ماجد سليمان البلوي
06-30-2013, 02:32 AM
ملخص كتاب عن تاريخ بلدة ماحص الأردنية..؟؟
أول كتاب مطبوع في تاريخ ماحص ..
تأليف حسان أيوب عبد الرحمن عبد الله العمر
ماحص في العصر الأموري
ماحص بلدة قديمة يرجع تاريخها إلى ما قبل الميلاد ، بل قبل موسى عليه السلام ، فقد حارب فيها يعقوب عليه السلام الأموريين وهزمهم ، واستقر هو وبنو إسرائيل فيها وما حولها ، وقد ذكر أديب العديلي في مقدمة كتابه (( مدينة الفحيص عبر العصور )) أنَّ بلدة ماحص قد جاء ذكرها في التوراة بلفظ ( ياهص ) .
وبعد البحث تبيَّن لي أنها في التوراة في سبعة مواضع بلفظ (ياهص ) ومرتين بلفظ ( يهصة ) ، كما في سفر التثنية وسفر العدد و سفر القضاة وسفر أشعياء وسفر أرميا وسفر يشوع .
ومفاد ما جاء في التوراة ، أنَّ الأموريين كانوا وثنيين يسكنون في البلقاء ومادبا وحسبان والكرك وغير هذه المناطق من الأردن ، وكانوا يعبدون الأصنام ، وبينهم وبين بني إسرائيل في فلسطين حروب وقتال ، وقد طلب يعقوب ( إسرائيل عليه السلام ) من الأموريين أن يمرَّ في تخومهم من ماحص ، فرفض " سيحون " ملك الأموريين ، فطلب يعقوب عليه السلام من الله تعالى أن ينصره وبني إسرائيل على الأموريين عبدة الأصنام ، فاستجاب الله دعاءه .
فاجتمع الجيشان في ماحص وتحاربوا ، وانهزم الأموريين ، واستقرَّ في ماحص بنوا إسرائيل حتى جاء موسى عليه السلام فقسَّم عشائر بني إسرائيل في الأردن وفلسطين ، فأعطى عشائر بني مراري اللاويين من سبط راوبين منطقة ماحص ، فسكن في ماحص بنوا إسرائيل ، حتى عظَّموا قبور الصالحين وعبدوهم ، وكان لهم صنم اسمه بعل يسجدون له .
وكان مَلِك بني إسرائيل في ماحص وقتئذٍ هو ( عمّري) وهو سابع ملوك بني إسرائيل ، الذي بنى ماحص ، وكان يعمل الشرّ ، ويعبد صنم اسمه بعل ، ، فجاء ابنه أخاب بن عمري وعَمِل مثل ما عَمِل والده من عبادة الأصنام ، ثم جاء يهورم بن أخاب بن عمري فكان أشدُّ سوءاً من والده ، فسلَّط الله تعالى المؤابيين الوثنيين القاطنين في الكرك على بني إسرائيل في ماحص وجوارها ، وكان المؤابيين يعبدون صنم اسمه " كوش " ، فاجتمع المؤابيون بقيادة ميشع بن كموش في ماحص ، وحاربوا بني إسرائيل فقتلوهم ، وهزموا بني إسرائيل ، وذلك سنة 850 قبل ميلاد المسيح عليه السلام في العصر الحديدي ، وكانت ماحص وقتئذٍ تسمَّى ( ياحص ) ، وقد عُثر على حجر أثري في قلعة الكرك مكتوب باللغة القبطية ، مفاده أنَّ بلدة ماحص كانت تُدعى ياحص ، ثم جاء عصر الرومان فسموها ( ماحص ) ، فماحص كلمة رومانية قديمة ، تعني : الفحص والتدقيق والخلو من العيب .
جاء في التوراة ( سفرالعدد ) : (( 21: 14 لذلك يقال في كتاب حروب الرب واهب في سوفة و أودية أرنون . و مصب الأودية الذي مال إلى مسكن عار ، و استند إلى تخم مواب ، ومن هناك إلى بئر وهي البئر حيث قال الرب لموسى : اجمع الشعب فأعطيهم ماء ، حينئذ ترنم إسرائيل بهذا النشيد اصعدي أيتها البئر اجيبوا لها ، بئر حفرها رؤساء حفرها شوقد ذكر صاحب رفاء الشعب بصولجان بعصيهم ، و من البرية الى متانة ، و من متانة الى نحليئيل و من نحليئيل الى باموت ، و من باموت الى الجواء التي في صحراء مواب عند رأس الفسجة التي تشرف على وجه البرية .
و أرسل اسرائيل رسلاً الى سيحون ملك الأموريين قائلاً، دعني أمرُّ في أرضك لا نميل إلى حقل و لا إلى كرم و لا نشرب ماء بئر في طريق الملك نمشي حتى نتجاوز تخومك ، فلم يسمح سيحون لإسرائيل بالمرور في تخومه بل جمع سيحون جميع قومه و خرج للقاء إسرائيل الى البرية فأتى الى ياهص و حارب إسرائيل . فضربه إسرائيل بحد السيف ، و ملك أرضه من أرنون إلى يبوق إلى بني عمون لأن تخم بني عمون كان قوياً ، فأخذ إسرائيل كل هذه المدن و أقام إسرائيل في جميع مدن الأموريين في حشبون و في كل قراها ، لأن حشبون كانت مدينة سيحون ملك الأموريين ، وكان قد حارب ملك مواب الأول و أخذ كل أرضه من يده حتى أرنون )) .
فياهص : اسم موآبي معناه (( موضع مداس )) ، وهي مدينة موآبية قرب البادية في نصيب رأوبين ، وتدعى أيضاً يهصة ، وفي هذا الموضع انتصر العبرانيون على سيحون ، فاستولوا على الأرض بين أرنون [ وادي الموجب ] ويبوق [ اليرموك ] ولكن يبدو أن الموآبيين عادوا فأخذوها في الأيام المتأخرة ، وقيل أنها قرية أم المواليد ، أو خربة اسكندر ، وقد ثبت أنها من بقايا العصر الحديدي ( سنة 850 ) قبل ميلاد المسيح .
وياهص : مدينة في مملكة مؤآب ، فيها انهزم سيحون ملك الأموريّين أمام بني اسرائيل ، وهي مدينة في نصيب رأوبين أعطيت للاويّين [ من بني إسرائيل ] من عشيرة مراري ، وفيما بعد عادت إلى موآب .
والأموريون الذين أول من سكنوا ماحص وجوارها يُدرَجُوا مع بقية الشعوب الكنعانية وهم من نسل حام ، كان لهم مملكة شرق فلسطين تحت حكم سيحون ، ويوجد لهم مملكة غرب فلسطين وسكنوا الجبال . وبسبب أهميتهم وقوتهم العسكرية كان اسم الأموريين يطلق على كل شعب منطقة كنعان ، ولقد استخدمهم سليمان عليه السلام في التسخير .
والمؤابيون : جماعةٌ سَامِيَّةٌ أسست مملكة في المنطقة الممتدة بين وادي الموجب والحسا في الجزء الجنوبي من الأردن. وتقع مملكة مؤاب في شمالي مملكة أدوم ( منطقة جنوبي الأردن ) . وكانت علاقة المؤابيين باليهود علاقة سيئة جدًا ، فقد تحاربوا معهم يوم أن قدموا لغزو فلسطين ، وقد أجبر المؤابيون اليهود على دفع الجزية لهم في عهد الملك المؤابي عجلون . كما أن المؤابيين حاولوا توسيع دائرة سيادتهم جنوبًا فوصلوا منطقة معان في الجنوب من الأردن .
وقال الله تعالى لموسى عليه السلام إن الأموريين عبدة أوثان فاقتلهم ، جاء في التوراة "سفر الخروج ـ 23: 23 : (( فإن ملاكي يسير أمامك و يجيء بك إلى الأموريين و الحثيين و الفرزيين و الكنعانيين و الحويين و اليبوسيين فأبيدهم لا تسجد لآلهتهم و لا تعبدها و لا تعمل كأعمالهم بل تبيدهم وتكسر أنصابهم ، و تعبدون الرب إلهكم فيبارك خبزك و ماءك و أزيل المرض من بينكم )) .
