دانة الخليج
07-11-2007, 12:38 PM
عمّـار يرفض ( حمّالة ) العجز ويقدم درساً لدنيا الأصحاء
http://images.cjb.net/b233d.jpg
http://images.cjb.net/aea1c.jpg
لم تقف الإعاقة رغم وخزاتها المؤلمة حاجزا يحول بينه وبين الانطلاق ولم تكن نظرات الانهزاميين التي تعرقل الأقدام والأحلام إلا وقودا يحركه للأمام ويمنحه بحق أنفاس الطموح.. شاب سعودي رفض دنيا العاجزين وشطب من قاموسه مفردة الاستسلام وصنع لذاته شمسا تنير له طريق الحياة. أنه عمار بوقس طالب الإعلام بجامعة الملك عبد العزيز شاب لم يمتلك من أدوات النصر على الزمن سوى لسان ينطق وعيون ترى ورغم فقـر الأدوات المعينة إلا أنه اكتفى بها وجعلها بالرضا جسر النبوغ والنجاح .
الجميل في هذا الشاب كان هو الإصرار فرغم العثرات التي وضعها أمامه المحيطون والسخرية التي كان يرمقها في عيون المقربين وعبارات التهكم التي كان يسمعها من أقزام الفكر وضعاف النفوس إلا أن أهدافه وأحلامه كانت أكبر من أن تعرقلها كلمة أو توقف خطاها نظرة من عيون الساخرين .
بلسان وعينين وجسد مشلول لا يقوى على الحراك كانت انطلاقته التي لا تعرف التراجع. وبفكر متوقد وطموح غلّاب كانت نجاحاته التي أدهشت العالم وما بين العجز والنجاح رحلة طويلة خطاها بوقس على ( حمّالة ) بعجلات يدفعها تارة أخ محب وتارة أخرى صديق حبيب .ورغم الصعوبات والعراقيل والأوجاع الا أن الشاب الطموح قدّم للدنيا درسا بعنوان عريض وأثبت بألف دليل أن تربة الحياة القاسية لا تحتاج فقط ليد تحمل المعوّل بل تحتاج أيضا لفكر يحمل النور .لا تحتاج لأقدام تركض يمينا ويسارا قدر احتياجها لطموح يملأ القلوب.
مع بوقس ..صانع الشمس وهازم العجز والمنتصر على دنيا الأصحاء نمد السطور لتحمل الحكاية من بدايتها المعنّونة بتهكم الساخرين إلى نهايتها المكسوة بباقات النجاح وأزاهير الورود .
من البداية
في أمريكا ذلك الوطن البعيد ولد عمّار هيثم بوقس حاملا مفردات العجز وعدم القدرة لا يملك من مقومات العيش سوى لسان يتمتم بالحروف وعيون ترقب العالم بدهشة أما الأطراف فقد أصابها الشلل التام حتى أن الأطباء تنبأوا لهذا المولود بالموت بعد عامين .. ولكن الحياة تبسمت لهذا الطفــل وفتحت له بوابتها على المصراعين ليتحرك على بساطها بلا قدم وساق.. عاش بوقس في وطن الاغتراب حتى التاسعة من عمره ووقتما عاد إلى المملكة حاول استكمال دراسته لكنه اصطدم بنظرة المجتمع السلبية لحالته الصحية وواجه أصوات الرفض العالية بأن يكون له مكان على مقاعد الدراسة. فاضطر الصغير إلى الانتساب وبالاصرار وحده حقق بوقس المركز الخامس في الابتدائية والمتوسطة والثانوية وتخرج بدرجات اذهلت القائمين على التعليم حيث حصد قلادة الامتياز بنسبة 97%. بعدها حاول بوقس دخول جامعة الملك عبدالعزيز لكنه وجد رفضا شديدا وممانعة قوية حركتها تارة شفقة المقربين وتارة أخرى سخرية الضعاف ومع إصراره دخل الجامعة وتخيّر من الأقسام قسم الاعلام ليكون هو بوابة النبوغ .. نعم لقد تحدّى عمار بوقس نفسه والبشر ممن علت أصواتهم معللين رفضهم بأن الاعلام قسم يحتاج لمواصفات خاصة واكد بصوت الثقة طموح الرجال لا يعترف بالمقاييس ويرفض العراقيل
نظرة الأساتذة
اصطدم عمار بوقس في جامعة الملك عبد العزيز بنظرة بعض أعضـاء هيئة التدريس - الذين يفترض فيهم حسبما قال- بأنهم مثقفون حيث حاربوه بقوة وأمطروه بالعبارات المعرقلة لطموحه ولكنه لم يأبه بها وجاهد ليثبت لهم أن النجاح هو الوليد الشرعي الطموح والابن البار للأصرار والأقدام . ومع الاعاقة حصل بوقس على الدرجات العليا وحقق معدلا تراكميا هائلا بلغ 84ر4 من خمسة .
أجمل ما في بوقس هازم العجز والمنتصر على دنيا الأصحاء انه لم يفقد يوما الثقة في رعاية الرحمن وكيف يفقدها؟ وهو حافظ القرآن والمردد لآياته في صباحات كل يوم .. هذه الإيمان المطلق جعل بوقس ينظر إلى الاعاقة وكأنها هدية من الرحمن من حقه ان يزهو بها ويتباهى.
