أم حبيبة البريكى
03-17-2004, 07:06 PM
مناهجنا وشيء اسمه الإرهاب
د. عبد الوهاب الطريري
ليس عجيباً أن يكون من مظاهر النعرة الأمريكية، وزهو القوة وغرورها التدخل في خصوصيات المسلمين، وصميم حقوقهم المعنوية، وكان هذا ظاهراً في خطاب الكاتب اليهودي الأمريكي (فريد مان) عن مناهج التعليم لدينا، وأنها المسؤولة عن الإرهاب، ولكن الأعجب الذي لا ينقضي منه العجب أن نسمع رجع الصدى في كتابات لكتاب خليجيين في صحفنا المهاجرة، ثم تبعهم بعض إخواننا في صحفنا المحلية.
وليس بخاف أن المقصود بالهجوم على المناهج والمطالبة بتغييرها ليس إلا مناهجنا في المملكة السعودية، وليس المناهج التي صنعها (اللورد كرومر)، ولا مناهج بلدان شقيقة ليس لمواد الدين فيها قدر العشر مما للرسم والرياضة والموسيقى.
وليس لدي من تعليق إلا بعض الأسئلة والتساؤلات حول الموضوع.
- هل من الموضوعية توحيد السبب وقصره في سبب واحد بعيد كل البعد عما حدث، وتجاهل الأسباب الحقيقية المؤثرة؟
- أليست هذه المناهج التي لدينا هي المناهج التي تخرَّج عليها وزراء وسفراء وأساتذة الجامعات وكتاب تلك المقالات أيضاً، فما الحصانة التي جعلتهم لا يتأثرون بها مع ملايين الخريجين، في حين نجحت في التأثير في خمسة عشر شاباً؟!
- كم عدد الذين تخرجوا من المدارس الدينية - كما توصف - من بين هؤلاء الذين يسمون بالإرهابيين. ونحن نعلم أن أدنى مراجعة لسجِلِّهم العلمي تُبين أن فئة كبيرة منهم لم تكمل تعليمها النظامي، والفئة الأخرى في تخصصات أخرى ليست شرعية، كالطب والهندسة مثلاً.
- أليس رجال الجماعات المتهمة بالعنف في مصر هم الذين كانوا أطفالاً في عهد الرئيس عبد الناصر، فتفتح وعيهم على التعليم والإعلام والثقافة والأدب وكلها تربي الناس على المبادئ القومية والاشتراكية؟
- ما المدارس الدينية التي تخرج منها مجندو جماعات العنف في الجزائر، والذين كانوا أطفالاً في عهد الرئيس (بومدين) يوم كانت البلاد تعيش ظلمات الاشتراكية وتغالب فلول الفرنسة.
- أليس الأزهر أكبر معقل علمي ديني، وأضخم جامعة إسلامية، فكم نسبة الذين وقعوا في مدحضة اجتهادات العنف إلى عدد خريجيه، وكم نسبتهم إلى أصحاب هذا الاتجاه من الجامعات الأخرى؟
- هل مصدر التلقي والتكوين العلمي والعقلي محصور في المدارس النظامية والجامعة الدينية، أليس الإعلام أقوى سطوة وأوسع انتشاراً وأكثر كثافة؟ ماذا تساوي ساعات الجلوس على مقاعد الدراسة في فصلي العام الدراسي إلى الساعات الطوال التي تتعاقب فيها وسائل الإعلام مسموعة ومقروءة ومرئية. على عقل الإنسان ووجدانه؟
- ما المناهج التعليمية الدينية التي أثَّرت في كاتب كويتي يطالب بتغيير مناهجنا اليوم حتى ذهب في يفاعة شبابه مناضلاً مع جبهة تحرير ظفار ليقاتل إخوة له في الإسلام والعروبة والرحم من أجل مبادئ يسار اليسار. وما المناهج الدينية التي كانت وراء قيام مجموعات من الشباب اليساري بتفجيرات الستينات في الكويت، وكان هناك شاب في مثل سنه متهماً فيها؟!!
- أليست المدارس والمعاهد الشرعية قائمة منذ مئات السنين؟ فأين الإرهاب الذي أفرزته كل تلك الحقب.
