موسى بن ربيع البلوي
06-10-2004, 03:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أحاديث ضعيفة حكم عليها ابن تيمية
وسئل شيخ الإسلام ـ رَحِمهُ اللّه ـ عن أحاديث يرويها القصاص، وغيرهم بالطرق وغيرها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فأجاب عنها:
منها ما يروون أنه قال(أَدَّبني ربي فأحسن تأديبي).
فأجاب: الحمد للّه، المعني صحيح. لكن لا يعرف له إسناد ثابت.
ومما يروونه عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (لو كان المؤمن في ذِرْوَة جبل قَيَّض اللّه له من يؤذيه، أو شيطانًا يؤذيه).
فأجاب: الحمد للّه، ليس هذا معروفا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروونه عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (لو كانت الدنيا دما عَبِيطًا كان قوت المؤمن منها حلالا.
فأجاب: الحمد للّه، ليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف عنه بإسناد، ولكن المؤمن لابد أن يتيح اللّه له من الرزق ما يغنيه، ويمتنع في الشرع أن يحرم على المؤمن مالا بد منه، فإن اللّهلم يوجب على المؤمنين مالا يستطيعونه، ولا حرم عليهم ما يضطرون إليه من غير معصية منهم. قاله وكتبه أحمد بن تيمية.
ومما يروونه عنه صلى الله عليه وسلم، عن اللّه: (ما وَسِعَنِي سمائي ولا أرضي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن).
فأجاب: الحمد للّه، هذا مذكور في الإسرائيليات، ليس له إسناد معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومعني:(وسعني قلبه) الإيمان بي ومحبتي ومعرفتي، ولا من قال: إن ذات اللّه تحل في قلوب الناس، فهذا من النصاري، خَصُّوا ذلك بالمسيح وحده.
ومما يروونه عنه أيضا: (القلب بيت الرب).
فأجاب: الحمد للّه، هذا كلام من جنس الأول، فإن القلب بيت الإيمان باللّه ومعرفته ومحبته، وليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروونه عنه أيضًا: (كنت كنزًا لا أعرف، فأحببت أن أعرف، فخلقت خلقًا فعرفتهم بي فعرفوني).
فأجاب: ليس هذا من كلام اللّه للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف له إسناد صحيح ولا ضعيف.
ومما يروونه عنه صلى الله عليه وسلم: أن عمر بن الخطاب ـ رضي اللّه عنه ـ قال: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا تكلم مع أبي بكر كنت كالزنجي بينهما الذي لا يفهم.
فأجاب: الحمد للّه، هذا كذب ظاهر لم ينقله أحد من أهل العلم بالحديث، ولم يروه إلا جاهل أو ملحد.
ومما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (أنا مدينة العلم وعلى بابها).
فأجاب: هذا حديث ضعيف، بل موضوع عند أهل المعرفة بالحديث، لكن قد رواه الترمذي وغيره، ومع هذا فهو كذب.
ومما يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن اللّه يعتذر للفقراء يوم القيامة ويقول: وعزتي وجلالي ما زَوَيْتُ الدنيا عنكم لهوانكم على، لكن أردت أن أرفع قدركم في هذا اليوم، انطلقوا إلى الموقف فمن أحسن إليكم بِكِسْرة، أو سقاكم شربة من الماء، أو كساكم خرقة انطلقوا به إلى الجنة).
فأجاب: الحمد للّه، هذا الشأن كذب، لم يروه أحد من أهل العلم بالحديث، وهو باطل مخالف للكتاب والسنة بالإجماع.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: أنه لما قدم المدينة في الهجرة خرجت بنات النجار بالدفوف وهن يقلن:
طلع البـدر علينا ** مـن ثنيات الـوداع
إلى آخر الشعر، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: (هزوا كرابيلكم بارك اللّه فيكم).
فأجاب: أما ضرب النسوة الدف في الزواج فقد كان معروفا على عهدرسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وأما قوله: (هزوا كرابيلكم بارك اللّه فيكم) فهذا لا يعرف عنه صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عنه، أنه قال: (لو وُزِنَ إيمان أبي بكر بإيمان الناس لرجح إيمان أبي بكر على ذلك).
فأجاب: الحمد للّه، هذا جاء معناه في حديث معروف في السنن أن أبا بكر ـ رضي اللّه عنه ـ وزن هذه الأمة فرجح.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (اللهم إنك أخرجتني من أحب البقاع إلى فأسكني في أحب البقاع إليك).
