ابراهيم بن علي العثماني
12-16-2005, 02:35 PM
الرياض : علي الشهري
توفي مساء أمس الأربعاء الشيخ الدكتور علي عبدالله جابر إثر مرض ألم به منذ فترة طويلة بمدينة جدة، والمعروف أن الشيخ على جابر كان إمام الحرم السابق، وكان مدرساً في الفقه المقارن بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، وكان إمام المصلين في الحرم المكي من عام 1401 إلى رمضان 1409ه رحمه الله و كانت بطلب خاص من الملك خالد رحمه الله.
سيرة الشيخ
ولد الشيخ علي جابر في مدينة جدة عام 1373هـ وبالتحديد في شهر ذي الحجة، إلا أنه عند بلوغه الخامسة من عمره انتقل إلى المدينة المنورة مع والديه لتكون مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم مقر إقامته برفقة والديه.
يقول الشيخ علي جابر عن تلك المرحلة ـ كما وصفها لصحيفة عكاظ ـ "بعد انتقالي إلى المدينة النبوية التحقت بمدرسة دار الحديث فأكملت بها المرحلة الابتدائية والإعدادية، ثم انتقلت إلى المعهد الثانوي التابع للجامعة الإسلامية وبعدها دخلت كلية الشريعة وتخرجت فيها عام 95/1396هـ بدرجة امتياز، فالتحقت بالمعهد العالي للقضاء عام 96/1397هـ وأكملت به السنة المنهجية للماجستير، ثم أعددت الأطروحة وكانت عن (فقه عبدالله بن عمر رضي الله عنهما وأثره في مدرسة المدينة)، ونوقشت الرسالة عام 1400هـ وحصلت على درجة الماجستير)".
التدريس
لكن الشيخ علي جابر، بعد حصوله على الماجستير اعتذر عن القضاء، بعد أن تم تعيينه قاضيا في منطقة (ميسان) بالقرب من الطائف، ثم صدر أمر ملكي من الملك خالد بن عبدالعزيز بإخلاء طرفه من وزارة العدل، وتعيينه محاضرا في كلية التربية بالمدينة المنورة فرع جامعة الملك عبدالعزيز بالمدينة المنورة وبالتحديد في قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية، وباشر التدريس بها في العام الجامعي 1401هـ، إلا أن طموح الشيخ علي جابر لم يكن قاصرا عند هذا الحد، وقد انتابته في ذلك الحين أعراض عدة، هل يواصل دراسته؟ أم يتوظف؟ هذه الإرادة القوية، وحب العلم وطلبه، جعلت الشيخ يقرر بعد تخرجه من الجامعة، إكمال الدراسات العليا، ويتحدث عن ذلك قائلا "الإرادة الربّانية شاءت أن أواصل الدراسة الجامعية في مراحلها العليا حتى يتسنى لي الحصول على أكبر قسط من العلم، وحتى يتسنى لي الالتقاء بعدد آخر من العلماء في غير المنطقة التي عشت فيها، وبحمد الله تم لي ذلك، فقد انتقلت إلى الرياض وظفرت بمشايخ أجلاء".
كان حلم الشيخ علي جابر أن يحصل على الدكتوراه، بعد انقطاع دام سنوات عديدة، لكنه استطاع أن يتقدم بأطروحته في الفقه المقارن لنيل درجة الدكتوراه في رسالته بعنوان (فقه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق) التي نوقشت في الثاني والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1407هـ وحصل بموجبها على مرتبة الشرف الأولى.
حصل على الدكتوراه وفي الوقت نفسه كان إماما لصلاة التراويح في المسجد الحرام. ويوضح أحد المقربين منه تلك المرحلة بالقول "في اليوم الذي حصل فيه الشيخ جابر على الدكتوراه كان دوره في الإمامة، حيث كانت مقسّمة على ثلاثة أئمة فيؤم أحد المشايخ يوما ويرتاح يومين، وصادف أن ذلك اليوم كان نصيبه، ورغم ذلك لم يغب عن الإمامة فجاء من المطار مباشرة إلى المحراب ليقوم بواجبه".
هذا الرجل استطاع بحبه وإخلاصه للعلم والعمل، أن يجني ثمرة والده -رحمه الله- الذي تمنى أن يصبح أحد أبنائه صاحب علم شرعي، فاستطاع الشيخ بصبره ومثابرته على طلب العلم، أن يحقق أمنية والده حتى بعد وفاته.
