بدر البلوي
07-10-2006, 03:28 AM
موضوع مهم نقلته لكم :::
الختان بين موازين الطب والشريعة
بحث للعلامة الدكتور الطبيب محمد نزار الدقر
لتعريف اللغوي:
الختان بكسر الخاء اسم لفعل الخاتن ويسمى به موضع الختن، وهو الجلدة التي تقطع والتي تغطي الحشفة عادة، وختان الرجل هو الحرف المستدير على أسفل الحشفة وأما ختان المرأة فهي الجلد كعرف الديك فوق الفرج تعرف بالبظر، وهو عضو انتصابي عند المرأة مثل القضيب لكنه صغير الحجم ولا تخترقه قناة البول.
الختان عبر التاريخ :
تشير المصادر التاريخية إلى أن بعض الأقوام القديمة قد عرفت الختان، وفي إنجيل برنابا (2) إشارة إلى أن آدم عليه السلام كان أول من اختتن وأنه فعله بعد توبته من أكل الشجرة ولعل ذريته تركوا سنته حتى أمر الله سبحانه نبيه إبراهيم عليه السلام بإحيائها.
وقد وجدت ألواح طينية ترجع إلى الحضارتين البابلية والسومرية [3500 ق.م] ذكرت تفاصيل عن عملية الختان(3)، كما وجدت لوحة في قبر عنخ آمون [ 2200ق.م] تصف عملية الختان عند الفراعنة وتشير إلى أنهم طبقوا مرهماً مخدراً على الحشفة قبل الشروع في إجرائها، وأنهم كانوا يجرون الختان لغرض صحي .
وأهتم اليهود بالختان (4) واعتبر التلمود من لم يختتن من الوثنيين الأشرار فقد جاء في سفر التثنية :" أختتنوا للرب وانزعوا غرل قلوبكم يا رجال يهوذا وسكان أورشليم " .
أما في النصرانية فالأصل فيها الختان، وتشير نصوص من إنجيل برنابا إلى أن المسيح قد أختتن وأنه أمر أبتاعه بالختان، لكن النصارى لا يختتنون (5).
أما العرب في جاهليتهم فقد كانوا يختتنون اتباعاً لسنة أبيهم إبراهيم .
وذكر القرطبي (6) إجماع العلماء على أن إبراهيم عليه السلام أول من أختتن.
فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كان إبراهيم أول من اختتن ، وأول من رأى الشيب وأول من قص شاربه وأول من استحد"[1] (http://www.55a.net/123.htm#_ftn1).
وفد فصل ابن القيم (7) في ختان النبي صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أقوال ، ويرى أنها كلها تعتمد على أحاديث ضعيفة، أو أنه ليس لها إسناد قائم أو أن في إسنادها عدة مجاهيل مع التناقض الكبير في متونها.
فالقول الأول وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد مختوناً، فهو علاوة على ضعف إسناده، فهو يتناقض مع حديث صحيح اعتبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن الختان من الفطرة، ذلك أن الابتلاء مع الصبر مما يضاعف أجر المبتلى وثوابه، والأليق بحال النبي صلى الله عليه وسلم ألا يُسلب هذه الفضيلة .
والقول الثاني أن الملك ختنه حين شق صدره لا يصح له إسناد مطلقاً، والأرجح القول الثالث وهو أن جده عبد المطلب ختنه على عادة العرب وسماه محمداً وأقام له وليمة يوم سابعة .
الختان في السنة النبوية المطهرة :
دعا الإسلام إلى الختان دعوة صريحة و جعله على رأس خصال الفطرة البشرية، فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " الفطرة خمس : الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار وقص الشارب " البخاري رقم/5439/.
وجاءت دعوة الإسلام إلى الختان متوافقة مع الحنيفية ـ ملة إبراهيم عليه السلام ـ فكان الختان كما أورد القرطبي عن عبد الله بن عباس ـ من الكلمات التي ابتلى بها إبراهيم ربه بهن فأتمهن وأكملهن فجعله إماماً للناس .
كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يؤكد امتداحه لفعل إبراهيم هذا، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : "اختتن إبراهيم بعدما مرت عليه ثمانون سنة، اختتن بالقدوم" رواه البخاري ومسلم والقدوم آلة صغيرة، وقيل هو موضع بالشام.
وعن موسى بن علي اللخمي عن أبيه قال : " أمر الله إبراهيم فاختتن بقدوم فاشتد عليه الوجع فأوحى الله عز وجل إليه، عجلت قبل أن نأمرك بالآلة، قال : يا رب كرهت أن أؤخر أمرك " أخرجه البيهقي بسند حسن.
وعن شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الختان سنة الرجال، ومكرمة للنساء" أخرجه أحمد في مسنده والبيهقي وقال حديث ضعيف منقطع.
وعن كثيم بن كليب عن أبيه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قد أسلمت فقال النبي صلى الله عليه وسلم "ألق عنك شعر الكفر واختتن " أخرجه أحمد وأبو داود، وقال السيوطي بضعفه وفي أسناده مجهولان (نيل الأوطار)، وقد أورده ابن حجر في التلخيص ولم يضعفه ولكن برواية : " من أسلم فليختتن ".
الحكم الفقهي في الختان :
يقول ابن القيم(7) : اختلف الفقهاء في حكم الختان، فقال الأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد هو واجب، وشدد مالك حتى قال : من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته. ونقل كثير من الفقهاء عن مالك أنه سنة حتى قال القاضي عياض : الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة، السنة عندهم يأثم بتركها فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب.
وذهب البصري وأبو حنيفة : لا يجب بل هو سنة، ونقل عنه قوله : قد أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس: الأسود والأبيض فما فتش أحداً.
وخلاصة القول: وذهب الشافعية وبعض المالكية بوجوب الختان للرجال والنساء، و ذهب مالك وأصحابه على أنه سنة للرجال و مستحب للنساء، وذهب أحمد إلى أنه واجب في حق الرجال و سنة للنساء وذهب أبو حنيفة إلى أنه سنة، لكن يأثم تاركه... ويتابع ابن القيم : " ولا يخرج الختان عن كونه واجباً أو سنة مؤكدة، لكنه في حق الرجال آكد لغلظ القلفة ووقوعها على الإحليل فيجتمع تحتها ما بقي من البول، ولا تتم الطهارة ـ المطلوبة في كل وقت والواجبة في الصلاة ـ إلا بإزالتها .
ويقول النووي
(8): " ويجب الختان لقوله تعالى : " (أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً ) . ولأنه لو لم يكن واجباً لما كشفت له العورة، لأنه كشف العورة محرم، فلما كشفت له العورة دل على وجوبه " .
ويعدد ابن القيم المواضع التي يسقط فيها وجوب الختان : منها " أن يولد الرجل ولا قلفة له، وضعف المولود عن احتماله بحيث يخاف عليه من التلف، وأن يسلم الرجل كبيراً ويخشى على نفسه منه، والموت فلا ينبغي ختان الميت باتفاق الأمة ولأن النبي صلى الله عليه قد أخبر أن الميت يبعث يوم القيامة بغرلته غير مختون فليس ثمة فائدة من ختنه عند الموت ".
وهنا يأتي دور الطب إذ يحدد أمراضاً (3) تمنع حاملها من أن يعمد إلى ختانه. منها إصابة الطفل بالتهاب الكبد الإنتاني (اليرقان) أو إصابته بأحد الأمراض المنتقلة بالجنس كالإفرنجي والإيدز، ففي هذه الحالات يجب معالجة المولود حتى يتم شفاؤه أو إعداده بشكل يكفل سلامته قبل إجراء الختان.
وقد أتفق الجمهور على عدم ثبوت وقت معين للختان، لكن من أوجبه من الفقهاء جعلوا البلوغ " وقت الوجوب " لأنه سن التكليف، لكن يستحب للولي أن يختن الصغير لأنه أرفق به " .
وقال النووي باستحباب الختان لسابع يوم من ولادته لما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : " عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين رضي الله عنهما وختنهما لسبعة أيام [2] (http://www.55a.net/123.htm#_ftn2).
إلا أن يكون ضعيفاً لا يحتمله، فيؤخره حتى يحتمله ويبقى الأمر على الندب إلى قبيل البلوغ، فإن لم يختتن حتى بلوغه وجب في حقه حينئذ.
وفي هذا يقول ابن القيم (7) : " وعندي يجب على الولي أن يختن الصبي قبل البلوغ بحيث يبلغ مختوناً فإن ذلك مما لا يتم الواجب إلا به ".
وقال النووي(8): " وأما الرجل الكبير يسلم فالختان واجب على الفور إلا أن يكون ضعيفاً لا يحتمله بحيث لو ختن خيف عليه، فينتظر حتى يغلب على الظن سلامته ".
يقول د. محمد علي البار (5) أن الأبحاث الطبية أثبتت فائدة الختان العظمى في الطفولة المبكرة ابتداءً من يوم ولادته وحتى الأربعين يوماً من عمره على الأكثر، وكلما تأخر الختان بعدها كثرت الالتهابات في القلفة والحشفة والمجاري البولية.
وفي حكمة الختان يقول ابن القيم (7) : " .. فشرع الله للختان صيغة الحنيفية وجعل ميسمها الختان.. هذا عدا ما في الختان من الطهارة والنظافة والتزين وتحسين الخلقة وتعديل الشهوة التي إذا أفرطت ألحقت الإنسان بالحيوانات، فالختان يعدلها ولهذا تجد الأقلف من الرجال والقلفاء من النسا لا يشبع من الجماع. والحكمة التي ذكرناها في الختان تعم الذكر والأنثى وإن كانت في الذكر أبين والله أعلم ".
أما في بيان القدر الذي يوخذ في الختان فقد ذكر النووي(8) أن الواجب في ختان الرجل قطع الجلد التي تغطي الحشفة كلها فإن قطع بعضها وجب قطع الباقي ثانياً.
ويستحب أن يقتصر في المرأة على شيء يسير ولا يبالغ في القطع.
الختان ينتصر :
في عام 1990 كتب البروفيسور ويزويل : (18)"لقد كنت من اشد أعداء الختان و شاركت في الجهود التي بذلت عام 1975 ضد إجرائه، إلا أنه في بداية الثمانينات أظهرت الدراسات الطبية زيادة في نسبة حوادث التهابات المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين، و بعد تمحيص دقيق للأبحاث التي نشرت، فقد وصلت إلى نتيجة مخالفة وأصبحت من أنصار جعل الختان أمراً روتينياً يجب أن يجري لكل مولود " .
نعم ! لقد عادت الفطرة البشرية لتثبت من جديد أنها الفطرة التي لا تتغير على مدى العصور، وأن دعوة الأنبياء من عهد إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليتحلى المؤمن ويتخلق بخصال الفطرة هي دعوة حق إلى سعادة البشر جميعاً.
الحكم الصحية من ختان الذكور :
أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن أمراضاً عديدة في الجهاز التناسلي بعضها مهلك للإنسان تشاهد بكثرة عند غير المختونين بينما هي نادرة معدومة عند المختونين (1).
1 ـ الختان وقاية من الالتهابات الموضعية في القضيب : فالقلفة التي تحيط برأس القضيب تشكل جوفاً ذو فتحة ضيقة يصعب تنضيفها، إذ تتجمع فيه مفرزات القضيب المختلفة بما فيها ما يفرز سطح القلفة الداخلي من مادة بيضاء ثخينة تدعى " اللخن "Smegma وبقايا البول والخلايا المتوسفة والتي تساعد على نمو الجراثيم المختلفة مؤدية إلى التهاب الحشفة أو التهاب الحشفة و القلفة الحاد أو المزمن والتي يصبح معها الختان أمراً علاجياً لا مفر منه(5) وقد تؤدي إلى التهاب المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين.
وتؤكد دراسة د.شوبن (9) أن ختان الوليد يسهل نظافة الأعضاء الجنسية ويمنع تجمع الجراثيم تحت القلفة في تفرة الطفولة، وأكد د.فرغسون(4) أن الأطفال غير المختونين هم أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الحشفة وتضيق القلفة Phemosis من المختونين.
2 ـ الختان يقي الأطفال من الإصابة بالتهاب المجاري البولية : وجد جنز برغ (4) أن 95% من التهابات المجاري البولية عند الأطفال تحدث عند غير المختونين. ويؤكد أن جعل الختان أمراً روتينياً يجري لكل مولود في الولايات المتحدة منع حدوث أكثر من 50 ألف حالة من التهاب الحويضة والكلية سنوياً عند الأطفال. وتؤكد مصادر د. محمد علي البار (5) الخطورة البالغة لالتهاب المجاري البولية عند الأطفال وأنها تؤدي في 35% من الحالات إلى تجرثم الدم وقد تؤدي إلى التهاب السحايا والفشل الكلوي.
3 ـ الختان و الأمراض الجنسية : أكد البروفيسور وليم بيكوز(10) الذي عمل في البلاد العربية لأكثر من عشرين عاماً، وفحص أكثر من 30 ألف امرأة، ندرة الأمراض الجنسية عندهم وخاصة العقبول التناسلي والسيلان والكلاميديا والتريكوموناز وسرطان عنق الرحم، ويُرجع ذلك لسببين هامين ندرة الزنى وختان الرجال.
ويرى آريا وزملاؤه (5) أن للختان دوراً وقائياً هاماً من الإصابة بكثير من الأمراض الجنسية وخاصة العقبول والثآليل التناسلية. كما عدد فنك (11)Fink أكثر من 60 دراسة علمية أثبتت كلها ازدياد حدوث الأمراض الجنسية عند غير المختونين.
وأورد د. ماركس Marks(4) خلاصة 3 دراسات تثبت انخفاض نسبة مرض الإيدز عند المختونين، في حين وجد سيمونس وزملاؤه أن احتمال الإصابة بالإيدز بعد التعرض لفيروساته عند غير المختونين هي تسعة أضعاف ما هو عليه عند المختونين.
أليس هذا بالأمر العجيب(4) ؟
حتى أولئك الذين يجرؤون على معصية الله يجدون في التزامهم بخصلة من خصال الفطرة إمكانية أن تدفع عنهم ويلات هذا الداء الخبيت، لكن لا ننكر أن الوقاية التامة من الإيدز تكون بالعفة والامتناع عن الزنى.
4 ـ الختان و الوقاية من السرطان :
يقول البرفسور كلو دري(12): " يمكن القول و بدون مبالغة بأن الختان الذي يجري للذكور في سن مبكرة يخفض كثيراً من نسبة حدوث سرطان القضيب عندهم، مما يجعل الختان عملية ضرورية لابد منها للوقاية من حدوث الأورام الخبيثة ".
وقد أحصى د.أولبرتس (13) [1103] مرضى مصابين بسرطان القضيب في الولايات المتحدة، لم يكن من بينهم رجل واحد مختون منذ طفولته.
( يتبع ) ***
الختان بين موازين الطب والشريعة
بحث للعلامة الدكتور الطبيب محمد نزار الدقر
لتعريف اللغوي:
الختان بكسر الخاء اسم لفعل الخاتن ويسمى به موضع الختن، وهو الجلدة التي تقطع والتي تغطي الحشفة عادة، وختان الرجل هو الحرف المستدير على أسفل الحشفة وأما ختان المرأة فهي الجلد كعرف الديك فوق الفرج تعرف بالبظر، وهو عضو انتصابي عند المرأة مثل القضيب لكنه صغير الحجم ولا تخترقه قناة البول.
الختان عبر التاريخ :
تشير المصادر التاريخية إلى أن بعض الأقوام القديمة قد عرفت الختان، وفي إنجيل برنابا (2) إشارة إلى أن آدم عليه السلام كان أول من اختتن وأنه فعله بعد توبته من أكل الشجرة ولعل ذريته تركوا سنته حتى أمر الله سبحانه نبيه إبراهيم عليه السلام بإحيائها.
وقد وجدت ألواح طينية ترجع إلى الحضارتين البابلية والسومرية [3500 ق.م] ذكرت تفاصيل عن عملية الختان(3)، كما وجدت لوحة في قبر عنخ آمون [ 2200ق.م] تصف عملية الختان عند الفراعنة وتشير إلى أنهم طبقوا مرهماً مخدراً على الحشفة قبل الشروع في إجرائها، وأنهم كانوا يجرون الختان لغرض صحي .
وأهتم اليهود بالختان (4) واعتبر التلمود من لم يختتن من الوثنيين الأشرار فقد جاء في سفر التثنية :" أختتنوا للرب وانزعوا غرل قلوبكم يا رجال يهوذا وسكان أورشليم " .
أما في النصرانية فالأصل فيها الختان، وتشير نصوص من إنجيل برنابا إلى أن المسيح قد أختتن وأنه أمر أبتاعه بالختان، لكن النصارى لا يختتنون (5).
أما العرب في جاهليتهم فقد كانوا يختتنون اتباعاً لسنة أبيهم إبراهيم .
وذكر القرطبي (6) إجماع العلماء على أن إبراهيم عليه السلام أول من أختتن.
فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كان إبراهيم أول من اختتن ، وأول من رأى الشيب وأول من قص شاربه وأول من استحد"[1] (http://www.55a.net/123.htm#_ftn1).
وفد فصل ابن القيم (7) في ختان النبي صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أقوال ، ويرى أنها كلها تعتمد على أحاديث ضعيفة، أو أنه ليس لها إسناد قائم أو أن في إسنادها عدة مجاهيل مع التناقض الكبير في متونها.
فالقول الأول وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد مختوناً، فهو علاوة على ضعف إسناده، فهو يتناقض مع حديث صحيح اعتبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن الختان من الفطرة، ذلك أن الابتلاء مع الصبر مما يضاعف أجر المبتلى وثوابه، والأليق بحال النبي صلى الله عليه وسلم ألا يُسلب هذه الفضيلة .
والقول الثاني أن الملك ختنه حين شق صدره لا يصح له إسناد مطلقاً، والأرجح القول الثالث وهو أن جده عبد المطلب ختنه على عادة العرب وسماه محمداً وأقام له وليمة يوم سابعة .
الختان في السنة النبوية المطهرة :
دعا الإسلام إلى الختان دعوة صريحة و جعله على رأس خصال الفطرة البشرية، فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " الفطرة خمس : الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار وقص الشارب " البخاري رقم/5439/.
وجاءت دعوة الإسلام إلى الختان متوافقة مع الحنيفية ـ ملة إبراهيم عليه السلام ـ فكان الختان كما أورد القرطبي عن عبد الله بن عباس ـ من الكلمات التي ابتلى بها إبراهيم ربه بهن فأتمهن وأكملهن فجعله إماماً للناس .
كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يؤكد امتداحه لفعل إبراهيم هذا، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : "اختتن إبراهيم بعدما مرت عليه ثمانون سنة، اختتن بالقدوم" رواه البخاري ومسلم والقدوم آلة صغيرة، وقيل هو موضع بالشام.
وعن موسى بن علي اللخمي عن أبيه قال : " أمر الله إبراهيم فاختتن بقدوم فاشتد عليه الوجع فأوحى الله عز وجل إليه، عجلت قبل أن نأمرك بالآلة، قال : يا رب كرهت أن أؤخر أمرك " أخرجه البيهقي بسند حسن.
وعن شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الختان سنة الرجال، ومكرمة للنساء" أخرجه أحمد في مسنده والبيهقي وقال حديث ضعيف منقطع.
وعن كثيم بن كليب عن أبيه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قد أسلمت فقال النبي صلى الله عليه وسلم "ألق عنك شعر الكفر واختتن " أخرجه أحمد وأبو داود، وقال السيوطي بضعفه وفي أسناده مجهولان (نيل الأوطار)، وقد أورده ابن حجر في التلخيص ولم يضعفه ولكن برواية : " من أسلم فليختتن ".
الحكم الفقهي في الختان :
يقول ابن القيم(7) : اختلف الفقهاء في حكم الختان، فقال الأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد هو واجب، وشدد مالك حتى قال : من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته. ونقل كثير من الفقهاء عن مالك أنه سنة حتى قال القاضي عياض : الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة، السنة عندهم يأثم بتركها فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب.
وذهب البصري وأبو حنيفة : لا يجب بل هو سنة، ونقل عنه قوله : قد أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس: الأسود والأبيض فما فتش أحداً.
وخلاصة القول: وذهب الشافعية وبعض المالكية بوجوب الختان للرجال والنساء، و ذهب مالك وأصحابه على أنه سنة للرجال و مستحب للنساء، وذهب أحمد إلى أنه واجب في حق الرجال و سنة للنساء وذهب أبو حنيفة إلى أنه سنة، لكن يأثم تاركه... ويتابع ابن القيم : " ولا يخرج الختان عن كونه واجباً أو سنة مؤكدة، لكنه في حق الرجال آكد لغلظ القلفة ووقوعها على الإحليل فيجتمع تحتها ما بقي من البول، ولا تتم الطهارة ـ المطلوبة في كل وقت والواجبة في الصلاة ـ إلا بإزالتها .
ويقول النووي
(8): " ويجب الختان لقوله تعالى : " (أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً ) . ولأنه لو لم يكن واجباً لما كشفت له العورة، لأنه كشف العورة محرم، فلما كشفت له العورة دل على وجوبه " .
ويعدد ابن القيم المواضع التي يسقط فيها وجوب الختان : منها " أن يولد الرجل ولا قلفة له، وضعف المولود عن احتماله بحيث يخاف عليه من التلف، وأن يسلم الرجل كبيراً ويخشى على نفسه منه، والموت فلا ينبغي ختان الميت باتفاق الأمة ولأن النبي صلى الله عليه قد أخبر أن الميت يبعث يوم القيامة بغرلته غير مختون فليس ثمة فائدة من ختنه عند الموت ".
وهنا يأتي دور الطب إذ يحدد أمراضاً (3) تمنع حاملها من أن يعمد إلى ختانه. منها إصابة الطفل بالتهاب الكبد الإنتاني (اليرقان) أو إصابته بأحد الأمراض المنتقلة بالجنس كالإفرنجي والإيدز، ففي هذه الحالات يجب معالجة المولود حتى يتم شفاؤه أو إعداده بشكل يكفل سلامته قبل إجراء الختان.
وقد أتفق الجمهور على عدم ثبوت وقت معين للختان، لكن من أوجبه من الفقهاء جعلوا البلوغ " وقت الوجوب " لأنه سن التكليف، لكن يستحب للولي أن يختن الصغير لأنه أرفق به " .
وقال النووي باستحباب الختان لسابع يوم من ولادته لما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : " عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين رضي الله عنهما وختنهما لسبعة أيام [2] (http://www.55a.net/123.htm#_ftn2).
إلا أن يكون ضعيفاً لا يحتمله، فيؤخره حتى يحتمله ويبقى الأمر على الندب إلى قبيل البلوغ، فإن لم يختتن حتى بلوغه وجب في حقه حينئذ.
وفي هذا يقول ابن القيم (7) : " وعندي يجب على الولي أن يختن الصبي قبل البلوغ بحيث يبلغ مختوناً فإن ذلك مما لا يتم الواجب إلا به ".
وقال النووي(8): " وأما الرجل الكبير يسلم فالختان واجب على الفور إلا أن يكون ضعيفاً لا يحتمله بحيث لو ختن خيف عليه، فينتظر حتى يغلب على الظن سلامته ".
يقول د. محمد علي البار (5) أن الأبحاث الطبية أثبتت فائدة الختان العظمى في الطفولة المبكرة ابتداءً من يوم ولادته وحتى الأربعين يوماً من عمره على الأكثر، وكلما تأخر الختان بعدها كثرت الالتهابات في القلفة والحشفة والمجاري البولية.
وفي حكمة الختان يقول ابن القيم (7) : " .. فشرع الله للختان صيغة الحنيفية وجعل ميسمها الختان.. هذا عدا ما في الختان من الطهارة والنظافة والتزين وتحسين الخلقة وتعديل الشهوة التي إذا أفرطت ألحقت الإنسان بالحيوانات، فالختان يعدلها ولهذا تجد الأقلف من الرجال والقلفاء من النسا لا يشبع من الجماع. والحكمة التي ذكرناها في الختان تعم الذكر والأنثى وإن كانت في الذكر أبين والله أعلم ".
أما في بيان القدر الذي يوخذ في الختان فقد ذكر النووي(8) أن الواجب في ختان الرجل قطع الجلد التي تغطي الحشفة كلها فإن قطع بعضها وجب قطع الباقي ثانياً.
ويستحب أن يقتصر في المرأة على شيء يسير ولا يبالغ في القطع.
الختان ينتصر :
في عام 1990 كتب البروفيسور ويزويل : (18)"لقد كنت من اشد أعداء الختان و شاركت في الجهود التي بذلت عام 1975 ضد إجرائه، إلا أنه في بداية الثمانينات أظهرت الدراسات الطبية زيادة في نسبة حوادث التهابات المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين، و بعد تمحيص دقيق للأبحاث التي نشرت، فقد وصلت إلى نتيجة مخالفة وأصبحت من أنصار جعل الختان أمراً روتينياً يجب أن يجري لكل مولود " .
نعم ! لقد عادت الفطرة البشرية لتثبت من جديد أنها الفطرة التي لا تتغير على مدى العصور، وأن دعوة الأنبياء من عهد إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليتحلى المؤمن ويتخلق بخصال الفطرة هي دعوة حق إلى سعادة البشر جميعاً.
الحكم الصحية من ختان الذكور :
أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن أمراضاً عديدة في الجهاز التناسلي بعضها مهلك للإنسان تشاهد بكثرة عند غير المختونين بينما هي نادرة معدومة عند المختونين (1).
1 ـ الختان وقاية من الالتهابات الموضعية في القضيب : فالقلفة التي تحيط برأس القضيب تشكل جوفاً ذو فتحة ضيقة يصعب تنضيفها، إذ تتجمع فيه مفرزات القضيب المختلفة بما فيها ما يفرز سطح القلفة الداخلي من مادة بيضاء ثخينة تدعى " اللخن "Smegma وبقايا البول والخلايا المتوسفة والتي تساعد على نمو الجراثيم المختلفة مؤدية إلى التهاب الحشفة أو التهاب الحشفة و القلفة الحاد أو المزمن والتي يصبح معها الختان أمراً علاجياً لا مفر منه(5) وقد تؤدي إلى التهاب المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين.
وتؤكد دراسة د.شوبن (9) أن ختان الوليد يسهل نظافة الأعضاء الجنسية ويمنع تجمع الجراثيم تحت القلفة في تفرة الطفولة، وأكد د.فرغسون(4) أن الأطفال غير المختونين هم أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الحشفة وتضيق القلفة Phemosis من المختونين.
2 ـ الختان يقي الأطفال من الإصابة بالتهاب المجاري البولية : وجد جنز برغ (4) أن 95% من التهابات المجاري البولية عند الأطفال تحدث عند غير المختونين. ويؤكد أن جعل الختان أمراً روتينياً يجري لكل مولود في الولايات المتحدة منع حدوث أكثر من 50 ألف حالة من التهاب الحويضة والكلية سنوياً عند الأطفال. وتؤكد مصادر د. محمد علي البار (5) الخطورة البالغة لالتهاب المجاري البولية عند الأطفال وأنها تؤدي في 35% من الحالات إلى تجرثم الدم وقد تؤدي إلى التهاب السحايا والفشل الكلوي.
3 ـ الختان و الأمراض الجنسية : أكد البروفيسور وليم بيكوز(10) الذي عمل في البلاد العربية لأكثر من عشرين عاماً، وفحص أكثر من 30 ألف امرأة، ندرة الأمراض الجنسية عندهم وخاصة العقبول التناسلي والسيلان والكلاميديا والتريكوموناز وسرطان عنق الرحم، ويُرجع ذلك لسببين هامين ندرة الزنى وختان الرجال.
ويرى آريا وزملاؤه (5) أن للختان دوراً وقائياً هاماً من الإصابة بكثير من الأمراض الجنسية وخاصة العقبول والثآليل التناسلية. كما عدد فنك (11)Fink أكثر من 60 دراسة علمية أثبتت كلها ازدياد حدوث الأمراض الجنسية عند غير المختونين.
وأورد د. ماركس Marks(4) خلاصة 3 دراسات تثبت انخفاض نسبة مرض الإيدز عند المختونين، في حين وجد سيمونس وزملاؤه أن احتمال الإصابة بالإيدز بعد التعرض لفيروساته عند غير المختونين هي تسعة أضعاف ما هو عليه عند المختونين.
أليس هذا بالأمر العجيب(4) ؟
حتى أولئك الذين يجرؤون على معصية الله يجدون في التزامهم بخصلة من خصال الفطرة إمكانية أن تدفع عنهم ويلات هذا الداء الخبيت، لكن لا ننكر أن الوقاية التامة من الإيدز تكون بالعفة والامتناع عن الزنى.
4 ـ الختان و الوقاية من السرطان :
يقول البرفسور كلو دري(12): " يمكن القول و بدون مبالغة بأن الختان الذي يجري للذكور في سن مبكرة يخفض كثيراً من نسبة حدوث سرطان القضيب عندهم، مما يجعل الختان عملية ضرورية لابد منها للوقاية من حدوث الأورام الخبيثة ".
وقد أحصى د.أولبرتس (13) [1103] مرضى مصابين بسرطان القضيب في الولايات المتحدة، لم يكن من بينهم رجل واحد مختون منذ طفولته.
( يتبع ) ***