- ألم تمضِ السنوات وهذه المدارس لا تذكر إلا على سبيل الزراية بها ووصفها بالجمود والتحجر، وعدم التعامل مع المجتمع، وعدم القدرة على التأثير فيه، ثم ادكّرنا بعد أمة أنها تؤثر هذا التأثير كله، وراجت عندنا التهمة لما صنعت وصدرت ضمن الصادرات الأمريكية.
- أليس من الغريب العجيب أن هذه المدارس الشرعية مستهدفة من هذا التيار الأمريكي وامتداده، كما هي مستهدفة في الوقت ذاته لهجوم عنيف من جماعات العنف ذاتها؟
- ألم يعلم إخواننا وهم يقولون ذلك أن أول خطوات الفكر المنحرف تزهيد الناس في الدراسة النظامية بعامة والشرعية بخاصة، وأحياناً تحريمها بحجج متنوعة أدناها أن هذه الدراسة منـزوعة البركة، وأنه لا يبتغى بها وجه الله، بينما السبب الحقيقي أن التعليم الشرعي المتكامل الذي يجمع بين الفقه وأصوله، والحديث وشروحه، والقرآن وتفسيره، يخرج أفواجاً مؤصلة بقواعد ضابطة، عاصمة من الغلو والجنوح، راسخة فلا يسهل استلابها والتأثير عليها، وهذا هو السر في ندرة خريجي الجامعات الشرعية بين الجماعات الغالية.
- إذا اتهمت مناهجنا وحملت المسؤولية عن الذين درسوها، فماذا عن الذين لم يدرسوا في هذه البلاد وإنما تناثرت بلادهم من موريتانيا والجزائر وليبيا إلى استراليا وأمريكا فما مدى مسؤولية التعليم والمناهج عن هؤلاء، وهل يصلح اعتبارها قاسماً مشتركاً.
- وكم تمنينا من الإخوة الذين ترجموا لنا الطلب الأمريكي أن ينقلوا تساؤلاتنا إليهم بالأمانة ذاتها.
- أليس في هذا التدخل الأمريكي اصطدام رأسي مع القيم التي تتبناها أمريكا من الحرية والديموقراطية، إذ ينـزع هذا الطلب إلى سلب المسلمين حرية التدين والتعلم، ويفرض عليهم ما يتعلمون وما يعتقدون، وما عليهم أن يتركوه من المعتقدات.
- ماذا عن الجامعات الكنسية في أمريكا وهي كثيرة، أو الجامعات التي لها ارتباط بالكنيسة وهي أكثر. وكذا المدارس الدينية وهي بعشرات الألوف، ناهيك عن المحطات الإذاعية والتلفازية الدينية. وهل سيطالها ما يطال المدارس الإسلامية أم ستظل تتمتع بنعيم الحرية والديموقراطية الأمريكاني.
- وهل سيقال مثل ذلك عن المدارس التلمودية في إسرائيل التي تخرج أوقح وأشرس الإرهابيين، وكان من ضمنهم (إيجال عامير) قاتل إسحاق رابين.
- ونسأل أيضاً عن مسؤولية مناهجنا وتعليمنا عن إرهاب الأوربيين لبعضهم في حربين عالميتين لم تشهد الدنيا قبلها مثلها، وماذا عن إرهاب الجيش الجمهوري الإيرلندي، ومنظمة الباسك، والألوية الحمراء، والجيش الأحمر الياباني، وثوار تاميل، ونيكارجوا، والمافيا، والخمير الحمر...الخ.
- وماذا عن نصوص السيف والدم في الكتاب المقدس، فالأستاذ (فريد مان) يعرفها جيداً ولكن نُذَكِّر بها أيضاً (ففي إنجيل متّى الإصحاح (34) ينسب إلى المسيح – عليه السلام - قوله "لا تظنوا أني جئتُ لأرسي سلاماً على الأرض. ما جئت لأرسي سلاماً بل سيفا. فإني جئت لأجعل الإنسان على خلاف مع أبيه، والبنت مع أمها، والكنة مع حماتها. وهكذا يصير أعداء الإنسان أهل بيته".