فأجاب: الحمد للّه، هذا باطل، بل ثبت في الترمذي، وغيره أنه قال لمكة: (واللّه إنك لأحب بلاد اللّه إلى اللّه)، وقال: (إنك لأحب البلاد إلى)، فأخبر أنها أحب البلاد إلى اللّه وإليه.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (من زارني، وزار أبي إبراهيم في عام واحد دخل الجنة).
فأجاب: الحمد للّه، هذا حديث كذب موضوع، ولم يروه أحد من أهل العلم بالحديث.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (فقراؤكم).
فأجاب: الحمد للّه، هذا اللفظ ليس مأثورًا، لكن معناه صحيح، وأن الفقراء موضع الإحسان إليهم، فبهم تحصل الحسنات.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (البركة مع أكابركم).
فأجاب: الحمد للّه، قد ثبت في الصحيح من حديث جُبَيْر، أنه قال: (كَبِّرْ، كَبِّرْ) أي: يتكلم الأكبر. وثبت من حديث الإمامة، أنه قال: (فإن استووا ـ أي في القراءة والسنة والهجرة ـ فليؤمهم أكبرهم سنًا).
ومما يروون ـ أيضًا ـ: (الشيخ في قومه كالنبي في أمته).
فأجاب: الحمد للّه، ليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما يقوله بعض الناس.
ومما يروون ـ أيضًا ـ: (لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا).
فأجاب: الحمد للّه، هذا مأثور عن بعض السلف، وهو كلام صحيح.
ومما رووا عن على ـ رضي اللّه عنه ـ أن أعرابيًا صلى ونَقَرَ صلاته، فقال له علي: لا تنقر صلاتك، فقال له الأعرابي: لو نقرها أبوك ما دخل النار.
فأجاب: الحمد للّه، هذا كذب، ورووه عن عمر، وهو كذب.
ومما يروون عن عمر رضي اللّه عنه، أنه قتل أباه.
فأجاب: هذا كذب؛ فإن أبا عمر ـ رضي اللّه عنه ـ مات في الجاهلية قبل أن يبعث الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (كنت نبيًا وآدم بين الماء والطين، وكنت نبيًا وآدم لا ماء ولا طين).
فأجاب: الحمد للّه، هذا اللفظ كذب باطل، ولكن اللفظ المأثور الذي رواه الترمذي وغيره أنه قيل: يارسول اللّه، متي كنت نبيًا؟ قال: (وآدم بين الروح والجسد)، وفي السنن عن العِرْباض بن سارية، أنه قال: (إني عند اللّه لمكتوب خاتم النبيين، وإن آدم لمنْجَدِل في طينته).
ومما يروون ـ أيضًا ـ: (العازب فراشه من النار، ومسكين رجل بلا امرأة، ومسكينة امرأة بلا رجل).
فأجاب: الحمد للّه، هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولم أجده مرويا، ولم يثبت.
ومما يروون أن إبراهيم ـ عليه السلام ـ لما بني البيت صلى في كل ركن ألف ركعة، فأوحي اللّه تعالى إليه: يا إبراهيم، أفضل من هذا سد جوعة، أو ستر عورة.
فأجاب: الحمد للّه، هذا كذب ظاهر، ليس هو في شيء من كتب المسلمين.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (إذا ذُكِر إبراهيم وذكرت أنا فصلوا عليه، ثم صلوا على، وإذا ذكرت أنا والأنبياء غيره فصلوا على ثم صلوا عليهم).
فأجاب: الحمد للّه، هذا لا يعرف من كتب أهل العلم ولا عن أحد من العلماء المعروفين بالحديث. ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (من أكل مع مغفور له غُفِرَ له).
فأجاب: الحمد للّه، هذا ليس له إسناد عن أهل العلم، ولا هو في شيء من كتب المسلمين، وإنما يروونه عن سالم، وليس معناه صحيحًا على الإطلاق، فقد يأكل مع المسلمين الكفار والمنافقون.
ومما يروون ـ أيضًا ـ: (من أشبع جوعة، أو ستر عورة ضمنت له الجنة).
فأجاب: الحمد للّه، هذا اللفظ لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون: (لا تكرهوا الفتن، فإن فيها حصاد المنافقين).
فأجاب: الحمد للّه، هذا ليس معروفًا عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومما يروون: (سَبُّ أصحابي ذنب لا يغفر).
فأجاب ـ رحمه اللّه ـ: هذا كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء:48] .
