محمد الميانى
10-17-2014, 11:46 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
وصية{1}
أخي الداعي يا من وهبه الله تعالى العلم والحكمة وجمال الأخلاق وأعانه على صرف الأوقات في عمل القربات والطاعات
أخي: أعلم - حفظني الله وإياك من حب الدنيا والرغبة فيما فيها - أن تلك الإقامة التي أنت مقيم فيها هي وظيفة العلماء الربانيين والأمناء الروحانيين ورثة رسل الله - عليهم الصلاة والسلام - وأبدال الصديقين والشهداء
فمن أقامه الله تعالى مقام رسله جعل له علامات هي الحجج المؤيدة لصدق إقامته والبراهين التي في قوة تصديق الله أنه سبحانه قد منَّ عليه بميراث الرسل عليهم الصلاة والسلام وتلك العلامات هي:
الحرص على عباد الله من أن يقع أحدهم فيما يُغضب الله بسببهم والرأفة والرحمة بالمؤمنين ولين الجانب والخلق العظيم والصبر على جفوة مَنْ يَدْعونهم ودعوة الخلق كلُّ على قدر عقله ومداراة الناس والغضب في الله والإحسان إلى المسئ وصلة القاطع وتأليف النافر
وترك الجدل مرة واحدة إلا ما كان لبيان حكم من الأحكام الشرعية مختلف فيه ويكون بالتي هي أحسن والتباعد بالكلية عن تنفير الخلق أو عن نية السوء أو قصد الشر أو العزم عليه أو التكلم بما لا يليق من قبيح الكلام قي غيبة الناس أو في مواجهتهم
والتباعد عن سماع الشر في حق الناس والزهد فيما في أيديهم وبذل ما في اليد
لهم تألّفاً لهم والمسارعة إلى فعل الواجبات والفضائل والمكرمات ومنافستهم في ذلك حتى يقلِّدوا الداعي والشفقة عليهم والاجتهاد في دفع المصائب عنهم وتخفيف آلامهم ومشاركتهم في مهماتهم مشاركة عملية بالمال والنفس
وذكر محاسنهم وستر عيوبهم في غيبتهم والاجتهاد في تنبيههم لترك المعاصي التي يقع فيها بعضهم وعمل الفضائل التي تركها بعضهم بطريق محفوظ من أن يتوهم أحدهم أنه مقصود بالذات خشية من التنفير بل يكون بتنبيه عام يبين فيه قبح المعصية وسوء عاقبتها ويبين حسن الفضيلة وجميل مآلها
فهذه الأخلاق هي التي يجب أن يكون عليها المتصف بصفات الداعي إلى الله أو النائب عنه لأنها من أخص صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والخادم إذا ناب عن سيده يلزمه أن لا يخالفه فإن خالفه هلك أو أهلك
فمن أقامه الله بدلاً عن الصديقين والشهداء ونائباً عن العلماء الربانيين ثم غلبته نفسه فغضب أو شتم آخر أو سبَّه أو كرهه بقلبه أو ظن في أخيه سوءاً أو قطع أخاً له لغرض من أغراض الدنيا أو لعلة من علل الحظوظ أو تهاون بواجب أو ترك المنافسة في عمل الخيرات ونافس في عمل الشرور، من كان هكذا فكأنه يريد أن لا يقبل فضل الله ونعمته
لأن هذا الفضل العظيم يمنح بالفضل من الله تعالى ويدوم ذلك الفضل بمراعاة تلك المعاني ونعوذ بالله من حال عبد يتفضل الله عليه فيأبى فضل الله، وينعم الله عليه فيرد نعمة الله
أيها العالم الرباني: بم صرت عالماً؟ قال معي: {هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي} النمل40
نعم ، فعليك أن تشكر ربك جل جلاله بمجاهدة نفسك حتى تتصف بصفات أهل الفضل ، أحذر أن تمنح الفضل بالفضل وتنسى المتفضِّل وفضله فيسلب - والعياذ بالله - الفضل بالعدل واستعذ بالله - أيها الداعي - من السلب بعد العطاء
توددّ إلى الأباعد وأحسن إلى الأقارب وغض بصرك عن عيوب إخوانك المؤمنين واستر زلَلَهم واعف عن مسيئهم واصفح عن ظالمهم واشكر الله الذي جعلك من أهل الفضل علماً وخُلقاً وحالاًوعملاً
وتحقق أن أجمل نعمة ينعم الله بها على عبده ويدوم بها الفضل العظيم ويبقى في ذريته بعده: هي أن ينعم الله عليك بجميل الأخلاق وأن يملكك نفسك فلا تخرج بك عن طاعة
