رياض الجنان
08-17-2007, 10:46 PM
[CENTER]-عودة بعد الغياب بهديتي المتواضعة , إحدى القصص التي كتبتها وأقربها إلى قلبي-
عُذراً أخي الصغير -قصة قصيرة-
انتهتْ للتو من القراءة,و مازال هناك متسع من الوقت لأن تجلس على الكرسي أمام النافذة تشاهد منظر الغروب بصمتٍ عميق جداً, "الغروب سيرحل , و بعد ساعة من الآن سيزين سماءقريتي , فيتذكرني أخي الصغير, ويتذكر لوحة (الغروب) الكبيرة في حجرتي, أردتُ أن أرسم ضفة نهر وقارب, لكنني رأيت عقارب الساعة تسخر من مماطلتي في تجهيز أغراض السفر, فتركت اللوحة صامتة بسماء الغروب البرتقالية,دون أن أترك عليها ما يرمز حياة فيها (ماءٍ عذب) ووسيلة للعبور من فوقه تركن بسكون على الضفة وكأنها تنتظر من يحرك المجداف لتنطلق"
اقتربتْ نحو الأوراق المنثورة فوق طاولة مكتبها, فأمسكت بالورقة التي وجدتها داخل كتابها بعد وصولها إلى هذا المكان, كانت ورقة صغيرة قد طويت عدة مرات " هاهي رسالتك إلي يا أخي الصغير, مازلت أنظر إليها, وأتأمل محتواها وما رسمته يدك الصغيرة, لطالما أشعرتني عيناك أنهما تحملان ما يتسلل إلى عميق قلبي ليشُعل فيه تلك العاطفة الحانية والدافئة فينالك النصيب الأوفر أكثر من بقية إخوتي"
اعتادت أن تعزل روحها لدقائق فقط عن هذا المكان الجديد الغريب, لتطيع قلبها الذي يأبى إلا أن ينشد الذكرى, لتخيم من فوقها فتملأ المكان, فتتغير جدرانه ذات الألوان الباهتة إلى ورق الحائط الوردي الفاتح, الذي غطى جدران حجرتها هناك , وتسدل على النافذة من أمامها أغطية شفافة بيضاء , اعتادت أن تخترقها أشعة الشمس لتوقظها عند الصباح فتفتح عينيها في مكان تعلقت به روحها, كان قبل لحظات قليلة فقط ,مكان تحيطه به الكآبة و تُسيطر عليه لحظات حزنٍ بالغة.
أغمضت عينيها قليلاً واستندت براحة على الكرسي, فمازالت تحتاج إلى المزيد منالصمت والهدوء, لمعت في خاطرها صور من تلك الليلة, ليلة السفر, عندما دخل أخاها الصغير إلى حجرتها يطلب منها أن تعطيه أوراقاً وأقلام تلوين لينطلق مسرعاً باتجاه طاولة المكتب, فهمت وقتها أنه كان يريد أن يتودد إليها على طريقته,تأكدت من ذلك عندما أخبرها أنه سيكتب لها رسالة,فأخذت تراقبه بهدوء ألزمها أن تصمُتْ:
"أطلب يا أخي الصغير ما شئت, فيكفيني سعادة أن أرى عينيك الصغيرتين قد أغرقهما
بريق الفرح, فكأنك سرقت السرور من الكون كله لتجمعه في هاتين العينين"
كانت تعلم أنه يدرك على الرغم من صغر سنه أن هناك قلباً يحبه ويرعاه تماماً كقلبِ والديه, فأحبها كثيراً وتعلق بها ,
أحب عطفها وحنانها عليه, لعبها معه, قصصها التي تحكيها له كل يوم, حرصها على تلبية طلباته و هداياها التي ملأته بهجة وسروراً.سبع سنواتٍ عاشها ذلك الطفل تحت غيمة حنانٍ من أخته أغرقته وابلاً من الدفء,وألبست روحه ثياباً من ألوان الربيع السعيدة, وأسبلت عليه غطاءً من المرح والبهجة كخيمة من حرير,لكنها ستسافر غداً, وسوف تبتعد عنه طويلاً,فأيقن أن سعادته ستنتهي اليوم وأنه لن يكون سعيداً بعد ذلك ولن تكون هناك ألعاب وحكايات, فقبل أيامٍ قليلة فقط تلقتْ خبر قبولها لإكمال دراستها في إحدى المدن البعيدة, ولم يكن تيار ظروفها معاكساً لطريق أحلامها فازدادت سعادتها , لكنها كانت تشعر أنها سعادةُ مسروقة من قلب أخيها الصغير.
