أبو الحارث
09-23-2007, 05:23 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين سيدنا محمد وعلى آله بيته الطاهرين الطيبين وعلى صحابته أجمعين .
إن التقارب بين السنة والشيعة هو أكثر بكثير من الخلافات والفوارق الفقهية والمذهبية. وهناك بعض الفوارق التي تعتبر وهمية وليست حقيقية، مجرد اختلاف في المصطلح. اما المضمون فهو متفق عليه، وهي كثيرة من هذا النوع. وبجهد من علماء الفريقين بامكان القضاء عليها.
وهناك قسم آخر من الفوارق، هي فوارق حقيقية ولكنها لا تعني انفصالا كليا بين المذهبين، وانما نعتبرها من ضمن الفوارق الطبيعية في داخل الدين الاسلامي الشامل والواسع والقادر على احتضان الاجتهادات والأراء المختلفة .
ففي أول رد فعل على الشيخ عبد الله بن جبرين على الفتوى التي نسبت له وأثارت جدلا كبيرا في العالم الاسلامي بشأن الموقف الشرعي من حزب الله، قال العالم السعودي الشيخ د. عبدالله بن جبرين إنها فتوى قديمة لا تتعلق بحزب الله، وإن الذين قاموا بنشرها لم يبينوا ما تتعلق به أو يتثبتوا فيها قبل نشرها ولم يعرضوها عليه ليبين حكمها ومناسبتها.
وأوضح بن جبرين "هذا هو مضمون تلك الفتوى، فإذا وجد حزب لله تعالى ينصرون الله وينصرون الإسلام في لبنان أو غيرها من البلاد الإسلامية، فإننا نحبهم ونشجعهم وندعو لهم بالثبات، وحيث أن الموضوع الآن موضوع فتنة وحرب بين اليهود وبين من يسمون حزب الله، واكتوى بنارها المستضعفون ممن لا حول لهم ولا قوة، فنقول لا شك أن هذه الفتنة التي قام بها اليهود وحاربوا المسلمين في فلسطين وحاربوا أهل لبنان أنها فتنة شيطانية وأن الذين قاموا بها وهم اليهود يريدون بذلك القضاء على الإسلام والمسلمين حتى يستولوا على بلادهم وثرواتهم، وهذا ما يتمنونه"
التوسع في استعمال مصطلح "الروافض"
وفي تقرير أعدته "العربية.نت" حول مصطلح "الروافض" الذي يغلب على الجدل الدائر حاليا فيما يختص بالموقف من حزب الله، تحدث ثلاثة علماء شريعة سعوديون بارزون هم د. عوض القرني ود. علي بادحدح ود. محمد موسي الشريف.
د.عوض القرني أستاذ الفقة المقارن بجامعة الملك خالد سابقا وأحد الموقعين على البيان الذي صدر من عدد من علماء السنة تأييدا للمقاومة في لبنان ووقعه حوالي 170 عالما من السعودية والعالم الاسلامي، أجاب على سؤال وجهته له عن أسباب التوسع الجاري حاليا في تداول هذا المصطلح وإطلاقه على حزب الله، ومطالبة البعض من خلال ذلك بعدم الدعوة له في الصلاة أو مناصرته.
قال القرني: ليس بالضرورة أن الدلالات التاريخية لا زالت موجودة كما هي عندما قيلت، ويذكر تاريخيا أن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب لما ثار على هشام بن عبدالملك، وكان معه بعض أصحابه سألوه: ماذا تقول في أبي بكر وعمر فقال: هما إماما صدق ووفاء وعدل، فرفضوه، فقال: أرفضتموني.. أنتم الروافض. طبعا هذا الذي يذكر تاريخيا، ومن ثم أطلق عليهم هذا اللفظ، لكني أقول إن الأمة يجب أن تسعى إلى ما يوحدها، لا إلى ما يفرقها وأن تسعى إلى ما ينهي الخلافات والاختلافات ويلم الشعث وبالذات في أوقات المحن والتحديات التي تواجه الجميع ولا تفرق بين أحد وأحد.
صحيح أننا في حاجة لأن نعالج أخطاءنا التاريخية، لكننا نعالجها بالوسائل المشروعة والحوار العلمي الهادئ المعتمد على الكتاب والسنة، وعلى أن يكون لنا من الأدب ما نقدس به مقدساتنا التي تكونت عبر تاريخنا، وكذلك قضايا الأمة الكبرى، نرفعها عن المزايدات الطائفية أو السياسية أو المذهبية.
ومضى قائلا: المسلم أمر عموما بحسن القول، فنحن في حاجة إلى أن نقول من ألفاظنا وأقوالنا وخطابنا ما نستجلب به القلوب ونستل به سخائمها وندفع به غائلة الخلاف. أنا أقول إن لفظ "الروافض" أطلق تاريخيا على من ينالون من الصحابة، وبلا شك أن النيل من الصحابة كبيرة من الكبائر ومعصية من المعاصي، وبالذات الأئمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، وهم من أجمعت الأمة على فضلهم وخيرهم وسابقتهم، النيل منهم لا شك أنه معصية وإثم وذنب، وتكذيب لما في شأنهم في القرآن الكريم ولما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في نصوص متواترة عن فضلهم وخيرهم وعدلهم، لكن ليس الحل أن نتنابز بالألقاب وأن نسبّ وننال بعضنا بعضا، بل نسعى لحل مشاكلنا بهدوء وأدب واحترام. أرى أن المصلحة للعدو والذي يريد استئصال الأمة والقضاء على مصالحها، تتحقق من خلال إثارة نعرة الخلافات الطائفية أو المذهبية أو السياسية أو القومية، فلا يجب أن نمكنهم من هذا، حتى لو كان الاختلاف ضرورة وأصلا من لوازم البشر في الحياة، وقد أخبر بذلك القرآن الكريم.. أقول حتى لو كان الخلاف ضرورة، فالعقلاء يرجئونه عندما يشكل خطرا عليهم.
لا يجوز تكفير طائفة بمجملها
وعن الفتوى التي نسبت إلى الشيخ عبدالله بن جبرين واشعلت الجدل بشأن مشروعية تأييد حزب الله، ثم تبين أنها قديمة لا تنطبق على الأحداث الحالية حسب توضيح الشيخ بن جبرين نفسه، قال د. عوض القرني: التكفير حكم شرعي ولا يجوز أن يطلق القول فيه على عواهنه ولا يجوز تكفير طائفة بمجملها، ولا يجوز تكفير أحد بعينه إلا إذا كان قد قامت عليه الحجة.
وشرح ذلك بقوله: التكفير يفرق فيه بين الحكم والفتوى، فالفتوى ممكن ان يقال فيها من فعل كذا أو من قال كذا، فهو كافر.. هذه فتوى، وطبعا هناك مكفرات بلا شك، أما الحكم فهو أن تحكم على فلان أو على بني فلان بأنهم كفار، هذا حكم شرعي قضائي، يعني يتم بواسطة القضاء، ويجب أن يتثبت بوسائل الإثبات الشرعية من وقوع المكفر، فإذا تثبت من ذلك وأقيمت الحجة وأصر عليه الانسان، يحكم عليه القضاء، وبالتالي فليس من السهولة أن يطلق التكفير، والشيخ عبدالله بن جبرين عالم من العلماء الفضلاء الأخيار، وبالتالي فأنا أعتقد أنه أعقل من أن يطلق الحكم بالجملة على الناس دون تثبت وبالذات أنه ليس في مقام الحكم، فهو ليس بقاض، بل مفت وفي مقام الفتوى.
لا يوجد عالم سعودي كفر الشيعة بالجملة
واستطرد: قد يقع خطأ من أحد علماء السعودية لأنهم بشر، لكن من المشهود به أن علماء السعودية من أكثر علماء الأمة رسوخا في فقه الكتاب والسنة وإن كان بعضهم ينقصه العلم بالواقع وبمجريات الواقع، لكن لا يوجد أحد بعينه كفّر الشيعة بالجملة. فينسب لبعض الشيعة أنهم يقولون أن القرآن محرف، وينسب لبعضهم القول إن جبريل خان الرسالة والأمانة. هنا سيقول العلماء إذا سئلوا عن ذلك: من قال هذا فهو كافر، لكن أن يثبت أن فلانا هو القائل لهذا القول فهذا أمر آخر يرجع للقضاء، والذي أعلمه أنا من خلال كتب الشيعة، من باب العلم، أن منهم من يقول هذا في كتبه وقد يكون تابعا له، ومنهم من يرده ويرفضه ويعتبره ذنبا، بل بعض علماء الشيعة يكفّر من قال إن القرآن محرف.
تأثير خلفيات ما يجري في العراق
وحول إطلاق البعض لفظ الروافض على حزب الله، واختيار هذا التوقيت بالذات للتوسع في هذا اللفظ أجاب الشيخ د.عوض القرني: النيل الطائفي وما يقع من الشيعة على السنة في العراق له دور كبير في وقوع هذا الأمر. الخطأ من غلاة الطرفين من هنا وهناك، وانت تعلم أن مدن اهل السنة هدمت على رؤوسهم في العراق، وللأسف أصبح كثير من الشيعة ولا أقول كلهم في هذا البلد، عونا للأمريكان على أهل السنة في هدم مدنهم على رؤوسهم، فبعض ما يحصل حاليا ردود فعل على ذلك، وبعض الناس عندهم غلو فيطرقون مثل هذه القضايا.
وأنا شخصيا لا أرى أن مصلحة الامة في ذلك لا من قريب أو بعيد، فنحن قد نختلف مع حزب الله او مع غيره، ولكن خلافنا معه لا يسوغ لنا ألا نقف معه في دفاعه عن الأمة ودفع الظلم والعدوان عن الشعب اللبناني كله وليس عن الحزب فقط، ولو كان الظلم والعدوان الذي يقع على الشعب اللبناني يقع على هندوسي أو بوذي لوجب علينا أن ندفعه عنهم ولا نرضاه. هذا هو الحكم الشرعي، ولا يعني وقوفنا مع الحزب دفاعا عنه وعن الشعب اللبناني ودفع العدوان الصهيوني عن الأمة كلها، أننا سنوافق الشيعة في كل ما قالوه، وأن الخلافات بيننا وبينهم انتهت، لكن هناك أولويات.
فرق شيعية كثيرة قريبة من السنة
ومن جانبه يقول د.علي بادحدح استاذ الدراسات الاسلامية بجامعة الملك عبدالعزيز بالسعودية: إن جهد وعمل العالم لا يقاس بموقف واحد ولا بفتوى واحدة مهما اختلفنا معه فيها، لابد أن نعي هذا لأن الذي يتناوله البعض الآن فيه نوع من السطحية والسذاجة والاندفاع العاطفي غير الواعي وغير المؤسس.
ليس هناك صواب في قضايا الاطلاق. ليس لعلماء السعودية موقف واحد مشترك. وهذا الموقف عند من يطلقه على علماء السعودية يأخذ صفة العموم والشمول، سواء لقضية الشيعة أو لقضية حزب الله، وهذه أيضا اطلاقات خاطئة، فالناس لهم مواقف بينها تفاوت. وهذه المواقف لها ضوابط، بمعنى ان يذكروا كلاما له ضابط للمفتي أو صاحب الرأي بأنه يؤيد كذا ويتحفظ على كذا، فنجد أن النقل يعمم تعميمات في غير موضعها.
وأضاف: الشيعة ليسوا كفرة يصدق في عقادئهم أنها كفرية، بل منهم فرق قريبة إلى أهل السنة كثيرا كالزيدية وهم أقل فرق الشيعة مباينة ومخالفة للسنة وأهلها، ومنهم من بلغ مبالغ كبيرة فألهوا عليا، و بعض الفرق وهي قليلة تدعي أن ثمة قرآنا نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم، غير القرآن الذي بين أيدينا. وهو أمر كالتصوف الذي يبدأ من الذكر والاجتماع عليه وينتهي إلى صورة من الحلول والاتحاد، فلا يقال عن اسم واحد حكم واحد مع التفاوت في صوره دون الرجوع إلى كل صورة بحالها وعينها، بل أحيانا عند الحكم على فرد لا بد من ذكر معتقده بذاته ولا يأتي هذا الحكم إلا من أهل العلم والتخصص ولا بد أن يكون هناك داع لهذا الحكم ووجود شروط وانتفاء موانع.
واستطرد د. بادحدح: الذي نراه الآن أبعد ما يكون عن مثل هذا كله، فمن السنة من عنده تشيع حتى إن بعض العلماء يقولون "تشيع أهل السنة".. مثلا هناك قول عن أهل الكوفة كأبي سفيان الثوري وغيره أنهم يقدمون عليا على عثمان رضي الله عنهما في ترتيب الصحابة، فهذا قول ليس فيه شئ وإن كان يسمى تشيعا باعتباره كأنه مشايعة لعلي، هذا إطلاق لغوي.
لكن الذي يقول بعقائد كفرية تناقض صريح القرآن كسبّ الصحابة المعروفين بأعيانهم، فهذا فيه مناقضة او تكذيب لصريح القرآن. يصدق حينئذ على هذا المعتقد أو على هذه القضية أن معتنقها ومعتقدها يكفر بهذا الاعتقاد.
وقال بادحدح: ثمة أمور لا بد أن نعرفها وأن نقدرها قدرها، أولها القضايا العقدية.. فإذا وجد انحراف عقدي، فالعالم وغير العالم ممن يعلم ذلك لا يمكن أن يغض الطرف ولا يمكن أن يعتبره قضية هامشية ولا يمكن ان نجعل موقفا من المواقف الاجتماعية السياسية أو مواقف المجاملات يطغى على أهمية ذلك، أتكلم عن مبدأ ولا يعني ذلك أن هذا المبدأ "يجبُّ" أو ينسخ غيره.
وثانيا أن لدينا مسيرة تاريخية نحن أهل السنة نعرفها ونعرف حوادثها فيها كثير من الجوانب السلبية التي تظهر جمهور الشيعة خاصة في أوقات القوة وفي أوقات وجود العدو الخارجي، في موقف ليس ايجابيا ولا محمودا.
الأمر الثالث: لا ننسى الواقع اليوم عندما بدأت دولة الشيعة تقوى في ايران، لا ننسى انها اساءت الى السنة والى الاسلام والمسلمين في جوانب معينة مثل ما أثاروه في مكة المكرمة في غير عام في الحج وسببوا كثيرا من المشكلات ومثل ما أثاروه لدى بعض أقليات الشيعة في البلاد المختلفة وأثروا فيها ونزعوا النسيج الوطني الذي كان متماسكا في بعض البلاد والدول الخليجية وجعلوا ولاء يصنع للطائفة يطغى على لحمة المواطنة وتماسك المجتمعات في تلك الدول، ولا ننسى أخيرا الصراعات الدامية والارواح التي ازهقت والتهجير وكثير من الظواهر التي طفت على السطح في العراق.
مع هذا كله قديما وحديثا واعتقادا وتاريخا، لا يمكن أن ننظر إلى المواقف بسهولة ونقول "خلاص" نحن الآن في مواجهة، ونغض الطرف. لا أقول إن هناك حربا ولا نؤسس لشقاق، لكن اقول لا ينبغي التهوين من هذه الأمور، فإذا لم نعرف الأمور على حقيقتها لا نستطيع أن نغيرها التغيير الايجابي.
رغم هذا كله أشرت في احد الحوارات القريبة معي، الى انه على اقل تقدير ينبغي أن يسعى العلماء والعقلاء من الطرفين ألا يكون احتراب وقتل وعداء مباشر بينهما، أقل درجة الآن في هذه الظروف لو كان هناك صدق واخلاص ووعي وادراك، أقل الدرجات ألا نصوب سهام بعضنا إلى بعض. ما وراء ذلك اعتقد ان التجارب الميدانية في البلاد كانت تدل على ان هناك قدرا مقبولا من التعايش بين الطائفتين في المجتمعات التي تضم شيعة كأقلية وتضم سنة.
وقال: نلاحظ أن السنة في ايران مضيق عليهم كثيرا ولا يجدون فسحة، كما قد يقول الشيعة أيضا عن أوضاعهم في بلاد أخرى كالسعودية وغيرها، مع ان الفارق كبير، ففي السعودية لهم مساجدهم وأوضاعهم الخاصة، لكن ان تفرض الأقلية أن يكون النظام العام والمناهج العامة تسير وفق مرادهم أو تغير ما هو للاغلبية لكي تتم مراعاتهم مراعاة متجاوزة للحدود التي تتعلق بمتطلبات ذلك سواء كانت متطلبات دينية أو اجتماعية او سياسية، فهذا غير مقبول.
عدم التصلب والوقوف عند التاريخ
وأكد با دحدح رؤيته بالقول: ننظر للأمر على هذا النحو.. قضية مهمة، وفيها أسباب كثيرة تاريخية وعقدية، ولكننا اليوم أيضا في ظروف تمر بها الأمة الاسلامية تقتضي عدم التصلب وعدم الوقوف عند التاريخ، بل حتى عند موقع واحد في العراق أو غيره. ربما نحاول أن نغير ونضغط ونخفف، ولكن نتجاوز كما قلت إلى أن نصل إلى عدم الاحتراب وعدم التضاد وعدم تدمير قدرات الأمة في مصالح ذاتية، بعضها سياسي وليس عقديا، ايران فيها اتجاه عقدي لكن قطعا هي تريد أن يكون لها دور في المنطقة على حساب العرب، كأن تكون قوة نووية ثالثة بعد الهند وباكستان، وهناك حسابات اخرى غير الحسابات الدينية البحتة.
وعن الروافض قال انهم من يرفضون مكانة الصحابة وبالذات خلافة أبو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم. هذا باختصار، ويرفضون الاقرار بمرتبة الصحابة وما يلزمها من المحبة وما يلزمها من التأثير والاعتراف بالفضل، فضلا عن صحة الولاية التي عقدت للخلفاء الراشدين.
ويضيف: أنا ارى وقلت هذا في بيان أصدرته، ان حزب الله شيعي المذهب له علاقاته بإيران وارتباطاته بسوريا ولذلك أثره الواضح في توجهاته، لكن ليس هذا هو المقياس الوحيد الذي نقيس به موقفنا منه في هذه الظروف وهذه المواجهة بالذات. كل من ينكي بالعدو الصهيوني فنحن معه حتى لو كان غير مسلم، لكن في هذه الحدود، لا يعني بأي حال أن نؤيد عقائد الشيعة التي يعتنقها حزب الله، ولا يعني أن نؤيد خريطته السياسية ومصالحه ومطامحه في المنطقة، هذا أمر آخر. أنا أتحدث عن نقطة محددة وأرى انه لم يكن مناسبا ان تثار كل القضايا ضد الحزب سواء من خلال عقيدته أو مطامحه بالصورة التي كأنما أضعفت أو فرقت وحدة الكلمة في مواجهة إسرائيل. وللأسف هذه الوحدة ليست عقدية بل سياسية، الآن سياسيون من دول كثيرة يعتبرون أن حزب الله اخطأ وانه يجر المنطقة الى ايران وانهم ضده ليس عقديا ولكن سياسيا.
هل يدعو أئمة السنة لحزب الله؟
ويؤكد د. محمد موسى شريف الأستاذ بجامعة الملك عبد العزيز بجدة أنه لا يوجد عالم سعودي أو سلفي واحد قال بتكفير جميع الشيعة. وقال: لا نكفر الشيعة باطلاق ولا الروافض أيضا يتم تكفيرهم باطلاق.
ويوضح أن "الروافض هم الإمامية الاثنا عشرية، وهي تنطبق على ايران وعلى حزب الله. لا نكفر باطلاق ولكن نقول هناك مقولات كفرية من يقول بها يكفر، أما تكفيرهم بإطلاق فمعاذ الله ونحن لا نفعل هذا".
وقال: أنا إمام مسجد وادعو للمجاهدين في لبنان وفي فلسطين في كل صلاة جهرية، ففي صلاة المغرب مثلا أدعو لهم بالتوفيق وأن ينصرهم الله على اعدائهم. لا نملك في هذا الظرف الحرج إلا أن نقول هذا، ويبقى أن بيننا وبين حزب الله خلاف عقدي واضح، ولكن يجب أن ننسق وإياهم في مواجهة هؤلاء اليهود، وهذا لابد منه. ففي هذه الساعة والنقطة بالذات يجب أن ننسق معهم وأن نساعدهم وان ندعو لهم ضد اليهود، ومن يستطيع دعمهم ماديا وتسليحيا في مواجهتهم ضد اليهود فجزاه الله خيرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الحمدلله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين سيدنا محمد وعلى آله بيته الطاهرين الطيبين وعلى صحابته أجمعين .
إن التقارب بين السنة والشيعة هو أكثر بكثير من الخلافات والفوارق الفقهية والمذهبية. وهناك بعض الفوارق التي تعتبر وهمية وليست حقيقية، مجرد اختلاف في المصطلح. اما المضمون فهو متفق عليه، وهي كثيرة من هذا النوع. وبجهد من علماء الفريقين بامكان القضاء عليها.
وهناك قسم آخر من الفوارق، هي فوارق حقيقية ولكنها لا تعني انفصالا كليا بين المذهبين، وانما نعتبرها من ضمن الفوارق الطبيعية في داخل الدين الاسلامي الشامل والواسع والقادر على احتضان الاجتهادات والأراء المختلفة .
ففي أول رد فعل على الشيخ عبد الله بن جبرين على الفتوى التي نسبت له وأثارت جدلا كبيرا في العالم الاسلامي بشأن الموقف الشرعي من حزب الله، قال العالم السعودي الشيخ د. عبدالله بن جبرين إنها فتوى قديمة لا تتعلق بحزب الله، وإن الذين قاموا بنشرها لم يبينوا ما تتعلق به أو يتثبتوا فيها قبل نشرها ولم يعرضوها عليه ليبين حكمها ومناسبتها.
وأوضح بن جبرين "هذا هو مضمون تلك الفتوى، فإذا وجد حزب لله تعالى ينصرون الله وينصرون الإسلام في لبنان أو غيرها من البلاد الإسلامية، فإننا نحبهم ونشجعهم وندعو لهم بالثبات، وحيث أن الموضوع الآن موضوع فتنة وحرب بين اليهود وبين من يسمون حزب الله، واكتوى بنارها المستضعفون ممن لا حول لهم ولا قوة، فنقول لا شك أن هذه الفتنة التي قام بها اليهود وحاربوا المسلمين في فلسطين وحاربوا أهل لبنان أنها فتنة شيطانية وأن الذين قاموا بها وهم اليهود يريدون بذلك القضاء على الإسلام والمسلمين حتى يستولوا على بلادهم وثرواتهم، وهذا ما يتمنونه"
التوسع في استعمال مصطلح "الروافض"
وفي تقرير أعدته "العربية.نت" حول مصطلح "الروافض" الذي يغلب على الجدل الدائر حاليا فيما يختص بالموقف من حزب الله، تحدث ثلاثة علماء شريعة سعوديون بارزون هم د. عوض القرني ود. علي بادحدح ود. محمد موسي الشريف.
د.عوض القرني أستاذ الفقة المقارن بجامعة الملك خالد سابقا وأحد الموقعين على البيان الذي صدر من عدد من علماء السنة تأييدا للمقاومة في لبنان ووقعه حوالي 170 عالما من السعودية والعالم الاسلامي، أجاب على سؤال وجهته له عن أسباب التوسع الجاري حاليا في تداول هذا المصطلح وإطلاقه على حزب الله، ومطالبة البعض من خلال ذلك بعدم الدعوة له في الصلاة أو مناصرته.
قال القرني: ليس بالضرورة أن الدلالات التاريخية لا زالت موجودة كما هي عندما قيلت، ويذكر تاريخيا أن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب لما ثار على هشام بن عبدالملك، وكان معه بعض أصحابه سألوه: ماذا تقول في أبي بكر وعمر فقال: هما إماما صدق ووفاء وعدل، فرفضوه، فقال: أرفضتموني.. أنتم الروافض. طبعا هذا الذي يذكر تاريخيا، ومن ثم أطلق عليهم هذا اللفظ، لكني أقول إن الأمة يجب أن تسعى إلى ما يوحدها، لا إلى ما يفرقها وأن تسعى إلى ما ينهي الخلافات والاختلافات ويلم الشعث وبالذات في أوقات المحن والتحديات التي تواجه الجميع ولا تفرق بين أحد وأحد.
صحيح أننا في حاجة لأن نعالج أخطاءنا التاريخية، لكننا نعالجها بالوسائل المشروعة والحوار العلمي الهادئ المعتمد على الكتاب والسنة، وعلى أن يكون لنا من الأدب ما نقدس به مقدساتنا التي تكونت عبر تاريخنا، وكذلك قضايا الأمة الكبرى، نرفعها عن المزايدات الطائفية أو السياسية أو المذهبية.
ومضى قائلا: المسلم أمر عموما بحسن القول، فنحن في حاجة إلى أن نقول من ألفاظنا وأقوالنا وخطابنا ما نستجلب به القلوب ونستل به سخائمها وندفع به غائلة الخلاف. أنا أقول إن لفظ "الروافض" أطلق تاريخيا على من ينالون من الصحابة، وبلا شك أن النيل من الصحابة كبيرة من الكبائر ومعصية من المعاصي، وبالذات الأئمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، وهم من أجمعت الأمة على فضلهم وخيرهم وسابقتهم، النيل منهم لا شك أنه معصية وإثم وذنب، وتكذيب لما في شأنهم في القرآن الكريم ولما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في نصوص متواترة عن فضلهم وخيرهم وعدلهم، لكن ليس الحل أن نتنابز بالألقاب وأن نسبّ وننال بعضنا بعضا، بل نسعى لحل مشاكلنا بهدوء وأدب واحترام. أرى أن المصلحة للعدو والذي يريد استئصال الأمة والقضاء على مصالحها، تتحقق من خلال إثارة نعرة الخلافات الطائفية أو المذهبية أو السياسية أو القومية، فلا يجب أن نمكنهم من هذا، حتى لو كان الاختلاف ضرورة وأصلا من لوازم البشر في الحياة، وقد أخبر بذلك القرآن الكريم.. أقول حتى لو كان الخلاف ضرورة، فالعقلاء يرجئونه عندما يشكل خطرا عليهم.
لا يجوز تكفير طائفة بمجملها
وعن الفتوى التي نسبت إلى الشيخ عبدالله بن جبرين واشعلت الجدل بشأن مشروعية تأييد حزب الله، ثم تبين أنها قديمة لا تنطبق على الأحداث الحالية حسب توضيح الشيخ بن جبرين نفسه، قال د. عوض القرني: التكفير حكم شرعي ولا يجوز أن يطلق القول فيه على عواهنه ولا يجوز تكفير طائفة بمجملها، ولا يجوز تكفير أحد بعينه إلا إذا كان قد قامت عليه الحجة.
وشرح ذلك بقوله: التكفير يفرق فيه بين الحكم والفتوى، فالفتوى ممكن ان يقال فيها من فعل كذا أو من قال كذا، فهو كافر.. هذه فتوى، وطبعا هناك مكفرات بلا شك، أما الحكم فهو أن تحكم على فلان أو على بني فلان بأنهم كفار، هذا حكم شرعي قضائي، يعني يتم بواسطة القضاء، ويجب أن يتثبت بوسائل الإثبات الشرعية من وقوع المكفر، فإذا تثبت من ذلك وأقيمت الحجة وأصر عليه الانسان، يحكم عليه القضاء، وبالتالي فليس من السهولة أن يطلق التكفير، والشيخ عبدالله بن جبرين عالم من العلماء الفضلاء الأخيار، وبالتالي فأنا أعتقد أنه أعقل من أن يطلق الحكم بالجملة على الناس دون تثبت وبالذات أنه ليس في مقام الحكم، فهو ليس بقاض، بل مفت وفي مقام الفتوى.
لا يوجد عالم سعودي كفر الشيعة بالجملة
واستطرد: قد يقع خطأ من أحد علماء السعودية لأنهم بشر، لكن من المشهود به أن علماء السعودية من أكثر علماء الأمة رسوخا في فقه الكتاب والسنة وإن كان بعضهم ينقصه العلم بالواقع وبمجريات الواقع، لكن لا يوجد أحد بعينه كفّر الشيعة بالجملة. فينسب لبعض الشيعة أنهم يقولون أن القرآن محرف، وينسب لبعضهم القول إن جبريل خان الرسالة والأمانة. هنا سيقول العلماء إذا سئلوا عن ذلك: من قال هذا فهو كافر، لكن أن يثبت أن فلانا هو القائل لهذا القول فهذا أمر آخر يرجع للقضاء، والذي أعلمه أنا من خلال كتب الشيعة، من باب العلم، أن منهم من يقول هذا في كتبه وقد يكون تابعا له، ومنهم من يرده ويرفضه ويعتبره ذنبا، بل بعض علماء الشيعة يكفّر من قال إن القرآن محرف.
تأثير خلفيات ما يجري في العراق
وحول إطلاق البعض لفظ الروافض على حزب الله، واختيار هذا التوقيت بالذات للتوسع في هذا اللفظ أجاب الشيخ د.عوض القرني: النيل الطائفي وما يقع من الشيعة على السنة في العراق له دور كبير في وقوع هذا الأمر. الخطأ من غلاة الطرفين من هنا وهناك، وانت تعلم أن مدن اهل السنة هدمت على رؤوسهم في العراق، وللأسف أصبح كثير من الشيعة ولا أقول كلهم في هذا البلد، عونا للأمريكان على أهل السنة في هدم مدنهم على رؤوسهم، فبعض ما يحصل حاليا ردود فعل على ذلك، وبعض الناس عندهم غلو فيطرقون مثل هذه القضايا.
وأنا شخصيا لا أرى أن مصلحة الامة في ذلك لا من قريب أو بعيد، فنحن قد نختلف مع حزب الله او مع غيره، ولكن خلافنا معه لا يسوغ لنا ألا نقف معه في دفاعه عن الأمة ودفع الظلم والعدوان عن الشعب اللبناني كله وليس عن الحزب فقط، ولو كان الظلم والعدوان الذي يقع على الشعب اللبناني يقع على هندوسي أو بوذي لوجب علينا أن ندفعه عنهم ولا نرضاه. هذا هو الحكم الشرعي، ولا يعني وقوفنا مع الحزب دفاعا عنه وعن الشعب اللبناني ودفع العدوان الصهيوني عن الأمة كلها، أننا سنوافق الشيعة في كل ما قالوه، وأن الخلافات بيننا وبينهم انتهت، لكن هناك أولويات.
فرق شيعية كثيرة قريبة من السنة
ومن جانبه يقول د.علي بادحدح استاذ الدراسات الاسلامية بجامعة الملك عبدالعزيز بالسعودية: إن جهد وعمل العالم لا يقاس بموقف واحد ولا بفتوى واحدة مهما اختلفنا معه فيها، لابد أن نعي هذا لأن الذي يتناوله البعض الآن فيه نوع من السطحية والسذاجة والاندفاع العاطفي غير الواعي وغير المؤسس.
ليس هناك صواب في قضايا الاطلاق. ليس لعلماء السعودية موقف واحد مشترك. وهذا الموقف عند من يطلقه على علماء السعودية يأخذ صفة العموم والشمول، سواء لقضية الشيعة أو لقضية حزب الله، وهذه أيضا اطلاقات خاطئة، فالناس لهم مواقف بينها تفاوت. وهذه المواقف لها ضوابط، بمعنى ان يذكروا كلاما له ضابط للمفتي أو صاحب الرأي بأنه يؤيد كذا ويتحفظ على كذا، فنجد أن النقل يعمم تعميمات في غير موضعها.
وأضاف: الشيعة ليسوا كفرة يصدق في عقادئهم أنها كفرية، بل منهم فرق قريبة إلى أهل السنة كثيرا كالزيدية وهم أقل فرق الشيعة مباينة ومخالفة للسنة وأهلها، ومنهم من بلغ مبالغ كبيرة فألهوا عليا، و بعض الفرق وهي قليلة تدعي أن ثمة قرآنا نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم، غير القرآن الذي بين أيدينا. وهو أمر كالتصوف الذي يبدأ من الذكر والاجتماع عليه وينتهي إلى صورة من الحلول والاتحاد، فلا يقال عن اسم واحد حكم واحد مع التفاوت في صوره دون الرجوع إلى كل صورة بحالها وعينها، بل أحيانا عند الحكم على فرد لا بد من ذكر معتقده بذاته ولا يأتي هذا الحكم إلا من أهل العلم والتخصص ولا بد أن يكون هناك داع لهذا الحكم ووجود شروط وانتفاء موانع.
واستطرد د. بادحدح: الذي نراه الآن أبعد ما يكون عن مثل هذا كله، فمن السنة من عنده تشيع حتى إن بعض العلماء يقولون "تشيع أهل السنة".. مثلا هناك قول عن أهل الكوفة كأبي سفيان الثوري وغيره أنهم يقدمون عليا على عثمان رضي الله عنهما في ترتيب الصحابة، فهذا قول ليس فيه شئ وإن كان يسمى تشيعا باعتباره كأنه مشايعة لعلي، هذا إطلاق لغوي.
لكن الذي يقول بعقائد كفرية تناقض صريح القرآن كسبّ الصحابة المعروفين بأعيانهم، فهذا فيه مناقضة او تكذيب لصريح القرآن. يصدق حينئذ على هذا المعتقد أو على هذه القضية أن معتنقها ومعتقدها يكفر بهذا الاعتقاد.
وقال بادحدح: ثمة أمور لا بد أن نعرفها وأن نقدرها قدرها، أولها القضايا العقدية.. فإذا وجد انحراف عقدي، فالعالم وغير العالم ممن يعلم ذلك لا يمكن أن يغض الطرف ولا يمكن أن يعتبره قضية هامشية ولا يمكن ان نجعل موقفا من المواقف الاجتماعية السياسية أو مواقف المجاملات يطغى على أهمية ذلك، أتكلم عن مبدأ ولا يعني ذلك أن هذا المبدأ "يجبُّ" أو ينسخ غيره.
وثانيا أن لدينا مسيرة تاريخية نحن أهل السنة نعرفها ونعرف حوادثها فيها كثير من الجوانب السلبية التي تظهر جمهور الشيعة خاصة في أوقات القوة وفي أوقات وجود العدو الخارجي، في موقف ليس ايجابيا ولا محمودا.
الأمر الثالث: لا ننسى الواقع اليوم عندما بدأت دولة الشيعة تقوى في ايران، لا ننسى انها اساءت الى السنة والى الاسلام والمسلمين في جوانب معينة مثل ما أثاروه في مكة المكرمة في غير عام في الحج وسببوا كثيرا من المشكلات ومثل ما أثاروه لدى بعض أقليات الشيعة في البلاد المختلفة وأثروا فيها ونزعوا النسيج الوطني الذي كان متماسكا في بعض البلاد والدول الخليجية وجعلوا ولاء يصنع للطائفة يطغى على لحمة المواطنة وتماسك المجتمعات في تلك الدول، ولا ننسى أخيرا الصراعات الدامية والارواح التي ازهقت والتهجير وكثير من الظواهر التي طفت على السطح في العراق.
مع هذا كله قديما وحديثا واعتقادا وتاريخا، لا يمكن أن ننظر إلى المواقف بسهولة ونقول "خلاص" نحن الآن في مواجهة، ونغض الطرف. لا أقول إن هناك حربا ولا نؤسس لشقاق، لكن اقول لا ينبغي التهوين من هذه الأمور، فإذا لم نعرف الأمور على حقيقتها لا نستطيع أن نغيرها التغيير الايجابي.
رغم هذا كله أشرت في احد الحوارات القريبة معي، الى انه على اقل تقدير ينبغي أن يسعى العلماء والعقلاء من الطرفين ألا يكون احتراب وقتل وعداء مباشر بينهما، أقل درجة الآن في هذه الظروف لو كان هناك صدق واخلاص ووعي وادراك، أقل الدرجات ألا نصوب سهام بعضنا إلى بعض. ما وراء ذلك اعتقد ان التجارب الميدانية في البلاد كانت تدل على ان هناك قدرا مقبولا من التعايش بين الطائفتين في المجتمعات التي تضم شيعة كأقلية وتضم سنة.
وقال: نلاحظ أن السنة في ايران مضيق عليهم كثيرا ولا يجدون فسحة، كما قد يقول الشيعة أيضا عن أوضاعهم في بلاد أخرى كالسعودية وغيرها، مع ان الفارق كبير، ففي السعودية لهم مساجدهم وأوضاعهم الخاصة، لكن ان تفرض الأقلية أن يكون النظام العام والمناهج العامة تسير وفق مرادهم أو تغير ما هو للاغلبية لكي تتم مراعاتهم مراعاة متجاوزة للحدود التي تتعلق بمتطلبات ذلك سواء كانت متطلبات دينية أو اجتماعية او سياسية، فهذا غير مقبول.
عدم التصلب والوقوف عند التاريخ
وأكد با دحدح رؤيته بالقول: ننظر للأمر على هذا النحو.. قضية مهمة، وفيها أسباب كثيرة تاريخية وعقدية، ولكننا اليوم أيضا في ظروف تمر بها الأمة الاسلامية تقتضي عدم التصلب وعدم الوقوف عند التاريخ، بل حتى عند موقع واحد في العراق أو غيره. ربما نحاول أن نغير ونضغط ونخفف، ولكن نتجاوز كما قلت إلى أن نصل إلى عدم الاحتراب وعدم التضاد وعدم تدمير قدرات الأمة في مصالح ذاتية، بعضها سياسي وليس عقديا، ايران فيها اتجاه عقدي لكن قطعا هي تريد أن يكون لها دور في المنطقة على حساب العرب، كأن تكون قوة نووية ثالثة بعد الهند وباكستان، وهناك حسابات اخرى غير الحسابات الدينية البحتة.
وعن الروافض قال انهم من يرفضون مكانة الصحابة وبالذات خلافة أبو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم. هذا باختصار، ويرفضون الاقرار بمرتبة الصحابة وما يلزمها من المحبة وما يلزمها من التأثير والاعتراف بالفضل، فضلا عن صحة الولاية التي عقدت للخلفاء الراشدين.
ويضيف: أنا ارى وقلت هذا في بيان أصدرته، ان حزب الله شيعي المذهب له علاقاته بإيران وارتباطاته بسوريا ولذلك أثره الواضح في توجهاته، لكن ليس هذا هو المقياس الوحيد الذي نقيس به موقفنا منه في هذه الظروف وهذه المواجهة بالذات. كل من ينكي بالعدو الصهيوني فنحن معه حتى لو كان غير مسلم، لكن في هذه الحدود، لا يعني بأي حال أن نؤيد عقائد الشيعة التي يعتنقها حزب الله، ولا يعني أن نؤيد خريطته السياسية ومصالحه ومطامحه في المنطقة، هذا أمر آخر. أنا أتحدث عن نقطة محددة وأرى انه لم يكن مناسبا ان تثار كل القضايا ضد الحزب سواء من خلال عقيدته أو مطامحه بالصورة التي كأنما أضعفت أو فرقت وحدة الكلمة في مواجهة إسرائيل. وللأسف هذه الوحدة ليست عقدية بل سياسية، الآن سياسيون من دول كثيرة يعتبرون أن حزب الله اخطأ وانه يجر المنطقة الى ايران وانهم ضده ليس عقديا ولكن سياسيا.
هل يدعو أئمة السنة لحزب الله؟
ويؤكد د. محمد موسى شريف الأستاذ بجامعة الملك عبد العزيز بجدة أنه لا يوجد عالم سعودي أو سلفي واحد قال بتكفير جميع الشيعة. وقال: لا نكفر الشيعة باطلاق ولا الروافض أيضا يتم تكفيرهم باطلاق.
ويوضح أن "الروافض هم الإمامية الاثنا عشرية، وهي تنطبق على ايران وعلى حزب الله. لا نكفر باطلاق ولكن نقول هناك مقولات كفرية من يقول بها يكفر، أما تكفيرهم بإطلاق فمعاذ الله ونحن لا نفعل هذا".
وقال: أنا إمام مسجد وادعو للمجاهدين في لبنان وفي فلسطين في كل صلاة جهرية، ففي صلاة المغرب مثلا أدعو لهم بالتوفيق وأن ينصرهم الله على اعدائهم. لا نملك في هذا الظرف الحرج إلا أن نقول هذا، ويبقى أن بيننا وبين حزب الله خلاف عقدي واضح، ولكن يجب أن ننسق وإياهم في مواجهة هؤلاء اليهود، وهذا لابد منه. ففي هذه الساعة والنقطة بالذات يجب أن ننسق معهم وأن نساعدهم وان ندعو لهم ضد اليهود، ومن يستطيع دعمهم ماديا وتسليحيا في مواجهتهم ضد اليهود فجزاه الله خيرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