الطويلعي
07-26-2013, 01:02 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
(جهاد النفس والشيطان)
أعجبت جدا في طرح الأخ العزيز سلطان الطويلعي حفظه الله ورعاه وهو يتساءل عن الجهاد في سبيل الله وما بال الأمة قد استهانوا به .لاشك أن الجهاد في سبيل الله فهو ذروة سنام الإسلام ورتبته في أعلى شعب الإيمان .به تعلو الكلمة وتعز الأمة .وتصان الحرمات ويقهر الأعداء. وبه يتم إقرار الحق في نصابه ويرد البغي والظلم والطغيان ويكافح الشر والكيد والعدوان .ولكن لما وهنت هذه الأمة وتشتتت صفوفها وعلا الباطل على الحق انطوى الكثير من الأمة تحت لواء الأعداء زاد من تسلط الأعداء وتحكمهم في الأمة .يقتلون أبناءها ويرملون نسائها وييتمون أطفالها ويحتلون ديارها فيستبيحون حرمتها ويعبثون بمقدساتها ومقدراتها . ولكن ياأخ سلطان كما قالوا أهل العلم الربانيون وليس المتعيلمون .إن للجهاد في الإسلام افقآ واسعاًً ونطاقا شاسعا وهو أنواعا متعددة .بالنفس والقلب والجنان والدعوة والقول والبيان والسيف واليد والمال والقلم واللسان والقدوة الحسنه وحتى التربية السليمة كما قال ابن القيم رحمه الله هو من الجهاد في سبيل الله ولكن لابد من الإعداد الجيد له .من القدرة والاستطاعة والقوه كما أمر الله بذلك (وعدوا لهم ما استطعتم من قوه ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)الآية. ويقول الله سبحانه وتعالى في آية أخرى:(وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله )الآية.وهذا يقرره ولي الأمر إذا رأى ذلك حيث إن الجهاد يقرره ولي الأمر وكما قال ابن القيم رحمه الله الجهاد على أربعة مراتب أولها جهاد النفس وثانيها جهاد الشيطان وهو ما يعنينا الآن . وما نحن في حاجته ولعلني استأذنك يا أخ سلطان واستأذن القراء أن نختصر هذا المقال على جهاد النفس. وجهاد الشيطان.إن من حكمة الله تعالى وعلمه أن خلق هذا الكون علوية وسفلية .وخلق الإنس والجن فجعل منهم كافرا وجعل منهم مؤمنا .وهو بصير بما يعملون . وأنزل الأبوين ادم وحواء من الجنة وأنزل معهما الشيطان الذي أغواهما فأزلهما عنها. وأخرجهما مما كانا فيه من النعيم المقيم فأنزلهما الله جميعا إلى عرصات هذه الأرض لتبدأ مرحلة العداوة والصراع والمعركة .بين ادم وذريته وبين الشيطان عليه لعائن الله .أنزلهم جميعا إلى الأرض بعد أن بث العداوة والبغضاء بينهم أبدا إلى قيام الساعة فإبليس عدو لأدم وذريته وادم خلقه الله من طين والطين طبيعته الثبات والدعة تودعه النواة فتخرج نخله وتودعه الحبة فتخرج سنبله .أما إبليس خلقه الله من النار وبذلك علا جنس الطين على جنس النار .وهذا ما بينه الحوار فيما بينهما كما بينه لنا القران بذلك .وعندما أمر الله إبليس في السجود لآدم فرفض أمر ربه بذلك فلعنه الله وطرده من رحمته .وأضمر العداوة لآدم وذريته حتى أنه قال (قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم.ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين).يقول علماء التفسير. أن الحكمة في أن لم يعطى إبليس أن يأتيه من فوق ولا من تحت .ففوق موضع نظر الرب جل جلاله إلى قلوب عباده المؤمنين وتحت هو موضع سجود الساجدين بين يدي رب العالمين .ولما علم إبليس أن المدار على القلب والاعتماد عليه .