أحمد علي
07-23-2023, 05:44 PM
22546 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَالَ: "إِنَّكُمْ إِنْ لَا تُدْرِكُوا الْمَاءَ غَدًا تَعْطَشُوا ". وَانْطَلَقَ سَرَعَانُ النَّاسِ يُرِيدُونَ الْمَاءَ، وَلَزِمْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَالَتْ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَاحِلَتُهُ، فَنَعَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَمْتُهُ فَادَّعَمَ، ثُمَّ مَالَ حَتَّى كَادَ أَنْ يَنْجَفِلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَدَعَمْتُهُ فَانْتَبَهَ فَقَالَ: " مَنِ الرَّجُلُ؟ " قُلْتُ: أَبُو قَتَادَةَ. قَالَ: " مُذْ كَمْ كَانَ مَسِيرُكَ؟ " قُلْتُ: مُنْذُ اللَّيْلَةِ. قَالَ: " حَفِظَكَ اللهُ كَمَا حَفِظْتَ رَسُولَهُ ". ثُمَّ قَالَ: " لَوْ عَرَّسْنَا ". فَمَالَ إِلَى شَجَرَةٍ فَنَزَلَ فَقَالَ: " انْظُرْ هَلْ تَرَى أَحَدًا؟ " قُلْتُ: هَذَا رَاكِبٌ هَذَانِ رَاكِبَانِ، حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةً، فَقَالَ: " احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا ". فَنِمْنَا فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، فَانْتَبَهْنَا فَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَارَ وَسِرْنَا هُنَيَّةً (1) ، ثُمَّ نَزَلَ فَقَالَ: " أَمَعَكُمْ مَاءٌ؟ " قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. مَعِي مِيضَأَةٌ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ. قَالَ: ائْتِ بِهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا. فَقَالَ: " مَسُّوا مِنْهَا مَسُّوا مِنْهَا ". فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ وَبَقِيَتْ جَرْعَةٌ. فَقَالَ: " ازْدَهِرْ بِهَا يَا أَبَا قَتَادَةَ؛ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ ". ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ، وَصَلَّوْا الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ صَلَّوْا الْفَجْرَ، ثُمَّ رَكِبَ وَرَكِبْنَا. فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: فَرَّطْنَا فِي صَلَاتِنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا تَقُولُونَ؟ إِنْ كَانَ أَمْرَ دُنْيَاكُمْ فَشَأْنُكُمْ، وَإِنْ
كَانَ أَمْرَ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ ". قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَرَّطْنَا فِي صَلَاتِنَا. فَقَالَ: " لَا تَفْرِيطَ فِي النَّوْمِ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَصَلُّوهَا، وَمِنَ الْغَدِ وَقْتَهَا ". ثُمَّ قَالَ: " ظُنُّوا بِالْقَوْمِ ". قَالُوا: إِنَّكَ قُلْتَ بِالْأَمْسِ: " إِنْ لَا تُدْرِكُوا الْمَاءَ غَدًا تَعْطَشُوا ". فَالنَّاسُ بِالْمَاءِ. فَقَالَ: " أَصْبَحَ النَّاسُ، وَقَدْ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ (2) : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَاءِ. وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ فَقَالَا: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِيَسْبِقَكُمْ إِلَى الْمَاءِ وَيُخَلِّفَكُمْ. وَإِنْ يُطِعِ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ يَرْشُدُوا ". قَالَهَا ثَلَاثًا. 10 فَلَمَّا اشْتَدَّتِ الظَّهِيرَةُ رَفَعَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكْنَا عَطَشًا (3) تَقَطَّعَتِ الْأَعْنَاقُ. فَقَالَ: " لَا هُلْكَ عَلَيْكُمْ ".، ثُمَّ قَالَ: " يَا أَبَا قَتَادَةَ ائْتِ بِالْمِيضَأَةِ ". فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ: " احْلِلْ لِي غُمَرِي، يَعْنِي قَدَحَهُ، " فَحَلَلْتُهُ فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَجَعَلَ يَصُبُّ فِيهِ، وَيَسْقِي النَّاسَ فَازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَحْسِنُوا الْمَلَأَ؛ فَكُلُّكُمْ سَيَصْدُرُ عَنْ رِيٍّ، فَشَرِبَ الْقَوْمُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ غَيْرِي وَغَيْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَبَّ لِي فَقَالَ: " اشْرَبْ يَا أَبَا قَتَادَةَ ". قَالَ: قُلْتُ: اشْرَبْ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " إِنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ ". فَشَرِبْتُ وَشَرِبَ بَعْدِي، وَبَقِيَ فِي الْمِيضَأَةِ نَحْوٌ مِمَّا كَانَ فِيهَا، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثُ مِائَةٍ قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَسَمِعَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَأَنَا أُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ فَقَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ قُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيُّ. قَالَ: الْقَوْمُ أَعْلَمُ بِحَدِيثِهِمْ انْظُرْ كَيْفَ تُحَدِّثُ، فَإِنِّي أَحَدُ السَّبْعَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ: مَا كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ أَحَدًا يَحْفَظُ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرِي. (4)
__________
(1) كذا في (ظ5) ، وفي (م) و (ق) : "هُنَيْهَة"، وكلاهما بمعنى القليلِ من الزمان، وهُنَيَّة: تصغير هَنَة على القياس، وهُنَيْهة: على إبدال الهاء من الياء في هُنَيَّة.
