بلي
09-06-2003, 08:20 PM
المصدر : د. حامد بن مالح الشمري*
تلعب الأسرة دوراً حيوياً ومؤثراً في وقاية أفرادها من الانحراف والتشتت والضياع, إذا ما نجحت في تأدية وظيفتها التربوية. لا شك أن للوالدين الدور الأكبر في تهيئة الظروف الملائمة لمتطلبات البناء الأسري السليم من خلال الاهتمام بالطفل وإعطائه أكبر قسط من الاهتمام التربوي والعاطفي والنفسي كي ينمو نفسياً وعاطفياً وبشكل متوازن مع نموه الجسمي والعقلي, وهذا يتطلب جهود الوالدين القائمة على المحبة والتفاهم والتعاون والرغبة المشتركة من أجل بناء أسرة سعيدة متماسكة.
إن غياب الأب عن الأسرة لفترات طويلة له سلبيات عدة وخصوصاً الغياب للبحث عن ما يشبع رغباته واهتماماته الشخصية, ومن هذه السلبيات على سبيل المثال: فقدان الأبناء للجانب التربوي والعاطفي والنفسي والإحساس بغياب من يقوم على متابعة ورعاية سلوكياتهم أو يراقب تصرفاتهم خصوصاً في مرحلة المراهقة, مما يدفع بالكثيرين منهم إلى ممارسة سلوكيات خاطئة وأيضا يتوقف التوجيه التربوي الأبوي لديهم وهو الأهم في مسيرة تربية الأبناء. الأم تستطيع وبتوفيق من الله تربية أبنائها بالرغم من صعوبة هذه المهمة في هذا الزمن, فهي بحاجة ماسة إلى مساعدة وتوجيهات زوجها والعمل المشترك على تربية ومتابعة الأبناء, لما لذلك من مردود ايجابي على العملية التربوية وعلى بث الطمأنينة والتوازن النفسي والعاطفي في نفوس الأبناء بحيث لا يشعرون بغياب الأب عن المنزل ولا في انحصار دوره في توفير المأكل والمشرب والكساء!! الأب هو ربان السفينة الذي يقودها بإذن الله إلى شاطئ الأمان وهو المسؤول عن تنشئة وتربية أسرته, ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقول (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته). وهذا التوجيه بين الحقوق والواجبات لكل من الزوج والزوجة والأولاد, ومعلوم بأن الأب هو القدوة الحسنة لأبنائه في التعامل مع الآخرين وفي كافة تصرفاته وأفعاله وأقواله وهو الترجمة العملية لصلاحه وطاعته لأوامر الله. ومطلوب من الزوجين التعرف على كيفية مواجهة تربية الأبناء برفق وحزم في آن واحد, بحيث لا يكون التعامل قاسيا بالكلام أو الضرب وإنما من خلال إحساس الأبناء بحزم وإظهار عدم الرضا أو القبول على ما قام به الأبناء من تصرف, وهذا لا يعني بكل المقاييس التساهل وترك الحبل على الغارب وترك الأبناء يفعلون ما يريدون بل إن الحزم والجدية من قبل الوالدين مطلوبان لتحديد ما هو مقبول وغير مقبول, كما يقال (لا تكن صلباً فتكسر ولا ليناً فتعصر).
لكن ماذا عن الزوج الحاضر الغائب الذي هجر منزله وترك الزوجة والأبناء وأصبح منشغلاً باهتماماته ورغباته الخاصة من سفر ورحلات برية وسهر خارج المنزل في الاستراحات وغيرها حتى أصبحت اهتماماته التربوية والترفيهية والعائلية بأسرته تأتي في ذيل أولوياته. إن ضحية هذا التصرف غير المسؤول هم الزوجة والأبناء, فهم يترقبون عودته وينتظرون الفرصة تلو الفرصة للقاء والدهم وتكرمه عليهم ولو بوقت قليل, مع هذا قد لا يحظون منه بأي نوع من الاهتمام, ولا وجود لهم في حياته ولا يقوم بالحد الأدنى من الحقوق والواجبات لأسرته. إن الحياة الزوجية الناجحة هي تلك المعاشرة القائمة على المحبة والتعاون والتضحية وهي سكن ومودة ومنها تكونت الأسر والبيوت والمجتمعات والأمم وهو الأساس الذي تنبني عليه الأسرة المسلمة. الإسلام أكرم الإنسان وجعل كلاً من الزوجين مكملاً للآخر وأوضح ما للزواج والترابط الأسري من فوائد لا تحصى ولا تعد, إضافة إلى تحديد الضوابط للحياة الزوجية وفي ظل تعاليم الإسلام التي تهدف إلى بناء الأسرة السعيدة المتماسكة من خلال أقوى رباط اجتماعي متمثلاً في الزواج المشروع. قال تعالى {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}.