أجلب عليه بالوساوس واقبل بوجوه الشهوات إليه .وأمده من الأسباب والغي بما يقطعه عن أسباب التوفيق ونصب له من المصائد والحبائل ما لو سلم من الوقوع فيها لم يسلم من أن يحصل له بها التعويق فمنذ يبدأ العبد المسلم مرحلة التكليف الشرعي تبدأ معه مسيرة الصراع المتواصل مع الشيطان .أننا لا نخشى على النفوس الكافرة من الشيطان فتلكم نفوس مظلمة قد ضرب الشيطان أطنابه فيها ورتع ولكن الخوف كل الخوف والخشية كل الخشية على أنفس مسلمة لم تحسب للشيطان حسابا في واقعها وباتت غافلة عنه غير آبهة بمكره وان كانت معترفة بقابليتها لا لا عيبه وإغوائه لكونها غير معصومه إلا أنها نفوس اعتقد أهلها أنهم معقمون ضد الشيطان وخداعه محميون من إيثاره وإفساده بعد أن كونوا حولهم هالة مزيفه من الاطمئنان لأحوالهم وأوضاعهم فلم يعرفوا بذلك معروفا ولم ينكروا منكرا .أن الناظر إلى أحوال كثير من المجتمعات اليوم وبعض الأسر قد تغلغل الشيطان فيها فتفرقت وتشرذمت وتشتتت والشيطان حين يفلح في فك روابط الأسرة لا يهدم بيتا واحدا ولا يضع شرا محدودا إنما يوقع الأمة جمعا في شر بعيد المدى ذلك أن الأمة التي يقوم بنائها على لبنات ضعيفة مصيرها التشتت ويعظم الأمر لما تكون بين العائلة الواحدة ولعلني أذكركم مع معشر القراء فيما حصل بين نبي الله يوسف عليه السلام وأخوته حسب ما قصها القران الكريم حتى يتبين لكم جميعا حجم المصيبة حيث يقص الله سبحانه وتعالى هذه القصة المذهلة المرعبة التي ما سمع الناس بمثلها حيث ظهرت فيها سطوات إبليس فيما بين الإخوة .
يصحو يوسف عليه السلام ذات يوم وهو غلام فيما يقارب العاشرة وفي الصباح يجلس أمام أبيه ويقص عليه ما رأى ويقول يا أبتاه (إني رأيت إحدى عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ).لمح يعقوب عليه السلام وهو نبي عطاه الله من العلم ومن الإدراك ومن الفطنة والفهم أن ابنه هذا سوف يكون له شأن عظيم فخاف أن يخبر إخوته بهذه الرؤيا فيأتي الشيطان فيحول بينهم وبينه وهذا ما حدث(يا بني لا تقصص رأياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدوا مبينه)ولكن يوسف عليه السلالم ما حفظ وصية أبيه وما نفذها لأنه كان يحب إخوته وما شك فيهم فالأخوان الأشقاء الرحماء المتحابون كيف ينقم بعضهم على بعض وكيف يحسد بعضهم بعضا وكيف يبغي بعضهم على بعض .فأتى يوسف إلى أخوته وجلس معهم وهو من أصغرهم وقص عليهم القصة فثار الحقد في قلوبهم والحسد في نفوسهم وأصبح الخلاص من يوسف أمرا لابد منه وعلم يعقوب عليه السلام أن الإخوة علموا بأمر الرؤيا وأيقن ان المؤامره سوف تدبر اجتمع إخوة يوسف وهو ليس معهم .بل معهم الشيطان واتفقوا على الخلاص من يوسف(اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم)
اجتمعوا وقرروا أن يتخلصوا من يوسف في مكيدة ما سمع التاريخ بمثلها.فتى بريء طفل صغير تقي ورع يتآمر عليه إخوته .اجمعوا أمرهم على تلك المكيدة ثم أتوا إلى أبيهم متوسلين إليه بأن يرسل يوسف معهم يسرح ويمرح ويجري وأعيننا سوف تكون عليه .فأجابهم أبيهم بلسان الأب الحنون وبقلب مطمئن (واني ليحزنني أن تذهبوا به)ثم بدأوا في تنفيذ جريمتهم ذهبوا إلى الصحراء والسعادة تملأ قلبه لأنه سوف يلعب مع إخوته .