ماجد سليمان البلوي
07-13-2013, 07:14 PM
لا يكن حبك كلفـاً ، ولا بغضـك تـلفـاً..؟؟
امل شطنان الجبوري
من خلال ما نشاهده على الطبيعة او من خلال التلفاز والصحف من بذخ وتبذير في المجتمعات العربية ( دول الخليج خاصة ) جعلنا نصاب بالغثيان وخاصة اذا علمنا ان هناك الملايين من العرب ومن المسلمين الذين يعانون الموت الجوع والحرمان والبرد والعطش والقتل من اجل الكلأ او غيرها من الامور التي تجعلهم يختلفون من اجل ( لقمة العيش ) وخاصة في فلسطين و الصومال وموريتانيا والسودان وجيبوتي والكثير من الدول الافريقية المسلمة..... وحتى في بعض الدول العربية النامية توجد معاناة في المأكل والملبس والماء في الاردن ومصر وسوريا والعراق واليمن والجزائر والمغرب ...!!!! وهؤلاء العرب هم اولى بتلك الامول التي تسرف بغير وجه حق من خلال اقامة المشاريع الزراعية والمائية والصناعية والتعليمية والتي تساهم في تطور تلك الدول وبنفس الوقت تعود بالفائدة المالية والمادية لتلك الدول المساهمة بالمال والدعم المتنوع للاشقاءالعرب او في الدول الاسلامية .....وقبل فترة نشرت اغلب وسائل الاعلام العالمية خبرالثري السوري الذي يعيش في لندن وقد سرف 100ألف دولار على زواج ابنته ..؟؟ بينما الشعب السوري حاليا يعاني من القتل والموت ومن الجوع والعطش ...!!!! وكذلك حال بعض الاثرياء(ساسة العراق الجدد ) الذين اشتروا عشرات القصور بمبالغ خيالية وكلها من مال الشعب العراقي الذي تم سرقته في عز النهار ..؟ بينما قرأنا عن التاجر الامارتي الذي اشترى نمرة سيارة ب 270الف دولار واخر يشترى الناقه بـ20 مليون ريال وهكذا من امور يضحك حتى السفهاء عليها ..!!!! وفي غمرة ما يعانيه العالم من ارتفاع حاد في أسعار المواد الاستهلاكية والاحتياجات.. على اختلاف درجاتهم .. هناك من المواطنين من يرسم صورة مؤذية من صور الإسراف المنافية تماما لمسؤوليتنا الاجتماعية والعقائدية والأخلاقية إزاء شكر النعم التي من الله بها علينا.
ومن ذلك ما يقوم به منظمو الحفلات والأعراس والولائم من إهدار متعمد للأرزواللحوم والفواكه على وجه لا يقبل إلا التأسي على استفحال مثل هذا السلوكيات.
فقد شهدت قصور الأفراح (في اغلب الدول العربية والخليجية خاصة ) في الآونة الأخيرة تزايدا في طلب الذبائح والمغالاة في الولائم التي تتمم طقوس احتفالات الأعراس(دول الخليج ) بلغ حد مثيرالحفيظة المتبصرين والورعين.. وهو ما أيقض الجمعيات الخيرية في الداخل للمطالبة بوضع حد لمثل هذه التصرفات بل والمعاقبة عليها.
إن المال من نعم الله على العباد، وهو نوع من أنواع الزينة في هذه الحياة الدنيا: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ..
ومن صورإضاعة المال الإسراف ، والإسراف في اللغة هو مجاوزة الحد ،ويعرفه الجرجاني بأنه مجاوزة الحد في النفقة. والإسراف كما يكون من الغني فإنه يكون من الفقير ، ولهذا قال سفيان الثوري رضي الله عنه: "ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سرف، وإن كان قليلاً"، وكذا قال ابن عباس رضي الله عنه: "من أنفق درهماً في غير حقه فهوسرف.