ومما يروون: (من علم أخاه آية من كتاب اللّه فقد ملك رِقَّهُ).
فأجاب: الحمد للّه، هذا كذب ليس في شيء من كتب أهل العلم.
ومما يروون عنه: (آية من القرآن خير من محمد وآله).
فأجاب: الحمد للّه، القرآن كلام اللّه منزل غير مخلوق،فلا يشبه بالمخلوقين، واللفظ المذكور غير مأثور.
ومما يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا من العرب، وليس العرب مني).
فأجاب: الحمد للّه، هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عنه ـ أيضًا ـ: (اللهم أحيني مسكينًا، وأمتني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين).
فأجاب: هذا يروي، لكنه ضعيف لا يثبت، ومعناه أحيني خاشعا متواضعًا، لكن اللفظ لم يثبت.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (إذا سمعتم عني حديثًا فاعرضوه على الكتاب والسنة، فإن وافق فَارْوُوه، وإن لم يوافق فلا).
فأجاب: الحمد للّه، هذا مروي ولكنه ضعيف عن غير واحد من الأئمة؛ كالشافعي، وغيره.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (ياعلي، اتخذ لك نعلين من حديد وافْنِهِمَا في طلب العلم ولو بالصين).
فأجاب: الحمد للّه، ليس هذا ولا هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (يقول اللّه تعالى: لاقُوني بِنَيَّاِتكم ولا تلاقوني بأعمالكم).
فأجاب: الحمد للّه، ليس هذا اللفظ معروفا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من قدم إبريقًا لمتوضئ فكأنما قدم جَوَادًا مسرجا مَلْجُوما يقاتل عليه في سبيل اللّه).
فأجاب: هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف في شيء من كتب المسلمين المعروفة.
ومما يروون عنـه صلى الله عليه وسلم: (يأتي على أمتي زمـان مـا يسلم بـدينه إلا مـن يفر من شاهق إلى شاهق).
فأجاب: الحمد للّه، هذا اللفظ ليس معروفا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (حسنات الأبرار سيئات المقربين).
فأجاب: الحمد للّه، هذا كلام بعض الناس، وليس هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ستروا من أصحابي هدنة: القاتل والمقتول في الجنة).
فأجاب: الحمد للّه، هذا اللفظ لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عنه: (إذا وصلتم إلى ما شَجَرَ بين أصحابي فأمسكوا، وإذا وصلتم إلى القضاء والقدر فأمسكوا).
فأجاب: الحمد للّه، هذا مأثور بإسناد منقطع، وماله إسناد ثابت.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (إذا كثرت الفتن فعليكم بأطراف اليمن).
فأجاب: الحمد للّه، هذا اللفظ لا يعرف.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (من بات في حراسة كلب بات في غضب الرب).
فأجاب: الحمد للّه، هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه أمر النساء بالغُنْجِ لأزواجهن عند الجماع).
فأجاب: ليس هذا عنه صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من كسر قلبًا فعليه جَبْرُه).
فأجاب: الحمد للّه، هذا أدب من الآداب، وهذا اللفظ ليس معروفا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكثير من الكلام يكون صحيحًا،لكن يمكن أن يقال عن الرسول صلى الله عليه وسلم مالم يقدح، إذ هذا اللفظ ليس بمطلق في كسر قلوب الكفار والمنافقين؛ إذ به إقامة الملة.
واللّه أعلم.
وصلى اللّه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا إلى يوم الدين، وعلى آله وأصحابه وأزواجه والتابعين.
وسُئِل شيخ الإسلام عما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الله - عز وجل - قال: (ما وسعني لا سمائي ولا أرضي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن).
فأجاب:
الحمد لله، هذا ما ذكروه في الإسرائيليات ليس له إسناد معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومعناه: وسع قلبه محبتي ومعرفتي. وما يروى: القلب بيت الرب، هذا من جنس الأول، فإن القلب بيت الإيمان بالله تعالى ومعرفته ومحبته.
ومـا يروونه: كنت كنزًا لا أعـرف! فـأحببت أن أعـرف، فخلقت خلـقًا فعرفتهم بي، فبي عرفـوني، هـذا ليس مـن كـلام النبي صلى الله عليه وسلم ولا أعـرف لـه إسـنادًا صحيـحًا ولا ضعيـفًا.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله خلق العقل، فقال له: أقبل. فأقبل، ثم قال له: أدبر. فأدبر، فقال: وعزتيوجلالي ما خلقت خلقًا أشرف منك، فبك آخذ وبك أعطي) هذا الحديث باطل موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث.