وفي إنجيل لوقا الإصحاح (35) ينسب له أيضاً " أما الآن، فمنْ عندهُ صرة مال، فليأخذها؛ وكذلك من عنده حقيبة زادٍ. ومن ليس عنده فليبع رداءه ويشترِ سيفاً".
فهل سيطالب هؤلاء جميعاً بتغيير مناهجهم، أم أن الإرهاب لا يقصد به إلا المسلمون، ولا يوجد إلا في مناهجهم؟
- ماذا عن ذلك كله، أم أن المطلوب - أيضاً - هو أن يهجر المسلمون دينهم ولا يتعلمون ولا يعتقدون إلا وفق خطة أمريكية، وأن القصد تجفيف منابع التعليم الشرعي للقضاء على البقية الباقية من معالم الدين "والله متم نوره ولو كره المشركون" "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".
- وبعد فليس في كل ما مضى تزكية لمناهجنا فالشرعية منها – بخاصة - لا تزال تعاني نقصاً في جوانب مهمة، منها التكوين التربوي والأخلاقي، وتزكية النفوس، والتأسيس العقدي المتكامل، وإعطاء السيرة النبوية حقها من الإيفاء وكذا قصص الأنبياء وسير الصحابة، والتأصيل لمقاصد الشريعة وقواعدها الجامعة، مع التخفيف من التفصيلات الفقهية التي هي لخاصة طلبة العلم وليست لعامة المتعلمين، مع أن الوقوف مع هذه النقطة بـحاجة إلى مقال مستقل بل مقالات متتابعة، وكذا الشأن في بقية المناهج فهي بحاجةٍ إلى تعاقب التجديد والتطوير والمراجعة والتحديث. ولكن شتان بين تطوير المناهج الذي ينادي به الناصحون وينفذه المصلحون، وبين التغيير الذي يأتي بتوجيهٍ أمريكي قائم على البهت والاتهام، منتجاً سلخاً للشخصية، وطمساً للهوية، وعبثاً بالمنهج، ويكفي أهل الكتاب تحريفهم كتبهم، وعبثهم برسالات رسلهم و(يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون).
د. عبد الوهاب الطريري
ليس عجيباً أن يكون من مظاهر النعرة الأمريكية، وزهو القوة وغرورها التدخل في خصوصيات المسلمين، وصميم حقوقهم المعنوية، وكان هذا ظاهراً في خطاب الكاتب اليهودي الأمريكي (فريد مان) عن مناهج التعليم لدينا، وأنها المسؤولة عن الإرهاب، ولكن الأعجب الذي لا ينقضي منه العجب أن نسمع رجع الصدى في كتابات لكتاب خليجيين في صحفنا المهاجرة، ثم تبعهم بعض إخواننا في صحفنا المحلية.
وليس بخاف أن المقصود بالهجوم على المناهج والمطالبة بتغييرها ليس إلا مناهجنا في المملكة السعودية، وليس المناهج التي صنعها (اللورد كرومر)، ولا مناهج بلدان شقيقة ليس لمواد الدين فيها قدر العشر مما للرسم والرياضة والموسيقى.
وليس لدي من تعليق إلا بعض الأسئلة والتساؤلات حول الموضوع.
- هل من الموضوعية توحيد السبب وقصره في سبب واحد بعيد كل البعد عما حدث، وتجاهل الأسباب الحقيقية المؤثرة؟
- أليست هذه المناهج التي لدينا هي المناهج التي تخرَّج عليها وزراء وسفراء وأساتذة الجامعات وكتاب تلك المقالات أيضاً، فما الحصانة التي جعلتهم لا يتأثرون بها مع ملايين الخريجين، في حين نجحت في التأثير في خمسة عشر شاباً؟!
- كم عدد الذين تخرجوا من المدارس الدينية - كما توصف - من بين هؤلاء الذين يسمون بالإرهابيين. ونحن نعلم أن أدنى مراجعة لسجِلِّهم العلمي تُبين أن فئة كبيرة منهم لم تكمل تعليمها النظامي، والفئة الأخرى في تخصصات أخرى ليست شرعية، كالطب والهندسة مثلاً.