جاء في التوراة
( سفر التثنية :1: 3 ففي السنة الأربعين في الشهر الحادي عشر في الأول من الشهر كلم موسى بني إسرائيل حسب كل ما أوصاه الرب إليهم ، بعدما ضرب سيحون ملك الأموريين الساكن في حشبون و عوج ملك باشان الساكن في عشتاروث في أذرعي في عبر الأردن في أرض مؤاب ابتدأ موسى يشرح هذه الشريعة قائلاً : الرب إلهنا كلمنا في حوريب قائلاً كفاكم قعود في هذا الجبل تحولوا و ارتحلوا و ادخلوا جبل الأموريين و كل ما يليه من العربة و الجبل و السهل و الجنوب و ساحل البحر أرض الكنعاني و لبنان إلى النهر الكبير نهر الفرات انظر قد جعلت أمامكم الأرض ادخلوا و تملكوا الأرض التي أقسم الرب لآبائكم إبراهيم و إسحق و يعقوب أن يعطيها لهم و لنسلهم من بعدهم )) .
وكان الله تعالى قد أيَّد بني إسرائيل في حربهم للأموريين بالمعجزات التي حيَّرت عقول الأموريين ، جاء في التوراة ( سفر يشوع 4: 19 : و صعد الشعب من الأردن في اليوم العاشر من الشهر الأول و حلوا في الجلجال في تخم أريحا الشرقي و الاثنا عشر حجراً التي أخذوها من الأردن نصبها يشوع في الجلجال و كلم بني إسرائيل قائلاً إذا سأل بنوكم غداً آباءهم قائلين ما هذه الحجارة ، تعلمون بنيكم قائلين على اليابسة عبر إسرائيل هذا الأردن ، لأن الرب إلهكم قد يبس مياه الأردن من أمامكم حتى عبرتم كما فعل الرب إلهكم ببحر سوف الذي يبسه من أمامنا حتى عبرنا لكي تعلم جميع شعوب الأرض يد الرب أنها قوية لكي تخافوا الرب إلهكم كل الأيام ، وعندما سمع جميع ملوك الأموريين الذين في عبر الأردن غرباً و جميع ملوك الكنعانيين الذين على البحر أن الرب قد يبس مياه الأردن من أمام بني إسرائيل حتى عبرنا ذابت قلوبهم ولم تبق فيهم روح بعد من جراء بني اسرائيل ))
مدح الله في التوراة مملكة الأموريين
ومملكة سيحون التي كانت من ضمنها بلدة ماحص سكنها الأموريون ، وقد مدح الله مملكة الأموريين بوصفها بالجنة التي تفيض باللبن والعسل كما في التوراة في ( سفر الخروج ـ 3: 8 ) : (( 3: 6 ثم قال أنا إله أبيك إله إبراهيم و إله إسحق و إله يعقوب فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر الى الله ، فقال الرب إني قد رأيت مذلة شعبي الذي في مصر و سمعت صراخهم من أجل مسخريهم أني علمت أوجاعهم فنزلت لأنقذهم من أيدي المصريين و أصعدهم من تلك الأرض إلى أرض جيدة وواسعة إلى أرض تفيض لبناً و عسلاً إلى مكان الكنعانيين و الحثيين و الأموريين و الفرزيين و الحويين و اليبوسيين )) .
ماحص في العصر الحديدي
وقد بني مدينة ماحص ملك من ملوك إسرائيل اسمه ( عمري) ، وفيها اجتمع ملكُ مؤاب "ميشع بن كموش " الوثني وحارب ( يهورم بن أخاب بن عمري ) ملك بني إسرائيل الذي كان يسكن في ماحص .
يقول مدير دائرة الآثار في الأردن لانكستر هاردنج في كتابه (( آثار الأردن )) ( ص/ 43ـ تعريب سليمان موسى ـ الطبعة الثالثة ) : (( الحجر المؤابي الذي في الكرك : إننا نملك عن هذه الفترة سجلا ً تاريخيا ً معاصرا ً لم يعثر بعد على سواه في البلاد ، إنه حجر ضخم أقامه ميشع ملك مؤاب في عاصمته ذيبان ، وسجل عليها أنباء معاركه مع ملوك إسرائيل ، وفيما يلي ترجمة كاملة لهذا السجل الفريد :
(( أنا ميشع ابن كموش ملك مؤاب الديبوني ، مَلَكَ والدي على مؤاب ثلاثين عاماً ، وأنا خلّفتُ والدي في الملك ، وأنا الذي بنى المكان المقدس لـ ( كموش ) في كركا ، إنه مكان عال للخلاص ، لأنه أنقذني من جميع أعدائي ، وجعلني أنتقم من الذين كانوا يُبغضونني ، لقد ضايق ( عمّري ) ملك إسرائيل شعب مؤاب أياما ً عديدةً ، لأن كموش كان حانقا ً على بلاده ، ثم خلف ابن (عمري ) أباه ، فقال أيضا ً : " سوف أسيطر على مؤاب " ، لقد قال هذا القول في أيامي ، ولكنني انتقمتُ منه ومن آل بيته ، وهلكت إسرائيل هلاكا ً أبديا ً ، لقد استولي ( عمّري ) على أرض مادبا وأقام هناك طيلة أيام حكمه ونصف أيام ابنه : أربعون عاما ً ، ولكن كموش أعادها في أيامي ، أنا بنيت بعل معون [ وهي ماعين هذه الآيام ] وأنشأت البركة فيها .
وأنا بنيت " كرياتين " ، أما رجال سبط جاد فقد أقاموا منذ زمن بعد في أرض " عطاروت " ، وأنا شننت هجوما ً على المدينة واستوليت عليها ، وذبحت جميع سكان المدينة وجعلت أرضها مرعى إلى " كموش " في " كريوت " و " مؤاب " ، وأنا غنمت هيكل " دوداه " وجررته على الأرض أمام " كموش " في " كريوت " ، وجئت إلى هناك برجال " شارم " و" مخراث " وأنزلتهم فيها ، ، قال " كموش " لي : " امض فخذ نبو من إسرائيل " وسرت إليها في الليل وهاجمتها من الفجر حتى الظهر ، ثم استوليت عليها وذبحت جميع سكانها : سبعة آلاف رجل وامرأة ، لأني نذرتها إلى " عشتار كموش " ، وأخذت آنية يهوه وحررتها أرضا ً أمام كموش ، وكان ملك إسرائيل قد بنى " ياحص " وأقام فيها أثناء محاربته لي ، ولكن " كموش " هزمه أمامي ، لقد أخذت مئتي رجل من مؤاب وجميع زعمائها ، وجئت بهم للهجوم على " ياحص " فاستوليت عليها وضممتها إلى ديبون [ أي ذيبان ] ثم بنيت كركا [ أي الكرك ] )) .
وكان عمري ملك إسرائيل الذي بنى ماحص يعمل الشر ويسجد للأصنام ومَلَكَ إسرائيل ( 12 سنة ) ، ومَلَكَ بعده ابنه أخاب بن عمري وكان يعبد البعل ويسجد له ، كما جاء في التوراة ( سفر الملوك الأول ـ 16: 23) وقد أرسل الله تعالى لهم النبي أليسع وإلياس عليهما السلام ليٌحذِّروهم من عبادة الأصنام ، وكان لعمري ملك إسرائيل ابنه اسمها عثليا بنت عمري كما جاء في التوراة ( سفر الملوك الثاني ـ 8: 26) ، وكان لأخاب بن عمري ولد اسمه أخزيا كان يعبد الأصنام ويسجد لها ، كما في ( سفر الملوك الأول ـ 22: 51) ، وكان لأخاب بن عمري أيضاً ولد اسمه يهورم بن أخاب وكان يعمل الشر وأساء لبني إسرائيل ، وكان ميشع ملك مؤاب صاحب مواشي ، فحارب يهورام بن أخاب وتغلب عليه في ماحص ، واستولى على ماحص وكان ذلك سنة 850 قبل الميلاد .
وعمري هو سابع ملوك المملكة الشمالية (882 ـ 871 قبل الميلاد ) ، حكم مع تبني لمدة أربعة أعوام ، يتسم حكمه بالاستقلال ، يقوم بحركة عمرانية قوية ، ويستعيد الهيمنة على المؤابيين ، في عهده تصاعدت الضغوط الآرامية حتى اضطر إلى منح المدن الدول الآرامية حق فتح وكالات تجارية في السامرة ، وإلى إعطائها امتيازات خاصة ، النشاط التجاري يصل إلى قبرص ، انتشار العبادات الوثنية في مملكته .
