ناصر
08-23-2007, 09:32 PM
السلام عليكم ورحمة الله وأسعد الله أوقاتكم بكل خير
درجت العادة في بعض البلدان أن نرى في المطارات أو المحطات المركزية للباصات أو القطارات أو في المعابر والفنادق بعض الرجال ممن يتمتعون بصحة جيدة وقدرة على حمل متاع المسافرين لمساعدتهم مقابل أجر معين يخضع في الغالب لكرم المسافر، يحمل الرجل منهم لقب شيّال أو عتّال أو حمّال .
في تنقلاتي قابلت العديد منهم وبرغم أني لم أكن بحاجة لمن يساعدني، لأنني ببساطة لا أحمل تلك الأمتعة التي تستحق المساعدة في حملها، إلا أن الشيالين يتهافتون نحوي عارضين الخدمة، ومنهم من يخطف مني الحقيبة ويضعها فورا على كتفه ويقول " على فين" فاضطر للإجابة وبعد الوصول أقول له" عندك يا باشا" واستلم منه الحقيبة وأمد يدي فورا لجيبي مخرجا منها بعض النقود شاكراً له مجهوده وكرمه " المفروض عليّ فرضا". ومع الوقت توافرت على خبرة في التعامل مع الشيالين، فقبل أن يمد يده نحو حقيبتي أبادره بالقول " شكرا شوف غيري"، وأتمسك بحقيبتي جيدا كيلا يخطفها مني ويفرض خدماته على فرضاً ، فيعود متجهماً باحثا عن " صيده أخرى" .
قبل أيام وأنا أهم بالخروج من العمارة التي اقطنها قاصدا السوبر مارت قابلني رجل وامرأة لم أشاهدهم من قبل، فرجحت أن يكونوا زائرين، يحملون حقائب وبعض الأمتعة الشخصية وكأنهم قادمين من سفر بعيد، ولأنهم كبار السن وأمتعتهم كثيرة عرضت عليهم المساعدة في حملها، تقدمت نحوهم وقلت: مرحباً، هل استطيع مساعدتكم؟ قال الرجل أهلا وسهلا يا ريت ، فبادرت بحمل حقيبتين متسائلا على أي شقة، فقالوا الطابق التاسع ، ولسوء الحظ كان المصعد عطلان يومها ما اضطرنا للصعود على السلالم وصعدت بسرعة وأنهيت وظيفة الشيال بنجاح واستقرت الحقائب على باب الشقة المقصودة وانتظرت وصولهم، وحينما وصلوا شكروني جدا وكانوا متعبين من صعود السلالم نظرا لكبر سنهم، فقلت لهم لا شكر على واجب، وأي خدمة أخرى أنا حاضر، فدس الرجل يده في جيبه واخرج مبلغا من المال وقال لي تفضل، صعقني الموقف، قلت له ما هذا يا رجل؟، قال تعبت معنا وصعدت كل هالسلالم، فقلت هذا واجب وما فعلته لا يتعدى ذلك، ونحن جيران والجار للجار، ومن العيب ألا افعل ذلك، خاصة وأنني كثيرا ما كنت أقابل جارتي" أم محمود" على مدخل العمارة وهي عائدة من السوق محملة بالإغراض فكنت أساعدها وأوصل معها الأغراض لشقتها.
قلت للرجل معذور أنت... فلأنك قادم من سفر بعيد فمن المؤكد انك قابلت العديد من الشيالين الذين" أقرفوا عيشتك" ولا زالت تصرفاتهم عالقة في ذهنك لدرجة انك تخيلتني شيالا مثلهم، وبادرته بالسؤال، هل شكلي يوحي بأنني شيال؟ ، قال أبدا.. قلت ولماذا تصرفت معي هكذا، اعتذر الرجل، فحييته وقفلت عائدا إلي السوبر ماركت وأنا أحمل الكثير من التساؤلات في ذهني، ما الذي حصل في هذه الدنيا، هل الناس لا تقدم شيئا إلا بمقابل، واضح من تصرف الرجل معي انه يحمل هذه الفكرة معتقدا أن عرضي لمساعدته هدفه المقابل وليس دافع المساعدة الإنسانية .