إن غياب الأب عن البيت لفترات متصلة وطويلة -بالرغم من قربه منهم- بدواعي إشباع اهتماماته وميوله الشخصية يفتح الباب على مصراعيه للأبناء لفعل ما يريدون, فهذا يقضي الساعات الطويلة في الانترنت وآخر خلف الفضائيات وآخر مع رفاق الشارع.. إلخ, إضافة إلى ضعف المحصول التربوي والمعرفي والاجتماعي والديني لديهم بسبب تخلي الأب عنهم خصوصاً ونحن ندرك بأن المنزل هو مدرسة متكاملة يقضي فيه الأبناء أطول وقت خلال أهم مرحلة عمرية, فإما أن يكون المنزل رافداً ومصدراً قوياً يزداد وينهل منه الأبناء ما يفيدهم في الدنيا والآخرة, وإما أن يكون عامل هدم وضياع, ولهذا فإن من المهم أن يتولد لدى الأبناء إحساس بالأمن والطمأنينة والثقة والمودة داخل منزلهم, لأن ذلك من مقومات التربية السليمة وهو بلا شك امتداد للعلاقة الناجحة بين الزوجين, فلا طعم للحياة الزوجية بدون أسرة متحابة ومتماسكة يسود أفرادها التقدير والاحترام والتلاحم المستمر وبحيث تكون بعد الله الملاذ الآمن لأفرادها وتتحقق من خلالها السعادة والراحة والآمال والطموحات, وتكون بعد الله لهم حصناً منيعاً من الانحراف والتشتت والضياع.
إن واجب الوالد البحث الدائم عن الأساليب والطرق التربوية المفيدة لأفراد أسرته والتي تحقق التوازن من خلالها المطلوب في كل شيء وبمشاركة زوجته, فمثلا يخصص للأبناء أياماً أو ساعات لحلق الذكر, والنزهة والسباحة وزيارة الأقارب ويخصص وقتاً لجلسة عائلية لتبادل الآراء والاستماع والإصغاء للأبناء والعمل على اكتشاف مواهب الأبناء وصقلها وتنميتها وتقدير كل ما يقوم به الأبناء من أعمال وكذلك منحهم الثقة مع أهمية وجود القدوة الحسنة للأبناء, فمن الخطأ الجسيم أن تكون أقوال الأب تخالف أفعاله, فلا ينهى الأبناء على سلوك أو عمل معين أو يطلب منهم مثلاً الذهاب للمسجد وهو لا يقوم بذلك فإن ردة فعل الأبناء سوف تكون قاسية ولا يكون لوالدهم أي شخصية اعتبارية. تربية الأبناء ليست مسؤولية الزوج لوحده, فالأم تقع عليها مسؤولية كبيرة, لأنها الأقرب والأكثر ملازمة للأبناء, فهي تقضي معظم أوقاتها بينهم. والأم لها تأثير كبير في صياغة وتشكيل شخصيات وقدرات أبنائها وخصوصاً في سن ما قبل المراهقة -وهي الأهم- ولابد من تقسيم الأدوار التربوية بين الأب والأم مع أهمية الاتفاق على طرق تربيتهم بعيداً عن أنظار الأبناء والحذر كل الحذر من ذكر عيوب كل من الزوجين في التربية أو غيرها أو الدخول في مشاجرة أمام الأبناء لما لذلك من سلبيات عديدة.
