نواف النجيدي
07-18-2006, 02:49 PM
الصحف اللبنانية.. البكاء على الأطلال العربية
معمر الخليل
20/6/1427
</B>
"اللبنانيون متروكون لقدرهم" " لوحدك! لكأنك الأمة جميعاً" " لئلا تكون مواقف العرب كلام فاضي"، بمثل هذه العبارات التي تعبّر عن الكثير من الألم اللبناني لمواقف الدول العربية، صدرت صحف لبنانية اليوم الأحد استثناءً، رغم العطلة الأسبوعية التي تحتجب خلالها عادة بعض الصحف اللبنانية، لمتابعة التطورات العسكرية على الساحة اللبنانية.. والتي تعيش منذ أربعة أيام، حرباً إسرائيلية طالت الجنوب والشمال، والشرق والغرب فيها.
الصدمة التي استفاقت عليها لبنان يوم أمس لم تمنع اللبنانيين من التعبير عن غضبهم ومقتهم للدور العربي المفقود، الذي بات شكلاً جديداً من أشكال الضغط الأمريكي والإسرائيلي على لبنان، وعلى أي دولة عربية لا تضع في سلّم أولوياتها موازين قوة أمريكا ودولة الكيان.. ما يجعل الوضع مداولة بين الدول العربية، أنى يأتي دور إحداها.
لذلك، فإن الألم والبكاء على أطلال الدور العربي المفقود، سمة التزمت بها عدة صحف لبنانية، تعكس بطريقة (إعلامية) موقف الشارع اللبناني من الدول العربية، وتعكس بطبيعة الحال أيضاً، مواقف الشارع العربي العريض.
اللبنانيون متروكون لقدرهم" " لوحدك! لكأنك الأمة جميعاً"، بمثل هذه العبارات التي تعبّر عن الكثير من الألم اللبناني لمواقف الدول العربية، صدرت صحف لبنانية اليوم الأحد استثناءً.
الصدمة لم تكن فقط من مواقف الدول العربية التي أعلنت أنها "تدين" الاعتداء الإسرائيلي _تلك الإدانة التي لا تتعدى في أهميتها السياسية؛ قيام دولة مثل البيرو بنقد سياسة واشنطن الخارجية_، بل جاءت بسبب تصريحات عمرو موسى (الأمين العام لجامعة الدول العربية) الذي اكتشف مؤخراً أن العرب "خدعوا" من عمليات السلام مع الإسرائيليين، وأن كل ذلك كان "كلام فاضي".
نص الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام العربية والعالمية يقول: " أعلن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في ختام اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب في القاهرة أن عملية السلام في الشرق الأوسط ماتت. وقال موسى في مؤتمر صحافي: "إن كافة الإجراءات التي اعتمدها المجتمع الدولي بما في ذلك اللجنة الرباعية كلها أدت إلى فشل عملية السلام أو دفن عملية السلام أو تسليمها لإسرائيل لتتولى قتلها ومعالجتها بالطريقة التي تناسبها".
وفي إشارة إلى أن جامعة العربية أفلست تماماً أمام الكيان الصهيوني، قال موسى في الخبر الذي نقلته وكالة فرانس برس مساء السبت "إن الطريقة الوحيد لإعادة إحياء عملية السلام هي بإعادة طرحها أمام مجلس الأمن".
أما فيما يتعلق بموقف الدول العربية إزاء أحداث لبنان، فلا جديد، إذ إن الدول العربية _كعادتها التي لم تسأمها بعد_ أدانت العدوان الإسرائيلية، وقررت الوقوف إلى جانب اللبنانيين في محنتهم، دون أن تطلعنا على كيفية وقوفها هذا.
لئلا تكون مواقف العرب "كلام فاضي":
تحت هذا العنوان، كتب الكاتب والصحفي اللبناني كلوفيس مقصود مقالته في صحيفة (النهار)، متسائلاً عن جدوى أن يحال ملف لبنان إلى مجلس الأمن الدولي وسط حق (الفيتو) الأمريكي الذي لن يسمح بإصدار أي قرار "عادل" ضد الإسرائيليين، وقال: " إن اعتراف الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بأن كل آليات "الحلول السلمية" هي "كلام فاضي" جاء متأخراً، رغم صحته، إلا انه جاء أخيرا! لكن هذا الإقرار يجب أن يتلازم مع إجراءات فورية تتجاوز دعوة مجلس الأمن إلى الانعقاد كما ورد في قرار مجلس الجامعة أمس، لأن أي قرار عادل يصدر عنه سوف يصطدم بالموقف الأميركي الذي يمارس حق "الفيتو"، إلا إذا سعت المجموعة العربية إلى قرار لا يدين (إسرائيل) ولا ينطوي على أي عقوبات رادعة، وإذا كان التوافق الحاصل والذي عبّر عنه الأمين العام هو على استصدار القرار الرادع لتمادي (إسرائيل) في إجرامها، فلا مفر من إجراءات عربية فورية توحي جدية الالتزام العربي لحقوق الأمة بدءاً بإيقاف المجازر في كل من فلسطين ولبنان".
