عواد سلامه الرموثي
11-13-2006, 03:44 PM
خبراء: تقنية المعلومات في المملكة بدأت في السبعينيات وأهملت في الثمانينيات والتسعينيات
http://www.aleqt.com/nwspic/51208.jpg
- عبدالعزيز المبحل - 22/10/1427هـ
تقدمت المملكة دول المنطقة بإدخال صناعة تقنية المعلومات أوائل السبعينيات من خلال العقود الحكومية التي أبرمت مع عدد من الدول المتقدمة. ولكنها أهملت في حقبة الثمانينيات والتسعينيات، حتى تجاوزتنا دول مجاورة لم تكن تعرف هذه التقنية وقت دخولها إلينا، وشملت هذه التقنية مناحي الاقتصاد، في كل شركة ومصنع ومجال استثماري تجدها بل وصلت إلى أكثر من 10 في المائة من إجمالي الدخل القومي لبعض الدول المتقدمة وحتى الآن لم نعطها القدر الكافي من الأهمية وتأخرها يعوق ويبطئ نمو الاقتصاد بشكل عام.. إلى الندوة:
السعودية سبقت دولا كثيرة في المنطقة في إدخال تقنية المعلومات، والآن نحن متأخرون عنها، ما الأسباب؟
الدباغ: السعودية سبقت دولا كثيرة في تقنية المعلومات وللأسف مازلنا إلى الآن في مراحلنا الأولية، ولكن أعتقد أنها في القطاع الخاص أفضل بقليل، وإن شاء الله المستقبل أفضل، فمازال أمامنا الكثير الذي يجب علينا عمله في هذا المجال، هناك واجب على القطاع الخاص في أن تتحد شركاته فيما بينها انطلاقا من المسؤولية الاجتماعية، كما يجب على الدولة أن تسهل وتقوي البنية التحتية لقطاع تقنية المعلومات.
أسباب التأخر، ما هي؟
الدباغ: أولا يجب أن تكون هناك قوانين كاملة ومتطورة تساعد على إنشاء صناعة معلوماتية، فهناك قوانين تحتاج إلى إضافة وتطوير وهناك بعض القيود تعوق هذه الصناعة، ويجب أن يكون هناك تسهيل في القيود المفروضة على بعض القوانين، ثم أن عملية الدعم المالي مهمة جدا، ولا يوجد ما هو بارز أو واضح في موضوع الصناديق الخاصة بدعم صناعة تقنية الاتصالات إلى الآن، ربما هذه أهم الأسباب، وطبعا فتح السوق للكل، فتح سوق الاتصالات في السنة الأخيرة، خطوة جيدة ومن المفترض أن يكون هناك فتح أكبر للأسواق.
هل عدم فتح السوق يعتبر معوقا مهما في تأخرنا عن العالم المحيط بنا في تقنية المعلومات؟
الدباغ: لا أشك في أن فتح السوق يؤدي إلى المنافسة، والمنافسة تؤدي إلى تطور الكل.
الفارس: أعتقد أن من الأسباب الأساسية لتـأخر صناعة المعلومات لدينا، يكمن في تعريف الوزارة المعنية حيث أن صناعات أخرى وصلت درجات متقدمة بفضل الدعم المادي بقنواته المختلفة، لذا من الضروري أن يجد قطاع التقنية مثل هذا الدعم، والأمر الآخر أننا إلى الآن لا توجد لدينا كيانات كبيرة في تقنية المعلومات تخدم في هذا القطاع الحيوي والمهم، ودليل ذلك أنه ليس لدينا شركة واحدة لتقنية المعلومات مسجلة في سوق الأسهم السعودية، وفي نظري أن القطاع الخاص والقطاع العام إلى الآن لم يدركا بشكل كاف أهمية دور تقنية المعلومات، ولم نشعر به بعد كمنتج سواء للقطاع الخاص مبيعات أو ربحا، أو للقطاع الحكومي أيضا.
وآمل التقارب بين القطاعين الخاص والعام ومازالت هناك غمامة بينهما، والبيئة مهيأة للنجاح.