وعن ذلك يقول الشيخ علي جابر "كان والدي -يرحمه الله- لا يسمح لنا بالخروج للعب في الشارع والاحتكاك بالآخرين حتى توفاه الله، كنت لا أعرف إلا الاتجاه إلى المسجد النبوي، ومن ثم الدراسة وأخيرا العودة إلى البيت، لقد كان لوالدي -رحمه الله- دور كبير في تربيتي وتنشئتي وانتقل إلى جوار ربه في نهاية عام 1384هـ وعمري آنذاك لا يتجاوز الأحد عشر عاما ثم تولى رعايتي من بعده، خالي -رحمه الله- بالمشاركة مع والدتي".
وفاة والد الشيخ علي جابر وهو في هذه السن المبكرة لم تجعله يتجه في الاتجاه المعاكس، فحفظ القرآن الكريم قبل سن البلوغ، وأتقن الحفظ، فلم يكن يخطئ فيه إلا نادرا، وفي فترات متباعدة وقد قال لي ذات مرة في جلسة جانبية إنه يراجع يوميا جزءين من القرآن غيباً، وزاد ذلك بحرصه على طلب العلم منذ صغره حتى أنه تخرج في الجامعة ومن قبلها وبعدها في مرحلتي الماجستير والدكتوراه بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، يقول الشيخ علي جابر عن ذلك" إن وجودي في المدينة المنورة ودراستي في دار الحديث والجامعة الإسلامية كان له أكبر الأثر في توجيهي الوجهة السليمة، وختمت تلك الوجهة بانضمامي إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي عشت فيها فترة هي من أحسن فترات حياتي".
ورغم مثابرة الشيخ علي جابر وجده وإخلاصه في طلب العلم وبُعده عن الراحة والتقاعس، إلا أنه يعتبر نفسه لم يفعل شيئا ولم يكن له دور فيه سوى المتابعة، ويتحدث فضيلته عن ذلك بقوله "لا استطيع أن أدّعي لنفسي أنني كنت بنفسي مجردا أقوم بهذا الدور ولكن أقول إن توفيق الله عز وجل هو الذي شجعني وحباني ومنحني هذه المسيرة التعليمية التي اختتمت بالحصول على الدكتوراه وان كانت لم تنته من حيث العلم، وإنما انتهت من حيث الناحية الرسمية في الدراسات العليا، ولمشايخنا الذين تتلمذنا عليهم في كلية الشريعة دور كبير في أن يتوجه الإنسان بعد التخرج صوب الدراسات العليا، لان النفس إذا ألفت الراحة وتقاعست بعد الحصول على الإجازة العالية يصعب عليها بعد ذلك مواصلة الدراسات العليا ما لم يكن الطريق موصولا بعضه ببعض، وهذه نصيحة مشايخنا وقد قمنا بها حسب الاستطاعة وقدر الإمكان".
المغريات
وعندما نعود إلى النشأة التي عاش فيها الشيخ علي جابر طفلاً ثم شاباً التي لم يتأثر فيها بالمغريات التي واجهت أقرانه يتحدث الشيخ علي جابر عن تلك المرحلة بقوله "بالنسبة للظرف الذي عشته فانا ما شعرت -بحمد الله- بفارق كبير بين مجتمع النشأة الذي عشته في الصغر وبين المجتمع الآخر الذي يأتي بعد أن يبلغ الإنسان مرحلة مبكرة من العمر تأتيه ما يسمى بالمغريات والتحديات، فكما قلت إن من نعمة الله عليّ وتوفيقه لي أن أحاطني بنخبة من الإخوان الصالحين الذين يكبرونني قليلاً في السن من الذين عاشوا في المدينة المنورة ودرسوا في الجامعة الإسلامية، وكما قلت إن الإنسان يمكن أن يتكيف مع المجتمع من خلال ما درس وتعلم إذ يستطيع تطبيقه في واقع حياته"، ويضيف قائلاً "بحمد الله الظرف الذي عشته في المدينة النبوية والالتقاء بهؤلاء الإخوة الذين وفقهم الله عز وجل لكي يحيطوا بي في تلك السن التي تمر على كل شاب من الشباب وهي ما تسمى فترة المراهقة وقد تتغير به هذه المرحلة أحياناً إذا لم يوفق إلى أناس يدلونه على الخير ويرشدونه إليه، ولكن بحمد الله وفقني الله عز وجل في تخطي هذه المرحلة على أحسن ما يكون".
نصيحة
ولم ينس الشيخ علي جابر وصيته للشباب بحفظ القرآن الكريم وتدبر معانيه فكان ينصح ويجتهد في النصيحة سواء لمن حوله أو طلابه في الجامعة فيقول لهم "ما من شك أن حفظ كتاب الله تعالى هو نعمة من الله عز وجل، وهذه النعمة اختص الله بها عز وجل من شاء من عباده، وان الشاب المسلم متى وجد في نفسه قدرة على حفظ كتاب الله تعالى فإن عليه التوجه إلى أحد المساجد التي تعنى بتدريس القرآن الكريم ونشره لأن ذلك سوف يعينه مستقبلاً في حياته العلمية والعملية".