الله ولا توقعك في معاصي الله ، وبذلك يحبك الله وملائكة الله ورسل الله ويحبك الناس أجمعون إلا من كرهك لأنك على الحق وهو على الباطل في الاعتقاد والرأي والعمل
فلا يكرهك أحد من الخلق لحماقة لأنك حليم ولا يكرهك لعمل سوء لأنك رحيم ولا يكرهك لجفاء وقوة لأنك رءوف ولا يكرهك لبخل لأنك كريم ولا يكرهك لنفور منك لأنك صفوح عفو ولا يكرهك لطمع منك لما في أيديهم لأن الله أغناك عن شرار خلقه وجعل غناك في قلبك ولا يكرهك لترك واجب لمسارعتك لعمل الواجب والمندوب ولا يكرهك لسوء أدب لخشيتك من الله
وتحقق أن بغض الناس خصوصاً الأقارب وبالأخص الوالدين والأولاد دليل على أنك من أهل الكبائر القلبية أو البدنية ، فبادر بسرعة وتب إلى الله وجاهد نفسك متخلقاً بأخلاق العلماء الربانيين والعارفين الروحانيين ليدوم لك الفضل العظيم في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة وتدبر قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} الرعد11
أسأل الله تعالى الحفظ والسلامة والنعم والإحسان والفضل العظيم والمعونة على الشكر إنه مجيب الدعاء
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
{1} هذه الوصية نقلناها بتصرف من كتاب مذكرة المرشدين والمسترشدين للإمام أبي العزائم رضي الله عنه
لشمولها وأهميتها
الخطب الإلهامية_ج1_الهجرة ويوم عاشوراء (http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=%C7%E1%CE%D8%C8%20%C7%E1%C5%E 1%E5%C7%E3%ED%C9_%CC1_%C7%E1%E5%CC%D1%C9%20%E6%ED% E6%E3%20%DA%C7%D4%E6%D1%C7%C1&id=48&cat=3)
منقول من كتاب {الخطب الإلهامية_ج1_الهجرة ويوم
عاشوراء}
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً (http://www.fawzyabuzeid.com/downbook.php?ft=pdf&fn=Book_Khotab_elhameya_V1_Hegra_wa_Ashouraa.pdf&id=48)
https://www.youtube.com/watch?v=_--4yX7msi4
http://www.fawzyabuzeid.com/data/pic/hjra1.jpg
وصية{1}
أخي الداعي يا من وهبه الله تعالى العلم والحكمة وجمال الأخلاق وأعانه على صرف الأوقات في عمل القربات والطاعات
أخي: أعلم - حفظني الله وإياك من حب الدنيا والرغبة فيما فيها - أن تلك الإقامة التي أنت مقيم فيها هي وظيفة العلماء الربانيين والأمناء الروحانيين ورثة رسل الله - عليهم الصلاة والسلام - وأبدال الصديقين والشهداء
فمن أقامه الله تعالى مقام رسله جعل له علامات هي الحجج المؤيدة لصدق إقامته والبراهين التي في قوة تصديق الله أنه سبحانه قد منَّ عليه بميراث الرسل عليهم الصلاة والسلام وتلك العلامات هي:
الحرص على عباد الله من أن يقع أحدهم فيما يُغضب الله بسببهم والرأفة والرحمة بالمؤمنين ولين الجانب والخلق العظيم والصبر على جفوة مَنْ يَدْعونهم ودعوة الخلق كلُّ على قدر عقله ومداراة الناس والغضب في الله والإحسان إلى المسئ وصلة القاطع وتأليف النافر
وترك الجدل مرة واحدة إلا ما كان لبيان حكم من الأحكام الشرعية مختلف فيه ويكون بالتي هي أحسن والتباعد بالكلية عن تنفير الخلق أو عن نية السوء أو قصد الشر أو العزم عليه أو التكلم بما لا يليق من قبيح الكلام قي غيبة الناس أو في مواجهتهم
والتباعد عن سماع الشر في حق الناس والزهد فيما في أيديهم وبذل ما في اليد
لهم تألّفاً لهم والمسارعة إلى فعل الواجبات والفضائل والمكرمات ومنافستهم في ذلك حتى يقلِّدوا الداعي والشفقة عليهم والاجتهاد في دفع المصائب عنهم وتخفيف آلامهم ومشاركتهم في مهماتهم مشاركة عملية بالمال والنفس
وذكر محاسنهم وستر عيوبهم في غيبتهم والاجتهاد في تنبيههم لترك المعاصي التي يقع فيها بعضهم وعمل الفضائل التي تركها بعضهم بطريق محفوظ من أن يتوهم أحدهم أنه مقصود بالذات خشية من التنفير بل يكون بتنبيه عام يبين فيه قبح المعصية وسوء عاقبتها ويبين حسن الفضيلة وجميل مآلها
فهذه الأخلاق هي التي يجب أن يكون عليها المتصف بصفات الداعي إلى الله أو النائب عنه لأنها من أخص صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والخادم إذا ناب عن سيده يلزمه أن لا يخالفه فإن خالفه هلك أو أهلك
فمن أقامه الله بدلاً عن الصديقين والشهداء ونائباً عن العلماء الربانيين ثم غلبته نفسه فغضب أو شتم آخر أو سبَّه أو كرهه بقلبه أو ظن في أخيه سوءاً أو قطع أخاً له لغرض من أغراض الدنيا أو لعلة من علل الحظوظ أو تهاون بواجب أو ترك المنافسة في عمل الخيرات ونافس في عمل الشرور، من كان هكذا فكأنه يريد أن لا يقبل فضل الله ونعمته
لأن هذا الفضل العظيم يمنح بالفضل من الله تعالى ويدوم ذلك الفضل بمراعاة تلك المعاني ونعوذ بالله من حال عبد يتفضل الله عليه فيأبى فضل الله، وينعم الله عليه فيرد نعمة الله
أيها العالم الرباني: بم صرت عالماً؟ قال معي: {هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي} النمل40
نعم ، فعليك أن تشكر ربك جل جلاله بمجاهدة نفسك حتى تتصف بصفات أهل الفضل ، أحذر أن تمنح الفضل بالفضل وتنسى المتفضِّل وفضله فيسلب - والعياذ بالله - الفضل بالعدل واستعذ بالله - أيها الداعي - من السلب بعد العطاء
توددّ إلى الأباعد وأحسن إلى الأقارب وغض بصرك عن عيوب إخوانك المؤمنين واستر زلَلَهم واعف عن مسيئهم واصفح عن ظالمهم واشكر الله الذي جعلك من أهل الفضل علماً وخُلقاً وحالاًوعملاً
وتحقق أن أجمل نعمة ينعم الله بها على عبده ويدوم بها الفضل العظيم ويبقى في ذريته بعده: هي أن ينعم الله عليك بجميل الأخلاق وأن يملكك نفسك فلا تخرج بك عن طاعة
الله ولا توقعك في معاصي الله ، وبذلك يحبك الله وملائكة الله ورسل الله ويحبك الناس أجمعون إلا من كرهك لأنك على الحق وهو على الباطل في الاعتقاد والرأي والعمل
فلا يكرهك أحد من الخلق لحماقة لأنك حليم ولا يكرهك لعمل سوء لأنك رحيم ولا يكرهك لجفاء وقوة لأنك رءوف ولا يكرهك لبخل لأنك كريم ولا يكرهك لنفور منك لأنك صفوح عفو ولا يكرهك لطمع منك لما في أيديهم لأن الله أغناك عن شرار خلقه وجعل غناك في قلبك ولا يكرهك لترك واجب لمسارعتك لعمل الواجب والمندوب ولا يكرهك لسوء أدب لخشيتك من الله
وتحقق أن بغض الناس خصوصاً الأقارب وبالأخص الوالدين والأولاد دليل على أنك من أهل الكبائر القلبية أو البدنية ، فبادر بسرعة وتب إلى الله وجاهد نفسك متخلقاً بأخلاق العلماء الربانيين والعارفين الروحانيين ليدوم لك الفضل العظيم في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة وتدبر قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} الرعد11
أسأل الله تعالى الحفظ والسلامة والنعم والإحسان والفضل العظيم والمعونة على الشكر إنه مجيب الدعاء
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
{1} هذه الوصية نقلناها بتصرف من كتاب مذكرة المرشدين والمسترشدين للإمام أبي العزائم رضي الله عنه
لشمولها وأهميتها
الخطب الإلهامية_ج1_الهجرة ويوم عاشوراء (http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=%C7%E1%CE%D8%C8%20%C7%E1%C5%E 1%E5%C7%E3%ED%C9_%CC1_%C7%E1%E5%CC%D1%C9%20%E6%ED% E6%E3%20%DA%C7%D4%E6%D1%C7%C1&id=48&cat=3)
منقول من كتاب {الخطب الإلهامية_ج1_الهجرة ويوم
عاشوراء}
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً (http://www.fawzyabuzeid.com/downbook.php?ft=pdf&fn=Book_Khotab_elhameya_V1_Hegra_wa_Ashouraa.pdf&id=48)
https://www.youtube.com/watch?v=_--4yX7msi4
http://www.fawzyabuzeid.com/data/pic/hjra1.jpg