في تلك الليلة افتقدتْ وجوده معهم على العشاء فأحستْ أنه ما زال في حجرتها, دخلت الحجرة فوجدته هناك, يقف على كرسي , ليعلق صورة صغيرة على المرآة, حينها اقتربت منه تسأله وقد اعتلت وجنتيها ابتسامة كادت تخفي ملامح وجهها الحزينة:
- هذه صورتك وأنت تحمل الأرنب الصغير؟ صورة جميلة جداً, لا داعي أن تعلقها هنا, سآخذها معي.
-ابقي معنا, لا تسافري.
- سأعود-بإذن الله –إليكم فلن يطول الغياب, هل ستساعدني في ترتيب الأغراض؟
- لا أريد أن أساعدكِ,فسوف تسافرين وترحلين عنا ولن أجد من يلعب معي, ويرسم لي أزهاراًألونها, ويحكي لي قصصاً كل يوم, أنا أحبكِ أنتِ فقط , أكثر من إخوتي.
أشعرتها كلماته أنها قد جمعتْ كل معاني الحزن التي حملها قلبه الصغير,عندما خرج من حجرتها باكياً . تمنتْ لحظتها لو أنها كانت تستطيع أن تشرح له بعض ما يجول في خلدها من الأفكار والأعذار أيضاً, لكنها لا تعلم كيف تُفسر له ذلك؟فهو صغير ولن يفهم أي تفسير آخر غير أنها ربما لم تعد تحبه , واصلتْ تجهيز أغراضها تُقاوم تلك الغصة المزعجة في داخلها, اقتربتْ لتكمل ترتيب الأوراق على الطاولة فوقع نظرها على ورقة حملت ما رسمته يده الصغيرة :
ثلاثة زهورٍ كَتَبَ فوقها
"ماما,بابا, أختي"
تقاطرت دموعها وهي تقرأ ما كتبه في الأسفل:
"أحبكِ...جداً جداً"
كانت ليلة يملؤها حزن الوداع مضت سريعاً,أشرق من بعدها الصباح, وحُملت الحقائب خارج حجرتها, بقيت واقفة تتأمل كل زاوية في الحجرة, كان آخر ما نظرتْ إليه ,تلك النافذة فوق السرير, والتي بقيت ليالٍ تراقب ضياء القمر يخترق الزجاج ليعكس ظل أغصان الأشجار على فراشها,فتظل تراقبهاوهي تتمايل مع نسمات الليل, فلا تشعر بنفسها إلا وقد أيقظتها خيوط الشمس.كانت تشعر أن خلف هذهالنافذة يوجد طريق طويل, مفروش بالورود ومظلل بالأحلام, يمتد بعيداً ويتصل عالياً بالأفق, وكأن خيوط الشمس المشرقة كل صباح قد أُرسلت من ذلك الطريق.
ها قد حان وقت الرحيل, ذهبت لتودعهم وفي قلبها أمل العودة بعد الغياب, كانت هادئةعلى الرغم من أن عينيها تصرخان ألماً من حرارة الدموع المحبوسة داخلهما . لم تلمحه بينهم, دخلت حجرته سريعاً لتجده يجلس على الأرض خلف ستار النافذة, رفعت الستار لتقترب منه لكنه كان يشيح بوجهه عنها, استطاعت أن تلمح وجهه الصغير و قد أغرقته الدموع فضمته إليها بقوة ليفهم ويدرك أنها مازالت تحبه.