(2) وقع في (م) : "فقال بعضهم لبعض".
(3 في (ظ5) : "عطشنا".
(4) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة وعبد الله بن رباح، فهما من رجال مسلم. ثابت: هو ابن أسلم البُناني.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/401، وفي "شرح مشكل الآثار" (3981) والدارقطني 1/386، وأبو نعيم في "تثبيت الإمامة" (60) ، والبيهقي في "الدلائل" 6/132-133، و"الاعتقاد" ص 277 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وبعضهم يرويه مختصراً، وبعضهم لم يسق لفظه، وعند الطحاوي: أن القصة كانت في غَزْوةٍ، أو في سَرِيَّة.
وأخرجه بنحوه مطولاً ومختصراً الدارمي (2135) ، وأبو داود (437) و (5228) ، وابن خزيمة (410) ، وابن حبان (6901) ، والبيهقي في "المدخل" (60) ، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" 1/126، والبغوي في "شرح السنة" (439) من طرق عن حماد بن سلمة، به.
وسيأتي الحديث عن إبراهيم بن الحجاج، عن حماد بن سلمة برقم (22547) .
وأخرجه بنحوه مطولاً ومختصراً ابن سعد 1/180-182، وابن أبي شيبة 8/231-232، والدارمي (2135) ، ومسلم (681) ، وأبو داود (441) ، والفريابي في "دلائل النبوة" (30) ، والنسائي في "المجتبى" 1/294، وفي "الكبرى" (1583) ، وابن الجارود (153) ، وأبو عوانة (2101) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (3194) ، وابن المنذر في "الأوسط" 2/328 و413، والطحاوي 1/165، وأبو بكر الدينوري في "المجالسة" (165) ، وابن حبان (1460) ، وأبو الشيخ في "الأمثال" (181) ، والدارقطني في "السنن" 1/386، والبيهقي في "السنن" 1/376 و404، وفي "دلائل النبوة" 4/282-285، وابن عبد البر في "التمهيد" 8/74-75 و75، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" في ترجمة عبد الله بن رباح الأنصاري ص 290-291 من طريق سليمان بن المغيرة، وابن ماجه (698) ، والترمذي (177) ، والنسائي في "المجتبى" 1/294، وفي "الكبرى" (1582) ، وابن خزيمة (989) ، والطحاوي 1/466، وابن حزم في "المحلى" 3/15 و23-24 من طريق حماد بن زيد، والدارقطني
1/386 من طريق حماد بن واقد، ثلاثتهم عن ثابت البناني، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وسيأتي مختصراً من طريق حماد بن زيد برقم (22577) ، ومن طريق شعبة ابن الحجاج برقم (22631) ، كلاهما عن ثابت البناني.
