سحاب
12-28-2005, 08:07 AM
صحفي عربي مهاجر كتب يقول
احتفلت جامعة الدول العربية امس بافتتاح البرلمان العربي الانتقالي في مقرها بالقاهرة، ووصف السيد عمرو موسي هذه الخطوة بأنها تاريخية تمهد لغد افضل وتستشرف آفاق مستقبل اكثر اشراقاً .
ولا نعرف علي اي اساس اطلق السيد موسي حكمه هذا، فالمواطنون العرب الذين من المفترض ان يمثلهم هذا البرلمان لم يسمعوا بهذه الخطوة التاريخية، ولا يعرفون اسماء البرلمانيين الذين من المفترض ان يمثلوهم، او الصلاحيات التي يتمتعون بها، والدور التشريعي الذي سيقومون به.
هناك عشرات المؤسسات المنبثقة عن الجامعة العربية وقرارات مؤسسة القمة، جاءت محاكاة لمنظمات الامم المتحدة المتخصصة، او منظمات اقليمية مشابهة، بعضها سياسي، وبعضها اقتصادي وبعضها الثالث دفاعي، ولم يكتب لأي من هذه المنظمات النجاح، وطواها النسيان تماماً، فهل سيكون مصير هذا البرلمان العربي مختلفاً؟
لا نعتقد ان هذا البرلمان سيؤسس لبناء عربي جديد متميز، لأن الآليات التي تحكم تأسيسه واختيار اعضائه، والصلاحيات المنوطة به هي الآليات نفسها التي تحكم عمل المنظمات الاخري، بل والجامعة العربية نفسها مما ادي الي فقدان الشارع العربي ثقته الكاملة بها وقراراتها.
القانون الاساسي لانشاء البرلمان العربي مثلما صدر عن القمة العربية ينص علي ان تمثل كل دولة عربية بأربعة اعضاء يتم اختيارهم من برلماناتها او مجالس الشوري فيها. ومن المفترض ان يحيل مجلس الجامعة الي هؤلاء القضايا موضع البحث.
الغالبية الساحقة من الدول العربية لا تعرف التجربة البرلمانية الحقيقية، وتعيش تحت نظام الحزب الواحد، ولا تعرف الديمقراطية في حدودها الدنيا، وهذا يعني ان البرلمان العربي سيكون النسخة الاسوأ من البرلمانات العربية التي افرزتها الديكتاتوريات العربية.
فالانظمة العربية المكروهة من شعوبها، والثابتة عليها تهم الفساد والقمع ومصادرة الرأي الآخر، وانعدام القضاء المستقل، ستختار ممثليها في هذا البرلمان، وستحرص علي كونهم الأكثر تمثيلاً لسياساتها ووجهة نظرها، وليس لوجهة نظر الشعوب، وربما يكونون من قبيلة الحاكم او من انسبائه او ازواج بناته، الامر الذي سيجعل من هذا البرلمان اضحوكة بكل المقاييس.
واذا كانت معايير اختيار اعضاء هذا البرلمان هي نفسها المتبعة في اختيار موظفي وقيادات الجامعة العربية، فان علينا ان نتوقع اهداراً جديداً للمال العام، ومؤسسة جديدة تضم المحاسيب وابناء الوزراء وابناء الذوات، وجيشا من عديمي الكفاءات والخبرة والمدللين المتطفلين علي العمل العربي المشترك والقضايا العربية المصيرية. فبسبب هؤلاء لم ينتج جيش الموظفين في الجامعة العربية دراسة واحدة ذات قيمة، ولم يؤسسوا بنكاً واحداً محترماً للمعلومات، ولم يصدروا مطبوعة واحدة تتداولها الجامعات ومراكز الابحاث.
ندرك ان هناك برلمانات عربية منتخبة في اقتراع حر مباشر ونزيه، ولكنها تعد علي اصابع اليد الواحدة، وسيكون ممثلوها اقلية وسط اغلبية من الهتافين المصفقين لحكومات ديكتاتورية قمعية فاسدة.
كيف سيجلس نواب منتخبون مثل اعضاء مجلس الأمة الكويتي والعُماني مثلاً الي جانب نواب من مجلس الشعب السوري او مجلس الشعب المصري غيروا الدستور في خمس دقائق، وبما يناسب ارادة الحاكم؟
كيف يمكن ان يناقش البرلمان العربي هذا قضايا محالة اليه من مجلس الجامعة، ومؤسسة القمة التي تعتبر المرجعية للجامعة ومجلسها تصدر مئات القرارات التي لا تطبق، بل وتحولت اجتماعاتها الاخيرة الي مسرحيات كوميدية، يتنابز فيها الزعماء الالقاب، ويتهجمون علي بعضهم البعض، ومن لا يتهجم بكلمات نابية، لا يتحدث مع ثلثي زملائه الزعماء علي الاقل بسبب خلافات شخصية او اقليمية.
يقولون ان البرلمان العربي الجديد هو تجسيد لتجارب برلمانية عالمية خلاقة مثل البرلمان الاوروبي، ومن المؤسف ان من يطلقون مثل هذه الطموحات يعيشون في كوكب آخر ولم يكلفوا انفسهم الاطلاع علي تجارب الآخرين لسبر اغوارها والاستفادة منها بالشكل المطلوب.
فاعضاء البرلمان الاوروبي منتخبون من قبل شعوبهم، في انتخابات مستقلة تسير جنباً الي جنب مع الانتخابات البرلمانية، اي انهم ليسوا مختارين من البرلمانات التي هي منتخبة بشكل مباشر وفي اقتراع حر، حتي يتفرغ هؤلاء للقضايا التي تهم مواطنيهم علي المستوي الاوروبي.
إنها قفزات بهلوانية في فضاء من التخلف والديكتاتورية والفساد، فأوروبا احتاجت الي اكثر من خمسين عاماً من الدراسات والتجارب والقوانين والاستثمارات قبل ان تصل الي فكرة البرلمان الاوروبي. وفوق هذا وذاك اكثر من اربعمئة عام من الثقافة الديمقراطية، خاصة في الدول العريقة مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا التي شكلت نواة الاتحاد الاوروبي.
نحن نرحب بأي خطوة تعزز العمل العربي المشترك، وتكرس الهوية العربية، ولكن يجب ان تكون هذه الخطوة مدروسة وقابلة للنجاح، والا تحولت الي كارثة. فالقرارات المتسرعة تقتل الافكار والمشاريع الجيدة، وتنفر المواطنين منها، وهذا ما حدث مع كل مؤسسات العمل العربي المشترك البراقة وما صدر من اتفاقات ومعاهدات لدعمها، مثل السوق العربية المشتركة، والدفاع العربي المشترك، واتحاد البرلمانات العربية والصناعات الحربية المشتركة.
الانظمة العربية الحالية فشلت في التنمية مثلما فشلت في الحرب والسلام، وتحولت الي ادوات تخدم مشاريع الهيمنة الامريكية في المنطقة، وتفتقد الي ابسط مقومات السيادة والقرار المستقل، ولهذا فانه من غير المتوقع ان تنجب برلماناً عربياً يعكس صورة حقيقيه للحياه البرلمانيه التي تتطلع لها الشعوب العربيه في عصر الدمرقطه الامريكيه .
تحياتي وامنياتي
احتفلت جامعة الدول العربية امس بافتتاح البرلمان العربي الانتقالي في مقرها بالقاهرة، ووصف السيد عمرو موسي هذه الخطوة بأنها تاريخية تمهد لغد افضل وتستشرف آفاق مستقبل اكثر اشراقاً .
ولا نعرف علي اي اساس اطلق السيد موسي حكمه هذا، فالمواطنون العرب الذين من المفترض ان يمثلهم هذا البرلمان لم يسمعوا بهذه الخطوة التاريخية، ولا يعرفون اسماء البرلمانيين الذين من المفترض ان يمثلوهم، او الصلاحيات التي يتمتعون بها، والدور التشريعي الذي سيقومون به.
هناك عشرات المؤسسات المنبثقة عن الجامعة العربية وقرارات مؤسسة القمة، جاءت محاكاة لمنظمات الامم المتحدة المتخصصة، او منظمات اقليمية مشابهة، بعضها سياسي، وبعضها اقتصادي وبعضها الثالث دفاعي، ولم يكتب لأي من هذه المنظمات النجاح، وطواها النسيان تماماً، فهل سيكون مصير هذا البرلمان العربي مختلفاً؟
لا نعتقد ان هذا البرلمان سيؤسس لبناء عربي جديد متميز، لأن الآليات التي تحكم تأسيسه واختيار اعضائه، والصلاحيات المنوطة به هي الآليات نفسها التي تحكم عمل المنظمات الاخري، بل والجامعة العربية نفسها مما ادي الي فقدان الشارع العربي ثقته الكاملة بها وقراراتها.
القانون الاساسي لانشاء البرلمان العربي مثلما صدر عن القمة العربية ينص علي ان تمثل كل دولة عربية بأربعة اعضاء يتم اختيارهم من برلماناتها او مجالس الشوري فيها. ومن المفترض ان يحيل مجلس الجامعة الي هؤلاء القضايا موضع البحث.
الغالبية الساحقة من الدول العربية لا تعرف التجربة البرلمانية الحقيقية، وتعيش تحت نظام الحزب الواحد، ولا تعرف الديمقراطية في حدودها الدنيا، وهذا يعني ان البرلمان العربي سيكون النسخة الاسوأ من البرلمانات العربية التي افرزتها الديكتاتوريات العربية.