الحمالة .. القدم البديل
ولأن الاعصاب مشلولة شللا تاما جعل بوقس من ( الحمّالة ) قدما بديلة يتحرك بها في أروقة كلية الآداب تارة يدفعها أخ شقيق وكثيرا ما يحركها أصدقاء محبون.. تحد صارخ وطموح غلاب وحكاية نصر على الذات والزمن يرويها هذا الشاب الذي لا يتحرك من أطرافه سوى اللسان والعينين .. ومع فقر الجسد والذى ترجمته ندرة الأعضاء يبقى الغنى في هذه الابتسامة التي ما غابت أبدا عن الشفاه. فبوقس باسم على الدوام وكأن بسمته الجميلة هى الرد الساخر لسخرية الحياة أدهش بوقس أعضاء هيئة التدريس بطموحه وتحديه ونجاحه الذي كسر الأرقام وقفز فوق المعدلات.
المدينة في بيته
( المدينة ) طرقت منــزل عمار ورافقته حتى مقاعد الجامعة واستمعت إلى مفرداته الجميلة وحديثه العذب الذي يقطر ثقة ونجاحا فاسمعوا معنا لصوته الآن ( يقول عمار ولدت بحالتي هذه وعرضت على أحد الاطباء في الولايات المتحدة الامريكية حيث اكد لوالدىّ بأنني لن أعيش اكثر من عامين فقط وسبحان الله عشت عمرى هذا بإرادة الله وفي سن الثامنة عرضت على نفس الطبيب وتفاجأ من وجودي على قيد الحياه وعبر عن ذهوله بقوله ( هذا شغل جبار وارادة الله ) . في الولايات المتحدة كنت ادرس في المرحلة الابتدائية وكانوا متعاونين جدا معي حتى انهم وضعوا معي كاتباً يكتب ملاحظاتي وساعدوني ولما عدت إلى السعودية تفاجأت بنظرة المجتمع السلبية والحقيقة أحبطت ولم يسمحوا لي بالانتظام في الدراسة لنظرة المجتمع الدونية لذوي الاحتياجات الخاصة في ذلك الوقت وكانوا يفضلون أن يبقى المعاق حبيس منزل اهله ولا يخرج أبدا ولا يكمل تعليمه معتبرين هذا قدر الله وهم لا يفكرون حتى بالاخذ بالاسباب.
ويضيف بوقس ( أنا أتميز بميزة اذا تملكنى الإصرار على شئ وصممت عليه أصل اليه بفضل الله سبحانه وتعالى لذا كنت مصمما على انهاء تعليمي وان يكون لي كلمة في المجتمع وان اكون عضوا ناجحا لا مهملا فيه وبالفعل حققت ما أريد وهانا اليوم حديث الناس لنجاحي.
لا أطرق الأبواب
وعن علاقاته بجمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة يقول عمار: ليس لي علاقة بأية جمعية خيرية وأتعامل مع الناس بشكل طبيعي بمساعدة والديّ اللذين قدما لي كل شئ واحمدالله على هذا القدر وانا اتأقلم مع المجتمع بالرغم من الصعوبات التي أجدها في التعامل مع الناس لكن ليس كل الناس متشابهين وهم ليسوا على درجة واحدة.. أتقبل نظرة الأطفال بكل رحابة صدر عندما يرونني بحالتي الصحية هذه لكن ان ترى نظرة رجل مثقف ومتعلم تعليماً عالياً وينظر اليك نظرة مختلفة فهذه هى المصيبة.
أصلي وأتمنى الحج
في الجامعة أتعامل مع الجميع بشكل طبيعي والكثير يتعامل معي بنفس الشكل كما انني أمارس دوري في الحياة بشكل طبيعي وأؤدي فروضي أيضا بشكل كامل، أحافظ على الصلاة وأصوم رمضان وأتمنى ان احج إلى بيت الله الحرام وهو حلم أتمنى تحقيقه ان شاء الله. ليس هذا فقط فأنا عاشق للرياضة محب لها ولا تفوتنى مباراة الا وانا لها متابع.
الكتابة الصحفية
ويضيف عمار: أضع المذاكرة على رأس أولوياتى وارتب لدروسى ساعتين في اليوم فقط كما احدد من وقتي جزءا للمجالس الرياضية التي تعتبر هوايتي الاولى وأتابع الحوارات الرياضية ايضا لدي مواهب في الكتابة الصحفية في المجال الرياضي وكنت اتمنى ان انشر مقالاتي الرياضية في الصحف لكن وجدت عدم قبول لكوني معاقا وقد حاولت مع اكثر من جريدة ولكن للاسف لم أجد أي تجاوب كما أن المسؤولين في الصحف لا يكلفون أنفسهم عناء القراءة ولو لجزء من المقالة والحمدلله لغتى العربية ممتازة واصيغ مقالاتي بشكل جيد لكنهم يقولون لي وضعك صعب ولا نستطيع ان ننشر مقالاتك بالرغم من ان كثيراً من الكتاب يرسلون مقالاتهم عبر الايميل ولا يحضرون إلى مقار الصحف وأنا استطيع ان افعل الشىء نفسه ولكن للاسف الشديد هي النظرة السلبية للمعاق. وهنا أحب أن أشكر جريدة ( المدينة ) التي رحبت بى وتنشر لي مقالات على صفحاتها الرياضية اليوم.
