوا فيما بينهم في البداية. . ثم اختلطت دماؤهم بالمصريين في مصاهرة طبيعية تؤكد هذا الامتزاج والاستقرار، واحتفظوا فيما بينهم بعاداتهم وتقاليدهم وبلغتهم الأصلية.
وتشير بعض المصادر أن تعدادهم في مصر يصل الى مائة ألف أرمني، يتمتعون بالية المصرية وبكامل الحقوق، وسمحت لهم السلطات بإصدار صحيفة باللغة الأرمينية، تدعم ترابطهم وتذكرهم بجذورهم.
اشتهر عن الأرمن أنهم أناس درجوا العمل والكفاح والاشتغال بالتجارة، لذلك.. فأمورهم الحياتية والمادية ممتازة.. خاصة بعدما هيأ لهم المناخ المستقر في مصر فرص الانطلاق والنجاح.
وكان "جان ليون توماس" أحد ابناء هذه الجالية، وقد عمل بالتجارة والاستيراد والتصدير، واستطاع بعد عدة سنوات أن يجمع ثروة طائلة تؤمن له مستقبلاً رائعاً. . تدفعه إليه زوجته الألمانية "كيتي دورث" فتغلغل داخل أوساط المجتمع الراقي يزهو بثمرة كده واجتهاده. ولظروف عمله وقرابته تعددت سفرياته الى ألمانيا الغربية لإنجاز أعماله.
هناك . . اقترب منه أحد صائدي الجواسيس المهرة، واشتم فيه رائحة ما غالباً هي نقطة ضعف من خلالها يستطيع الالتفاف حوله. . وتجنيده، لا سيما بعد تأكده من أن له علاقات واسعة في مصر.
ولم تخب حاسة الشم لدى ضابط المخابرات الاسرائيلي الذي يتستر وراء شخصية رجل أعمال. إذ اكتشف هواية خاصة جداً عن توماس. . وهي عشقه لل مع الأطفال الصغار. ففي غمرة مشاغله وأعماله، سرعان ما ينقلب الى ذئب شره يبحث عن فريسة تشبع نهم شذوذه.
كان توماس بالفعل يعاني من هذا الداء، ويصاب أحياناً بتوترات عصبية وتقلبات مواجية حادة، تظهر عادة في صورة ثورة زوجته الجميلة. . التي لم تكن تدرك السبب الحقيقي في هروب الخادمات صغيرات السن من بيتها، ولا يعدن إليه مرة ثانية؟ وفشلت كثيراً في الوصول الى إجابة منطقية لذلك.
بياتريشيا اللذيذة
ولكي يزجوا به داخل دائرة الجاسوسية من أوسع الأبواب. . قذفوا اليه بطفلة يهودية يتيمة في العاشرة من عمرها، طرقت باب شقته في فرانكفورت، ولأنهم زرعوا الكاميرات والأجهزة السرية بها واتخذوا من الشقة المجاورة مكمناً لتسجيل ما سيحدث .. أذهلتهم أغرب مطاردة بين جدران الشقة الصغيرة، بين توماس الذئب الجائع. . والطفلة الضعيفة التي كانت تبكي متوسلة إليه، فيتوسل هو إليها ألا تتركه يعاني أكثر من ذلك.
كان عارياً تماماً، يتصبب منه العرق الغزير وترتجف خلجات وجهه، وبدا في قمة ضعفه عندما هجم الطفلة، وصفعها في..؟؟ فانخرست من الخوف، وشرع في الحال في تجريدها من ملابسها حتى تعرت تماماً، وبدا واضحاً ارتجاف أطرافها واضطراب أنفاسها اللاهثة، فتحرر بسرعة من ملابسه كأنه لا يصدق أن فريسة بين يديه، واحتضنها في لهفة الجائع وهو يأمرها ألا تصده، أو تعترض ما يفعله بها.
وفوجئ بهم من حوله، انتزعوا الطفلة من بين يديه فانزوت ترتجف.. بينما أخذ يرجوهم ألا يصحبوه عارياً للشرطة. وأطلعوه ما لديهم من أدلة شذوذه، فانهار.. ووقع في لمح البصر عقد يقر فيه بتعاونه مع الموساد، وأنه استعداد تام لتنفيذ ما يكلف به.
هذه هي الموساد .. تتبع أقذر الحيل للسيطرة عملائها وإخضاعهم، وهذا ليس بأمر جديد المخابرات الاسرائيلية، فلا شيء يهم طالما ستحقق مآربها وتجند ضعاف النفوس في كل زمان ومكان.
في قمة مذلته وشذوذه لم تكن لديه القدرة أن يفكر أو يقرر، إذ أن إرادته قد شلت . . وانقلب الى شخص آخر بلا عقل. . فقد خلفته المحنة وأزهقته الصدمة، وبسهولة شديدة استسلم لضباط الموساد يتحكمون بأعصابه.. وابتدأوا في تدريبه وإحكام سيطرتهم عليه، وكتب في عدة صفحات بيده كل ما لديه من معلومات اقتصادية يعرفها بحكم عمله وعلاقاته، وأحاطوه بدائرة الخوف فلم يستطع الإفلات، وهددوا بقتل أفراد أسرته إذا ما عاد الى مصر وأبلغ السلطات. . فقد كان من السهل إقناعه بوجود عملاء لهم في القاهرة ينتظرون إشارة منهم ليقوموا باللازم مع عائلته هناك.
وتأكيداً لذلك. . أرسلوا باقة زهور الى منزله بمناسبة عيد ميلاد ابنته. . وكم كان فزعه شديداً عندما اتصل بالقاهرة فتشكره ابنته باقة الزهور التي أرسلها.. وأصيب رجل الأعمال المذعور بصدمة عنيفة، وصرخ في هلع مؤكداً بأنه سيقوم بالعمل لصالحهم. . وتركوه يسافر ملتاعاً ومرعوباً يحمل تكليفات محددة وأسئلة مطلوب إجاباتها، وكانوا يقين أنه سقط في شباكهم ولن يمكنه الإفلات أبداً.
وفي الطائرة استغرقه تفكير عميق فيما صار إليه حاله، وهل يستطيع النجاة من هذا المأزق أم لا؟ واتصل فور وصوله بصديقه محمد أحمد حسن الذي يشغل منصباً حساساً في مدرسة المدفعية بالقاهرة، وسأله عدة أسئلة تتصل بعمل جهاز المخابرات المصري. وهل بالإمكان حماية شخص ما تورط مع المخابرات الاسرائيلية؟ وكانت إجابات محمد حسن إجابات قاطعة، تؤكد ان المخابرات المصرية من أنشط أجهزة المخابرات في العالم بعد استحداثها وتدريب كوادرها بأقسامها المختلفة، وحسبما يقال فهي تحمي المتورطين إذا ما تقدم بالإبلاغ عما وقع لهم بالخارج.
لكن توماس لم يثق بكلامه، وظن انها دعاية يروجها لا أكثر.. فتملكه الخوف من الانسياق وراء دعاية لن تفيد، وحرص المضي في طريق الخيانة حتى آخره. بينما انشغل صديقه بالهدايا الثمينة التي جلبها له ولم يسأله عن تفاصيل الأمر. أو عن ذلك الشخص المتورط مع الموساد.
لم يضيع توماس وقته في إثارة أعصابه بالتفكير والقلق.. وشرع كما دربوه في دراسة أحوال المحيطين به ليستكشف نقاط ضعف تمكنه من النفاذ اليهم، وكان أول من نصب شباكه حوله – محمد أحمد حسين – الذي كان يدرك جيداً أن المخابرات المصرية أضافت اختصاصات وتكنولوجيا حديثة تمكنها من تعقب الجواسيس والخونة.
تناسى الرجل العسكري كل ذلك وعاش في وهم ابتدعه. ولم يعد يفكر سوى في نفسه فقط. . وقد طغت هدايا صديقه أنسجة عقله. كان ذلك في شهر أكتوبر عام 1958 عندما نام ضميره نوم الموات بلا أدنى حياة أو رعشة من شعور. . وأسلم مصيره بل حياته كلها لمغامرة طائشة قادته الى الهلاك.
وكانت "بياتريشيا" خطوة أولى في سلم الموت الذي لا مهرب منه ولا منجي الإطلاق. . وبياتريشيا هذه راقصة ألمانية مقيمة بالقاهرة. . تربطها بتوماس علاقة قديمة قبل زواجه من كيتي، وفي حين انشغل عنها بعمله اضطر لتجديد علاقته بها بمجرد عودته، لتساعده في تجنيد محمد حسن الذي كان يعرف عنه ميله الشديد للخمر والنساء.
فرحت الراقصة المثيرة بعودة توماس اليها وتقابلت الأغراض والنوايا. . وبعد سهرة ممتعة بأحد النوادي الليلية. . ارتسمت بخيالات محمد حسن صور متعددة لعلاقته ببياتريشيا، أراد ترجمتها الى واقع فعلي لكن راتبه الضئيل لم يكن ليكفي للإنفاق بيته. . و راقصة مثيرة تجتذب من حولها هواة صيد الحسناوات. وتكررت السهرات الرائعة، التي أصبحت تشكل شبه عادة لديه لم يكن من السهل تبديلها أو الاستغناء عنها، وأغرقته الراقصة في عشقها فازداد اندفاعاً تجاهها، ولم يوقفه سوى ضيق ذات اليد.
عند ذلك لم يكن أمامه سوى الالتجاء الى توماس ليستدين منه، وتضخم الدين حتى توترت حياة محمد حسن. . وانتهزها توماس فرصة سانحة لاستغلاله والضغط عليه فرضخ له في النهاية وسقط مخموراً في مصيدة الجاسوسية. . مستسلماً بكامل رغبته مقابل راتب شهري – خمسين جنيهاً – خصصه له توماس لينفق الفاتنة التي أغوته وأسكرته حتى الثمالة.
في المقابل لم يبخل محمد حسن بالمعلومات الحيوية عن مدرسة المدفعية. . كأعداد الطلاب بها وأسماء المدربين والخطة الاستراتيجية للتدريب.. كل ذلك من أجل عيون الفاتنة الحسناء العميلة.
فيالها من سقطة .. ويالها من مأساة وخيبة !!
وفي الوقت الذي نشط فيه توماس كجاسوس يقوم بمهمته، تراءت له فكرة تجنيد عملاء آخرين تتنوع من خلالهم المعلومات التي يسعى للوصول اليها. فكان أن نصب شباكه حول مصور أرمني محترف اسمه جريس يعقوب تانيليان – 43 عاماً ، واستطاع أن يسيطر عليه هو الآخر بواسطة إحدى الساقطات وتدعى – كاميليا بازيان – أوهمته كذباً بفحولة لا يتمتع بها سواه.
ولأنه كان ضعيفاً ياً. . رأى رجولة وهمية بين أحضانها، فهي المرأة الوحيدة التي "أنعشت" رجولته، وبالتالي فقد كان لزاماً عليه إسباغ رجولة أخرى حولها، وهي الإنفاق عليها بسخاء.
وفي غضون عدة أشهر استنزفته كاميليا مادياً. . فاتبع مسلك محمد حسن باللجوء الى توماس ليقرضه مالاً، فجنده في لحظات ضعفه وحاجته.
ولما اتسع نشاطه.. استأجر توماس شقة بمنطقة روكسي باسم محمد حسن كانت تزهر بأنواع فاخرة من الخمور، وتقام فيها الحفلات الماجنة التي تدعى اليها شخصيات عامة، تتناثر منها المعلومات كلما لعبت الخمر بالرؤوس فتمايلت صدور الحسان وتمرغت بين أحضانها. وفي إحدى حجرات الشقة أقام جريس تانيليان معملاً مصغراً لتحميض الأفلام وإظهار الصور والخرائط، حيث كان يجلبها محمد حسن من مقر عمله ويعيدها ثانية الى مكانها.
وذات مرة . . عرض توماس محمد حسن فكرة السفر الى السويس بالسيارة. . ثم الى بورسعيد لتصوير المواقع العسكرية والتعرف عليها من خلال شروحه. . ووافق الأخير ورافقتهما كيتي التي اطلعت سر مهنة زوجها وشاركته عمله. وكان محمد حسن دليلاً لهما يشرح الواقع أماكن الوحدات العسكرية.. فيقوم توماس بتصويرها من النافذة وتسجيلها خريطة معه بينما تقود كيتي السيارة.
المشهد العجيب
وعندما تعثرت أحوال "جورج شفيق دهاقيان" – 45 عاماً – تاجر الملابس، تدخل صديقه توماس بطريقته الخاصة لإنقاذه، وكان المقابل تجنيده للعمل معه في شبكة الجاسوسية.
لم يعترض جورج كثيراً في البداية.. فهو يعلم أنه لا يملك معلومات حيوية هامة تساوي مئات الجنيهات التي أخذها من توماس مقابل إيصالات ورهونات. وقد كان توماس الخائن ينظر الى بعيد. . الى ضابط كبير يقيم أ شقة جورج وتربطهما علاقات وطيدة، وكان له دور فعال فيما بعد.
ولأن
"بوليدور باب زوغلو"
تاجر طموح يحلم بامتلاك محل كبير للمجوهرات بوسط القاهرة .. عرض الفكرة توماس فأبدى موافقته وشجعه المضي لتحقيق حلمه، والحلم تلزمه مبالغ كبيرة، والخمر تلتهم حصيلة مكسبه أولاً بأول الى جانب السهرات الماجنة التي تستنزف الكثير من رأسماله. عند ذلك لم يجد توماس صعوبة تذكر في اصطياده أيضاً بعدما رسم له خطوط الحلم المرجو.
لقد رأى بوليدور أن لا شيء يجب أن يعوق تنفيذ حلمه الكبير .. حتى ولو كانت الخيانة هي الثمن.
هكذا مضى توماس يصطاد ضعاف النفوس. . فيمدهم بالمال ويغرقهم في الخمر وال ويحصل مبتغاه من خلالهم.. وانتعشت بذلك شبكة توماس في جمع المعلومات، لا يوقفها خوف من السقوط أو من حبل المشنقة. فالمخابرات الاسرائيلية كانت تؤكد له في كل مرة يزور فيها ألمانيا أن المخابرات المصرية خاملة ضعيفة. نشأت منذ سنوات قليلة ولم تنضج بعد، ومهما أوتيت من علم ومقدرة فمن المستحيل كشفه.
هذا الاعتقاد سيطر عليه فأظهر وفاءه لإسرائيل وكراهيته للعرب ولكل ما هو عربي. وكلما استدعوه الى ألمانيا كانوا يعدون له وليمة يعشقها من الفتيات الصغيرات أو الغلمان. ولم يعد يهمهم تصويره في أوضاعه الشاذة مع الصغار بعد ذلك. . فلقد سقط حتى أذنيه وتوسعت شبكته توسعاً مذهلاً حير خبراء الموساد أنفسهم، إذ تعدت الشبكة حدود مصر الى دول عربية أخرى.. بعدما ازداد توماس علماً بأدق فنون التجسس. . وكيفية السيطرة شركائه بسهولة بواسطة نقاط ضعفهم التي استغلها بمهارة، وبالأموال الطائلة التي ينفقها عليهم، وقد اشتدت حاجتهم اليها، وقد عرفوا أن لكل معلومة ثمناً وقيمة.
وذات مرة عاد توماس من إحدى رحلاته في ألمانيا وفي ذهنه صورة "جورج استماتيو" الموظف بمحلات جروبي بالقاهرة.
