عاصفة الشمال
04-08-2006, 05:31 AM
في أثناء دخــــــــولها للمنزل وبعد عودتها من العمل شعرت بحنين جارفٌ يدفع بها
إلى الهاتف لتُحادث أمها
((ربما لن أعود ياأمي فربما تكون هذه آخر مرة أُهاتفك بها )) هذا ماحدثت به(هند) نفسها
وهي في طريقها للإتصال على والدتها ..وبعد طول حديث عن أحوالها ووالدتها
سألتها الأم / مابال صوتك يا ابنتي قد كساه الحزن .. فتُغير (هند) موجة الحديث
بضحكة مُصطنعة تُطمئن بها قلب أمها ..
وبعد أن أنهت المكالمة تعود للحديث مع نفسها وبصوت خافت (( أماه حبيبتي ربما لن تسمعي
صوتي بعد هذه المرة .. ربما لن أعود لأُقبل محيّاك الطاهر.. ربما أشياء كثيرة
لن تحـــــــــدث بعد هذه المرة ..... لاأدري ياأمي فالخــــــــوف يطاردني
في صحوتي ومنــــــــــــــامي
فأسمعي حكايتي ياأمــــــــي وأحكمي فالموت أقرب إلى أحدنا من(شراك نعله )
ولا نقول إلا (الحمد لله على كل حال ))و(كان الله بعون الجميع)
أُُمّــــــــــــــاه
كنت أنتظرها على أحــــــــر من الجمر ... وبعد طــــــول إنتظار كاد أن يتحول ليأس قد جاءتني
وكانت الفرحة غامـــــــــرةٌ بها .. وتحدد المكان والزمان لبدء المباشرة فيها وفعلا تم المُــــــراد
وأقبلت عليها بحماسٍ منقطع النظير ومجهودات فاقت طاقتي .. ومـــــــــرت الأيام بين
طياتها لحظــــــــاتٍ لاتخلو من الألم.... مــــــــواقف تُرهق الإحساس والشعور ونتــــــــحمل
إلا أنه مع مرور الشهور والسنوات بدأ هذا الحماس ينطفئ نوعاً ما ليس من شيء
إلا لأنني قد تعبت .. قد مللت هذه المشقة اليومية
في فترة مــــــــا قد شاطرتني ياأمي هذه المعاناة ... ولكنك ابتعدت ولا ألومكِ على ذلك
فـــأنا أتحمــــــــــــل أما أنتِ لاذنب لك ... فأضحيت وحيدة وأصبح روتيني المعتاد
أن طريقٌ طويل وشـــــاق يرتقبني كل يوم ليس من سنة أو سنتين بل من عدة سنوات
قبل بزوغ الفجر والظلام قد سكن المكان والخلق نيام وهـــدوء قاسي قد ستر الأنام إذ بصوت
السيارة قد حضرت قرب منزلنا فأنطلق مُسرعةٌ أجمع حاجياتي أنطلق وبيدي حقيبتي الصغيرة
وبيدي الأخرى كتيباتي التي أحتاج إليها ..وأتوجه لها لأجلس في مقعدي
وتنطلـــــــــق الراحلة (السيارة )
ومن هنا تبدأ(مُعاناة )أقصد رحلة كل يوم .. وقلبي قد ملاءه الضيق والضجر
وبمجرد أن أسترسل بالحديث مع زميلاتي يتطاير بعضاً من هذا الضيق لأتناساه مُجدداً
وفي لحظة تأمل انظر إلى الراكبات من حولي أشعر أن أوجاعهن ربما فاقت أوجاعي فيهون
عليّ ذلك الإحساس بالألم .. فتلك أم تركت طفلها المريض مع الخادمة .. وتلك في الشهر
الأخير من الحمل يراودها الخوف بعدم استمرارية حملها بسبب مشقة الطريق .. وتلك جسمها ملئ
بالعلل التي أنهكتها ..وتلك....وتلك....ورغم ذلك فهن صابرات مُحتسبات أجرهن عند الله فأواسي
نفسي بذلك كله.
وتمضي السيارة والطريق مُعتماً لازال في بدايته .. وتمر الساعات بطيئة حتى إذ
حـــــان وقت صلاة الفجر نتوقف لأداء الصلاة مع نسمات الفجر الباردة ألسنتنا
تلهجُ بذكر الله وفي داخل كل واحدة منا أمنية تسأل الله أن يحققها فما هو معروف
أن (دعوة المسافر لاترد بإذن الله ) .. أنتهينا من الصلاة وعدنا لمقاعدنا لنغادر
ولكــــن ماذا حدث بعد ذلك ؟؟
ننتظر السيارة أن تتحرك لكنها ُمصرة على الوقوف فيحاول السائق إدارة العجلة
ولكن لافائدة يبــــــدو أن العجلات قد غاصت في الرمال وثبتت السيارة في مكانها رافضة السير
فطلب منا السائق النزول ليقوم بدفع السيارة من حفرة الرمال العنيدة
ونزلنا لنجلس بعيداً نرتقب السائق أن يحرك سيارته والجو مظلم فبوادر الفجر لم
تتفتح بعد ولفحــات البرد العابثة تداعبنا ..
وننــــــــــــــــــتظر
وبعد حبلٌ طويل من الإنتظار تزحزحت السيارة من غضب الرمال لنعود
إلى مقاعدنا فنستأنف الرحلة ونكمل بقية المشوار فالطريق لازال طويلاً ...
في تلك اللحظة مكثت أترنح بين جنبات تفكيري الذي طال هموم كل من حولي ..
حاولت أن أكتب خاطرة ولكن قريحتي اعتـــــــــــذرت حالياً
ومن جديد عدت أتأمل الجو في الخارج من نافذة السيارة فهاهي خيوط الشمس الذهبية
قد صافحت المكان لتواسينا بإبتسامة يحدوها الأمل في الغد القريب
لتغمرنا بدفئها وروعة إطــــــــــلالتها .. ياإلهي سبحانك خالقها
وبينما أنا غارقة في تفكيري وانسجامي إذ بنفضة قوية تهز بدني لتتعالى صرخات
زميلاتي( بعد أن كن غافيات في نوم اليقظة )وتوقفت بنا السيارة..!
ماذا حدث؟؟ ماذا حدث ؟؟ هذا مارددناه سوياً بلهجة الخوف والهلع ..
ليخبرنا السائق أنه كاد أن يرتطم بجمل يعبر الطريق ولولا لطف الله ورحمته لوقعت الكارثة
التي تتكرر يومياً علينا وعلى غيرنا .. ياإلهي كم كان الموقف عصيباً..!
تنفسنا الصعداء وترددت عبارات الحمد والتهليل وأكملنا المسير ..
وبعد ساعات من الصمت الرهيب.... أخذنا بعدها نتبادل أطراف
الحديث لطرد رهبة الموقف التي استولت على بعضنا ..
وحتى نقطع عنا مسافة هذا الطريق المُمل.
وأخيراً تراءت لنا بوادر القرية من بعيد لانسمع إلا صوت الديك وتغريد العصافير وكأنها
ترحب بنا وتهنئنا على قدومنا سالمين وهاهي المدرسة أمامي الآن وناظري موجه إليها
وأخاطبها في نفسي (( متى أرحل عنك أيتها النائية ؟؟ )) ((متى تنتهي معاناتي ومعاناة
غيري مع هذا المشــــــــوار البعيد ؟؟)) (( متى...ومتى ..لكن حان إغلاق التساؤلات
فلم يبقى في السيارة سواي لأتأهب للنزول في ساحة هذه المدرسة .. فألملم
حــــــــاجياتي وادخل المدرسة ليبدأ يومٍ دراسي جديد..
والآن حانت لحظة الوداع فربمـــــــا في يوم ما لن أعود إليكم فتبقى أحرفي لوحةٌ
جميلةٌ تذكركم بي فلا تنسوني من صالح دعائكم.. ولا تنسيني ياأمي الغالية من جميل دعواتكِ ))
بهذه العبارات ختمت (هند ) قصتها نسأل الله لها ولكل من اكتوى بنار معاناتها أن يخفف الله
عنهم ويُلهمهم الصبر والســــــــــداد.
************
مع خالص تقديري .
كُتبت هذه القصة بتاريخ / 11- 1- 1427هـــ
http://www.dantdubai.com/vb/images/avatars/Raby.jpg
إلى الهاتف لتُحادث أمها
((ربما لن أعود ياأمي فربما تكون هذه آخر مرة أُهاتفك بها )) هذا ماحدثت به(هند) نفسها
وهي في طريقها للإتصال على والدتها ..وبعد طول حديث عن أحوالها ووالدتها
سألتها الأم / مابال صوتك يا ابنتي قد كساه الحزن .. فتُغير (هند) موجة الحديث
بضحكة مُصطنعة تُطمئن بها قلب أمها ..
وبعد أن أنهت المكالمة تعود للحديث مع نفسها وبصوت خافت (( أماه حبيبتي ربما لن تسمعي
صوتي بعد هذه المرة .. ربما لن أعود لأُقبل محيّاك الطاهر.. ربما أشياء كثيرة
لن تحـــــــــدث بعد هذه المرة ..... لاأدري ياأمي فالخــــــــوف يطاردني
في صحوتي ومنــــــــــــــامي
فأسمعي حكايتي ياأمــــــــي وأحكمي فالموت أقرب إلى أحدنا من(شراك نعله )
ولا نقول إلا (الحمد لله على كل حال ))و(كان الله بعون الجميع)
أُُمّــــــــــــــاه
كنت أنتظرها على أحــــــــر من الجمر ... وبعد طــــــول إنتظار كاد أن يتحول ليأس قد جاءتني
وكانت الفرحة غامـــــــــرةٌ بها .. وتحدد المكان والزمان لبدء المباشرة فيها وفعلا تم المُــــــراد
وأقبلت عليها بحماسٍ منقطع النظير ومجهودات فاقت طاقتي .. ومـــــــــرت الأيام بين
طياتها لحظــــــــاتٍ لاتخلو من الألم.... مــــــــواقف تُرهق الإحساس والشعور ونتــــــــحمل
إلا أنه مع مرور الشهور والسنوات بدأ هذا الحماس ينطفئ نوعاً ما ليس من شيء
إلا لأنني قد تعبت .. قد مللت هذه المشقة اليومية
في فترة مــــــــا قد شاطرتني ياأمي هذه المعاناة ... ولكنك ابتعدت ولا ألومكِ على ذلك
فـــأنا أتحمــــــــــــل أما أنتِ لاذنب لك ... فأضحيت وحيدة وأصبح روتيني المعتاد
أن طريقٌ طويل وشـــــاق يرتقبني كل يوم ليس من سنة أو سنتين بل من عدة سنوات
قبل بزوغ الفجر والظلام قد سكن المكان والخلق نيام وهـــدوء قاسي قد ستر الأنام إذ بصوت
السيارة قد حضرت قرب منزلنا فأنطلق مُسرعةٌ أجمع حاجياتي أنطلق وبيدي حقيبتي الصغيرة
وبيدي الأخرى كتيباتي التي أحتاج إليها ..وأتوجه لها لأجلس في مقعدي
وتنطلـــــــــق الراحلة (السيارة )
ومن هنا تبدأ(مُعاناة )أقصد رحلة كل يوم .. وقلبي قد ملاءه الضيق والضجر
وبمجرد أن أسترسل بالحديث مع زميلاتي يتطاير بعضاً من هذا الضيق لأتناساه مُجدداً
وفي لحظة تأمل انظر إلى الراكبات من حولي أشعر أن أوجاعهن ربما فاقت أوجاعي فيهون
عليّ ذلك الإحساس بالألم .. فتلك أم تركت طفلها المريض مع الخادمة .. وتلك في الشهر
الأخير من الحمل يراودها الخوف بعدم استمرارية حملها بسبب مشقة الطريق .. وتلك جسمها ملئ
بالعلل التي أنهكتها ..وتلك....وتلك....ورغم ذلك فهن صابرات مُحتسبات أجرهن عند الله فأواسي
نفسي بذلك كله.
وتمضي السيارة والطريق مُعتماً لازال في بدايته .. وتمر الساعات بطيئة حتى إذ
حـــــان وقت صلاة الفجر نتوقف لأداء الصلاة مع نسمات الفجر الباردة ألسنتنا
تلهجُ بذكر الله وفي داخل كل واحدة منا أمنية تسأل الله أن يحققها فما هو معروف
أن (دعوة المسافر لاترد بإذن الله ) .. أنتهينا من الصلاة وعدنا لمقاعدنا لنغادر
ولكــــن ماذا حدث بعد ذلك ؟؟
ننتظر السيارة أن تتحرك لكنها ُمصرة على الوقوف فيحاول السائق إدارة العجلة
ولكن لافائدة يبــــــدو أن العجلات قد غاصت في الرمال وثبتت السيارة في مكانها رافضة السير
فطلب منا السائق النزول ليقوم بدفع السيارة من حفرة الرمال العنيدة
ونزلنا لنجلس بعيداً نرتقب السائق أن يحرك سيارته والجو مظلم فبوادر الفجر لم
تتفتح بعد ولفحــات البرد العابثة تداعبنا ..
وننــــــــــــــــــتظر
وبعد حبلٌ طويل من الإنتظار تزحزحت السيارة من غضب الرمال لنعود
إلى مقاعدنا فنستأنف الرحلة ونكمل بقية المشوار فالطريق لازال طويلاً ...
في تلك اللحظة مكثت أترنح بين جنبات تفكيري الذي طال هموم كل من حولي ..
حاولت أن أكتب خاطرة ولكن قريحتي اعتـــــــــــذرت حالياً
ومن جديد عدت أتأمل الجو في الخارج من نافذة السيارة فهاهي خيوط الشمس الذهبية
قد صافحت المكان لتواسينا بإبتسامة يحدوها الأمل في الغد القريب
لتغمرنا بدفئها وروعة إطــــــــــلالتها .. ياإلهي سبحانك خالقها
وبينما أنا غارقة في تفكيري وانسجامي إذ بنفضة قوية تهز بدني لتتعالى صرخات
زميلاتي( بعد أن كن غافيات في نوم اليقظة )وتوقفت بنا السيارة..!
ماذا حدث؟؟ ماذا حدث ؟؟ هذا مارددناه سوياً بلهجة الخوف والهلع ..
ليخبرنا السائق أنه كاد أن يرتطم بجمل يعبر الطريق ولولا لطف الله ورحمته لوقعت الكارثة
التي تتكرر يومياً علينا وعلى غيرنا .. ياإلهي كم كان الموقف عصيباً..!
تنفسنا الصعداء وترددت عبارات الحمد والتهليل وأكملنا المسير ..
وبعد ساعات من الصمت الرهيب.... أخذنا بعدها نتبادل أطراف
الحديث لطرد رهبة الموقف التي استولت على بعضنا ..
وحتى نقطع عنا مسافة هذا الطريق المُمل.
وأخيراً تراءت لنا بوادر القرية من بعيد لانسمع إلا صوت الديك وتغريد العصافير وكأنها
ترحب بنا وتهنئنا على قدومنا سالمين وهاهي المدرسة أمامي الآن وناظري موجه إليها
وأخاطبها في نفسي (( متى أرحل عنك أيتها النائية ؟؟ )) ((متى تنتهي معاناتي ومعاناة
غيري مع هذا المشــــــــوار البعيد ؟؟)) (( متى...ومتى ..لكن حان إغلاق التساؤلات
فلم يبقى في السيارة سواي لأتأهب للنزول في ساحة هذه المدرسة .. فألملم
حــــــــاجياتي وادخل المدرسة ليبدأ يومٍ دراسي جديد..
والآن حانت لحظة الوداع فربمـــــــا في يوم ما لن أعود إليكم فتبقى أحرفي لوحةٌ
جميلةٌ تذكركم بي فلا تنسوني من صالح دعائكم.. ولا تنسيني ياأمي الغالية من جميل دعواتكِ ))
بهذه العبارات ختمت (هند ) قصتها نسأل الله لها ولكل من اكتوى بنار معاناتها أن يخفف الله
عنهم ويُلهمهم الصبر والســــــــــداد.
************
مع خالص تقديري .
كُتبت هذه القصة بتاريخ / 11- 1- 1427هـــ
http://www.dantdubai.com/vb/images/avatars/Raby.jpg