د.عبدالله الحمود
02-02-2007, 04:53 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الآثار النفسية للمعصية
المعصية هي رفض التطابق مع إرادة الله.. إرادة الحق والخير. والمعصية حدث وموقف إنساني، يولد وينمو في داخل الذات الإنسانية، ثم يتجسد ويظهرنتيجة للاختبار والفعل الذي يمارسه الإنسان.. ولا يمكن لهذا الفعل والحدث أن يقع فيعالم الإنسان، دون أن يترك بصماته وآثاره على لوحة النفس الإنسانية.. فكل فعل يصدرمن الإنسان ـ خيراً كان أو شراً ـ يترك أثره ونتيجته، واضحة على تكوين الإنسانالنفسي، وتشكيله الذاتي، وسلوكه الاعتيادي ،فالذنوب والمعاصي إذا ما تراكمت وتجمعت،صنعت حاجباً ضبابياً، ومحيطاً ظلامياً، يحول بين النفس وبين رؤية النور، وتلمس طريقالاستقامة.. فهناك علاقة طبيعية، بين تراكم المعاصي، وبين التطبع والاعتياد علىالانحراف، وتشكيل شخصية إنسانية معقدة ومريضة.. فإن الإدمان على الجريمة والمعصية،يمتص كل ردود الفعل المعاكسة، الّتي يبديها الضمير والإحساس الإنساني اليقظ، ويسخرحركة النفس كلها، باتجاه الفعل الشاذ والمنحرف، نتيجة للتكرار والاعتياد.
وقد تحدث القرآن الكريم، عن هذه الوضعيةالإنسانية المنحرفة، ولخَّص تحليلها وأسسها النفسية، وأبعادها السلوكية، قالتعالى:
(في قُلوبِهِمْ مَرَضٌ فزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً ولهمْ عذابٌأليمٌ بما كانوا يَكذِبُون).( البقرة/10)
(كَلاَّ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْما كانُوا يَكْسِبُون).(المطففين/14)
(... فلمَّا زَاغُوا أزَاغَ اللهُقُلوبَهُمْ وَاللهُ لا يَهدي القومَ الفَاسِقين).(الصف/5)
(ثُمَّ قَسَتْقُلوبُكُمْ مِنْ بعدِ ذلك فهيَ كالحجارةِ أو أشَدُّ قَسْوَةً).(البقرة/74)
(فَبَِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُم وكُفْرِهِم بآياتِ اللهِ وقَتْلِهِمُ الأنبياءَبغيرِ حق وَقَولِهِمْ قلوبُنا غُلفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عليها بِكُفْرِهِمْ فلايُؤمِنُون إلاّ قليلا).(النساء/155)
فهذا التحليل القرآني، يمنح الإنسانرؤية علمية، ويبصِّره بأثر المعصية على النفس الإنسانية ويُحذرُه من المردوداتالسلبية، الّتي تنعكس على النفس، وتحول الشخص السوي إلى شخص مدمن على الجريمة،معتاد على المعصية، لا يفرق بين قتل النفس المحرمة وصيد الطائر المباح، ولا يميزبين أن يعيش على السرقة والغش وبين أن يكسب من عرق جبينه وعصارة جهده.. ولا يعنيهأن يبيع كرامته، أو يسقط حرمة نفسه لقاء ثمن بخس لا يزيد على ملء بطنه.. إن مثل هذاالشخص سيوغل في المعصية، ويتمادى في الجريمة، حتى يتحول الى مجرم معتاد، يحبالجريمة، ويتلذذ باقترافها، ولا تستريح نفسه إلاّ بممارستها.
لذلك تحدث القرآن عن أخطار الآثار الانحرافية، الناتجة عنممارسة المعاصي، والاستمرار عليها، فكشف عن أكثرها خطورة وتأثيراً، وهي:
الزيغ(3) ـ المرض ـ الرين(4)ـ القسوة(5) ـ الطبع على القلب(6).
فالإنسان إذا ما اعتاد على ارتكاب الجرائم والآثام، أثّر ذلكعلى قلبه، وتراكمت عليه، وحالت بينه وبين الرؤية السليمة، فلا يبصر الاستقامة، ولايستسيغ حياة الفضيلة لذلك وصف القرآن الكريم هذه النفوس المجرمة بأنها نفوس مريضة،وعليها حجاب أو مطبوع عليها، أي متشكلة بموجب السلوك الإجرامي، وطبيعة الانحرافالذي اختارته تلك القلوب طريقاً لها في التعامل والتصرفات.
لذلك أمر الإنسان المسلم أن لا يستهين بذنب، ولا يستصغر معصية،وأن يحاسب نفسه ويستغفر، كلما أذنب أو عصى، لتتسع المسافات والأبعاد النفسية بينهوبين المعصية، وليبقى يقظ الضمير، حي الإحساس، سليم النفس، مستقيم السلوك.