السمع والحفظ
وحول طريقته في حفظ دروسه يقول عمار: حفظت القرآن الكريم في عامين بدأت في الحفظ في سن الثالثة عشرة وكان يتابع حفظي الشيخ محمد اسماعيل الجمل وانا أستمع واحفظ بسرعة كما أحفظ الصفحات سريعا ولا احتاج مساعدة سوى في تقليب الصفحات امامي فقط. وفي الجامعة استمع إلى المحاضرات وترسخ في ذهني وفي الانتساب كنت اقرأ الكتب واحاول فهمها وحفظها بدون أي مساعدة لا دروس خصوصية ولا شئ من هذا القبيل وفي الانتظام في الجامعة كانت العملية أسهل بكثير.
وحول سبب دخوله قسم الإعلام بالرغم من حالته الصحية يقول عمار بوقس: دخلت الاعلام وأصررت عليه لسبب رئيسي وهو ان معظم ذوي الاحتياجات الخاصة يدخلون اقسام اللغة العربية والاسلامية وكنت أريد أن افعل شيئا جديدا ومختلفا واثبت للعالم أن المعاق يمكن أن ينجح في مجال الاعلام والحمدلله تخرجي في الفصل المقبل من الجامعة بتقدير ممتاز.ويضيف انا لم ادرس الا من اجل الوظيفة وبمجرد ان انتهي من دراستي عندي مداخل كثيرة في الاعلام يستطيع المعاق في مثل حالتي الدخول فيها وانا اجيد الكتابة الصحفية وخاصة الرياضية ومقالاتي حيادية فأنا افرق بين ميولي وبين الكتابة بشكل حيادي أحب الرياضة واشجع النادي الاهلي واتابع مبارياته حتى في الملعب وانا عضو شرف فيه ومعي بطاقة عضوية.
أتطلع للزواج
يقول عمار عن مستقبله إنني أنتظر التخرج في الجامعة الفصل القادم لأبحث عن وظيفة وبعد ان تستقر حالتى الوظيفية سوف أستعد للزواج فهي أمنيتى مثل غيرى من الناس كما أتطلع إلى بناء أسرة نعم أنا أعتقد ان الزواج في مثل حالتي صعب ولكن انا ارى انه لا مستحيل في الحياة والنية موجودة بعد الوظيفة ان شاء الله فانا سليم وجاهز من ناحية اداء وظائفي الزوجية. ويبين بوقس حالته الحالية بقوله انا طبيعي جدا فانا اسهر مع أهلي متى ما سهروا وانام بشكل طبيعي ولدى القدرة على متابعة شئوني واعيش مع عائلتي بدون عوائق والحمد لله واسافر معهم فقد سافرت إلى المانيا ومصر والتشيك. كما ان لدي جهاز هو الواسطة بيني وبين جهاز الكمبيوتر بواسطة التحدث والكمبيوتر يسجل الحديث كتابة وايضا الطباعة تتم بالحديث دون تدخل احد او مساعدة من احد وفي ايام الاختبارات اختبر بمساعدة السائق الذي عادة ما يكون بجواري يكتب ما امليه عليه وليس هناك اي مشكلة في ذلك فهو قريب مني ولا احد يستمع لنا.
الجد الحنون
عبد الله بوقس مدير التعليم في منطقة مكة المكرمة سابقا وجد عمار اكد ان عمار من الاطفال المعوقين ولكنه يملك طموحات وافكار تخطت عمره وعندما اقرأ له مقالاته اشعر بقدرته الهائلة على التعامل مع الكلمة والحرف وكثيرا ما كان يناقشني فيما يكتب ويبدى لي مرئيات غالية ربما لم افطن اليها من قبل.
ماذا قال الأكاديميون ؟
الدكتور انمار مطاوع عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز قسم الاعلام قال عندما انتسب عمار لكلية الآداب والعلوم الإنسانية، سجل مواد عامة واخذ معي مادة مقدمة في وسائل الاتصال، وهي مادة تلقي الضوء على الاتصال الإنساني ونظرياته ومفاهيمه، وعن وسائل الاتصال العامة والجماهيرية. والحقيقة منذ ذلك الوقت لاحظت تميز عمار الأكاديمي، إذ ان من ضمن التكاليف التي تطلب من الطلاب في هذه المادة واجبات تتعلق بمواقع النت والبحث الإلكتروني، وكان عمار افضل من يشارك في هذه التكاليف، حتى انه كان يحضر قائمة بمواقع وعناوين بحثية إضافية تتجاوز متطلبات المادة.ويضيف الدكتور انمار مطاوع : عندما تقدم عمار للتخصص في قسم الإعلام، كان السؤال المطروح هو: كيف يمكن لطالب في مثل ظروف عمار أن يستوعب مفاهيم الإعلام ونظرياته التفصيلية؟ وهل يقبله القسم ضمن منظومة طلابه أم لا؟. وتقرر أن يتم قبوله لاعطائه فرصه كأي طالب آخر. وكان وقتها الدكتور مبارك الحازمي رئيسا لقسم الاعلام.
