عمر البلوي
09-09-2003, 09:38 PM
تفجير الأفكار سبب لتفجير الديار
صالح بن فوزان الفوزان *
الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فإنه لما حصل التفجير والتخريب من جماعة من الشباب غرر بهم ولقنوا أفكارا فاسدة من قبل أعداء الإسلام والمسلمين أجمع كل المحللين على أن سبب هذا العمل الإجرامي هو بعد الشباب عن العلماء الراسخين الموثوقين وقال بعض هؤلاء المحللين إن العلماء مقصرون في توجيه هؤلاء الشباب وتحصينهم من تلك الأفكار الهدامة وأقول لاشك أن على العلماء واجباً عظيماً في هذا المجال ولكني أقول:
أولاً: هؤلاء الشباب الذين تلقنوا تلك الأفكار الهدامة ينفرون من العلماء ومن المجتمع كله بل من والديهم وأقاربهم ولا يرون في المساجد ولا في ملتقى الناس وتجمعاتهم وإنما يفرون إلى أمكنة مجهولة يتلقون فيها التوجيهات من قادتهم وزملائهم فكيف يتمكن العلماء من اللقاء بهم وهم يفرون ويتحاذرون منهم.
ثانياً: هناك من يسقط منزلة العلماء في المجتمع من خلال الفضائيات ومن خلال بعض الصحف فهناك من يسب الأئمة القدامى كالإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية وشيخ الإسلام محمد ابن عبدالوهاب وغيرهم، وهناك من يقلل من شأن العلماء المعاصرين ويصفهم بالتشدد والسطحية في التفكير وقصور النظر وأنهم لا يفهمون فقه الواقع وأنهم علماء جزئيات وأصحاب مناصب أو علماء سلاطين أو عملاء وغير ذلك من الألقاب المنفرة عنهم، ويلمعون للشباب أصحاب المناهج الجديدة والمفكرين الذين ليس عندهم علم بالأحكام الشرعية وإنما عندهم ثقافة عامة لا تفرق بين صحيح وسقيم في العقيدة، فكيف يُلقى باللائمة مع هذه المعوقات على العلماء، أو يقال إنهم في بروج عاجية لا يلتقون بالشباب ولا ينزلون في الميادين... الخ.
ثالثاً: هناك من يقولون إذا أفتى العلماء بخلاف ما يهوون فإن العلم ليس مقصورا على علماء المملكة فهناك علماء يرون غير هذا الرأي الذي رآه علماء المملكة وكأن الشريعة في نظر هؤلاء تؤخذ من آراء الرجال والله تعالى يقول: {(فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء:59)
فالله لم يكلنا عند الاختلاف إلى آراء العلماء وإنما أمرنا بالرد إلى كتابه وسنة رسوله والأخذ بالذي يعضده الدليل من أقوال العلماء فإن لم يظهر الدليل مع أحدهم وصارت الأقوال متساوية فإن العمل على ما عليه القضاء والفتوى في البلد على القاعدة التي تقول: (حكم الحاكم يرفع الخلاف) فالأمور الشرعية ـ ولله الحمد ـ منضبطة وليست فوضى بحسب الأهواء والرغبات. والذين يقولون هذه الأقوال في حق العلماء يريدون نزع الثقة بهم وفصل المجتمع ـ وخصوصا ـ الشباب عنهم وهذا هدم وتضييع والشاعر يقول:
متى يبلغ البنيان يوم تمامه
إذا كنت تبني وغيرك يهدم
ويقول الآخر:
أرى ألف بان لا تقوم لهادم
فكيف ببان خلفه ألف هادم
واذا لم ترد الأمور إلى أهل العلم الراسخين وأهل الرأي الحصيف من العقلاء ضاعت الأمور واختلطت المعايير كما قال الشاعر:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جهالهم سادوا
والله تعالى يقول: {(وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً) (النساء:83)
فالواجب ألا يتدخل في القضايا العامة وحل المشكلات المعضلة إلى أهل العلم وساسة الأمة ولا يتدخل في ذلك أصحاب الأهواء والنزعات، نسأل الله أن يوفق علماءنا وولاة أمورنا لما فيه الخير والصلاح، وأن يجعلهم هداة مهتدين، وأن يصلح بطانتهم ويبعد عنهم بطانة السوء والمفسدين، وأن يصلح ولاة أمور المسلمين في كل مكان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
*عضو هيئة كبار العلماء
المصدر: http://www.al-jazirah.com/277101/ln59d.htm
صالح بن فوزان الفوزان *
الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فإنه لما حصل التفجير والتخريب من جماعة من الشباب غرر بهم ولقنوا أفكارا فاسدة من قبل أعداء الإسلام والمسلمين أجمع كل المحللين على أن سبب هذا العمل الإجرامي هو بعد الشباب عن العلماء الراسخين الموثوقين وقال بعض هؤلاء المحللين إن العلماء مقصرون في توجيه هؤلاء الشباب وتحصينهم من تلك الأفكار الهدامة وأقول لاشك أن على العلماء واجباً عظيماً في هذا المجال ولكني أقول:
أولاً: هؤلاء الشباب الذين تلقنوا تلك الأفكار الهدامة ينفرون من العلماء ومن المجتمع كله بل من والديهم وأقاربهم ولا يرون في المساجد ولا في ملتقى الناس وتجمعاتهم وإنما يفرون إلى أمكنة مجهولة يتلقون فيها التوجيهات من قادتهم وزملائهم فكيف يتمكن العلماء من اللقاء بهم وهم يفرون ويتحاذرون منهم.