هذا جزء من رسالتي لنيل درجة الماجستير وقد نشر في بعض المجلات والدوريات منها مجلة البصائر التي اصدرتها مدارس الامام الشافعي لتحفيظ القرآن الكريم بتبوك
والى الملتقى ايه الاحبه وتقبلوا تحية اخوكم
د.عبدالله الحمود
الآثار النفسية للمعصية
المعصية هي رفض التطابق مع إرادة الله.. إرادة الحق والخير. والمعصية حدث وموقف إنساني، يولد وينمو في داخل الذات الإنسانية، ثم يتجسد ويظهرنتيجة للاختبار والفعل الذي يمارسه الإنسان.. ولا يمكن لهذا الفعل والحدث أن يقع فيعالم الإنسان، دون أن يترك بصماته وآثاره على لوحة النفس الإنسانية.. فكل فعل يصدرمن الإنسان ـ خيراً كان أو شراً ـ يترك أثره ونتيجته، واضحة على تكوين الإنسانالنفسي، وتشكيله الذاتي، وسلوكه الاعتيادي ،فالذنوب والمعاصي إذا ما تراكمت وتجمعت،صنعت حاجباً ضبابياً، ومحيطاً ظلامياً، يحول بين النفس وبين رؤية النور، وتلمس طريقالاستقامة.. فهناك علاقة طبيعية، بين تراكم المعاصي، وبين التطبع والاعتياد علىالانحراف، وتشكيل شخصية إنسانية معقدة ومريضة.. فإن الإدمان على الجريمة والمعصية،يمتص كل ردود الفعل المعاكسة، الّتي يبديها الضمير والإحساس الإنساني اليقظ، ويسخرحركة النفس كلها، باتجاه الفعل الشاذ والمنحرف، نتيجة للتكرار والاعتياد.
وقد تحدث القرآن الكريم، عن هذه الوضعيةالإنسانية المنحرفة، ولخَّص تحليلها وأسسها النفسية، وأبعادها السلوكية، قالتعالى:
(في قُلوبِهِمْ مَرَضٌ فزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً ولهمْ عذابٌأليمٌ بما كانوا يَكذِبُون).( البقرة/10)
(كَلاَّ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْما كانُوا يَكْسِبُون).(المطففين/14)
(... فلمَّا زَاغُوا أزَاغَ اللهُقُلوبَهُمْ وَاللهُ لا يَهدي القومَ الفَاسِقين).(الصف/5)
(ثُمَّ قَسَتْقُلوبُكُمْ مِنْ بعدِ ذلك فهيَ كالحجارةِ أو أشَدُّ قَسْوَةً).(البقرة/74)
(فَبَِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُم وكُفْرِهِم بآياتِ اللهِ وقَتْلِهِمُ الأنبياءَبغيرِ حق وَقَولِهِمْ قلوبُنا غُلفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عليها بِكُفْرِهِمْ فلايُؤمِنُون إلاّ قليلا).(النساء/155)
فهذا التحليل القرآني، يمنح الإنسانرؤية علمية، ويبصِّره بأثر المعصية على النفس الإنسانية ويُحذرُه من المردوداتالسلبية، الّتي تنعكس على النفس، وتحول الشخص السوي إلى شخص مدمن على الجريمة،معتاد على المعصية، لا يفرق بين قتل النفس المحرمة وصيد الطائر المباح، ولا يميزبين أن يعيش على السرقة والغش وبين أن يكسب من عرق جبينه وعصارة جهده.. ولا يعنيهأن يبيع كرامته، أو يسقط حرمة نفسه لقاء ثمن بخس لا يزيد على ملء بطنه.. إن مثل هذاالشخص سيوغل في المعصية، ويتمادى في الجريمة، حتى يتحول الى مجرم معتاد، يحبالجريمة، ويتلذذ باقترافها، ولا تستريح نفسه إلاّ بممارستها.
لذلك تحدث القرآن عن أخطار الآثار الانحرافية، الناتجة عنممارسة المعاصي، والاستمرار عليها، فكشف عن أكثرها خطورة وتأثيراً، وهي:
الزيغ(3) ـ المرض ـ الرين(4)ـ القسوة(5) ـ الطبع على القلب(6).
فالإنسان إذا ما اعتاد على ارتكاب الجرائم والآثام، أثّر ذلكعلى قلبه، وتراكمت عليه، وحالت بينه وبين الرؤية السليمة، فلا يبصر الاستقامة، ولايستسيغ حياة الفضيلة لذلك وصف القرآن الكريم هذه النفوس المجرمة بأنها نفوس مريضة،وعليها حجاب أو مطبوع عليها، أي متشكلة بموجب السلوك الإجرامي، وطبيعة الانحرافالذي اختارته تلك القلوب طريقاً لها في التعامل والتصرفات.
لذلك أمر الإنسان المسلم أن لا يستهين بذنب، ولا يستصغر معصية،وأن يحاسب نفسه ويستغفر، كلما أذنب أو عصى، لتتسع المسافات والأبعاد النفسية بينهوبين المعصية، وليبقى يقظ الضمير، حي الإحساس، سليم النفس، مستقيم السلوك.
هذا جزء من رسالتي لنيل درجة الماجستير وقد نشر في بعض المجلات والدوريات منها مجلة البصائر التي اصدرتها مدارس الامام الشافعي لتحفيظ القرآن الكريم بتبوك
والى الملتقى ايه الاحبه وتقبلوا تحية اخوكم
د.عبدالله الحمود