وأضاف مطاوع إلى ان عمار لفت الانتباه بمجرد دخوله للقسم -رغم الجدلية التي كانت تحف حالته الصحية- واصراره على دخول قسم الاعلام وتعلم مواصفات رجل الإعلام العصري. وقد ازداد تركيز الأنظار عليه عندما بدأ يظهر تفوقا وتميزا جعلا منه طالبا فريدا. اذا سألت أي عضو هيئة تدريس ( كم عدد الطلاب المتميزين الذين مروا عليك خلال فترة تدريسك في الجامعة ؟ ) ، فإن جوابه لن يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة. أنا شخصيا لي الان عشر سنوات في هذا المجال، وقد التقيت بمجموعة من الطلاب المجتهدين، ولكن لو تحدثنا عن المتميزين الذي يتركون بصماتهم في الذاكرة، فأذكر: حاتم آل علي، شايع الحربي، صالح الغامدي، حسين المالكي، ماجد بصفر، وعمار بوقس.
وأضاف ان عمار رغم حالته الا ان الله سبحانه وتعالى وهبه صفات لم تعط لأحد من طلاب الجامعة، فهو يستوعب كل كلمة يقولها الدكتور ويفهم كل ما يعطى له وهو من السباقين في حل واجباته ومن الاوائل الذين يحضرون محاضراتهم قبل ان تبدأ فهو طالب وقارئ نموذجي وحول تجربته يقول الدكتور انمار: عمار من الطلاب النوادر الذين حصلوا على 100% في بعض المواد وهو يحصل على درجته باستحقاق دون أي تعاطف مع حالته بل انه يعتبر ذلك تحديا ويريد ان يثبت انه جدير بدخول الجامعة.
ويقول د. مطاوع التحدي الذي يواجه عمار بوقس هو التطبيق العملي، ورغم ذلك هو متعامل جيد مع الحاسب الالي وكاتب مقالات رزين، تتميز مقالاته بالفهم الرصين لسياسة النشر في المملكة، رغم الحساسيات التي تصاحب بعض الموضوعات. كتاباته الرياضية تدهشك وهو يستطيع أن يتحكم في مساراتها بما لا يتجاوز الخطوط الحمراء للنشر. كما انه من المشاركين في النشرة التي يصدرها قسم الاعلام وله نشاطات فكرية متميزة، إضافة إلى أنه قد تم قبول ترشيحه ضمن منظومة نجم الجامعة.ويتابع عمار شخص متوازن متصالح مع ذاته، فهو يقبل ذاته كما هي قبل أن يطلب من الآخرين أن يقبلوا به. ويعجبني فيه كثيرا أنه حريص على ان يحصل على الدرجة التي يستحقها، ويرفض التعاطف أو الشفقة، هو لا يريد شفقة من أحد لأنه هو ذاته لا يشفق على نفسه، وهذا هو سر القوة في شخصية عمار الذي يرغم كل منصف أن ينحني ويرفع القبعة احتراما له في كل مرة يراه فيها.
ماذا يقول الظل والصديق ؟!
الاخ والصديق والذي يعتبر نفسه ظل عمار بوقس كما يصف نفسه والحاصل على الترتيب الأول في دفعته حسين المالكي يحكي معاناة عمار مع بعض اعضاء هيئة التدريس في الجامعة بقوله: هناك جرح كبير في قلب عمار بوقس وهو دائم السرحان والتفكير في الحل مع بعض اعضاء هيئة التدريس الذين اتخذوا ضده مواقف وبعضهم كان يكن له الكره وكان عمار يحكي شخصيا معاناته مع بعضهم الذين تحدثوا معه وانهم ليس لديهم رغبة في دخوله قسم الاعلام وعاملوه بموقف الضد ( وانت ليش جاي هنا وشايف نفسك على ايه ) وهو ليس له حول ولا قوة الا بالله. واضاف اعتقد ان هناك قناعة في هيئة التدريس في قسم الاعلام ان عمار ليس من المفروض ان يدخل قسم الاعلام وان عليه ان يذهب إلى قسم الدراسات الاسلامية او أي قسم اخر نظري بحت. مشيرا إلى ان عمار من الناس الذين يجب ان يعرف كل شئ ويفهم كل شئ وهذا من حقه فهو يسأل عن كل شئ وهو من حقه ان يتعلم في جامعة حكومية ولكن هذا لم يرض بعض اعضاء هيئة التدريس.
المشكلة الاساسية التي تواجه حالة عمار في الجامعة هي عدم وجود مصاعد في مباني الكلية لذلك هو يبحث عن قاعة يدرس فيها وبعض اعضاء هيئة التدريس لا يرضيهم ذلك. وعن علاقته بعمار يقول هو الاخ والصديق واعتبره القدوة الاولى لي وفي الامس القريب كنت اعمل معه حواراً لنشرة الجامعة وتفاجأت انه يملك معلومات يتحدى بها الطلاب المتفوقون في المملكة .. عمار شخص نادر الوجود. ويصف حالة عمار بقوله: ان الله سبحانه وتعالى اعطاه عقلا اكبر من عمره بالرغم من حالته الصحية ومشاكله التي يعاني منها تأثير المجتمع السلبي عليه الذي يرفض التعامل معه وهو حافظ للقرآن الكريم كاملا ومن الناس القلائل الذي يحفظون الصفحة كاملة في اقل من دقيقة.
خاتمة الحديث
هذا هو عمار بوقس كما قرأتموه على الورق.. شاب تحدّى الحياة فانهارت قوى الحياة أمام إرادته. وضرب في الأرض بمعاول الاجتهاد فأنبتت نجاحا وتميزا.. اقرأوه مرتين أيها الأصحاء فما أروعه الدرس وما أجمله الطموح وما أعظمه النجاح القادم على حمالة بعجلات.