في السيارة التي لم تبتعد كثيراً عن المنزل, استدارت لتنظر إلى باب المنزل الخارجي, لعله لحق بها إلى هناك لكنها لم تره, وقبل أن يتمكن منها اليأس وقعت عيناها على شرفة حجرتها, لتجد خيالا صغيراً يقف هناك و ينظر إليها حتى ابتعدت, فأدركت أنه لم يفقد الأمل في أن تعود إليه ولا ترحل, اعتدلت في مقعدها تراقب ذلك الطريق الذي يَجُرها مبتعدة عن منزلها, تفكر في أخيها الصغير, الذي تركته ينتظرها هناك:
"عذراً أخي الصغير, لقد التزمتُ أن أكمل المشوار لأصِلَ إلى ما أصبو إليه, وأحقق حلمي الذي هو جزء من حلم والدينا أيضاً, فهل من سبيلٍ غير السفر؟
وأنا أيضاً يعز علي فراقك وفراق بيتنا الذي ملأ عمري سعادةً وحباً,لكن, منذ متى أصبح الأحباب يهنئون بطيب عيشٍ لا يكدر صفاءه الفراق؟ ولا يقتل بهجته ألم البعد؟
وأنت يا صغيري لست إلا واحداً من هؤلاء الأحباب فلك نصيب من تذوق طعم المرارة هذه ولكن بطريقتك التي تفهمها أنت وحدك,أعلم أنك ستحزن كثيراً , ستفتقد لعبنا سوياً , ستفتقد حكاياتي التي أحببتَها, ستفتقد الأوقات التي كنانرسم بها الورود على اللوحة الكبيرة المعلقة في حجرتك, ستفتقد بقائي إلى جوارك عندما تلعب,ستفتقد وجودي معك دائماً, وستبكي كثيراً "
فتحت عينيها, لتجد روحها قد سُحبت بقوة من هناك لتعود إلى هذا المكان الجديد, ليعاودهاشعور الوحدة المزعج- لا حياة من حولها- , أيقنت أن الحزن الذي حاولت أن تخفيه أصبح الآن أقوى بكثير من أن تصمد أمامه, فذرفت دموعها وقلبها يخفق بشدة بين زفرات الحزن-كانت تبكي-لكنها كانت تعلم أنها ستعود إلى أخيها الصغير مرة أخرى,لتضمه إليها وتظلله حباً من جديد.
-تمت-
رياض الجنان
2006
عُذراً أخي الصغير -قصة قصيرة-
انتهتْ للتو من القراءة,و مازال هناك متسع من الوقت لأن تجلس على الكرسي أمام النافذة تشاهد منظر الغروب بصمتٍ عميق جداً, "الغروب سيرحل , و بعد ساعة من الآن سيزين سماءقريتي , فيتذكرني أخي الصغير, ويتذكر لوحة (الغروب) الكبيرة في حجرتي, أردتُ أن أرسم ضفة نهر وقارب, لكنني رأيت عقارب الساعة تسخر من مماطلتي في تجهيز أغراض السفر, فتركت اللوحة صامتة بسماء الغروب البرتقالية,دون أن أترك عليها ما يرمز حياة فيها (ماءٍ عذب) ووسيلة للعبور من فوقه تركن بسكون على الضفة وكأنها تنتظر من يحرك المجداف لتنطلق"
اقتربتْ نحو الأوراق المنثورة فوق طاولة مكتبها, فأمسكت بالورقة التي وجدتها داخل كتابها بعد وصولها إلى هذا المكان, كانت ورقة صغيرة قد طويت عدة مرات " هاهي رسالتك إلي يا أخي الصغير, مازلت أنظر إليها, وأتأمل محتواها وما رسمته يدك الصغيرة, لطالما أشعرتني عيناك أنهما تحملان ما يتسلل إلى عميق قلبي ليشُعل فيه تلك العاطفة الحانية والدافئة فينالك النصيب الأوفر أكثر من بقية إخوتي"
اعتادت أن تعزل روحها لدقائق فقط عن هذا المكان الجديد الغريب, لتطيع قلبها الذي يأبى إلا أن ينشد الذكرى, لتخيم من فوقها فتملأ المكان, فتتغير جدرانه ذات الألوان الباهتة إلى ورق الحائط الوردي الفاتح, الذي غطى جدران حجرتها هناك , وتسدل على النافذة من أمامها أغطية شفافة بيضاء , اعتادت أن تخترقها أشعة الشمس لتوقظها عند الصباح فتفتح عينيها في مكان تعلقت به روحها, كان قبل لحظات قليلة فقط ,مكان تحيطه به الكآبة و تُسيطر عليه لحظات حزنٍ بالغة.
