ناصر
11-08-2007, 01:03 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأسعد الله اوقاتكم بكل الخير
ملايين تابعت المسلسل السوري "باب الحارة" الذي بثته فضائية أم بي سي خلال شهر رمضان المبارك، وبخلاف المسلسلات الأخرى فإن هذا المسلسل حظي بشهرة ومتابعة واسعتين بدرجة فاقت ما كان متوقعا له. برغم أنني من غير المغرمين بالمسلسلات، فبعد مسلسل "الزير سالم" لم أتابع إلا بعض حلقات " باب الحارة" خصوصا تلك الأواخر، ولا أخفي إعجابي بهذا العمل فهو ممتع وشيق ويحمل أكثر من رسالة ايجابية، هذا فضلا عن تصويره للحياة وطبيعتها في المنطقة والفترة التي عالجها بدرجة عالية من الدقة.
يعتبر باب الحارة عملا فنيا متكاملا سواء بممثليه ذوي الشعبية المرتفعة على المستوى العربي أو من ناحية قيمة مضمونه الذي تم حشوه ببث منظومة من القيم الغائبة عن مجتمعاتنا في هذا الزمن، فمن الإيجابيات التي دعى اليها المسلسل بين طيات حلقاته هي التضامن والتكافل بين الناس وخاصة الجيران، وازدراء الخائن ولفظه من المجتمع، كذلك التأكيد على الطبيعة المحافظة للمجتمع التي تجلت في احترام القيم والعادات والتقاليد والإحتشام للنساء أثناء الخروج من البيوت، وحفظ الأسرار، هذا فضلا عن بعض المؤشرات الثورية التي حملها المسلسل والتي تجلى أهمها في نصرة الأخ لأخيه حتى وإن اختلفا معاً، كما حصل مع أبو النار عقيد حارته مع أبو شهاب عقيد الحارة الأخرى الذي اختلف معه لدرجة مد اليد ، لكن حينما وقع أبو شهاب في يد الإنجليز سارع ابو النار ورجاله لنصرته ولبوا نداء أبو عصام لفك أسره ورفاقه من يد الإنجليز، وكأنه يقول " مهما إختلفت مع أخي وابن بلدي إلا أننا يد واحدة أمام العدو المشترك"، بإختصار فإن المسلسل يجسد عناصر التعاضد والرأفة والرحمة والوطنية والإنتماء، من خلال قصة تضيء قنديلاً يشيع في النفس عواطف صادقة ، تنير سبل الأخلاق الفاضلة أمام مساوئ الطباع والتخاذل ، وشخوص تجيش بالنباهة والحب والحرية والفضيلة والتسامح برغم بساطتها .
تعتبر المسلسلات واحدة من الوسائل التي تسهم في بث قيم معينة للمشاهد ، أو تثبيت قيم قائمة والتأكيد عليها، أو محاربة قيم قائمة، من خلال معالجة درامية محكمة ومسلية. وربما برز تأثير مسلسل باب الحارة في هذا السياق من خلال تأثيره على الفئات العمرية الصغيرة كالأطفال الذين كانوا يسيرون في شوراع حاراتهم مساءً ويقلدون أبو غالب الذي كان يعمل مسحرا، فكانوا يرددون نفس عباراته" أوموا على سحوركن أوموا"، ومنهم من يقول مردداً " بليلية بلبلوكي وبالليل سلئوكي"، منها ايضا تقسيم الأطفال أنفسهم إلي قسمين الأول يمثل حارة أبو النار والثاني يمثل حارة أبو شهاب، وكثير منهم كانوا يرفضون تمثيل الأدوار السيئة مثل دور ابو غالب أو دور صطيف أو غيره من الأدوار لمنافاة هذه الأدوار للرجولة والشهامة . ويعتز البعض منهم في تسيمية نفسه أبو شهاب أو ابو عصام او معتز، وذلك للدلالة على الرجولة والشجاعة، كذلك فإن الكثيرين كرهوا بعض شخصيات المسلسل مثل فريال وابو غالب وصطيف، ليس لأنها أدوار سيئة فقط وإنما لكونها كانت مناقضة للتوجه الإجتماعي العام الذي حاول المسلسل أن يؤكده، بحيث ظهرت وكأنها أدوار شاذة، تفصلها مسافة قيمية كبيرة مع تلك الأدوار الإيجابية كدور أبو شهاب مثلا.
لا شك أن المسلسلات تحدث تأثيرا تربويا على أبنائنا وربما على الكبار أيضا، فإن حملت هذه المسلسلات قيم إيجابية بناءة استطاعت أن تدخلها في نفوس الاطفال والعكس صحيح، وللأسف كثير من مسلسلاتنا في هذا الوقت تحمل قيم هدامة للمجتمع ، تؤثر على الأبناء وعلى الشباب والفتيات وتجعلهم يستسهلون الخطأ ويقللون من شأنه، ومع ترافق هذه المسلسلات مع ما تبثه بعض الفضائيات من أغاني وفيديو كليب فاضحة ومدمرة للحياء والقيم، خلقت حالة عامة من التهاون في القيم والعادات والتقاليد، بل اصبح التمسك بمثل هذه القيم تخلف ورجعية، والنتيجة ما وصلنا اليه اليوم من حالة فلتان أخلاقي في المجتمعات العربية تتجلى في كثير من المظاهر التي نسمعها أو نشاهدها بأم أعيننا ..
نتمنى أن يكون باب الحارة بداية لعهد جديد من المسلسلات العربية، تحمل لنا المتعة والإثارة والرسائل الإيجابية لتغرس قيم إيجابية في مجتمعاتنا لوقف حالة الإنهيار السريعة التي تعانيها قيمنا العربية ..
http://www.maktoobblog.com/userFiles/b/a/babalhara/images/979image.jpeg
ابو غالب حبيب الشعب يبيع البليلة وينادي بليلة بلبلوكي وبالليل سلئوكي وبالنهار اكلوكي
وأسعد الله اوقاتكم بكل الخير
ملايين تابعت المسلسل السوري "باب الحارة" الذي بثته فضائية أم بي سي خلال شهر رمضان المبارك، وبخلاف المسلسلات الأخرى فإن هذا المسلسل حظي بشهرة ومتابعة واسعتين بدرجة فاقت ما كان متوقعا له. برغم أنني من غير المغرمين بالمسلسلات، فبعد مسلسل "الزير سالم" لم أتابع إلا بعض حلقات " باب الحارة" خصوصا تلك الأواخر، ولا أخفي إعجابي بهذا العمل فهو ممتع وشيق ويحمل أكثر من رسالة ايجابية، هذا فضلا عن تصويره للحياة وطبيعتها في المنطقة والفترة التي عالجها بدرجة عالية من الدقة.
يعتبر باب الحارة عملا فنيا متكاملا سواء بممثليه ذوي الشعبية المرتفعة على المستوى العربي أو من ناحية قيمة مضمونه الذي تم حشوه ببث منظومة من القيم الغائبة عن مجتمعاتنا في هذا الزمن، فمن الإيجابيات التي دعى اليها المسلسل بين طيات حلقاته هي التضامن والتكافل بين الناس وخاصة الجيران، وازدراء الخائن ولفظه من المجتمع، كذلك التأكيد على الطبيعة المحافظة للمجتمع التي تجلت في احترام القيم والعادات والتقاليد والإحتشام للنساء أثناء الخروج من البيوت، وحفظ الأسرار، هذا فضلا عن بعض المؤشرات الثورية التي حملها المسلسل والتي تجلى أهمها في نصرة الأخ لأخيه حتى وإن اختلفا معاً، كما حصل مع أبو النار عقيد حارته مع أبو شهاب عقيد الحارة الأخرى الذي اختلف معه لدرجة مد اليد ، لكن حينما وقع أبو شهاب في يد الإنجليز سارع ابو النار ورجاله لنصرته ولبوا نداء أبو عصام لفك أسره ورفاقه من يد الإنجليز، وكأنه يقول " مهما إختلفت مع أخي وابن بلدي إلا أننا يد واحدة أمام العدو المشترك"، بإختصار فإن المسلسل يجسد عناصر التعاضد والرأفة والرحمة والوطنية والإنتماء، من خلال قصة تضيء قنديلاً يشيع في النفس عواطف صادقة ، تنير سبل الأخلاق الفاضلة أمام مساوئ الطباع والتخاذل ، وشخوص تجيش بالنباهة والحب والحرية والفضيلة والتسامح برغم بساطتها .
تعتبر المسلسلات واحدة من الوسائل التي تسهم في بث قيم معينة للمشاهد ، أو تثبيت قيم قائمة والتأكيد عليها، أو محاربة قيم قائمة، من خلال معالجة درامية محكمة ومسلية. وربما برز تأثير مسلسل باب الحارة في هذا السياق من خلال تأثيره على الفئات العمرية الصغيرة كالأطفال الذين كانوا يسيرون في شوراع حاراتهم مساءً ويقلدون أبو غالب الذي كان يعمل مسحرا، فكانوا يرددون نفس عباراته" أوموا على سحوركن أوموا"، ومنهم من يقول مردداً " بليلية بلبلوكي وبالليل سلئوكي"، منها ايضا تقسيم الأطفال أنفسهم إلي قسمين الأول يمثل حارة أبو النار والثاني يمثل حارة أبو شهاب، وكثير منهم كانوا يرفضون تمثيل الأدوار السيئة مثل دور ابو غالب أو دور صطيف أو غيره من الأدوار لمنافاة هذه الأدوار للرجولة والشهامة . ويعتز البعض منهم في تسيمية نفسه أبو شهاب أو ابو عصام او معتز، وذلك للدلالة على الرجولة والشجاعة، كذلك فإن الكثيرين كرهوا بعض شخصيات المسلسل مثل فريال وابو غالب وصطيف، ليس لأنها أدوار سيئة فقط وإنما لكونها كانت مناقضة للتوجه الإجتماعي العام الذي حاول المسلسل أن يؤكده، بحيث ظهرت وكأنها أدوار شاذة، تفصلها مسافة قيمية كبيرة مع تلك الأدوار الإيجابية كدور أبو شهاب مثلا.
لا شك أن المسلسلات تحدث تأثيرا تربويا على أبنائنا وربما على الكبار أيضا، فإن حملت هذه المسلسلات قيم إيجابية بناءة استطاعت أن تدخلها في نفوس الاطفال والعكس صحيح، وللأسف كثير من مسلسلاتنا في هذا الوقت تحمل قيم هدامة للمجتمع ، تؤثر على الأبناء وعلى الشباب والفتيات وتجعلهم يستسهلون الخطأ ويقللون من شأنه، ومع ترافق هذه المسلسلات مع ما تبثه بعض الفضائيات من أغاني وفيديو كليب فاضحة ومدمرة للحياء والقيم، خلقت حالة عامة من التهاون في القيم والعادات والتقاليد، بل اصبح التمسك بمثل هذه القيم تخلف ورجعية، والنتيجة ما وصلنا اليه اليوم من حالة فلتان أخلاقي في المجتمعات العربية تتجلى في كثير من المظاهر التي نسمعها أو نشاهدها بأم أعيننا ..
نتمنى أن يكون باب الحارة بداية لعهد جديد من المسلسلات العربية، تحمل لنا المتعة والإثارة والرسائل الإيجابية لتغرس قيم إيجابية في مجتمعاتنا لوقف حالة الإنهيار السريعة التي تعانيها قيمنا العربية ..
http://www.maktoobblog.com/userFiles/b/a/babalhara/images/979image.jpeg
ابو غالب حبيب الشعب يبيع البليلة وينادي بليلة بلبلوكي وبالليل سلئوكي وبالنهار اكلوكي