كيف تكون البيئة مهيأة للنجاح ونحن متأخرون؟
الفارس: لأن صاحب العمل أو صاحب الملك في المنشأة هذه، لا يرى أن لتقنية المعلومات دورا مهما، تؤديه كما تؤديه غيرها، أي أنه ليس بالضرورة أنني أرى فائدة لها، ولم يربطها التاجر الصغير ولا يربطها بهذا الربط، أعتقد أننا متجهون إلى بيئة القوانين، و لم نصل بعد إلى مرحلة النضج والوعي بأهميتها.
القوانين الحالية ألا تفي بتقدم قطاع الاتصالات؟
الفارس: هناك بطء شديد، أنظر إلى قطاع الاتصالات، أعتقد أننا قطعنا مرحلة كبيرة في هذا القطاع، أما قطاع تقنية المعلومات فما زلنا نخطو خطوة أبطأ بكثير من قطاع الاتصالات، أعتقد أن القوانين الموجودة عندنا من القوانين المميزة، نحن لا نتحدث عما مضى، نتكلم عن المرحلة الآنية والتي أصبحت شفافة، الاتصالات وتقنية المعلومات في المرحلة المقبلة يتقاربان مع بعضهما، ونحن إن شاء الله نحن متجهون إليها، لكن تقنية المعلومات مازالت أبطأ من غيرها، انظر إلى الكيانات الكبيرة مثل "أرامكو"، تجدها متقدمة في البتروكيماويات، ولا تنس "سابك"، وصناعة المصارف تبني بنياتها في صناعة التقنية بشكل جيد، نسبيا، مقارنة بالمنطقة العربية ككل نحن متقدمون جدا، ومن الإجحاف أن نقول إن المملكة غير متقدمة في الاتصالات والواقع أننا نقود هذا المجال.
لماذا تتأثر الصناعة المصرفية أو غيرها من الصناعات بالتأخر العام لقطاع الاتصالات؟
الفارس: في وقت ما هي جيدة، لكن الآن أعتقد أن الاتصالات قلت، ولأعطيك مثالا بسيطا، فعندما تذهب لتشتري شيئا ما الساعة الحادية عشرة ليلا، نقاط البيع في الغالب تضيع حقك لأن الشبكة لا تعمل، وآخر الشهر الشبكة شبه متوقفة بسبب الضغط وهذه النقاط وسيلة للصناعة المصرفية التي تستخدم الاتصالات.
العبد الجبار: أولا أحب أن أؤكد نقطة، هل نحن فعلا متأخرون في تقنية المعلومات أم لا؟ وهل كنا بالفعل متقدمين على غيرنا؟ بالمقارنة النسبية بين وضعنا في السبعينيات بيننا وبين الدول المحيطة، ومقارنتها بوضعنا الحالي، أعتقد أن هناك بونا شاسعا جدا، إذا أخذنا وضع تقنية المعلومات في السعودية في السبعينيات وبين وضعنا اليوم مقارنة بالمنطقة تجد أنه هناك فرقا كبيرا بيننا وبين غيرنا، والوضع للأسف ليس في صالحنا، ولكن في السنوات الأربع الأخيرة بدأنا نتحرك كي نلحق بمن تأخرنا عنهم.
والآن في تقديري الشخصي أن الأسباب لذلك الوضع ترجع لسببين رئيسين:
أولا: أداء الجهاز الحكومي في السبعينيات وإنفاقه على التقنية واستغلالها كان أعلى مفارقة بالإنفاق العالمي عليها. وعلى الرغم من أن نسبة الدخل في البلاد بقيت على ما هي عليه فيما بعد.
وفي الثمانينيات والتسعينيات قل الإنفاق الحكومي كما هو الحال في المجالات الأخرى.
وقد حدث في كثير من مناطق العالم، أن تقنية المعلومات والاتصالات بدأت بجهود حكومية رسمية، ومع الوقت، انتقلت إلى القطاع الخاص وتولى القطاع الخاص إدارتها، وتوقف الإنفاق الحكومي عليها، وبما أنه لم يكن هناك أي جهد منظم مبذول كي يأخذ القطاع الخاص المبادرة ويستمر في تعزيز استخدام وسائل تقنية المعلومات، وفي تقديري الشخصي هذان السببان الرئيسيان لتأخرنا في تقنية المعلومات.
