ماجد سليمان البلوي
02-22-2016, 08:40 PM
بحث عن أصل حكاية مولد السيد البدوى في مصر..؟؟
السلام عليكم
ماذا لو أدرك ملايين المصريين الذين يقبلون
ضريح السيد البدوى فى وله وعشق
طالبين منه المدد والعون دون الله ..أ
إنه واحد من أهم الشخصيات الصوفية التى كان لها تأثير كبير على
العقلية المصرية عبر السنوات الماضية. وكان واحدا من الدروايش
الذين نالوا الكثير من عمليات التحليل والنقد تارة والثناء والتبجيل تارة أخرى..
قالوا عنه أنه ولى من أولياء الله الصالحين وله كرامات وخوارق..
وقالوا عنه أنه أحيا الموتى وأمات الأحياء بنظرة من عينيه ...
واعترض البعض مؤكدا أنه ليس سوى نصاب ودجال وله أطماع سياسية كبرى..
وكان من الذكاء بحيث استغل الدين كستار يحمى مآربه..
وقيل بل كان ساذجا وصاحب طريقة صوفية ومدرسة فى عالم الدرواويش..
ورغم كل ما قيل إلا أن الرجل كان له مفعول السحر على العقلية المصرية ..
وكان سببا فى إحداث ثورة فى عالم الدراويش فى مصر أحبط كل مخططات
التصدى له منذ مولده وحتى الآن..
ومعه فشل كل المفكرين الإسلاميين فى التصدى لظاهرته ..
والسيد البدوى ينتمى إلى أسرة علوية شريفة كانت تقطن مكة فى بداية الأمر
وكانت تضطلع بالأحداث السياسية التى استفحلت فى النزاع بين العلويين والأمويين..
فلما اقتحم الحجاج بن يوسف الثقفى الحجاز..
ومكن للسيف من رقاب المنافسين لبنى مروان والمتمردين عليهم
قام الشريف محمد الجواد بن حسن العسكرى احد أجداد السيد البدوى
فجمع بنى عمه ومن يعز عليه من قومه وهاجر بهم جميعا من مكة سنة 73 هـ
إلى بلاد أفريقية ناجيا من بطش الحجاج وكان شأنه فى ذلك شأن مئات
الأسر العلوية التى هاجرت من الحجاز والشام والعراق إلى بلاد أفريقيا ومصر
وغيرها من الدول الأطراف النائية ..
وقد انتهى الأمر بعائلة البدوى فى المغرب وظلت بها حتى عام 603هـ
ولعل سبب طول الإقامة بها أن صارت بلاد المغرب فى تلك العهود مسرحا
لدعوات العلويين ثم أصبحت مسرحا لقيام الدولة الفاطمية ..
حتى إذا ما تقلص ظل الفاطميين عنها وإضطربت الأحوال هناك وبدأ الحجاز
فى نظر العلويين أهدأ وأليق بحركاتهم وتدبيراتهم مرة أخرى
عادت هذه الأسر تنشد وطنها الأول فى مكة ...
وكان السيد البدوى من الذين قرروا العودة إليها بهدف بسط نفوذ العلويين مرة أخرى..
وقد ولد البدوى فى فاس بالمغرب سنة 596هـ ورأى فيه العلويون إستعدادا
يؤهله لحمل دعوتهم والنهوض بها على ما يقصدون من تزجيه تعاليمهم تحت ستار
التصوف فنقله قومه إلى دور الإعداد العلمى والعملى لحمل هذه الدعوة والتهيؤ لها.
وقد قرر البدوى التوجه إلى مكة عن طريق مصر.
وفى مصر إستقر به المقام فى طنطا ـ أو طنتدا ـ كما كانت تسمى أيامها متبعدا
بذلك عن عيون الأيويين الذين كانوا يحكمون البلاد وقتها بحرص
حتى لا تكون هناك مؤامرات لإعادة سلطان الفاطميين..
ونزل البدوى فى دار إبن شحيط شيخ البلد وكان ذا نفوذ وجاه ولزم سطح داره
لمدة عشر سنوات وضع خلالها أسس البدء فى دعوته..
وإختار أربعين شخصا أعدهم على أحسن ما يكون وأطلقهم فى البلاد
وعرضها يحدثون الناس عن كراماته وخوارقه محاولا إبعاد الأنظار عما يطمح إليه.