وأخرجه بنحوه مطولاً ومختصراً أبو داود (438) ، والطبراني في "الأحاديث الطوال" 25/ (53) ، وابن حزم في "المحلى" 3/18-19، والبيهقي في "السنن" 2/216-217 من طريق خالد بن سُمَير، وأبو الشيخ في "الأمثال" (182) من طريق علي بن زيد، وأبو الشيخ (186) ، والدارقطني في "العلل" 6/157 من طريق خالد الحذاء، ثلاثتهم عن عبد الله بن رباح، به. وقال خالد ابن سُمير في حديثه: "فمن أدرك منكم صلاة الغداة من غد صالحاً، فليقض معها مثلها" وقوله: "فليقض معها مثلها" وهمٌ منه لم يتابعه عليه أحد، والروايات الصحيحة لهذا الحديث جاءت بلفظ: "فإذا كان ذلك، فصلوها،
ومن الغد وَقْتَها"، وبلفظ: "فإذا كان ذلك، فليصلها حين يَنْتبهُ لها، فإذا كان من الغد، فليصلها عند وَقْتِها" والمراد منه فيما قاله غير واحد من أهل العلم: أن وقت صلاة الفجر لم يتحول إلى ما بعد طلوع الشمس بسبب نومهم، وقضائهم لها بعد الطلوع، فإذا كان الغد، صَلَّوْا صلاة الصبح في وقتها المعتاد وليس معناه أنه أمرهم بقضاء الفائتة مرتين: مرة في الحال، ومرة في الغد.
فمن فاتته صلاة فقضاها، لا يتغير وقتها ويتحول وقتها في المستقبل، بل يبقى كما كان، فإذا كان الغد، صلى صلاة الغد في وقتها المعتاد.
وذهب بعضهم إلى أن ظاهر الحديث: إعادة المقضية مرتين: عند ذكرها، وعند حضور مثلها في الوقت الآتي، قال الخطابي: ويشبه أن يكون الأمر فيه للاستحباب؛ ليحوز فضيلة الوقت في القضاء. لكن رده ابن حجر في "الفتح" 2/71 بأنه لم يقل باستحباب ذلك أحد من السلف، بل عدوه غلطاً من راويه.
وذهب بعضهم إلى أن ذلك منسوخ، قال الخطيب البغدادي: والأمر بإعادة الصلاة المنسية بعد قضائها حال الذكر من غد ذلك الوقت منسوخ. لإجماع المسلمين أن ذلك غير واجب ولا مستحب. والله أعلم.
وسيأتي مطولاً ومختصراً من طريق بكر بن عبد الله المزني بالأرقام (22546م) و (22548) و (22599) و (22600) و (22632) ، ومطولاً من طريق قتادة برقم (22575) ، كلاهما عن عبد الله بن رباح الأنصاري.
وأخرجه الطبراني في "الصغير" (1194) عن عبدة بنت عبد الرحمن بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيها عبد الرحمن، عن أبيه مصعب، عن أبيه ثابت، عن أبيه عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه أبي قتادة: أنه حرس النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة بدر، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللهم احفظ أبا قتادة كما حفظ نبيَّك هذه الليلة". وفيه مجاهيل.
وسيأتي الحديث مختصراً من طريق الحصين بن عبد الرحمن، عن عبد الله ابن أبي قتادة، عن أبيه برقم (22611) .
وفي الباب عن أنس بن مالك، عند ابن عدي في "الكامل" 3/1238، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/134-135. وإسناده ضعيف.
وقصة تَعْريس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والنومِ عن صلاة الفجر، وقضائها بعد ارتفاع الشمس، رواها جماعة من الصحابة، انظر أحاديثهم في حديث عبد الله بن مسعود السالف برقم (6357) ، وبعضها في "الصحيحين". وفي باب الأذان للصلاة الفائتة عن عمران بن حصين، سلف برقم (19964) ، وهو صحيح.
وفي باب قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن كان أمر دنياكم فشأنكم، وإن كان أمر دينكم فإليَّ" عن أنس بن مالك، سلف برقم (12544) ، وإسناده صحيح على شرط مسلم، وانظر شواهده هناك.
وفي باب قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ساقي القوم آخرهم" عن عبد الله بن أبي أوفى، سلف برقم (19121) ، وإسناده ضعيف.
وعن المغيرة بن شعبة عند القضاعي في "مسند الشهاب" (87) ، والطبراني في "الأوسط" (1196) ، وإسناده ضعيف.
وعن أنس بن مالك عند أبي الشيخ في "أخلاق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ص 224، والبغوي في "شرح السنة" (3056) ، وإسناده ضعيف.
وعن عبد الله بن مسعود عند أبي نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/15، وإسناده ضعيف.
