سلطان ظاهر الجذلي
12-03-2007, 08:25 PM
الاختيارات العلمية في مسائل الحج والعمرة
للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله
كتاب المناسك
الحج والعمرة واجبان على كل مسلم حر مكلف مع الاستطاعة مرة في العمر
.
الحج واجب على الفور مع الاستطاعة في أصح قولي العلماء
.
يجب الحج على من كان عليه دين ويستطيع الحج وقضاء الدين
.
الأفضل عدم الاقتراض لأداء الحج
.
لا يصح حج من كان تاركاً للصلاة ، وكذا من كان يصلي ويدع الصلاة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم
: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر )) رواه الخمسة وهم : أحمد وأهل السنن الأربعة بإسناد صحيح ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (( بين الرجل وبين الشرك ترك الصلاة )) رواه مسلم في صحيحه .
من حج من مال حرام صح الحج ؛ لأن أعمال الحج كلها بدنية وعليه التوبة من الكسب الحرام
.
يصح حج المرأة بلا محرم مع الإثم ؛ لأنه لا يجوز لها السفر بدون محرم ولو للحج والعمرة
.
إذا حج الصبي أو العبد صح منهما ولا يجزئهما عن حجة الإسلام ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: (( أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى ، وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه حجة أخرى )) أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي بإسناد حسن .
من مات ولم يحج وهو يستطيع الحج وجب الحج عنه من التركة أوصى بذلك أو لم يوصِ
.
لا تصح الإنابة في الحج عمن كان صحيح البدن ولو كان فقيراً سواء كان فرضاً أو نفلاً ، أما العاجز لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه فإنه يلزمه أن ينيب من يؤدي عنه الحج المفروض والعمرة المفروضة إذا كان يستطيع ذلك بماله ؛ لعموم قول الله سبحانه
: { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً } .
العمى ليس عذراً في الإنابة للحج فرضاً كان أو نفلاً ، وعلى الأعمى أن يحج بنفسه إذا كان مستطيعاً ؛ لعموم الأدلة
.
الأفضل لمن حج الفريضة تقديم نفقة الحج النافلة للمجاهدين ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم الجهاد على الحج النفل ، كما في الحديث الصحيح
.
من اجتمع عليه حج الفريضة وقضاء صيام واجب كالكفارة وقضاء رمضان أو نحوهما قدم الحج
.
لا نعلم أقل حد بين العمرة والعمرة ، أما من كان من أهل مكة فالأفضل له الاشتغال بالطواف والصلاة وسائر القربات وعدم الخروج خارج الحرم لأداء عمرة إن كان قد أدى عمرة الإسلام
.
باب المواقيت
الواجب على جميع الحجاج والعمار أن يحرموا من الميقات الذي يمرون عليه أو يحاذونه جواً أو براً أو بحراً ؛ لحديث ابن عباس المذكور آنفاً
.
النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي وقت المواقيت الخمسة
: ذو الحليفة والجحفة وقرن المنازل ويلملم وذات عرق ، لكن وافق اجتهاد عمر رضي الله عنه توقيته لأهل العراق ذات عرق لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان لم يعلم ذلك حين وقت لهم ذات عرق فوافق اجتهاده رضي الله عنه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم .
من جاوز الميقات بلا إحرام وجب عليه الرجوع ، فإن لم يرجع فعليه دم ، وهو سبع بقرة ، أو سبع بدنة ، أو رأس من الغنم يجزئ في الأضحية ، إذا كان حين مر على الميقات ناوياً الحج أو العمرة ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين
.
من بدا له الحج وهو في مكة فإنه يحرم من مكانه ، أما العمرة فلابد من خروجه للحل ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في ذلك
.
من توجه إلى مكة غير مريد الحج أو العمرة لم يجب عليه الإحرام ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أوجب الإحرام على من نوى الحج أو العمرة أو كليهما
. والعبادات توقيفية ليس لأحد أن يوجب ما لم يوجبه الله ورسوله ، كما أنه ليس له أن يُحرِّم ما لم يحرمه الله ورسوله ، لكن من لم يؤد الفريضة وجب عليه الإحرام بالحج في وقته أو بالعمرة في أي وقت أداءً لما أوجبه الله عليه من الحج والعمرة من أي ميقات يمر عليه .