اكتشاف حجر أثري قديم في معبد داخل الأرض
حدثني يوم الخميس 19 / 6/2008م الحاج جميل عبد الله علي فلاح الشبلي ـ حفظه الله وأحسن إليه ـ فقال : (( وقد عثرنا في ماحص على آثار قديمة ، فبجانب المسجد القديم قرب منزلي وهم يحفرون في الثلاثينيات وجدوا مغارة فيها حجر كبير جداً عليه صور سبعة ملوك والسابع هو الرئيس في وسطهم (1) )). قلت : لعله سابع ملوك بني إسرائيل الذي بنى ماحص .
ماحص كانت تابعة لمملكة الكرك سنة 1291م
مملكة الكرك تضم ـ وهي قصرالأزرق وحسبان وقنبس والصفرة وزيزه وحصن فديك وقصر معين وذبيان وشيحان وصرفة والحسا قرب الكرك والقيرة والصافية والكرك ومؤتة والثنية وقاب والشوبك وزغر وأذرح ومعان والحميمة وسلع غرب معان وغرندل وأيلة ، وأما البلقاء فتارة تدخل بمملكة الكرك وتارة لا تدخل حسب قوة نائب السلطة ومقدار نفوذه في الكرك ، وكانت مدينة السلط تابعة لمملكة الكرك عند تولية الأمير جمال آقوش نيابة الكرك ما بين سنة 1291م ـ 1309م ، حكاه الدكتور عدنان البخيت في كتابه (( مملكة الكرك )) ( ص/ 12 ) .
ماحص كانت تابعة لولاية الشام سنة 1538م
وبلدة ماحص كانت تابعة للواء عجلون أحد الألوية الرئيسية التابعة لولاية دمشق الشام سنة 1538م ، كما هو مُبَيَّن في (( دفتر مفصل لواء عجلون )) وهو من محفوظات أرشيف رئاسة الوزراء باستامبول رقم 970 ، ويعود اقطاعه للامير (طره باني ) سنة 1538م . دراسة وتحقيق وترجمة الدكتور عدنان البخيت ونوفان رجا الحمود .
موقع بلدة ماحص
تقع ماحص في محافظة البلقاء ، تمتاز بموقعها الممتاز وبجمالها الطبيعي ، ومساحتها 27كم مربع ، وهي بلدة أردنية تبعد عن غرب العاصمة عمان - دابوق تحديداً- 8 كيلومترات فقط ، إدارياً تقع ماحص في محافظة البلقاء وهي ضمن لواء مستقل ( لواء ماحص والفحيص) يحدها غرباً وادي شعيب .
تطل ماحص شمال غرب على مدينة السلط وتحدها شمالاً بلدة الفحيص وشرقاً حدود بلدية عمان ويطل عليها من الشرق ضريح الملكة علياء ويحدها منطقة بدر الجديدة ( منطقة الزيود أو أم الأسود ) من الجنوب الشرقي .
يبلغ عدد سكانها قرابة 16,000 نسمة ، وماحص تقع على تلة مرتفعة 800 متر عن سطح البحر ، وهو موقع مميز مطل على أراضي فلسطين وجبال البلقاء و البحر الميت و في وقت الغروب في يوم صاف يمكنك مشاهدة أسوار مدينة القدس بالعين المجردة منها.
ومن بلدة ماحص تستطيع مشاهدة جزءاً كبيراً من البحر الميت وغور نمرين والسلط ويرقا وطريق السلط / الغور ، ومن مدن فلسطين التالية أريحا وعين السلطان / عقبة جبر والقدس ورام الله والبيرة وقسم من جبال الخليل ، وتتصل ماحص بشبكة طرق رئيسية تربطها مع العاصمة والغور ووادي السير .
مرتفع أم معاوية غربي ماحص
يقع ضمن أراضي ماحص بالجهة الغربية مرتفع اسمه أم معاوية ـ يعتقد أن التسمية هذه نسبة لمعاوية بن أبي سفيان ـ علماً أنها مجاورة لأراضي جورة الكبش التي يمتلكها أبو سفيان ، وجعل منها مركزاً لتجارته لبلاد الشام ثم التي لابنه معاوية وولده من بعده ثم حجزها العباسيون ، وصارت لبعض أولاد الخليفة المهدي ثم صارت إلى الزياتين ـ بني نعيم ـ من أهل الكوفة ، هذا ما أكدته المصادر التاريخية ، حكاه فريد بك في (( تاريخ شرق الأردن وقبائلها )) (ص/83) ، وقد كان الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان يستخدم ماحص مكاناً كاستراحة له أثناء وجوده .
أصل تسمية بلدة ماحص
قيل إن ماحص كانت على منطقة حدودية ومركزاً على نبع ماحص" لتمحيص البضائع في زمن الرومان" ، وفي اللغة العربية يرجع البعض كلمة ماحص إلى فاحص وهي مشتقة من داحص ، يقول محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي في كتابه (( لسان العرب )) : "والدحص إثارة الأرض ، وفي حديث إسماعيل عليه السلام فجعل يدحص الأرض بعقبيه أي يفحص ويبحث ويحرك التراب " .
ويعتقد أن أصل هذا التعبير راجع لضرب الشاه بقدمها للأرض عند ذبحها يقول أبي منصور عبدالملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي في كتابه (( ثمار القلوب في المضاف والمنسوب )) : " واالداحص والفاحص والماحص سواء يقال للشاة إذا ذبحت دحصت برجلها أى ضربت بها " .
وكانت ماحص مركزاً على نبع ماحص لتمحيص البضائع القادمة من الهند جنوب سرق آسيا عبر الجزيرة العربية ومن أوروبا عبر السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط لفلسطين ومصر إلى عمّان ، عن طريق أريحا – وادي شعيب في زمن الرومان 150-350 ، وكانت ماحص نقطه حدوديه بين فيلادلفيا و بيرا اليهودية زمن الرومان ، وكانت مدينه حدوديه وبين حدود أراضي جداراً و فيلادلفيا في زمن البيزنطيين .
في حدود منطقة ماحص توجد العديد من الكهوف المنحوتة التي يعود تاريخها إلى حوالي 4 ألاف عام كما وجد في ماحص فاخريات تعود لآلاف السنين كان مصير معظمها الكسر والضياع نتجة عدم علم الناس في الزمن البعيد بأهميتها .
بساتين ماحص وينابيعها
وتشتهر ماحص بينابيع المياه التي تروي بساتينها وأراضيها الزراعية ويعتمد مصنع الإسمنت بالفحيص كلياً على مياه ماحص حيث يزود بواسطة ماتور على رأس العين .
ويصب في وادي شعيب وادي بير السبيل المار بقرية ماحص ويتشكل من أربعة أودية تلتقي مياها في مجراها وهي وادي البصاص ووادي الزيتون ثم وادي أبو الجربان ووادي أبو القطين ووادي أبو السخال ووادي الخضر وتصب جميعها بالإضافة إلى ثلاثة أودية صغيرة ترفدها من الجنوب في وادي شعيب قبل عبوره مقام النبي شعيب حيث يطلق عليه بعدها اسم ( وادي شعيب ) .
وأكثر ما تشتهر به ماحص هي البساتين المحاطة بأشجار الحور وأشجار الرمان والتين والسفرجل والخضروات ـ البندورة الخيار الباذنجان الفاصوليا الفول الزهرة وغيرها ـ وأشجار الزيتون والخوخ والكرمه واللوزيات والدراق ، وتشتهر بحقول الحبوب والشعير والذرة والحمص والعدس وزراعة التبغ ، ويوجد بها تربة صناعة ومستغله حالياً لمصنع الخزف الأردني كما استغلت بالسابق باسم ( الكاولين ) في عهد الإنتداب الإنجليزي وكانت هذه المادة ترسل إلى فلسطين ، ووجد حديثاً في مقبرة ماحص منحوتات كتابية تعود لعهد الدولة الأموية ، ويوجد في ماحص رمل الصويلح ومادة الكاولين يرسلونها إلى مصانع البطاريات .