ما السبب في أننا دعمنا تقنية المعلومات في السبعينيات وعرفنا أهميتها، ولم نعرف ذلك في الثمانينيات والتسعينيات؟
العبد الجبار: الوعي بأهمية تقنية المعلومات كان موجودا، لكن الذي تغير، الأدوات التي تمكن من الاستفادة منه، في السبعينيات كان لدى الدولة قدرة مالية وأنفقت عليها، وفي الثمانينيات والتسعينيات لا الدولة أنفقت ولا حاولت تدعيم دور القطاع الخاص وتشجيعه لكي يتولى إدارة تقنية المعلومات، فلم يعد لدينا استثمار في تقنية المعلومات، وبالتالي لم يحدث نمو فيها، عكس الأخرين، فتجد مثلا في مصر والأردن، مبادرات قادتها الدولة تقوم على تطوير صناعة المعلومات في القطاع الخاص، وهذا القطاع هو الذي قام بالدور والمبادرة المطلوبة أكثر.
الجبر: أود أن أحدد مسألة أن السعودية سبقت غيرها في المنطقة في تقنية المعلومات، فلو حددناها في فترة زمنية معينة ولنقل فترة السبعينيات، كانت هذه الفترة التي سبقت فيها السعودية بعض دول الجوار في إدخال الحاسب الآلي. أتصور أنها سبقت بعض دول المنطقة في إدخال الحاسب الآلي، وأتوقع أن السعودية لم تسبق هذه الدولة في ذلك الوقت لقناعتها بأهمية الحاسب الآلي، ولم تسبق الدولة في إدخال الحاسب الآلي لقناعة المجتمع وثقافته في ذلك الوقت بأهمية الحاسب الآلي ودوره في تحفيز الاقتصاد. كان السبب الرئيسي في ذلك الوقت لإدخال الحاسب الآلي، يرجع إلى أن البلد كان في طور بعد تنموي جديد بالنسبة له، فكانت الخطوة المباركة والموفقة في ذلك الوقت، ترتيب اتفاقيات تعاون فني بين حكومة المملكة وحكومات الدول الصديقة، والاتفاقيات هذه هي التي اهتمت بالحاسب الآلي. لم نأت به لقناعتنا أو لمعرفتنا السابقة به، إنما جاءت نتيجة اتفاقيات كانت مع أمريكا، اليابان، كوريا الجنوبية، وألمانيا، ولو رجعنا إلى التاريخ فسنجد أن كل جهة حكومية كانت لديها اتفاقية تعاون فني مع هذه الدول، وكانت الدول الصديقة هذه في اتفاقياتها قد أدخلت موضوع الحاسب الآلي معها. وأستطيع أن أضرب أمثلة لثلاث أو أربع جهات حكومية، ونرى كيف أن هذه الاتفاقيات ساعدتها على إدخال الحاسب الآلي، لو ترك الموضوع لنا لما رأينا الحاسب الآلي، ربما إلى منتصف الثمانينيات أو أوائل التسعينيات، لأنه كان جديدا علينا، وما كنا ندرك في ذلك الوقت أهمية استخدام الحاسب الآلي في البلد. وفي الثمانينيات والتسعينيات مع الأسف اتفاقيات التعاون الفني إما توقفت نهائيا أو انخفضت ميزانياتها، أو تم خفض دور تلك الدول في هذه الاتفاقيات، وجميعنا نذكر أنه في السبعينيات وبداية الثمانينيات كيف كان للجهات العلمية الأجنبية حضور كبير ودور في إيجاد هذه البيئة في تلك الأيام، لكن الثمانينيات والتسعينيات لم تشهد الزخم نفسه الذي كان في نهاية السبعينيات وهذا في رأيي أحد الأسباب الرئسية لتراجع استخدام المملكة للحاسب الآلي. وكنا سابقين لبعض الدول، ولكن مع مرور الوقت أدركت دول الجوار أهمية هذه البرامج للتعاون الفني، ولو لا حظنا أن أكثر دول الجوار تقدمت في ذلك، هما مصر والأردن وتعود الأسباب لاتفاقيات التعاون الفني بالذات مع الولايات المتحدة ومع الدول الأوروبية، أما الاتحاد الأوروبي أو بعض الدول الرئيسة. دول الخليج كانت نظرتها مختلفة نوعا ما، وساعد صغر حجم دول الخليج وسهولة اتخاذ القرار منها وتبعات هذا القرار على أن تسبق المملكة في موضوع الحاسب الآلي وتقنية المعلومات، صغر حجم الدول، ووجود آلية اتخاذ القرار في شخص واحد أو شخصين تجعل عملية اتخاذ القرار تتم في فترة وجيزة وسريعة ما يساعد على أن تستخدم تقنيات المعلومات بشكل أسرع.
