بن قبلان
05-21-2006, 10:13 PM
المصدر (http://www.islamlight.net/index.php?option=content&task=view&id=2621&Itemid=25): شبكة نور الإسلام (http://www.islamlight.net/index.php?option=content&task=view&id=2621&Itemid=25)
رسالة إلى الدكتور غازي القصيبي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد...
إن مما يحير العاقل الحصيف ما نطالعه بين الحين والآخر من كتابات ومقالات وتصريحات وقرارات تكون خالية من التأصيل الشرعي أو التنظيم الادارى أو التوافق مع نظام الحكم الذي اتخذ الشريعة مرجعا في عموم منطلقاته فى ( مادته السابعة ) ولما تتميز به مملكتنا من مكانة عالية ( بين دول كثيرة فى عالمنا المتلاطم الأمواج بسبب فتن الشبهات والشهوات) فالواجب علينا وعلى المسئولين فيها المحافظة على هذا التميز الذي يغيظ الأعداء في الداخل والخارج ، أعداء الدين وأعداء الوطن وأعداء القيم والأخلاق .
روى الإمام أحمد وأبو داود - في باب تداعى الأمم على أهل الإسلام - وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم ( 8183 ) من حديث ثوبان رضي الله عنه قال :قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها ...... الحديث. . وتداعى الأمم يكون أحيانا عن طريق أبنائها إما جهلا منهم وغفلة ، وإما انحرافا ونفاقا ، وإما إغراءا وحماقة.
ولقد ركز الذين يسعون لإفساد مجتمعنا والزج به إلى طريق الانحراف ( الذي وقعت فيه بعض الدول الإسلامية ) على مجالات ثلاثة هي مفاتيح الخير إذا أُحسن توجيهها ، ومفاتيح الشر إذا أًَُسِيَء استعمالها .
وهى : التعليم والإعلام والمرأة
ولعل أعظمها خطرا وأشدها أثرا وأعجلها نتيجة في الإفساد هي المرأة . ولذلك ركزت حملات التغريب في معظم البلاد الإسلامية على المرأة وعلى إخراجها وتبرجها واختلاطها مع الرجال باسم العمل والوضيفة والدراسة ، والذي بدأت بوادره فى بلاد الحرمين تطل من خلال وزارة العمل ووسائل الإعلام وغيرها .
وان من مظاهر الزج بالمجتمع فى ممارسات تؤول إلى الفساد والانحراف ما تقوم به وزارة العمل من دعوة صريحة إلى توظيف المرأة فى الكثير من المجالات التي تخالف طبيعتها وتفسد أخلاقها وتضر المجتمع وتهدد الأمن وتضعف الاقتصاد فى الكثير من المجالات ,وقد حذرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يوم قال: ( ما تركت بعدى فى الناس فتنة أضر على الرجال من النساء ) . رواه مسلم وغيره ( حديث رقم 2741 ) .
فمن ذلك ما استصدره د.غازي القصيبى من قرارات حول عمل المرأة فى محلات بيع الملابس النسائية .
وقد أُعلن كذلك فى جريدة الوطن وغيرها استنكاره الشديد على المعترضين على القرار ووصفهم بأوصاف سوقية لا تليق بمن هو فى سنه ومنصبه وخبرته .
ولكن للإنصاف فقد طلب د.غازي ممن لديه ملاحظات فليتقدم للنقاش .
ومن هذا المنطلق نطلب تحديد موعد للنقاش والحوار وفى مكان عام حتى يظهر الحق ويشهد الناس ما يُراد لهم وبهم, وننتظر الرد سريعا من د.غازي عسى أن يكون الحوار مثمرا نصل به إلى الرأي الأصلح لمجتمعنا ولبناتنا ولأمتنا ولاقتصادنا وقبل ذلك وبعده لإرضاء ربنا وإغاظة عدونا .
ولقد توقفت فى التسمية ( هل أقول المستر غازي أم معالي الدكتور غازي حيث إني لا أدري أي هذه الأوصاف أحب إليه ) لذلك سأسميه باسمه ومرتبته العلمية فأقول د.غازي القصيبي خروجا من الحرج .
واستباقا للحوار العام الذي نطالب به د/ القصيبي ومن معه فى هذه القرارات أتوقف مع مخالفات هذا القرار للسياسة العامة للدولة ومن ذلك :
1 – هذا القرار جاء مخالفا للنظام الأساس للحكم الذي نص على تطبيق الشريعة الإسلامية في مادته السابعة وفى غيرها.