وعن أبي هريرة عند أبي الشيخ في "الأمثال" (185) وإسناده ضعيف.
وقوله: سَرَعان الناس، بفتحتين: أوائلهم الذين يسارعون إلى الأمر.
وقوله: فدعمته، أي: أقمت مَيْله، وصرت تحته كالدِّعامة تحت البناء.
وقوله: ينجفل، أي: يسقط.
وقوله: "لو عَرَّسنا": من التَّعْريس، وهو نزول المسافر آخر الليل.
وقوله: مِيضَأة، بكسر الميم، وبعد الضاد همزةٌ، يمد ويقصر: هي الإناء الذي يُتوضَّأُ به.
قوله: "ازدهر بها"، أي: احتفظ بها، واجعلها في بالِك، والدال فيه منقلبة عن تاء الافتعال.
وقوله: "ظُنُّوا القوم": أمر من الظن، أي: خَمِّنُوا في حالهم.
وقوله: "أحسنوا المَلأَ": المَلأُ: الخُلُق والعِشْرة، يقال: ما أحسنَ مَلأَ فلان! أي: خلقه وعشرته.
الكتاب: مسند الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني
المحقق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون
إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي
كَانَ أَمْرَ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ ". قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَرَّطْنَا فِي صَلَاتِنَا. فَقَالَ: " لَا تَفْرِيطَ فِي النَّوْمِ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَصَلُّوهَا، وَمِنَ الْغَدِ وَقْتَهَا ". ثُمَّ قَالَ: " ظُنُّوا بِالْقَوْمِ ". قَالُوا: إِنَّكَ قُلْتَ بِالْأَمْسِ: " إِنْ لَا تُدْرِكُوا الْمَاءَ غَدًا تَعْطَشُوا ". فَالنَّاسُ بِالْمَاءِ. فَقَالَ: " أَصْبَحَ النَّاسُ، وَقَدْ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ (2) : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَاءِ. وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ فَقَالَا: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِيَسْبِقَكُمْ إِلَى الْمَاءِ وَيُخَلِّفَكُمْ. وَإِنْ يُطِعِ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ يَرْشُدُوا ". قَالَهَا ثَلَاثًا. 10 فَلَمَّا اشْتَدَّتِ الظَّهِيرَةُ رَفَعَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكْنَا عَطَشًا (3) تَقَطَّعَتِ الْأَعْنَاقُ. فَقَالَ: " لَا هُلْكَ عَلَيْكُمْ ".، ثُمَّ قَالَ: " يَا أَبَا قَتَادَةَ ائْتِ بِالْمِيضَأَةِ ". فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ: " احْلِلْ لِي غُمَرِي، يَعْنِي قَدَحَهُ، " فَحَلَلْتُهُ فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَجَعَلَ يَصُبُّ فِيهِ، وَيَسْقِي النَّاسَ فَازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَحْسِنُوا الْمَلَأَ؛ فَكُلُّكُمْ سَيَصْدُرُ عَنْ رِيٍّ، فَشَرِبَ الْقَوْمُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ غَيْرِي وَغَيْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَبَّ لِي فَقَالَ: " اشْرَبْ يَا أَبَا قَتَادَةَ ". قَالَ: قُلْتُ: اشْرَبْ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " إِنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ ". فَشَرِبْتُ وَشَرِبَ بَعْدِي، وَبَقِيَ فِي الْمِيضَأَةِ نَحْوٌ مِمَّا كَانَ فِيهَا، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثُ مِائَةٍ قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَسَمِعَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَأَنَا أُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ فَقَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ قُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيُّ. قَالَ: الْقَوْمُ أَعْلَمُ بِحَدِيثِهِمْ انْظُرْ كَيْفَ تُحَدِّثُ، فَإِنِّي أَحَدُ السَّبْعَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ: مَا كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ أَحَدًا يَحْفَظُ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرِي. (4)
__________
(1) كذا في (ظ5) ، وفي (م) و (ق) : "هُنَيْهَة"، وكلاهما بمعنى القليلِ من الزمان، وهُنَيَّة: تصغير هَنَة على القياس، وهُنَيْهة: على إبدال الهاء من الياء في هُنَيَّة.
(2) وقع في (م) : "فقال بعضهم لبعض".