ويبقى لبنان لوحده، والعالم منه براء، حتى الدول العربية، هكذا يقول طلال سلمان: "لوحدك! لاجئ أمام مجلس الأمن. تطرق فلا يفتح لك "الضمير الدولي". يقولون لك: اخلع وجهك!
وعلى مبدأ الأحلام "الشيطانية" التي وصفها (وزير خارجية السعودية) الأمير سعود الفيصل لأحلام وليد المعلم (وزير الخارجية السوري) حول وحدة للصف العربي، ودقيقة صمت على أرواح شهداء لبنان وفلسطين، وعقد قمة عربية في غزة، يتابع الصحفي مقصود سلسلة الأحلام العربية "الشيطانية" قائلاً: " ثمة حاجة ملحة وفورية بإزاء المآسي التي ولدها الإجرام الإسرائيلي في كل من لبنان وفلسطين، إلى قطع كل العلاقات الدبلوماسية والتجارية وغيرها مع (إسرائيل) بدون تردد، والى الادعاء أن هذا الإجراء "ليس واقعياً" ينقضه قرار مجلس الجامعة بالأمس الذي اتخذ "بالإجماع"، ويجب الاستناد في التحرك العربي المقبل إلى فرضية قانونية واحدة، كون الدول العربية كلها في حالة نزاع مع (إسرائيل)".
وتحت وصف "الحلقة الأضعف" التي تمارس لوحدها مقاومة الإسرائيليين، تقول صحيفة النهار اللبنانية على لسان مقصود: " مرة أخرى نكرر أنه حرام بل عيب أن تبقى مسؤولية مواجهة الإجرام محصورة في بطولات المقاومين في الحلقتين الأصعب، وان يكون أبناء شعبي لبنان وفلسطين ضحايا وشهداء، رجالاً ونساء وأطفالا، كما المؤسسات والبنى التحتية".
المقاومة والنقد نثراً:
طلال سلمان.. (رئيس تحرير صحيفة السفير) ذو البعد السياسي والإعلامي العالي الدقة، والذي يعتبر أهم صحفيي لبنان، آثر الرد على الموقف العربي الخاذل للبنان، نثراً.. فكتب تحت عنوان "على الطريق لوحدك يا كلنا!" يقول: " لوحدك! لكنك الكل! شعبك وجيشك المعمّد بالدّم وأمتك جميعاً!
لوحدك! ولكنك لبنان واللبنانيون جميعاً من جنوب الجنوب إلى شرق الشرق ومن شمال الشمال إلى غرب الغرب، وعرب المشرق وعرب المغرب ولو كره حكّامهم الجبناء".
ويؤكد سلمان على الموقف اللبناني الواحد من العدوان الإسرائيلي، رغم اختلاف المذاهب والأعراق في لبنان، فيقول: " لوحدك! ولكنك لبنان كله! لست طائفة ولست مذهباً، لست جهة ولست فريقاً لست طرفاً في خلاف وليس إلا العدو عدواً. أنت الاسم والمسمى: أنت في الميدان الناس جميعاً".
ويعّبر عن الموقف العربي الانهزامي في مآسي الدول العربية قائلاً: "لوحدك! لكأنك الأمة جميعاً. لوحدك! والكل يخافك. عدوك يقاتلك فتقاتله وجهاً لوجه. أما العضاريط من القادة والصناديد من الزعماء فيخافون ويهربون من المواجهة إلى المؤامرة!
تحت عنوان "موقف مشبوه لبعض العرب" كتبت صحيفة الديار اللبنانية، بقلم كاتبها المعروف شارل أيوب، مقالة لاذعة، انتقدت فيها بشدة مواقف بعض الدول العربية، التي لم تأت على المقاس اللبناني.
لوحدك! والكل ممّن يتحكّمون بشعوبهم فيسجنونها يرتعدون من صورتك. لقد صالحوا العدو على دمك، ولكنك تفاجئهم كل حين بأنك تتوالد من إرادة شعبك فإذا أنت كثير كثير وهم قلة، وإذا أنت قد وأدْتَ الخوف وهم يرتعدون خوفاً من عدوك قليلاً ومنك كثيراً".