2 – هذا القرار مخالف لعدد من الأوامر السامية التي جاءت بالتأكيد على عدم الاختلاط و وضرورة استقلال المرأة في عملها عن الرجال والتى صدرت برقم (11651) فى 16-5-1403 وكذلك رقم ( 759 / 8 ) بتاريخ 5-10-1421.
3 - جاء هذا القرار مخالفاً لفتاوى العلماء وقرارات هيئة كبار العلماء والذين لهم المرجعية فى مثل هذه الأمور .
4 - هذا القرار مخالف لقرار مجلس القوى العاملة رقم 1/م/19/1405 وتاريخ 1/4/1408 وكذلك التأكيد على القرار بالتعميم الصادر برقم 1278/ق ع فى 1/12/1423 .
5 - وكذلك هو مخالف لنظام العمل والعمال الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/21 وتاريخ 6/9/1389 والذي ينص على منع الاختلاط.
6 - هذا القرار جاء ليهدم ما بني من عهد المؤسس الملك عبد العزيز ( رحمه الله ) وأبنائه من بعده الملك سعود وفيصل وخالد وفهد ( رحمهم الله ) والذين ساروا على عدم إقرار الاختلاط في الدوائر الحكومية أو الأهلية ، وأكدوا على ذلك كثيرا.
7 - لا أدرى هل د.غازي يقصد إلغاء الأنظمة السابقة والقرارات والمراسيم, أو يقصد الانتقام ممن أصدروها ( وتصفية حسابات قديمة ) وهما أمران أحلاهما مر.
8- القرار الذي تبناه د.غازي يحمل في طياته تحدياً وزرعاً للشقاق بين ولاة الأمر والعلماء والمجتمع . ثم يصر على ذلك بوصف من خالفه بأنهم خفافيش وأنهم أميون ومسيسون .
9- جاء القرار ليحارب الاقتصاد في مملكتنا في الوقت الذي نحن في أشد الحاجة إلى دعم الاقتصاد وبنائه وتنميته وتشجيعه .
10 - القرار مآل يخالف نظام السعودة في البلاد ويدعو رجال الأعمال إلى طرد الشباب من وظائفهم وتوظيف النساء كما صرح بذلك بعض رجال الأعمال .
11 - جاء القرار ليُسِيَء إلى المرأة فبدلا من أن تكون موظفة مع بنات جنسها فى أماكن آمنة ويتحقق لها الاستقرار الوضيفي جاء القرار ليدعوها إلى العمل فى أوساط الرجال ولأوقات طويلة مرهقة .
12 - جاء القرار ليقول لرجال الأعمال بعثروا تجارتكم وأسلموها لغيركم ولا دخل لنا في ربحكم وخسارتكم.
13 – بل جاء القرار وكأنه يوحى من طرف خفي ويقول لأصحاب الأموال إلى متى وأنتم تستثمرون أموالكم في بلدكم لماذا لا تخرجون إلى البلاد المجاورة فهي أكثر تجارة وأسهل أنظمة وأكثر ربحا.
14 – جاء القرار ليفرق المجتمع ويوجِدَ الشقاق والنزاع، فالدكتور غازي يريد أمرا والمجتمع يريد غيره ويريد أن يفرض رأيه وفكره ويتحدث بدكتاتورية وفاشية عفا عليها الزمن.
15 – د.غازي يريد أن يكون المشرع والمهيمن على جميع الوزارات فهو صاحب القرار في خروج المرأة وعملها وفتح الأسواق وتنظيمها من غير رجوع إلى جهات الاختصاص، ولعل د.غازي في هذا أراد اختصار الأمر وتوفير الجهد والمال وذلك بتقمص دور الكثير من الوزارات والجهات المعنية.
16 – جاء القرار ليتوافق مع طلب القوى الأجنبية والأعداء الماكرين الذين يسعون لإخراج المرأة من بيتها - في بلاد الحرمين - التي هي المعقل الأخير للإسلام .
17 – لقد خالف الحقيقة د.غازي وجانب الصواب حيث يقول ( إن القرار تأخر بسبب دراسات وافية وشاملة ) كيف تأخر القرار وهو يسير بسرعة هائلة في تنقله بين وزارة العمل والديوان واللجان اللازم مروره عليها وهو لم يتجاوز الشهر ونصف فيما ذكر , وصدر القرار فى ظروف صعبة فى فترة وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد - رحمه الله - ومبايعة الملك عبد الله - وفقه الله - مع أن القرارات المماثلة قد يمر عليها الأشهر والسنوات حيث تخضع لنقاش وحوار بين المسئولين وينظر فيها إلى السلبيات والايجابيات ويوازن بينها . ثم أين دور الشريحة المعنية في ذلك وهم رجال الأعمال والمستثمرين.
