نواف النجيدي
12-09-2005, 08:09 AM
http://www.islamlight.net//images/stories/%CD%CF%CB%20%E6%CA%DE%D1%ED%D1%20.gif
تداعيات أحداث فرنسا الأخيرة وهجرة المسلمين
اندلعت مظاهرات عنيفة في فرنسا منذ حوالي أسبوعين استمرت لمدة 12 عشر يوماً دمرت خلالها كثير من الممتلكات, على إثرها أعلنت الحكومة الفرنسية حالت الطوارىء في بعض أحياء باريس لأول مرة منذ الحرب العالمية.
التقرير
توطئة
يعتبر الإسلام في فرنسا الديانة الثانية بعد المسيحية,وفرنسا تعتبر ثاني دولة أوروبية بعد أسبانيا، دخلها الإسلام في الفتوحات الأولى في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك فقد بسط المسلمين نفوذهم على جنوب فرنسا بعد فتحهم للأندلس, وكانت محطة لنقل العلوم الإسلامية إلى باقي الدول والممالك الأوروبية , وفي الحقبة الاستعمارية الأوروبية استعمرت فرنسا كثيراً من بلاد المسلمين خصوصا الأفريقية منها، وانتقل عدد كبير من مسلمي هذه الدول إلى فرنسا وكانت لهم اليد الطولي في الحرب العالمية عندما حاربوا إلى جانب فرنسا ضد الألمان,وبعد أن وضعت الحرب العالمية أوزارها شارك هؤلاء المهاجرون في عملية التنمية في فرنسا باعتبارهم عمالة رخيصة , وبعد ذلك أخذت الهجرات تتوالى على فرنسا من شتى الدول العربية كلجوء سياسي، وطلباً للرزق والبحث عن الفردوس المفقود عند شعوب العالم الثالث، ولهذا أصبحت فرنسا "تضم أكبر جالية إسلامية على أراضيها ؛ إذ يبلغ عدد المسلمين بها حوالي ستة ملايين نسمة لديهم (1300) مسجد، وحوالي (600) جمعية ، وإذاعات محلية إضافة إلى وجود أكثر من (100) ألف مسلم من أصل فرنسي. ونشرت مجلة "لوموند" الشهيرة تعليقًا على ظاهرة إسلام الفرنسيين بعد إسلام "بييربونارد" رئيس الغرفة التجارية في باريس أن معتنقي الإسلام في فرناس سيشكلون النموذج المرتقب لما سيكون عليه مستقبل الإسلام في فرنسا.[1]
وظل المجتمع الفرنسي ينظر إلى هؤلاء المهاجرين على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية وهذا أثر على اندماجهم في المجتمع الجديد ونتج عن ذلك مزيد من التهميش والتجاهل ولعل الاضطرابات الأخيرة في ضواحي باريس نتاج عملي لهذا الأمر.كما لا ننسى قيام الحكومة الفرنسية بمنع ارتداء الحجاب في المدارس .
أحداث باريس
اندلعت مظاهرات وأعمال شغب في ضواحي باريس على مدى الأسبوعين الماضيين بعد أن صُعق شابان أحدهما تونسي والأخر أفريقي في غرفة كهر بائية أحتموا فيها من مطاردات الشرطة الفرنسية وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير وأزاحت الرماد عن النار, أنطلق أبناء المهاجرين كالسيل في أعمال شغب أضرم خلالها النار في حوالي 1400سيارة، وأصيب العشرات، وقتل فيها أحد أفراد الشرطة,واعتقل فيها المئات من المتظاهرين, ولم يكن صعق الشابين إلا القدَّاحة التي أطلقت شرارة الحريق الكبير، والتي خشيت منها كل أوربا ولعلنا في هذا المقام نورد الأسباب الثلاثة التي أدت إلى هذه المظاهرات:
* التمييز الذي يعانيه السكان من أصل إفريقي في مختلف المجالات "، حيث لا يجدون وظائف مناسبة، ويعاملون كمواطنين هامشيين من الدرجة الثانية أو الثالثة، يعيشون مع الفقر والحرمان في الضواحي المكتظة بالعاطلين من العمل والمنحرفين والخارجين على القانون . [2]
* فشل سياسة الدمج التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة، ولعل هذا يظهر جلياً في صعود اليمين المتطرف في فرنسا في الانتخابات، فبرنامجهم الانتخابي يدعو لطرد الأجانب من البلاد والحد من الهجرة إليها.
