أحمد علي
12-05-2007, 08:46 AM
سنة مهجورة "اقامة الصفوف و تسويتها"
قال الإمام محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله تعالى- في «سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها» (1/70- 74 -باختصار-):
«سنة متروكة يجب إحياؤها:
استفاضت الأحاديث الصحيحة عن النبي –صلى الله عليه وسلم- في الأمر بإقامة الصفوف وتسويتها؛ بحيث يندر أن تخفى على أحد مِن طلاب العلم فضلاً عن شيوخه، ولكن ربما يخفى على الكثيرين منهم أن مِن إقامة الصف تسويته بالأقدام، وليس فقط بالمناكب، بل لقد سمعنا مراراً من بعض أئمة المساجد –حين يأمرون بالتسوية- التنبيه على أن السنة فيها هي بالمناكب فقد دون الأقدام! ولما كان ذلك خلاف الثابت في السنة الصحيحة؛ رأيت أنه لا بدّ من ذكر ما ورد فيه من الحديث؛ تذكيراً لمن أراد أن يعمل بما صحّ من السُّنة؛ غير مغتر بالعادات والتقاليد الفاشية في الأمة.فأقول: لقد صح في ذلك حديثان:
1) «أقيموا صفوفكم وتراصوا , فإني أراكم مِن وراء ظهري».
زاد البخاري في رواية : «قبل أن يكبر» و زاد –أيضاً- فى آخره :
«وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه . و قدمه بقدمه» اهـ.
قال أنس: «فلقد رأيت أحدنا يلصق منكبه بمنكب صاحبه , و قدمه بقدمه ، فلو ذهبت تفعل هذا اليوم لنفر أحدكم كأنه بغل شموس».
2) «أقيموا صفوفكم ثلاثاً , و الله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن بين قلوبكم».
و في هذين الحديثين فوائد هامة :
الأولى :
وجوب إقامة الصفوف و تسويتها و التراص فيها ؛ للأمر بذلك , و الأصل فيه الوجوب؛ إلا لقرينة , كما هو مقرر في الأصول , و القرينة هنا تؤكد الوجوب ، و هو قوله -صلى الله عليه وسلم- : «أو ليخالفن الله بين قلوبكم»؛ فإن مثل هذا التهديد لا يقال فيما ليس بواجب , كما لا يخفى .
الثانية :
أن التسوية المذكورة إنما تكون بلصق المنكب بالمنكب , وحافة القدم بالقدم , لأن هذا هو الذي فعله الصحابة -رضي الله عنهم- حين أمروا بإقامة الصفوف، والتراص فيه، و لهذا قال الحافظ في «الفتح» بعد أن ساق الزيادة التي أوردتها في الحديث الأول من قول أنس : «و أفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- و بهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف و تسويته» .
ومن المؤسف أن هذه السنة من التسوية قد تهاون بها المسلمون , بل أضاعوها إلا القليل منهم ؛ فإني لم أرها عند طائفة منهم إلا أهل الحديث , فإني رأيتهم في مكة سنة ( 1368هـ) حريصين على التمسك بها كغيرها من سنن المصطفى -عليه الصلاة والسلام-؛ بخلاف غيرهم من أتباع المذاهب الأربعة - لا أستثني منهم حتى الحنابلة- فقد صارت هذه السنة عندهم نسياً منسياً , بل إنهم تتابعوا على هجرها و الإعراض عنها , ذلك لأن أكثر مذاهبهم نصَّت على أن السنة في القيام التفريج بين القدمين بقدر أربع أصابع, فإن زاد كره, كما جاء مفصلا في «الفقه على المذاهب الأربعة» (1/207), والتقدير المذكور لا أصل له في السنة , و إنما هو مجرد رأي, ولو صح لوجب تقييده بالإمام و المنفرد حتى لا يعارض به هذه السنة الصحيحة؛ كما تقتضيه القواعد الأصولية .
وخلاصة القول: إنني أهيب بالمسلمين - وخاصة أئمة المساجد- الحريصين على اتباعه -صلى الله عليه وسلم- واكتساب فضيلة إحياء سنته -صلى الله عليه وسلم- أن يعملوا بهذه السُّنة، وحرصوا عليها , ويدعوا الناس , إليها حتى يجتمعوا عليها جميعاً . وبذلك ينجون من تهديد: «أو ليخالفَنَّ الله بين قلوبكُم».
وأزيد فأقول:
لقد بلغني عن أحد الدعاة أنه يهوّن من شأن هذه السنة الملية التي جرى عليها الصحابة، وأقرّهم النبي –صلى الله عليه وسلم- عليها، ويلمح إلى أنه لم يكن من تعليمه –صلى الله عليه وسلم- إياهم، ولم ينتبه –والله اعلم- إلى أن ذلك فهمٌ منهم
أولاً، وانه –صلى الله عليه وسلم- قد أقرهم عليها
ثانياً، وذلك كاف عند أهل السنة في إثبات شرعية ذلك، لأن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، وهم القوم لا يشقى متّبع سبيلهم.
الثالثة : في الحديث الأول معجزة ظاهرة للنبي -صلى الله عليه وسلم- , وهي رؤيته -صلى الله عليه وسلم- من ورائه, ولكن ينبغي أن يعلم أنها خاصة في حالة كونه -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة , إذ لم يرد في شيء مِن السُّنة , أنه كان يرى كذلك خارج الصلاة –أيضاً- . و الله أعلم .
الرابعة : في الحديثين دليل واضح على أمر لا يعلمه كثير من الناس , و إن كان صار معروفاً في علم النفس , و هو أن فساد الظاهر يؤثر في فساد الباطن , والعكس بالعكس , وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة .....» إلخ.
قال الإمام محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله تعالى- في «سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها» (1/70- 74 -باختصار-):
«سنة متروكة يجب إحياؤها:
استفاضت الأحاديث الصحيحة عن النبي –صلى الله عليه وسلم- في الأمر بإقامة الصفوف وتسويتها؛ بحيث يندر أن تخفى على أحد مِن طلاب العلم فضلاً عن شيوخه، ولكن ربما يخفى على الكثيرين منهم أن مِن إقامة الصف تسويته بالأقدام، وليس فقط بالمناكب، بل لقد سمعنا مراراً من بعض أئمة المساجد –حين يأمرون بالتسوية- التنبيه على أن السنة فيها هي بالمناكب فقد دون الأقدام! ولما كان ذلك خلاف الثابت في السنة الصحيحة؛ رأيت أنه لا بدّ من ذكر ما ورد فيه من الحديث؛ تذكيراً لمن أراد أن يعمل بما صحّ من السُّنة؛ غير مغتر بالعادات والتقاليد الفاشية في الأمة.فأقول: لقد صح في ذلك حديثان:
1) «أقيموا صفوفكم وتراصوا , فإني أراكم مِن وراء ظهري».
زاد البخاري في رواية : «قبل أن يكبر» و زاد –أيضاً- فى آخره :
«وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه . و قدمه بقدمه» اهـ.
قال أنس: «فلقد رأيت أحدنا يلصق منكبه بمنكب صاحبه , و قدمه بقدمه ، فلو ذهبت تفعل هذا اليوم لنفر أحدكم كأنه بغل شموس».
2) «أقيموا صفوفكم ثلاثاً , و الله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن بين قلوبكم».
و في هذين الحديثين فوائد هامة :
الأولى :
وجوب إقامة الصفوف و تسويتها و التراص فيها ؛ للأمر بذلك , و الأصل فيه الوجوب؛ إلا لقرينة , كما هو مقرر في الأصول , و القرينة هنا تؤكد الوجوب ، و هو قوله -صلى الله عليه وسلم- : «أو ليخالفن الله بين قلوبكم»؛ فإن مثل هذا التهديد لا يقال فيما ليس بواجب , كما لا يخفى .
الثانية :
أن التسوية المذكورة إنما تكون بلصق المنكب بالمنكب , وحافة القدم بالقدم , لأن هذا هو الذي فعله الصحابة -رضي الله عنهم- حين أمروا بإقامة الصفوف، والتراص فيه، و لهذا قال الحافظ في «الفتح» بعد أن ساق الزيادة التي أوردتها في الحديث الأول من قول أنس : «و أفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- و بهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف و تسويته» .
ومن المؤسف أن هذه السنة من التسوية قد تهاون بها المسلمون , بل أضاعوها إلا القليل منهم ؛ فإني لم أرها عند طائفة منهم إلا أهل الحديث , فإني رأيتهم في مكة سنة ( 1368هـ) حريصين على التمسك بها كغيرها من سنن المصطفى -عليه الصلاة والسلام-؛ بخلاف غيرهم من أتباع المذاهب الأربعة - لا أستثني منهم حتى الحنابلة- فقد صارت هذه السنة عندهم نسياً منسياً , بل إنهم تتابعوا على هجرها و الإعراض عنها , ذلك لأن أكثر مذاهبهم نصَّت على أن السنة في القيام التفريج بين القدمين بقدر أربع أصابع, فإن زاد كره, كما جاء مفصلا في «الفقه على المذاهب الأربعة» (1/207), والتقدير المذكور لا أصل له في السنة , و إنما هو مجرد رأي, ولو صح لوجب تقييده بالإمام و المنفرد حتى لا يعارض به هذه السنة الصحيحة؛ كما تقتضيه القواعد الأصولية .
وخلاصة القول: إنني أهيب بالمسلمين - وخاصة أئمة المساجد- الحريصين على اتباعه -صلى الله عليه وسلم- واكتساب فضيلة إحياء سنته -صلى الله عليه وسلم- أن يعملوا بهذه السُّنة، وحرصوا عليها , ويدعوا الناس , إليها حتى يجتمعوا عليها جميعاً . وبذلك ينجون من تهديد: «أو ليخالفَنَّ الله بين قلوبكُم».
وأزيد فأقول:
لقد بلغني عن أحد الدعاة أنه يهوّن من شأن هذه السنة الملية التي جرى عليها الصحابة، وأقرّهم النبي –صلى الله عليه وسلم- عليها، ويلمح إلى أنه لم يكن من تعليمه –صلى الله عليه وسلم- إياهم، ولم ينتبه –والله اعلم- إلى أن ذلك فهمٌ منهم
أولاً، وانه –صلى الله عليه وسلم- قد أقرهم عليها
ثانياً، وذلك كاف عند أهل السنة في إثبات شرعية ذلك، لأن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، وهم القوم لا يشقى متّبع سبيلهم.
الثالثة : في الحديث الأول معجزة ظاهرة للنبي -صلى الله عليه وسلم- , وهي رؤيته -صلى الله عليه وسلم- من ورائه, ولكن ينبغي أن يعلم أنها خاصة في حالة كونه -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة , إذ لم يرد في شيء مِن السُّنة , أنه كان يرى كذلك خارج الصلاة –أيضاً- . و الله أعلم .
الرابعة : في الحديثين دليل واضح على أمر لا يعلمه كثير من الناس , و إن كان صار معروفاً في علم النفس , و هو أن فساد الظاهر يؤثر في فساد الباطن , والعكس بالعكس , وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة .....» إلخ.