ماجد سليمان البلوي
09-08-2018, 11:15 PM
شهيدُ اللغةِ العربيَّةِ رحمه الله..؟؟
ابنُ الجزائرِ، ابنُ عاصمة الشَّرْقِ قسنطينة الشامخة، الذي وَرِثَ عنها الكبرياءَ والعِشْقَ، صاحبُ المقولةِ الشهيرةِ [الفَرَنْسيَّةُ منفاي].
إنه مالك حدَّاد [1927 – 1978]، شهيدُ اللغةِ العربيَّةِ.
فما القصة؟
حاول الفرنسيون خلال احتلالهم للجزائر [1830 – 1962]، أي على مدى 132 عامًا، طمسَ الهُويَّة العربيَّة الإسلاميَّة، واقتلاع الجزائريين مِنْ جذورِهِم، وجَعْل اللغة والثقافة الفرنسيَّة بديلا!
ونجحتْ فرنسا في ذلك إلى حدٍّ بعيدٍ، حتى خرجتْ أجيالٌ مِنْ الجزائريين لا تعرفُ مِنَ العربيَّةِ إلا القليل، وكان مِنْ بينهم مالك حداد، وكان هذا مما يؤلمُهُ أشدَّ الألمِ.
عاصر مالك حداد ثورةَ التحرير الجزائرية، التي اشتعل فتيلُها في عام 1954، واستمرتْ لأكثرَ مِنْ سبع سنواتٍ، حتى انتهتْ بإعلان استقلالِ الجزائر عام 1962، وبعدَ أنَّ قدَّمَ هذا البلدُ الكريمُ مِنْ أبنائه أكثر مِنْ مليون ونصف المليون شهيدٍ!
وقد شاركَ مالك حداد في الثورةِ الجزائريَّة بطريقةٍ مميَّزة؛ فبعد اتقانِهِ اللغةَ الفرنسيَّة، استخدمها لمخاطبة الفرنسيين عبر شِعْرِه، فكانتْ كتاباتُه وأشعارُه طلقاتِ رصاص مِنْ نوعٍ آخر، وكانتْ مِعْولا استخدمَهُ لهدم القهْر والعبوديَّة، ودحر الاحتلال، وتحرير الوطن.
والكلمة – كما يُقال – مِفْتاحُ النصر.
لكنَّ عدم إتقانه للغةِ العربيَّة كان كابوسًا يؤرِّقُه، حتى إنه في إحدى المحاضرات التي ألقاها باللغة الفرنسيَّةِ في دمشق عن ثورةِ التحرير الجزائريَّةِ التي كانتْ في أوْجها وقتئذٍ، قال: "إنَّ مأساتي الآن تتجلى بشكلٍ أعمق! إنني أقفُ أمامَكم، ولا أعرفُ كيف نتفاهم!"
ولذلك قرر مالك حداد أنْ يتوقَّفَ عن الكتابةِ بُعَيدَ استقلال الجزائر، وقال حينئذٍ قولَهُ الشهير: "اللغةُ الفرنسيَّةُ منفاي؛ ولذا قررتُ أنْ أصمتَ!"
وهكذا مات مالك حدَّاد قتيلَ الصمتِ..قتيلَ العشقِ للغةِ العربيَّةِ!
أهدتْهُ أحلام مستغانمي روايتها [ذاكرة الجسد]، قائلة:
"إلى مالك حدَّاد...
ابن قسنطينة الذي أقسمَ بعد استقلالِ الجزائرِ ألا يكتبَ بلُغَةٍ ليستْ لغتِه...
فاغتالتْهُ الصفحةُ البيضاءُ..ومات متأثِّرًا بسلطانِ صَمْتِهِ؛ ليصبحَ شهيدَ اللغةِ العربيَّةِ، وأوَّلَ كاتب قرر أنْ يموتَ صمتًا وقهرًا وعشقًا لها."
وقالتْ تصفُ نفسَها كما رآها:
"كنتُ بالنسبةِ إليهِ رمزًا للجزائرِ الفتيَّةِ التي صمتَ ليستمعَ إلى صوتِها العربيَِّ"
كان رجلا حلمه العربيَّة؛ ليصلَ إلى كلِّ قارئٍ في هذا الوطن الكبير الممتد مِنَ الخليجِ إلى المحيط، عبرَ لغتِهِ الأم، التي جمعتنا أمَّةً واحدةً...
رحمةُ اللهِ عليك مالك حداد!
وكلُّ التحية لبلد المليون شهيد، الجزائر الجميلة الشامخة التي أتمنى بحقٍّ أنْ أزورَها يومًا!
وكلُّ الشكر لأحلام مستغانمي الشمس الأدبيَّة التي أشرقتْ علينا مِنَ الغرب، فأضاءتْ لنا عالمًا بعيدًا قريبًا!