ويكثر في ماحص شجر التين والرمان والزيتون ، وتكثر الأشجار الحرجية في ماحص مثل البلوط والسنديان والخروب ، كما يتخلل بساتينها الكثير من أشجار الحور ، وتمتاز بعيون الماء العذبة التي يجاوز عددها 270 عيناً في حدود منطقة ماحص ، ولعل أهم هذه الينابيع نبع عين ماحص التي لا ينقطع ماءها صيف شتاء وهي ثلاثة مزاريب ، وهي كالسيل المتدفق تروي بساتين ماحص ، ومن العيون الجارية القوية أيضاً عين أبو الجربان و عين أم غنوم .
وضمت ماحص إحدى عشرة عين ماء تراوحت مساحتها مع حرمها ما بين 76م & 6775م وفيما يلي أسماء هذه العيون ومساحتها ومواقعها :
اسم العين الحوض ورقمه المساحةبالمتر المربع
1ـ بصاص الخيل مع حرمها أبو الريضان 2 201م
2ـ أم اللوز مع حرمها سقي أبو الجربان 7 504م
3ـ أبو الجربان مع حرمها سقي أبو الجربان 7 743 م
4ـ ماحص مع حرمها الميدان الشمالي 12 859م
5ـ شعيب مع حرمها أم معاوية الشمالي 1248م
6ـ أم غنوم 1 = = = 14 76م
6ـ أم غنوم 2 = = = 14 101م
7ـ الطواشية 2 = = = 14 214م
8ـ نوائح الجبيل 17 377م
9ـ أم نعيم = = = 17 ؟
10ـ العجمي البقيع الغزي 19 5677م
11ـ الميده البقيع الشرقي 1000م
وتتفرع من عين ماء أبو الجربان قناتان الأولى أبو الجربان العليا والثانية أبو الجربان السفلي كما تتفرع عين ماحص ( قناتا ماء ) الأولى الشمالية والثانية الطريم ، أما عين أم النعيم فتتفرع من وادي الأزرق بينما تتفرع من عين ماء وادي شعيب قناة النحاسية وأخرى تتجه نحو وادي الأزرق .
اقتصاد ماحص
اشتهرت ماحص في بداية القرن العشرين بانتاج القمح والشعير والدخان ، كما أنتجت التين والرمان والعنب و الزيتون ، بالإضافه للمزروعات الفصلية كالفاصوليا والخيار وغيرها ، في الوقت الحالي قلّة الأنشطه الزراعيه في ماحص ولكنها لا تزال تنتج التين والزيتون بكميات تجارية ، وفي ماحص يتم انتاج مادة الكاولين في صناعة الخزف وغيرها ، وكانت تُرسل إلى يافا يرأسها في ماحص سنة 1935م موريس ، وبعض أراضي ماحص يستخرج منها الأسمنت الذي ينتج في مدينة الفحيص المجاورة .
أول من سكن ماحص / الجبرة
يُسمى أهل ماحص بالجبرة ـ العبابيد ، وعندما تذكر كلمة جبرة فهي تضم أصل الجبرة وهم الشياب والعليوات وعشائر النوحه والعودات وهم أول من سكنوا بلدة ماحص ، ويعتبر مونس عبد السلام أحمد مونس الونسي الشياب المؤسس الحقيقي لماحص ، وكان مونس عبد السلام يتيماً بعد وفاة والده عبد السلام سنة 1672م ، وكان الشيخ عبد السلام شيخاً جليلاً مُدرِّساً للفقه الإسلامي في المسجد الأقصى في ربعية الشياب .
ولم يسكن بلدة ماحص قبل عام 1115 هـ / 1694م أحدٌ من الناس ، فسكن مونس الشياب ماحص سنة 1700م تقريباً ثم جاء أحمد وابنه سليمان العليوات جدّ حسين الصالح العليوات فدخل بلدة ماحص سنة 1127هـ/ 1707م ، وفيها كان مونس الشياب ، ثم دخلت عشيرة النوحه بلدة ماحص في أواخر عهد الأمير جودة المهداوي سنة 1733م ، وجدُّهم حمدان بن بركات وقد توفي بركات سنة 1140هـ، ثم دخلت عشيرة العودات سنة 1820م ، وجدهم عبد الله العودات وله من الأبناء فليح ومفلح ، وقد توفي فليح سنة 1908م ، فهذه المعلومات استفدتها من والدي المؤرخ أيوب عبد الرحمن عبد الله العمر ـ حفظه الله ـ استناداً إلى القيود العثمانية التي حصل عليها والدي من مكتبة الجامعة الأردنية قسم المخطوطات والوثائق
وسمعته يقول : ما من عشيرة من عشائر البلقاء والعشائر الشامية التي سكنت الأردن إلا وأنا أعرف نسبهم وأجدادهم ، وأين كانوا قبل أكثر من ثلاث مائة سنة ومنهم أكثر من ألف سنة .
ولما أردت كتابة معنى كلمة الجبرة وأصلها من السجلات العثمانية قامت الدنيا ولم تقعد ، ولذا أجبرتُ أن أسكت عن شرحها ، فالناس لا يُريدون كشف الحقائق .
مونس عبد السلام أحمد مونس ألونسي أول من سكن ماحص سنة 1121هـ
قال والدي المؤرخ : وجدتُ مخطوطة عثمانية فيها ذكر للشيخ عبد السلام ، واسمه " عبد السلام مونس ألونسي " وهو شيخ جليلٌ كان يُدرّس الفقه الإسلامي في المسجد الأقصى في محِلة ( ربعية الشياب ) سنة 1083هـ ، وقد حصلت عليها من سجلات القدس ، فيها أن عبد السلام أنجب ثلاثة أولاد منهم (مونس) الذي جاء ماحص أيام حكومة المهداوية وكان مساعد للأمير المهداوي ، وأخذ ماحص من الفحيصية .
ووجدتُ في المخطوطة : أن مونس ألونسي كان تاجر حلال بين الضفتين ( الأردن وفلسطين ) في أوائل الدولة العثمانية سنة 1515م ، واسمه كما في القيد : عبد السلام أحمد مونس ألونسي .
وله ثلاثة أولاد أيتام تولاهم وزير الوقف سابقاً أيام الدولة العثمانية في القدس، أولهم : مونس ذهب مع جودة المهداوي وكان مساعداً له ، وأخذ ماحص .
والثاني : كان في بيت العجلوني " الصريح " إربد ، والثالث : ذهب مع الحمايدة إلى منطقة مادبا والكرك ، والشيخ عبد السلام أحمد مونس الونسي ولد سنة 1000هـ ومات سنة 1093هـ )) .
قصة مونس عبد السلام الشياب
إنَّ أول من سكن في ماحص مونس الشياب ويعتبر المؤسس الحقيقي وأنَّ لهذا قصة مشهورة ، وهو عندما سكنها مونس الشياب قام أهل الفحيص بمحاولة إخراجه منها حيث كانت المنطقة تحكم حكماً " عشائرياً " في تلك الفترة من قبل الأمير المهداوي الذي كانت الفحيص مصيف له والغور مشتى له ، وعلى إثرها احتكموا للأمير المهداوي ، وتم الإتفاق على التحكيم بأن يجري سباق خيل من الفحيص إلى ماحص ومن يغرز رمحه أولاً في عين ماء ماحص تكون مُلكاً له .
فجرى السباق بوجود محكمين من الفحيص وماحص ، وكان مندوب الشياب يمتطي حصان ، فالمحدثين والرواه يقولون بأنَّ فرس الفحيصي أخذت تصهل بالسباق ، وعندها حال الحصان وأبطىء في سباقه ، وقد سلك في سباقه من فوق الطور المشرف مباشرة على بركة العين بماحص ، فلما نظر إلى منافسه فإذا هو أقرب منه للوصول إلى الهدف فما كان من مندوب الشياب إلا أنَّه رمى رمحه في بركة الماء بماحص من فوق الطور فإذا هو مغروز بالبركة ، وشهد الشهود المتواجدون بذلك ، وعاد مسرعاً إلى الفحيص ـ إلى الأمير المهداوي ـ وجرى القضاء بينهم فما كان من الأمير المهداوي إلا أن حكم لصالح مندوب الشياب بحكمه المشهور عند الناس ، وقوله المأثور لصالح الشياب :
(( المور أخذها من فوق الطور )) ، فأصبحت ماحص في حكم المؤكد مُلك الشياب ، وأعطى الشيابي من أرضه لعشيرة العليوات ولعشيرة النوحه..؟؟
والتاريخ مليء بالأحداث..