وبمزيد من مرارة النقمة على الآخرين، كتب يقول: " أنت تفضحهم فيتبرّؤون منك، ولو استطاعوا لقتلوك لكنك الأقوى. إذا كنت أقوى من عدوك جبار هذه الأرض، فأينهم من قوتك؟
لوحدك! لكأنك جميعنا. أنت بأرضك وهم باعة الأراضي. أنت بأهلك وهم من غدر بأهله. كلنا فيك، بنا تقاتل، وبنا تكسر الحصار. ألست رمز إرادتنا؟
لوحدك! لكأنك كلنا. وأنت الأقوى، وهم جمع كلما تكاثروا ازدادوا وهناً. وكلما تعاظمت ثرواتهم زاد فقرهم إلى الكرامة. عبد الثروة لا أمل له بالحرية".
ويبقى لبنان لوحده، والعالم منه براء، حتى الدول العربية، هكذا يقول طلال سلمان: "لوحدك! لاجئ أمام مجلس الأمن. تطرق فلا يفتح لك "الضمير الدولي". يقولون لك: اخلع وجهك! اخلع تاريخك! اخلع أرضك، اخلع كرامتك وشرفك، ثم اذهب إلى باب الخدم، وانتظر قرارنا بإعدامك!
لوحدك! وهم يرطنون بالعبرية! ومَن كان في منزلة أهلك يتبرّأ منك. أتريده أن ينحاز إليك، وأنت وحدك، ويتركهم وهم القدر؟!
لوحدك تطرق باب جامعة الدول العربية، فلا تجد فيها دولة واحدة، تجد سماسرة وكتبة وفرّيسيين، يرتعدون وهم يلمحون شبحك".
قصة الخلاف العربي العربي:
تطالعنا صحيفة (السفير) عبر كاتبها جورج علم، بتفاصيل الخلافات العربية العربية داخل أروقة الجامعة العربية، حول بيان _لا يقدّم ولا يؤخّر_ يتعلق بلبنان.
اللافت للنظر هنا أن جميع القرارات في الجامعة العربية يجب أن تصدر (بالإجماع) ما يعني الأخذ بعين الاعتبار أقصى اليمن وأقصى اليسار لكل قضية تطرح على أعضاء الجامعة، وهو بالتالي ما ينعكس سلباً على قرارات الإدانة والتأييد المعتادة.
على سبيل المثال هنا، لم يحظ قرار الدول العربية المساندة للبنان بكل ما حلمت به بيروت، بل انتقصت منه دول عربية حمّلت الحكومة جزءاً من تصرفات حزب الله الجنوبي، وكأنها مسؤولة عنه.
تكشف صحيفة (السفير) اللبنانية على لسان جورج علم، أن الأمين العام لجامعة الدول العربية، كان يسهب في اتصالاته التنسيقية مع الحكومة اللبنانية " في شرح المواقف العربية من مبادرة حزب الله في الإقدام على العملية، ومن توقيتها، ومن تداعياتها، مؤكداً على المخرج الذي يحفظ لمجلس وزراء الخارجية العرب، ماء الوجه، ويجنبه الانقسامات الخطيرة، نتيجة التباينات في المواقف، ويوفر للبنان المظلة التي يطالب بها، لدعم قرار وقف إطلاق النار على المستوى الدولي".
وهو الأمر الذي شرحته (السفير) قبل ذلك بالإشارة إلى موقف (سعودي- مصري – أردني) من الأحداث الجارية في لبنان.
وتتابع (السفير) كشف الخلافات داخل الصف العربي، مشيرة إلى أن " أن الرئيس السنيورة، والأمين العام عمرو موسى قد تمكنا من الفصل بين المواقف العربية، خصوصا تلك المنتقدة للعملية، وتوقيتها، وبين ما يريده لبنان، وما يطالب به لتحقيق وقف لإطلاق النار، والخروج من دوامة الحرب التدميرية الشرسة التي تطال البشر والحجر".
البكاء على الأطلال:
آثرت صحيفة (الأنوار) اللبنانية الصادرة اليوم، الوقوف على الأطلال العربية السابقة، مذكرة بمواقف الدول العربية السابقة إزاء لبنان، والتي كانت تتحرك سريعاً لدعم صمود اللبنانيين، بعيداً عن الانقسامات وأولويات الساسة الأمريكيين والإسرائيليين.
