ماجد سليمان البلوي
05-30-2017, 02:20 AM
سلاطين المماليك وليالي رمضان ..؟؟
السلام عليكم
الهلال والفانوس وموائد الرحمن والمسحراتى والكنافة والقطايف وأم على، حكايات رمضانية نعيشها كل عام، لها أصول فى التاريخ الإسلامى، فبحثنا عنها، ووجدناها فى جعبة عالم الآثار والفنون الإسلامية، الدكتور على الطايش، أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة.
رؤية الهلال:
يشير الدكتور على الطايش، أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار بجامعة القاهرة، إلى احتفال المماليك بشهر رمضان، بما يتفق مع مكانة الشهر الدينية عند المسلمين، وشهد الرحالة ابن بطوطة الاحتفال بهذه المناسبة، فى مدينة أبيار بالقرب من المحلة الكبرى، وهو شكل متكرر فى جميع أنحاء البلاد، ووصف هذا الاحتفال وصفا دقيقا،
قائلا: “عادتهم أن يجتمع فقهاء المدينة ووجوهها بعد العصر من اليوم التاسع والعشرين، لشعبان بدار القاضى، ويقف على الباب نقيب المتعممين، وهو ذو شارة، وهيئة حسنة، فإذا أتى أحد الفقهاء، أو أحد الوجوه، تلقاه ذلك النقيب، ومشى بين يديه،
قائلا: “باسم الله سيدنا فلان الدين، فيسمع القاضى، ومن معه، فيقف القاضى ومن معه، فيقومون له، ويجلسه فى مكان يليق به، فإذا تكاملوا هناك، ركبوا جميعا وتبعهم جميع من بالمدينة من الرجال والنساء والصبيان، وينتهون إلى موضع مرتفع خارج المدينة، وهو مرتقب الهلال عندهم، وفرش ذلك الموضع بالبسط والفرش،
فينزل القاضى، ومن تبعه، ثم يعودون إلى بعد صلاة المغرب، وبين أيديهم الشمع والمشاعل والفوانيس وقد يوقد أهل الحوانيت بحوانيتهم الشمع، ويصل الناس مع القاضى إلى داره ثم ينصرفون هكذا، كان فعلهم فى كل سنة”، وذكر إبن الحاج فى المدخل أن من عادة الناس أن يعلقوا الفوانيس التي جعلوها علما على جواز الأكل والشرب وغيرها ما دامت معلقة موقودة.
احتفالية الرؤيا:
ومن الاحتفال بليلة رؤية الهلال فى عام 920هـ/1514م، أيام السلطان الأشرف قانصوه الغورى، حضور القضاة الأربعة بالمدرسة المنصورية، والزيني بركات بن موسى المحتسب، فلما ثبتت رؤية الهلال، وانفض المجلس ركب المحتسب، ومشى أمامه السقاءون بالقرّب الجلدية، وأوقدوا الشموع على الدكاكين، وعلقوا المواقد والقناديل على طول الطريق إلى بيت الزيني بركات.
وفي مستهل الشهر، يجلس السلطان في ميدان القلعة ويتقدم إليه الخليفة والقضاة الأربعة بالتهنئة، ثم يستعرض كميات الدقيق والخبز والسكر وكذا الغنم والبقر المخصصة، لصدقات رمضان، يعرضها عليه المحتسب، بعد أن يكون استعرضها فى أنحاء القاهرة، تتقدمها الموسيقى فينعم على المحتسب وعلى كبار رجال الدولة.
وفى العصر العثمانى، فى التاسع والعشرين من شعبان، كان القضاة الأربعة يجتمعون وبعض الفقهاء، والمحتسب بالمدرسة المنصورية بمنطقة “بين القصرين”، ثم يركبون جميعاً، ويتبعهم أرباب الحرف وبعض دراويش الصوفية إلى موضع مرتفع بجبل المقطم حيث يترقبون الهلال،
فإذا ثبتت رؤيته عادوا وبين أيديهم المشاعل والقناديل إلى المدرسة المنصورية، ويعلن المحتسب ثبوت رؤية هلال رمضان ويعود إلى بيته في موكب حافل، يحيط به أرباب الطرق والحرف بين أنواع المشاعل في ليلة مشهودة.
وفي صباح أول أيام رمضان، يصعد المحتسب والقضاة الأربعة إلى القلعة لتهنئة “الباشا” الوالى فيخلع عليهم “قفاطين”.
البر والإحسان:
يوضح الدكتور الطايش أن سلاطين المماليك توسعوا فى البر والإحسان طوال الشهر المبارك، فالسلطان برقوق “784هـ -801هـ” اعتاد طوال أيام ملكه أن يذبح فى كل يوم من أيام رمضان خمسة وعشرين بقرة، يتصدق بلحومها، بالإضافة إلى الخبز والأطعمة على أهل المساجد والروابط والسجون،
بحيث يخص كلَّ فرد رطل لحم مطبوخ، وثلاثة أرغفة، وسار على سنته من أتى بعده من السلاطين، فأكثروا من ذبح الأبقار وتوزيع لحومها كما رتب سلاطين السلطان بيبرس خمسة آلاف في كل يوم من أيام شهر رمضان.
واعتاد سلاطين المماليك عتق ثلاثين رقبة بعدد أيام الشهر الكريم بالإضافة إلى كافة أنواع التوسعة على العلماء حيث تصرف لهم رواتب إضافية فى شهر رمضان خاصة ما يصرف من السكر، و بلغ كمية السكر فى عصر السلطان الناصر محمد بن قلاون سنة 745هـ ثلاثة آلاف قنطار، قيمتها ثلاثون ألف دينار منها ستون قنطاراً فى كل يوم من أيام رمضان..
ولكم تحيات
ماجد البلوي
السلام عليكم
الهلال والفانوس وموائد الرحمن والمسحراتى والكنافة والقطايف وأم على، حكايات رمضانية نعيشها كل عام، لها أصول فى التاريخ الإسلامى، فبحثنا عنها، ووجدناها فى جعبة عالم الآثار والفنون الإسلامية، الدكتور على الطايش، أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة.
رؤية الهلال:
يشير الدكتور على الطايش، أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار بجامعة القاهرة، إلى احتفال المماليك بشهر رمضان، بما يتفق مع مكانة الشهر الدينية عند المسلمين، وشهد الرحالة ابن بطوطة الاحتفال بهذه المناسبة، فى مدينة أبيار بالقرب من المحلة الكبرى، وهو شكل متكرر فى جميع أنحاء البلاد، ووصف هذا الاحتفال وصفا دقيقا،
قائلا: “عادتهم أن يجتمع فقهاء المدينة ووجوهها بعد العصر من اليوم التاسع والعشرين، لشعبان بدار القاضى، ويقف على الباب نقيب المتعممين، وهو ذو شارة، وهيئة حسنة، فإذا أتى أحد الفقهاء، أو أحد الوجوه، تلقاه ذلك النقيب، ومشى بين يديه،
قائلا: “باسم الله سيدنا فلان الدين، فيسمع القاضى، ومن معه، فيقف القاضى ومن معه، فيقومون له، ويجلسه فى مكان يليق به، فإذا تكاملوا هناك، ركبوا جميعا وتبعهم جميع من بالمدينة من الرجال والنساء والصبيان، وينتهون إلى موضع مرتفع خارج المدينة، وهو مرتقب الهلال عندهم، وفرش ذلك الموضع بالبسط والفرش،
فينزل القاضى، ومن تبعه، ثم يعودون إلى بعد صلاة المغرب، وبين أيديهم الشمع والمشاعل والفوانيس وقد يوقد أهل الحوانيت بحوانيتهم الشمع، ويصل الناس مع القاضى إلى داره ثم ينصرفون هكذا، كان فعلهم فى كل سنة”، وذكر إبن الحاج فى المدخل أن من عادة الناس أن يعلقوا الفوانيس التي جعلوها علما على جواز الأكل والشرب وغيرها ما دامت معلقة موقودة.
احتفالية الرؤيا:
ومن الاحتفال بليلة رؤية الهلال فى عام 920هـ/1514م، أيام السلطان الأشرف قانصوه الغورى، حضور القضاة الأربعة بالمدرسة المنصورية، والزيني بركات بن موسى المحتسب، فلما ثبتت رؤية الهلال، وانفض المجلس ركب المحتسب، ومشى أمامه السقاءون بالقرّب الجلدية، وأوقدوا الشموع على الدكاكين، وعلقوا المواقد والقناديل على طول الطريق إلى بيت الزيني بركات.
وفي مستهل الشهر، يجلس السلطان في ميدان القلعة ويتقدم إليه الخليفة والقضاة الأربعة بالتهنئة، ثم يستعرض كميات الدقيق والخبز والسكر وكذا الغنم والبقر المخصصة، لصدقات رمضان، يعرضها عليه المحتسب، بعد أن يكون استعرضها فى أنحاء القاهرة، تتقدمها الموسيقى فينعم على المحتسب وعلى كبار رجال الدولة.
وفى العصر العثمانى، فى التاسع والعشرين من شعبان، كان القضاة الأربعة يجتمعون وبعض الفقهاء، والمحتسب بالمدرسة المنصورية بمنطقة “بين القصرين”، ثم يركبون جميعاً، ويتبعهم أرباب الحرف وبعض دراويش الصوفية إلى موضع مرتفع بجبل المقطم حيث يترقبون الهلال،
فإذا ثبتت رؤيته عادوا وبين أيديهم المشاعل والقناديل إلى المدرسة المنصورية، ويعلن المحتسب ثبوت رؤية هلال رمضان ويعود إلى بيته في موكب حافل، يحيط به أرباب الطرق والحرف بين أنواع المشاعل في ليلة مشهودة.
وفي صباح أول أيام رمضان، يصعد المحتسب والقضاة الأربعة إلى القلعة لتهنئة “الباشا” الوالى فيخلع عليهم “قفاطين”.
البر والإحسان:
يوضح الدكتور الطايش أن سلاطين المماليك توسعوا فى البر والإحسان طوال الشهر المبارك، فالسلطان برقوق “784هـ -801هـ” اعتاد طوال أيام ملكه أن يذبح فى كل يوم من أيام رمضان خمسة وعشرين بقرة، يتصدق بلحومها، بالإضافة إلى الخبز والأطعمة على أهل المساجد والروابط والسجون،
بحيث يخص كلَّ فرد رطل لحم مطبوخ، وثلاثة أرغفة، وسار على سنته من أتى بعده من السلاطين، فأكثروا من ذبح الأبقار وتوزيع لحومها كما رتب سلاطين السلطان بيبرس خمسة آلاف في كل يوم من أيام شهر رمضان.
واعتاد سلاطين المماليك عتق ثلاثين رقبة بعدد أيام الشهر الكريم بالإضافة إلى كافة أنواع التوسعة على العلماء حيث تصرف لهم رواتب إضافية فى شهر رمضان خاصة ما يصرف من السكر، و بلغ كمية السكر فى عصر السلطان الناصر محمد بن قلاون سنة 745هـ ثلاثة آلاف قنطار، قيمتها ثلاثون ألف دينار منها ستون قنطاراً فى كل يوم من أيام رمضان..
ولكم تحيات
ماجد البلوي