(3 في (ظ5) : "عطشنا".
(4) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة وعبد الله بن رباح، فهما من رجال مسلم. ثابت: هو ابن أسلم البُناني.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/401، وفي "شرح مشكل الآثار" (3981) والدارقطني 1/386، وأبو نعيم في "تثبيت الإمامة" (60) ، والبيهقي في "الدلائل" 6/132-133، و"الاعتقاد" ص 277 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وبعضهم يرويه مختصراً، وبعضهم لم يسق لفظه، وعند الطحاوي: أن القصة كانت في غَزْوةٍ، أو في سَرِيَّة.
وأخرجه بنحوه مطولاً ومختصراً الدارمي (2135) ، وأبو داود (437) و (5228) ، وابن خزيمة (410) ، وابن حبان (6901) ، والبيهقي في "المدخل" (60) ، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" 1/126، والبغوي في "شرح السنة" (439) من طرق عن حماد بن سلمة، به.
وسيأتي الحديث عن إبراهيم بن الحجاج، عن حماد بن سلمة برقم (22547) .
وأخرجه بنحوه مطولاً ومختصراً ابن سعد 1/180-182، وابن أبي شيبة 8/231-232، والدارمي (2135) ، ومسلم (681) ، وأبو داود (441) ، والفريابي في "دلائل النبوة" (30) ، والنسائي في "المجتبى" 1/294، وفي "الكبرى" (1583) ، وابن الجارود (153) ، وأبو عوانة (2101) ، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (3194) ، وابن المنذر في "الأوسط" 2/328 و413، والطحاوي 1/165، وأبو بكر الدينوري في "المجالسة" (165) ، وابن حبان (1460) ، وأبو الشيخ في "الأمثال" (181) ، والدارقطني في "السنن" 1/386، والبيهقي في "السنن" 1/376 و404، وفي "دلائل النبوة" 4/282-285، وابن عبد البر في "التمهيد" 8/74-75 و75، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" في ترجمة عبد الله بن رباح الأنصاري ص 290-291 من طريق سليمان بن المغيرة، وابن ماجه (698) ، والترمذي (177) ، والنسائي في "المجتبى" 1/294، وفي "الكبرى" (1582) ، وابن خزيمة (989) ، والطحاوي 1/466، وابن حزم في "المحلى" 3/15 و23-24 من طريق حماد بن زيد، والدارقطني
1/386 من طريق حماد بن واقد، ثلاثتهم عن ثابت البناني، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وسيأتي مختصراً من طريق حماد بن زيد برقم (22577) ، ومن طريق شعبة ابن الحجاج برقم (22631) ، كلاهما عن ثابت البناني.
وأخرجه بنحوه مطولاً ومختصراً أبو داود (438) ، والطبراني في "الأحاديث الطوال" 25/ (53) ، وابن حزم في "المحلى" 3/18-19، والبيهقي في "السنن" 2/216-217 من طريق خالد بن سُمَير، وأبو الشيخ في "الأمثال" (182) من طريق علي بن زيد، وأبو الشيخ (186) ، والدارقطني في "العلل" 6/157 من طريق خالد الحذاء، ثلاثتهم عن عبد الله بن رباح، به. وقال خالد ابن سُمير في حديثه: "فمن أدرك منكم صلاة الغداة من غد صالحاً، فليقض معها مثلها" وقوله: "فليقض معها مثلها" وهمٌ منه لم يتابعه عليه أحد، والروايات الصحيحة لهذا الحديث جاءت بلفظ: "فإذا كان ذلك، فصلوها،
ومن الغد وَقْتَها"، وبلفظ: "فإذا كان ذلك، فليصلها حين يَنْتبهُ لها، فإذا كان من الغد، فليصلها عند وَقْتِها" والمراد منه فيما قاله غير واحد من أهل العلم: أن وقت صلاة الفجر لم يتحول إلى ما بعد طلوع الشمس بسبب نومهم، وقضائهم لها بعد الطلوع، فإذا كان الغد، صَلَّوْا صلاة الصبح في وقتها المعتاد وليس معناه أنه أمرهم بقضاء الفائتة مرتين: مرة في الحال، ومرة في الغد.
فمن فاتته صلاة فقضاها، لا يتغير وقتها ويتحول وقتها في المستقبل، بل يبقى كما كان، فإذا كان الغد، صلى صلاة الغد في وقتها المعتاد.