وما يروونه: (حب الدنيا رأس كل خطيئة)، هذا معروف عن جندب بن عبد الله البجلي، وأما عن النبي صلى الله عليه وسلم فليس له إسناد معروف.
وما يروونه: (الدنيا حظوة رجل مؤمن) هذا لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره من سلف الأمة ولا أئمتها.
وما يروونه: (من بورك له في شيء فليلزمه، ومن ألزم نفسه شيئًا لزمه)، الأول: يؤثر عن بعض السلف، والثاني: باطل فإن من ألزم نفسه شيئًا قد يلزمه وقد لا يلزمه، بحسب ما يأمر به الله ورسوله.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (اتخذوا مع الفقراء أيادي فإن لهم في غد دولة وأي دولة؟!)، (الفقر فخري وبه أفتخر) كلاهما كذب لا يعرف في شيء من كتب المسلمين المعروفة.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا مدينة العلم وعلي بابها) هذا الحديث ضعيف، بل موضوع عند أهل العلم بالحديث،ولكن قد رواه الترمذي وغيره، ورفع هذا وهو كذب.
وما يروونه: أنه يقعد الفقراء يوم القيامة ويقول: (وعزتي وجلالي ما زويت الدنيا عنكم لهوانكم علي، ولكن أردت أن أرفع قدركم في هذا اليوم، انطلقوا إلى الموقف. فمن أحسن إليكم بكسرة، أو سقاكم شربة ماء، أو كساكم خرقة انطلقوا به إلى الجنة)، قال الشيخ: الثاني كذب لم يروه أحد من أهل العلم بالحديث، وهو باطل خلاف الكتاب والسنة والإجماع.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: لما قدم إلى المدينة خرجن بنات النجار بالدفوف وهن يقلن:
طلع البدر علينا ** من ثنيات الوداع
إلي آخر الشعر، فقال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هُزُّوا غرابيلكم بارك الله فيكم) حديث النسوة وضرب الدف في الأفراح صحيح؛ فقد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما قوله: (هزوا غرابيلكم) هذا لا يعرف عنه.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اللهم إنك أخرجتني من أحب البقاع إلي، فأسكني في أحب البقاع إليك)، هذا حديث باطل كذب، وقد رواه الترمذي وغيره، بل إنه قال لمكة: (إنك أحب بلاد الله إلي). وقال (إنك لأحب البلاد إلى الله).
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ زارني وزار أبي إبراهيم في عام دخل الجنة)، هذا كذب موضوع، ولم يروه أحد من أهل العلم بالحديث.
ومـا يروونه عـن على ـ رضي الله عنـه ـ: أن أعـرابيًا صلى ونقـر صلاته فقال علي: لا تنقـر صـلاتك. فقال الأعـرابي: يـا علي، لو نقـرهـا أبـوك مـا دخـل النار. هــذا كذب.
وما يروونه عن عمر: أنه قتل أباه، هذا كذب. فإن أباه مات قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم:(كنت نبيًا وآدم بين الماء والطين). (وكنت وآدم لا ماء ولا طين)، هذا اللفظ كذب باطل.
وما يروونه: (العازب فراشه من نار، مسكين رجل بلا امرأة، ومسكينة امرأة بلا رجل)، هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
ولم يثبت عن إبراهيم الخليل ـ عليه السلام ـ لما بني البيت صلى في كل ركن ألف ركعة؛ فأوحي الله تعالى إليه:(يا إبراهيم، ما هذا سد جوعة أو ستر عورة)، هذا كذب ظاهر، ليس هو في شيء من كتب المسلمين.
وما يروونه: (لا تكرهوا الفتنة، فإن فيها حصاد المنافقين)، هذا ليس معروفًا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وما يروونه: (من علم أخاه آية من كتاب الله ملك رِقَّه)، هذا كذب ليس في شيء من كتب أهل العلم.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (اطلعت على ذنوب أمتي، فلم أجد أعظم ذنبًا ممن تعلم آية ثم نسيها). إذا صح هذا الحديث فهذا عني بالنسيان التلاوة. ولفظ الحديث أنه قال: (يوجد من سيئات أمتي الرجل يؤتيه الله آية من القرآن، فينام عنها حتى ينساها) والنسيان الذي هو بمعني الإعراض عن القرآن، وترك الإيمان والعمل به، وأما إهمال درسه حتى ينسي فهو من الذنوب.
وما يروونه: (أن آية من القرآن خير من محمد وآل محمد). القرآن كلام الله، منزل، غير مخلوق، فلا يشبه بغيره. اللفظ المذكور غير مأثور.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من علم علمًا نافعًا وأخفاه عن المسلمين ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار)، هذا معناه معروف في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من سئل عن علم يعلمه، فكتمه، ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار).
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا وصلتم إلى ما شجر بين أصحابي فأمسكوا، وإذا وصلتم إلى القضاء والقدر فأمسكوا) هذا مأثور بأسانيد منقطعة.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لسلمان الفارسي ـ وهو يأكل العنب ـ: (دو، دو) يعني: عنبتين، عنبتين هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وهو باطل.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ زَنَي بامرأة، فجاءت منه ببنت، فللزاني أن يتزوج
بابنته من الزنا) هذا يقوله من ليس من أصحاب الشافعي،وبعضهم ينقله عن الشافعي. ومن أصحاب الشافعي من أنكر ذلك عنه، وقال: إنه لم يصرح بتحليل ذلك، ولكن صرح بحل ذلك من الرضاعة إذا رضع من لبن المرأة الحامل من الزنا. وعامة العلماء؛ كأحمد وأبي حنيفة وغيرهما متفقون على تحريم ذلك. وهذا أظهر القولين في مذهب مالك.
وما يروونه: (أحق ما أخذتم عليه أجرة كتاب الله) نعم، ثبت ذلك أنه قال: (أحق ما أخذتم عليه أجرة كتاب الله) لكنه في حديث الرقية، وكان الجعل على عافية مريض القوم لا على التلاوة.
وهل يحرم اتخاذ أبراج الحمام إذا طارت من الأبراج تحط على زراعات الناس وتأكل الحب. فهل يحرم اتخاذ أبراج الحمام في القري والبلدان لهذا السبب؟ نعم، إذا كان يضر بالناس منع منه.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من ظلم ذميًا كان الله خصمه يوم القيامة، أو كنت خصمه يوم القيامة) هذا ضعيف، لكن المعروف عنه أنه قال: (من قتل معاهدًا بغير حق لم يَرَحْ رائحةَ الجنة).
وما يروونه عنه: (من أسرج سراجًا في مسجد لم تزل الملائكة وحملة العرش تستغفر له ما دام في المسجد ضَوْءُ ذلك السراج)،هذا لا أعرف له إسنادًا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وسئل عن أحاديث:هل هي صحيحة؟وهل رواها أحد من المعتبرين بإسناد صحيح؟ وهي قوله: (أول ما خلق الله العقل قال له: أَقْبِل، فأقبل. ثم قال له: أَدْبِر، فأدبر. ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقًا أكرم على منك. بك آخذ، وبك أعطي؛ وبك أثيب، وبك أعاقب). وقوله: (أمرت أن أخاطب الناس على قَدْر عقولهم). وهل هذا اللفظ هو لفظ حديث؟ أو فيه تحريف؟ أو زيادة أو نقص؟ وقوله: (إن الله مَنَّ على فيما مَنَّ على: أن أعطيتك فاتحة الكتاب، وهي من كنوز عرشي، قسمتها بيني وبينك نصفين). وقوله: (الناس شركاء في ثلاث: الماء، والكلأ، والنار).
فأجاب:
أما الحديث الأول، فهو كذب موضوع عند أهل العلم بالحديث، ليس هو في شيء من كتب الإسلام المعتمدة، وإنما يرويه مثل داود بن المحبر، وأمثاله من المصنفين في العقل، ويذكره أصحاب [رسائل إخوان الصفا] ونحوهم من المتفلسفة، وقد ذكره أبو حامد في بعضكتبه، وابن عربي، وابن سَبعين، وأمثال هؤلاء، وهو عند أهل العلم بالحديث كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، كما ذكر ذلك أبو حاتم الرازي، وأبو الفرج ابن الجوزي، وغيرهما من المصنفين في علم الحديث.
ومع هذا فلفظ الحديث: (أول ما خلق الله العقل قال له: أقبل فأقبل، وقال له: أدبر، فأدبر، قال: ما خلقت خلقًا أكرم على منك، فبك آخذ، وبك أعطي، وبك الثواب، وبك العقاب)، وفي لفظ: (لما خلق الله العقل قال له: كذلك) ومعني هذا اللفظ أنه قال للعقل في أول أوقات خلقه،ليس فيه أن العقل أول المخلوقات،لكن المتفلسفة القائلون بقدم العالم أتباع أرسطو، هم ومن سلك سبيلهم من باطنية الشيعة، والمتصوفة، والمتكلمة، رَوَوْهُ أول ما خلق الله العقل [بالضم]، ليكون ذلك حجة لمذهبهم، في أن أول المبدعات هو العقل الأول، وهذا اللفظ لم يروه به أحد من أهل الحديث، بل اللفظ المروي ـ مع ضعفه ـ يدل على نقيض هذا المعني، فإنه قال: (ما خلقت خلقًا أكرم على منك) فدل على أنه قد خلق قبله غيره، والذي يسميه الفلاسفة العقل الأول، ليس قبله مخلوق عندهم.
وأيضًا، فـإنه قـال: (بك آخذ، وبك أعطي، وبك الثواب، وبك العقاب)، فجعل به هـذه الأعـراض الأربعـة، وعنـد أولئك المتفلسـفة الباطنية،أن جميع العالم صدر عن العقـل الأول، وهـو رب السمـوات والأرض ومـا بينهما عنـدهم، وإن كـان مربوبًا للواجب بنفسه، وهو عندهم متولد عن الله، لازم لذاته، وليس هذا قول أحد من أهل الملل، لا المسلمـين ولا إليهـود، ولا النصاري ـ إلا مَنْ أَلْحَدَ منهم ـ ولا هو قول المجوس، ولا جمهور الصابئين، ولا أكثر المشركين، ولا جمهور الفلاسفة، بل هو قول طائفة منهم.
وأيضًا، فإن العقل في لغة المسلمين عَرَض من الأعراض، قائم بغيره وهو غريزة، أو علم، أو عمل بالعلم، ليس العقل في لغتهم جوهرًا قائمًا بنفسه، فيمتنع أن يكون أول المخلوقات عرضًا قائمًا بغيره، فإن العرض لا يقوم إلا بمحل، فيمتنع وجوده قبل وجود شيء من الأعيان، وأما أولئك المتفلسفة، ففي اصطلاحهم أنه جوهر قائم بنفسه، وليس هذا المعني هو معني العقل في لغة المسلمين، والنبي صلى الله عليه وسلم خاطب المسلمين بلغة العرب، لا بلغة اليونان، فعلم أن المعني الذي أراده المتفلسفة لم يقصده الرسول، لو كان تكلم بهذا اللفظ، فكيف إذا لم يتكلم به؟!
وأما الحديث الثاني، وهو قوله: (أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم) فهذا لم يروه أحد من علماء المسلمين الذين يعتمد عليهم في الرواية، وليس هو في شيء من كتبهم، وخطاب الله ورسوله للناس عام يتناول جميع المكلفين، كقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} [النساء: 1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} [البقرة:104]، {يَا عِبَادِ} [الزخرف:68] {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: 47] وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يخاطب الناس على منبره بكلام واحد يسمعه كل أحد، لكن الناس يتفاضلون في فهم الكلام بحسب ما يخص الله به كل واحد منهم من قوة الفهم، وحسن العقيدة.
ولهذا كان أبو بكر الصديق أعلمهم بمراده، كما في الصحيحين، عن أبي سعيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: (إن عبدًا خَيَّره الله بين الدنيا والآخرة، فاختار ذلك العبد ما عند الله) قال: فبكى أبو بكر وقال: نفديك بأنفسنا وأموالنا، فجعل الناس يعجبون منه، ويقولون: عجبًا لهذا الشيخ! بكى أن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدًا خيره الله بين الدنيا والآخرة، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير. وكان أبو بكر أعلمنا به) فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر عبدًا مطلقًا لم يعينه، ولكن أبو بكر عرف عينه.
وما يرويه بعض الناس عن عمر، أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يتحدثان، وكنت كالزِّْنْجِي بينهما فهذا كذب مختلق. وكذلك ما يروي أنه أجاب أبا بكر بجواب، وأجاب عائشة بجواب، فهذا كذب باتفاق أهل العلم.
المصدر :
موقع : يا له من دين
فضيلة الشيخ : سلطان العمري
تبوك
أحاديث ضعيفة حكم عليها ابن تيمية
وسئل شيخ الإسلام ـ رَحِمهُ اللّه ـ عن أحاديث يرويها القصاص، وغيرهم بالطرق وغيرها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فأجاب عنها:
منها ما يروون أنه قال(أَدَّبني ربي فأحسن تأديبي).
فأجاب: الحمد للّه، المعني صحيح. لكن لا يعرف له إسناد ثابت.
ومما يروونه عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (لو كان المؤمن في ذِرْوَة جبل قَيَّض اللّه له من يؤذيه، أو شيطانًا يؤذيه).
فأجاب: الحمد للّه، ليس هذا معروفا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروونه عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (لو كانت الدنيا دما عَبِيطًا كان قوت المؤمن منها حلالا.
فأجاب: الحمد للّه، ليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف عنه بإسناد، ولكن المؤمن لابد أن يتيح اللّه له من الرزق ما يغنيه، ويمتنع في الشرع أن يحرم على المؤمن مالا بد منه، فإن اللّهلم يوجب على المؤمنين مالا يستطيعونه، ولا حرم عليهم ما يضطرون إليه من غير معصية منهم. قاله وكتبه أحمد بن تيمية.
ومما يروونه عنه صلى الله عليه وسلم، عن اللّه: (ما وَسِعَنِي سمائي ولا أرضي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن).
فأجاب: الحمد للّه، هذا مذكور في الإسرائيليات، ليس له إسناد معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومعني:(وسعني قلبه) الإيمان بي ومحبتي ومعرفتي، ولا من قال: إن ذات اللّه تحل في قلوب الناس، فهذا من النصاري، خَصُّوا ذلك بالمسيح وحده.
ومما يروونه عنه أيضا: (القلب بيت الرب).
فأجاب: الحمد للّه، هذا كلام من جنس الأول، فإن القلب بيت الإيمان باللّه ومعرفته ومحبته، وليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروونه عنه أيضًا: (كنت كنزًا لا أعرف، فأحببت أن أعرف، فخلقت خلقًا فعرفتهم بي فعرفوني).
فأجاب: ليس هذا من كلام اللّه للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف له إسناد صحيح ولا ضعيف.
ومما يروونه عنه صلى الله عليه وسلم: أن عمر بن الخطاب ـ رضي اللّه عنه ـ قال: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا تكلم مع أبي بكر كنت كالزنجي بينهما الذي لا يفهم.
فأجاب: الحمد للّه، هذا كذب ظاهر لم ينقله أحد من أهل العلم بالحديث، ولم يروه إلا جاهل أو ملحد.
ومما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (أنا مدينة العلم وعلى بابها).
فأجاب: هذا حديث ضعيف، بل موضوع عند أهل المعرفة بالحديث، لكن قد رواه الترمذي وغيره، ومع هذا فهو كذب.
ومما يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن اللّه يعتذر للفقراء يوم القيامة ويقول: وعزتي وجلالي ما زَوَيْتُ الدنيا عنكم لهوانكم على، لكن أردت أن أرفع قدركم في هذا اليوم، انطلقوا إلى الموقف فمن أحسن إليكم بِكِسْرة، أو سقاكم شربة من الماء، أو كساكم خرقة انطلقوا به إلى الجنة).
فأجاب: الحمد للّه، هذا الشأن كذب، لم يروه أحد من أهل العلم بالحديث، وهو باطل مخالف للكتاب والسنة بالإجماع.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: أنه لما قدم المدينة في الهجرة خرجت بنات النجار بالدفوف وهن يقلن:
طلع البـدر علينا ** مـن ثنيات الـوداع
إلى آخر الشعر، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: (هزوا كرابيلكم بارك اللّه فيكم).
فأجاب: أما ضرب النسوة الدف في الزواج فقد كان معروفا على عهدرسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وأما قوله: (هزوا كرابيلكم بارك اللّه فيكم) فهذا لا يعرف عنه صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عنه، أنه قال: (لو وُزِنَ إيمان أبي بكر بإيمان الناس لرجح إيمان أبي بكر على ذلك).
فأجاب: الحمد للّه، هذا جاء معناه في حديث معروف في السنن أن أبا بكر ـ رضي اللّه عنه ـ وزن هذه الأمة فرجح.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (اللهم إنك أخرجتني من أحب البقاع إلى فأسكني في أحب البقاع إليك).
فأجاب: الحمد للّه، هذا باطل، بل ثبت في الترمذي، وغيره أنه قال لمكة: (واللّه إنك لأحب بلاد اللّه إلى اللّه)، وقال: (إنك لأحب البلاد إلى)، فأخبر أنها أحب البلاد إلى اللّه وإليه.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (من زارني، وزار أبي إبراهيم في عام واحد دخل الجنة).
