نواف النجيدي
01-30-2006, 03:17 AM
هب اعتذروا! فماذا بعدُ ؟ 29/12/1426
أ.د/ ناصر بن سليمان العمر
الحمد لله الذي آذن من عادى نبيه بالحرب، وهو الذي يعصمه من الناس، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فإنه بعد مدة قليلة من عمر المقاطعة بدأت بوادر الثمرة تظهر، ولاحت في الآفاق مقدمات اعتذارات، وهذا يبين أهمية الصبر والثبات على هذه المشاريع حتى تؤتي أكلها، ولو خارت العزائم، وتركت المصابرة في المدافعة لما جنينا الثمرة، وصدق الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران:200]. ولاشك أن بوادر الاعتذار بوادر طيبة فإن إخلاء الأرض من سب النبي صلى الله عليه وسلم مقصد مطلوب، وقد ذكر علماؤنا أن تطهير الأرض من إظهار سب رسول الله صلى الله عليه و سلم واجب بحسب الإمكان لأنه من تمام ظهور دين الله و علو كلمة الله و هذا كما يجب تطهيرها من قطاع الطريق بحسب الإمكان بخلاف تطهيرها من أصل الكفر فإنه ليس بواجب ولهذا قالوا بجواز إقرار الكافر على دينه بعقد الذمة.
وإذا كان الأمر كذلك فإن حصل الاعتذار الجلي البين المعلن فهو مكسب لأهل الإسلام مقدر، فإن اعتذار الدولة دليل إقرار بخطأ، وتراجع عنه، ولهذا قيمة مقدرة ولهذا لا تزال بعض الدول تقطع علاقتها بدول أخرى لمجرد عدم اعتذارها لها عن حدث مضت عليه عقود.
ولكن علينا حتى لانخدع بكلام، وحتى يكون للاعتذار معنى معقول، وحتى نعلم أن المقاطعة أعادت الغافل إلى صوابه فنظر في المسألة تارة أخرى، وحتى نتيقن من أن اعتذاره لا لأجل عبادته الدرهم والدينار، بل لأجل استشعاره ذنبه، فنحن ما قاطعناهم ليعرفوا قيمة المال والريال ولكن ليعرفوا عظيم جرمهم. وحتى يتحقق هذا كله لابد أن تحاسب الدولة الصحفيين والصحيفة التي أساءت للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وأن تشرع الأبواب للمحاكمة التي غلقت دونها الأبواب.
كما فعلت ببعض من أدانتهم بتهمة معادات السامية، فقد أشارت تقرير الحريات الدينية الأمريكي الأخير إلى هذه الحادثة وأشاد بها.
وإذا لم يكن هذا فلا كبير معنى للاعتذار، بل لا يعدو الاعتذار حينها كونه حيلة لقطع المقاطعة، واعتذار لأجل المال.
ومعلوم أنه لو اعتصم مجرم بقوم فآووه وحموه كانوا بذلك ظالمين مشاركين له، وهذا الموقف ينبغي أن تنأى الدولة الدنماركية عنه.
أما إن حوكم الصحفيون وأدينوا كما أدين غيرهم بتهمة معاداة السامية، فعندها يكون للاعتذار محل ولقطع المقاطعة وجه.
مع أنه لايُرضي المسلم ولايشفي صدره أقل من هلاك ذلك الجاني المتعدي على رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم. فإن الأذى والأثر الذي خلفه الساب في النفوس لن يزول بيسر، ولو أن إنساناً صفع إنساناً تقدمت به السن فأثرت الصفعة فيه فأذهبت سمعه وبصره، فليس من العدل أن نقول ليصفعه الرجل الهرم الضعيف -الذي لايكاد يقدر على رفع يديه إلى وجهه- بكل ما أوتي من قوة وإن كانت لاتساوي شيئاً! ولايقول عاقل إن هذا هو مقتضى العدل!
بل مقتضى العدل أن يُصفع بما يُذهب سمعه وبصره ويُبقي فيه الأثر الذي تركه في غيره.
وهكذا نقول فيمن سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو انتقصه، فإنه أحدث أذى، ونكأ جرحاً لايندمل، فكم من إنسان تهون عليه نفسه فلا يبالي إن زهقت على أن لايشاك رسول الله صلى الله عليه وسلم بشوكة، وتاريخنا شاهد على هذا. وإذا كان الأمر كذلك فلا يقال إن مقتضى العدل مجرد سب الساب بل ولا حبسه بل ولاضربه بل ولاقتله، ولكن يُتعلل بإنزال العقوبة الأعلى الواقعة ضمن حيز الإمكان وهذا من باب التسديد والمقاربة.