- أليس رجال الجماعات المتهمة بالعنف في مصر هم الذين كانوا أطفالاً في عهد الرئيس عبد الناصر، فتفتح وعيهم على التعليم والإعلام والثقافة والأدب وكلها تربي الناس على المبادئ القومية والاشتراكية؟
- ما المدارس الدينية التي تخرج منها مجندو جماعات العنف في الجزائر، والذين كانوا أطفالاً في عهد الرئيس (بومدين) يوم كانت البلاد تعيش ظلمات الاشتراكية وتغالب فلول الفرنسة.
- أليس الأزهر أكبر معقل علمي ديني، وأضخم جامعة إسلامية، فكم نسبة الذين وقعوا في مدحضة اجتهادات العنف إلى عدد خريجيه، وكم نسبتهم إلى أصحاب هذا الاتجاه من الجامعات الأخرى؟
- هل مصدر التلقي والتكوين العلمي والعقلي محصور في المدارس النظامية والجامعة الدينية، أليس الإعلام أقوى سطوة وأوسع انتشاراً وأكثر كثافة؟ ماذا تساوي ساعات الجلوس على مقاعد الدراسة في فصلي العام الدراسي إلى الساعات الطوال التي تتعاقب فيها وسائل الإعلام مسموعة ومقروءة ومرئية. على عقل الإنسان ووجدانه؟
- ما المناهج التعليمية الدينية التي أثَّرت في كاتب كويتي يطالب بتغيير مناهجنا اليوم حتى ذهب في يفاعة شبابه مناضلاً مع جبهة تحرير ظفار ليقاتل إخوة له في الإسلام والعروبة والرحم من أجل مبادئ يسار اليسار. وما المناهج الدينية التي كانت وراء قيام مجموعات من الشباب اليساري بتفجيرات الستينات في الكويت، وكان هناك شاب في مثل سنه متهماً فيها؟!!
- أليست المدارس والمعاهد الشرعية قائمة منذ مئات السنين؟ فأين الإرهاب الذي أفرزته كل تلك الحقب.
- ألم تمضِ السنوات وهذه المدارس لا تذكر إلا على سبيل الزراية بها ووصفها بالجمود والتحجر، وعدم التعامل مع المجتمع، وعدم القدرة على التأثير فيه، ثم ادكّرنا بعد أمة أنها تؤثر هذا التأثير كله، وراجت عندنا التهمة لما صنعت وصدرت ضمن الصادرات الأمريكية.
- أليس من الغريب العجيب أن هذه المدارس الشرعية مستهدفة من هذا التيار الأمريكي وامتداده، كما هي مستهدفة في الوقت ذاته لهجوم عنيف من جماعات العنف ذاتها؟
- ألم يعلم إخواننا وهم يقولون ذلك أن أول خطوات الفكر المنحرف تزهيد الناس في الدراسة النظامية بعامة والشرعية بخاصة، وأحياناً تحريمها بحجج متنوعة أدناها أن هذه الدراسة منـزوعة البركة، وأنه لا يبتغى بها وجه الله، بينما السبب الحقيقي أن التعليم الشرعي المتكامل الذي يجمع بين الفقه وأصوله، والحديث وشروحه، والقرآن وتفسيره، يخرج أفواجاً مؤصلة بقواعد ضابطة، عاصمة من الغلو والجنوح، راسخة فلا يسهل استلابها والتأثير عليها، وهذا هو السر في ندرة خريجي الجامعات الشرعية بين الجماعات الغالية.
- إذا اتهمت مناهجنا وحملت المسؤولية عن الذين درسوها، فماذا عن الذين لم يدرسوا في هذه البلاد وإنما تناثرت بلادهم من موريتانيا والجزائر وليبيا إلى استراليا وأمريكا فما مدى مسؤولية التعليم والمناهج عن هؤلاء، وهل يصلح اعتبارها قاسماً مشتركاً.
- وكم تمنينا من الإخوة الذين ترجموا لنا الطلب الأمريكي أن ينقلوا تساؤلاتنا إليهم بالأمانة ذاتها.