وأخذ الناس يتحدثون عن ظاهرته وكراماته.. لكن لم يمهله القدر حتى يستكمل مخططاته
حيث مات عام 675هـ . وقد أطلق دراويشه المعجزات عنه فانهالت أنهار الذهب بين أيديهم..
فقرروا الإستفادة مما بناه السيد البدوى فزادوا وعادوا وتحول الأمر إلى حقيقة مع مرور السنين..
وقد نجح البدوى نفسه فى أن يروح لمعجزة بزعم فيها مريدوه أن أحد الأشخاص
طلب أن يرى وجهه وكان يغطى وجهه بلثام فقال له:
ـ يا صاح كل نظرة برجل
فأصر الرجل على رؤية وجه اليدوى فما إن رفع عن وجهه اللثام
حتى خر الرجل مصعوقا وتوفى فى الحال..
ويؤكد المفكرون أن مثل هذه الخرافات ثم الترويج لها جيدا وكل منها تستهدف تحقيق
غرض معين أهمها أن السيد البدوى كان يريد التخفى عن عيون الأيويين الذين
كانوا يحكمون البلاد..
وكان حريصا على عدم الكشف عن وجهه لأحد حتى لا يفتضح أمره
فأطلق هذه الخرافة حتى لا يفكر أى شخص فى أن يرى وجهه....
وقد وجدها البعض فرصة ذهبية للإستفادة من البدوى ميتا فزادوا فى الأمر
وشيدوا عشرات من الخوارق المماثلة ونشر المعجزات والكرامات
حتى أنه قيل أنه كان يحضر أسرى المصريين من بلاد الفرنجة.
وتطورت الكرامات وتحولت إلى يقين فى ذهن كل المصريين على مدار
السنوات الماضية حتى اتهم لازالوا ينشدون فى كل مولد نبوى أو فى مولده :
الله الله يابدوى جاب اليسرى..
والمقصود هنا أن السيد البدوى جاب أى أحضر أسرى المسلمين من بلاد الغرب..
أحضرهم وهو فوق سطح شيخ البلد الذى كان يقيم فوقه.
والأمر لم يتوقف عند هذا الحد.. بل نشهد بين الحين والآخر خلافات على
صفحات الصحف والكتب والإذاعات المصرية والتليفزيونية حول معجزات
البدوى ليلة المولد من كل عام حيث وصفه البعض بصفات الألوهية..
وكيف أنه ينجى المكروب إذا دعاه..
وهذه المعجزات المزعومة إذيعت فى الإذاعة المصرية على مسمع من ملايين المواطنين .
وشارك فى تدعيم هذه المعجزات وجود رجال كبار وأساتذة أجلاء ووزير الأوقاف
وشيخ الأزهر وغيرهم كثيرون حيث كانت تنقل الإذاعة المصرية
على الهواء وقائع الإحتفال بمولد السيد البدوى .
وقال خليفة السيد البدوى فى المولد أن البدوى إذا نودى فى بحر او بر أجاب .
وأنه ينجى مريده من الشدائد والكروب .
وقد رد عليه فى حينها أحد أساتذة الأزهر وقال:
أن ذلك من خصائص الألوهية
وهاجم خليفة البدوى بإعتباره يروج للخرافات وهاجم موقف الإذاعة المصرية..
مؤكدا أن هذا الموقف هو عدو المسلمين الأول وقال:
أن مثل هذه المقولات والإدعاءات الكاذبة فاسدة تنال من عقائد المؤمين
أكثر مما تنال منها مكائد الصهيونية وأراجيف الماسونية وضلالات المستشرقين..
وقد دافع الكثيرون عن معجزات وكرامات السيد البدوى ودافعوا عن مولده
ومن بين الذين أيدوا معجزات البدوى الدكتور جوده محمد المهدى
عميد كلية القرآن بطنطا والذى قال :
إن الله يكرم بعض عباده بالكرامات التى هى خوارق للعادة من خلق الله
يظهرها على أيديهم ولا تخرجهم على نطاق العبودية لله..
وقد أثبت هذه الكرامات للأولياء أئمة أهل السنة
فلا غرابة فى إسناد طي المسافات للولى كما حدث
لسيدنا عمر إذ قال يا سارية الجبل
وكان سارية ببلاد الفرس وسمع نداءه من المدينة المنورة .