جريدة المدينة
http://images.cjb.net/b233d.jpg
http://images.cjb.net/aea1c.jpg
لم تقف الإعاقة رغم وخزاتها المؤلمة حاجزا يحول بينه وبين الانطلاق ولم تكن نظرات الانهزاميين التي تعرقل الأقدام والأحلام إلا وقودا يحركه للأمام ويمنحه بحق أنفاس الطموح.. شاب سعودي رفض دنيا العاجزين وشطب من قاموسه مفردة الاستسلام وصنع لذاته شمسا تنير له طريق الحياة. أنه عمار بوقس طالب الإعلام بجامعة الملك عبد العزيز شاب لم يمتلك من أدوات النصر على الزمن سوى لسان ينطق وعيون ترى ورغم فقـر الأدوات المعينة إلا أنه اكتفى بها وجعلها بالرضا جسر النبوغ والنجاح .
الجميل في هذا الشاب كان هو الإصرار فرغم العثرات التي وضعها أمامه المحيطون والسخرية التي كان يرمقها في عيون المقربين وعبارات التهكم التي كان يسمعها من أقزام الفكر وضعاف النفوس إلا أن أهدافه وأحلامه كانت أكبر من أن تعرقلها كلمة أو توقف خطاها نظرة من عيون الساخرين .
بلسان وعينين وجسد مشلول لا يقوى على الحراك كانت انطلاقته التي لا تعرف التراجع. وبفكر متوقد وطموح غلّاب كانت نجاحاته التي أدهشت العالم وما بين العجز والنجاح رحلة طويلة خطاها بوقس على ( حمّالة ) بعجلات يدفعها تارة أخ محب وتارة أخرى صديق حبيب .ورغم الصعوبات والعراقيل والأوجاع الا أن الشاب الطموح قدّم للدنيا درسا بعنوان عريض وأثبت بألف دليل أن تربة الحياة القاسية لا تحتاج فقط ليد تحمل المعوّل بل تحتاج أيضا لفكر يحمل النور .لا تحتاج لأقدام تركض يمينا ويسارا قدر احتياجها لطموح يملأ القلوب.
مع بوقس ..صانع الشمس وهازم العجز والمنتصر على دنيا الأصحاء نمد السطور لتحمل الحكاية من بدايتها المعنّونة بتهكم الساخرين إلى نهايتها المكسوة بباقات النجاح وأزاهير الورود .
من البداية
في أمريكا ذلك الوطن البعيد ولد عمّار هيثم بوقس حاملا مفردات العجز وعدم القدرة لا يملك من مقومات العيش سوى لسان يتمتم بالحروف وعيون ترقب العالم بدهشة أما الأطراف فقد أصابها الشلل التام حتى أن الأطباء تنبأوا لهذا المولود بالموت بعد عامين .. ولكن الحياة تبسمت لهذا الطفــل وفتحت له بوابتها على المصراعين ليتحرك على بساطها بلا قدم وساق.. عاش بوقس في وطن الاغتراب حتى التاسعة من عمره ووقتما عاد إلى المملكة حاول استكمال دراسته لكنه اصطدم بنظرة المجتمع السلبية لحالته الصحية وواجه أصوات الرفض العالية بأن يكون له مكان على مقاعد الدراسة. فاضطر الصغير إلى الانتساب وبالاصرار وحده حقق بوقس المركز الخامس في الابتدائية والمتوسطة والثانوية وتخرج بدرجات اذهلت القائمين على التعليم حيث حصد قلادة الامتياز بنسبة 97%. بعدها حاول بوقس دخول جامعة الملك عبدالعزيز لكنه وجد رفضا شديدا وممانعة قوية حركتها تارة شفقة المقربين وتارة أخرى سخرية الضعاف ومع إصراره دخل الجامعة وتخيّر من الأقسام قسم الاعلام ليكون هو بوابة النبوغ .. نعم لقد تحدّى عمار بوقس نفسه والبشر ممن علت أصواتهم معللين رفضهم بأن الاعلام قسم يحتاج لمواصفات خاصة واكد بصوت الثقة طموح الرجال لا يعترف بالمقاييس ويرفض العراقيل
نظرة الأساتذة
اصطدم عمار بوقس في جامعة الملك عبد العزيز بنظرة بعض أعضـاء هيئة التدريس - الذين يفترض فيهم حسبما قال- بأنهم مثقفون حيث حاربوه بقوة وأمطروه بالعبارات المعرقلة لطموحه ولكنه لم يأبه بها وجاهد ليثبت لهم أن النجاح هو الوليد الشرعي الطموح والابن البار للأصرار والأقدام . ومع الاعاقة حصل بوقس على الدرجات العليا وحقق معدلا تراكميا هائلا بلغ 84ر4 من خمسة .
أجمل ما في بوقس هازم العجز والمنتصر على دنيا الأصحاء انه لم يفقد يوما الثقة في رعاية الرحمن وكيف يفقدها؟ وهو حافظ القرآن والمردد لآياته في صباحات كل يوم .. هذه الإيمان المطلق جعل بوقس ينظر إلى الاعاقة وكأنها هدية من الرحمن من حقه ان يزهو بها ويتباهى.