ولكن إخوة يوسف ذهبوا وقلوبهم تغلي حقدا وتتفطر حسدا لهذا الأخ الحبيب القريب الصغير وأول ما وصلوا ما تركوه يلعب كما زعموا وإنما قيدوه بالحبل وانزلوه في البئر فأخذ يستغيث ويظن أنهم يمزحون فأنزلوه وهو يتشبث ويبكي فيقول له أخوه الآكبروهو يستهزي به هذه إحدى عشر كوكبا فأخذوا ينزلونه بالحبل وهو يقول (حسبنا الله ونعم الوكيل )قطعوا الحبل وتركوه في البئر في صحراء شاسعة وحيدا ليس معه إلا الله قطعوا الحبل وأقفوا عن يوسف في غيابة البئر ولكنه بقى معه حبل الله ثم بدأو في خلق الأعذار لأبيهم وأجمعوا على أن يدعوا أنه أكله الذئب فأتوا في قميصه وعليه دم وهم في حالة سيئة من البكاء والنحيب .ماذا حدث يالا هذه الرحمة التي أبكتهم (أنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب)هذا قميصه ملطخا بالدماء.أخذ يعقوب عليه السلام الثوب وضمه إليه وسالت عيناه بالدموع وهو يقول لقد كدتم مكيدة ودبرتم مؤامرة والله المستعان على ما تصفون.ثم تولى يعقوب يبكي حتى ابيضت عيناه وقال بعض العلماء أن الملائكة بكت على بكاء يعقوب عليه السلام وهكذا حرم يوسف عليه السلام من أبيه أربعين سنه واستوحش يعقوب وخلت الدار وأظلم كل شيء وهكذا ألاعيب الشيطان إذا انطوى الإنسان تحت لوائه يفرق بين الأبناء والأب وبين الأبناء والأم وبين الأخ وأخيه وبين الزوج وزوجه وبين الأقارب وبين الأسر وبين الجيران حتى أصبحت مجتمعاتنا تعاني من التشتت .ونرى العداوة والبغضاء قد استفحل أمرها ولساننا يقول يا أسفاه على روابطنا .وقال احد الحكماء أرى العداوة ولم أرى مسبباتها ونحمد الله أن الله سبحانه وتعالى تكفل في الآجال والأرزاق وإلا تحولت الأرض إلى مقابر نسأل الله العفو والعافية .ولكن عودة إلى الله ارحموا الناشئة لا تزرعوا في قلوبهم الحقد والحسد والكراهية .دعوهم يعيشوا حياة هادئة وهانية .بعيدا عن الأحقاد والضغائن مثل ما تعيشوا انتم .فأبليس سلاحه الوسوسة في صدر العبد يشككة عن صلاته يشغله في وضوئه يحزنه في نومه ويفتنه في يقظته وفي تجارته يزين له الحرام ويغرس له اليأس والقنوط من رحمة الله يوقع العداوة بين المسلمين يفكك دعائم الأسرة ويزلزل أركان آلامه يلقي الهمزات الخفية في نظرة بشهوة أوأفكار سيئة يشغل العبد عن عيوبه ويتتبع عيوب الآخرين ويتصيد أخطائهم يوقعه في ذلك ويوحي له أن هذا أمر جلل ثم يسوق له سيئ القول من غيبه ونميمة وفحش ورذيلة وفي انشغال القلوب في حطام الدنيا وعدم أحاطتها بأسوار الإيمان وحصون التقوى وفي زمن الجهل يتلصص إبليس لينفث سموم المكر والتدليس ذلك إن الجاهل لا يعرف مداخل الشيطان فيسيئها ولا مكايده فيبطلها ولا شباكه فينسفها ويجتذبه الشيطان بسهوله ويتغلب عليه بأدنى حيله يرصده في سهام الشبهات وسموم الشهوات وإذا استشاط العبد غضبا ضعف عقله وعميت بصيرته فحقق الشيطان مكره لأن إبليس يلعب بالغضبان كما يلعب الأطفال بالكره وقد عالج رسول الله صلى الله عليه وسلم محو الجاهلية وحماقتها وقطع ظلامها بأنواع المعرفة والإرشاد بحكمه وعفوه (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )لقد كفكف رسول الله صلى الله عليه وسلم من نزوات الجاهلية وأقام أركان المجتمع على الفضل وحسن التخلق ونبذ الجهل والغضب .الحلم أسم يقع على زم النفس من الخروج عند الورود عليها ضد ما تحب إلى ما نهى عنه وهو في موطن الغضب سيادة على النفس وضبط لها وكبح لجماحها .