مجلس الشورى
تلعب الأسرة دوراً حيوياً ومؤثراً في وقاية أفرادها من الانحراف والتشتت والضياع, إذا ما نجحت في تأدية وظيفتها التربوية. لا شك أن للوالدين الدور الأكبر في تهيئة الظروف الملائمة لمتطلبات البناء الأسري السليم من خلال الاهتمام بالطفل وإعطائه أكبر قسط من الاهتمام التربوي والعاطفي والنفسي كي ينمو نفسياً وعاطفياً وبشكل متوازن مع نموه الجسمي والعقلي, وهذا يتطلب جهود الوالدين القائمة على المحبة والتفاهم والتعاون والرغبة المشتركة من أجل بناء أسرة سعيدة متماسكة.
إن غياب الأب عن الأسرة لفترات طويلة له سلبيات عدة وخصوصاً الغياب للبحث عن ما يشبع رغباته واهتماماته الشخصية, ومن هذه السلبيات على سبيل المثال: فقدان الأبناء للجانب التربوي والعاطفي والنفسي والإحساس بغياب من يقوم على متابعة ورعاية سلوكياتهم أو يراقب تصرفاتهم خصوصاً في مرحلة المراهقة, مما يدفع بالكثيرين منهم إلى ممارسة سلوكيات خاطئة وأيضا يتوقف التوجيه التربوي الأبوي لديهم وهو الأهم في مسيرة تربية الأبناء. الأم تستطيع وبتوفيق من الله تربية أبنائها بالرغم من صعوبة هذه المهمة في هذا الزمن, فهي بحاجة ماسة إلى مساعدة وتوجيهات زوجها والعمل المشترك على تربية ومتابعة الأبناء, لما لذلك من مردود ايجابي على العملية التربوية وعلى بث الطمأنينة والتوازن النفسي والعاطفي في نفوس الأبناء بحيث لا يشعرون بغياب الأب عن المنزل ولا في انحصار دوره في توفير المأكل والمشرب والكساء!! الأب هو ربان السفينة الذي يقودها بإذن الله إلى شاطئ الأمان وهو المسؤول عن تنشئة وتربية أسرته, ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقول (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته). وهذا التوجيه بين الحقوق والواجبات لكل من الزوج والزوجة والأولاد, ومعلوم بأن الأب هو القدوة الحسنة لأبنائه في التعامل مع الآخرين وفي كافة تصرفاته وأفعاله وأقواله وهو الترجمة العملية لصلاحه وطاعته لأوامر الله. ومطلوب من الزوجين التعرف على كيفية مواجهة تربية الأبناء برفق وحزم في آن واحد, بحيث لا يكون التعامل قاسيا بالكلام أو الضرب وإنما من خلال إحساس الأبناء بحزم وإظهار عدم الرضا أو القبول على ما قام به الأبناء من تصرف, وهذا لا يعني بكل المقاييس التساهل وترك الحبل على الغارب وترك الأبناء يفعلون ما يريدون بل إن الحزم والجدية من قبل الوالدين مطلوبان لتحديد ما هو مقبول وغير مقبول, كما يقال (لا تكن صلباً فتكسر ولا ليناً فتعصر).
لكن ماذا عن الزوج الحاضر الغائب الذي هجر منزله وترك الزوجة والأبناء وأصبح منشغلاً باهتماماته ورغباته الخاصة من سفر ورحلات برية وسهر خارج المنزل في الاستراحات وغيرها حتى أصبحت اهتماماته التربوية والترفيهية والعائلية بأسرته تأتي في ذيل أولوياته. إن ضحية هذا التصرف غير المسؤول هم الزوجة والأبناء, فهم يترقبون عودته وينتظرون الفرصة تلو الفرصة للقاء والدهم وتكرمه عليهم ولو بوقت قليل, مع هذا قد لا يحظون منه بأي نوع من الاهتمام, ولا وجود لهم في حياته ولا يقوم بالحد الأدنى من الحقوق والواجبات لأسرته. إن الحياة الزوجية الناجحة هي تلك المعاشرة القائمة على المحبة والتعاون والتضحية وهي سكن ومودة ومنها تكونت الأسر والبيوت والمجتمعات والأمم وهو الأساس الذي تنبني عليه الأسرة المسلمة. الإسلام أكرم الإنسان وجعل كلاً من الزوجين مكملاً للآخر وأوضح ما للزواج والترابط الأسري من فوائد لا تحصى ولا تعد, إضافة إلى تحديد الضوابط للحياة الزوجية وفي ظل تعاليم الإسلام التي تهدف إلى بناء الأسرة السعيدة المتماسكة من خلال أقوى رباط اجتماعي متمثلاً في الزواج المشروع. قال تعالى {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}.