فكتب المحلل السياسي في الصحيفة يقول: " في (حرب 1996) كان العالم معنا وتدخّلت الدول الكبرى فتم التوصُّل إلى تفاهم إبريل و(تدفقت) المساعدات لإعادة إعمار البنى التحتية. في (حرب 1982) سارت تظاهرات حتى داخل (إسرائيل)، للمرة الأولى في تاريخها، احتجاجاً على اجتياحها لبنان. اليوم، اللبنانيون متروكون لقدرهم: لا ضغوط على (إسرائيل) لوقف عدوانها، لا (تدفق) مساعدات، الآلة العسكرية الإسرائيلية تضرب من دون ضوابط: المطار، الجسور، المنشآت المدنية الأخرى، محطات الكهرباء، وربما الآتي أعظم!"
ويقدّم تساؤله الأكثر إلحاحاً: " لا أحد يملك الجواب عما ستؤول إليه الأمور، فهل دخلنا في المحظور أو في المجهول?".
ويذكّر القادة العرب بأن آلام الماضي القريب لم تندمل، والبنية الاقتصادية اللبنانية لا تزال ركيكة، قائلاً: " بين عملية عناقيد الغضب في العام 1996، وحتى الأمس القريب، مرَّ أكثر من عشر سنوات، وعلى رغم طول هذه المدة فإننا لم ننتهِ بعد من إعادة ما تهدَّم علماً أن الدمار الذي وقع آنذاك لا يقاس بالأضرار الواقعة اليوم. في العام 1996 لم يتهدَّم المطار ولم تُدَمَّر كل الجسور (وجزءٌ كبير منها لم يكن قد أُنجز بعد)، وفي ذلك التاريخ لم يكن لبنان موعوداً بمليون ونصف مليون سائح، ولا مجال (والحرب في بدايتها أو في أوجها) لتحديد الخسائر، ولكن إذا احتسبنا أن خسائر حرب اليوم هي على الأقل ضعف خسائر حرب 1996 فهذا يعني أننا نحتاج إلى العام 2026 لبناء ما تهدَّم".
انتقادات لاذعة:
تحت عنوان "موقف مشبوه لبعض العرب" كتبت صحيفة الديار اللبنانية، بقلم كاتبها المعروف شارل أيوب، مقالة لاذعة، انتقدت فيها بشدة مواقف بعض الدول العربية، التي لم تأت على المقاس اللبناني، أو بعض أطيافه.
فقالت: " عرب لا كانوا ولا العروبة، بعض مواقف الحكومات العربية لا علاقة لها بالعروبة ولا بالتاريخ العربي، ولا بالإسلام ولا بالمسيحية، ولا بالنخوة العربية. بعض العرب لا كانوا ولا العروبة، بعض العرب أسوأ من (إسرائيل) أمام الانحياز الدولي لجانب العدوان الإسرائيلي، وأما بعض الداخل اللبناني فعاجز عن معالجة ما يحصل".
وينتقد المقال موقف تيار المستقبل الذي روّج زعيمه الجديد (سعد الحريري) لموقف لبناني تبنّته دول عربية ذات ثقل سياسي مثل مصر والأردن، قبل أن يفتح جبهة على تلك الدول، وتسائل في مقاله: "نسأل مصر والأردن هل هذه هي العروبة التي تريدون بأن تذبح (إسرائيل) شعب لبنان لأنه تم أسر جنديين لها؟ وهل مقبول هذا الإفراط في استعمال القوة وتدمير لبنان، لأن جنديين "إسرائيليين" تم أسرهما؟".
ويضيف بألم المحاصر الذي لا يملك قوة ولا دعماً كافياً "نسأل الجميع، لماذا هذه الثقافة القائمة من أن الثمن المقبول دائماً إذا تم مس (إسرائيل) أو أي جندي إسرائيلي، فإن الثمن المقبول والذي يجب دفعه هو تدمير بلدان عربية بكاملها؛ لأنه لا يجب المس بمفهوم شعب الله المختار، وهو رأي هؤلاء العرب والمجتمع الدولي، وأما مقتل آلاف المواطنين من الفلسطينيين واللبنانيين فالرد عليه يجب أن يكون الصمت والقبول بمنطق الوحشية الإسرائيلية".
وأضاف أيوب بالقول: "نحن أمام وحشية "إسرائيلية" ليس لها علاقة لا بثقافة ولا بحضارة ولا بإنسانية ولا بشيء، ونحن أمام ثقافة عربية ترضخ للعدوان "الإسرائيلي" .....، وترضى بقتل آلاف المدنيين وضرب الجسور وتهديم المنازل."