كما أ،ه لباس العلم فمن فقده فقد تعرى وبددت للناس سوءاته وهل يجيء الباطل بخير .إلا أن الغضب قرين الشر وان الحلم راحة القلوب وسعادة الجماعات .ان التفاوت بين الناس بعيد الشقة ومع أنهم من أبوين اثنين .فان اختلافهم في أوضاعهم وخلالهم .مثار امتحان بالغ الجدوى. ففي الناس الحليم الأريب المتأني .وان في الناس الطايش الأوهج .كما ان فيهم الغر المأفون الذي تسستخفه التوافه فيستحمق على عجل ويكون لسانه وفعله قبل قلبه .وهذا ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم (ولا تتكلم بكلام تعتذر منه غدا )إن من الناس من لا يسكت عن الغضب فهو شخص غضوب في ثورة دائمة وتغيظ يطبع على وجهه العبوس إذا مسه أحداًً بأذى ارتعش كالمحموم وأنشأ يرغي ويزبد ويلعن ويطعن قد يطلق زوجه في نقصان ملح أو يبوسة خبز ثم يطلقها عدد نجوم السماء وكان يكفيه من ذلك عطارد فيتهارشان تهارش الكلبين أو يتناقران تناقر الديكين فلا يفترقا الا عن الخدش .والنفر والهجر فيجني كل منهما على نفسه بالحرمان والعقوبة والنتيجة الحاصلة هي يتم الأولاد أبان الحياه والإسلام بريء كل البراء من هذه الخلال . ثم ما ذنب الولد إذا خرج من بيته هائما مكفهرا وجهه خائفا صدره ينطلق يمنه ويسره يبحث عن سبب يزيل به همه ويجلو غمه ولربما استبشر به وبأمثاله وحوش الظلام وذئاب المجتمع فيسير وراء تخبطهم ويضيع بضياعهم عن طريق الكيوف القاتلة من المسكرات والمخدرات . كل ذلك نتيجة غضبه من أبيه وأمه أعقبها سب وشتم ولطم وربما طرد ولعن فيتبدد بذلك شمل الأسرة وتقوض المجتمعات فيكسب في كل يوم عدو ويفقد صديق ويهدم بيت فلا حول ولا قوه إلا بالله اعاذانا الله وأياكم من الغضب ومن سوءه وأثاره ورزقنا الحلم والتحلم انه سميعا مجيب
تحيات
عبد الهادي الطويلعي
(جهاد النفس والشيطان)
أعجبت جدا في طرح الأخ العزيز سلطان الطويلعي حفظه الله ورعاه وهو يتساءل عن الجهاد في سبيل الله وما بال الأمة قد استهانوا به .لاشك أن الجهاد في سبيل الله فهو ذروة سنام الإسلام ورتبته في أعلى شعب الإيمان .به تعلو الكلمة وتعز الأمة .وتصان الحرمات ويقهر الأعداء. وبه يتم إقرار الحق في نصابه ويرد البغي والظلم والطغيان ويكافح الشر والكيد والعدوان .ولكن لما وهنت هذه الأمة وتشتتت صفوفها وعلا الباطل على الحق انطوى الكثير من الأمة تحت لواء الأعداء زاد من تسلط الأعداء وتحكمهم في الأمة .يقتلون أبناءها ويرملون نسائها وييتمون أطفالها ويحتلون ديارها فيستبيحون حرمتها ويعبثون بمقدساتها ومقدراتها . ولكن ياأخ سلطان كما قالوا أهل العلم الربانيون وليس المتعيلمون .إن للجهاد في الإسلام افقآ واسعاًً ونطاقا شاسعا وهو أنواعا متعددة .بالنفس والقلب والجنان والدعوة والقول والبيان والسيف واليد والمال والقلم واللسان والقدوة الحسنه وحتى التربية السليمة كما قال ابن القيم رحمه الله هو من الجهاد في سبيل الله ولكن لابد من الإعداد الجيد له .من القدرة والاستطاعة والقوه كما أمر الله بذلك (وعدوا لهم ما استطعتم من قوه ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)الآية. ويقول الله سبحانه وتعالى في آية أخرى:(وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله )الآية.