نواف النجيدي
09-19-2006, 12:21 PM
لا تطالبوا البابا بالاعتذار
د. محمد بن إبراهيم السعيدي*
25/8/1427
18/09/2006
ضجّ العالم الإسلامي كما ينبغي له جرّاء افتراءات البابا من حين تلقتها عنه وسائل الإعلام، ووقف المفكرون الإسلاميون كما ينبغي لهم أن يقفوا حيال مثل هذه الافتراءات، وأدّت الحكومات الإسلامية بعض ما ينبغي عليها في مثل هذه المواقف.
إلاّ أننا وجدنا أبرز ما طولب به رأس الكنيسة الكاثوليكية من أكثر القيادات الفكرية في العالم الإسلامي وأكبرها: أن يعتذر عما بدر منه ولكنّ أحداً لم يقل: كيف يريد من البابا أن يعتذر؟
هل يكفي أن يأسف على إساءته لمشاعر المسلمين؟
إن كان كذلك فلا يُسمّى هذا اعتذاراً، لا لغة ولا اصطلاحاً بدليل أن المسلمين لم يقبلوا مثل هذه الصيغة من دولة الدنمرك.
أم عليه أن يقر بخطئه، ويصرح بأن ما قاله أو نقله في حق النبي -صلى الله عليه وسلم- غير صحيح؟
أن كان هذا هو المراد فقد كلفناه ما لا يستطيع عوام النصارى أن يقوموا به، فكيف برئيس كُهّان العالم؟
وكيف نطالبه بهذا الاعتذار، ونحن نعلم أن دين النصارى لا يتمّ إلاّ مع الإيمان بما هو أعظم مما قاله البابا، وهو أن محمد -صلى الله عليه وسلم- كاذب وحاشاه ذلك فداه أبي وأمي.
كما أن مطالبته بالاعتذار تعني أننا على استعداد أن نعتذر إذا قلنا في دين النصارى بمثل ما قاله البابا في الإسلام.
ولنتصور أن يطالب النصارى أئمة الحرم المكي بالاعتذار إذا قرؤوا سورة الفاتحة في صلاتهم التي تُنقل عبر وسائل الإعلام إلى جميع أنحاء العالم.
ولنتصور أن يطالبنا النصارى بحذف الآيات المسيئة للديانة النصرانية من القرآن الكريم الذي تُوزّع طبعاته وترجماته من المملكة العربية السعودية إلى جميع أنحاء العالم، ومن بينها بالطبع دول النصارى، أو على الأقل أن نحذف تلك الآيات من الطبعات التي تُوزّع في أوروبا. هل نتصور ذلك؟
أليس في القرآن الكريم تسفيه وتكذيب لما عليه جميع النصارى في العالم من الإيمان بألوهية عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة و السلام قال تعالى:(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسنّ الذين كفروا منهم عذاب أليم)[سورة المائدة:72-73]. (وقالوا اتخذ الرحمن ولداً لقد جئتم شيئاً إداً تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً)[مريم: 88-90].
وقال تعالى :(وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبّه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً) [النساء:157]، إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث التي تتحدث عن عقيدة النصارى بوصفها عقيدة مفتراة، ووصف أهلها بالكفر، وتوعّدهم بالنار. فهل بوسعنا أن نستجيب لأي مطالبة لنا بالاعتذار حين نقول هذا القول الذي لا نرى لمن يخالفه حظاً من الإسلام؟
إنني -وكل مسلم غيور محب لله ورسوله- نفرح بهذه الانتفاضة الإسلامية التي تجتاح العالم الإسلامي كلما أُسيء إلى الإسلام ونبيه الكريم، وتتجاوب معها الحكومات بشكل إيجابي ولله الحمد والمنة، ولكنني أدعو إلى تجنّب التورّط بالمطالبة بالاعتذار لأمرين:
أحدهما: أن هذا لا يمكن أن يكون، وإذا أردت أن تُطاع فاطلب ما يُستطاع، وإذا أردت أن يذهب جهدك عبثاً فاطلب ما لا يُستطاع.