ولكم تحيات
ماجد البلوي
ابنُ الجزائرِ، ابنُ عاصمة الشَّرْقِ قسنطينة الشامخة، الذي وَرِثَ عنها الكبرياءَ والعِشْقَ، صاحبُ المقولةِ الشهيرةِ [الفَرَنْسيَّةُ منفاي].
إنه مالك حدَّاد [1927 – 1978]، شهيدُ اللغةِ العربيَّةِ.
فما القصة؟
حاول الفرنسيون خلال احتلالهم للجزائر [1830 – 1962]، أي على مدى 132 عامًا، طمسَ الهُويَّة العربيَّة الإسلاميَّة، واقتلاع الجزائريين مِنْ جذورِهِم، وجَعْل اللغة والثقافة الفرنسيَّة بديلا!
ونجحتْ فرنسا في ذلك إلى حدٍّ بعيدٍ، حتى خرجتْ أجيالٌ مِنْ الجزائريين لا تعرفُ مِنَ العربيَّةِ إلا القليل، وكان مِنْ بينهم مالك حداد، وكان هذا مما يؤلمُهُ أشدَّ الألمِ.
عاصر مالك حداد ثورةَ التحرير الجزائرية، التي اشتعل فتيلُها في عام 1954، واستمرتْ لأكثرَ مِنْ سبع سنواتٍ، حتى انتهتْ بإعلان استقلالِ الجزائر عام 1962، وبعدَ أنَّ قدَّمَ هذا البلدُ الكريمُ مِنْ أبنائه أكثر مِنْ مليون ونصف المليون شهيدٍ!
وقد شاركَ مالك حداد في الثورةِ الجزائريَّة بطريقةٍ مميَّزة؛ فبعد اتقانِهِ اللغةَ الفرنسيَّة، استخدمها لمخاطبة الفرنسيين عبر شِعْرِه، فكانتْ كتاباتُه وأشعارُه طلقاتِ رصاص مِنْ نوعٍ آخر، وكانتْ مِعْولا استخدمَهُ لهدم القهْر والعبوديَّة، ودحر الاحتلال، وتحرير الوطن.
والكلمة – كما يُقال – مِفْتاحُ النصر.
لكنَّ عدم إتقانه للغةِ العربيَّة كان كابوسًا يؤرِّقُه، حتى إنه في إحدى المحاضرات التي ألقاها باللغة الفرنسيَّةِ في دمشق عن ثورةِ التحرير الجزائريَّةِ التي كانتْ في أوْجها وقتئذٍ، قال: "إنَّ مأساتي الآن تتجلى بشكلٍ أعمق! إنني أقفُ أمامَكم، ولا أعرفُ كيف نتفاهم!"
ولذلك قرر مالك حداد أنْ يتوقَّفَ عن الكتابةِ بُعَيدَ استقلال الجزائر، وقال حينئذٍ قولَهُ الشهير: "اللغةُ الفرنسيَّةُ منفاي؛ ولذا قررتُ أنْ أصمتَ!"
وهكذا مات مالك حدَّاد قتيلَ الصمتِ..قتيلَ العشقِ للغةِ العربيَّةِ!
أهدتْهُ أحلام مستغانمي روايتها [ذاكرة الجسد]، قائلة:
"إلى مالك حدَّاد...
ابن قسنطينة الذي أقسمَ بعد استقلالِ الجزائرِ ألا يكتبَ بلُغَةٍ ليستْ لغتِه...
فاغتالتْهُ الصفحةُ البيضاءُ..ومات متأثِّرًا بسلطانِ صَمْتِهِ؛ ليصبحَ شهيدَ اللغةِ العربيَّةِ، وأوَّلَ كاتب قرر أنْ يموتَ صمتًا وقهرًا وعشقًا لها."
وقالتْ تصفُ نفسَها كما رآها:
"كنتُ بالنسبةِ إليهِ رمزًا للجزائرِ الفتيَّةِ التي صمتَ ليستمعَ إلى صوتِها العربيَِّ"
كان رجلا حلمه العربيَّة؛ ليصلَ إلى كلِّ قارئٍ في هذا الوطن الكبير الممتد مِنَ الخليجِ إلى المحيط، عبرَ لغتِهِ الأم، التي جمعتنا أمَّةً واحدةً...
رحمةُ اللهِ عليك مالك حداد!
وكلُّ التحية لبلد المليون شهيد، الجزائر الجميلة الشامخة التي أتمنى بحقٍّ أنْ أزورَها يومًا!
وكلُّ الشكر لأحلام مستغانمي الشمس الأدبيَّة التي أشرقتْ علينا مِنَ الغرب، فأضاءتْ لنا عالمًا بعيدًا قريبًا!
ولكم تحيات
ماجد البلوي