وهذا يقرره ولي الأمر إذا رأى ذلك حيث إن الجهاد يقرره ولي الأمر وكما قال ابن القيم رحمه الله الجهاد على أربعة مراتب أولها جهاد النفس وثانيها جهاد الشيطان وهو ما يعنينا الآن . وما نحن في حاجته ولعلني استأذنك يا أخ سلطان واستأذن القراء أن نختصر هذا المقال على جهاد النفس. وجهاد الشيطان.إن من حكمة الله تعالى وعلمه أن خلق هذا الكون علوية وسفلية .وخلق الإنس والجن فجعل منهم كافرا وجعل منهم مؤمنا .وهو بصير بما يعملون . وأنزل الأبوين ادم وحواء من الجنة وأنزل معهما الشيطان الذي أغواهما فأزلهما عنها. وأخرجهما مما كانا فيه من النعيم المقيم فأنزلهما الله جميعا إلى عرصات هذه الأرض لتبدأ مرحلة العداوة والصراع والمعركة .بين ادم وذريته وبين الشيطان عليه لعائن الله .أنزلهم جميعا إلى الأرض بعد أن بث العداوة والبغضاء بينهم أبدا إلى قيام الساعة فإبليس عدو لأدم وذريته وادم خلقه الله من طين والطين طبيعته الثبات والدعة تودعه النواة فتخرج نخله وتودعه الحبة فتخرج سنبله .أما إبليس خلقه الله من النار وبذلك علا جنس الطين على جنس النار .وهذا ما بينه الحوار فيما بينهما كما بينه لنا القران بذلك .وعندما أمر الله إبليس في السجود لآدم فرفض أمر ربه بذلك فلعنه الله وطرده من رحمته .وأضمر العداوة لآدم وذريته حتى أنه قال (قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم.ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين).يقول علماء التفسير. أن الحكمة في أن لم يعطى إبليس أن يأتيه من فوق ولا من تحت .ففوق موضع نظر الرب جل جلاله إلى قلوب عباده المؤمنين وتحت هو موضع سجود الساجدين بين يدي رب العالمين .ولما علم إبليس أن المدار على القلب والاعتماد عليه .أجلب عليه بالوساوس واقبل بوجوه الشهوات إليه .وأمده من الأسباب والغي بما يقطعه عن أسباب التوفيق ونصب له من المصائد والحبائل ما لو سلم من الوقوع فيها لم يسلم من أن يحصل له بها التعويق فمنذ يبدأ العبد المسلم مرحلة التكليف الشرعي تبدأ معه مسيرة الصراع المتواصل مع الشيطان .أننا لا نخشى على النفوس الكافرة من الشيطان فتلكم نفوس مظلمة قد ضرب الشيطان أطنابه فيها ورتع ولكن الخوف كل الخوف والخشية كل الخشية على أنفس مسلمة لم تحسب للشيطان حسابا في واقعها وباتت غافلة عنه غير آبهة بمكره وان كانت معترفة بقابليتها لا لا عيبه وإغوائه لكونها غير معصومه إلا أنها نفوس اعتقد أهلها أنهم معقمون ضد الشيطان وخداعه محميون من إيثاره وإفساده بعد أن كونوا حولهم هالة مزيفه من الاطمئنان لأحوالهم وأوضاعهم فلم يعرفوا بذلك معروفا ولم ينكروا منكرا .أن الناظر إلى أحوال كثير من المجتمعات اليوم وبعض الأسر قد تغلغل الشيطان فيها فتفرقت وتشرذمت وتشتتت والشيطان حين يفلح في فك روابط الأسرة لا يهدم بيتا واحدا ولا يضع شرا محدودا إنما يوقع الأمة جمعا في شر بعيد المدى ذلك أن الأمة التي يقوم بنائها على لبنات ضعيفة مصيرها التشتت ويعظم الأمر لما تكون بين العائلة الواحدة ولعلني أذكركم مع معشر القراء فيما حصل بين نبي الله يوسف عليه السلام وأخوته حسب ما قصها القران الكريم حتى يتبين لكم جميعا حجم المصيبة حيث يقص الله سبحانه وتعالى هذه القصة المذهلة المرعبة التي ما سمع الناس بمثلها حيث ظهرت فيها سطوات إبليس فيما بين الإخوة .
يصحو يوسف عليه السلام ذات يوم وهو غلام فيما يقارب العاشرة وفي الصباح يجلس أمام أبيه ويقص عليه ما رأى ويقول يا أبتاه (إني رأيت إحدى عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ).لمح يعقوب عليه السلام وهو نبي عطاه الله من العلم ومن الإدراك ومن الفطنة والفهم أن ابنه هذا سوف يكون له شأن عظيم فخاف أن يخبر إخوته بهذه الرؤيا فيأتي الشيطان فيحول بينهم وبينه وهذا ما حدث(يا بني لا تقصص رأياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدوا مبينه)ولكن يوسف عليه السلالم ما حفظ وصية أبيه وما نفذها لأنه كان يحب إخوته وما شك فيهم فالأخوان الأشقاء الرحماء المتحابون كيف ينقم بعضهم على بعض وكيف يحسد بعضهم بعضا وكيف يبغي بعضهم على بعض .فأتى يوسف إلى أخوته وجلس معهم وهو من أصغرهم وقص عليهم القصة فثار الحقد في قلوبهم والحسد في نفوسهم وأصبح الخلاص من يوسف أمرا لابد منه وعلم يعقوب عليه السلام أن الإخوة علموا بأمر الرؤيا وأيقن ان المؤامره سوف تدبر اجتمع إخوة يوسف وهو ليس معهم .بل معهم الشيطان واتفقوا على الخلاص من يوسف(اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم)
اجتمعوا وقرروا أن يتخلصوا من يوسف في مكيدة ما سمع التاريخ بمثلها.فتى بريء طفل صغير تقي ورع يتآمر عليه إخوته .اجمعوا أمرهم على تلك المكيدة ثم أتوا إلى أبيهم متوسلين إليه بأن يرسل يوسف معهم يسرح ويمرح ويجري وأعيننا سوف تكون عليه .فأجابهم أبيهم بلسان الأب الحنون وبقلب مطمئن (واني ليحزنني أن تذهبوا به)ثم بدأوا في تنفيذ جريمتهم ذهبوا إلى الصحراء والسعادة تملأ قلبه لأنه سوف يلعب مع إخوته .ولكن إخوة يوسف ذهبوا وقلوبهم تغلي حقدا وتتفطر حسدا لهذا الأخ الحبيب القريب الصغير وأول ما وصلوا ما تركوه يلعب كما زعموا وإنما قيدوه بالحبل وانزلوه في البئر فأخذ يستغيث ويظن أنهم يمزحون فأنزلوه وهو يتشبث ويبكي فيقول له أخوه الآكبروهو يستهزي به هذه إحدى عشر كوكبا فأخذوا ينزلونه بالحبل وهو يقول (حسبنا الله ونعم الوكيل )قطعوا الحبل وتركوه في البئر في صحراء شاسعة وحيدا ليس معه إلا الله قطعوا الحبل وأقفوا عن يوسف في غيابة البئر ولكنه بقى معه حبل الله ثم بدأو في خلق الأعذار لأبيهم وأجمعوا على أن يدعوا أنه أكله الذئب فأتوا في قميصه وعليه دم وهم في حالة سيئة من البكاء والنحيب .ماذا حدث يالا هذه الرحمة التي أبكتهم (أنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب)هذا قميصه ملطخا بالدماء.أخذ يعقوب عليه السلام الثوب وضمه إليه وسالت عيناه بالدموع وهو يقول لقد كدتم مكيدة ودبرتم مؤامرة والله المستعان على ما تصفون.ثم تولى يعقوب يبكي حتى ابيضت عيناه وقال بعض العلماء أن الملائكة بكت على بكاء يعقوب عليه السلام وهكذا حرم يوسف عليه السلام من أبيه أربعين سنه واستوحش يعقوب وخلت الدار وأظلم كل شيء وهكذا ألاعيب الشيطان إذا انطوى الإنسان تحت لوائه يفرق بين الأبناء والأب وبين الأبناء والأم وبين الأخ وأخيه وبين الزوج وزوجه وبين الأقارب وبين الأسر وبين الجيران حتى أصبحت مجتمعاتنا تعاني من التشتت .ونرى العداوة والبغضاء قد استفحل أمرها ولساننا يقول يا أسفاه على روابطنا .وقال احد الحكماء أرى العداوة ولم أرى مسبباتها ونحمد الله أن الله سبحانه وتعالى تكفل في الآجال والأرزاق وإلا تحولت الأرض إلى مقابر نسأل الله العفو والعافية .ولكن عودة إلى الله ارحموا الناشئة لا تزرعوا في قلوبهم الحقد والحسد والكراهية .دعوهم يعيشوا حياة هادئة وهانية .بعيدا عن الأحقاد والضغائن مثل ما تعيشوا انتم .فأبليس سلاحه الوسوسة في صدر العبد يشككة عن صلاته يشغله في وضوئه يحزنه في نومه ويفتنه في يقظته وفي تجارته يزين له الحرام ويغرس له اليأس والقنوط من رحمة الله يوقع العداوة بين المسلمين يفكك دعائم الأسرة ويزلزل أركان آلامه يلقي الهمزات الخفية في نظرة بشهوة أوأفكار سيئة يشغل العبد عن عيوبه ويتتبع عيوب الآخرين ويتصيد أخطائهم يوقعه في ذلك ويوحي له أن هذا أمر جلل ثم يسوق له سيئ القول من غيبه ونميمة وفحش ورذيلة وفي انشغال القلوب في حطام الدنيا وعدم أحاطتها بأسوار الإيمان وحصون التقوى وفي زمن الجهل يتلصص إبليس لينفث سموم المكر والتدليس ذلك إن الجاهل لا يعرف مداخل الشيطان فيسيئها ولا مكايده فيبطلها ولا شباكه فينسفها ويجتذبه الشيطان بسهوله ويتغلب عليه بأدنى حيله يرصده في سهام الشبهات وسموم الشهوات وإذا استشاط العبد غضبا ضعف عقله وعميت بصيرته فحقق الشيطان مكره لأن إبليس يلعب بالغضبان كما يلعب الأطفال بالكره وقد عالج رسول الله صلى الله عليه وسلم محو الجاهلية وحماقتها وقطع ظلامها بأنواع المعرفة والإرشاد بحكمه وعفوه (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )لقد كفكف رسول الله صلى الله عليه وسلم من نزوات الجاهلية وأقام أركان المجتمع على الفضل وحسن التخلق ونبذ الجهل والغضب .الحلم أسم يقع على زم النفس من الخروج عند الورود عليها ضد ما تحب إلى ما نهى عنه وهو في موطن الغضب سيادة على النفس وضبط لها وكبح لجماحها .كما أ،ه لباس العلم فمن فقده فقد تعرى وبددت للناس سوءاته وهل يجيء الباطل بخير .إلا أن الغضب قرين الشر وان الحلم راحة القلوب وسعادة الجماعات .ان التفاوت بين الناس بعيد الشقة ومع أنهم من أبوين اثنين .فان اختلافهم في أوضاعهم وخلالهم .مثار امتحان بالغ الجدوى. ففي الناس الحليم الأريب المتأني .وان في الناس الطايش الأوهج .كما ان فيهم الغر المأفون الذي تسستخفه التوافه فيستحمق على عجل ويكون لسانه وفعله قبل قلبه .وهذا ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم (ولا تتكلم بكلام تعتذر منه غدا )إن من الناس من لا يسكت عن الغضب فهو شخص غضوب في ثورة دائمة وتغيظ يطبع على وجهه العبوس إذا مسه أحداًً بأذى ارتعش كالمحموم وأنشأ يرغي ويزبد ويلعن ويطعن قد يطلق زوجه في نقصان ملح أو يبوسة خبز ثم يطلقها عدد نجوم السماء وكان يكفيه من ذلك عطارد فيتهارشان تهارش الكلبين أو يتناقران تناقر الديكين فلا يفترقا الا عن الخدش .والنفر والهجر فيجني كل منهما على نفسه بالحرمان والعقوبة والنتيجة الحاصلة هي يتم الأولاد أبان الحياه والإسلام بريء كل البراء من هذه الخلال . ثم ما ذنب الولد إذا خرج من بيته هائما مكفهرا وجهه خائفا صدره ينطلق يمنه ويسره يبحث عن سبب يزيل به همه ويجلو غمه ولربما استبشر به وبأمثاله وحوش الظلام وذئاب المجتمع فيسير وراء تخبطهم ويضيع بضياعهم عن طريق الكيوف القاتلة من المسكرات والمخدرات . كل ذلك نتيجة غضبه من أبيه وأمه أعقبها سب وشتم ولطم وربما طرد ولعن فيتبدد بذلك شمل الأسرة وتقوض المجتمعات فيكسب في كل يوم عدو ويفقد صديق ويهدم بيت فلا حول ولا قوه إلا بالله اعاذانا الله وأياكم من الغضب ومن سوءه وأثاره ورزقنا الحلم والتحلم انه سميعا مجيب
تحيات
عبد الهادي الطويلعي