والاسراف هو ما أنفق من غير طاعة..أو التبذير، ومجاوزة الحد . واصطلاحا : هو مجاوزة حد الاعتدال في الطعام، والشراب، واللباس، والسكنى، ونحو ذلك من الغرائز الكامنة في النفس البشرية………وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) (الكهف:46) .
ولا شك أن المال ضروري لقيام حياة الناس في مصالحهم ومعاشهم ، والعقلاء من الناس يعلمون هذه الحقيقة ، ولهذا تراهم لا يبددون أموالهم فيما لا يجدي نفعا في دنياهم أو أخراهم.
وكما أمر الله تعالى أن يكتسب العباد أموالهم من حلال طيب كما في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً) (البقرة: منالآية168).
فإنه نهاهم عن إضاعة المال وإعطائه السفهاء فتفوت بذلك مصالح كثيرة ويكونالفقر والحاجة : ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُلَكُمْ قِيَاماً) (النساء: من الآية 5 ).وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : " إن الله كره لكم ثلاثا "، ذكر منها "إضاعة المال".
من أجل ذلك حرم الله الاعتداء على الأموال بأي صورة من الصور فقال عز وجل : ( وَلاتَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:188) .
كما حرم السرقة ووضع حدا للسارق يقام عليه بعد ثبوت ارتكابه السرقة : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌحَكِيمٌ ). (المائدة:38).
إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة التي تحرم الاعتداء على الأموال وإضاعتها.".
وقال المناوي : التبذير : تفريق المال على غير وجه الإسراف ، وأصله إلقاء البذر وطرحه فاستعير لكل مضيع لماله، فتبذير البذر تفريق في الظاهر لمن لا يعرف مآل ما يلقيه .
ونقل القرطبي عن الإمام الشافعي - رحمه الله - قوله : التبذير : إنفاق في غير حقه ، ولا تبذير فيعمل الخير .
وروي عن الإمام مالك - رضي الله عنه - قوله : التبذير : هو أخذ المال من حقه ووضعه في غير حقه .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كان رجل يسرف على نفسه ، فلما حضره الموت قال لبنيه : إذا أنا مُتُّ فاحرقوني ثم اطحنوني ، ثم ذروني في الريح ، فوالله لئن قدر الله علي ليعذبنّي عذابا ما عذبه أحدا ، فلما مات فعل به ذلك ، فأمر الله الأرض فقال :اجمعي ما فيك منه ففعلت ، فإذا هو قائم ، فقال : ما حملك على ما صنعت ؟ قال : يا رب خشيتك . فغفر له " ) رواه البخاري واللفظ له . ومسلم .
وقال أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال : أتى رجل من بني تميم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ؛ إني ذو مال كثير وذو أهل ومال وحاضرة ، فأخبرني كيف أصنع وكيف أنفق ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تخرج الزكاة من مالك فإنها طهرة تطهرك ، وتصل أقرباءك وتعرف حق المسكين والجار والسائل " فقال يارسول الله ؛ أقلل لي . فقال : " آت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذرتبذيرا " فقال : يا رسول الله إذا أديت الزكاة إلى رسولك فقد برئت منها إلى الله ورسوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم إذا أديتها إلى رسولي فقد برئت منها ، فلك أجرها وإثمها على من بدلها " ) رواه اليهثمي في المجمع وقال :رواه أحمد في المسند وهو فيه ( 3/136) والطبراني في الأسط ورجاله رجال الصحيح …….
ومن أسباب الإسراف:
للإسراف والتبذير أسباب وبواعث توقع فيه، وتؤدي إليه، ونذكر منها:
1 - جهل المسرف بتعاليم الدين الذي ينهى عن الإسراف بشتى صوره ، فعاقبة المسرف في الدنيا الحسرة والندامة (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً) وفي الآخرة العقاب الأليم والعذاب الشديد (وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين).. ومن نتيجة جهل المسرف بتعاليم الدين مجاوزة الحد في تناول المباحات، فإن هذا من شأنه أن يؤدي إلى السمنة وضخامة البدن وسيطرة الشهوات، وبالتالي الكسل والتراخي، مما يؤدي به إلى الإسراف.
جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: "إياكم والبطنة في الطعام والشراب، فإنها مفسدة للجسد، مورثة للسقم، مكسلة عن الصلاة، وعليكم بالقصد فيهما، فإنه أصلح للجسد، وأبعد منالسرف..".
2- النشأة الأولى: فقد يكون السبب في الإسراف إنما هي النشأة الأولى، أي الحياة الأولى، ذلك أن الفرد قد ينشأ في أسرة حالها الإسراف والبذخ، فما يكون منه سوى الاقتداء والتأسي،وصدق من قال:
وينشأ ناشىء الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه
3- الغفلة عن طبيعة الحياة الدنيا وقد يكون السبب في الإسراف إنما هو الغفلة عن طبيعة الحياة الدنيا وما ينبغي أنتكون، ذلك أن طبيعة الحياة الدنيا أنها لا تثبت ولا تستقر على حال واحدة. والواجب يقتضي أن نضع النعمة في موضعها، وندخر ما يفيض عن حاجتنا الضرورية اليوم من مال وصحة إلى وقت آخر.
4 - السعة بعد الضيق أو اليسر بعد العسر، ذلك أن كثيراً من الناس قد يعيشون في ضيق أو حرمان أو شدة أو عسر، فإذا هم صابرون محتسبون، وقد يحدث أن تتبدل الأحوال فتكون السعة بعد الضيق، أو اليسر بعد العسر، وحينئذ يصعب على هذا الصنف من الناس التوسط أو الاعتدال فينقلب على النقيض تماماً، فيكون الإسراف والتبذير.
5- صحبة المسرفين: وقد يكون السبب في الإسراف إنما هي صحبة المسرفين ومخالطتهم، ذلك أن الإنسان غالباً ما يتخلق بأخلاق صاحبه وخليله، إذ أن المرء كما قال صلى الله عليه وسلم: "على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل".
6- حب الظهور والتباهي: وقد يكون الإسراف سببه حب الشهرة والتباهي أمام الناس رياء وسمعة والتعالي عليهم، فيظهر لهم أنه سخي وجواد، فينال ثناءهم ومدحهم، لذا ينفق أمواله في كل حين وبأي حال، ولا يهمه أنه أضاع أمواله وارتكب ما حرم الله.
7- المحاكاة والتقليد: وقد يكون سبب الإسراف محاكاة الغير وتقليدهم حتى لا يوصف بالبخل، فينفق أمواله كيفما كان من غير تبصر أو نظر في العاقبة التي سينتهي إليها.
من صورالإسراف في واقعنا
هناك صور كثيرة في دنيا الناس حين يراها العبد بمنظار الشرع يراها إسرافا وتبذيرا وتجاوزا للحدود ، قد أشار أبو الحسن الماوردي رحمه الله إلى كثير منها حين قالhttp://****.com/vb/images/smilies/frown.gif من التبذير أن ينفق ماله فيما لا يجدي عليه نفعاً في دنياه ولا يكسبه أجراً في أخراه، بل يكسبه في دنياه ذماً ويحمل إلى آخرته إثماً كإنفاقه في المحرمات وشرب الخمر وإتيان الفواحش وإعطائه السفهاء من المغنين والملهين والمساخر والمضحكين، ومن التبذير أن يشغل المال بفضول الدور التي لا يحتاج إليها وعساه لا يسكنها أو يبنيها لأعدائه ولخراب الدهر الذي هو قاتله وسالبه، ومن التبذير أن يجعل المال في الفُرش الوثيرة والأواني الكثيرة الفضية والذهبية التي تقل أيامه ولا تتسع للارتفاق بها.." ثم يقول: "وكل ما أنفقه الإنسان ما يكسبه عند الله أجراً ويرفع له إليه منزلة، أو يكسب عند العقلاء وأهل التمييز حمداً فهو جود وليس بتبذير وإن عظم وكثر. وكل ما أنفقه في معصية الله التي تكسبه عند الله إثماً وعند العقلاء ذماً فهو تبذير وإن قلّ...).