معمر الخليل
20/6/1427
</B>
"اللبنانيون متروكون لقدرهم" " لوحدك! لكأنك الأمة جميعاً" " لئلا تكون مواقف العرب كلام فاضي"، بمثل هذه العبارات التي تعبّر عن الكثير من الألم اللبناني لمواقف الدول العربية، صدرت صحف لبنانية اليوم الأحد استثناءً، رغم العطلة الأسبوعية التي تحتجب خلالها عادة بعض الصحف اللبنانية، لمتابعة التطورات العسكرية على الساحة اللبنانية.. والتي تعيش منذ أربعة أيام، حرباً إسرائيلية طالت الجنوب والشمال، والشرق والغرب فيها.
الصدمة التي استفاقت عليها لبنان يوم أمس لم تمنع اللبنانيين من التعبير عن غضبهم ومقتهم للدور العربي المفقود، الذي بات شكلاً جديداً من أشكال الضغط الأمريكي والإسرائيلي على لبنان، وعلى أي دولة عربية لا تضع في سلّم أولوياتها موازين قوة أمريكا ودولة الكيان.. ما يجعل الوضع مداولة بين الدول العربية، أنى يأتي دور إحداها.
لذلك، فإن الألم والبكاء على أطلال الدور العربي المفقود، سمة التزمت بها عدة صحف لبنانية، تعكس بطريقة (إعلامية) موقف الشارع اللبناني من الدول العربية، وتعكس بطبيعة الحال أيضاً، مواقف الشارع العربي العريض.
اللبنانيون متروكون لقدرهم" " لوحدك! لكأنك الأمة جميعاً"، بمثل هذه العبارات التي تعبّر عن الكثير من الألم اللبناني لمواقف الدول العربية، صدرت صحف لبنانية اليوم الأحد استثناءً.
الصدمة لم تكن فقط من مواقف الدول العربية التي أعلنت أنها "تدين" الاعتداء الإسرائيلي _تلك الإدانة التي لا تتعدى في أهميتها السياسية؛ قيام دولة مثل البيرو بنقد سياسة واشنطن الخارجية_، بل جاءت بسبب تصريحات عمرو موسى (الأمين العام لجامعة الدول العربية) الذي اكتشف مؤخراً أن العرب "خدعوا" من عمليات السلام مع الإسرائيليين، وأن كل ذلك كان "كلام فاضي".
نص الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام العربية والعالمية يقول: " أعلن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في ختام اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب في القاهرة أن عملية السلام في الشرق الأوسط ماتت. وقال موسى في مؤتمر صحافي: "إن كافة الإجراءات التي اعتمدها المجتمع الدولي بما في ذلك اللجنة الرباعية كلها أدت إلى فشل عملية السلام أو دفن عملية السلام أو تسليمها لإسرائيل لتتولى قتلها ومعالجتها بالطريقة التي تناسبها".
وفي إشارة إلى أن جامعة العربية أفلست تماماً أمام الكيان الصهيوني، قال موسى في الخبر الذي نقلته وكالة فرانس برس مساء السبت "إن الطريقة الوحيد لإعادة إحياء عملية السلام هي بإعادة طرحها أمام مجلس الأمن".
أما فيما يتعلق بموقف الدول العربية إزاء أحداث لبنان، فلا جديد، إذ إن الدول العربية _كعادتها التي لم تسأمها بعد_ أدانت العدوان الإسرائيلية، وقررت الوقوف إلى جانب اللبنانيين في محنتهم، دون أن تطلعنا على كيفية وقوفها هذا.
لئلا تكون مواقف العرب "كلام فاضي":
تحت هذا العنوان، كتب الكاتب والصحفي اللبناني كلوفيس مقصود مقالته في صحيفة (النهار)، متسائلاً عن جدوى أن يحال ملف لبنان إلى مجلس الأمن الدولي وسط حق (الفيتو) الأمريكي الذي لن يسمح بإصدار أي قرار "عادل" ضد الإسرائيليين، وقال: " إن اعتراف الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بأن كل آليات "الحلول السلمية" هي "كلام فاضي" جاء متأخراً، رغم صحته، إلا انه جاء أخيرا! لكن هذا الإقرار يجب أن يتلازم مع إجراءات فورية تتجاوز دعوة مجلس الأمن إلى الانعقاد كما ورد في قرار مجلس الجامعة أمس، لأن أي قرار عادل يصدر عنه سوف يصطدم بالموقف الأميركي الذي يمارس حق "الفيتو"، إلا إذا سعت المجموعة العربية إلى قرار لا يدين (إسرائيل) ولا ينطوي على أي عقوبات رادعة، وإذا كان التوافق الحاصل والذي عبّر عنه الأمين العام هو على استصدار القرار الرادع لتمادي (إسرائيل) في إجرامها، فلا مفر من إجراءات عربية فورية توحي جدية الالتزام العربي لحقوق الأمة بدءاً بإيقاف المجازر في كل من فلسطين ولبنان".