الأمر الآخر: أن المطالبة بالاعتذار حفرة خطرة نأمل من مفكرينا تجنّبها؛ لأنها تؤدي حتماً إلى تسويغ مطالبتهم إيانا بمثل ذلك إذا قلنا عن النصارى إنهم مشركون، وإن ما يؤمنون به هو ديانة محرفة أنتجها لهم بولس الذي يتربّع البابا على كرسيه، ونحن نعتقد أنه (أي بولس) كذاب أشر!!
والمعلوم أن الدعوة إلى الإسلام بين النصارى لا يمكن أن تتم إلاّ بمناقشة تلك الأمور التي يعدّها النصارى من مسلماتهم، ونعدّها نحن من مكذوباتهم.
هل يسر أحداً من هؤلاء الذين يطالبون البابا بالاعتذار أن تقوم حكومات الدول النصرانية بمنع المسلمين في مساجدهم من قراءة الفاتحة وسورة الإخلاص بحجة أنها تسيء إلى مشاعر المسيحيين؟!
وأكثر ما ساءني وآلمني في هذه الحملة ضد البابا وقوع عدد من علماء المسلين في مأزق خطير حين أصدروا بياناً ذكروا فيه أن الجهاد في الإسلام إنما شُرِع للدفاع عن النفس!!
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على نجاح هذه الحملة، ولكن لصالح البابا وأعداء الإسلام الذين اضطروا علماء المسلمين إلى الوقوف موقفاً انهزامياً أدّى بهم إلى الافتراء على الإسلام بأعظم من فرية البابا عليه، وذلك بإنكارهم مشروعية جهاد الطلب، الأمر الذي يلزم منه القول بأن جميع الفتوحات الإسلامية كانت حروباً غير شرعية، واستعماراً إمبراطورياً لا علاقة له بالإسلام؛ لأنه لم يكن -بحال من الأحوال- دفاعاً عن النفس، وهذا القول هو عين قول البابا، بل هو قول أخطر من قول البابا بصفة أن قائله مجموعة من علماء المسلمين.
وأخيراً أدعو مفكرينا إلى أن يكونوا موجّهين لمثل هذه الانتفاضات الشعبية، ومؤثرين فيها، لا أن يكونوا كما عليه كثير منهم الآن، متأثرين ومنساقين، وينحصر دورهم في الإعلان عن هذه المشاعر دون توجيهها.
منقوووول
د. محمد بن إبراهيم السعيدي*
25/8/1427
18/09/2006
ضجّ العالم الإسلامي كما ينبغي له جرّاء افتراءات البابا من حين تلقتها عنه وسائل الإعلام، ووقف المفكرون الإسلاميون كما ينبغي لهم أن يقفوا حيال مثل هذه الافتراءات، وأدّت الحكومات الإسلامية بعض ما ينبغي عليها في مثل هذه المواقف.
إلاّ أننا وجدنا أبرز ما طولب به رأس الكنيسة الكاثوليكية من أكثر القيادات الفكرية في العالم الإسلامي وأكبرها: أن يعتذر عما بدر منه ولكنّ أحداً لم يقل: كيف يريد من البابا أن يعتذر؟
هل يكفي أن يأسف على إساءته لمشاعر المسلمين؟
إن كان كذلك فلا يُسمّى هذا اعتذاراً، لا لغة ولا اصطلاحاً بدليل أن المسلمين لم يقبلوا مثل هذه الصيغة من دولة الدنمرك.
أم عليه أن يقر بخطئه، ويصرح بأن ما قاله أو نقله في حق النبي -صلى الله عليه وسلم- غير صحيح؟
أن كان هذا هو المراد فقد كلفناه ما لا يستطيع عوام النصارى أن يقوموا به، فكيف برئيس كُهّان العالم؟
وكيف نطالبه بهذا الاعتذار، ونحن نعلم أن دين النصارى لا يتمّ إلاّ مع الإيمان بما هو أعظم مما قاله البابا، وهو أن محمد -صلى الله عليه وسلم- كاذب وحاشاه ذلك فداه أبي وأمي.
كما أن مطالبته بالاعتذار تعني أننا على استعداد أن نعتذر إذا قلنا في دين النصارى بمثل ما قاله البابا في الإسلام.
ولنتصور أن يطالب النصارى أئمة الحرم المكي بالاعتذار إذا قرؤوا سورة الفاتحة في صلاتهم التي تُنقل عبر وسائل الإعلام إلى جميع أنحاء العالم.