ولا سيما في حال الاستضعاف كما قال شيخ الإسلام: "فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف، أو في وقت هو فيه مستضعف، فليعمل بآية الصبر والصفح والعفو عمن يؤذي الله و رسوله، من الذين أوتوا الكتاب والمشركين"، وليس هذا إيجاب للرد بالصفح ولكنه بيان للرخصة.
بيد أن العجز عن بعض الواجب لا يسوغ ترك غيره، فعلى المسلمين في الدنمارك وغيرها أن يستفيدوا من الحدث الجلل في التعريف بالإسلام، فإنه إن صدقت الاستفتاءات التي نقلت عن أعداد من يؤيدون محاكمة الصحيفة ومن لايؤيدون فإنها تشير إلى عظيم جهلهم بنبي الإسلام عليه السلام وبدينه.
فالواجب على دعاة الإسلام ولاسيما في تلك البلاد كبير تجاه المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتجاه التعريف بدينه، والدعوة إليه على بصيرة، وقد سمعنا ببوادر ذلك،وسعي بعضهم في الاستفادة من وسائل الإعلام المختلفة، لأجل الوصول إلى شرائح المجتمع المتعددة وذلك من الأهمية بمكان.
فالحدث على مرارته سانحة للفت الأنظار إلى الإسلام، ووضع الخطط البعيدة في الدعوة إليه والتعريف به.
كما أن الواجب على المسلمين تجاه إخوتهم كبير، وأقل القليل دعمهم بالمال والنصح والتوجيه وبذل الرأي والمشورة، ولو خصص أولئك التجار الذين كانت لهم مواقف مشهودة بمقاطعتهم من أساء نبيهم أرجو أن تسرهم يوم يسألهم ربهم عن المال الذي أعطاهم واستخلفهم فيه، أقول لو خصص أولئك شيئاً من أرباح بعض المنتجات من أجل التعريف بالإسلام في بلدانها المصدرة لها لكان خيراً لهم.
وإذا تحقق ما ذكر فعندها يمكن أن يقال: رب ضارة نافعة.
هذا والله أسأل أن يظهر دينه وكتابه وسنة نبيه، وأن يعز جنده، ويخذل عدوه، والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أخوكم الزاد
أ.د/ ناصر بن سليمان العمر
الحمد لله الذي آذن من عادى نبيه بالحرب، وهو الذي يعصمه من الناس، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فإنه بعد مدة قليلة من عمر المقاطعة بدأت بوادر الثمرة تظهر، ولاحت في الآفاق مقدمات اعتذارات، وهذا يبين أهمية الصبر والثبات على هذه المشاريع حتى تؤتي أكلها، ولو خارت العزائم، وتركت المصابرة في المدافعة لما جنينا الثمرة، وصدق الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران:200]. ولاشك أن بوادر الاعتذار بوادر طيبة فإن إخلاء الأرض من سب النبي صلى الله عليه وسلم مقصد مطلوب، وقد ذكر علماؤنا أن تطهير الأرض من إظهار سب رسول الله صلى الله عليه و سلم واجب بحسب الإمكان لأنه من تمام ظهور دين الله و علو كلمة الله و هذا كما يجب تطهيرها من قطاع الطريق بحسب الإمكان بخلاف تطهيرها من أصل الكفر فإنه ليس بواجب ولهذا قالوا بجواز إقرار الكافر على دينه بعقد الذمة.
وإذا كان الأمر كذلك فإن حصل الاعتذار الجلي البين المعلن فهو مكسب لأهل الإسلام مقدر، فإن اعتذار الدولة دليل إقرار بخطأ، وتراجع عنه، ولهذا قيمة مقدرة ولهذا لا تزال بعض الدول تقطع علاقتها بدول أخرى لمجرد عدم اعتذارها لها عن حدث مضت عليه عقود.
ولكن علينا حتى لانخدع بكلام، وحتى يكون للاعتذار معنى معقول، وحتى نعلم أن المقاطعة أعادت الغافل إلى صوابه فنظر في المسألة تارة أخرى، وحتى نتيقن من أن اعتذاره لا لأجل عبادته الدرهم والدينار، بل لأجل استشعاره ذنبه، فنحن ما قاطعناهم ليعرفوا قيمة المال والريال ولكن ليعرفوا عظيم جرمهم. وحتى يتحقق هذا كله لابد أن تحاسب الدولة الصحفيين والصحيفة التي أساءت للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وأن تشرع الأبواب للمحاكمة التي غلقت دونها الأبواب.