ويبقى لبنان لوحده، والعالم منه براء، حتى الدول العربية، هكذا يقول طلال سلمان: "لوحدك! لاجئ أمام مجلس الأمن. تطرق فلا يفتح لك "الضمير الدولي". يقولون لك: اخلع وجهك!
وعلى مبدأ الأحلام "الشيطانية" التي وصفها (وزير خارجية السعودية) الأمير سعود الفيصل لأحلام وليد المعلم (وزير الخارجية السوري) حول وحدة للصف العربي، ودقيقة صمت على أرواح شهداء لبنان وفلسطين، وعقد قمة عربية في غزة، يتابع الصحفي مقصود سلسلة الأحلام العربية "الشيطانية" قائلاً: " ثمة حاجة ملحة وفورية بإزاء المآسي التي ولدها الإجرام الإسرائيلي في كل من لبنان وفلسطين، إلى قطع كل العلاقات الدبلوماسية والتجارية وغيرها مع (إسرائيل) بدون تردد، والى الادعاء أن هذا الإجراء "ليس واقعياً" ينقضه قرار مجلس الجامعة بالأمس الذي اتخذ "بالإجماع"، ويجب الاستناد في التحرك العربي المقبل إلى فرضية قانونية واحدة، كون الدول العربية كلها في حالة نزاع مع (إسرائيل)".
وتحت وصف "الحلقة الأضعف" التي تمارس لوحدها مقاومة الإسرائيليين، تقول صحيفة النهار اللبنانية على لسان مقصود: " مرة أخرى نكرر أنه حرام بل عيب أن تبقى مسؤولية مواجهة الإجرام محصورة في بطولات المقاومين في الحلقتين الأصعب، وان يكون أبناء شعبي لبنان وفلسطين ضحايا وشهداء، رجالاً ونساء وأطفالا، كما المؤسسات والبنى التحتية".
المقاومة والنقد نثراً:
طلال سلمان.. (رئيس تحرير صحيفة السفير) ذو البعد السياسي والإعلامي العالي الدقة، والذي يعتبر أهم صحفيي لبنان، آثر الرد على الموقف العربي الخاذل للبنان، نثراً.. فكتب تحت عنوان "على الطريق لوحدك يا كلنا!" يقول: " لوحدك! لكنك الكل! شعبك وجيشك المعمّد بالدّم وأمتك جميعاً!
لوحدك! ولكنك لبنان واللبنانيون جميعاً من جنوب الجنوب إلى شرق الشرق ومن شمال الشمال إلى غرب الغرب، وعرب المشرق وعرب المغرب ولو كره حكّامهم الجبناء".
ويؤكد سلمان على الموقف اللبناني الواحد من العدوان الإسرائيلي، رغم اختلاف المذاهب والأعراق في لبنان، فيقول: " لوحدك! ولكنك لبنان كله! لست طائفة ولست مذهباً، لست جهة ولست فريقاً لست طرفاً في خلاف وليس إلا العدو عدواً. أنت الاسم والمسمى: أنت في الميدان الناس جميعاً".
ويعّبر عن الموقف العربي الانهزامي في مآسي الدول العربية قائلاً: "لوحدك! لكأنك الأمة جميعاً. لوحدك! والكل يخافك. عدوك يقاتلك فتقاتله وجهاً لوجه. أما العضاريط من القادة والصناديد من الزعماء فيخافون ويهربون من المواجهة إلى المؤامرة!
تحت عنوان "موقف مشبوه لبعض العرب" كتبت صحيفة الديار اللبنانية، بقلم كاتبها المعروف شارل أيوب، مقالة لاذعة، انتقدت فيها بشدة مواقف بعض الدول العربية، التي لم تأت على المقاس اللبناني.
لوحدك! والكل ممّن يتحكّمون بشعوبهم فيسجنونها يرتعدون من صورتك. لقد صالحوا العدو على دمك، ولكنك تفاجئهم كل حين بأنك تتوالد من إرادة شعبك فإذا أنت كثير كثير وهم قلة، وإذا أنت قد وأدْتَ الخوف وهم يرتعدون خوفاً من عدوك قليلاً ومنك كثيراً".
وبمزيد من مرارة النقمة على الآخرين، كتب يقول: " أنت تفضحهم فيتبرّؤون منك، ولو استطاعوا لقتلوك لكنك الأقوى. إذا كنت أقوى من عدوك جبار هذه الأرض، فأينهم من قوتك؟
لوحدك! لكأنك جميعنا. أنت بأرضك وهم باعة الأراضي. أنت بأهلك وهم من غدر بأهله. كلنا فيك، بنا تقاتل، وبنا تكسر الحصار. ألست رمز إرادتنا؟
لوحدك! لكأنك كلنا. وأنت الأقوى، وهم جمع كلما تكاثروا ازدادوا وهناً. وكلما تعاظمت ثرواتهم زاد فقرهم إلى الكرامة. عبد الثروة لا أمل له بالحرية".
ويبقى لبنان لوحده، والعالم منه براء، حتى الدول العربية، هكذا يقول طلال سلمان: "لوحدك! لاجئ أمام مجلس الأمن. تطرق فلا يفتح لك "الضمير الدولي". يقولون لك: اخلع وجهك! اخلع تاريخك! اخلع أرضك، اخلع كرامتك وشرفك، ثم اذهب إلى باب الخدم، وانتظر قرارنا بإعدامك!
لوحدك! وهم يرطنون بالعبرية! ومَن كان في منزلة أهلك يتبرّأ منك. أتريده أن ينحاز إليك، وأنت وحدك، ويتركهم وهم القدر؟!
لوحدك تطرق باب جامعة الدول العربية، فلا تجد فيها دولة واحدة، تجد سماسرة وكتبة وفرّيسيين، يرتعدون وهم يلمحون شبحك".
قصة الخلاف العربي العربي:
تطالعنا صحيفة (السفير) عبر كاتبها جورج علم، بتفاصيل الخلافات العربية العربية داخل أروقة الجامعة العربية، حول بيان _لا يقدّم ولا يؤخّر_ يتعلق بلبنان.
اللافت للنظر هنا أن جميع القرارات في الجامعة العربية يجب أن تصدر (بالإجماع) ما يعني الأخذ بعين الاعتبار أقصى اليمن وأقصى اليسار لكل قضية تطرح على أعضاء الجامعة، وهو بالتالي ما ينعكس سلباً على قرارات الإدانة والتأييد المعتادة.
على سبيل المثال هنا، لم يحظ قرار الدول العربية المساندة للبنان بكل ما حلمت به بيروت، بل انتقصت منه دول عربية حمّلت الحكومة جزءاً من تصرفات حزب الله الجنوبي، وكأنها مسؤولة عنه.
تكشف صحيفة (السفير) اللبنانية على لسان جورج علم، أن الأمين العام لجامعة الدول العربية، كان يسهب في اتصالاته التنسيقية مع الحكومة اللبنانية " في شرح المواقف العربية من مبادرة حزب الله في الإقدام على العملية، ومن توقيتها، ومن تداعياتها، مؤكداً على المخرج الذي يحفظ لمجلس وزراء الخارجية العرب، ماء الوجه، ويجنبه الانقسامات الخطيرة، نتيجة التباينات في المواقف، ويوفر للبنان المظلة التي يطالب بها، لدعم قرار وقف إطلاق النار على المستوى الدولي".
وهو الأمر الذي شرحته (السفير) قبل ذلك بالإشارة إلى موقف (سعودي- مصري – أردني) من الأحداث الجارية في لبنان.
وتتابع (السفير) كشف الخلافات داخل الصف العربي، مشيرة إلى أن " أن الرئيس السنيورة، والأمين العام عمرو موسى قد تمكنا من الفصل بين المواقف العربية، خصوصا تلك المنتقدة للعملية، وتوقيتها، وبين ما يريده لبنان، وما يطالب به لتحقيق وقف لإطلاق النار، والخروج من دوامة الحرب التدميرية الشرسة التي تطال البشر والحجر".
البكاء على الأطلال:
آثرت صحيفة (الأنوار) اللبنانية الصادرة اليوم، الوقوف على الأطلال العربية السابقة، مذكرة بمواقف الدول العربية السابقة إزاء لبنان، والتي كانت تتحرك سريعاً لدعم صمود اللبنانيين، بعيداً عن الانقسامات وأولويات الساسة الأمريكيين والإسرائيليين.