وأين رأى المرأة التي سوف يزج بها في هذا البحر المتلاطم الأمواج بفتنته ومشكلاته الأسرية والاجتماعية والنفسية.
ولو كانت الدراسات للقرار وافية وشاملة لما وجد هذه المعارضة الشديدة من كل طبقات المجتمع, أم أنه السباق مع الزمن واغتنام فرصة التمكين قبل زوالها.
وإلا فكيف تصدر هذه القرارات ثم ترفع العصا تهديدا لمن لم يطبقها.
18 - لئن كان المجتمع يعانى من العنوسة فبهذا القرار وإقحام المرأة فى هذا العمل ستتضاعف العنوسة أضعافا كثيرة لأسباب متعددة ليس هذا مجال ذكرها .
19 – هل يتناسب القرار مع قيم وعادات المملكة العربية السعودية كما ذكر د.غازي في تصريحه في جريدة الوطن يوم الأربعاء 21/3/1427 ص21 وغيرها من الجرائد , أو هي المغالطات التي أصبح يفاجئنا بها بين الحين والآخر ( ويريد أن يدخل التاريخ من أغرب أبوابه ) .
20 – د.غازي هل استوعبتٌ الأعمالُ الوضيفية الحكومية والأهلية شبابَ الأمة الذين يشكلون الخطر بسبب بطالتهم.
ألم تشاهد تزاحم عشرة آلاف شاب على خمسمائة وضيفة برتبة جندي علما أن هذا العدد لمن مؤهلاتهم تتناسب مع هذه الوضيفة . فكيف بغيرهم الذين هم أضعاف هذا العدد ، وتزعم أنك أوجدت عملا للشباب .
21 – لماذا التركيز على المرأة وفرص العمل لها وإهمال الشباب الذين هم - بعد الله - عماد الأمة وقوتها في وجه عدوها بصلاحهم واستقامتهم ودفاعهم عنها, وهم سلاح ضدها إن أهملوا وتركوا للشهوات والشبهات والبطالة.
22 – لو كنت صادقا في الشفقة على المرأة وإيجاد عمل لها لتبنيت مشروعا تعمل فيه مع بنات جنسها وجعلت لها مكانا خاصا ( مثل الأسواق النسائية والمستشفيات النسائية ) وجعلت لها وقتا محددا ليس بالطويل الذي يرهقها ويشغلها عن بيتها وزوجها وأولادها , ويقوم بسد حاجتها المادية والاستفادة من جزء مناسب من وقتها .
23 – لو كنتَ صادقا في إعفاف المرأة لطالبت لها وصرت محاميا مخلصا لها في أن يفرض لكل امرأة محتاجة أو أرملة أو مطلقة أو عانس مرتبا شهريا يصرف لها لتعف نفسها وتقضى حوائجها من غير حاجة للآخرين , ولو عملت ذلك لوجدت التأييد من كل فئات المجتمع.
ولحصلت على ثواب عظيم من رب العالمين ودعاء من كل محتاجة وأرملة ويتيم تسعد به في يوم لا مال ولا جاه ولا معين إلا ما قدمت من عمل صالح .
24 – يا د.غازي ألا ترى أنك داعية لتغريب المرأة في بلاد الحرمين لنبذ حجابها وعفافها وحيائها ودينها لتكون مثل ضحايا دعاة التغريب للمرأة في مصر والشام وغيرها.
25 – يا د.غازي ألا ترى أنك ضيعت الأمانة وأفسدت المجتمع ولم ترع الثقة التي أولتها لك حكومة "خادم الحرمين الشريفين".
26 – ألا ترى أنك بهذه المغالطات والتجاوزات توغر صدور أفراد المجتمع على دولتهم التي تسعى لمصالحهم فيظنون أنك تتحدث باسم الدولة، وأنت تهدم نظامها وقراراتها , وتشعل نار الفتنة فى البلاد .
27 - لقد اتضحت النوايا وانكشف الغطاء فأنت تتخذ قرارات تؤدى إلى فرض الاختلاط الذي من لوازمه إشاعة الفاحشة والدليل هو الإصرار الشديد على تنفيذ القرار رغم معارضة الكثيرين له والذين يهمهم الأمر ويعنيهم بالذات وحمايتك له بحذف شرط منع الاختلاط من نظام العمل الذي عدل فى عهدكم . وهنا أحذركم وأخوفكم من عذاب الله وغضبه ومقته وهو جل وعلا الذي توعد مَنٌ يسعون إلى ذلك فكيف بمن يفرض أسبابها على المجتمع المسلم ويصر على تنفيذها حيث قلت لا رجعة فى تنفيذ القرار وكأنك الحاكم الأعلى لهذه البلاد , أنت لا تريد أن تسمع للعلماء والدعاة والمثقفين ورجال الفكر , ولا تريد أن تسمع لرجال الأعمال وأعمدة الاقتصاد الذين بأعمالهم وتجارتهم تجد الوظائف للشباب , وتجد المشاريع التي تدعم اقتصاد البلد .