وهى كرامة ثابتة فى كتب السنة والتاريخ وغير ذلك كثير وكثير
ولم نرجم من رواها من السلف بالشرك ..
ورغم هذا الدفاع المستميت من قبل البعض عن السيد البدوى الا ان البدوى
لم يخلف ثروة عقلية تدل على أنه كان صاحب شخصية عليمة
وكل ما وصلنا منه هو الآخر مجرد ورد يتضمن جملة من الأدعية
وهو ما يسمى فى إصطلاح أهل الطرق بالحزب .
ومجموعة من الصلوات وجملة من الوصايا وجهها السيد إلى مريده وتلميذه
عبدالعال الفيشاوى لتكون منهاجه فى الطريق ومنهاج الخلفاء والمريدين
وهى وصايا عامة تتضمن الحث على التمسك بالكتاب والسنة.
وكل الأخبار التى وصلتنا عن البدوى تؤكد أنه صاحب تصرفات غير طبيعية..
حيث أنه كان يرفع عينيه صوب الشمس
حتى تحمر وتمرض وتصبح أشبه بالجمرتين المتقدتين.
وكان تارة يطول صمته وتارة يعلو صراخه وكان أحيانا يمتنع عن الزاد والشراب
أربعين يوما كاملة وكان إذا لبس ثوبا أو عمامة لا يخلعها لغسل
ولا لغيره حتى تبلى فيبدلونها بغيرها .
وهذه المظاهر كما تقول دائرة المعارف الإسلامية تدل على أن السيد البدوى
كان من طبقة الدراويش الدنيا الذين هم أشبه بطائفة (اليوجا) بالهند...
وقد سيطرت على التصوف الإسلامى فى عصر البدوى هذه النزعة
على أن السيد لم يكن بالشخصية التى تعالج التصوف بالرأى والتفكير
وإنما كان صاحب دعوة يجمع حولها الأنصار باتجاه الزهد والتقشف
وهو اتجاه كان أشد تأثيرا على نفوس الجماهير من ذلك الإتجاه الفلسفى
الذى سلكه رجال مثل إبن عربى.
والمكانة التى نمت للبدوى فى عالم الصوفية والدراويش كانت نتيجة لثلاثة عوامل :
أولها شخصيته نفسها .
وثانيها صنع أتباعه ودراويشه فيما زعموا له من خوارق وكرامات .
والسبب الثالث : انحلال المجتمع المصرى في تلك الفترة
جعله يعيش تحت سلطان الخرافات والأوهام.
وكان السيد البدوى ذكى جدا بحيث لم يجعل مريديه يلتقون معا وجها لوجه
بل كان يلتقى بكل منهم بشكل منفرد وإذا ما تبين فى واحد من مريديه الإخلاص
وجهه إلى الوجهة التى يطمح فى نشر دعوته فيها حتى وصل صيته إلى الشام ومكه
والصعيد بفضل هؤلاء الدعاة والمريدين الذين كان على رأسهم عبدالعال الفيشاوى..
وكان أصله من فيشا منارة وهى إحدى البلاد القريبة من طنطا
وقد إتصل بالبدوى فى أول قدومه إلى طنطا وكان لا يزال فتى حديثا
ولم يكن على جانب من الفقه والعلم لكنه كان ذكيا وفهم مراد السيد
وأخلص لشيخه وأخذ ينقل له ما يدور حوله وبعد وفاة البدوى ظل
نظام الخلافة الذى وضعه عبدالعال الفيشاوى متبعا .
فمن حق الخليفة ان يرث تراث البدوى وهو عبارة عن لثامين
وبشت صوف وعلم أحمر..
وأن يتقبل النذور والأموال الموقوفه والعطايا وله التصرف فى أمرها
كما كان له السلطان المطلق على جميع أتباع الطريقة الأحمدية ودراويشها
فى سائر الأقطار أما واجبه فأمر خفيف ظريف وهو أن يقرأ ورد الطريقة
مع الأتباع بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع فى الخلوة الأحمدية ..
كما أن عليه أن يركب تلك الركبة المعروفة بركبة الخليفة فى المولد.