كما فعلت ببعض من أدانتهم بتهمة معادات السامية، فقد أشارت تقرير الحريات الدينية الأمريكي الأخير إلى هذه الحادثة وأشاد بها.
وإذا لم يكن هذا فلا كبير معنى للاعتذار، بل لا يعدو الاعتذار حينها كونه حيلة لقطع المقاطعة، واعتذار لأجل المال.
ومعلوم أنه لو اعتصم مجرم بقوم فآووه وحموه كانوا بذلك ظالمين مشاركين له، وهذا الموقف ينبغي أن تنأى الدولة الدنماركية عنه.
أما إن حوكم الصحفيون وأدينوا كما أدين غيرهم بتهمة معاداة السامية، فعندها يكون للاعتذار محل ولقطع المقاطعة وجه.
مع أنه لايُرضي المسلم ولايشفي صدره أقل من هلاك ذلك الجاني المتعدي على رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم. فإن الأذى والأثر الذي خلفه الساب في النفوس لن يزول بيسر، ولو أن إنساناً صفع إنساناً تقدمت به السن فأثرت الصفعة فيه فأذهبت سمعه وبصره، فليس من العدل أن نقول ليصفعه الرجل الهرم الضعيف -الذي لايكاد يقدر على رفع يديه إلى وجهه- بكل ما أوتي من قوة وإن كانت لاتساوي شيئاً! ولايقول عاقل إن هذا هو مقتضى العدل!
بل مقتضى العدل أن يُصفع بما يُذهب سمعه وبصره ويُبقي فيه الأثر الذي تركه في غيره.
وهكذا نقول فيمن سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو انتقصه، فإنه أحدث أذى، ونكأ جرحاً لايندمل، فكم من إنسان تهون عليه نفسه فلا يبالي إن زهقت على أن لايشاك رسول الله صلى الله عليه وسلم بشوكة، وتاريخنا شاهد على هذا. وإذا كان الأمر كذلك فلا يقال إن مقتضى العدل مجرد سب الساب بل ولا حبسه بل ولاضربه بل ولاقتله، ولكن يُتعلل بإنزال العقوبة الأعلى الواقعة ضمن حيز الإمكان وهذا من باب التسديد والمقاربة.
ولا سيما في حال الاستضعاف كما قال شيخ الإسلام: "فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف، أو في وقت هو فيه مستضعف، فليعمل بآية الصبر والصفح والعفو عمن يؤذي الله و رسوله، من الذين أوتوا الكتاب والمشركين"، وليس هذا إيجاب للرد بالصفح ولكنه بيان للرخصة.
بيد أن العجز عن بعض الواجب لا يسوغ ترك غيره، فعلى المسلمين في الدنمارك وغيرها أن يستفيدوا من الحدث الجلل في التعريف بالإسلام، فإنه إن صدقت الاستفتاءات التي نقلت عن أعداد من يؤيدون محاكمة الصحيفة ومن لايؤيدون فإنها تشير إلى عظيم جهلهم بنبي الإسلام عليه السلام وبدينه.
فالواجب على دعاة الإسلام ولاسيما في تلك البلاد كبير تجاه المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتجاه التعريف بدينه، والدعوة إليه على بصيرة، وقد سمعنا ببوادر ذلك،وسعي بعضهم في الاستفادة من وسائل الإعلام المختلفة، لأجل الوصول إلى شرائح المجتمع المتعددة وذلك من الأهمية بمكان.
فالحدث على مرارته سانحة للفت الأنظار إلى الإسلام، ووضع الخطط البعيدة في الدعوة إليه والتعريف به.
كما أن الواجب على المسلمين تجاه إخوتهم كبير، وأقل القليل دعمهم بالمال والنصح والتوجيه وبذل الرأي والمشورة، ولو خصص أولئك التجار الذين كانت لهم مواقف مشهودة بمقاطعتهم من أساء نبيهم أرجو أن تسرهم يوم يسألهم ربهم عن المال الذي أعطاهم واستخلفهم فيه، أقول لو خصص أولئك شيئاً من أرباح بعض المنتجات من أجل التعريف بالإسلام في بلدانها المصدرة لها لكان خيراً لهم.
وإذا تحقق ما ذكر فعندها يمكن أن يقال: رب ضارة نافعة.
هذا والله أسأل أن يظهر دينه وكتابه وسنة نبيه، وأن يعز جنده، ويخذل عدوه، والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أخوكم الزاد