جدة ليست ميقاتاً للوافدين وإنما هي ميقات لأهلها ولمن وفدوا إليها غير مريدين للحج أو العمرة ثم أنشأوا الحج أو العمرة منها ، لكن من وفد إلى الحج أو العمرة من طريق جدة ولم يحاذِ ميقاتاً قبلها أحرم منها
.
أشهر الحج
: شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة .
باب الإحرام
يشرع للمحرم التلفظ بما نوى من حج أو عمرة أو قران ، فيقول
: اللهم لبيك عمرة ، إن كان أراد العمرة ، أو يقول : اللهم لبيك حجاً ، إن أراد الحج ، أو : " اللهم لبيك عمرة وحجاً ، إذا أراد القران . والأفضل لمن قدم في أشهر الحج وليس معه هدي أن يحرم بالعمرة وحدها ثم يلبي بالحج في اليوم الثامن من ذي الحجة؛ تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم .
الصبي والجارية دون التمييز ينوي عنهما وليهما ويلبي عنهما ويجنبهما ما يجتنبه المحرم ، ويكونان طاهري الثياب حين الطواف بهما
.
إن كان الصبي والجارية مميزين أحرما بإذن وليهما ويفعلان ما يفعله الكبير ، فإن عجزا عن الطواف والسعي حملا ، ووليهما هو الذي يتولى الحج بهما ، سواء كان أباهما أو أمهما أو غيرهما
.
النية تكفي المستنيب ، ولا يحتاج إلى ذكر اسمه ، وإن سماه لفظاً عند الإحرام فهو أفضل
.
لا يجوز لمن أهل بالحج أو العمرة عن نفسه أو عن غيره تغيير النية عمن أهل عنه إلى شخص آخر
.
لا تشترط الطهارة الصغرى ولا الكبرى لمن أراد الإحرام ، ولهذا صح الإحرام من الحائض والنفساء ، وإنما يستحب للجميع الغسل ، ويستحب أن يكون الإحرام بعد صلاة مفروضة أو نافلة في حق غير الحائض والنفساء ؛ لأن الصلاة لا تصح منهما
.
(أ) إذا وصلت الحائض أو النفساء للميقات وجب عليهما أن تحرما إذا كان الحج فريضة أو العمرة . أما إن كانا مستحبين وقد أدتا حجة الإسلام وعمرة الإسلام فإنه يشرع لهما الإحرام من الميقات كغيرهما من الطاهرات في الحج والعمرة ؛ رغبة في الخير وتزوداً من الأعمال الصالحة ؛ لقول الله عز وجل : { وتزودا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب } ، ولحديث أسماء بنت عميس رضي الله عنها ، فإنها ولدت في الميقات محمد بن أبي بكر ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتحرم ، فإذا طهرت الحائض أو النفساء طافتا وسعتا لحجهما أو عمرتهما ثم قصرتا إن كانتا محرمتين بالحج والعمرة فإنه يشرع لهما جعل إحرامهما عمرة فتطوفان وتسعيان وتقصران وتحلان ثم تحرمان بالحج في اليوم الثامن كسائر الحجاج المحلين ، وإن بقيتا على إحرامهما ولم تحلا فلا بأس ، لكن ذلك خلاف السنة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه في حجة الوداع أن يحلوا ويجعلوها عمرة إلا من كان معه الهدي .
(ب) يجوز للحائض قراءة القرآن ، لعدم وجود الدليل الصريح المانع من ذلك ولكن بدون مس المصحف ،
وحديث : (( لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن )) ضعيف .
يجوز للمرأة أخذ حبوب منع العادة في الحج ورمضان إذا لم يكن فيها مضرة بعد استشارة طبيب مختص
.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يهل بنسكه إذا انبعثت به راحلته ، ومثل الراحلة السيارة يستحب الإهلال في الحج أو العمرة إذا ركب السيارة من الميقات ، وهكذا إذا ركبها عند التوجه من مكة إلى منى يوم الثامن
.