أغمضت عينيها قليلاً واستندت براحة على الكرسي, فمازالت تحتاج إلى المزيد منالصمت والهدوء, لمعت في خاطرها صور من تلك الليلة, ليلة السفر, عندما دخل أخاها الصغير إلى حجرتها يطلب منها أن تعطيه أوراقاً وأقلام تلوين لينطلق مسرعاً باتجاه طاولة المكتب, فهمت وقتها أنه كان يريد أن يتودد إليها على طريقته,تأكدت من ذلك عندما أخبرها أنه سيكتب لها رسالة,فأخذت تراقبه بهدوء ألزمها أن تصمُتْ:
"أطلب يا أخي الصغير ما شئت, فيكفيني سعادة أن أرى عينيك الصغيرتين قد أغرقهما
بريق الفرح, فكأنك سرقت السرور من الكون كله لتجمعه في هاتين العينين"
كانت تعلم أنه يدرك على الرغم من صغر سنه أن هناك قلباً يحبه ويرعاه تماماً كقلبِ والديه, فأحبها كثيراً وتعلق بها ,
أحب عطفها وحنانها عليه, لعبها معه, قصصها التي تحكيها له كل يوم, حرصها على تلبية طلباته و هداياها التي ملأته بهجة وسروراً.سبع سنواتٍ عاشها ذلك الطفل تحت غيمة حنانٍ من أخته أغرقته وابلاً من الدفء,وألبست روحه ثياباً من ألوان الربيع السعيدة, وأسبلت عليه غطاءً من المرح والبهجة كخيمة من حرير,لكنها ستسافر غداً, وسوف تبتعد عنه طويلاً,فأيقن أن سعادته ستنتهي اليوم وأنه لن يكون سعيداً بعد ذلك ولن تكون هناك ألعاب وحكايات, فقبل أيامٍ قليلة فقط تلقتْ خبر قبولها لإكمال دراستها في إحدى المدن البعيدة, ولم يكن تيار ظروفها معاكساً لطريق أحلامها فازدادت سعادتها , لكنها كانت تشعر أنها سعادةُ مسروقة من قلب أخيها الصغير.
في تلك الليلة افتقدتْ وجوده معهم على العشاء فأحستْ أنه ما زال في حجرتها, دخلت الحجرة فوجدته هناك, يقف على كرسي , ليعلق صورة صغيرة على المرآة, حينها اقتربت منه تسأله وقد اعتلت وجنتيها ابتسامة كادت تخفي ملامح وجهها الحزينة:
- هذه صورتك وأنت تحمل الأرنب الصغير؟ صورة جميلة جداً, لا داعي أن تعلقها هنا, سآخذها معي.
-ابقي معنا, لا تسافري.
- سأعود-بإذن الله –إليكم فلن يطول الغياب, هل ستساعدني في ترتيب الأغراض؟
- لا أريد أن أساعدكِ,فسوف تسافرين وترحلين عنا ولن أجد من يلعب معي, ويرسم لي أزهاراًألونها, ويحكي لي قصصاً كل يوم, أنا أحبكِ أنتِ فقط , أكثر من إخوتي.
أشعرتها كلماته أنها قد جمعتْ كل معاني الحزن التي حملها قلبه الصغير,عندما خرج من حجرتها باكياً . تمنتْ لحظتها لو أنها كانت تستطيع أن تشرح له بعض ما يجول في خلدها من الأفكار والأعذار أيضاً, لكنها لا تعلم كيف تُفسر له ذلك؟فهو صغير ولن يفهم أي تفسير آخر غير أنها ربما لم تعد تحبه , واصلتْ تجهيز أغراضها تُقاوم تلك الغصة المزعجة في داخلها, اقتربتْ لتكمل ترتيب الأوراق على الطاولة فوقع نظرها على ورقة حملت ما رسمته يده الصغيرة :
ثلاثة زهورٍ كَتَبَ فوقها
"ماما,بابا, أختي"
تقاطرت دموعها وهي تقرأ ما كتبه في الأسفل:
"أحبكِ...جداً جداً"
كانت ليلة يملؤها حزن الوداع مضت سريعاً,أشرق من بعدها الصباح, وحُملت الحقائب خارج حجرتها, بقيت واقفة تتأمل كل زاوية في الحجرة, كان آخر ما نظرتْ إليه ,تلك النافذة فوق السرير, والتي بقيت ليالٍ تراقب ضياء القمر يخترق الزجاج ليعكس ظل أغصان الأشجار على فراشها,فتظل تراقبهاوهي تتمايل مع نسمات الليل, فلا تشعر بنفسها إلا وقد أيقظتها خيوط الشمس.كانت تشعر أن خلف هذهالنافذة يوجد طريق طويل, مفروش بالورود ومظلل بالأحلام, يمتد بعيداً ويتصل عالياً بالأفق, وكأن خيوط الشمس المشرقة كل صباح قد أُرسلت من ذلك الطريق.
ها قد حان وقت الرحيل, ذهبت لتودعهم وفي قلبها أمل العودة بعد الغياب, كانت هادئةعلى الرغم من أن عينيها تصرخان ألماً من حرارة الدموع المحبوسة داخلهما . لم تلمحه بينهم, دخلت حجرته سريعاً لتجده يجلس على الأرض خلف ستار النافذة, رفعت الستار لتقترب منه لكنه كان يشيح بوجهه عنها, استطاعت أن تلمح وجهه الصغير و قد أغرقته الدموع فضمته إليها بقوة ليفهم ويدرك أنها مازالت تحبه.
في السيارة التي لم تبتعد كثيراً عن المنزل, استدارت لتنظر إلى باب المنزل الخارجي, لعله لحق بها إلى هناك لكنها لم تره, وقبل أن يتمكن منها اليأس وقعت عيناها على شرفة حجرتها, لتجد خيالا صغيراً يقف هناك و ينظر إليها حتى ابتعدت, فأدركت أنه لم يفقد الأمل في أن تعود إليه ولا ترحل, اعتدلت في مقعدها تراقب ذلك الطريق الذي يَجُرها مبتعدة عن منزلها, تفكر في أخيها الصغير, الذي تركته ينتظرها هناك:
"عذراً أخي الصغير, لقد التزمتُ أن أكمل المشوار لأصِلَ إلى ما أصبو إليه, وأحقق حلمي الذي هو جزء من حلم والدينا أيضاً, فهل من سبيلٍ غير السفر؟
وأنا أيضاً يعز علي فراقك وفراق بيتنا الذي ملأ عمري سعادةً وحباً,لكن, منذ متى أصبح الأحباب يهنئون بطيب عيشٍ لا يكدر صفاءه الفراق؟ ولا يقتل بهجته ألم البعد؟
وأنت يا صغيري لست إلا واحداً من هؤلاء الأحباب فلك نصيب من تذوق طعم المرارة هذه ولكن بطريقتك التي تفهمها أنت وحدك,أعلم أنك ستحزن كثيراً , ستفتقد لعبنا سوياً , ستفتقد حكاياتي التي أحببتَها, ستفتقد الأوقات التي كنانرسم بها الورود على اللوحة الكبيرة المعلقة في حجرتك, ستفتقد بقائي إلى جوارك عندما تلعب,ستفتقد وجودي معك دائماً, وستبكي كثيراً "
فتحت عينيها, لتجد روحها قد سُحبت بقوة من هناك لتعود إلى هذا المكان الجديد, ليعاودهاشعور الوحدة المزعج- لا حياة من حولها- , أيقنت أن الحزن الذي حاولت أن تخفيه أصبح الآن أقوى بكثير من أن تصمد أمامه, فذرفت دموعها وقلبها يخفق بشدة بين زفرات الحزن-كانت تبكي-لكنها كانت تعلم أنها ستعود إلى أخيها الصغير مرة أخرى,لتضمه إليها وتظلله حباً من جديد.
-تمت-
رياض الجنان
2006