ولم يكن يراعى الجانب العلمى حتى الآن فى إختيار خلفاء البدوى فكثيرا ما كانوا يختارون
من الجهلة الأمين لأنه يراعى فقط صلة قرابة أو نسب ومظهر صلاح وإخلاص للطريقة.
وقد إصطنع كل شيخ من أتباع السيد البدوى لنفسه طريقة ومريدين واتباعا
والذين تفرقوا بدورهم يحدثون الناس بمناقب وكرامات صاحب الطريقة الجديدة
التابعة لطريقة البدوى الصوفية وهكذا تفرقت الطريقة الأحمدية
إلى شعب كثيرة كل شعبة لها مشيخة ودراويش ....
وقد تواردت حياة السيد إلينا عن طريق الألسن فقط.. فلم يكن هناك مؤرخون
معاصرون له لكشف النقاب عن حقيقته .
ويرى بعض الباحثين ان البدوى ليس سوى خرافة تجسمت فى أوهام الناس
حتى صارت عقيدة راسخة كمثل ما يعتقدونه فى الشيخ المتولى والشيخ الاربعين
وغير ذلك من الشيوخ الذين لا حقيقة لهم إلا فى أوهام العامة ..
والدليل على ذلك أن بين المعصرة وحلوان دير فيه ضريح لرجل يسميه الأقباط
القديس برسوم العريان ويسميه المسلمون سيدى محمد العريان
وفى كل عام يقام له إحتفال يعتبره الأقباط عيدا
ويعتبره المسلمون مولدا وأنهم ليجتمعون جميعا فى هذا الأحتفال وينحرون الذبائح
ويقدمون النذور لهذا الذى يدعى الأقباط والمسلمين تبعيته لهم ..
وقد تحولت حياة السيد البدوى نظرا لعدم وجود مادة علمية تاريخية يعتمد عليها الباحث
للتدقيق فى حياته إلى مادة للإرتزاق عن طريق إضافة الكرامات
والخوارق إلى حياته منها مثلا :
أن السيد البدوى أمات بعض العرب الذين حاولوا الإعتداء عليه ثم أحياهم مرة أخرى
فقبلوا يديه وأعلنوه ندمهم على ما فعلوا وقالوا عنه أنه كان خاضع فى تصرفاته
لرؤى مناميه ..
وزعموا أنه كان يخاطب الأولياء السابقين ويتصل بأهله فى مكه
ويرى النبى ويصعد إلى السماء ويعلم الغيب ويشاهد الجنة والنار..
ويحكى عن البدوى أن احمد الرفاعى أمره بتأديب فاطمة بنت برى وكانت ذات جمال
وجاه وفتايات تفتن أعتى الرجال ونجح البدوى فى هزيمة فرسان بنت برى حتى
أنه أمات الجمال والجياد التى كانوا يركبونها..
وأحياها مرة أخرى وقد سمر البدوى فرس بنت برى وانصرف بعد أن شهدت له
بقطبانيته وأخذ عليها العهد ألا تتعرض لأحد بسوء.
ويعتقد باحثين غربين أن حياة البدوى دخلت عليها عناصر فرعونية قديمة أقحمها
الوضاعون لغرض فى نفوسهم .
وقصة بنت برى هذه يرجح ان نكون موضوعة من أصلها والقصد منها هو الرمز
إلى ما كان فى حياة البدوى من مجاهدة الشهوات..
ويدلل البعض على ذلك بأن سيرة البدوى تم تدوين معظمها فى العصر العثمانى
ذلك العصر الذى يوصف بالجهل والجمود والتأخر
والذى اعتاد فيه الناس على أن يسمعوا كل يوم عن ولى أو شيخ طار بلا جناحين
او طاف العالم فى لحظة او أمات الأحياء أو أحيا الأموات..
فكان من المستحيل على كتاب سيرته ان يدونوا سيرته خلوا من تلك الروح
التى سادت عصرهم ولذلك يجد الباحث أن هناك الكثير من الكرامات والخوارق
التى إقترنت بحياة البدوى منها خروجه من القبر .
وتحوله فى البلاد والكلام فى القبر للإجابة عن أسئلة معارفة
وإيذاء من يتعرض لسيرته بسوء وإحضار الاسرى من بلاد النصارى
ونصرة المظلوم وحماية من يستغيث به وشفاء المرضى..
ولكم تحيات
ماجد البلوي
السلام عليكم
ماذا لو أدرك ملايين المصريين الذين يقبلون
ضريح السيد البدوى فى وله وعشق
طالبين منه المدد والعون دون الله ..أ
إنه واحد من أهم الشخصيات الصوفية التى كان لها تأثير كبير على
العقلية المصرية عبر السنوات الماضية. وكان واحدا من الدروايش
الذين نالوا الكثير من عمليات التحليل والنقد تارة والثناء والتبجيل تارة أخرى..
قالوا عنه أنه ولى من أولياء الله الصالحين وله كرامات وخوارق..
وقالوا عنه أنه أحيا الموتى وأمات الأحياء بنظرة من عينيه ...
واعترض البعض مؤكدا أنه ليس سوى نصاب ودجال وله أطماع سياسية كبرى..
وكان من الذكاء بحيث استغل الدين كستار يحمى مآربه..
وقيل بل كان ساذجا وصاحب طريقة صوفية ومدرسة فى عالم الدرواويش..
ورغم كل ما قيل إلا أن الرجل كان له مفعول السحر على العقلية المصرية ..
وكان سببا فى إحداث ثورة فى عالم الدراويش فى مصر أحبط كل مخططات
التصدى له منذ مولده وحتى الآن..
ومعه فشل كل المفكرين الإسلاميين فى التصدى لظاهرته ..
والسيد البدوى ينتمى إلى أسرة علوية شريفة كانت تقطن مكة فى بداية الأمر
وكانت تضطلع بالأحداث السياسية التى استفحلت فى النزاع بين العلويين والأمويين..
فلما اقتحم الحجاج بن يوسف الثقفى الحجاز..
ومكن للسيف من رقاب المنافسين لبنى مروان والمتمردين عليهم
قام الشريف محمد الجواد بن حسن العسكرى احد أجداد السيد البدوى
فجمع بنى عمه ومن يعز عليه من قومه وهاجر بهم جميعا من مكة سنة 73 هـ
إلى بلاد أفريقية ناجيا من بطش الحجاج وكان شأنه فى ذلك شأن مئات
الأسر العلوية التى هاجرت من الحجاز والشام والعراق إلى بلاد أفريقيا ومصر
وغيرها من الدول الأطراف النائية ..
وقد انتهى الأمر بعائلة البدوى فى المغرب وظلت بها حتى عام 603هـ
ولعل سبب طول الإقامة بها أن صارت بلاد المغرب فى تلك العهود مسرحا
لدعوات العلويين ثم أصبحت مسرحا لقيام الدولة الفاطمية ..
حتى إذا ما تقلص ظل الفاطميين عنها وإضطربت الأحوال هناك وبدأ الحجاز
فى نظر العلويين أهدأ وأليق بحركاتهم وتدبيراتهم مرة أخرى
عادت هذه الأسر تنشد وطنها الأول فى مكة ...
وكان السيد البدوى من الذين قرروا العودة إليها بهدف بسط نفوذ العلويين مرة أخرى..
وقد ولد البدوى فى فاس بالمغرب سنة 596هـ ورأى فيه العلويون إستعدادا
يؤهله لحمل دعوتهم والنهوض بها على ما يقصدون من تزجيه تعاليمهم تحت ستار
التصوف فنقله قومه إلى دور الإعداد العلمى والعملى لحمل هذه الدعوة والتهيؤ لها.
وقد قرر البدوى التوجه إلى مكة عن طريق مصر.
وفى مصر إستقر به المقام فى طنطا ـ أو طنتدا ـ كما كانت تسمى أيامها متبعدا
بذلك عن عيون الأيويين الذين كانوا يحكمون البلاد وقتها بحرص
حتى لا تكون هناك مؤامرات لإعادة سلطان الفاطميين..
ونزل البدوى فى دار إبن شحيط شيخ البلد وكان ذا نفوذ وجاه ولزم سطح داره
لمدة عشر سنوات وضع خلالها أسس البدء فى دعوته..
وإختار أربعين شخصا أعدهم على أحسن ما يكون وأطلقهم فى البلاد
وعرضها يحدثون الناس عن كراماته وخوارقه محاولا إبعاد الأنظار عما يطمح إليه.
وأخذ الناس يتحدثون عن ظاهرته وكراماته.. لكن لم يمهله القدر حتى يستكمل مخططاته
حيث مات عام 675هـ . وقد أطلق دراويشه المعجزات عنه فانهالت أنهار الذهب بين أيديهم..
فقرروا الإستفادة مما بناه السيد البدوى فزادوا وعادوا وتحول الأمر إلى حقيقة مع مرور السنين..
وقد نجح البدوى نفسه فى أن يروح لمعجزة بزعم فيها مريدوه أن أحد الأشخاص
طلب أن يرى وجهه وكان يغطى وجهه بلثام فقال له:
ـ يا صاح كل نظرة برجل
فأصر الرجل على رؤية وجه اليدوى فما إن رفع عن وجهه اللثام
حتى خر الرجل مصعوقا وتوفى فى الحال..
ويؤكد المفكرون أن مثل هذه الخرافات ثم الترويج لها جيدا وكل منها تستهدف تحقيق
غرض معين أهمها أن السيد البدوى كان يريد التخفى عن عيون الأيويين الذين
كانوا يحكمون البلاد..
وكان حريصا على عدم الكشف عن وجهه لأحد حتى لا يفتضح أمره
فأطلق هذه الخرافة حتى لا يفكر أى شخص فى أن يرى وجهه....
وقد وجدها البعض فرصة ذهبية للإستفادة من البدوى ميتا فزادوا فى الأمر
وشيدوا عشرات من الخوارق المماثلة ونشر المعجزات والكرامات
حتى أنه قيل أنه كان يحضر أسرى المصريين من بلاد الفرنجة.
وتطورت الكرامات وتحولت إلى يقين فى ذهن كل المصريين على مدار
السنوات الماضية حتى اتهم لازالوا ينشدون فى كل مولد نبوى أو فى مولده :
الله الله يابدوى جاب اليسرى..
والمقصود هنا أن السيد البدوى جاب أى أحضر أسرى المسلمين من بلاد الغرب..
أحضرهم وهو فوق سطح شيخ البلد الذى كان يقيم فوقه.
والأمر لم يتوقف عند هذا الحد.. بل نشهد بين الحين والآخر خلافات على
صفحات الصحف والكتب والإذاعات المصرية والتليفزيونية حول معجزات
البدوى ليلة المولد من كل عام حيث وصفه البعض بصفات الألوهية..
وكيف أنه ينجى المكروب إذا دعاه..
وهذه المعجزات المزعومة إذيعت فى الإذاعة المصرية على مسمع من ملايين المواطنين .
وشارك فى تدعيم هذه المعجزات وجود رجال كبار وأساتذة أجلاء ووزير الأوقاف
وشيخ الأزهر وغيرهم كثيرون حيث كانت تنقل الإذاعة المصرية
على الهواء وقائع الإحتفال بمولد السيد البدوى .
وقال خليفة السيد البدوى فى المولد أن البدوى إذا نودى فى بحر او بر أجاب .
وأنه ينجى مريده من الشدائد والكروب .
وقد رد عليه فى حينها أحد أساتذة الأزهر وقال:
أن ذلك من خصائص الألوهية
وهاجم خليفة البدوى بإعتباره يروج للخرافات وهاجم موقف الإذاعة المصرية..
مؤكدا أن هذا الموقف هو عدو المسلمين الأول وقال:
أن مثل هذه المقولات والإدعاءات الكاذبة فاسدة تنال من عقائد المؤمين
أكثر مما تنال منها مكائد الصهيونية وأراجيف الماسونية وضلالات المستشرقين..
وقد دافع الكثيرون عن معجزات وكرامات السيد البدوى ودافعوا عن مولده
ومن بين الذين أيدوا معجزات البدوى الدكتور جوده محمد المهدى
عميد كلية القرآن بطنطا والذى قال :
إن الله يكرم بعض عباده بالكرامات التى هى خوارق للعادة من خلق الله
يظهرها على أيديهم ولا تخرجهم على نطاق العبودية لله..
وقد أثبت هذه الكرامات للأولياء أئمة أهل السنة
فلا غرابة فى إسناد طي المسافات للولى كما حدث
لسيدنا عمر إذ قال يا سارية الجبل
وكان سارية ببلاد الفرس وسمع نداءه من المدينة المنورة .
وهى كرامة ثابتة فى كتب السنة والتاريخ وغير ذلك كثير وكثير
ولم نرجم من رواها من السلف بالشرك ..
ورغم هذا الدفاع المستميت من قبل البعض عن السيد البدوى الا ان البدوى
لم يخلف ثروة عقلية تدل على أنه كان صاحب شخصية عليمة
وكل ما وصلنا منه هو الآخر مجرد ورد يتضمن جملة من الأدعية
وهو ما يسمى فى إصطلاح أهل الطرق بالحزب .
ومجموعة من الصلوات وجملة من الوصايا وجهها السيد إلى مريده وتلميذه
عبدالعال الفيشاوى لتكون منهاجه فى الطريق ومنهاج الخلفاء والمريدين
وهى وصايا عامة تتضمن الحث على التمسك بالكتاب والسنة.
وكل الأخبار التى وصلتنا عن البدوى تؤكد أنه صاحب تصرفات غير طبيعية..
حيث أنه كان يرفع عينيه صوب الشمس
حتى تحمر وتمرض وتصبح أشبه بالجمرتين المتقدتين.
وكان تارة يطول صمته وتارة يعلو صراخه وكان أحيانا يمتنع عن الزاد والشراب
أربعين يوما كاملة وكان إذا لبس ثوبا أو عمامة لا يخلعها لغسل
ولا لغيره حتى تبلى فيبدلونها بغيرها .
وهذه المظاهر كما تقول دائرة المعارف الإسلامية تدل على أن السيد البدوى
كان من طبقة الدراويش الدنيا الذين هم أشبه بطائفة (اليوجا) بالهند...
وقد سيطرت على التصوف الإسلامى فى عصر البدوى هذه النزعة
على أن السيد لم يكن بالشخصية التى تعالج التصوف بالرأى والتفكير
وإنما كان صاحب دعوة يجمع حولها الأنصار باتجاه الزهد والتقشف
وهو اتجاه كان أشد تأثيرا على نفوس الجماهير من ذلك الإتجاه الفلسفى
الذى سلكه رجال مثل إبن عربى.
والمكانة التى نمت للبدوى فى عالم الصوفية والدراويش كانت نتيجة لثلاثة عوامل :
أولها شخصيته نفسها .
وثانيها صنع أتباعه ودراويشه فيما زعموا له من خوارق وكرامات .
والسبب الثالث : انحلال المجتمع المصرى في تلك الفترة
جعله يعيش تحت سلطان الخرافات والأوهام.
وكان السيد البدوى ذكى جدا بحيث لم يجعل مريديه يلتقون معا وجها لوجه
بل كان يلتقى بكل منهم بشكل منفرد وإذا ما تبين فى واحد من مريديه الإخلاص
وجهه إلى الوجهة التى يطمح فى نشر دعوته فيها حتى وصل صيته إلى الشام ومكه
والصعيد بفضل هؤلاء الدعاة والمريدين الذين كان على رأسهم عبدالعال الفيشاوى..
وكان أصله من فيشا منارة وهى إحدى البلاد القريبة من طنطا
وقد إتصل بالبدوى فى أول قدومه إلى طنطا وكان لا يزال فتى حديثا
ولم يكن على جانب من الفقه والعلم لكنه كان ذكيا وفهم مراد السيد
وأخلص لشيخه وأخذ ينقل له ما يدور حوله وبعد وفاة البدوى ظل
نظام الخلافة الذى وضعه عبدالعال الفيشاوى متبعا .
فمن حق الخليفة ان يرث تراث البدوى وهو عبارة عن لثامين
وبشت صوف وعلم أحمر..
وأن يتقبل النذور والأموال الموقوفه والعطايا وله التصرف فى أمرها
كما كان له السلطان المطلق على جميع أتباع الطريقة الأحمدية ودراويشها
فى سائر الأقطار أما واجبه فأمر خفيف ظريف وهو أن يقرأ ورد الطريقة
مع الأتباع بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع فى الخلوة الأحمدية ..
كما أن عليه أن يركب تلك الركبة المعروفة بركبة الخليفة فى المولد.
ولم يكن يراعى الجانب العلمى حتى الآن فى إختيار خلفاء البدوى فكثيرا ما كانوا يختارون
من الجهلة الأمين لأنه يراعى فقط صلة قرابة أو نسب ومظهر صلاح وإخلاص للطريقة.
وقد إصطنع كل شيخ من أتباع السيد البدوى لنفسه طريقة ومريدين واتباعا
والذين تفرقوا بدورهم يحدثون الناس بمناقب وكرامات صاحب الطريقة الجديدة
التابعة لطريقة البدوى الصوفية وهكذا تفرقت الطريقة الأحمدية
إلى شعب كثيرة كل شعبة لها مشيخة ودراويش ....
وقد تواردت حياة السيد إلينا عن طريق الألسن فقط.. فلم يكن هناك مؤرخون
معاصرون له لكشف النقاب عن حقيقته .
ويرى بعض الباحثين ان البدوى ليس سوى خرافة تجسمت فى أوهام الناس
حتى صارت عقيدة راسخة كمثل ما يعتقدونه فى الشيخ المتولى والشيخ الاربعين
وغير ذلك من الشيوخ الذين لا حقيقة لهم إلا فى أوهام العامة ..
والدليل على ذلك أن بين المعصرة وحلوان دير فيه ضريح لرجل يسميه الأقباط
القديس برسوم العريان ويسميه المسلمون سيدى محمد العريان
وفى كل عام يقام له إحتفال يعتبره الأقباط عيدا
ويعتبره المسلمون مولدا وأنهم ليجتمعون جميعا فى هذا الأحتفال وينحرون الذبائح
ويقدمون النذور لهذا الذى يدعى الأقباط والمسلمين تبعيته لهم ..
وقد تحولت حياة السيد البدوى نظرا لعدم وجود مادة علمية تاريخية يعتمد عليها الباحث
للتدقيق فى حياته إلى مادة للإرتزاق عن طريق إضافة الكرامات
والخوارق إلى حياته منها مثلا :
أن السيد البدوى أمات بعض العرب الذين حاولوا الإعتداء عليه ثم أحياهم مرة أخرى
فقبلوا يديه وأعلنوه ندمهم على ما فعلوا وقالوا عنه أنه كان خاضع فى تصرفاته
لرؤى مناميه ..
وزعموا أنه كان يخاطب الأولياء السابقين ويتصل بأهله فى مكه
ويرى النبى ويصعد إلى السماء ويعلم الغيب ويشاهد الجنة والنار..
ويحكى عن البدوى أن احمد الرفاعى أمره بتأديب فاطمة بنت برى وكانت ذات جمال
وجاه وفتايات تفتن أعتى الرجال ونجح البدوى فى هزيمة فرسان بنت برى حتى
أنه أمات الجمال والجياد التى كانوا يركبونها..
وأحياها مرة أخرى وقد سمر البدوى فرس بنت برى وانصرف بعد أن شهدت له
بقطبانيته وأخذ عليها العهد ألا تتعرض لأحد بسوء.
ويعتقد باحثين غربين أن حياة البدوى دخلت عليها عناصر فرعونية قديمة أقحمها
الوضاعون لغرض فى نفوسهم .
وقصة بنت برى هذه يرجح ان نكون موضوعة من أصلها والقصد منها هو الرمز
إلى ما كان فى حياة البدوى من مجاهدة الشهوات..
ويدلل البعض على ذلك بأن سيرة البدوى تم تدوين معظمها فى العصر العثمانى
ذلك العصر الذى يوصف بالجهل والجمود والتأخر
والذى اعتاد فيه الناس على أن يسمعوا كل يوم عن ولى أو شيخ طار بلا جناحين
او طاف العالم فى لحظة او أمات الأحياء أو أحيا الأموات..
فكان من المستحيل على كتاب سيرته ان يدونوا سيرته خلوا من تلك الروح
التى سادت عصرهم ولذلك يجد الباحث أن هناك الكثير من الكرامات والخوارق
التى إقترنت بحياة البدوى منها خروجه من القبر .
وتحوله فى البلاد والكلام فى القبر للإجابة عن أسئلة معارفة
وإيذاء من يتعرض لسيرته بسوء وإحضار الاسرى من بلاد النصارى
ونصرة المظلوم وحماية من يستغيث به وشفاء المرضى..
ولكم تحيات
ماجد البلوي