الاشتراط يكون وقت الإحرام إذا دعت الحاجة إليه ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في قصة ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أنها قالت
: يا رسول الله ، إني أريد الحج وأنا شاكية ، فقال لها صلى الله عليه وسلم :
(( حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني )) .
لا يجوز وضع الطيب على ملابس الإحرام ، وإنما السنة تطييب البدن عند الإحرام ، فإن طيبها لم يلبسها حتى يغسلها
.
لا بأس بتغيير ملابس الإحرام بملابس أخرى جديدة أو مغسولة ، كما أنه لا بأس أن يغسل ملابس الإحرام التي عليه إذا أصابها وسخ أو نجاسة ، ويجب غسلها من النجاسة
.
من وقع على إحرامه دم كثير وجب عليه غسله ، ولا يصلي فيه وفيه نجاسة ، ولا يضر اليسير من الدم عرفاً
.
من لم يجد الإزار لبس السراويل ، ومن لم يجد النعلين لبس الخفين بدون قطع ، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما في القطع منسوخ في أصح قولي العلماء ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما خطب الناس في عرفة ذكر في خطبته
: (( أن من لم يجد إزاراً لبس السراويل ، ومن لم يجد نعلين لبس الخفين )) ، ولم يذكر القطع ؛ فدل على النسخ .
ليس للمرأة ملابس معينة تحرم فيها ، ولها أن تحرم بما شاءت ، مع مراعاة عدم التبرج وعدم لبس الملابس التي تدعو إلى الفتنة ، مع ترك النقاب والقفازين ، ولها ستر وجهها ويديها بغير ذلك
.
قد أجمع العلماء على صحة الإحرام بأي واحد من الأنساك الثلاثة ، فمن أحرم بأي واحد منها صح إحرامه ، والقول بأن الإفراد والقران قد نسخا قول باطل ، لكن التمتع أفضل في أصح أقوال العلماء في حق من لم يسق الهدي ، أما من ساق الهدي فالقران له أفضل ؛ تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم
.
من اعتمر في أشهر الحج ورجع لأهله ثم أحرم بالحج مفرداً فليس عليه دم التمتع ؛ لأنه في حكم من أفرد الحج ، وهو قول عمر وابنه عبد الله رضي الله عنهما وغيرهما من أهل العلم
. أما إن سافر إلى غير بلده كالمدينة أو جدة أو الطائف أو غيرها ثم رجع محرماً بالحج فإن ذلك لا يخرجه عن كونه متمتعاً في أصح قولي العلماء ، وعليه هدي التمتع .
من أحرم بالحج في أشهر الحج شرع له أن يفسخه إلى عمرة ، وهكذا القارن بين الحج والعمرة يشرع له أن يفسخ إحرامه إلى العمرة ، إذا لم يكن معهما هدي ؛ لصحة السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، ويكونان بذلك في حكم المتمتع
.
من نوى التمتع أو القران ثم غير النية إلى الإفراد وهو في الميقات قبل أن يحرم بواحدة منهما فلا بأس ؛ لأن النسك إنما يلزم بالإحرام ، أما النية السابقة قبل الإحرام فإنها غير ملزمة ولا حرج عليه
.
لا يصح لمن لبى بالقران أو التمتع أن يقلبهما إلى الإفراد ؛ لما تقدم في المسألة التي قبلها
.
على من أهل بالعمرة ثم رفضها التوبة إلى الله سبحانه وإتمام مناسك العمرة فوراً ؛ لقوله سبحانه
: { وأتموا الحج والعمرة لله }الآية ، فإن كان قد جامع فعليه ذبيحة تذبح بمكة وتوزع على فقرائها ، مع إتمام مناسك العمرة ؛ لعموم الآية المذكورة ، وعليه عمرة أخرى من الميقات الذي أحرم منه بالعمرة الفاسدة ، وهكذا زوجته إن كانت غير مكرهة ، مع التوبة إلى الله سبحانه من ذلك .
باب محظورات الإحرام
لا يأخذ المحرم من بشرته ولا من أظفاره ، ولا من شعره شيئاً حتى يحل التحلل الأول
.
لا حرج في استعمال الصابون المعطر ؛ لأنه ليس طيباً ولا يسمى مستعمله متطيباً ، وإنما فيه رائحة حسنة فلا يضره إن شاء الله ، وإن تركه تورعاً فهو حسن
.
الحناء ليس طيباً فلا شيء فيه في حق المحرم والمحرمة
.
لا حرج في لبس الهميان والحزام والمنديل
.
المرأة المحرمة لا حرج عليها أن تلبس الجوارب والخفين ؛ لأنها عورة ، ولكن لا تنتقب ولا تلبس القفازين ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى المرأة المحرمة عن ذلك ، ولكن تغطي وجهها بغير النقاب ويديها بغير القفازين
.
يباح للمرأة سدل الخمار على وجهها بلا عصابة فهي غير مشروعة ، وإن مس الخمار وجهها فلا شيء عليها ويجب عليها ذلك عند وجود الرجل الأجنبي
. أما النقاب فلا يجوز لها حال كونها محرمة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرمة عن ذلك وعن لبس القفازين ، لكن تغطي وجهها ويديها بغير ذلك .
من جامع زوجته قبل التحلل الأول بطل حجه وحجها ووجب على كل واحد منهما بدنة مع إتمام مناسك الحج ، فمن عجز منهما عنها صام عشرة أيام ، وعليهما الحج من قابل مع الاستطاعة والاستغفار والتوبة
.
من جامع بعد التحلل الأول وقبل الثاني فعليه وعلى زوجته إن كانت مطاوعة شاة أو سُبع بقرة ، ومن عجز منهما صام عشرة أيام
.
من جامع قبل طواف الإفاضة أو بعده قبل السعي إذا كان عليه سعي فعليه دم
.
من أنزل عامداً بعد التحلل الأول وقبل الثاني من غير جماع فلا شيء عليه ، فإن صام ثلاثة أيام أو ذبح شاة أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع فهو حسن ؛ خروجاً من خلاف من قال بوجوب الفدية وأحوط ، عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم
: (( من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه )) .
من احتلم وهو محرم فلا شيء عليه سوى الغسل
.
باب الفدية
ليس على المحرم شيء إن قلم أظافره أو نتف إبطه أو قص شاربه أو حلق عانته أو تطيب ناسياً أو جاهلاً ؛ لقول الله تعالى
: { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا }وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( قال الله قد فعلت )) ، ولحديث صاحب الجبة .
من خلع الإحرام ولبس المخيط جاهلاً أو ناسياً فعليه المبادرة بخلع المخيط متى علم أو ذكر ولا شيء عليه ؛ لعموم قول الله تعالى
: { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا }، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( أن الله قال : قد فعلت )) ، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن رجلاً أحرم في جبة وتضمخ بخلوق واستفتاه في ذلك ، فقال صلى الله عليه وسلم : (( اغسل عنك أثر الخلوق ثلاثاً وانزع الجبة )) . ولم يأمره بالفدية من أجل جهله.
باب صيد الحرم
الأدلة الشرعية دلت على أن الحسنات تضاعف ، الحسنة بعشر أمثالها ، وتضاعف بكميات كثيرة في الزمان الفاضل كرمضان وعشر ذي الحجة ، والمكان الفاضل كالحرمين
. وأما السيئات فالذي عليه المحققون من أهل العلم أنها تضاعف من حيث الكيفية لا من حيث العدد ؛ لقول الله سبحانه : { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون } .
من هم بالإلحاد في الحرم المكي فهو متوعد بالعذاب الأليم ؛ لأن الله تعالى قال
: { ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم }، فإذا ألحد أيَّ إلحاد – وهو : الميل عن الحق – فإنه متوعد بهذا الوعيد لهذه الآية الكريمة ، لأن الوعيد على الهم بالإلحاد يدل على أن الوعيد في نفس الإلحاد أشد وأعظم .
للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله
كتاب المناسك
الحج والعمرة واجبان على كل مسلم حر مكلف مع الاستطاعة مرة في العمر
.
الحج واجب على الفور مع الاستطاعة في أصح قولي العلماء
.
يجب الحج على من كان عليه دين ويستطيع الحج وقضاء الدين
.
الأفضل عدم الاقتراض لأداء الحج
.
لا يصح حج من كان تاركاً للصلاة ، وكذا من كان يصلي ويدع الصلاة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم
: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر )) رواه الخمسة وهم : أحمد وأهل السنن الأربعة بإسناد صحيح ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (( بين الرجل وبين الشرك ترك الصلاة )) رواه مسلم في صحيحه .
من حج من مال حرام صح الحج ؛ لأن أعمال الحج كلها بدنية وعليه التوبة من الكسب الحرام
.
يصح حج المرأة بلا محرم مع الإثم ؛ لأنه لا يجوز لها السفر بدون محرم ولو للحج والعمرة
.
إذا حج الصبي أو العبد صح منهما ولا يجزئهما عن حجة الإسلام ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: (( أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى ، وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه حجة أخرى )) أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي بإسناد حسن .
من مات ولم يحج وهو يستطيع الحج وجب الحج عنه من التركة أوصى بذلك أو لم يوصِ
.
لا تصح الإنابة في الحج عمن كان صحيح البدن ولو كان فقيراً سواء كان فرضاً أو نفلاً ، أما العاجز لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه فإنه يلزمه أن ينيب من يؤدي عنه الحج المفروض والعمرة المفروضة إذا كان يستطيع ذلك بماله ؛ لعموم قول الله سبحانه
: { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً } .
العمى ليس عذراً في الإنابة للحج فرضاً كان أو نفلاً ، وعلى الأعمى أن يحج بنفسه إذا كان مستطيعاً ؛ لعموم الأدلة
.
الأفضل لمن حج الفريضة تقديم نفقة الحج النافلة للمجاهدين ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم الجهاد على الحج النفل ، كما في الحديث الصحيح
.
من اجتمع عليه حج الفريضة وقضاء صيام واجب كالكفارة وقضاء رمضان أو نحوهما قدم الحج
.
لا نعلم أقل حد بين العمرة والعمرة ، أما من كان من أهل مكة فالأفضل له الاشتغال بالطواف والصلاة وسائر القربات وعدم الخروج خارج الحرم لأداء عمرة إن كان قد أدى عمرة الإسلام
.
باب المواقيت
الواجب على جميع الحجاج والعمار أن يحرموا من الميقات الذي يمرون عليه أو يحاذونه جواً أو براً أو بحراً ؛ لحديث ابن عباس المذكور آنفاً
.
النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي وقت المواقيت الخمسة
: ذو الحليفة والجحفة وقرن المنازل ويلملم وذات عرق ، لكن وافق اجتهاد عمر رضي الله عنه توقيته لأهل العراق ذات عرق لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان لم يعلم ذلك حين وقت لهم ذات عرق فوافق اجتهاده رضي الله عنه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم .
من جاوز الميقات بلا إحرام وجب عليه الرجوع ، فإن لم يرجع فعليه دم ، وهو سبع بقرة ، أو سبع بدنة ، أو رأس من الغنم يجزئ في الأضحية ، إذا كان حين مر على الميقات ناوياً الحج أو العمرة ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين
.
من بدا له الحج وهو في مكة فإنه يحرم من مكانه ، أما العمرة فلابد من خروجه للحل ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في ذلك
.
من توجه إلى مكة غير مريد الحج أو العمرة لم يجب عليه الإحرام ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أوجب الإحرام على من نوى الحج أو العمرة أو كليهما
. والعبادات توقيفية ليس لأحد أن يوجب ما لم يوجبه الله ورسوله ، كما أنه ليس له أن يُحرِّم ما لم يحرمه الله ورسوله ، لكن من لم يؤد الفريضة وجب عليه الإحرام بالحج في وقته أو بالعمرة في أي وقت أداءً لما أوجبه الله عليه من الحج والعمرة من أي ميقات يمر عليه .
جدة ليست ميقاتاً للوافدين وإنما هي ميقات لأهلها ولمن وفدوا إليها غير مريدين للحج أو العمرة ثم أنشأوا الحج أو العمرة منها ، لكن من وفد إلى الحج أو العمرة من طريق جدة ولم يحاذِ ميقاتاً قبلها أحرم منها
.
أشهر الحج
: شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة .
باب الإحرام
يشرع للمحرم التلفظ بما نوى من حج أو عمرة أو قران ، فيقول
: اللهم لبيك عمرة ، إن كان أراد العمرة ، أو يقول : اللهم لبيك حجاً ، إن أراد الحج ، أو : " اللهم لبيك عمرة وحجاً ، إذا أراد القران . والأفضل لمن قدم في أشهر الحج وليس معه هدي أن يحرم بالعمرة وحدها ثم يلبي بالحج في اليوم الثامن من ذي الحجة؛ تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم .
الصبي والجارية دون التمييز ينوي عنهما وليهما ويلبي عنهما ويجنبهما ما يجتنبه المحرم ، ويكونان طاهري الثياب حين الطواف بهما
.
إن كان الصبي والجارية مميزين أحرما بإذن وليهما ويفعلان ما يفعله الكبير ، فإن عجزا عن الطواف والسعي حملا ، ووليهما هو الذي يتولى الحج بهما ، سواء كان أباهما أو أمهما أو غيرهما
.
النية تكفي المستنيب ، ولا يحتاج إلى ذكر اسمه ، وإن سماه لفظاً عند الإحرام فهو أفضل
.
لا يجوز لمن أهل بالحج أو العمرة عن نفسه أو عن غيره تغيير النية عمن أهل عنه إلى شخص آخر
.
لا تشترط الطهارة الصغرى ولا الكبرى لمن أراد الإحرام ، ولهذا صح الإحرام من الحائض والنفساء ، وإنما يستحب للجميع الغسل ، ويستحب أن يكون الإحرام بعد صلاة مفروضة أو نافلة في حق غير الحائض والنفساء ؛ لأن الصلاة لا تصح منهما
.
(أ) إذا وصلت الحائض أو النفساء للميقات وجب عليهما أن تحرما إذا كان الحج فريضة أو العمرة . أما إن كانا مستحبين وقد أدتا حجة الإسلام وعمرة الإسلام فإنه يشرع لهما الإحرام من الميقات كغيرهما من الطاهرات في الحج والعمرة ؛ رغبة في الخير وتزوداً من الأعمال الصالحة ؛ لقول الله عز وجل : { وتزودا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب } ، ولحديث أسماء بنت عميس رضي الله عنها ، فإنها ولدت في الميقات محمد بن أبي بكر ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتحرم ، فإذا طهرت الحائض أو النفساء طافتا وسعتا لحجهما أو عمرتهما ثم قصرتا إن كانتا محرمتين بالحج والعمرة فإنه يشرع لهما جعل إحرامهما عمرة فتطوفان وتسعيان وتقصران وتحلان ثم تحرمان بالحج في اليوم الثامن كسائر الحجاج المحلين ، وإن بقيتا على إحرامهما ولم تحلا فلا بأس ، لكن ذلك خلاف السنة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه في حجة الوداع أن يحلوا ويجعلوها عمرة إلا من كان معه الهدي .
(ب) يجوز للحائض قراءة القرآن ، لعدم وجود الدليل الصريح المانع من ذلك ولكن بدون مس المصحف ،
وحديث : (( لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن )) ضعيف .
يجوز للمرأة أخذ حبوب منع العادة في الحج ورمضان إذا لم يكن فيها مضرة بعد استشارة طبيب مختص
.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يهل بنسكه إذا انبعثت به راحلته ، ومثل الراحلة السيارة يستحب الإهلال في الحج أو العمرة إذا ركب السيارة من الميقات ، وهكذا إذا ركبها عند التوجه من مكة إلى منى يوم الثامن
.
الاشتراط يكون وقت الإحرام إذا دعت الحاجة إليه ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في قصة ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أنها قالت
: يا رسول الله ، إني أريد الحج وأنا شاكية ، فقال لها صلى الله عليه وسلم :
(( حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني )) .
لا يجوز وضع الطيب على ملابس الإحرام ، وإنما السنة تطييب البدن عند الإحرام ، فإن طيبها لم يلبسها حتى يغسلها
.
لا بأس بتغيير ملابس الإحرام بملابس أخرى جديدة أو مغسولة ، كما أنه لا بأس أن يغسل ملابس الإحرام التي عليه إذا أصابها وسخ أو نجاسة ، ويجب غسلها من النجاسة
.
من وقع على إحرامه دم كثير وجب عليه غسله ، ولا يصلي فيه وفيه نجاسة ، ولا يضر اليسير من الدم عرفاً
.
من لم يجد الإزار لبس السراويل ، ومن لم يجد النعلين لبس الخفين بدون قطع ، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما في القطع منسوخ في أصح قولي العلماء ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما خطب الناس في عرفة ذكر في خطبته
: (( أن من لم يجد إزاراً لبس السراويل ، ومن لم يجد نعلين لبس الخفين )) ، ولم يذكر القطع ؛ فدل على النسخ .
ليس للمرأة ملابس معينة تحرم فيها ، ولها أن تحرم بما شاءت ، مع مراعاة عدم التبرج وعدم لبس الملابس التي تدعو إلى الفتنة ، مع ترك النقاب والقفازين ، ولها ستر وجهها ويديها بغير ذلك
.
قد أجمع العلماء على صحة الإحرام بأي واحد من الأنساك الثلاثة ، فمن أحرم بأي واحد منها صح إحرامه ، والقول بأن الإفراد والقران قد نسخا قول باطل ، لكن التمتع أفضل في أصح أقوال العلماء في حق من لم يسق الهدي ، أما من ساق الهدي فالقران له أفضل ؛ تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم
.
من اعتمر في أشهر الحج ورجع لأهله ثم أحرم بالحج مفرداً فليس عليه دم التمتع ؛ لأنه في حكم من أفرد الحج ، وهو قول عمر وابنه عبد الله رضي الله عنهما وغيرهما من أهل العلم
. أما إن سافر إلى غير بلده كالمدينة أو جدة أو الطائف أو غيرها ثم رجع محرماً بالحج فإن ذلك لا يخرجه عن كونه متمتعاً في أصح قولي العلماء ، وعليه هدي التمتع .
من أحرم بالحج في أشهر الحج شرع له أن يفسخه إلى عمرة ، وهكذا القارن بين الحج والعمرة يشرع له أن يفسخ إحرامه إلى العمرة ، إذا لم يكن معهما هدي ؛ لصحة السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، ويكونان بذلك في حكم المتمتع
.
من نوى التمتع أو القران ثم غير النية إلى الإفراد وهو في الميقات قبل أن يحرم بواحدة منهما فلا بأس ؛ لأن النسك إنما يلزم بالإحرام ، أما النية السابقة قبل الإحرام فإنها غير ملزمة ولا حرج عليه
.
لا يصح لمن لبى بالقران أو التمتع أن يقلبهما إلى الإفراد ؛ لما تقدم في المسألة التي قبلها
.
على من أهل بالعمرة ثم رفضها التوبة إلى الله سبحانه وإتمام مناسك العمرة فوراً ؛ لقوله سبحانه
: { وأتموا الحج والعمرة لله }الآية ، فإن كان قد جامع فعليه ذبيحة تذبح بمكة وتوزع على فقرائها ، مع إتمام مناسك العمرة ؛ لعموم الآية المذكورة ، وعليه عمرة أخرى من الميقات الذي أحرم منه بالعمرة الفاسدة ، وهكذا زوجته إن كانت غير مكرهة ، مع التوبة إلى الله سبحانه من ذلك .
باب محظورات الإحرام
لا يأخذ المحرم من بشرته ولا من أظفاره ، ولا من شعره شيئاً حتى يحل التحلل الأول
.
لا حرج في استعمال الصابون المعطر ؛ لأنه ليس طيباً ولا يسمى مستعمله متطيباً ، وإنما فيه رائحة حسنة فلا يضره إن شاء الله ، وإن تركه تورعاً فهو حسن
.
الحناء ليس طيباً فلا شيء فيه في حق المحرم والمحرمة
.
لا حرج في لبس الهميان والحزام والمنديل
.
المرأة المحرمة لا حرج عليها أن تلبس الجوارب والخفين ؛ لأنها عورة ، ولكن لا تنتقب ولا تلبس القفازين ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى المرأة المحرمة عن ذلك ، ولكن تغطي وجهها بغير النقاب ويديها بغير القفازين
.
يباح للمرأة سدل الخمار على وجهها بلا عصابة فهي غير مشروعة ، وإن مس الخمار وجهها فلا شيء عليها ويجب عليها ذلك عند وجود الرجل الأجنبي
. أما النقاب فلا يجوز لها حال كونها محرمة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرمة عن ذلك وعن لبس القفازين ، لكن تغطي وجهها ويديها بغير ذلك .
من جامع زوجته قبل التحلل الأول بطل حجه وحجها ووجب على كل واحد منهما بدنة مع إتمام مناسك الحج ، فمن عجز منهما عنها صام عشرة أيام ، وعليهما الحج من قابل مع الاستطاعة والاستغفار والتوبة
.
من جامع بعد التحلل الأول وقبل الثاني فعليه وعلى زوجته إن كانت مطاوعة شاة أو سُبع بقرة ، ومن عجز منهما صام عشرة أيام
.
من جامع قبل طواف الإفاضة أو بعده قبل السعي إذا كان عليه سعي فعليه دم
.
من أنزل عامداً بعد التحلل الأول وقبل الثاني من غير جماع فلا شيء عليه ، فإن صام ثلاثة أيام أو ذبح شاة أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع فهو حسن ؛ خروجاً من خلاف من قال بوجوب الفدية وأحوط ، عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم
: (( من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه )) .
من احتلم وهو محرم فلا شيء عليه سوى الغسل
.
باب الفدية
ليس على المحرم شيء إن قلم أظافره أو نتف إبطه أو قص شاربه أو حلق عانته أو تطيب ناسياً أو جاهلاً ؛ لقول الله تعالى
: { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا }وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( قال الله قد فعلت )) ، ولحديث صاحب الجبة .
من خلع الإحرام ولبس المخيط جاهلاً أو ناسياً فعليه المبادرة بخلع المخيط متى علم أو ذكر ولا شيء عليه ؛ لعموم قول الله تعالى
: { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا }، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( أن الله قال : قد فعلت )) ، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن رجلاً أحرم في جبة وتضمخ بخلوق واستفتاه في ذلك ، فقال صلى الله عليه وسلم : (( اغسل عنك أثر الخلوق ثلاثاً وانزع الجبة )) . ولم يأمره بالفدية من أجل جهله.
باب صيد الحرم
الأدلة الشرعية دلت على أن الحسنات تضاعف ، الحسنة بعشر أمثالها ، وتضاعف بكميات كثيرة في الزمان الفاضل كرمضان وعشر ذي الحجة ، والمكان الفاضل كالحرمين
. وأما السيئات فالذي عليه المحققون من أهل العلم أنها تضاعف من حيث الكيفية لا من حيث العدد ؛ لقول الله سبحانه : { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون } .
من هم بالإلحاد في الحرم المكي فهو متوعد بالعذاب الأليم ؛ لأن الله تعالى قال
: { ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم }، فإذا ألحد أيَّ إلحاد – وهو : الميل عن الحق – فإنه متوعد بهذا الوعيد لهذه الآية الكريمة ، لأن الوعيد على الهم بالإلحاد يدل على أن الوعيد في نفس الإلحاد أشد وأعظم .