- أليس في هذا التدخل الأمريكي اصطدام رأسي مع القيم التي تتبناها أمريكا من الحرية والديموقراطية، إذ ينـزع هذا الطلب إلى سلب المسلمين حرية التدين والتعلم، ويفرض عليهم ما يتعلمون وما يعتقدون، وما عليهم أن يتركوه من المعتقدات.
- ماذا عن الجامعات الكنسية في أمريكا وهي كثيرة، أو الجامعات التي لها ارتباط بالكنيسة وهي أكثر. وكذا المدارس الدينية وهي بعشرات الألوف، ناهيك عن المحطات الإذاعية والتلفازية الدينية. وهل سيطالها ما يطال المدارس الإسلامية أم ستظل تتمتع بنعيم الحرية والديموقراطية الأمريكاني.
- وهل سيقال مثل ذلك عن المدارس التلمودية في إسرائيل التي تخرج أوقح وأشرس الإرهابيين، وكان من ضمنهم (إيجال عامير) قاتل إسحاق رابين.
- ونسأل أيضاً عن مسؤولية مناهجنا وتعليمنا عن إرهاب الأوربيين لبعضهم في حربين عالميتين لم تشهد الدنيا قبلها مثلها، وماذا عن إرهاب الجيش الجمهوري الإيرلندي، ومنظمة الباسك، والألوية الحمراء، والجيش الأحمر الياباني، وثوار تاميل، ونيكارجوا، والمافيا، والخمير الحمر...الخ.
- وماذا عن نصوص السيف والدم في الكتاب المقدس، فالأستاذ (فريد مان) يعرفها جيداً ولكن نُذَكِّر بها أيضاً (ففي إنجيل متّى الإصحاح (34) ينسب إلى المسيح – عليه السلام - قوله "لا تظنوا أني جئتُ لأرسي سلاماً على الأرض. ما جئت لأرسي سلاماً بل سيفا. فإني جئت لأجعل الإنسان على خلاف مع أبيه، والبنت مع أمها، والكنة مع حماتها. وهكذا يصير أعداء الإنسان أهل بيته".
وفي إنجيل لوقا الإصحاح (35) ينسب له أيضاً " أما الآن، فمنْ عندهُ صرة مال، فليأخذها؛ وكذلك من عنده حقيبة زادٍ. ومن ليس عنده فليبع رداءه ويشترِ سيفاً".
فهل سيطالب هؤلاء جميعاً بتغيير مناهجهم، أم أن الإرهاب لا يقصد به إلا المسلمون، ولا يوجد إلا في مناهجهم؟
- ماذا عن ذلك كله، أم أن المطلوب - أيضاً - هو أن يهجر المسلمون دينهم ولا يتعلمون ولا يعتقدون إلا وفق خطة أمريكية، وأن القصد تجفيف منابع التعليم الشرعي للقضاء على البقية الباقية من معالم الدين "والله متم نوره ولو كره المشركون" "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".
- وبعد فليس في كل ما مضى تزكية لمناهجنا فالشرعية منها – بخاصة - لا تزال تعاني نقصاً في جوانب مهمة، منها التكوين التربوي والأخلاقي، وتزكية النفوس، والتأسيس العقدي المتكامل، وإعطاء السيرة النبوية حقها من الإيفاء وكذا قصص الأنبياء وسير الصحابة، والتأصيل لمقاصد الشريعة وقواعدها الجامعة، مع التخفيف من التفصيلات الفقهية التي هي لخاصة طلبة العلم وليست لعامة المتعلمين، مع أن الوقوف مع هذه النقطة بـحاجة إلى مقال مستقل بل مقالات متتابعة، وكذا الشأن في بقية المناهج فهي بحاجةٍ إلى تعاقب التجديد والتطوير والمراجعة والتحديث. ولكن شتان بين تطوير المناهج الذي ينادي به الناصحون وينفذه المصلحون، وبين التغيير الذي يأتي بتوجيهٍ أمريكي قائم على البهت والاتهام، منتجاً سلخاً للشخصية، وطمساً للهوية، وعبثاً بالمنهج، ويكفي أهل الكتاب تحريفهم كتبهم، وعبثهم برسالات رسلهم و(يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون).