م. أحمد بن حسن البلوي
02-14-2017, 04:06 PM
🌴🌈الروااااائع 🌈🌴
من عجائب ما روى أهل السير عن (أحمدَ بنِ مسكين) ؛ أحدِ علماءِ (القرن الثالث الهجري) في البصرة ، قال - رحمه الله - :
« امتُحِنت بالفقر (سنة 219) ، فلم يكن عندنا شيء ، ولي امرأة وطفلها ، وقد طوينا على جوع يخسِف بالجَوفِ خسفا، فَجَمعْتُ نيّتي على (بيع الدار) والتحوّل عنها ،
فخرجت أتسبب لبيعها فلقيني (أبو نصر) ؛ فأخبرته بنيتي لبيع الدار ؛ فدفع إلي (رُقاقتين من الخبز) بينهما حلوى ، وقال أطعمها أهلك ومضيت إلى داري .
فلما كنتُ في الطريق لقيتني (امرأة معها صبي) ، فنظَرَتْ إلى الرُّقاقتين وقالت : « يا سيدي ، هذا طفل يتيم جائع ، وﻻ صبر له على الجوع ، فأطعمه شيئًا يرحمك الله » ، ونظر إليّ الطفلُ نظرة ﻻ أنساها ، وخُيِّل إليّ حينئذ أن الجنة نزلت إلى اﻷرضِ تعرض نفسها على مَن يُشبِع هذا الطفل وأمه ؛ فدفعت ما في يدي للمرأة ، وقلت لها : خذي وأطعمي ابنك ! والله ما أملك بيضاء وﻻ صفراء ، وإن في داري لمَن هو أحوج إلى هذا الطعام ، فدمعت عيناها ، وأشرق وجه الصبي .
ومشيت وأنا مهموم ، وجلست إلى حائط أفكر في بيع الدار ، وإذ أنا كذلك ؛ إذ مرّ (أبو نصر) ، وكأنه يطير فرحًا ، فقال : يا أبا محمد ، ما يُجلسك ها هنا ، وفي دارك الخير والغنى ؟!
قلت : سبحان الله !
ومن أين يا أبا نصر ؟!
قال : جاء رجل مِن خراسان يسأل الناس عن أبيك أو أحدٍ مِن أهله ، ومعه أثقالٌ وأحمالٌ مِنَ الخير واﻷموال!
فقلت : ما خبره ؟!
قال : إنه تاجر مِنَ البصرة ، وقد كان أبوك أودَعه ماﻻً مِن (ثﻼثين سنة)! فعاد إلى البصرة وأراد أن يتحلّل ، فجاءك بالمال وعليه ما كان يربحه في (ثﻼثين سنة) .
يقول (أحمد بن مسكين) : حمدتُ الله وشكرته ، وبحثت عن المرأة المحتاجة وابنها ، فكفيتهما وأجرَيتُ عليهما رِزقا ، ثم اتّجرت في المال ، وجعلت أربه بالمعروف والصنيعة واﻹحسان وهو مقبل يزداد وﻻ ينقص .
وكأني قد أعجبتني نفسي ، وسرّني أني قد مُلأَتْ سِجِﻼتُ المﻼئكةِ بحسناتي ، ورجوت أن أكون قد كُتِبتُ عند الله في الصالحين !
فنمتُ ليلةً ؛ فرأيتُني في يوم القيامة ، والخلق يموج بعضهم في بعض ، ورأيت الناس وقد وُسِّعَتْ أبدانُهم ، فهم يحملون أوزارهم على ظهورهم مخلوقة مجسّمة ، حتى لكأن الفاسق على ظهره مدينة كلها مخزيات ، ثم وضعت الموازين ، وجيء بي لوزن أعمالي ، فجُعِلت سيئاتي في كِفة ، وألقَِيت سِجﻼتُ حسناتي في اﻷخرى ، فطاشت السجﻼت ، ورجحت السيئات
ثم جعلوا يلقون الحسنة بعد الحسنة مما كنت أصنعه !
فإذا تحت كل حسنةٍ (شهوةٌ خفيةٌ) مِن شهوات النفس ، كالرياء ،ِ والغرورِ ، وحبِ المَحْمدة عند الناس ، فلم يسلمُ لي شيء، وهلكتُ عن حجتي ،
وسمعتُ صوتًا : ألم يبق لهشيء ؟
فقيل : « بقي هذا ، وانا أنظر ﻷرى ما هذا الذي بقي ، فإذا الرقاقتان اللتان أحسنت بهما على المرأة وابنها ، فأيقنت أني هالك ، فلقد كنت أُحسِنُ بمئةِ دينارٍ ضربةً واحدة ، فما أغنَتْ عني ، فانخذلت انخذاﻻً شديدًا ، فوُضِعَت الرقاقتان في الميزان ، فإذا بكفة الحسنات تنزل قليﻼً ورجحت بعضَ الرجحان ، ثم وُضعت دموع المرأة المسكينة التي بكت من أثر المعروف في نفسها ، ومن إيثاري إياها وابنها على أهلي ، وإذا بالكفة ترجُح ، وﻻ تزال ترجُح حتى سمعت صوتًا يقول : " قد نجا ".
« فلا تحقرنّ من المعروف شيئا ، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ، واتقوا النار ولو بشق تمرة » .
خاتمة:( لا يبقى العمل الصالح في ميزان الحسنات إلا إذا كان خالصاً لله).
فلا تعجب بما فعلت؛ حتى وإن كان كبيراً فهو مال الله قد ابتلانا به ليرى صنيعنا فيه
فاللهم ارزقنا الاخلاص في القول والعمل .
وصلى الله وسلم على نبينا وحبيبنا محمد
سبحان الله وبحمده ؛ سبحان الله العظيم
من عجائب ما روى أهل السير عن (أحمدَ بنِ مسكين) ؛ أحدِ علماءِ (القرن الثالث الهجري) في البصرة ، قال - رحمه الله - :
« امتُحِنت بالفقر (سنة 219) ، فلم يكن عندنا شيء ، ولي امرأة وطفلها ، وقد طوينا على جوع يخسِف بالجَوفِ خسفا، فَجَمعْتُ نيّتي على (بيع الدار) والتحوّل عنها ،
فخرجت أتسبب لبيعها فلقيني (أبو نصر) ؛ فأخبرته بنيتي لبيع الدار ؛ فدفع إلي (رُقاقتين من الخبز) بينهما حلوى ، وقال أطعمها أهلك ومضيت إلى داري .
فلما كنتُ في الطريق لقيتني (امرأة معها صبي) ، فنظَرَتْ إلى الرُّقاقتين وقالت : « يا سيدي ، هذا طفل يتيم جائع ، وﻻ صبر له على الجوع ، فأطعمه شيئًا يرحمك الله » ، ونظر إليّ الطفلُ نظرة ﻻ أنساها ، وخُيِّل إليّ حينئذ أن الجنة نزلت إلى اﻷرضِ تعرض نفسها على مَن يُشبِع هذا الطفل وأمه ؛ فدفعت ما في يدي للمرأة ، وقلت لها : خذي وأطعمي ابنك ! والله ما أملك بيضاء وﻻ صفراء ، وإن في داري لمَن هو أحوج إلى هذا الطعام ، فدمعت عيناها ، وأشرق وجه الصبي .
ومشيت وأنا مهموم ، وجلست إلى حائط أفكر في بيع الدار ، وإذ أنا كذلك ؛ إذ مرّ (أبو نصر) ، وكأنه يطير فرحًا ، فقال : يا أبا محمد ، ما يُجلسك ها هنا ، وفي دارك الخير والغنى ؟!
قلت : سبحان الله !
ومن أين يا أبا نصر ؟!
قال : جاء رجل مِن خراسان يسأل الناس عن أبيك أو أحدٍ مِن أهله ، ومعه أثقالٌ وأحمالٌ مِنَ الخير واﻷموال!
فقلت : ما خبره ؟!
قال : إنه تاجر مِنَ البصرة ، وقد كان أبوك أودَعه ماﻻً مِن (ثﻼثين سنة)! فعاد إلى البصرة وأراد أن يتحلّل ، فجاءك بالمال وعليه ما كان يربحه في (ثﻼثين سنة) .
يقول (أحمد بن مسكين) : حمدتُ الله وشكرته ، وبحثت عن المرأة المحتاجة وابنها ، فكفيتهما وأجرَيتُ عليهما رِزقا ، ثم اتّجرت في المال ، وجعلت أربه بالمعروف والصنيعة واﻹحسان وهو مقبل يزداد وﻻ ينقص .
وكأني قد أعجبتني نفسي ، وسرّني أني قد مُلأَتْ سِجِﻼتُ المﻼئكةِ بحسناتي ، ورجوت أن أكون قد كُتِبتُ عند الله في الصالحين !
فنمتُ ليلةً ؛ فرأيتُني في يوم القيامة ، والخلق يموج بعضهم في بعض ، ورأيت الناس وقد وُسِّعَتْ أبدانُهم ، فهم يحملون أوزارهم على ظهورهم مخلوقة مجسّمة ، حتى لكأن الفاسق على ظهره مدينة كلها مخزيات ، ثم وضعت الموازين ، وجيء بي لوزن أعمالي ، فجُعِلت سيئاتي في كِفة ، وألقَِيت سِجﻼتُ حسناتي في اﻷخرى ، فطاشت السجﻼت ، ورجحت السيئات
ثم جعلوا يلقون الحسنة بعد الحسنة مما كنت أصنعه !
فإذا تحت كل حسنةٍ (شهوةٌ خفيةٌ) مِن شهوات النفس ، كالرياء ،ِ والغرورِ ، وحبِ المَحْمدة عند الناس ، فلم يسلمُ لي شيء، وهلكتُ عن حجتي ،
وسمعتُ صوتًا : ألم يبق لهشيء ؟
فقيل : « بقي هذا ، وانا أنظر ﻷرى ما هذا الذي بقي ، فإذا الرقاقتان اللتان أحسنت بهما على المرأة وابنها ، فأيقنت أني هالك ، فلقد كنت أُحسِنُ بمئةِ دينارٍ ضربةً واحدة ، فما أغنَتْ عني ، فانخذلت انخذاﻻً شديدًا ، فوُضِعَت الرقاقتان في الميزان ، فإذا بكفة الحسنات تنزل قليﻼً ورجحت بعضَ الرجحان ، ثم وُضعت دموع المرأة المسكينة التي بكت من أثر المعروف في نفسها ، ومن إيثاري إياها وابنها على أهلي ، وإذا بالكفة ترجُح ، وﻻ تزال ترجُح حتى سمعت صوتًا يقول : " قد نجا ".
« فلا تحقرنّ من المعروف شيئا ، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ، واتقوا النار ولو بشق تمرة » .
خاتمة:( لا يبقى العمل الصالح في ميزان الحسنات إلا إذا كان خالصاً لله).
فلا تعجب بما فعلت؛ حتى وإن كان كبيراً فهو مال الله قد ابتلانا به ليرى صنيعنا فيه
فاللهم ارزقنا الاخلاص في القول والعمل .
وصلى الله وسلم على نبينا وحبيبنا محمد
سبحان الله وبحمده ؛ سبحان الله العظيم