ثانياً: هناك من يسقط منزلة العلماء في المجتمع من خلال الفضائيات ومن خلال بعض الصحف فهناك من يسب الأئمة القدامى كالإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية وشيخ الإسلام محمد ابن عبدالوهاب وغيرهم، وهناك من يقلل من شأن العلماء المعاصرين ويصفهم بالتشدد والسطحية في التفكير وقصور النظر وأنهم لا يفهمون فقه الواقع وأنهم علماء جزئيات وأصحاب مناصب أو علماء سلاطين أو عملاء وغير ذلك من الألقاب المنفرة عنهم، ويلمعون للشباب أصحاب المناهج الجديدة والمفكرين الذين ليس عندهم علم بالأحكام الشرعية وإنما عندهم ثقافة عامة لا تفرق بين صحيح وسقيم في العقيدة، فكيف يُلقى باللائمة مع هذه المعوقات على العلماء، أو يقال إنهم في بروج عاجية لا يلتقون بالشباب ولا ينزلون في الميادين... الخ.
ثالثاً: هناك من يقولون إذا أفتى العلماء بخلاف ما يهوون فإن العلم ليس مقصورا على علماء المملكة فهناك علماء يرون غير هذا الرأي الذي رآه علماء المملكة وكأن الشريعة في نظر هؤلاء تؤخذ من آراء الرجال والله تعالى يقول: {(فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء:59)
فالله لم يكلنا عند الاختلاف إلى آراء العلماء وإنما أمرنا بالرد إلى كتابه وسنة رسوله والأخذ بالذي يعضده الدليل من أقوال العلماء فإن لم يظهر الدليل مع أحدهم وصارت الأقوال متساوية فإن العمل على ما عليه القضاء والفتوى في البلد على القاعدة التي تقول: (حكم الحاكم يرفع الخلاف) فالأمور الشرعية ـ ولله الحمد ـ منضبطة وليست فوضى بحسب الأهواء والرغبات. والذين يقولون هذه الأقوال في حق العلماء يريدون نزع الثقة بهم وفصل المجتمع ـ وخصوصا ـ الشباب عنهم وهذا هدم وتضييع والشاعر يقول:
متى يبلغ البنيان يوم تمامه
إذا كنت تبني وغيرك يهدم
ويقول الآخر:
أرى ألف بان لا تقوم لهادم
فكيف ببان خلفه ألف هادم
واذا لم ترد الأمور إلى أهل العلم الراسخين وأهل الرأي الحصيف من العقلاء ضاعت الأمور واختلطت المعايير كما قال الشاعر:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جهالهم سادوا
والله تعالى يقول: {(وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً) (النساء:83)
فالواجب ألا يتدخل في القضايا العامة وحل المشكلات المعضلة إلى أهل العلم وساسة الأمة ولا يتدخل في ذلك أصحاب الأهواء والنزعات، نسأل الله أن يوفق علماءنا وولاة أمورنا لما فيه الخير والصلاح، وأن يجعلهم هداة مهتدين، وأن يصلح بطانتهم ويبعد عنهم بطانة السوء والمفسدين، وأن يصلح ولاة أمور المسلمين في كل مكان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
*عضو هيئة كبار العلماء
المصدر: http://www.al-jazirah.com/277101/ln59d.htm