فالانظمة العربية المكروهة من شعوبها، والثابتة عليها تهم الفساد والقمع ومصادرة الرأي الآخر، وانعدام القضاء المستقل، ستختار ممثليها في هذا البرلمان، وستحرص علي كونهم الأكثر تمثيلاً لسياساتها ووجهة نظرها، وليس لوجهة نظر الشعوب، وربما يكونون من قبيلة الحاكم او من انسبائه او ازواج بناته، الامر الذي سيجعل من هذا البرلمان اضحوكة بكل المقاييس.
واذا كانت معايير اختيار اعضاء هذا البرلمان هي نفسها المتبعة في اختيار موظفي وقيادات الجامعة العربية، فان علينا ان نتوقع اهداراً جديداً للمال العام، ومؤسسة جديدة تضم المحاسيب وابناء الوزراء وابناء الذوات، وجيشا من عديمي الكفاءات والخبرة والمدللين المتطفلين علي العمل العربي المشترك والقضايا العربية المصيرية. فبسبب هؤلاء لم ينتج جيش الموظفين في الجامعة العربية دراسة واحدة ذات قيمة، ولم يؤسسوا بنكاً واحداً محترماً للمعلومات، ولم يصدروا مطبوعة واحدة تتداولها الجامعات ومراكز الابحاث.
ندرك ان هناك برلمانات عربية منتخبة في اقتراع حر مباشر ونزيه، ولكنها تعد علي اصابع اليد الواحدة، وسيكون ممثلوها اقلية وسط اغلبية من الهتافين المصفقين لحكومات ديكتاتورية قمعية فاسدة.
كيف سيجلس نواب منتخبون مثل اعضاء مجلس الأمة الكويتي والعُماني مثلاً الي جانب نواب من مجلس الشعب السوري او مجلس الشعب المصري غيروا الدستور في خمس دقائق، وبما يناسب ارادة الحاكم؟
كيف يمكن ان يناقش البرلمان العربي هذا قضايا محالة اليه من مجلس الجامعة، ومؤسسة القمة التي تعتبر المرجعية للجامعة ومجلسها تصدر مئات القرارات التي لا تطبق، بل وتحولت اجتماعاتها الاخيرة الي مسرحيات كوميدية، يتنابز فيها الزعماء الالقاب، ويتهجمون علي بعضهم البعض، ومن لا يتهجم بكلمات نابية، لا يتحدث مع ثلثي زملائه الزعماء علي الاقل بسبب خلافات شخصية او اقليمية.
يقولون ان البرلمان العربي الجديد هو تجسيد لتجارب برلمانية عالمية خلاقة مثل البرلمان الاوروبي، ومن المؤسف ان من يطلقون مثل هذه الطموحات يعيشون في كوكب آخر ولم يكلفوا انفسهم الاطلاع علي تجارب الآخرين لسبر اغوارها والاستفادة منها بالشكل المطلوب.
فاعضاء البرلمان الاوروبي منتخبون من قبل شعوبهم، في انتخابات مستقلة تسير جنباً الي جنب مع الانتخابات البرلمانية، اي انهم ليسوا مختارين من البرلمانات التي هي منتخبة بشكل مباشر وفي اقتراع حر، حتي يتفرغ هؤلاء للقضايا التي تهم مواطنيهم علي المستوي الاوروبي.
إنها قفزات بهلوانية في فضاء من التخلف والديكتاتورية والفساد، فأوروبا احتاجت الي اكثر من خمسين عاماً من الدراسات والتجارب والقوانين والاستثمارات قبل ان تصل الي فكرة البرلمان الاوروبي. وفوق هذا وذاك اكثر من اربعمئة عام من الثقافة الديمقراطية، خاصة في الدول العريقة مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا التي شكلت نواة الاتحاد الاوروبي.
نحن نرحب بأي خطوة تعزز العمل العربي المشترك، وتكرس الهوية العربية، ولكن يجب ان تكون هذه الخطوة مدروسة وقابلة للنجاح، والا تحولت الي كارثة. فالقرارات المتسرعة تقتل الافكار والمشاريع الجيدة، وتنفر المواطنين منها، وهذا ما حدث مع كل مؤسسات العمل العربي المشترك البراقة وما صدر من اتفاقات ومعاهدات لدعمها، مثل السوق العربية المشتركة، والدفاع العربي المشترك، واتحاد البرلمانات العربية والصناعات الحربية المشتركة.
الانظمة العربية الحالية فشلت في التنمية مثلما فشلت في الحرب والسلام، وتحولت الي ادوات تخدم مشاريع الهيمنة الامريكية في المنطقة، وتفتقد الي ابسط مقومات السيادة والقرار المستقل، ولهذا فانه من غير المتوقع ان تنجب برلماناً عربياً يعكس صورة حقيقيه للحياه البرلمانيه التي تتطلع لها الشعوب العربيه في عصر الدمرقطه الامريكيه .
تحياتي وامنياتي