إن غياب الأب عن البيت لفترات متصلة وطويلة -بالرغم من قربه منهم- بدواعي إشباع اهتماماته وميوله الشخصية يفتح الباب على مصراعيه للأبناء لفعل ما يريدون, فهذا يقضي الساعات الطويلة في الانترنت وآخر خلف الفضائيات وآخر مع رفاق الشارع.. إلخ, إضافة إلى ضعف المحصول التربوي والمعرفي والاجتماعي والديني لديهم بسبب تخلي الأب عنهم خصوصاً ونحن ندرك بأن المنزل هو مدرسة متكاملة يقضي فيه الأبناء أطول وقت خلال أهم مرحلة عمرية, فإما أن يكون المنزل رافداً ومصدراً قوياً يزداد وينهل منه الأبناء ما يفيدهم في الدنيا والآخرة, وإما أن يكون عامل هدم وضياع, ولهذا فإن من المهم أن يتولد لدى الأبناء إحساس بالأمن والطمأنينة والثقة والمودة داخل منزلهم, لأن ذلك من مقومات التربية السليمة وهو بلا شك امتداد للعلاقة الناجحة بين الزوجين, فلا طعم للحياة الزوجية بدون أسرة متحابة ومتماسكة يسود أفرادها التقدير والاحترام والتلاحم المستمر وبحيث تكون بعد الله الملاذ الآمن لأفرادها وتتحقق من خلالها السعادة والراحة والآمال والطموحات, وتكون بعد الله لهم حصناً منيعاً من الانحراف والتشتت والضياع.
إن واجب الوالد البحث الدائم عن الأساليب والطرق التربوية المفيدة لأفراد أسرته والتي تحقق التوازن من خلالها المطلوب في كل شيء وبمشاركة زوجته, فمثلا يخصص للأبناء أياماً أو ساعات لحلق الذكر, والنزهة والسباحة وزيارة الأقارب ويخصص وقتاً لجلسة عائلية لتبادل الآراء والاستماع والإصغاء للأبناء والعمل على اكتشاف مواهب الأبناء وصقلها وتنميتها وتقدير كل ما يقوم به الأبناء من أعمال وكذلك منحهم الثقة مع أهمية وجود القدوة الحسنة للأبناء, فمن الخطأ الجسيم أن تكون أقوال الأب تخالف أفعاله, فلا ينهى الأبناء على سلوك أو عمل معين أو يطلب منهم مثلاً الذهاب للمسجد وهو لا يقوم بذلك فإن ردة فعل الأبناء سوف تكون قاسية ولا يكون لوالدهم أي شخصية اعتبارية. تربية الأبناء ليست مسؤولية الزوج لوحده, فالأم تقع عليها مسؤولية كبيرة, لأنها الأقرب والأكثر ملازمة للأبناء, فهي تقضي معظم أوقاتها بينهم. والأم لها تأثير كبير في صياغة وتشكيل شخصيات وقدرات أبنائها وخصوصاً في سن ما قبل المراهقة -وهي الأهم- ولابد من تقسيم الأدوار التربوية بين الأب والأم مع أهمية الاتفاق على طرق تربيتهم بعيداً عن أنظار الأبناء والحذر كل الحذر من ذكر عيوب كل من الزوجين في التربية أو غيرها أو الدخول في مشاجرة أمام الأبناء لما لذلك من سلبيات عديدة.
مجلس الشورى