الحمالة .. القدم البديل
ولأن الاعصاب مشلولة شللا تاما جعل بوقس من ( الحمّالة ) قدما بديلة يتحرك بها في أروقة كلية الآداب تارة يدفعها أخ شقيق وكثيرا ما يحركها أصدقاء محبون.. تحد صارخ وطموح غلاب وحكاية نصر على الذات والزمن يرويها هذا الشاب الذي لا يتحرك من أطرافه سوى اللسان والعينين .. ومع فقر الجسد والذى ترجمته ندرة الأعضاء يبقى الغنى في هذه الابتسامة التي ما غابت أبدا عن الشفاه. فبوقس باسم على الدوام وكأن بسمته الجميلة هى الرد الساخر لسخرية الحياة أدهش بوقس أعضاء هيئة التدريس بطموحه وتحديه ونجاحه الذي كسر الأرقام وقفز فوق المعدلات.
المدينة في بيته
( المدينة ) طرقت منــزل عمار ورافقته حتى مقاعد الجامعة واستمعت إلى مفرداته الجميلة وحديثه العذب الذي يقطر ثقة ونجاحا فاسمعوا معنا لصوته الآن ( يقول عمار ولدت بحالتي هذه وعرضت على أحد الاطباء في الولايات المتحدة الامريكية حيث اكد لوالدىّ بأنني لن أعيش اكثر من عامين فقط وسبحان الله عشت عمرى هذا بإرادة الله وفي سن الثامنة عرضت على نفس الطبيب وتفاجأ من وجودي على قيد الحياه وعبر عن ذهوله بقوله ( هذا شغل جبار وارادة الله ) . في الولايات المتحدة كنت ادرس في المرحلة الابتدائية وكانوا متعاونين جدا معي حتى انهم وضعوا معي كاتباً يكتب ملاحظاتي وساعدوني ولما عدت إلى السعودية تفاجأت بنظرة المجتمع السلبية والحقيقة أحبطت ولم يسمحوا لي بالانتظام في الدراسة لنظرة المجتمع الدونية لذوي الاحتياجات الخاصة في ذلك الوقت وكانوا يفضلون أن يبقى المعاق حبيس منزل اهله ولا يخرج أبدا ولا يكمل تعليمه معتبرين هذا قدر الله وهم لا يفكرون حتى بالاخذ بالاسباب.
ويضيف بوقس ( أنا أتميز بميزة اذا تملكنى الإصرار على شئ وصممت عليه أصل اليه بفضل الله سبحانه وتعالى لذا كنت مصمما على انهاء تعليمي وان يكون لي كلمة في المجتمع وان اكون عضوا ناجحا لا مهملا فيه وبالفعل حققت ما أريد وهانا اليوم حديث الناس لنجاحي.
لا أطرق الأبواب
وعن علاقاته بجمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة يقول عمار: ليس لي علاقة بأية جمعية خيرية وأتعامل مع الناس بشكل طبيعي بمساعدة والديّ اللذين قدما لي كل شئ واحمدالله على هذا القدر وانا اتأقلم مع المجتمع بالرغم من الصعوبات التي أجدها في التعامل مع الناس لكن ليس كل الناس متشابهين وهم ليسوا على درجة واحدة.. أتقبل نظرة الأطفال بكل رحابة صدر عندما يرونني بحالتي الصحية هذه لكن ان ترى نظرة رجل مثقف ومتعلم تعليماً عالياً وينظر اليك نظرة مختلفة فهذه هى المصيبة.
أصلي وأتمنى الحج
في الجامعة أتعامل مع الجميع بشكل طبيعي والكثير يتعامل معي بنفس الشكل كما انني أمارس دوري في الحياة بشكل طبيعي وأؤدي فروضي أيضا بشكل كامل، أحافظ على الصلاة وأصوم رمضان وأتمنى ان احج إلى بيت الله الحرام وهو حلم أتمنى تحقيقه ان شاء الله. ليس هذا فقط فأنا عاشق للرياضة محب لها ولا تفوتنى مباراة الا وانا لها متابع.
الكتابة الصحفية
ويضيف عمار: أضع المذاكرة على رأس أولوياتى وارتب لدروسى ساعتين في اليوم فقط كما احدد من وقتي جزءا للمجالس الرياضية التي تعتبر هوايتي الاولى وأتابع الحوارات الرياضية ايضا لدي مواهب في الكتابة الصحفية في المجال الرياضي وكنت اتمنى ان انشر مقالاتي الرياضية في الصحف لكن وجدت عدم قبول لكوني معاقا وقد حاولت مع اكثر من جريدة ولكن للاسف لم أجد أي تجاوب كما أن المسؤولين في الصحف لا يكلفون أنفسهم عناء القراءة ولو لجزء من المقالة والحمدلله لغتى العربية ممتازة واصيغ مقالاتي بشكل جيد لكنهم يقولون لي وضعك صعب ولا نستطيع ان ننشر مقالاتك بالرغم من ان كثيراً من الكتاب يرسلون مقالاتهم عبر الايميل ولا يحضرون إلى مقار الصحف وأنا استطيع ان افعل الشىء نفسه ولكن للاسف الشديد هي النظرة السلبية للمعاق. وهنا أحب أن أشكر جريدة ( المدينة ) التي رحبت بى وتنشر لي مقالات على صفحاتها الرياضية اليوم.