ولنتصور أن يطالبنا النصارى بحذف الآيات المسيئة للديانة النصرانية من القرآن الكريم الذي تُوزّع طبعاته وترجماته من المملكة العربية السعودية إلى جميع أنحاء العالم، ومن بينها بالطبع دول النصارى، أو على الأقل أن نحذف تلك الآيات من الطبعات التي تُوزّع في أوروبا. هل نتصور ذلك؟
أليس في القرآن الكريم تسفيه وتكذيب لما عليه جميع النصارى في العالم من الإيمان بألوهية عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة و السلام قال تعالى:(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسنّ الذين كفروا منهم عذاب أليم)[سورة المائدة:72-73]. (وقالوا اتخذ الرحمن ولداً لقد جئتم شيئاً إداً تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً)[مريم: 88-90].
وقال تعالى :(وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبّه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً) [النساء:157]، إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث التي تتحدث عن عقيدة النصارى بوصفها عقيدة مفتراة، ووصف أهلها بالكفر، وتوعّدهم بالنار. فهل بوسعنا أن نستجيب لأي مطالبة لنا بالاعتذار حين نقول هذا القول الذي لا نرى لمن يخالفه حظاً من الإسلام؟
إنني -وكل مسلم غيور محب لله ورسوله- نفرح بهذه الانتفاضة الإسلامية التي تجتاح العالم الإسلامي كلما أُسيء إلى الإسلام ونبيه الكريم، وتتجاوب معها الحكومات بشكل إيجابي ولله الحمد والمنة، ولكنني أدعو إلى تجنّب التورّط بالمطالبة بالاعتذار لأمرين:
أحدهما: أن هذا لا يمكن أن يكون، وإذا أردت أن تُطاع فاطلب ما يُستطاع، وإذا أردت أن يذهب جهدك عبثاً فاطلب ما لا يُستطاع.
الأمر الآخر: أن المطالبة بالاعتذار حفرة خطرة نأمل من مفكرينا تجنّبها؛ لأنها تؤدي حتماً إلى تسويغ مطالبتهم إيانا بمثل ذلك إذا قلنا عن النصارى إنهم مشركون، وإن ما يؤمنون به هو ديانة محرفة أنتجها لهم بولس الذي يتربّع البابا على كرسيه، ونحن نعتقد أنه (أي بولس) كذاب أشر!!
والمعلوم أن الدعوة إلى الإسلام بين النصارى لا يمكن أن تتم إلاّ بمناقشة تلك الأمور التي يعدّها النصارى من مسلماتهم، ونعدّها نحن من مكذوباتهم.
هل يسر أحداً من هؤلاء الذين يطالبون البابا بالاعتذار أن تقوم حكومات الدول النصرانية بمنع المسلمين في مساجدهم من قراءة الفاتحة وسورة الإخلاص بحجة أنها تسيء إلى مشاعر المسيحيين؟!
وأكثر ما ساءني وآلمني في هذه الحملة ضد البابا وقوع عدد من علماء المسلين في مأزق خطير حين أصدروا بياناً ذكروا فيه أن الجهاد في الإسلام إنما شُرِع للدفاع عن النفس!!
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على نجاح هذه الحملة، ولكن لصالح البابا وأعداء الإسلام الذين اضطروا علماء المسلمين إلى الوقوف موقفاً انهزامياً أدّى بهم إلى الافتراء على الإسلام بأعظم من فرية البابا عليه، وذلك بإنكارهم مشروعية جهاد الطلب، الأمر الذي يلزم منه القول بأن جميع الفتوحات الإسلامية كانت حروباً غير شرعية، واستعماراً إمبراطورياً لا علاقة له بالإسلام؛ لأنه لم يكن -بحال من الأحوال- دفاعاً عن النفس، وهذا القول هو عين قول البابا، بل هو قول أخطر من قول البابا بصفة أن قائله مجموعة من علماء المسلمين.
وأخيراً أدعو مفكرينا إلى أن يكونوا موجّهين لمثل هذه الانتفاضات الشعبية، ومؤثرين فيها، لا أن يكونوا كما عليه كثير منهم الآن، متأثرين ومنساقين، وينحصر دورهم في الإعلان عن هذه المشاعر دون توجيهها.
منقوووول