لا اعتراض عندي على الشيالين ولا انتقد عملهم فهو عمل شريف يكسب الشيال منه الرزق بعرق جبينه، ولا مانع عندي أن أكون" شيالا" لجارتي أم محمود أو "حمالا" لجاري الدكتور محمد أو "عتالا" لصديقي وجاري عمر، وربما يتطور معي الوضع لأفتح مكتبا "للشيالين" نقدم من خلاله خدمة "الشيالة" لمن يحتاجها، وقدر يتطور الوضع أكثر لأرسل شيالين إلي دول عربية شقيقة، نساهم معهم في شيل أمتعتهم الكثيرة فنستفيد ونفيد، ولأننا في عصر العولمة والانترنت فقد يكون مناسبا تشييد موقعا الكترونيا عبر شبكة الانترنت لهذه المهنة المهمة بعنوان "شيالين دوت كوم" ولكوننا في عصر الحريات وحقوق الإنسان فلا مانع من إنشاء نقابة للشيالين تساهم في تأطيرهم وحفظ حقوقهم. ...
لكن هذه المهنة ليست مهنتي ولا تنسجم مع طموحاتي ولا مؤهلاتي، واعتراضي أسجله هنا على بعض الشيالين الذين يفرضون خدماتهم على الناس فرضا بشكل فظ يتجاوز أحيانا كثيرة أدبيات الذوق، فالعمل بحد ذاته شرف مهما كانت طبيعته ما دام عملا حلالا شريفا، لكن فرض الخدمة على المسافر لابتزاز بعض الدراهم عملا غير لائق من الناحية الأخلاقية والذوقية، وانتقادي أيضا لأفكار بعض الناس الذين يتخيلون أن الخدمة الإنسانية لا تقدم إلا بمقابل، وكأن الشهامة والنخوة ولت بلا رجعة، وأصبحت المادة أساس علاقات الناس بعضها ببعض، علاقة خالية من الدسم والدفء الإنساني الذي أصبحنا فعلا نفتقده هذه الأيام، التي لا يقدم فيها الناس شيئا إلا بمقابل ......
درجت العادة في بعض البلدان أن نرى في المطارات أو المحطات المركزية للباصات أو القطارات أو في المعابر والفنادق بعض الرجال ممن يتمتعون بصحة جيدة وقدرة على حمل متاع المسافرين لمساعدتهم مقابل أجر معين يخضع في الغالب لكرم المسافر، يحمل الرجل منهم لقب شيّال أو عتّال أو حمّال .
في تنقلاتي قابلت العديد منهم وبرغم أني لم أكن بحاجة لمن يساعدني، لأنني ببساطة لا أحمل تلك الأمتعة التي تستحق المساعدة في حملها، إلا أن الشيالين يتهافتون نحوي عارضين الخدمة، ومنهم من يخطف مني الحقيبة ويضعها فورا على كتفه ويقول " على فين" فاضطر للإجابة وبعد الوصول أقول له" عندك يا باشا" واستلم منه الحقيبة وأمد يدي فورا لجيبي مخرجا منها بعض النقود شاكراً له مجهوده وكرمه " المفروض عليّ فرضا". ومع الوقت توافرت على خبرة في التعامل مع الشيالين، فقبل أن يمد يده نحو حقيبتي أبادره بالقول " شكرا شوف غيري"، وأتمسك بحقيبتي جيدا كيلا يخطفها مني ويفرض خدماته على فرضاً ، فيعود متجهماً باحثا عن " صيده أخرى" .