كان استماتيو يشرف حفلات العشاء التي كانت تقيمها رئاسة الجمهورية للضيوف، ومن خلال دخوله لقصر الرئاسة بشكل رسمي، فقد كان يعد بمثابة سلة معلومات طازجة، تحوي كل ما يدور في الحفلات الرسمية من أسرار وأخبار، ويمكن استخدام هذه المعلومات بشكل أو بآخر، إضافة الى الاستعانة باستماتيو في تنفيذ أية مخططات مستقبلية.
لذلك .. وجدها توماس فرصة لا تعوض .. وكان عنده إصرار متوحش لتجنيده هو الآخر ليحصل منه معلومات تدر عليه مبالغ خيالية.. خاصة وأن استماتيو – 53 عاماً – يعيش مأساة عجيبة جداً. إذ كان مصاباً بالعنة المؤقتة أو عدم القدرة الجماع إلا بعد أن يجامعه رجل مثله. حينئذ تعود اليه رجولته ويأتي المرأة بمهارة.
اكتشف توماس هذا السر وأخذ يدبر للسيطرة عليه والدخول به لوكر الجواسيس الذي صنعه. وعندما عرض الأمر ضباط الموساد. . تهللت أساريرهم وأمدوه بأجهزة حساسة دُرب عليها لتسجيل هذا المشهد الشاذ العجيب. . وعاونه جريس تانيليان في مهمته الى جانب بياتريشيا التي واقت تصوير المشهد للسيطرة استماتيو.
كيرلس الوطني الشريف
في شقة روكسي تحولت إحدى حجرات النوم في شقة روكسي الى بلاتوه، وقام أحد الشباب بدور الرجل مع استماتيو المخمور. وكان المشهد الغريب الذي تم تصويره – سبباً لخضوعه. . وسقوطه في دائرة الجاسوسية غصباً عنه. ومن خلاله.. تدفقت أسرار قصر الرئاسة وما يجري بين أروقته، وما يتلقطه من أخبار وأسرار وحكايات لا تنشرها الصحف أو يعلم بها أحد.
داس توماس كل القيم والمبادئ لتحقيق أغراضه.. ووصل به الأمر أنه قدم زوجته كيتي دورث هدية الى بعض المحيطين به لتستخلص منهم أسراراً معينة. . ولم يبخل بها صديقه محمد حسن الذي حمل إليه ذات مرة وثيقة هامة تحوي أسراراً غاية في الخطورة، أراد توماس تصويرها فطلب منه محمد حسن الثمن. . زوجته، وأمام رغبته وتصميمه لم يجد بداً من تحقيق مطلبه، و فراشه.
ونعود مرة أخرى الى جورج شفيق دهاقيان . . التاجر الذي أنقذه توماس من الإفلاس، لقد كانت تربطه جيرة وصداقة بضابط كبير بالقوات المسلحة اسمه
"أديب حنا كيرلس"
لاحظ كيرلس تردد جاره دهاقيان منزله كثيراً في مناسبات عديدة وبدون مناسبات أيضاً. وكان في كل مرة يناقشه في أمور عسكرية حساسة ويحاول الحصول إجابات لاستفساراته.. بل وإطلاعه لوحات ووثائق عسكرية تؤكد شروحه.
لاحظ كيرلس أيضاً أن جاره يعيد طرح أسئلة بعينها سبق أن أجابه عليها. وشك الضابط في الأمر، فهذا التاجر يريد إجابات تفصيلية لأمور عسكرية حساسة. . وكلما أعرض عنه يزداد إلحاحاً عليه. . عندئذ. . انقلب شكه الى يقين. . وبلا تردد حمل شكوكه الى جهاز المخابرات المصرية وأطلعهم كل ما دار من حوارات.