وذهب بعضهم إلى أن ظاهر الحديث: إعادة المقضية مرتين: عند ذكرها، وعند حضور مثلها في الوقت الآتي، قال الخطابي: ويشبه أن يكون الأمر فيه للاستحباب؛ ليحوز فضيلة الوقت في القضاء. لكن رده ابن حجر في "الفتح" 2/71 بأنه لم يقل باستحباب ذلك أحد من السلف، بل عدوه غلطاً من راويه.
وذهب بعضهم إلى أن ذلك منسوخ، قال الخطيب البغدادي: والأمر بإعادة الصلاة المنسية بعد قضائها حال الذكر من غد ذلك الوقت منسوخ. لإجماع المسلمين أن ذلك غير واجب ولا مستحب. والله أعلم.
وسيأتي مطولاً ومختصراً من طريق بكر بن عبد الله المزني بالأرقام (22546م) و (22548) و (22599) و (22600) و (22632) ، ومطولاً من طريق قتادة برقم (22575) ، كلاهما عن عبد الله بن رباح الأنصاري.
وأخرجه الطبراني في "الصغير" (1194) عن عبدة بنت عبد الرحمن بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيها عبد الرحمن، عن أبيه مصعب، عن أبيه ثابت، عن أبيه عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه أبي قتادة: أنه حرس النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة بدر، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللهم احفظ أبا قتادة كما حفظ نبيَّك هذه الليلة". وفيه مجاهيل.
وسيأتي الحديث مختصراً من طريق الحصين بن عبد الرحمن، عن عبد الله ابن أبي قتادة، عن أبيه برقم (22611) .
وفي الباب عن أنس بن مالك، عند ابن عدي في "الكامل" 3/1238، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/134-135. وإسناده ضعيف.
وقصة تَعْريس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والنومِ عن صلاة الفجر، وقضائها بعد ارتفاع الشمس، رواها جماعة من الصحابة، انظر أحاديثهم في حديث عبد الله بن مسعود السالف برقم (6357) ، وبعضها في "الصحيحين". وفي باب الأذان للصلاة الفائتة عن عمران بن حصين، سلف برقم (19964) ، وهو صحيح.
وفي باب قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن كان أمر دنياكم فشأنكم، وإن كان أمر دينكم فإليَّ" عن أنس بن مالك، سلف برقم (12544) ، وإسناده صحيح على شرط مسلم، وانظر شواهده هناك.
وفي باب قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ساقي القوم آخرهم" عن عبد الله بن أبي أوفى، سلف برقم (19121) ، وإسناده ضعيف.
وعن المغيرة بن شعبة عند القضاعي في "مسند الشهاب" (87) ، والطبراني في "الأوسط" (1196) ، وإسناده ضعيف.
وعن أنس بن مالك عند أبي الشيخ في "أخلاق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ص 224، والبغوي في "شرح السنة" (3056) ، وإسناده ضعيف.
وعن عبد الله بن مسعود عند أبي نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/15، وإسناده ضعيف.
وعن أبي هريرة عند أبي الشيخ في "الأمثال" (185) وإسناده ضعيف.
وقوله: سَرَعان الناس، بفتحتين: أوائلهم الذين يسارعون إلى الأمر.
وقوله: فدعمته، أي: أقمت مَيْله، وصرت تحته كالدِّعامة تحت البناء.
وقوله: ينجفل، أي: يسقط.
وقوله: "لو عَرَّسنا": من التَّعْريس، وهو نزول المسافر آخر الليل.
وقوله: مِيضَأة، بكسر الميم، وبعد الضاد همزةٌ، يمد ويقصر: هي الإناء الذي يُتوضَّأُ به.
قوله: "ازدهر بها"، أي: احتفظ بها، واجعلها في بالِك، والدال فيه منقلبة عن تاء الافتعال.
وقوله: "ظُنُّوا القوم": أمر من الظن، أي: خَمِّنُوا في حالهم.
وقوله: "أحسنوا المَلأَ": المَلأُ: الخُلُق والعِشْرة، يقال: ما أحسنَ مَلأَ فلان! أي: خلقه وعشرته.
الكتاب: مسند الإمام أحمد بن حنبل
المؤلف: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني
المحقق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون
إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي