ماجد سليمان البلوي
12-03-2016, 10:06 PM
قصة من السودان "عندما يســـرق الكحــل مــن الأعيــــن "..؟؟
السلام عليكم
لقد تبدلت في الناس محتويات الأوردة والشرايين ..
والتي تجري بتلك المحتويات ليست بتلك الدماء ..
بل هي جرعات من سيول الزيف والخداع ..
تلك التدفقات الخالية من ألوان الإخلاص والوفاء ..
والشيطان قد أبرع في تدنيس المسافات بين القلوب ..
وأصبغها بألوان المكر والدهاء ..
وهو ذلك الخادع الذي يتراءى للناس في ثياب الملائكة الأتقياء ..
ولقد تلاشت في القلوب معاني النبل والصفاء ..
فهو ذلك الزمن الذي يجاري مناسك المكر والغدر والطعنات النجلاء ..
وقد ماتت في الصدور والأفئدة نخوة الرحمة والإخاء ..
وذاك ( جعفر ) قد نال سهام الغدر من الإخوة الأخلاء ..
برمية قاتلة أدمت صفاء المشاعر البيضاء ..
فهي تلك الخيانة الكبرى التي لوثت صفحة الماضي بسواد الرياء ..
وتلك أفئدة الأشقاء اتخذت الإخاء غلافا وستارا يواري مكيدة الخبثاء ..
والقصة تشهدها الصحراء الكبرى التي جمعت مصادفة بين أبناء الأعمام الأشقاء ..
ولقد التقوا في خندق الطموحات بحثا عن كنوز الذهب والثراء ..
رفاق عشرة تجمعهم رباط الأرحام والدماء ..
عاشوا سوياَ الأيام تلو الأيام في خيام الكد والتنقيب والشقاء ..
زمرة من الشباب الطموح الذين أقاموا الأحلام فوق ناطحات السماء ..
كانوا يتقاسمون الأحوال بينهم في السراء والضراء ..
يبكون سويا حين يبكون .. ويضحكون سويا حين يضحكون ..
ويناضلون سويا حين يناضلون ..
وتلك الوجوه كانت خالية من علامات النفاق والرياء ..
ولا يبدون إلا تلك المظاهر من الطيبة والإخاء ..
وذات يوم تحدثت نفس ( جعفر ) .. وأراد أن يفسح عن مكنونات صدره ..
فأماط اللثام عن هواجس تدور في خاطرته منذ زمن طويل ..
فخاطب الإخوة معه في خندق الشقاء ..
وفيهم ابن عمه الشقيق ( صابر ) الذي يعزه كثيراَ ويكن له الكثير من المحبة ..
وكشف لهم بأنه يفكر الزواج بابنة العم الوحيدة ( منـال ) ..
وهو يكن لها في القلب الكثير من المحبة والوداد ..
وأنه لا يفكر إطلاقا بالزواج بغيرها ..
وأنه لا يطيق الابتعاد عنها مهما كانت الظروف والأحوال ..
وعندها أظهر الجميع تباشير الفرحة والانشراح ..
وقد نالت تلك الفكرة استحسان الجميع ..
ولم يبدي أحدهم نوعاَ من التحفظ أو التعليق أو الامتناع ..
ولكن في الأعماق كانت تلك الإيحاءات مجرد صمت يخفي خلفه الكثير من العواء ..
وهذا هو عصر الإفك والنفاق والرياء ..
حيث أنه يمثل عصر النفوس الخادعة الضامرة في الخفاء ..
ففي حينها لم تبدي تلك النفوس المقاصد والنوايا ..
بل صمتت لتنام فوق بساط المكر والدهاء .
.................
ثم توالت الأيام بعد ذلك بوتيرة الملل في أروقة الصحراء ..
وأخيرا قرر فجأة ابن العم الشقيق ( صابر ) أن يعود لموطن الآباء والأجداد ..
وعندها فرح الجميع بذلك القرار .. ثم قرر الجميع العودة فوراَ إلى قرية العشيرة ..
وكانت تلك سانحة للشاب ( جعفر ) الذي تأمل أن يكمل الفرحة في تواجد الإخوة الأبرار ..
وقد أنتظر ( جعفر ) تلك السانحة بفارق الصبر ..
فقرروا جميعا العودة إلى قرية العشيرة ..
وقبل الوصول إلى تلك القرية كان لا بد من الجميع أن يمروا بأسواق المدينة ..
حيث لا بد من شراء الأغراض والهدايا ..
فقام ( جعفر ) بشراء الهدايا كما قام بشراء كل مستلزمات الزواج ..
وكذلك فعل الآخرون ولكن بطريقة خافية وملتوية ..
وحين رجع الجميع إلى القرية كان ذلك الترحاب
والاستقبال الحافل من الأهل والأرحام والعشيرة ..
وبعد ساعات فقط تقدم الشاب ( جعفر) طالبا يد ابنة العم الوحيدة ( منال ) ..
ولكن كانت المفاجأة الكبرى حين قيل له أن ابن عمه ( صابر )
قد سبقه في تلك الخطبة قبل لحظات ..
وانه تقدم طالبا يد ( منال ) بمجرد وصوله لعقر الدار ..
وقد نال موافقة الأسرة والعشيرة بالإجماع ..
لقد ذهل ( جعفر ) من تلك الواقعة الموجعة .. ولم يصدق أحاسيسه ..
ثم توالت المفاجآت حين تقدم لخطبة البنت نفسها ( منال )
خمسة من باقي الرفاق الذين قدموا معه من السفر !! ..
حينها أدرك ( جعفر ) أن نفوس البشر قد تبدلت في عصر العجائب ..
وأن تلك الوجوه كانت تمثل مجرد أغطية زائفة لمكنونات الصدور ..
وهؤلاء هم بنو الأرحام الذين عاشوا معه في خندق واحد لسنوات طويلة يشاركونه اللقمة ..
ثم تلك العشرة الطويلة في السراء والضراء ..
ولم يظهروا له يوما بوادر الغدر والخيانة ..
ولكنهم بمجرد الإنفراد كشفوا الحقيقة القاسية ..
تلك الحقيقة التي كانت تكمن خلف قناع وجوه خادعة !! ..
وهذا هو حقاَ هو عصر العجائب .. عصر تبدلت فيه المعاني والمفاهيم السامية ..
وأصبحت تلك الوجوه مجرد واجهات زائفة ..
وهذا العصر بحق وحقيقة هو عصر النفاق والاحتيال والمكائد ..
وتزداد الجروح إيلاما حين تقع الفاجعة من رفاق الأرحام والعشيرة ..
حينها تتألم الأنفس حسرة وندامة ..
حيث تداعت دعامات الإخلاص بين أصحاب أولي الأرحام ناهيك عن الغرباء ..
وقد تتوقع النفوس نوازل التجريح من سماء الآخرين ..
ولكنها لا تتوقع أبداَ تلك النوازل من سماء الأقرباء والأرحام ..
ولكم تحيات
ماجد البلوي
السلام عليكم
لقد تبدلت في الناس محتويات الأوردة والشرايين ..
والتي تجري بتلك المحتويات ليست بتلك الدماء ..
بل هي جرعات من سيول الزيف والخداع ..
تلك التدفقات الخالية من ألوان الإخلاص والوفاء ..
والشيطان قد أبرع في تدنيس المسافات بين القلوب ..
وأصبغها بألوان المكر والدهاء ..
وهو ذلك الخادع الذي يتراءى للناس في ثياب الملائكة الأتقياء ..
ولقد تلاشت في القلوب معاني النبل والصفاء ..
فهو ذلك الزمن الذي يجاري مناسك المكر والغدر والطعنات النجلاء ..
وقد ماتت في الصدور والأفئدة نخوة الرحمة والإخاء ..
وذاك ( جعفر ) قد نال سهام الغدر من الإخوة الأخلاء ..
برمية قاتلة أدمت صفاء المشاعر البيضاء ..
فهي تلك الخيانة الكبرى التي لوثت صفحة الماضي بسواد الرياء ..
وتلك أفئدة الأشقاء اتخذت الإخاء غلافا وستارا يواري مكيدة الخبثاء ..
والقصة تشهدها الصحراء الكبرى التي جمعت مصادفة بين أبناء الأعمام الأشقاء ..
ولقد التقوا في خندق الطموحات بحثا عن كنوز الذهب والثراء ..
رفاق عشرة تجمعهم رباط الأرحام والدماء ..
عاشوا سوياَ الأيام تلو الأيام في خيام الكد والتنقيب والشقاء ..
زمرة من الشباب الطموح الذين أقاموا الأحلام فوق ناطحات السماء ..
كانوا يتقاسمون الأحوال بينهم في السراء والضراء ..
يبكون سويا حين يبكون .. ويضحكون سويا حين يضحكون ..
ويناضلون سويا حين يناضلون ..
وتلك الوجوه كانت خالية من علامات النفاق والرياء ..
ولا يبدون إلا تلك المظاهر من الطيبة والإخاء ..
وذات يوم تحدثت نفس ( جعفر ) .. وأراد أن يفسح عن مكنونات صدره ..
فأماط اللثام عن هواجس تدور في خاطرته منذ زمن طويل ..
فخاطب الإخوة معه في خندق الشقاء ..
وفيهم ابن عمه الشقيق ( صابر ) الذي يعزه كثيراَ ويكن له الكثير من المحبة ..
وكشف لهم بأنه يفكر الزواج بابنة العم الوحيدة ( منـال ) ..
وهو يكن لها في القلب الكثير من المحبة والوداد ..
وأنه لا يفكر إطلاقا بالزواج بغيرها ..
وأنه لا يطيق الابتعاد عنها مهما كانت الظروف والأحوال ..
وعندها أظهر الجميع تباشير الفرحة والانشراح ..
وقد نالت تلك الفكرة استحسان الجميع ..
ولم يبدي أحدهم نوعاَ من التحفظ أو التعليق أو الامتناع ..
ولكن في الأعماق كانت تلك الإيحاءات مجرد صمت يخفي خلفه الكثير من العواء ..
وهذا هو عصر الإفك والنفاق والرياء ..
حيث أنه يمثل عصر النفوس الخادعة الضامرة في الخفاء ..
ففي حينها لم تبدي تلك النفوس المقاصد والنوايا ..
بل صمتت لتنام فوق بساط المكر والدهاء .
.................
ثم توالت الأيام بعد ذلك بوتيرة الملل في أروقة الصحراء ..
وأخيرا قرر فجأة ابن العم الشقيق ( صابر ) أن يعود لموطن الآباء والأجداد ..
وعندها فرح الجميع بذلك القرار .. ثم قرر الجميع العودة فوراَ إلى قرية العشيرة ..
وكانت تلك سانحة للشاب ( جعفر ) الذي تأمل أن يكمل الفرحة في تواجد الإخوة الأبرار ..
وقد أنتظر ( جعفر ) تلك السانحة بفارق الصبر ..
فقرروا جميعا العودة إلى قرية العشيرة ..
وقبل الوصول إلى تلك القرية كان لا بد من الجميع أن يمروا بأسواق المدينة ..
حيث لا بد من شراء الأغراض والهدايا ..
فقام ( جعفر ) بشراء الهدايا كما قام بشراء كل مستلزمات الزواج ..
وكذلك فعل الآخرون ولكن بطريقة خافية وملتوية ..
وحين رجع الجميع إلى القرية كان ذلك الترحاب
والاستقبال الحافل من الأهل والأرحام والعشيرة ..
وبعد ساعات فقط تقدم الشاب ( جعفر) طالبا يد ابنة العم الوحيدة ( منال ) ..
ولكن كانت المفاجأة الكبرى حين قيل له أن ابن عمه ( صابر )
قد سبقه في تلك الخطبة قبل لحظات ..
وانه تقدم طالبا يد ( منال ) بمجرد وصوله لعقر الدار ..
وقد نال موافقة الأسرة والعشيرة بالإجماع ..
لقد ذهل ( جعفر ) من تلك الواقعة الموجعة .. ولم يصدق أحاسيسه ..
ثم توالت المفاجآت حين تقدم لخطبة البنت نفسها ( منال )
خمسة من باقي الرفاق الذين قدموا معه من السفر !! ..
حينها أدرك ( جعفر ) أن نفوس البشر قد تبدلت في عصر العجائب ..
وأن تلك الوجوه كانت تمثل مجرد أغطية زائفة لمكنونات الصدور ..
وهؤلاء هم بنو الأرحام الذين عاشوا معه في خندق واحد لسنوات طويلة يشاركونه اللقمة ..
ثم تلك العشرة الطويلة في السراء والضراء ..
ولم يظهروا له يوما بوادر الغدر والخيانة ..
ولكنهم بمجرد الإنفراد كشفوا الحقيقة القاسية ..
تلك الحقيقة التي كانت تكمن خلف قناع وجوه خادعة !! ..
وهذا هو حقاَ هو عصر العجائب .. عصر تبدلت فيه المعاني والمفاهيم السامية ..
وأصبحت تلك الوجوه مجرد واجهات زائفة ..
وهذا العصر بحق وحقيقة هو عصر النفاق والاحتيال والمكائد ..
وتزداد الجروح إيلاما حين تقع الفاجعة من رفاق الأرحام والعشيرة ..
حينها تتألم الأنفس حسرة وندامة ..
حيث تداعت دعامات الإخلاص بين أصحاب أولي الأرحام ناهيك عن الغرباء ..
وقد تتوقع النفوس نوازل التجريح من سماء الآخرين ..
ولكنها لا تتوقع أبداَ تلك النوازل من سماء الأقرباء والأرحام ..
ولكم تحيات
ماجد البلوي