لو أخذنا عنصر صغر الحجم كعامل مساعد على اتخاذ القرار، فكيف نقارن ذلك بالهند وهي متقدمة كثيرا في مجال تقنية المعلومات؟
الجبر: اختلف معك في هذا، لأن الثقافة مختلفة، لا نستطيع أن نقارن أنفسنا بدولة لها مئات السنين وتطورت قبل دول الخليج التي لم تعرف التطور أو التنمية إلا بداية السبعينيات بعد استقلالها عن الانتداب البريطاني، والثقافة نفسها مختلفة، ثقافة البلد التي تعودت على التبادل التجاري فقط، ولم تتعود على التقنيات والاستخدام. ليس بالذات تقنية المعلومات ولكن حتى التقنيات الأخرى في الصناعة، الزراعة، كما في دول أخرى، فهذه أتوقع الأسباب الرئيسية.
وكأسباب ثانوية أخرى، نجد أن نظرة المجتمع لتقنية المعلومات ليست مناسبة وليست مماثلة لنظرة كل الدول المتقدمة في الحاسب الآلي وتقنية المعلومات، وقلة دعم الجهات الحكومية لتقنية المعلومات. هذا الدعم قد يأخذ دور الريادة واتخاذ القرار وقد يأخذ دور المحفز، ولو بنظرة بسيطة للمقارنة بين المملكة وسنغافورة مثلا. كانت هذه الدولة في الستينيات والسبعينيات جزيرة صغيرة وكانت تقنية المعلومات فيها تكاد تكون معدومة، ولكن سنغافورة نظرت إلى الموضوع من بعد استراتيجي و أصبحت في الثمانينيات وليس التسعينيات من الدول الرائدة في العالم في صناعة تقنيات المعلومات بصفة عامة.
يتبع
http://www.aleqt.com/nwspic/51208.jpg
- عبدالعزيز المبحل - 22/10/1427هـ
تقدمت المملكة دول المنطقة بإدخال صناعة تقنية المعلومات أوائل السبعينيات من خلال العقود الحكومية التي أبرمت مع عدد من الدول المتقدمة. ولكنها أهملت في حقبة الثمانينيات والتسعينيات، حتى تجاوزتنا دول مجاورة لم تكن تعرف هذه التقنية وقت دخولها إلينا، وشملت هذه التقنية مناحي الاقتصاد، في كل شركة ومصنع ومجال استثماري تجدها بل وصلت إلى أكثر من 10 في المائة من إجمالي الدخل القومي لبعض الدول المتقدمة وحتى الآن لم نعطها القدر الكافي من الأهمية وتأخرها يعوق ويبطئ نمو الاقتصاد بشكل عام.. إلى الندوة:
السعودية سبقت دولا كثيرة في المنطقة في إدخال تقنية المعلومات، والآن نحن متأخرون عنها، ما الأسباب؟
الدباغ: السعودية سبقت دولا كثيرة في تقنية المعلومات وللأسف مازلنا إلى الآن في مراحلنا الأولية، ولكن أعتقد أنها في القطاع الخاص أفضل بقليل، وإن شاء الله المستقبل أفضل، فمازال أمامنا الكثير الذي يجب علينا عمله في هذا المجال، هناك واجب على القطاع الخاص في أن تتحد شركاته فيما بينها انطلاقا من المسؤولية الاجتماعية، كما يجب على الدولة أن تسهل وتقوي البنية التحتية لقطاع تقنية المعلومات.