السمع والحفظ
وحول طريقته في حفظ دروسه يقول عمار: حفظت القرآن الكريم في عامين بدأت في الحفظ في سن الثالثة عشرة وكان يتابع حفظي الشيخ محمد اسماعيل الجمل وانا أستمع واحفظ بسرعة كما أحفظ الصفحات سريعا ولا احتاج مساعدة سوى في تقليب الصفحات امامي فقط. وفي الجامعة استمع إلى المحاضرات وترسخ في ذهني وفي الانتساب كنت اقرأ الكتب واحاول فهمها وحفظها بدون أي مساعدة لا دروس خصوصية ولا شئ من هذا القبيل وفي الانتظام في الجامعة كانت العملية أسهل بكثير.
وحول سبب دخوله قسم الإعلام بالرغم من حالته الصحية يقول عمار بوقس: دخلت الاعلام وأصررت عليه لسبب رئيسي وهو ان معظم ذوي الاحتياجات الخاصة يدخلون اقسام اللغة العربية والاسلامية وكنت أريد أن افعل شيئا جديدا ومختلفا واثبت للعالم أن المعاق يمكن أن ينجح في مجال الاعلام والحمدلله تخرجي في الفصل المقبل من الجامعة بتقدير ممتاز.ويضيف انا لم ادرس الا من اجل الوظيفة وبمجرد ان انتهي من دراستي عندي مداخل كثيرة في الاعلام يستطيع المعاق في مثل حالتي الدخول فيها وانا اجيد الكتابة الصحفية وخاصة الرياضية ومقالاتي حيادية فأنا افرق بين ميولي وبين الكتابة بشكل حيادي أحب الرياضة واشجع النادي الاهلي واتابع مبارياته حتى في الملعب وانا عضو شرف فيه ومعي بطاقة عضوية.
أتطلع للزواج
يقول عمار عن مستقبله إنني أنتظر التخرج في الجامعة الفصل القادم لأبحث عن وظيفة وبعد ان تستقر حالتى الوظيفية سوف أستعد للزواج فهي أمنيتى مثل غيرى من الناس كما أتطلع إلى بناء أسرة نعم أنا أعتقد ان الزواج في مثل حالتي صعب ولكن انا ارى انه لا مستحيل في الحياة والنية موجودة بعد الوظيفة ان شاء الله فانا سليم وجاهز من ناحية اداء وظائفي الزوجية. ويبين بوقس حالته الحالية بقوله انا طبيعي جدا فانا اسهر مع أهلي متى ما سهروا وانام بشكل طبيعي ولدى القدرة على متابعة شئوني واعيش مع عائلتي بدون عوائق والحمد لله واسافر معهم فقد سافرت إلى المانيا ومصر والتشيك. كما ان لدي جهاز هو الواسطة بيني وبين جهاز الكمبيوتر بواسطة التحدث والكمبيوتر يسجل الحديث كتابة وايضا الطباعة تتم بالحديث دون تدخل احد او مساعدة من احد وفي ايام الاختبارات اختبر بمساعدة السائق الذي عادة ما يكون بجواري يكتب ما امليه عليه وليس هناك اي مشكلة في ذلك فهو قريب مني ولا احد يستمع لنا.
الجد الحنون
عبد الله بوقس مدير التعليم في منطقة مكة المكرمة سابقا وجد عمار اكد ان عمار من الاطفال المعوقين ولكنه يملك طموحات وافكار تخطت عمره وعندما اقرأ له مقالاته اشعر بقدرته الهائلة على التعامل مع الكلمة والحرف وكثيرا ما كان يناقشني فيما يكتب ويبدى لي مرئيات غالية ربما لم افطن اليها من قبل.
ماذا قال الأكاديميون ؟
الدكتور انمار مطاوع عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز قسم الاعلام قال عندما انتسب عمار لكلية الآداب والعلوم الإنسانية، سجل مواد عامة واخذ معي مادة مقدمة في وسائل الاتصال، وهي مادة تلقي الضوء على الاتصال الإنساني ونظرياته ومفاهيمه، وعن وسائل الاتصال العامة والجماهيرية. والحقيقة منذ ذلك الوقت لاحظت تميز عمار الأكاديمي، إذ ان من ضمن التكاليف التي تطلب من الطلاب في هذه المادة واجبات تتعلق بمواقع النت والبحث الإلكتروني، وكان عمار افضل من يشارك في هذه التكاليف، حتى انه كان يحضر قائمة بمواقع وعناوين بحثية إضافية تتجاوز متطلبات المادة.ويضيف الدكتور انمار مطاوع : عندما تقدم عمار للتخصص في قسم الإعلام، كان السؤال المطروح هو: كيف يمكن لطالب في مثل ظروف عمار أن يستوعب مفاهيم الإعلام ونظرياته التفصيلية؟ وهل يقبله القسم ضمن منظومة طلابه أم لا؟. وتقرر أن يتم قبوله لاعطائه فرصه كأي طالب آخر. وكان وقتها الدكتور مبارك الحازمي رئيسا لقسم الاعلام.
وأضاف مطاوع إلى ان عمار لفت الانتباه بمجرد دخوله للقسم -رغم الجدلية التي كانت تحف حالته الصحية- واصراره على دخول قسم الاعلام وتعلم مواصفات رجل الإعلام العصري. وقد ازداد تركيز الأنظار عليه عندما بدأ يظهر تفوقا وتميزا جعلا منه طالبا فريدا. اذا سألت أي عضو هيئة تدريس ( كم عدد الطلاب المتميزين الذين مروا عليك خلال فترة تدريسك في الجامعة ؟ ) ، فإن جوابه لن يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة. أنا شخصيا لي الان عشر سنوات في هذا المجال، وقد التقيت بمجموعة من الطلاب المجتهدين، ولكن لو تحدثنا عن المتميزين الذي يتركون بصماتهم في الذاكرة، فأذكر: حاتم آل علي، شايع الحربي، صالح الغامدي، حسين المالكي، ماجد بصفر، وعمار بوقس.
وأضاف ان عمار رغم حالته الا ان الله سبحانه وتعالى وهبه صفات لم تعط لأحد من طلاب الجامعة، فهو يستوعب كل كلمة يقولها الدكتور ويفهم كل ما يعطى له وهو من السباقين في حل واجباته ومن الاوائل الذين يحضرون محاضراتهم قبل ان تبدأ فهو طالب وقارئ نموذجي وحول تجربته يقول الدكتور انمار: عمار من الطلاب النوادر الذين حصلوا على 100% في بعض المواد وهو يحصل على درجته باستحقاق دون أي تعاطف مع حالته بل انه يعتبر ذلك تحديا ويريد ان يثبت انه جدير بدخول الجامعة.
ويقول د. مطاوع التحدي الذي يواجه عمار بوقس هو التطبيق العملي، ورغم ذلك هو متعامل جيد مع الحاسب الالي وكاتب مقالات رزين، تتميز مقالاته بالفهم الرصين لسياسة النشر في المملكة، رغم الحساسيات التي تصاحب بعض الموضوعات. كتاباته الرياضية تدهشك وهو يستطيع أن يتحكم في مساراتها بما لا يتجاوز الخطوط الحمراء للنشر. كما انه من المشاركين في النشرة التي يصدرها قسم الاعلام وله نشاطات فكرية متميزة، إضافة إلى أنه قد تم قبول ترشيحه ضمن منظومة نجم الجامعة.ويتابع عمار شخص متوازن متصالح مع ذاته، فهو يقبل ذاته كما هي قبل أن يطلب من الآخرين أن يقبلوا به. ويعجبني فيه كثيرا أنه حريص على ان يحصل على الدرجة التي يستحقها، ويرفض التعاطف أو الشفقة، هو لا يريد شفقة من أحد لأنه هو ذاته لا يشفق على نفسه، وهذا هو سر القوة في شخصية عمار الذي يرغم كل منصف أن ينحني ويرفع القبعة احتراما له في كل مرة يراه فيها.
ماذا يقول الظل والصديق ؟!
الاخ والصديق والذي يعتبر نفسه ظل عمار بوقس كما يصف نفسه والحاصل على الترتيب الأول في دفعته حسين المالكي يحكي معاناة عمار مع بعض اعضاء هيئة التدريس في الجامعة بقوله: هناك جرح كبير في قلب عمار بوقس وهو دائم السرحان والتفكير في الحل مع بعض اعضاء هيئة التدريس الذين اتخذوا ضده مواقف وبعضهم كان يكن له الكره وكان عمار يحكي شخصيا معاناته مع بعضهم الذين تحدثوا معه وانهم ليس لديهم رغبة في دخوله قسم الاعلام وعاملوه بموقف الضد ( وانت ليش جاي هنا وشايف نفسك على ايه ) وهو ليس له حول ولا قوة الا بالله. واضاف اعتقد ان هناك قناعة في هيئة التدريس في قسم الاعلام ان عمار ليس من المفروض ان يدخل قسم الاعلام وان عليه ان يذهب إلى قسم الدراسات الاسلامية او أي قسم اخر نظري بحت. مشيرا إلى ان عمار من الناس الذين يجب ان يعرف كل شئ ويفهم كل شئ وهذا من حقه فهو يسأل عن كل شئ وهو من حقه ان يتعلم في جامعة حكومية ولكن هذا لم يرض بعض اعضاء هيئة التدريس.
المشكلة الاساسية التي تواجه حالة عمار في الجامعة هي عدم وجود مصاعد في مباني الكلية لذلك هو يبحث عن قاعة يدرس فيها وبعض اعضاء هيئة التدريس لا يرضيهم ذلك. وعن علاقته بعمار يقول هو الاخ والصديق واعتبره القدوة الاولى لي وفي الامس القريب كنت اعمل معه حواراً لنشرة الجامعة وتفاجأت انه يملك معلومات يتحدى بها الطلاب المتفوقون في المملكة .. عمار شخص نادر الوجود. ويصف حالة عمار بقوله: ان الله سبحانه وتعالى اعطاه عقلا اكبر من عمره بالرغم من حالته الصحية ومشاكله التي يعاني منها تأثير المجتمع السلبي عليه الذي يرفض التعامل معه وهو حافظ للقرآن الكريم كاملا ومن الناس القلائل الذي يحفظون الصفحة كاملة في اقل من دقيقة.
خاتمة الحديث
هذا هو عمار بوقس كما قرأتموه على الورق.. شاب تحدّى الحياة فانهارت قوى الحياة أمام إرادته. وضرب في الأرض بمعاول الاجتهاد فأنبتت نجاحا وتميزا.. اقرأوه مرتين أيها الأصحاء فما أروعه الدرس وما أجمله الطموح وما أعظمه النجاح القادم على حمالة بعجلات.
جريدة المدينة