فكتب المحلل السياسي في الصحيفة يقول: " في (حرب 1996) كان العالم معنا وتدخّلت الدول الكبرى فتم التوصُّل إلى تفاهم إبريل و(تدفقت) المساعدات لإعادة إعمار البنى التحتية. في (حرب 1982) سارت تظاهرات حتى داخل (إسرائيل)، للمرة الأولى في تاريخها، احتجاجاً على اجتياحها لبنان. اليوم، اللبنانيون متروكون لقدرهم: لا ضغوط على (إسرائيل) لوقف عدوانها، لا (تدفق) مساعدات، الآلة العسكرية الإسرائيلية تضرب من دون ضوابط: المطار، الجسور، المنشآت المدنية الأخرى، محطات الكهرباء، وربما الآتي أعظم!"
ويقدّم تساؤله الأكثر إلحاحاً: " لا أحد يملك الجواب عما ستؤول إليه الأمور، فهل دخلنا في المحظور أو في المجهول?".
ويذكّر القادة العرب بأن آلام الماضي القريب لم تندمل، والبنية الاقتصادية اللبنانية لا تزال ركيكة، قائلاً: " بين عملية عناقيد الغضب في العام 1996، وحتى الأمس القريب، مرَّ أكثر من عشر سنوات، وعلى رغم طول هذه المدة فإننا لم ننتهِ بعد من إعادة ما تهدَّم علماً أن الدمار الذي وقع آنذاك لا يقاس بالأضرار الواقعة اليوم. في العام 1996 لم يتهدَّم المطار ولم تُدَمَّر كل الجسور (وجزءٌ كبير منها لم يكن قد أُنجز بعد)، وفي ذلك التاريخ لم يكن لبنان موعوداً بمليون ونصف مليون سائح، ولا مجال (والحرب في بدايتها أو في أوجها) لتحديد الخسائر، ولكن إذا احتسبنا أن خسائر حرب اليوم هي على الأقل ضعف خسائر حرب 1996 فهذا يعني أننا نحتاج إلى العام 2026 لبناء ما تهدَّم".
انتقادات لاذعة:
تحت عنوان "موقف مشبوه لبعض العرب" كتبت صحيفة الديار اللبنانية، بقلم كاتبها المعروف شارل أيوب، مقالة لاذعة، انتقدت فيها بشدة مواقف بعض الدول العربية، التي لم تأت على المقاس اللبناني، أو بعض أطيافه.
فقالت: " عرب لا كانوا ولا العروبة، بعض مواقف الحكومات العربية لا علاقة لها بالعروبة ولا بالتاريخ العربي، ولا بالإسلام ولا بالمسيحية، ولا بالنخوة العربية. بعض العرب لا كانوا ولا العروبة، بعض العرب أسوأ من (إسرائيل) أمام الانحياز الدولي لجانب العدوان الإسرائيلي، وأما بعض الداخل اللبناني فعاجز عن معالجة ما يحصل".
وينتقد المقال موقف تيار المستقبل الذي روّج زعيمه الجديد (سعد الحريري) لموقف لبناني تبنّته دول عربية ذات ثقل سياسي مثل مصر والأردن، قبل أن يفتح جبهة على تلك الدول، وتسائل في مقاله: "نسأل مصر والأردن هل هذه هي العروبة التي تريدون بأن تذبح (إسرائيل) شعب لبنان لأنه تم أسر جنديين لها؟ وهل مقبول هذا الإفراط في استعمال القوة وتدمير لبنان، لأن جنديين "إسرائيليين" تم أسرهما؟".
ويضيف بألم المحاصر الذي لا يملك قوة ولا دعماً كافياً "نسأل الجميع، لماذا هذه الثقافة القائمة من أن الثمن المقبول دائماً إذا تم مس (إسرائيل) أو أي جندي إسرائيلي، فإن الثمن المقبول والذي يجب دفعه هو تدمير بلدان عربية بكاملها؛ لأنه لا يجب المس بمفهوم شعب الله المختار، وهو رأي هؤلاء العرب والمجتمع الدولي، وأما مقتل آلاف المواطنين من الفلسطينيين واللبنانيين فالرد عليه يجب أن يكون الصمت والقبول بمنطق الوحشية الإسرائيلية".
وأضاف أيوب بالقول: "نحن أمام وحشية "إسرائيلية" ليس لها علاقة لا بثقافة ولا بحضارة ولا بإنسانية ولا بشيء، ونحن أمام ثقافة عربية ترضخ للعدوان "الإسرائيلي" .....، وترضى بقتل آلاف المدنيين وضرب الجسور وتهديم المنازل."