أسباب التأخر، ما هي؟
الدباغ: أولا يجب أن تكون هناك قوانين كاملة ومتطورة تساعد على إنشاء صناعة معلوماتية، فهناك قوانين تحتاج إلى إضافة وتطوير وهناك بعض القيود تعوق هذه الصناعة، ويجب أن يكون هناك تسهيل في القيود المفروضة على بعض القوانين، ثم أن عملية الدعم المالي مهمة جدا، ولا يوجد ما هو بارز أو واضح في موضوع الصناديق الخاصة بدعم صناعة تقنية الاتصالات إلى الآن، ربما هذه أهم الأسباب، وطبعا فتح السوق للكل، فتح سوق الاتصالات في السنة الأخيرة، خطوة جيدة ومن المفترض أن يكون هناك فتح أكبر للأسواق.
هل عدم فتح السوق يعتبر معوقا مهما في تأخرنا عن العالم المحيط بنا في تقنية المعلومات؟
الدباغ: لا أشك في أن فتح السوق يؤدي إلى المنافسة، والمنافسة تؤدي إلى تطور الكل.
الفارس: أعتقد أن من الأسباب الأساسية لتـأخر صناعة المعلومات لدينا، يكمن في تعريف الوزارة المعنية حيث أن صناعات أخرى وصلت درجات متقدمة بفضل الدعم المادي بقنواته المختلفة، لذا من الضروري أن يجد قطاع التقنية مثل هذا الدعم، والأمر الآخر أننا إلى الآن لا توجد لدينا كيانات كبيرة في تقنية المعلومات تخدم في هذا القطاع الحيوي والمهم، ودليل ذلك أنه ليس لدينا شركة واحدة لتقنية المعلومات مسجلة في سوق الأسهم السعودية، وفي نظري أن القطاع الخاص والقطاع العام إلى الآن لم يدركا بشكل كاف أهمية دور تقنية المعلومات، ولم نشعر به بعد كمنتج سواء للقطاع الخاص مبيعات أو ربحا، أو للقطاع الحكومي أيضا.
وآمل التقارب بين القطاعين الخاص والعام ومازالت هناك غمامة بينهما، والبيئة مهيأة للنجاح.
كيف تكون البيئة مهيأة للنجاح ونحن متأخرون؟
الفارس: لأن صاحب العمل أو صاحب الملك في المنشأة هذه، لا يرى أن لتقنية المعلومات دورا مهما، تؤديه كما تؤديه غيرها، أي أنه ليس بالضرورة أنني أرى فائدة لها، ولم يربطها التاجر الصغير ولا يربطها بهذا الربط، أعتقد أننا متجهون إلى بيئة القوانين، و لم نصل بعد إلى مرحلة النضج والوعي بأهميتها.
القوانين الحالية ألا تفي بتقدم قطاع الاتصالات؟
الفارس: هناك بطء شديد، أنظر إلى قطاع الاتصالات، أعتقد أننا قطعنا مرحلة كبيرة في هذا القطاع، أما قطاع تقنية المعلومات فما زلنا نخطو خطوة أبطأ بكثير من قطاع الاتصالات، أعتقد أن القوانين الموجودة عندنا من القوانين المميزة، نحن لا نتحدث عما مضى، نتكلم عن المرحلة الآنية والتي أصبحت شفافة، الاتصالات وتقنية المعلومات في المرحلة المقبلة يتقاربان مع بعضهما، ونحن إن شاء الله نحن متجهون إليها، لكن تقنية المعلومات مازالت أبطأ من غيرها، انظر إلى الكيانات الكبيرة مثل "أرامكو"، تجدها متقدمة في البتروكيماويات، ولا تنس "سابك"، وصناعة المصارف تبني بنياتها في صناعة التقنية بشكل جيد، نسبيا، مقارنة بالمنطقة العربية ككل نحن متقدمون جدا، ومن الإجحاف أن نقول إن المملكة غير متقدمة في الاتصالات والواقع أننا نقود هذا المجال.
لماذا تتأثر الصناعة المصرفية أو غيرها من الصناعات بالتأخر العام لقطاع الاتصالات؟
الفارس: في وقت ما هي جيدة، لكن الآن أعتقد أن الاتصالات قلت، ولأعطيك مثالا بسيطا، فعندما تذهب لتشتري شيئا ما الساعة الحادية عشرة ليلا، نقاط البيع في الغالب تضيع حقك لأن الشبكة لا تعمل، وآخر الشهر الشبكة شبه متوقفة بسبب الضغط وهذه النقاط وسيلة للصناعة المصرفية التي تستخدم الاتصالات.