فإنفاق المال على الدخان والمخدرات والمسكرات من أعظم صور الإسراف والتبذير ، وإنفاقه في فضول الطعام والشراب بل ورمي الطعام والشراب في القمامة من صور الإسراف والتبذير ، والعجيب أن بعض الدول الإسلامية تبلغ نسبة فضلات الأطعمة الملقاة في القمامة فيها 45% ، أليس هذا إسرافا وتبذيرا؟!.
ثم إن من صور الإسراف والتبذير متابعة الموضة والانشغال بجنون الأزياء والاستجابة لضغوط الحملات الإعلامية الصاخبة التي تحمل كثيرا من متابعيها على شراء ما لا يحتاجون.
وبالجملة فإن صورالإسراف والتبذير كثيرة ، نسأل الله أن يقينا والمسلمين شرها ، وأن يجنبنا جميعا كل مكروه وسوء، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وزاد الطين بله ان الاثرياء العرب نقلوا نشاطهم التبذيري الى الاسواق الغربية حيث يذهبون الى المصايف والمجعات التجارية في اوربا وامريكا وفيها تحدث عمليات الاسراف والتبذير بدون وجه حق ودون رادع يقول لهم ( كفى ) متناسين ان لهم اشقاء يعانون من الحرمان والجوع في بعض الدول العربية او حتى في الدول التي يعيشون فيها ...لذلك رجال الدين والفكر والقلم عليهم مسؤولية كبرى في توعية الناس عن مساؤى التبذير والاسراف لانها بالمحصلة تؤثر على المجتمع العربي عامة ....
الدكتوره امل شطنان الجبوري. كاتبة واعلامية / امريكا..؟
لكم تحيات
ماجد البلوي
امل شطنان الجبوري
من خلال ما نشاهده على الطبيعة او من خلال التلفاز والصحف من بذخ وتبذير في المجتمعات العربية ( دول الخليج خاصة ) جعلنا نصاب بالغثيان وخاصة اذا علمنا ان هناك الملايين من العرب ومن المسلمين الذين يعانون الموت الجوع والحرمان والبرد والعطش والقتل من اجل الكلأ او غيرها من الامور التي تجعلهم يختلفون من اجل ( لقمة العيش ) وخاصة في فلسطين و الصومال وموريتانيا والسودان وجيبوتي والكثير من الدول الافريقية المسلمة..... وحتى في بعض الدول العربية النامية توجد معاناة في المأكل والملبس والماء في الاردن ومصر وسوريا والعراق واليمن والجزائر والمغرب ...!!!! وهؤلاء العرب هم اولى بتلك الامول التي تسرف بغير وجه حق من خلال اقامة المشاريع الزراعية والمائية والصناعية والتعليمية والتي تساهم في تطور تلك الدول وبنفس الوقت تعود بالفائدة المالية والمادية لتلك الدول المساهمة بالمال والدعم المتنوع للاشقاءالعرب او في الدول الاسلامية .....وقبل فترة نشرت اغلب وسائل الاعلام العالمية خبرالثري السوري الذي يعيش في لندن وقد سرف 100ألف دولار على زواج ابنته ..؟؟ بينما الشعب السوري حاليا يعاني من القتل والموت ومن الجوع والعطش ...!!!! وكذلك حال بعض الاثرياء(ساسة العراق الجدد ) الذين اشتروا عشرات القصور بمبالغ خيالية وكلها من مال الشعب العراقي الذي تم سرقته في عز النهار ..؟ بينما قرأنا عن التاجر الامارتي الذي اشترى نمرة سيارة ب 270الف دولار واخر يشترى الناقه بـ20 مليون ريال وهكذا من امور يضحك حتى السفهاء عليها ..!!!! وفي غمرة ما يعانيه العالم من ارتفاع حاد في أسعار المواد الاستهلاكية والاحتياجات.. على اختلاف درجاتهم .. هناك من المواطنين من يرسم صورة مؤذية من صور الإسراف المنافية تماما لمسؤوليتنا الاجتماعية والعقائدية والأخلاقية إزاء شكر النعم التي من الله بها علينا.
ومن ذلك ما يقوم به منظمو الحفلات والأعراس والولائم من إهدار متعمد للأرزواللحوم والفواكه على وجه لا يقبل إلا التأسي على استفحال مثل هذا السلوكيات.
فقد شهدت قصور الأفراح (في اغلب الدول العربية والخليجية خاصة ) في الآونة الأخيرة تزايدا في طلب الذبائح والمغالاة في الولائم التي تتمم طقوس احتفالات الأعراس(دول الخليج ) بلغ حد مثيرالحفيظة المتبصرين والورعين.. وهو ما أيقض الجمعيات الخيرية في الداخل للمطالبة بوضع حد لمثل هذه التصرفات بل والمعاقبة عليها.
إن المال من نعم الله على العباد، وهو نوع من أنواع الزينة في هذه الحياة الدنيا: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ..
ومن صورإضاعة المال الإسراف ، والإسراف في اللغة هو مجاوزة الحد ،ويعرفه الجرجاني بأنه مجاوزة الحد في النفقة. والإسراف كما يكون من الغني فإنه يكون من الفقير ، ولهذا قال سفيان الثوري رضي الله عنه: "ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سرف، وإن كان قليلاً"، وكذا قال ابن عباس رضي الله عنه: "من أنفق درهماً في غير حقه فهوسرف.
والاسراف هو ما أنفق من غير طاعة..أو التبذير، ومجاوزة الحد . واصطلاحا : هو مجاوزة حد الاعتدال في الطعام، والشراب، واللباس، والسكنى، ونحو ذلك من الغرائز الكامنة في النفس البشرية………وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) (الكهف:46) .
ولا شك أن المال ضروري لقيام حياة الناس في مصالحهم ومعاشهم ، والعقلاء من الناس يعلمون هذه الحقيقة ، ولهذا تراهم لا يبددون أموالهم فيما لا يجدي نفعا في دنياهم أو أخراهم.
وكما أمر الله تعالى أن يكتسب العباد أموالهم من حلال طيب كما في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً) (البقرة: منالآية168).
فإنه نهاهم عن إضاعة المال وإعطائه السفهاء فتفوت بذلك مصالح كثيرة ويكونالفقر والحاجة : ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُلَكُمْ قِيَاماً) (النساء: من الآية 5 ).وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : " إن الله كره لكم ثلاثا "، ذكر منها "إضاعة المال".
من أجل ذلك حرم الله الاعتداء على الأموال بأي صورة من الصور فقال عز وجل : ( وَلاتَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:188) .
كما حرم السرقة ووضع حدا للسارق يقام عليه بعد ثبوت ارتكابه السرقة : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌحَكِيمٌ ). (المائدة:38).
إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة التي تحرم الاعتداء على الأموال وإضاعتها.".
وقال المناوي : التبذير : تفريق المال على غير وجه الإسراف ، وأصله إلقاء البذر وطرحه فاستعير لكل مضيع لماله، فتبذير البذر تفريق في الظاهر لمن لا يعرف مآل ما يلقيه .
ونقل القرطبي عن الإمام الشافعي - رحمه الله - قوله : التبذير : إنفاق في غير حقه ، ولا تبذير فيعمل الخير .
وروي عن الإمام مالك - رضي الله عنه - قوله : التبذير : هو أخذ المال من حقه ووضعه في غير حقه .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كان رجل يسرف على نفسه ، فلما حضره الموت قال لبنيه : إذا أنا مُتُّ فاحرقوني ثم اطحنوني ، ثم ذروني في الريح ، فوالله لئن قدر الله علي ليعذبنّي عذابا ما عذبه أحدا ، فلما مات فعل به ذلك ، فأمر الله الأرض فقال :اجمعي ما فيك منه ففعلت ، فإذا هو قائم ، فقال : ما حملك على ما صنعت ؟ قال : يا رب خشيتك . فغفر له " ) رواه البخاري واللفظ له . ومسلم .
وقال أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال : أتى رجل من بني تميم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ؛ إني ذو مال كثير وذو أهل ومال وحاضرة ، فأخبرني كيف أصنع وكيف أنفق ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تخرج الزكاة من مالك فإنها طهرة تطهرك ، وتصل أقرباءك وتعرف حق المسكين والجار والسائل " فقال يارسول الله ؛ أقلل لي . فقال : " آت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذرتبذيرا " فقال : يا رسول الله إذا أديت الزكاة إلى رسولك فقد برئت منها إلى الله ورسوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم إذا أديتها إلى رسولي فقد برئت منها ، فلك أجرها وإثمها على من بدلها " ) رواه اليهثمي في المجمع وقال :رواه أحمد في المسند وهو فيه ( 3/136) والطبراني في الأسط ورجاله رجال الصحيح …….
ومن أسباب الإسراف:
للإسراف والتبذير أسباب وبواعث توقع فيه، وتؤدي إليه، ونذكر منها:
1 - جهل المسرف بتعاليم الدين الذي ينهى عن الإسراف بشتى صوره ، فعاقبة المسرف في الدنيا الحسرة والندامة (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً) وفي الآخرة العقاب الأليم والعذاب الشديد (وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين).. ومن نتيجة جهل المسرف بتعاليم الدين مجاوزة الحد في تناول المباحات، فإن هذا من شأنه أن يؤدي إلى السمنة وضخامة البدن وسيطرة الشهوات، وبالتالي الكسل والتراخي، مما يؤدي به إلى الإسراف.
جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: "إياكم والبطنة في الطعام والشراب، فإنها مفسدة للجسد، مورثة للسقم، مكسلة عن الصلاة، وعليكم بالقصد فيهما، فإنه أصلح للجسد، وأبعد منالسرف..".
2- النشأة الأولى: فقد يكون السبب في الإسراف إنما هي النشأة الأولى، أي الحياة الأولى، ذلك أن الفرد قد ينشأ في أسرة حالها الإسراف والبذخ، فما يكون منه سوى الاقتداء والتأسي،وصدق من قال:
وينشأ ناشىء الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه
3- الغفلة عن طبيعة الحياة الدنيا وقد يكون السبب في الإسراف إنما هو الغفلة عن طبيعة الحياة الدنيا وما ينبغي أنتكون، ذلك أن طبيعة الحياة الدنيا أنها لا تثبت ولا تستقر على حال واحدة. والواجب يقتضي أن نضع النعمة في موضعها، وندخر ما يفيض عن حاجتنا الضرورية اليوم من مال وصحة إلى وقت آخر.
4 - السعة بعد الضيق أو اليسر بعد العسر، ذلك أن كثيراً من الناس قد يعيشون في ضيق أو حرمان أو شدة أو عسر، فإذا هم صابرون محتسبون، وقد يحدث أن تتبدل الأحوال فتكون السعة بعد الضيق، أو اليسر بعد العسر، وحينئذ يصعب على هذا الصنف من الناس التوسط أو الاعتدال فينقلب على النقيض تماماً، فيكون الإسراف والتبذير.
5- صحبة المسرفين: وقد يكون السبب في الإسراف إنما هي صحبة المسرفين ومخالطتهم، ذلك أن الإنسان غالباً ما يتخلق بأخلاق صاحبه وخليله، إذ أن المرء كما قال صلى الله عليه وسلم: "على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل".
6- حب الظهور والتباهي: وقد يكون الإسراف سببه حب الشهرة والتباهي أمام الناس رياء وسمعة والتعالي عليهم، فيظهر لهم أنه سخي وجواد، فينال ثناءهم ومدحهم، لذا ينفق أمواله في كل حين وبأي حال، ولا يهمه أنه أضاع أمواله وارتكب ما حرم الله.
7- المحاكاة والتقليد: وقد يكون سبب الإسراف محاكاة الغير وتقليدهم حتى لا يوصف بالبخل، فينفق أمواله كيفما كان من غير تبصر أو نظر في العاقبة التي سينتهي إليها.
من صورالإسراف في واقعنا
هناك صور كثيرة في دنيا الناس حين يراها العبد بمنظار الشرع يراها إسرافا وتبذيرا وتجاوزا للحدود ، قد أشار أبو الحسن الماوردي رحمه الله إلى كثير منها حين قالhttp://****.com/vb/images/smilies/frown.gif من التبذير أن ينفق ماله فيما لا يجدي عليه نفعاً في دنياه ولا يكسبه أجراً في أخراه، بل يكسبه في دنياه ذماً ويحمل إلى آخرته إثماً كإنفاقه في المحرمات وشرب الخمر وإتيان الفواحش وإعطائه السفهاء من المغنين والملهين والمساخر والمضحكين، ومن التبذير أن يشغل المال بفضول الدور التي لا يحتاج إليها وعساه لا يسكنها أو يبنيها لأعدائه ولخراب الدهر الذي هو قاتله وسالبه، ومن التبذير أن يجعل المال في الفُرش الوثيرة والأواني الكثيرة الفضية والذهبية التي تقل أيامه ولا تتسع للارتفاق بها.." ثم يقول: "وكل ما أنفقه الإنسان ما يكسبه عند الله أجراً ويرفع له إليه منزلة، أو يكسب عند العقلاء وأهل التمييز حمداً فهو جود وليس بتبذير وإن عظم وكثر. وكل ما أنفقه في معصية الله التي تكسبه عند الله إثماً وعند العقلاء ذماً فهو تبذير وإن قلّ...).
فإنفاق المال على الدخان والمخدرات والمسكرات من أعظم صور الإسراف والتبذير ، وإنفاقه في فضول الطعام والشراب بل ورمي الطعام والشراب في القمامة من صور الإسراف والتبذير ، والعجيب أن بعض الدول الإسلامية تبلغ نسبة فضلات الأطعمة الملقاة في القمامة فيها 45% ، أليس هذا إسرافا وتبذيرا؟!.
ثم إن من صور الإسراف والتبذير متابعة الموضة والانشغال بجنون الأزياء والاستجابة لضغوط الحملات الإعلامية الصاخبة التي تحمل كثيرا من متابعيها على شراء ما لا يحتاجون.
وبالجملة فإن صورالإسراف والتبذير كثيرة ، نسأل الله أن يقينا والمسلمين شرها ، وأن يجنبنا جميعا كل مكروه وسوء، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وزاد الطين بله ان الاثرياء العرب نقلوا نشاطهم التبذيري الى الاسواق الغربية حيث يذهبون الى المصايف والمجعات التجارية في اوربا وامريكا وفيها تحدث عمليات الاسراف والتبذير بدون وجه حق ودون رادع يقول لهم ( كفى ) متناسين ان لهم اشقاء يعانون من الحرمان والجوع في بعض الدول العربية او حتى في الدول التي يعيشون فيها ...لذلك رجال الدين والفكر والقلم عليهم مسؤولية كبرى في توعية الناس عن مساؤى التبذير والاسراف لانها بالمحصلة تؤثر على المجتمع العربي عامة ....
الدكتوره امل شطنان الجبوري. كاتبة واعلامية / امريكا..؟
لكم تحيات
ماجد البلوي