قبل أيام وأنا أهم بالخروج من العمارة التي اقطنها قاصدا السوبر مارت قابلني رجل وامرأة لم أشاهدهم من قبل، فرجحت أن يكونوا زائرين، يحملون حقائب وبعض الأمتعة الشخصية وكأنهم قادمين من سفر بعيد، ولأنهم كبار السن وأمتعتهم كثيرة عرضت عليهم المساعدة في حملها، تقدمت نحوهم وقلت: مرحباً، هل استطيع مساعدتكم؟ قال الرجل أهلا وسهلا يا ريت ، فبادرت بحمل حقيبتين متسائلا على أي شقة، فقالوا الطابق التاسع ، ولسوء الحظ كان المصعد عطلان يومها ما اضطرنا للصعود على السلالم وصعدت بسرعة وأنهيت وظيفة الشيال بنجاح واستقرت الحقائب على باب الشقة المقصودة وانتظرت وصولهم، وحينما وصلوا شكروني جدا وكانوا متعبين من صعود السلالم نظرا لكبر سنهم، فقلت لهم لا شكر على واجب، وأي خدمة أخرى أنا حاضر، فدس الرجل يده في جيبه واخرج مبلغا من المال وقال لي تفضل، صعقني الموقف، قلت له ما هذا يا رجل؟، قال تعبت معنا وصعدت كل هالسلالم، فقلت هذا واجب وما فعلته لا يتعدى ذلك، ونحن جيران والجار للجار، ومن العيب ألا افعل ذلك، خاصة وأنني كثيرا ما كنت أقابل جارتي" أم محمود" على مدخل العمارة وهي عائدة من السوق محملة بالإغراض فكنت أساعدها وأوصل معها الأغراض لشقتها.
قلت للرجل معذور أنت... فلأنك قادم من سفر بعيد فمن المؤكد انك قابلت العديد من الشيالين الذين" أقرفوا عيشتك" ولا زالت تصرفاتهم عالقة في ذهنك لدرجة انك تخيلتني شيالا مثلهم، وبادرته بالسؤال، هل شكلي يوحي بأنني شيال؟ ، قال أبدا.. قلت ولماذا تصرفت معي هكذا، اعتذر الرجل، فحييته وقفلت عائدا إلي السوبر ماركت وأنا أحمل الكثير من التساؤلات في ذهني، ما الذي حصل في هذه الدنيا، هل الناس لا تقدم شيئا إلا بمقابل، واضح من تصرف الرجل معي انه يحمل هذه الفكرة معتقدا أن عرضي لمساعدته هدفه المقابل وليس دافع المساعدة الإنسانية .
لا اعتراض عندي على الشيالين ولا انتقد عملهم فهو عمل شريف يكسب الشيال منه الرزق بعرق جبينه، ولا مانع عندي أن أكون" شيالا" لجارتي أم محمود أو "حمالا" لجاري الدكتور محمد أو "عتالا" لصديقي وجاري عمر، وربما يتطور معي الوضع لأفتح مكتبا "للشيالين" نقدم من خلاله خدمة "الشيالة" لمن يحتاجها، وقدر يتطور الوضع أكثر لأرسل شيالين إلي دول عربية شقيقة، نساهم معهم في شيل أمتعتهم الكثيرة فنستفيد ونفيد، ولأننا في عصر العولمة والانترنت فقد يكون مناسبا تشييد موقعا الكترونيا عبر شبكة الانترنت لهذه المهنة المهمة بعنوان "شيالين دوت كوم" ولكوننا في عصر الحريات وحقوق الإنسان فلا مانع من إنشاء نقابة للشيالين تساهم في تأطيرهم وحفظ حقوقهم. ...
لكن هذه المهنة ليست مهنتي ولا تنسجم مع طموحاتي ولا مؤهلاتي، واعتراضي أسجله هنا على بعض الشيالين الذين يفرضون خدماتهم على الناس فرضا بشكل فظ يتجاوز أحيانا كثيرة أدبيات الذوق، فالعمل بحد ذاته شرف مهما كانت طبيعته ما دام عملا حلالا شريفا، لكن فرض الخدمة على المسافر لابتزاز بعض الدراهم عملا غير لائق من الناحية الأخلاقية والذوقية، وانتقادي أيضا لأفكار بعض الناس الذين يتخيلون أن الخدمة الإنسانية لا تقدم إلا بمقابل، وكأن الشهامة والنخوة ولت بلا رجعة، وأصبحت المادة أساس علاقات الناس بعضها ببعض، علاقة خالية من الدسم والدفء الإنساني الذي أصبحنا فعلا نفتقده هذه الأيام، التي لا يقدم فيها الناس شيئا إلا بمقابل ......