* احتدام النزاع بين الرئيس جاك شيراك ووزير الداخلية نيكولا ساركوزي, على خلفية معركة الرئاسة الفرنسية، فوزير الداخلية ساركوزي يطمح أن يتربع على كرسي الرئاسة الفرنسية ببرنامج انتخابي يميني يعتمد على شريحة كبيرة من الشعب تكره الأجانب وتتمنى رحيلهم، ولذا فقد صرح ساركوزي في أول اندلاع للشغب بأن مدبريه رعاع وحثالة وأوباش ويجب تأديبهم وإخراجهم من فرنسا ولجأ إلى الحل الأمني, وحدا بشيرايك إلى دعوة رؤساء الجاليات المسلمة وعلمائهم لبحث جذور الأزمة فقد بحث "دومينيك دو فيلبان رئيس الوزراء الفرنسي مع الدكتور دليل أبوبكر، رئيس مجلس الديانة الإسلامية في فرنسا، أحداث العنف التي تشهدها عدة مناطق [3] .
ثم نضيف سبباً رابعاً لهذه الأسباب وهي الغربة التي يعشها المسلمون في فرنسا فإلى جانب غربة الوطن والبعد عنه وما ينتج عنه من نفسيات متوترة أحياناً إلا إن غربة الروح التي يعانون منها أكبر بكثير، فالمجتمع الفرنسي مجتمع متحلل متحرر أخلاقياً يصطدم مع ثوابت الدين ومعتقداته, ثم هذه الدولة التي تعتبر في العرف السياسي مؤسِسة العلمانية الأولى، تتحدى الدين وتجابهه وليس أدل على ذلك من منعها الحجاب واستهدفت بهذا المنع عقيدة المسلمين ورفضت كل النداءات والمطالبات المحلية والدولية, كل هذا وذاك أفرز فراغاً وغربة روحية لدى المسلمين في تلك البلاد.
كما أنه يجدر بنا أن نقول أن تحميل المسلمين وحدهم ما حدث يعتبر حيف وجناية, فالمحتجين من مختلف الأديان اشتركوا جميعهم في نفس المعاناة.
إضاءة :
إن ما حدث في فرنسا يمكن أن يستنسخ في أي مكان أخر طالما توفرت نفس الأسباب وليس أدل على ذلك انتقال عدوى المظاهرات إلى ألمانيا وبلجيكا واستُنفرت أجهزة الأمن في كثير من الدول الأوروبية, بل إن أحداث فرنسا سلطت الضوء على وضع العمالة في بلادنا وكما اعتبرها المحلل الأمريكي من أصل عربي جيمس زغبي قنبلة موقوتة, فينبغي على صناع القرار التنبه وأخذ الحيطة والحذر ومعالجة مشكلات هؤلاء الوافدين ويخص منهم الدول الخليجية التي يستقر فيها المهاجرين"تجربة المملكة في دمج المهاجرين إلى الحجاز ومنحهم كل حقوق المواطنة ووصلوا إلى أعلى الرتب والمناصب في الدولة" ولعل انتفاضة العمالة البنغالية في الكويت على سفارة بلادهم قبل فترة لتقاعسها عن المطالبة بحقوقهم أبلغ دليل عملي على ذلك.
كما أنه يجب التنبه إلى أن الاندفاع والحماس والغوغائية قد تأتي بنتائج عكسية ولا تخدم مصالح المسلمين في العالم, والأصل العودة والرجوع إلى العقلاء وأهل الحل والعقد لضبط الأمور ومن ثم الاستجابة لتوجيهاتهم.
نأمل أن نكون قد أتينا على الموضوع من أطرافه إسهاماً منا في بث روح الوعي والمعرفة لدى قرائنا الأعزاء .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
http://www.islamonline.net/arabic/daawa/2003/01/article13.shtml
[2] http://www.alwifaq.net/news/akhbar.php?
do=show&id=3949
[3]فرنسا
http://www.alwifaq.net/news/akhdo= (http://www.alwifaq.net/news/akhdo=)
محبكم الزاد
تداعيات أحداث فرنسا الأخيرة وهجرة المسلمين
اندلعت مظاهرات عنيفة في فرنسا منذ حوالي أسبوعين استمرت لمدة 12 عشر يوماً دمرت خلالها كثير من الممتلكات, على إثرها أعلنت الحكومة الفرنسية حالت الطوارىء في بعض أحياء باريس لأول مرة منذ الحرب العالمية.
التقرير
توطئة
يعتبر الإسلام في فرنسا الديانة الثانية بعد المسيحية,وفرنسا تعتبر ثاني دولة أوروبية بعد أسبانيا، دخلها الإسلام في الفتوحات الأولى في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك فقد بسط المسلمين نفوذهم على جنوب فرنسا بعد فتحهم للأندلس, وكانت محطة لنقل العلوم الإسلامية إلى باقي الدول والممالك الأوروبية , وفي الحقبة الاستعمارية الأوروبية استعمرت فرنسا كثيراً من بلاد المسلمين خصوصا الأفريقية منها، وانتقل عدد كبير من مسلمي هذه الدول إلى فرنسا وكانت لهم اليد الطولي في الحرب العالمية عندما حاربوا إلى جانب فرنسا ضد الألمان,وبعد أن وضعت الحرب العالمية أوزارها شارك هؤلاء المهاجرون في عملية التنمية في فرنسا باعتبارهم عمالة رخيصة , وبعد ذلك أخذت الهجرات تتوالى على فرنسا من شتى الدول العربية كلجوء سياسي، وطلباً للرزق والبحث عن الفردوس المفقود عند شعوب العالم الثالث، ولهذا أصبحت فرنسا "تضم أكبر جالية إسلامية على أراضيها ؛ إذ يبلغ عدد المسلمين بها حوالي ستة ملايين نسمة لديهم (1300) مسجد، وحوالي (600) جمعية ، وإذاعات محلية إضافة إلى وجود أكثر من (100) ألف مسلم من أصل فرنسي. ونشرت مجلة "لوموند" الشهيرة تعليقًا على ظاهرة إسلام الفرنسيين بعد إسلام "بييربونارد" رئيس الغرفة التجارية في باريس أن معتنقي الإسلام في فرناس سيشكلون النموذج المرتقب لما سيكون عليه مستقبل الإسلام في فرنسا.[1]
وظل المجتمع الفرنسي ينظر إلى هؤلاء المهاجرين على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية وهذا أثر على اندماجهم في المجتمع الجديد ونتج عن ذلك مزيد من التهميش والتجاهل ولعل الاضطرابات الأخيرة في ضواحي باريس نتاج عملي لهذا الأمر.كما لا ننسى قيام الحكومة الفرنسية بمنع ارتداء الحجاب في المدارس .
أحداث باريس
اندلعت مظاهرات وأعمال شغب في ضواحي باريس على مدى الأسبوعين الماضيين بعد أن صُعق شابان أحدهما تونسي والأخر أفريقي في غرفة كهر بائية أحتموا فيها من مطاردات الشرطة الفرنسية وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير وأزاحت الرماد عن النار, أنطلق أبناء المهاجرين كالسيل في أعمال شغب أضرم خلالها النار في حوالي 1400سيارة، وأصيب العشرات، وقتل فيها أحد أفراد الشرطة,واعتقل فيها المئات من المتظاهرين, ولم يكن صعق الشابين إلا القدَّاحة التي أطلقت شرارة الحريق الكبير، والتي خشيت منها كل أوربا ولعلنا في هذا المقام نورد الأسباب الثلاثة التي أدت إلى هذه المظاهرات:
* التمييز الذي يعانيه السكان من أصل إفريقي في مختلف المجالات "، حيث لا يجدون وظائف مناسبة، ويعاملون كمواطنين هامشيين من الدرجة الثانية أو الثالثة، يعيشون مع الفقر والحرمان في الضواحي المكتظة بالعاطلين من العمل والمنحرفين والخارجين على القانون . [2]
* فشل سياسة الدمج التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة، ولعل هذا يظهر جلياً في صعود اليمين المتطرف في فرنسا في الانتخابات، فبرنامجهم الانتخابي يدعو لطرد الأجانب من البلاد والحد من الهجرة إليها.
* احتدام النزاع بين الرئيس جاك شيراك ووزير الداخلية نيكولا ساركوزي, على خلفية معركة الرئاسة الفرنسية، فوزير الداخلية ساركوزي يطمح أن يتربع على كرسي الرئاسة الفرنسية ببرنامج انتخابي يميني يعتمد على شريحة كبيرة من الشعب تكره الأجانب وتتمنى رحيلهم، ولذا فقد صرح ساركوزي في أول اندلاع للشغب بأن مدبريه رعاع وحثالة وأوباش ويجب تأديبهم وإخراجهم من فرنسا ولجأ إلى الحل الأمني, وحدا بشيرايك إلى دعوة رؤساء الجاليات المسلمة وعلمائهم لبحث جذور الأزمة فقد بحث "دومينيك دو فيلبان رئيس الوزراء الفرنسي مع الدكتور دليل أبوبكر، رئيس مجلس الديانة الإسلامية في فرنسا، أحداث العنف التي تشهدها عدة مناطق [3] .
ثم نضيف سبباً رابعاً لهذه الأسباب وهي الغربة التي يعشها المسلمون في فرنسا فإلى جانب غربة الوطن والبعد عنه وما ينتج عنه من نفسيات متوترة أحياناً إلا إن غربة الروح التي يعانون منها أكبر بكثير، فالمجتمع الفرنسي مجتمع متحلل متحرر أخلاقياً يصطدم مع ثوابت الدين ومعتقداته, ثم هذه الدولة التي تعتبر في العرف السياسي مؤسِسة العلمانية الأولى، تتحدى الدين وتجابهه وليس أدل على ذلك من منعها الحجاب واستهدفت بهذا المنع عقيدة المسلمين ورفضت كل النداءات والمطالبات المحلية والدولية, كل هذا وذاك أفرز فراغاً وغربة روحية لدى المسلمين في تلك البلاد.
كما أنه يجدر بنا أن نقول أن تحميل المسلمين وحدهم ما حدث يعتبر حيف وجناية, فالمحتجين من مختلف الأديان اشتركوا جميعهم في نفس المعاناة.
إضاءة :
إن ما حدث في فرنسا يمكن أن يستنسخ في أي مكان أخر طالما توفرت نفس الأسباب وليس أدل على ذلك انتقال عدوى المظاهرات إلى ألمانيا وبلجيكا واستُنفرت أجهزة الأمن في كثير من الدول الأوروبية, بل إن أحداث فرنسا سلطت الضوء على وضع العمالة في بلادنا وكما اعتبرها المحلل الأمريكي من أصل عربي جيمس زغبي قنبلة موقوتة, فينبغي على صناع القرار التنبه وأخذ الحيطة والحذر ومعالجة مشكلات هؤلاء الوافدين ويخص منهم الدول الخليجية التي يستقر فيها المهاجرين"تجربة المملكة في دمج المهاجرين إلى الحجاز ومنحهم كل حقوق المواطنة ووصلوا إلى أعلى الرتب والمناصب في الدولة" ولعل انتفاضة العمالة البنغالية في الكويت على سفارة بلادهم قبل فترة لتقاعسها عن المطالبة بحقوقهم أبلغ دليل عملي على ذلك.
كما أنه يجب التنبه إلى أن الاندفاع والحماس والغوغائية قد تأتي بنتائج عكسية ولا تخدم مصالح المسلمين في العالم, والأصل العودة والرجوع إلى العقلاء وأهل الحل والعقد لضبط الأمور ومن ثم الاستجابة لتوجيهاتهم.
نأمل أن نكون قد أتينا على الموضوع من أطرافه إسهاماً منا في بث روح الوعي والمعرفة لدى قرائنا الأعزاء .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
http://www.islamonline.net/arabic/daawa/2003/01/article13.shtml
[2] http://www.alwifaq.net/news/akhbar.php?
do=show&id=3949
[3]فرنسا
http://www.alwifaq.net/news/akhdo= (http://www.alwifaq.net/news/akhdo=)
محبكم الزاد