وبعد مراقبات دقيقة لدهاقيان .. أمكن التعرف توماس والمترددين عليه، وكانت مفاجأة غاية في الغرابة. . إذ تكشفت شبكة جاسوسية خطيرة كان لا بد من معرفة كل أعضائها. وفي خطة بالغة السرية والحذر . . أمكن الزج بعناصر مدربة الى الشبكة فاتضح أن لها أذرعاً أخطبوطية تؤلف شبكة جاسوسية تمتد لتشمل دولاً عربية أخرى.. تكونت بها خلايا اتصال بفروع للموساد في كل من ألمانيا وفرنسا وسويسرا وهولندا وإيطاليا. . وكلها تعمل في تناسق مدهش، وتكوّن في مجملها ست شبكات للجاسوسية في القاهرة والاسكندرية ودمشق.
وبالقبض الخونة في 6 يناير 1961 اتضحت حقائق مذهلة .. فغالبية الجواسيس سقطوا في بئر الخيانة بسبب الانحراف والشذوذ. وكانت أدوات التجسس التي ضبطت عبارة عن خمس آلات تصوير دقيقة، وحقيبة سفر ذات قاع سري، وعلبةسجائر جوفاء تخبئ به الوثائق والأفلام، وجهاز إرسال متقدم وجد بسيفون الحمام بشقة خاصة بتوماس في جاردن سيتي.
وبموجب القرار الجمهوري رقم 71 لسنة 1961 شكلت محكمة أمن دولة عليا. . يشمل اختصاصها كل وقائع التجسس في مصل وسوريا
"كانت الوحدة لازالت قائمة"
وخلال ستة أشهر.. بلغت جلسات المحاكمة 83 جلسة، وبلغ عدد صفحات ملف القضية حوالي ستة آلاف صفحة، وأدلى 95 شاهداً بأقوالهم منهم الخبراء والفنيون والمختصون، أما عدد المتهمين من المصريين فكان 11 متهماً ومن الأجانب 6 ودافع عنهم 33 محامياً، وجرى ندب طابور طويل من خبراء مصلحة التزيف والتحليل بالطب الشرعي، وخبراء اللاسلكي والإلكترونيات، بالإضافة الى عدد كبير من الفنيين الذين انتدبوا بمعرفة المحكمة، وعدد من المترجمين بالجهات الرسمية.
وفي 25 أكتوبر 1961 أصدرت المحكمة حكماً بإعدام جان ليون توماس شنقاً، ومحمد حسن رمياً بالرصاص، وبالأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة الآخرين.
أما كيتي دورث فقد أفلتت من العقاب في مصر لأنها سافرت لألمانيا قبل القبض أفراد الشبكة بعدة أيام، لكن عقاب السماء كان أسرع. إذ صدمتها سيارة مسرعة وقتلت. . في الحال بأحد شوارع فرانكفورت. . بينما باتريشيا التي عوقبت بالسجن لمدة عامين، فقد أصيبت بسرطان في الثدي امتد الى صدرها النافر المثير. . والتهم هذا الجمال الرائع الذي استغل أسوأ استغلال في اصطياد الخونة والجواسيس.
وفي إسرائيل تشكلت لجنة "قعادات" وهو اختصار لاسم "قعادات راشيل هاشيرو تيم" والمؤلفة من رؤساء أجهزة المخابرات في إسرائيل ومستشاري رئيس الوزراء. . لدراسة أسباب سقوط هذه الشبكة .. التي كانت تمثل مصدراً حيوياً يتدفق بالمعلومات الاستراتيجية في الجمهورية العربية المتحدة.
لقد كان هذا السقوط المفاجئ سبباً في صدمة عنيفة لكبار قادة الاستخبارات الاسرائيلية. إذ تبين لهم بشكل قاطع أن هناك عقولاً عربية تستطيع إرباكهم. . وتدمير مخططاتهم القذرة في المنطقة العربية بحيث يجدّون دائماً في البحث عن أساليب جديدة متطورة، تذكي ذلك العالم السري الغامض .. عالم المخابرات والجاسوسية. . !!
لكم تحيات
ماجد البلوي