ولكم تحيات
ماجد البلوي
أول كتاب مطبوع في تاريخ ماحص ..
تأليف حسان أيوب عبد الرحمن عبد الله العمر
ماحص في العصر الأموري
ماحص بلدة قديمة يرجع تاريخها إلى ما قبل الميلاد ، بل قبل موسى عليه السلام ، فقد حارب فيها يعقوب عليه السلام الأموريين وهزمهم ، واستقر هو وبنو إسرائيل فيها وما حولها ، وقد ذكر أديب العديلي في مقدمة كتابه (( مدينة الفحيص عبر العصور )) أنَّ بلدة ماحص قد جاء ذكرها في التوراة بلفظ ( ياهص ) .
وبعد البحث تبيَّن لي أنها في التوراة في سبعة مواضع بلفظ (ياهص ) ومرتين بلفظ ( يهصة ) ، كما في سفر التثنية وسفر العدد و سفر القضاة وسفر أشعياء وسفر أرميا وسفر يشوع .
ومفاد ما جاء في التوراة ، أنَّ الأموريين كانوا وثنيين يسكنون في البلقاء ومادبا وحسبان والكرك وغير هذه المناطق من الأردن ، وكانوا يعبدون الأصنام ، وبينهم وبين بني إسرائيل في فلسطين حروب وقتال ، وقد طلب يعقوب ( إسرائيل عليه السلام ) من الأموريين أن يمرَّ في تخومهم من ماحص ، فرفض " سيحون " ملك الأموريين ، فطلب يعقوب عليه السلام من الله تعالى أن ينصره وبني إسرائيل على الأموريين عبدة الأصنام ، فاستجاب الله دعاءه .
فاجتمع الجيشان في ماحص وتحاربوا ، وانهزم الأموريين ، واستقرَّ في ماحص بنوا إسرائيل حتى جاء موسى عليه السلام فقسَّم عشائر بني إسرائيل في الأردن وفلسطين ، فأعطى عشائر بني مراري اللاويين من سبط راوبين منطقة ماحص ، فسكن في ماحص بنوا إسرائيل ، حتى عظَّموا قبور الصالحين وعبدوهم ، وكان لهم صنم اسمه بعل يسجدون له .
وكان مَلِك بني إسرائيل في ماحص وقتئذٍ هو ( عمّري) وهو سابع ملوك بني إسرائيل ، الذي بنى ماحص ، وكان يعمل الشرّ ، ويعبد صنم اسمه بعل ، ، فجاء ابنه أخاب بن عمري وعَمِل مثل ما عَمِل والده من عبادة الأصنام ، ثم جاء يهورم بن أخاب بن عمري فكان أشدُّ سوءاً من والده ، فسلَّط الله تعالى المؤابيين الوثنيين القاطنين في الكرك على بني إسرائيل في ماحص وجوارها ، وكان المؤابيين يعبدون صنم اسمه " كوش " ، فاجتمع المؤابيون بقيادة ميشع بن كموش في ماحص ، وحاربوا بني إسرائيل فقتلوهم ، وهزموا بني إسرائيل ، وذلك سنة 850 قبل ميلاد المسيح عليه السلام في العصر الحديدي ، وكانت ماحص وقتئذٍ تسمَّى ( ياحص ) ، وقد عُثر على حجر أثري في قلعة الكرك مكتوب باللغة القبطية ، مفاده أنَّ بلدة ماحص كانت تُدعى ياحص ، ثم جاء عصر الرومان فسموها ( ماحص ) ، فماحص كلمة رومانية قديمة ، تعني : الفحص والتدقيق والخلو من العيب .
جاء في التوراة ( سفرالعدد ) : (( 21: 14 لذلك يقال في كتاب حروب الرب واهب في سوفة و أودية أرنون . و مصب الأودية الذي مال إلى مسكن عار ، و استند إلى تخم مواب ، ومن هناك إلى بئر وهي البئر حيث قال الرب لموسى : اجمع الشعب فأعطيهم ماء ، حينئذ ترنم إسرائيل بهذا النشيد اصعدي أيتها البئر اجيبوا لها ، بئر حفرها رؤساء حفرها شوقد ذكر صاحب رفاء الشعب بصولجان بعصيهم ، و من البرية الى متانة ، و من متانة الى نحليئيل و من نحليئيل الى باموت ، و من باموت الى الجواء التي في صحراء مواب عند رأس الفسجة التي تشرف على وجه البرية .
و أرسل اسرائيل رسلاً الى سيحون ملك الأموريين قائلاً، دعني أمرُّ في أرضك لا نميل إلى حقل و لا إلى كرم و لا نشرب ماء بئر في طريق الملك نمشي حتى نتجاوز تخومك ، فلم يسمح سيحون لإسرائيل بالمرور في تخومه بل جمع سيحون جميع قومه و خرج للقاء إسرائيل الى البرية فأتى الى ياهص و حارب إسرائيل . فضربه إسرائيل بحد السيف ، و ملك أرضه من أرنون إلى يبوق إلى بني عمون لأن تخم بني عمون كان قوياً ، فأخذ إسرائيل كل هذه المدن و أقام إسرائيل في جميع مدن الأموريين في حشبون و في كل قراها ، لأن حشبون كانت مدينة سيحون ملك الأموريين ، وكان قد حارب ملك مواب الأول و أخذ كل أرضه من يده حتى أرنون )) .
فياهص : اسم موآبي معناه (( موضع مداس )) ، وهي مدينة موآبية قرب البادية في نصيب رأوبين ، وتدعى أيضاً يهصة ، وفي هذا الموضع انتصر العبرانيون على سيحون ، فاستولوا على الأرض بين أرنون [ وادي الموجب ] ويبوق [ اليرموك ] ولكن يبدو أن الموآبيين عادوا فأخذوها في الأيام المتأخرة ، وقيل أنها قرية أم المواليد ، أو خربة اسكندر ، وقد ثبت أنها من بقايا العصر الحديدي ( سنة 850 ) قبل ميلاد المسيح .
وياهص : مدينة في مملكة مؤآب ، فيها انهزم سيحون ملك الأموريّين أمام بني اسرائيل ، وهي مدينة في نصيب رأوبين أعطيت للاويّين [ من بني إسرائيل ] من عشيرة مراري ، وفيما بعد عادت إلى موآب .
والأموريون الذين أول من سكنوا ماحص وجوارها يُدرَجُوا مع بقية الشعوب الكنعانية وهم من نسل حام ، كان لهم مملكة شرق فلسطين تحت حكم سيحون ، ويوجد لهم مملكة غرب فلسطين وسكنوا الجبال . وبسبب أهميتهم وقوتهم العسكرية كان اسم الأموريين يطلق على كل شعب منطقة كنعان ، ولقد استخدمهم سليمان عليه السلام في التسخير .
والمؤابيون : جماعةٌ سَامِيَّةٌ أسست مملكة في المنطقة الممتدة بين وادي الموجب والحسا في الجزء الجنوبي من الأردن. وتقع مملكة مؤاب في شمالي مملكة أدوم ( منطقة جنوبي الأردن ) . وكانت علاقة المؤابيين باليهود علاقة سيئة جدًا ، فقد تحاربوا معهم يوم أن قدموا لغزو فلسطين ، وقد أجبر المؤابيون اليهود على دفع الجزية لهم في عهد الملك المؤابي عجلون . كما أن المؤابيين حاولوا توسيع دائرة سيادتهم جنوبًا فوصلوا منطقة معان في الجنوب من الأردن .
وقال الله تعالى لموسى عليه السلام إن الأموريين عبدة أوثان فاقتلهم ، جاء في التوراة "سفر الخروج ـ 23: 23 : (( فإن ملاكي يسير أمامك و يجيء بك إلى الأموريين و الحثيين و الفرزيين و الكنعانيين و الحويين و اليبوسيين فأبيدهم لا تسجد لآلهتهم و لا تعبدها و لا تعمل كأعمالهم بل تبيدهم وتكسر أنصابهم ، و تعبدون الرب إلهكم فيبارك خبزك و ماءك و أزيل المرض من بينكم )) .