ألا تعلم أن تصرفاتك تؤدى إلى تجفيف منابع العمل وترحيل الاقتصاد وتفقير الشعب وإخراج النساء وإفساد الأسر , وهذا ما يريده الغرب الكافر الحاقد المستعمر .
28 - يا د.غازي أين دور الوزارة فى توعية المجتمع وفى معالجة أوضاع العمالة السائبة التي تعمل فى الشوارع والحدائق ومواقف السيارات وفى المستودعات والمزارع وفى أوكار الفساد والسرقات والسوق السوداء المنتشرة والمشتهرة من خلال العمالة التي تبلغ الملايين وتشكل قنابل موقوتة فى بلادنا .
أين برامج التدريب المكثفة التي تقيمها الوزارة على نفقتها وبإشرافها لشبابنا من حملة الابتدائية فما فوق والذين فاتهم قطار التعليم أو يريدون عملا.
29 - قلت إن على المعترضين أن يحتفظوا برأيهم , إن الاحتفاظ بالرأي لمن لا يعنيه الأمر , أما من يعنيهم الأمر ويدافعون عن دينهم وعقيدتهم ومملكتهم وطهر وعفاف نسائهم ونساء المجتمع بكامله . فهؤلاء جميعاً لهم الحق أن يقولوا والواجب عليك أن تسمع.
وأقول لك يا د.غازي ( اتق الله في هذا المجتمع الآمن ) لا خير فى المجتمع إن لم يقلها ولا خير فيك إن لم تسمعها وتقبل ما فيها من الخير للبلاد والعباد .
اتق الله واحذر من المكابرة ولا تكن من هذا الصنف الذي ذكره الله في كتابه العزيز فى قوله تعالى ( ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا ويشهد الله على ما فى قلبه وهو ألد الخصام , وإذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد , وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد) البقرة /204 - 206 .
30 - يا د.غازي انك تسعى بقراراتك وتهديداتك إلى إعادة المجتمع إلى الحجٌر على العقول والآراء , وتسعى إلى تطبيق سياسة فرعون (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) , واعلم أن وراءك من الولاة والعلماء والدعاة وجميع أفراد المجتمع من يغارون على دين الله ويحفظون أعراض المسلمين ويسعون إلى توفير جو من الراحة والطمأنينة لأفراد المجتمع .
وفي الختام أتوجه إلى خادم الحرمين الشريفين وولي عهده - وفقهما الله لكل خير - فأقول:
إن هذا القرار خطير يهدد أمن المجتمع واستقراره ويهدد دينه وسلوكه الذَين هما الأساس للحياة السعيدة والجو الآمن, فان الدكتور غازي قد فتح باب شر مستطير.
ثم لماذا لا يسمع نصح الناصحين وانتقاد المصلحين .
إنني أتوجه إلى مقامكم وأنتم الذين عاهدتم شعبكم على كتاب الله وسنة رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) وعلى طلب النصيحة والنصيحة واجبة قبل الطلب , وتكون أوجب بعد الطلب وأقول إن مثل هذا العمل يفرق الصف ويزرع النزاع والشقاق ويهدد البلد بالعقوبة من الله - عز وجل - وإننا نتطلع إلى وقفة حازمة حاسمة تلغي هذا القرار وتغلق ما انفتح من أبواب الشر فى هذا المجال .
كما أتوجه إلى علمائنا الأفاضل وطلاب العلم والدعاة وأهل الغيرة والصلاح وعموم المجتمع بأن يكونوا يدا واحدة مع ولاة أمرنا ضد أولئك المفسدين الذين يريدون إخراج المرأة من حصنها لتكون لعبة فى أيدي العابثين .
وعلينا جميعاً أن نكون مع مَنٌ وَلاّهُ الله أمرنا سداً منيعاً ويداً قوية ضد من يخرق السفينة.
حفظ الله ديننا وبلادنا وولاة أمرنا ومجتمعنا من كل عابث ومفسد للدين والأخلاق.