لكن الشيخ علي جابر يطالب العلماء والمفكرين إلى أن يقوموا باحتضان الشباب والتغلغل في أعماق نفوسهم حتى يعرفوا ما عندهم من مشكلات فيعالجونها على ضوء ما رسمته الشريعة الإسلامية حيث يقول فضيلته "الصحوة الإسلامية الآن تمر بمرحلة طيبة لكنها في حاجة من العلماء والمفكرين إلى احتضان هؤلاء الشباب ولا يبتعدون عنهم يحجزون أنفسهم فيما هم موكلون فيه من أعمال فإنهم إن لم يقوموا بهذه المهمة الجليلة فيخشى أن تكون العاقبة وخيمة والعياذ بالله"، وفي المقابل فإن الشيخ علي جابر يوجه حديثه للشباب بقوله: "يحسن بالشاب المسلم أن يذهب إلى حلق العلماء في الحرمين الشريفين وفي غيرهما من المساجد وعليه أن يسأل العلماء الذين منحهم الله عز وجل الفقه والبصيرة في هذا الدين حتى يعيش عيشه منضبطة ومتمشية مع ما جاء في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله عليه الصلاة والسلام ".
القضاء
بعد حصول الشيخ على جابر على الماجستير رشح للقضاء في منطقة (ميسان) قرب الطائف إلا أنه اعتذر عن هذا المنصب ويوضح الشيخ علي جابر أسباب اعتذاره عن تولي منصب القضاء بقوله: ورد في حديث نبوي صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (القضاة ثلاثة: قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة)، والذي يتتبع أخبار القضاة في عصور الإسلام المزدهرة يجد أن اغلبهم كانوا يعينون من قبل ولاتهم بعد أن علم الوالي سعة علمه وكمال فقهه وإحاطة إدراكه بالمسائل الشرعية وأهليته لتولي منصب القضاء، ومع ذلك فإن بعضاً من الأئمة والإعلام رفض تولي هذا المنصب لا لعجزه عن ممارسته وإنما لما يعلمه علم اليقين أن حسابه عند الله عظيم.
توفي مساء أمس الأربعاء الشيخ الدكتور علي عبدالله جابر إثر مرض ألم به منذ فترة طويلة بمدينة جدة، والمعروف أن الشيخ على جابر كان إمام الحرم السابق، وكان مدرساً في الفقه المقارن بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، وكان إمام المصلين في الحرم المكي من عام 1401 إلى رمضان 1409ه رحمه الله و كانت بطلب خاص من الملك خالد رحمه الله.
سيرة الشيخ
ولد الشيخ علي جابر في مدينة جدة عام 1373هـ وبالتحديد في شهر ذي الحجة، إلا أنه عند بلوغه الخامسة من عمره انتقل إلى المدينة المنورة مع والديه لتكون مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم مقر إقامته برفقة والديه.
يقول الشيخ علي جابر عن تلك المرحلة ـ كما وصفها لصحيفة عكاظ ـ "بعد انتقالي إلى المدينة النبوية التحقت بمدرسة دار الحديث فأكملت بها المرحلة الابتدائية والإعدادية، ثم انتقلت إلى المعهد الثانوي التابع للجامعة الإسلامية وبعدها دخلت كلية الشريعة وتخرجت فيها عام 95/1396هـ بدرجة امتياز، فالتحقت بالمعهد العالي للقضاء عام 96/1397هـ وأكملت به السنة المنهجية للماجستير، ثم أعددت الأطروحة وكانت عن (فقه عبدالله بن عمر رضي الله عنهما وأثره في مدرسة المدينة)، ونوقشت الرسالة عام 1400هـ وحصلت على درجة الماجستير)".
التدريس
لكن الشيخ علي جابر، بعد حصوله على الماجستير اعتذر عن القضاء، بعد أن تم تعيينه قاضيا في منطقة (ميسان) بالقرب من الطائف، ثم صدر أمر ملكي من الملك خالد بن عبدالعزيز بإخلاء طرفه من وزارة العدل، وتعيينه محاضرا في كلية التربية بالمدينة المنورة فرع جامعة الملك عبدالعزيز بالمدينة المنورة وبالتحديد في قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية، وباشر التدريس بها في العام الجامعي 1401هـ، إلا أن طموح الشيخ علي جابر لم يكن قاصرا عند هذا الحد، وقد انتابته في ذلك الحين أعراض عدة، هل يواصل دراسته؟ أم يتوظف؟ هذه الإرادة القوية، وحب العلم وطلبه، جعلت الشيخ يقرر بعد تخرجه من الجامعة، إكمال الدراسات العليا، ويتحدث عن ذلك قائلا "الإرادة الربّانية شاءت أن أواصل الدراسة الجامعية في مراحلها العليا حتى يتسنى لي الحصول على أكبر قسط من العلم، وحتى يتسنى لي الالتقاء بعدد آخر من العلماء في غير المنطقة التي عشت فيها، وبحمد الله تم لي ذلك، فقد انتقلت إلى الرياض وظفرت بمشايخ أجلاء".
كان حلم الشيخ علي جابر أن يحصل على الدكتوراه، بعد انقطاع دام سنوات عديدة، لكنه استطاع أن يتقدم بأطروحته في الفقه المقارن لنيل درجة الدكتوراه في رسالته بعنوان (فقه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق) التي نوقشت في الثاني والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1407هـ وحصل بموجبها على مرتبة الشرف الأولى.
حصل على الدكتوراه وفي الوقت نفسه كان إماما لصلاة التراويح في المسجد الحرام. ويوضح أحد المقربين منه تلك المرحلة بالقول "في اليوم الذي حصل فيه الشيخ جابر على الدكتوراه كان دوره في الإمامة، حيث كانت مقسّمة على ثلاثة أئمة فيؤم أحد المشايخ يوما ويرتاح يومين، وصادف أن ذلك اليوم كان نصيبه، ورغم ذلك لم يغب عن الإمامة فجاء من المطار مباشرة إلى المحراب ليقوم بواجبه".
هذا الرجل استطاع بحبه وإخلاصه للعلم والعمل، أن يجني ثمرة والده -رحمه الله- الذي تمنى أن يصبح أحد أبنائه صاحب علم شرعي، فاستطاع الشيخ بصبره ومثابرته على طلب العلم، أن يحقق أمنية والده حتى بعد وفاته.
وعن ذلك يقول الشيخ علي جابر "كان والدي -يرحمه الله- لا يسمح لنا بالخروج للعب في الشارع والاحتكاك بالآخرين حتى توفاه الله، كنت لا أعرف إلا الاتجاه إلى المسجد النبوي، ومن ثم الدراسة وأخيرا العودة إلى البيت، لقد كان لوالدي -رحمه الله- دور كبير في تربيتي وتنشئتي وانتقل إلى جوار ربه في نهاية عام 1384هـ وعمري آنذاك لا يتجاوز الأحد عشر عاما ثم تولى رعايتي من بعده، خالي -رحمه الله- بالمشاركة مع والدتي".
وفاة والد الشيخ علي جابر وهو في هذه السن المبكرة لم تجعله يتجه في الاتجاه المعاكس، فحفظ القرآن الكريم قبل سن البلوغ، وأتقن الحفظ، فلم يكن يخطئ فيه إلا نادرا، وفي فترات متباعدة وقد قال لي ذات مرة في جلسة جانبية إنه يراجع يوميا جزءين من القرآن غيباً، وزاد ذلك بحرصه على طلب العلم منذ صغره حتى أنه تخرج في الجامعة ومن قبلها وبعدها في مرحلتي الماجستير والدكتوراه بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، يقول الشيخ علي جابر عن ذلك" إن وجودي في المدينة المنورة ودراستي في دار الحديث والجامعة الإسلامية كان له أكبر الأثر في توجيهي الوجهة السليمة، وختمت تلك الوجهة بانضمامي إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي عشت فيها فترة هي من أحسن فترات حياتي".
ورغم مثابرة الشيخ علي جابر وجده وإخلاصه في طلب العلم وبُعده عن الراحة والتقاعس، إلا أنه يعتبر نفسه لم يفعل شيئا ولم يكن له دور فيه سوى المتابعة، ويتحدث فضيلته عن ذلك بقوله "لا استطيع أن أدّعي لنفسي أنني كنت بنفسي مجردا أقوم بهذا الدور ولكن أقول إن توفيق الله عز وجل هو الذي شجعني وحباني ومنحني هذه المسيرة التعليمية التي اختتمت بالحصول على الدكتوراه وان كانت لم تنته من حيث العلم، وإنما انتهت من حيث الناحية الرسمية في الدراسات العليا، ولمشايخنا الذين تتلمذنا عليهم في كلية الشريعة دور كبير في أن يتوجه الإنسان بعد التخرج صوب الدراسات العليا، لان النفس إذا ألفت الراحة وتقاعست بعد الحصول على الإجازة العالية يصعب عليها بعد ذلك مواصلة الدراسات العليا ما لم يكن الطريق موصولا بعضه ببعض، وهذه نصيحة مشايخنا وقد قمنا بها حسب الاستطاعة وقدر الإمكان".