جاء في التوراة
( سفر التثنية :1: 3 ففي السنة الأربعين في الشهر الحادي عشر في الأول من الشهر كلم موسى بني إسرائيل حسب كل ما أوصاه الرب إليهم ، بعدما ضرب سيحون ملك الأموريين الساكن في حشبون و عوج ملك باشان الساكن في عشتاروث في أذرعي في عبر الأردن في أرض مؤاب ابتدأ موسى يشرح هذه الشريعة قائلاً : الرب إلهنا كلمنا في حوريب قائلاً كفاكم قعود في هذا الجبل تحولوا و ارتحلوا و ادخلوا جبل الأموريين و كل ما يليه من العربة و الجبل و السهل و الجنوب و ساحل البحر أرض الكنعاني و لبنان إلى النهر الكبير نهر الفرات انظر قد جعلت أمامكم الأرض ادخلوا و تملكوا الأرض التي أقسم الرب لآبائكم إبراهيم و إسحق و يعقوب أن يعطيها لهم و لنسلهم من بعدهم )) .
وكان الله تعالى قد أيَّد بني إسرائيل في حربهم للأموريين بالمعجزات التي حيَّرت عقول الأموريين ، جاء في التوراة ( سفر يشوع 4: 19 : و صعد الشعب من الأردن في اليوم العاشر من الشهر الأول و حلوا في الجلجال في تخم أريحا الشرقي و الاثنا عشر حجراً التي أخذوها من الأردن نصبها يشوع في الجلجال و كلم بني إسرائيل قائلاً إذا سأل بنوكم غداً آباءهم قائلين ما هذه الحجارة ، تعلمون بنيكم قائلين على اليابسة عبر إسرائيل هذا الأردن ، لأن الرب إلهكم قد يبس مياه الأردن من أمامكم حتى عبرتم كما فعل الرب إلهكم ببحر سوف الذي يبسه من أمامنا حتى عبرنا لكي تعلم جميع شعوب الأرض يد الرب أنها قوية لكي تخافوا الرب إلهكم كل الأيام ، وعندما سمع جميع ملوك الأموريين الذين في عبر الأردن غرباً و جميع ملوك الكنعانيين الذين على البحر أن الرب قد يبس مياه الأردن من أمام بني إسرائيل حتى عبرنا ذابت قلوبهم ولم تبق فيهم روح بعد من جراء بني اسرائيل ))
مدح الله في التوراة مملكة الأموريين
ومملكة سيحون التي كانت من ضمنها بلدة ماحص سكنها الأموريون ، وقد مدح الله مملكة الأموريين بوصفها بالجنة التي تفيض باللبن والعسل كما في التوراة في ( سفر الخروج ـ 3: 8 ) : (( 3: 6 ثم قال أنا إله أبيك إله إبراهيم و إله إسحق و إله يعقوب فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر الى الله ، فقال الرب إني قد رأيت مذلة شعبي الذي في مصر و سمعت صراخهم من أجل مسخريهم أني علمت أوجاعهم فنزلت لأنقذهم من أيدي المصريين و أصعدهم من تلك الأرض إلى أرض جيدة وواسعة إلى أرض تفيض لبناً و عسلاً إلى مكان الكنعانيين و الحثيين و الأموريين و الفرزيين و الحويين و اليبوسيين )) .
ماحص في العصر الحديدي
وقد بني مدينة ماحص ملك من ملوك إسرائيل اسمه ( عمري) ، وفيها اجتمع ملكُ مؤاب "ميشع بن كموش " الوثني وحارب ( يهورم بن أخاب بن عمري ) ملك بني إسرائيل الذي كان يسكن في ماحص .
يقول مدير دائرة الآثار في الأردن لانكستر هاردنج في كتابه (( آثار الأردن )) ( ص/ 43ـ تعريب سليمان موسى ـ الطبعة الثالثة ) : (( الحجر المؤابي الذي في الكرك : إننا نملك عن هذه الفترة سجلا ً تاريخيا ً معاصرا ً لم يعثر بعد على سواه في البلاد ، إنه حجر ضخم أقامه ميشع ملك مؤاب في عاصمته ذيبان ، وسجل عليها أنباء معاركه مع ملوك إسرائيل ، وفيما يلي ترجمة كاملة لهذا السجل الفريد :
(( أنا ميشع ابن كموش ملك مؤاب الديبوني ، مَلَكَ والدي على مؤاب ثلاثين عاماً ، وأنا خلّفتُ والدي في الملك ، وأنا الذي بنى المكان المقدس لـ ( كموش ) في كركا ، إنه مكان عال للخلاص ، لأنه أنقذني من جميع أعدائي ، وجعلني أنتقم من الذين كانوا يُبغضونني ، لقد ضايق ( عمّري ) ملك إسرائيل شعب مؤاب أياما ً عديدةً ، لأن كموش كان حانقا ً على بلاده ، ثم خلف ابن (عمري ) أباه ، فقال أيضا ً : " سوف أسيطر على مؤاب " ، لقد قال هذا القول في أيامي ، ولكنني انتقمتُ منه ومن آل بيته ، وهلكت إسرائيل هلاكا ً أبديا ً ، لقد استولي ( عمّري ) على أرض مادبا وأقام هناك طيلة أيام حكمه ونصف أيام ابنه : أربعون عاما ً ، ولكن كموش أعادها في أيامي ، أنا بنيت بعل معون [ وهي ماعين هذه الآيام ] وأنشأت البركة فيها .
وأنا بنيت " كرياتين " ، أما رجال سبط جاد فقد أقاموا منذ زمن بعد في أرض " عطاروت " ، وأنا شننت هجوما ً على المدينة واستوليت عليها ، وذبحت جميع سكان المدينة وجعلت أرضها مرعى إلى " كموش " في " كريوت " و " مؤاب " ، وأنا غنمت هيكل " دوداه " وجررته على الأرض أمام " كموش " في " كريوت " ، وجئت إلى هناك برجال " شارم " و" مخراث " وأنزلتهم فيها ، ، قال " كموش " لي : " امض فخذ نبو من إسرائيل " وسرت إليها في الليل وهاجمتها من الفجر حتى الظهر ، ثم استوليت عليها وذبحت جميع سكانها : سبعة آلاف رجل وامرأة ، لأني نذرتها إلى " عشتار كموش " ، وأخذت آنية يهوه وحررتها أرضا ً أمام كموش ، وكان ملك إسرائيل قد بنى " ياحص " وأقام فيها أثناء محاربته لي ، ولكن " كموش " هزمه أمامي ، لقد أخذت مئتي رجل من مؤاب وجميع زعمائها ، وجئت بهم للهجوم على " ياحص " فاستوليت عليها وضممتها إلى ديبون [ أي ذيبان ] ثم بنيت كركا [ أي الكرك ] )) .
وكان عمري ملك إسرائيل الذي بنى ماحص يعمل الشر ويسجد للأصنام ومَلَكَ إسرائيل ( 12 سنة ) ، ومَلَكَ بعده ابنه أخاب بن عمري وكان يعبد البعل ويسجد له ، كما جاء في التوراة ( سفر الملوك الأول ـ 16: 23) وقد أرسل الله تعالى لهم النبي أليسع وإلياس عليهما السلام ليٌحذِّروهم من عبادة الأصنام ، وكان لعمري ملك إسرائيل ابنه اسمها عثليا بنت عمري كما جاء في التوراة ( سفر الملوك الثاني ـ 8: 26) ، وكان لأخاب بن عمري ولد اسمه أخزيا كان يعبد الأصنام ويسجد لها ، كما في ( سفر الملوك الأول ـ 22: 51) ، وكان لأخاب بن عمري أيضاً ولد اسمه يهورم بن أخاب وكان يعمل الشر وأساء لبني إسرائيل ، وكان ميشع ملك مؤاب صاحب مواشي ، فحارب يهورام بن أخاب وتغلب عليه في ماحص ، واستولى على ماحص وكان ذلك سنة 850 قبل الميلاد .
وعمري هو سابع ملوك المملكة الشمالية (882 ـ 871 قبل الميلاد ) ، حكم مع تبني لمدة أربعة أعوام ، يتسم حكمه بالاستقلال ، يقوم بحركة عمرانية قوية ، ويستعيد الهيمنة على المؤابيين ، في عهده تصاعدت الضغوط الآرامية حتى اضطر إلى منح المدن الدول الآرامية حق فتح وكالات تجارية في السامرة ، وإلى إعطائها امتيازات خاصة ، النشاط التجاري يصل إلى قبرص ، انتشار العبادات الوثنية في مملكته .
اكتشاف حجر أثري قديم في معبد داخل الأرض
حدثني يوم الخميس 19 / 6/2008م الحاج جميل عبد الله علي فلاح الشبلي ـ حفظه الله وأحسن إليه ـ فقال : (( وقد عثرنا في ماحص على آثار قديمة ، فبجانب المسجد القديم قرب منزلي وهم يحفرون في الثلاثينيات وجدوا مغارة فيها حجر كبير جداً عليه صور سبعة ملوك والسابع هو الرئيس في وسطهم (1) )). قلت : لعله سابع ملوك بني إسرائيل الذي بنى ماحص .
ماحص كانت تابعة لمملكة الكرك سنة 1291م
مملكة الكرك تضم ـ وهي قصرالأزرق وحسبان وقنبس والصفرة وزيزه وحصن فديك وقصر معين وذبيان وشيحان وصرفة والحسا قرب الكرك والقيرة والصافية والكرك ومؤتة والثنية وقاب والشوبك وزغر وأذرح ومعان والحميمة وسلع غرب معان وغرندل وأيلة ، وأما البلقاء فتارة تدخل بمملكة الكرك وتارة لا تدخل حسب قوة نائب السلطة ومقدار نفوذه في الكرك ، وكانت مدينة السلط تابعة لمملكة الكرك عند تولية الأمير جمال آقوش نيابة الكرك ما بين سنة 1291م ـ 1309م ، حكاه الدكتور عدنان البخيت في كتابه (( مملكة الكرك )) ( ص/ 12 ) .
ماحص كانت تابعة لولاية الشام سنة 1538م
وبلدة ماحص كانت تابعة للواء عجلون أحد الألوية الرئيسية التابعة لولاية دمشق الشام سنة 1538م ، كما هو مُبَيَّن في (( دفتر مفصل لواء عجلون )) وهو من محفوظات أرشيف رئاسة الوزراء باستامبول رقم 970 ، ويعود اقطاعه للامير (طره باني ) سنة 1538م . دراسة وتحقيق وترجمة الدكتور عدنان البخيت ونوفان رجا الحمود .
موقع بلدة ماحص
تقع ماحص في محافظة البلقاء ، تمتاز بموقعها الممتاز وبجمالها الطبيعي ، ومساحتها 27كم مربع ، وهي بلدة أردنية تبعد عن غرب العاصمة عمان - دابوق تحديداً- 8 كيلومترات فقط ، إدارياً تقع ماحص في محافظة البلقاء وهي ضمن لواء مستقل ( لواء ماحص والفحيص) يحدها غرباً وادي شعيب .
تطل ماحص شمال غرب على مدينة السلط وتحدها شمالاً بلدة الفحيص وشرقاً حدود بلدية عمان ويطل عليها من الشرق ضريح الملكة علياء ويحدها منطقة بدر الجديدة ( منطقة الزيود أو أم الأسود ) من الجنوب الشرقي .
يبلغ عدد سكانها قرابة 16,000 نسمة ، وماحص تقع على تلة مرتفعة 800 متر عن سطح البحر ، وهو موقع مميز مطل على أراضي فلسطين وجبال البلقاء و البحر الميت و في وقت الغروب في يوم صاف يمكنك مشاهدة أسوار مدينة القدس بالعين المجردة منها.
ومن بلدة ماحص تستطيع مشاهدة جزءاً كبيراً من البحر الميت وغور نمرين والسلط ويرقا وطريق السلط / الغور ، ومن مدن فلسطين التالية أريحا وعين السلطان / عقبة جبر والقدس ورام الله والبيرة وقسم من جبال الخليل ، وتتصل ماحص بشبكة طرق رئيسية تربطها مع العاصمة والغور ووادي السير .
مرتفع أم معاوية غربي ماحص
يقع ضمن أراضي ماحص بالجهة الغربية مرتفع اسمه أم معاوية ـ يعتقد أن التسمية هذه نسبة لمعاوية بن أبي سفيان ـ علماً أنها مجاورة لأراضي جورة الكبش التي يمتلكها أبو سفيان ، وجعل منها مركزاً لتجارته لبلاد الشام ثم التي لابنه معاوية وولده من بعده ثم حجزها العباسيون ، وصارت لبعض أولاد الخليفة المهدي ثم صارت إلى الزياتين ـ بني نعيم ـ من أهل الكوفة ، هذا ما أكدته المصادر التاريخية ، حكاه فريد بك في (( تاريخ شرق الأردن وقبائلها )) (ص/83) ، وقد كان الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان يستخدم ماحص مكاناً كاستراحة له أثناء وجوده .
أصل تسمية بلدة ماحص
قيل إن ماحص كانت على منطقة حدودية ومركزاً على نبع ماحص" لتمحيص البضائع في زمن الرومان" ، وفي اللغة العربية يرجع البعض كلمة ماحص إلى فاحص وهي مشتقة من داحص ، يقول محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي في كتابه (( لسان العرب )) : "والدحص إثارة الأرض ، وفي حديث إسماعيل عليه السلام فجعل يدحص الأرض بعقبيه أي يفحص ويبحث ويحرك التراب " .
ويعتقد أن أصل هذا التعبير راجع لضرب الشاه بقدمها للأرض عند ذبحها يقول أبي منصور عبدالملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي في كتابه (( ثمار القلوب في المضاف والمنسوب )) : " واالداحص والفاحص والماحص سواء يقال للشاة إذا ذبحت دحصت برجلها أى ضربت بها " .
وكانت ماحص مركزاً على نبع ماحص لتمحيص البضائع القادمة من الهند جنوب سرق آسيا عبر الجزيرة العربية ومن أوروبا عبر السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط لفلسطين ومصر إلى عمّان ، عن طريق أريحا – وادي شعيب في زمن الرومان 150-350 ، وكانت ماحص نقطه حدوديه بين فيلادلفيا و بيرا اليهودية زمن الرومان ، وكانت مدينه حدوديه وبين حدود أراضي جداراً و فيلادلفيا في زمن البيزنطيين .
في حدود منطقة ماحص توجد العديد من الكهوف المنحوتة التي يعود تاريخها إلى حوالي 4 ألاف عام كما وجد في ماحص فاخريات تعود لآلاف السنين كان مصير معظمها الكسر والضياع نتجة عدم علم الناس في الزمن البعيد بأهميتها .
بساتين ماحص وينابيعها
وتشتهر ماحص بينابيع المياه التي تروي بساتينها وأراضيها الزراعية ويعتمد مصنع الإسمنت بالفحيص كلياً على مياه ماحص حيث يزود بواسطة ماتور على رأس العين .
ويصب في وادي شعيب وادي بير السبيل المار بقرية ماحص ويتشكل من أربعة أودية تلتقي مياها في مجراها وهي وادي البصاص ووادي الزيتون ثم وادي أبو الجربان ووادي أبو القطين ووادي أبو السخال ووادي الخضر وتصب جميعها بالإضافة إلى ثلاثة أودية صغيرة ترفدها من الجنوب في وادي شعيب قبل عبوره مقام النبي شعيب حيث يطلق عليه بعدها اسم ( وادي شعيب ) .
وأكثر ما تشتهر به ماحص هي البساتين المحاطة بأشجار الحور وأشجار الرمان والتين والسفرجل والخضروات ـ البندورة الخيار الباذنجان الفاصوليا الفول الزهرة وغيرها ـ وأشجار الزيتون والخوخ والكرمه واللوزيات والدراق ، وتشتهر بحقول الحبوب والشعير والذرة والحمص والعدس وزراعة التبغ ، ويوجد بها تربة صناعة ومستغله حالياً لمصنع الخزف الأردني كما استغلت بالسابق باسم ( الكاولين ) في عهد الإنتداب الإنجليزي وكانت هذه المادة ترسل إلى فلسطين ، ووجد حديثاً في مقبرة ماحص منحوتات كتابية تعود لعهد الدولة الأموية ، ويوجد في ماحص رمل الصويلح ومادة الكاولين يرسلونها إلى مصانع البطاريات .