العبد الجبار: أولا أحب أن أؤكد نقطة، هل نحن فعلا متأخرون في تقنية المعلومات أم لا؟ وهل كنا بالفعل متقدمين على غيرنا؟ بالمقارنة النسبية بين وضعنا في السبعينيات بيننا وبين الدول المحيطة، ومقارنتها بوضعنا الحالي، أعتقد أن هناك بونا شاسعا جدا، إذا أخذنا وضع تقنية المعلومات في السعودية في السبعينيات وبين وضعنا اليوم مقارنة بالمنطقة تجد أنه هناك فرقا كبيرا بيننا وبين غيرنا، والوضع للأسف ليس في صالحنا، ولكن في السنوات الأربع الأخيرة بدأنا نتحرك كي نلحق بمن تأخرنا عنهم.
والآن في تقديري الشخصي أن الأسباب لذلك الوضع ترجع لسببين رئيسين:
أولا: أداء الجهاز الحكومي في السبعينيات وإنفاقه على التقنية واستغلالها كان أعلى مفارقة بالإنفاق العالمي عليها. وعلى الرغم من أن نسبة الدخل في البلاد بقيت على ما هي عليه فيما بعد.
وفي الثمانينيات والتسعينيات قل الإنفاق الحكومي كما هو الحال في المجالات الأخرى.
وقد حدث في كثير من مناطق العالم، أن تقنية المعلومات والاتصالات بدأت بجهود حكومية رسمية، ومع الوقت، انتقلت إلى القطاع الخاص وتولى القطاع الخاص إدارتها، وتوقف الإنفاق الحكومي عليها، وبما أنه لم يكن هناك أي جهد منظم مبذول كي يأخذ القطاع الخاص المبادرة ويستمر في تعزيز استخدام وسائل تقنية المعلومات، وفي تقديري الشخصي هذان السببان الرئيسيان لتأخرنا في تقنية المعلومات.
ما السبب في أننا دعمنا تقنية المعلومات في السبعينيات وعرفنا أهميتها، ولم نعرف ذلك في الثمانينيات والتسعينيات؟
العبد الجبار: الوعي بأهمية تقنية المعلومات كان موجودا، لكن الذي تغير، الأدوات التي تمكن من الاستفادة منه، في السبعينيات كان لدى الدولة قدرة مالية وأنفقت عليها، وفي الثمانينيات والتسعينيات لا الدولة أنفقت ولا حاولت تدعيم دور القطاع الخاص وتشجيعه لكي يتولى إدارة تقنية المعلومات، فلم يعد لدينا استثمار في تقنية المعلومات، وبالتالي لم يحدث نمو فيها، عكس الأخرين، فتجد مثلا في مصر والأردن، مبادرات قادتها الدولة تقوم على تطوير صناعة المعلومات في القطاع الخاص، وهذا القطاع هو الذي قام بالدور والمبادرة المطلوبة أكثر.
الجبر: أود أن أحدد مسألة أن السعودية سبقت غيرها في المنطقة في تقنية المعلومات، فلو حددناها في فترة زمنية معينة ولنقل فترة السبعينيات، كانت هذه الفترة التي سبقت فيها السعودية بعض دول الجوار في إدخال الحاسب الآلي. أتصور أنها سبقت بعض دول المنطقة في إدخال الحاسب الآلي، وأتوقع أن السعودية لم تسبق هذه الدولة في ذلك الوقت لقناعتها بأهمية الحاسب الآلي، ولم تسبق الدولة في إدخال الحاسب الآلي لقناعة المجتمع وثقافته في ذلك الوقت بأهمية الحاسب الآلي ودوره في تحفيز الاقتصاد. كان السبب الرئيسي في ذلك الوقت لإدخال الحاسب الآلي، يرجع إلى أن البلد كان في طور بعد تنموي جديد بالنسبة له، فكانت الخطوة المباركة والموفقة في ذلك الوقت، ترتيب اتفاقيات تعاون فني بين حكومة المملكة وحكومات الدول الصديقة، والاتفاقيات هذه هي التي اهتمت بالحاسب الآلي. لم نأت به لقناعتنا أو لمعرفتنا السابقة به، إنما جاءت نتيجة اتفاقيات كانت مع أمريكا، اليابان، كوريا الجنوبية، وألمانيا، ولو رجعنا إلى التاريخ فسنجد أن كل جهة حكومية كانت لديها اتفاقية تعاون فني مع هذه الدول، وكانت الدول الصديقة هذه في اتفاقياتها قد أدخلت موضوع الحاسب الآلي معها. وأستطيع أن أضرب أمثلة لثلاث أو أربع جهات حكومية، ونرى كيف أن هذه الاتفاقيات ساعدتها على إدخال الحاسب الآلي، لو ترك الموضوع لنا لما رأينا الحاسب الآلي، ربما إلى منتصف الثمانينيات أو أوائل التسعينيات، لأنه كان جديدا علينا، وما كنا ندرك في ذلك الوقت أهمية استخدام الحاسب الآلي في البلد. وفي الثمانينيات والتسعينيات مع الأسف اتفاقيات التعاون الفني إما توقفت نهائيا أو انخفضت ميزانياتها، أو تم خفض دور تلك الدول في هذه الاتفاقيات، وجميعنا نذكر أنه في السبعينيات وبداية الثمانينيات كيف كان للجهات العلمية الأجنبية حضور كبير ودور في إيجاد هذه البيئة في تلك الأيام، لكن الثمانينيات والتسعينيات لم تشهد الزخم نفسه الذي كان في نهاية السبعينيات وهذا في رأيي أحد الأسباب الرئسية لتراجع استخدام المملكة للحاسب الآلي. وكنا سابقين لبعض الدول، ولكن مع مرور الوقت أدركت دول الجوار أهمية هذه البرامج للتعاون الفني، ولو لا حظنا أن أكثر دول الجوار تقدمت في ذلك، هما مصر والأردن وتعود الأسباب لاتفاقيات التعاون الفني بالذات مع الولايات المتحدة ومع الدول الأوروبية، أما الاتحاد الأوروبي أو بعض الدول الرئيسة. دول الخليج كانت نظرتها مختلفة نوعا ما، وساعد صغر حجم دول الخليج وسهولة اتخاذ القرار منها وتبعات هذا القرار على أن تسبق المملكة في موضوع الحاسب الآلي وتقنية المعلومات، صغر حجم الدول، ووجود آلية اتخاذ القرار في شخص واحد أو شخصين تجعل عملية اتخاذ القرار تتم في فترة وجيزة وسريعة ما يساعد على أن تستخدم تقنيات المعلومات بشكل أسرع.
لو أخذنا عنصر صغر الحجم كعامل مساعد على اتخاذ القرار، فكيف نقارن ذلك بالهند وهي متقدمة كثيرا في مجال تقنية المعلومات؟
الجبر: اختلف معك في هذا، لأن الثقافة مختلفة، لا نستطيع أن نقارن أنفسنا بدولة لها مئات السنين وتطورت قبل دول الخليج التي لم تعرف التطور أو التنمية إلا بداية السبعينيات بعد استقلالها عن الانتداب البريطاني، والثقافة نفسها مختلفة، ثقافة البلد التي تعودت على التبادل التجاري فقط، ولم تتعود على التقنيات والاستخدام. ليس بالذات تقنية المعلومات ولكن حتى التقنيات الأخرى في الصناعة، الزراعة، كما في دول أخرى، فهذه أتوقع الأسباب الرئيسية.
وكأسباب ثانوية أخرى، نجد أن نظرة المجتمع لتقنية المعلومات ليست مناسبة وليست مماثلة لنظرة كل الدول المتقدمة في الحاسب الآلي وتقنية المعلومات، وقلة دعم الجهات الحكومية لتقنية المعلومات. هذا الدعم قد يأخذ دور الريادة واتخاذ القرار وقد يأخذ دور المحفز، ولو بنظرة بسيطة للمقارنة بين المملكة وسنغافورة مثلا. كانت هذه الدولة في الستينيات والسبعينيات جزيرة صغيرة وكانت تقنية المعلومات فيها تكاد تكون معدومة، ولكن سنغافورة نظرت إلى الموضوع من بعد استراتيجي و أصبحت في الثمانينيات وليس التسعينيات من الدول الرائدة في العالم في صناعة تقنيات المعلومات بصفة عامة.
يتبع