المغريات
وعندما نعود إلى النشأة التي عاش فيها الشيخ علي جابر طفلاً ثم شاباً التي لم يتأثر فيها بالمغريات التي واجهت أقرانه يتحدث الشيخ علي جابر عن تلك المرحلة بقوله "بالنسبة للظرف الذي عشته فانا ما شعرت -بحمد الله- بفارق كبير بين مجتمع النشأة الذي عشته في الصغر وبين المجتمع الآخر الذي يأتي بعد أن يبلغ الإنسان مرحلة مبكرة من العمر تأتيه ما يسمى بالمغريات والتحديات، فكما قلت إن من نعمة الله عليّ وتوفيقه لي أن أحاطني بنخبة من الإخوان الصالحين الذين يكبرونني قليلاً في السن من الذين عاشوا في المدينة المنورة ودرسوا في الجامعة الإسلامية، وكما قلت إن الإنسان يمكن أن يتكيف مع المجتمع من خلال ما درس وتعلم إذ يستطيع تطبيقه في واقع حياته"، ويضيف قائلاً "بحمد الله الظرف الذي عشته في المدينة النبوية والالتقاء بهؤلاء الإخوة الذين وفقهم الله عز وجل لكي يحيطوا بي في تلك السن التي تمر على كل شاب من الشباب وهي ما تسمى فترة المراهقة وقد تتغير به هذه المرحلة أحياناً إذا لم يوفق إلى أناس يدلونه على الخير ويرشدونه إليه، ولكن بحمد الله وفقني الله عز وجل في تخطي هذه المرحلة على أحسن ما يكون".
نصيحة
ولم ينس الشيخ علي جابر وصيته للشباب بحفظ القرآن الكريم وتدبر معانيه فكان ينصح ويجتهد في النصيحة سواء لمن حوله أو طلابه في الجامعة فيقول لهم "ما من شك أن حفظ كتاب الله تعالى هو نعمة من الله عز وجل، وهذه النعمة اختص الله بها عز وجل من شاء من عباده، وان الشاب المسلم متى وجد في نفسه قدرة على حفظ كتاب الله تعالى فإن عليه التوجه إلى أحد المساجد التي تعنى بتدريس القرآن الكريم ونشره لأن ذلك سوف يعينه مستقبلاً في حياته العلمية والعملية".
لكن الشيخ علي جابر يطالب العلماء والمفكرين إلى أن يقوموا باحتضان الشباب والتغلغل في أعماق نفوسهم حتى يعرفوا ما عندهم من مشكلات فيعالجونها على ضوء ما رسمته الشريعة الإسلامية حيث يقول فضيلته "الصحوة الإسلامية الآن تمر بمرحلة طيبة لكنها في حاجة من العلماء والمفكرين إلى احتضان هؤلاء الشباب ولا يبتعدون عنهم يحجزون أنفسهم فيما هم موكلون فيه من أعمال فإنهم إن لم يقوموا بهذه المهمة الجليلة فيخشى أن تكون العاقبة وخيمة والعياذ بالله"، وفي المقابل فإن الشيخ علي جابر يوجه حديثه للشباب بقوله: "يحسن بالشاب المسلم أن يذهب إلى حلق العلماء في الحرمين الشريفين وفي غيرهما من المساجد وعليه أن يسأل العلماء الذين منحهم الله عز وجل الفقه والبصيرة في هذا الدين حتى يعيش عيشه منضبطة ومتمشية مع ما جاء في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله عليه الصلاة والسلام ".
القضاء
بعد حصول الشيخ على جابر على الماجستير رشح للقضاء في منطقة (ميسان) قرب الطائف إلا أنه اعتذر عن هذا المنصب ويوضح الشيخ علي جابر أسباب اعتذاره عن تولي منصب القضاء بقوله: ورد في حديث نبوي صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (القضاة ثلاثة: قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة)، والذي يتتبع أخبار القضاة في عصور الإسلام المزدهرة يجد أن اغلبهم كانوا يعينون من قبل ولاتهم بعد أن علم الوالي سعة علمه وكمال فقهه وإحاطة إدراكه بالمسائل الشرعية وأهليته لتولي منصب القضاء، ومع ذلك فإن بعضاً من الأئمة والإعلام رفض تولي هذا المنصب لا لعجزه عن ممارسته وإنما لما يعلمه علم اليقين أن حسابه عند الله عظيم.