وحفظ الله لنا أمننا ورغد عيشنا وستر نسائنا .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم,,,
د.عبدالعزيز بن عبدالمحسن التركي
مكتب محاماة واستشارات
ص ب 154392 رمز 1736
e- mail dr_turki_9@hotmail.com
ت : 014188887
رسالة إلى الدكتور غازي القصيبي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد...
إن مما يحير العاقل الحصيف ما نطالعه بين الحين والآخر من كتابات ومقالات وتصريحات وقرارات تكون خالية من التأصيل الشرعي أو التنظيم الادارى أو التوافق مع نظام الحكم الذي اتخذ الشريعة مرجعا في عموم منطلقاته فى ( مادته السابعة ) ولما تتميز به مملكتنا من مكانة عالية ( بين دول كثيرة فى عالمنا المتلاطم الأمواج بسبب فتن الشبهات والشهوات) فالواجب علينا وعلى المسئولين فيها المحافظة على هذا التميز الذي يغيظ الأعداء في الداخل والخارج ، أعداء الدين وأعداء الوطن وأعداء القيم والأخلاق .
روى الإمام أحمد وأبو داود - في باب تداعى الأمم على أهل الإسلام - وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم ( 8183 ) من حديث ثوبان رضي الله عنه قال :قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها ...... الحديث. . وتداعى الأمم يكون أحيانا عن طريق أبنائها إما جهلا منهم وغفلة ، وإما انحرافا ونفاقا ، وإما إغراءا وحماقة.
ولقد ركز الذين يسعون لإفساد مجتمعنا والزج به إلى طريق الانحراف ( الذي وقعت فيه بعض الدول الإسلامية ) على مجالات ثلاثة هي مفاتيح الخير إذا أُحسن توجيهها ، ومفاتيح الشر إذا أًَُسِيَء استعمالها .
وهى : التعليم والإعلام والمرأة
ولعل أعظمها خطرا وأشدها أثرا وأعجلها نتيجة في الإفساد هي المرأة . ولذلك ركزت حملات التغريب في معظم البلاد الإسلامية على المرأة وعلى إخراجها وتبرجها واختلاطها مع الرجال باسم العمل والوضيفة والدراسة ، والذي بدأت بوادره فى بلاد الحرمين تطل من خلال وزارة العمل ووسائل الإعلام وغيرها .
وان من مظاهر الزج بالمجتمع فى ممارسات تؤول إلى الفساد والانحراف ما تقوم به وزارة العمل من دعوة صريحة إلى توظيف المرأة فى الكثير من المجالات التي تخالف طبيعتها وتفسد أخلاقها وتضر المجتمع وتهدد الأمن وتضعف الاقتصاد فى الكثير من المجالات ,وقد حذرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يوم قال: ( ما تركت بعدى فى الناس فتنة أضر على الرجال من النساء ) . رواه مسلم وغيره ( حديث رقم 2741 ) .
فمن ذلك ما استصدره د.غازي القصيبى من قرارات حول عمل المرأة فى محلات بيع الملابس النسائية .
وقد أُعلن كذلك فى جريدة الوطن وغيرها استنكاره الشديد على المعترضين على القرار ووصفهم بأوصاف سوقية لا تليق بمن هو فى سنه ومنصبه وخبرته .
ولكن للإنصاف فقد طلب د.غازي ممن لديه ملاحظات فليتقدم للنقاش .
ومن هذا المنطلق نطلب تحديد موعد للنقاش والحوار وفى مكان عام حتى يظهر الحق ويشهد الناس ما يُراد لهم وبهم, وننتظر الرد سريعا من د.غازي عسى أن يكون الحوار مثمرا نصل به إلى الرأي الأصلح لمجتمعنا ولبناتنا ولأمتنا ولاقتصادنا وقبل ذلك وبعده لإرضاء ربنا وإغاظة عدونا .
ولقد توقفت فى التسمية ( هل أقول المستر غازي أم معالي الدكتور غازي حيث إني لا أدري أي هذه الأوصاف أحب إليه ) لذلك سأسميه باسمه ومرتبته العلمية فأقول د.غازي القصيبي خروجا من الحرج .
واستباقا للحوار العام الذي نطالب به د/ القصيبي ومن معه فى هذه القرارات أتوقف مع مخالفات هذا القرار للسياسة العامة للدولة ومن ذلك :
1 – هذا القرار جاء مخالفا للنظام الأساس للحكم الذي نص على تطبيق الشريعة الإسلامية في مادته السابعة وفى غيرها.
2 – هذا القرار مخالف لعدد من الأوامر السامية التي جاءت بالتأكيد على عدم الاختلاط و وضرورة استقلال المرأة في عملها عن الرجال والتى صدرت برقم (11651) فى 16-5-1403 وكذلك رقم ( 759 / 8 ) بتاريخ 5-10-1421.
3 - جاء هذا القرار مخالفاً لفتاوى العلماء وقرارات هيئة كبار العلماء والذين لهم المرجعية فى مثل هذه الأمور .
4 - هذا القرار مخالف لقرار مجلس القوى العاملة رقم 1/م/19/1405 وتاريخ 1/4/1408 وكذلك التأكيد على القرار بالتعميم الصادر برقم 1278/ق ع فى 1/12/1423 .
5 - وكذلك هو مخالف لنظام العمل والعمال الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/21 وتاريخ 6/9/1389 والذي ينص على منع الاختلاط.
6 - هذا القرار جاء ليهدم ما بني من عهد المؤسس الملك عبد العزيز ( رحمه الله ) وأبنائه من بعده الملك سعود وفيصل وخالد وفهد ( رحمهم الله ) والذين ساروا على عدم إقرار الاختلاط في الدوائر الحكومية أو الأهلية ، وأكدوا على ذلك كثيرا.
7 - لا أدرى هل د.غازي يقصد إلغاء الأنظمة السابقة والقرارات والمراسيم, أو يقصد الانتقام ممن أصدروها ( وتصفية حسابات قديمة ) وهما أمران أحلاهما مر.
8- القرار الذي تبناه د.غازي يحمل في طياته تحدياً وزرعاً للشقاق بين ولاة الأمر والعلماء والمجتمع . ثم يصر على ذلك بوصف من خالفه بأنهم خفافيش وأنهم أميون ومسيسون .
9- جاء القرار ليحارب الاقتصاد في مملكتنا في الوقت الذي نحن في أشد الحاجة إلى دعم الاقتصاد وبنائه وتنميته وتشجيعه .
10 - القرار مآل يخالف نظام السعودة في البلاد ويدعو رجال الأعمال إلى طرد الشباب من وظائفهم وتوظيف النساء كما صرح بذلك بعض رجال الأعمال .
11 - جاء القرار ليُسِيَء إلى المرأة فبدلا من أن تكون موظفة مع بنات جنسها فى أماكن آمنة ويتحقق لها الاستقرار الوضيفي جاء القرار ليدعوها إلى العمل فى أوساط الرجال ولأوقات طويلة مرهقة .
12 - جاء القرار ليقول لرجال الأعمال بعثروا تجارتكم وأسلموها لغيركم ولا دخل لنا في ربحكم وخسارتكم.
13 – بل جاء القرار وكأنه يوحى من طرف خفي ويقول لأصحاب الأموال إلى متى وأنتم تستثمرون أموالكم في بلدكم لماذا لا تخرجون إلى البلاد المجاورة فهي أكثر تجارة وأسهل أنظمة وأكثر ربحا.
14 – جاء القرار ليفرق المجتمع ويوجِدَ الشقاق والنزاع، فالدكتور غازي يريد أمرا والمجتمع يريد غيره ويريد أن يفرض رأيه وفكره ويتحدث بدكتاتورية وفاشية عفا عليها الزمن.
15 – د.غازي يريد أن يكون المشرع والمهيمن على جميع الوزارات فهو صاحب القرار في خروج المرأة وعملها وفتح الأسواق وتنظيمها من غير رجوع إلى جهات الاختصاص، ولعل د.غازي في هذا أراد اختصار الأمر وتوفير الجهد والمال وذلك بتقمص دور الكثير من الوزارات والجهات المعنية.
16 – جاء القرار ليتوافق مع طلب القوى الأجنبية والأعداء الماكرين الذين يسعون لإخراج المرأة من بيتها - في بلاد الحرمين - التي هي المعقل الأخير للإسلام .
17 – لقد خالف الحقيقة د.غازي وجانب الصواب حيث يقول ( إن القرار تأخر بسبب دراسات وافية وشاملة ) كيف تأخر القرار وهو يسير بسرعة هائلة في تنقله بين وزارة العمل والديوان واللجان اللازم مروره عليها وهو لم يتجاوز الشهر ونصف فيما ذكر , وصدر القرار فى ظروف صعبة فى فترة وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد - رحمه الله - ومبايعة الملك عبد الله - وفقه الله - مع أن القرارات المماثلة قد يمر عليها الأشهر والسنوات حيث تخضع لنقاش وحوار بين المسئولين وينظر فيها إلى السلبيات والايجابيات ويوازن بينها . ثم أين دور الشريحة المعنية في ذلك وهم رجال الأعمال والمستثمرين.
وأين رأى المرأة التي سوف يزج بها في هذا البحر المتلاطم الأمواج بفتنته ومشكلاته الأسرية والاجتماعية والنفسية.
ولو كانت الدراسات للقرار وافية وشاملة لما وجد هذه المعارضة الشديدة من كل طبقات المجتمع, أم أنه السباق مع الزمن واغتنام فرصة التمكين قبل زوالها.
وإلا فكيف تصدر هذه القرارات ثم ترفع العصا تهديدا لمن لم يطبقها.
18 - لئن كان المجتمع يعانى من العنوسة فبهذا القرار وإقحام المرأة فى هذا العمل ستتضاعف العنوسة أضعافا كثيرة لأسباب متعددة ليس هذا مجال ذكرها .
19 – هل يتناسب القرار مع قيم وعادات المملكة العربية السعودية كما ذكر د.غازي في تصريحه في جريدة الوطن يوم الأربعاء 21/3/1427 ص21 وغيرها من الجرائد , أو هي المغالطات التي أصبح يفاجئنا بها بين الحين والآخر ( ويريد أن يدخل التاريخ من أغرب أبوابه ) .
20 – د.غازي هل استوعبتٌ الأعمالُ الوضيفية الحكومية والأهلية شبابَ الأمة الذين يشكلون الخطر بسبب بطالتهم.
ألم تشاهد تزاحم عشرة آلاف شاب على خمسمائة وضيفة برتبة جندي علما أن هذا العدد لمن مؤهلاتهم تتناسب مع هذه الوضيفة . فكيف بغيرهم الذين هم أضعاف هذا العدد ، وتزعم أنك أوجدت عملا للشباب .
21 – لماذا التركيز على المرأة وفرص العمل لها وإهمال الشباب الذين هم - بعد الله - عماد الأمة وقوتها في وجه عدوها بصلاحهم واستقامتهم ودفاعهم عنها, وهم سلاح ضدها إن أهملوا وتركوا للشهوات والشبهات والبطالة.
22 – لو كنت صادقا في الشفقة على المرأة وإيجاد عمل لها لتبنيت مشروعا تعمل فيه مع بنات جنسها وجعلت لها مكانا خاصا ( مثل الأسواق النسائية والمستشفيات النسائية ) وجعلت لها وقتا محددا ليس بالطويل الذي يرهقها ويشغلها عن بيتها وزوجها وأولادها , ويقوم بسد حاجتها المادية والاستفادة من جزء مناسب من وقتها .
23 – لو كنتَ صادقا في إعفاف المرأة لطالبت لها وصرت محاميا مخلصا لها في أن يفرض لكل امرأة محتاجة أو أرملة أو مطلقة أو عانس مرتبا شهريا يصرف لها لتعف نفسها وتقضى حوائجها من غير حاجة للآخرين , ولو عملت ذلك لوجدت التأييد من كل فئات المجتمع.
ولحصلت على ثواب عظيم من رب العالمين ودعاء من كل محتاجة وأرملة ويتيم تسعد به في يوم لا مال ولا جاه ولا معين إلا ما قدمت من عمل صالح .
24 – يا د.غازي ألا ترى أنك داعية لتغريب المرأة في بلاد الحرمين لنبذ حجابها وعفافها وحيائها ودينها لتكون مثل ضحايا دعاة التغريب للمرأة في مصر والشام وغيرها.
25 – يا د.غازي ألا ترى أنك ضيعت الأمانة وأفسدت المجتمع ولم ترع الثقة التي أولتها لك حكومة "خادم الحرمين الشريفين".
26 – ألا ترى أنك بهذه المغالطات والتجاوزات توغر صدور أفراد المجتمع على دولتهم التي تسعى لمصالحهم فيظنون أنك تتحدث باسم الدولة، وأنت تهدم نظامها وقراراتها , وتشعل نار الفتنة فى البلاد .
27 - لقد اتضحت النوايا وانكشف الغطاء فأنت تتخذ قرارات تؤدى إلى فرض الاختلاط الذي من لوازمه إشاعة الفاحشة والدليل هو الإصرار الشديد على تنفيذ القرار رغم معارضة الكثيرين له والذين يهمهم الأمر ويعنيهم بالذات وحمايتك له بحذف شرط منع الاختلاط من نظام العمل الذي عدل فى عهدكم . وهنا أحذركم وأخوفكم من عذاب الله وغضبه ومقته وهو جل وعلا الذي توعد مَنٌ يسعون إلى ذلك فكيف بمن يفرض أسبابها على المجتمع المسلم ويصر على تنفيذها حيث قلت لا رجعة فى تنفيذ القرار وكأنك الحاكم الأعلى لهذه البلاد , أنت لا تريد أن تسمع للعلماء والدعاة والمثقفين ورجال الفكر , ولا تريد أن تسمع لرجال الأعمال وأعمدة الاقتصاد الذين بأعمالهم وتجارتهم تجد الوظائف للشباب , وتجد المشاريع التي تدعم اقتصاد البلد .
ألا تعلم أن تصرفاتك تؤدى إلى تجفيف منابع العمل وترحيل الاقتصاد وتفقير الشعب وإخراج النساء وإفساد الأسر , وهذا ما يريده الغرب الكافر الحاقد المستعمر .
28 - يا د.غازي أين دور الوزارة فى توعية المجتمع وفى معالجة أوضاع العمالة السائبة التي تعمل فى الشوارع والحدائق ومواقف السيارات وفى المستودعات والمزارع وفى أوكار الفساد والسرقات والسوق السوداء المنتشرة والمشتهرة من خلال العمالة التي تبلغ الملايين وتشكل قنابل موقوتة فى بلادنا .
أين برامج التدريب المكثفة التي تقيمها الوزارة على نفقتها وبإشرافها لشبابنا من حملة الابتدائية فما فوق والذين فاتهم قطار التعليم أو يريدون عملا.
29 - قلت إن على المعترضين أن يحتفظوا برأيهم , إن الاحتفاظ بالرأي لمن لا يعنيه الأمر , أما من يعنيهم الأمر ويدافعون عن دينهم وعقيدتهم ومملكتهم وطهر وعفاف نسائهم ونساء المجتمع بكامله . فهؤلاء جميعاً لهم الحق أن يقولوا والواجب عليك أن تسمع.
وأقول لك يا د.غازي ( اتق الله في هذا المجتمع الآمن ) لا خير فى المجتمع إن لم يقلها ولا خير فيك إن لم تسمعها وتقبل ما فيها من الخير للبلاد والعباد .
اتق الله واحذر من المكابرة ولا تكن من هذا الصنف الذي ذكره الله في كتابه العزيز فى قوله تعالى ( ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا ويشهد الله على ما فى قلبه وهو ألد الخصام , وإذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد , وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد) البقرة /204 - 206 .
30 - يا د.غازي انك تسعى بقراراتك وتهديداتك إلى إعادة المجتمع إلى الحجٌر على العقول والآراء , وتسعى إلى تطبيق سياسة فرعون (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) , واعلم أن وراءك من الولاة والعلماء والدعاة وجميع أفراد المجتمع من يغارون على دين الله ويحفظون أعراض المسلمين ويسعون إلى توفير جو من الراحة والطمأنينة لأفراد المجتمع .
وفي الختام أتوجه إلى خادم الحرمين الشريفين وولي عهده - وفقهما الله لكل خير - فأقول:
إن هذا القرار خطير يهدد أمن المجتمع واستقراره ويهدد دينه وسلوكه الذَين هما الأساس للحياة السعيدة والجو الآمن, فان الدكتور غازي قد فتح باب شر مستطير.
ثم لماذا لا يسمع نصح الناصحين وانتقاد المصلحين .
إنني أتوجه إلى مقامكم وأنتم الذين عاهدتم شعبكم على كتاب الله وسنة رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) وعلى طلب النصيحة والنصيحة واجبة قبل الطلب , وتكون أوجب بعد الطلب وأقول إن مثل هذا العمل يفرق الصف ويزرع النزاع والشقاق ويهدد البلد بالعقوبة من الله - عز وجل - وإننا نتطلع إلى وقفة حازمة حاسمة تلغي هذا القرار وتغلق ما انفتح من أبواب الشر فى هذا المجال .
كما أتوجه إلى علمائنا الأفاضل وطلاب العلم والدعاة وأهل الغيرة والصلاح وعموم المجتمع بأن يكونوا يدا واحدة مع ولاة أمرنا ضد أولئك المفسدين الذين يريدون إخراج المرأة من حصنها لتكون لعبة فى أيدي العابثين .
وعلينا جميعاً أن نكون مع مَنٌ وَلاّهُ الله أمرنا سداً منيعاً ويداً قوية ضد من يخرق السفينة.
حفظ الله ديننا وبلادنا وولاة أمرنا ومجتمعنا من كل عابث ومفسد للدين والأخلاق.
وحفظ الله لنا أمننا ورغد عيشنا وستر نسائنا .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم,,,
د.عبدالعزيز بن عبدالمحسن التركي
مكتب محاماة واستشارات
ص ب 154392 رمز 1736
e- mail dr_turki_9@hotmail.com
ت : 014188887