ويكثر في ماحص شجر التين والرمان والزيتون ، وتكثر الأشجار الحرجية في ماحص مثل البلوط والسنديان والخروب ، كما يتخلل بساتينها الكثير من أشجار الحور ، وتمتاز بعيون الماء العذبة التي يجاوز عددها 270 عيناً في حدود منطقة ماحص ، ولعل أهم هذه الينابيع نبع عين ماحص التي لا ينقطع ماءها صيف شتاء وهي ثلاثة مزاريب ، وهي كالسيل المتدفق تروي بساتين ماحص ، ومن العيون الجارية القوية أيضاً عين أبو الجربان و عين أم غنوم .
وضمت ماحص إحدى عشرة عين ماء تراوحت مساحتها مع حرمها ما بين 76م & 6775م وفيما يلي أسماء هذه العيون ومساحتها ومواقعها :
اسم العين الحوض ورقمه المساحةبالمتر المربع
1ـ بصاص الخيل مع حرمها أبو الريضان 2 201م
2ـ أم اللوز مع حرمها سقي أبو الجربان 7 504م
3ـ أبو الجربان مع حرمها سقي أبو الجربان 7 743 م
4ـ ماحص مع حرمها الميدان الشمالي 12 859م
5ـ شعيب مع حرمها أم معاوية الشمالي 1248م
6ـ أم غنوم 1 = = = 14 76م
6ـ أم غنوم 2 = = = 14 101م
7ـ الطواشية 2 = = = 14 214م
8ـ نوائح الجبيل 17 377م
9ـ أم نعيم = = = 17 ؟
10ـ العجمي البقيع الغزي 19 5677م
11ـ الميده البقيع الشرقي 1000م
وتتفرع من عين ماء أبو الجربان قناتان الأولى أبو الجربان العليا والثانية أبو الجربان السفلي كما تتفرع عين ماحص ( قناتا ماء ) الأولى الشمالية والثانية الطريم ، أما عين أم النعيم فتتفرع من وادي الأزرق بينما تتفرع من عين ماء وادي شعيب قناة النحاسية وأخرى تتجه نحو وادي الأزرق .
اقتصاد ماحص
اشتهرت ماحص في بداية القرن العشرين بانتاج القمح والشعير والدخان ، كما أنتجت التين والرمان والعنب و الزيتون ، بالإضافه للمزروعات الفصلية كالفاصوليا والخيار وغيرها ، في الوقت الحالي قلّة الأنشطه الزراعيه في ماحص ولكنها لا تزال تنتج التين والزيتون بكميات تجارية ، وفي ماحص يتم انتاج مادة الكاولين في صناعة الخزف وغيرها ، وكانت تُرسل إلى يافا يرأسها في ماحص سنة 1935م موريس ، وبعض أراضي ماحص يستخرج منها الأسمنت الذي ينتج في مدينة الفحيص المجاورة .
أول من سكن ماحص / الجبرة
يُسمى أهل ماحص بالجبرة ـ العبابيد ، وعندما تذكر كلمة جبرة فهي تضم أصل الجبرة وهم الشياب والعليوات وعشائر النوحه والعودات وهم أول من سكنوا بلدة ماحص ، ويعتبر مونس عبد السلام أحمد مونس الونسي الشياب المؤسس الحقيقي لماحص ، وكان مونس عبد السلام يتيماً بعد وفاة والده عبد السلام سنة 1672م ، وكان الشيخ عبد السلام شيخاً جليلاً مُدرِّساً للفقه الإسلامي في المسجد الأقصى في ربعية الشياب .
ولم يسكن بلدة ماحص قبل عام 1115 هـ / 1694م أحدٌ من الناس ، فسكن مونس الشياب ماحص سنة 1700م تقريباً ثم جاء أحمد وابنه سليمان العليوات جدّ حسين الصالح العليوات فدخل بلدة ماحص سنة 1127هـ/ 1707م ، وفيها كان مونس الشياب ، ثم دخلت عشيرة النوحه بلدة ماحص في أواخر عهد الأمير جودة المهداوي سنة 1733م ، وجدُّهم حمدان بن بركات وقد توفي بركات سنة 1140هـ، ثم دخلت عشيرة العودات سنة 1820م ، وجدهم عبد الله العودات وله من الأبناء فليح ومفلح ، وقد توفي فليح سنة 1908م ، فهذه المعلومات استفدتها من والدي المؤرخ أيوب عبد الرحمن عبد الله العمر ـ حفظه الله ـ استناداً إلى القيود العثمانية التي حصل عليها والدي من مكتبة الجامعة الأردنية قسم المخطوطات والوثائق
وسمعته يقول : ما من عشيرة من عشائر البلقاء والعشائر الشامية التي سكنت الأردن إلا وأنا أعرف نسبهم وأجدادهم ، وأين كانوا قبل أكثر من ثلاث مائة سنة ومنهم أكثر من ألف سنة .
ولما أردت كتابة معنى كلمة الجبرة وأصلها من السجلات العثمانية قامت الدنيا ولم تقعد ، ولذا أجبرتُ أن أسكت عن شرحها ، فالناس لا يُريدون كشف الحقائق .
مونس عبد السلام أحمد مونس ألونسي أول من سكن ماحص سنة 1121هـ
قال والدي المؤرخ : وجدتُ مخطوطة عثمانية فيها ذكر للشيخ عبد السلام ، واسمه " عبد السلام مونس ألونسي " وهو شيخ جليلٌ كان يُدرّس الفقه الإسلامي في المسجد الأقصى في محِلة ( ربعية الشياب ) سنة 1083هـ ، وقد حصلت عليها من سجلات القدس ، فيها أن عبد السلام أنجب ثلاثة أولاد منهم (مونس) الذي جاء ماحص أيام حكومة المهداوية وكان مساعد للأمير المهداوي ، وأخذ ماحص من الفحيصية .
ووجدتُ في المخطوطة : أن مونس ألونسي كان تاجر حلال بين الضفتين ( الأردن وفلسطين ) في أوائل الدولة العثمانية سنة 1515م ، واسمه كما في القيد : عبد السلام أحمد مونس ألونسي .
وله ثلاثة أولاد أيتام تولاهم وزير الوقف سابقاً أيام الدولة العثمانية في القدس، أولهم : مونس ذهب مع جودة المهداوي وكان مساعداً له ، وأخذ ماحص .
والثاني : كان في بيت العجلوني " الصريح " إربد ، والثالث : ذهب مع الحمايدة إلى منطقة مادبا والكرك ، والشيخ عبد السلام أحمد مونس الونسي ولد سنة 1000هـ ومات سنة 1093هـ )) .
قصة مونس عبد السلام الشياب
إنَّ أول من سكن في ماحص مونس الشياب ويعتبر المؤسس الحقيقي وأنَّ لهذا قصة مشهورة ، وهو عندما سكنها مونس الشياب قام أهل الفحيص بمحاولة إخراجه منها حيث كانت المنطقة تحكم حكماً " عشائرياً " في تلك الفترة من قبل الأمير المهداوي الذي كانت الفحيص مصيف له والغور مشتى له ، وعلى إثرها احتكموا للأمير المهداوي ، وتم الإتفاق على التحكيم بأن يجري سباق خيل من الفحيص إلى ماحص ومن يغرز رمحه أولاً في عين ماء ماحص تكون مُلكاً له .
فجرى السباق بوجود محكمين من الفحيص وماحص ، وكان مندوب الشياب يمتطي حصان ، فالمحدثين والرواه يقولون بأنَّ فرس الفحيصي أخذت تصهل بالسباق ، وعندها حال الحصان وأبطىء في سباقه ، وقد سلك في سباقه من فوق الطور المشرف مباشرة على بركة العين بماحص ، فلما نظر إلى منافسه فإذا هو أقرب منه للوصول إلى الهدف فما كان من مندوب الشياب إلا أنَّه رمى رمحه في بركة الماء بماحص من فوق الطور فإذا هو مغروز بالبركة ، وشهد الشهود المتواجدون بذلك ، وعاد مسرعاً إلى الفحيص ـ إلى الأمير المهداوي ـ وجرى القضاء بينهم فما كان من الأمير المهداوي إلا أن حكم لصالح مندوب الشياب بحكمه المشهور عند الناس ، وقوله المأثور لصالح الشياب :
(( المور أخذها من فوق الطور )) ، فأصبحت ماحص في حكم المؤكد مُلك الشياب ، وأعطى الشيابي من أرضه لعشيرة العليوات ولعشيرة النوحه..؟؟
والتاريخ مليء بالأحداث..
ولكم تحيات
ماجد البلوي