فأجاب: الحمد للّه، هذا حديث كذب موضوع، ولم يروه أحد من أهل العلم بالحديث.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (فقراؤكم).
فأجاب: الحمد للّه، هذا اللفظ ليس مأثورًا، لكن معناه صحيح، وأن الفقراء موضع الإحسان إليهم، فبهم تحصل الحسنات.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (البركة مع أكابركم).
فأجاب: الحمد للّه، قد ثبت في الصحيح من حديث جُبَيْر، أنه قال: (كَبِّرْ، كَبِّرْ) أي: يتكلم الأكبر. وثبت من حديث الإمامة، أنه قال: (فإن استووا ـ أي في القراءة والسنة والهجرة ـ فليؤمهم أكبرهم سنًا).
ومما يروون ـ أيضًا ـ: (الشيخ في قومه كالنبي في أمته).
فأجاب: الحمد للّه، ليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما يقوله بعض الناس.
ومما يروون ـ أيضًا ـ: (لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا).
فأجاب: الحمد للّه، هذا مأثور عن بعض السلف، وهو كلام صحيح.
ومما رووا عن على ـ رضي اللّه عنه ـ أن أعرابيًا صلى ونَقَرَ صلاته، فقال له علي: لا تنقر صلاتك، فقال له الأعرابي: لو نقرها أبوك ما دخل النار.
فأجاب: الحمد للّه، هذا كذب، ورووه عن عمر، وهو كذب.
ومما يروون عن عمر رضي اللّه عنه، أنه قتل أباه.
فأجاب: هذا كذب؛ فإن أبا عمر ـ رضي اللّه عنه ـ مات في الجاهلية قبل أن يبعث الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (كنت نبيًا وآدم بين الماء والطين، وكنت نبيًا وآدم لا ماء ولا طين).
فأجاب: الحمد للّه، هذا اللفظ كذب باطل، ولكن اللفظ المأثور الذي رواه الترمذي وغيره أنه قيل: يارسول اللّه، متي كنت نبيًا؟ قال: (وآدم بين الروح والجسد)، وفي السنن عن العِرْباض بن سارية، أنه قال: (إني عند اللّه لمكتوب خاتم النبيين، وإن آدم لمنْجَدِل في طينته).
ومما يروون ـ أيضًا ـ: (العازب فراشه من النار، ومسكين رجل بلا امرأة، ومسكينة امرأة بلا رجل).
فأجاب: الحمد للّه، هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولم أجده مرويا، ولم يثبت.
ومما يروون أن إبراهيم ـ عليه السلام ـ لما بني البيت صلى في كل ركن ألف ركعة، فأوحي اللّه تعالى إليه: يا إبراهيم، أفضل من هذا سد جوعة، أو ستر عورة.
فأجاب: الحمد للّه، هذا كذب ظاهر، ليس هو في شيء من كتب المسلمين.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (إذا ذُكِر إبراهيم وذكرت أنا فصلوا عليه، ثم صلوا على، وإذا ذكرت أنا والأنبياء غيره فصلوا على ثم صلوا عليهم).
فأجاب: الحمد للّه، هذا لا يعرف من كتب أهل العلم ولا عن أحد من العلماء المعروفين بالحديث. ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (من أكل مع مغفور له غُفِرَ له).
فأجاب: الحمد للّه، هذا ليس له إسناد عن أهل العلم، ولا هو في شيء من كتب المسلمين، وإنما يروونه عن سالم، وليس معناه صحيحًا على الإطلاق، فقد يأكل مع المسلمين الكفار والمنافقون.
ومما يروون ـ أيضًا ـ: (من أشبع جوعة، أو ستر عورة ضمنت له الجنة).
فأجاب: الحمد للّه، هذا اللفظ لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون: (لا تكرهوا الفتن، فإن فيها حصاد المنافقين).
فأجاب: الحمد للّه، هذا ليس معروفًا عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومما يروون: (سَبُّ أصحابي ذنب لا يغفر).
فأجاب ـ رحمه اللّه ـ: هذا كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء:48] .
ومما يروون: (من علم أخاه آية من كتاب اللّه فقد ملك رِقَّهُ).
فأجاب: الحمد للّه، هذا كذب ليس في شيء من كتب أهل العلم.
ومما يروون عنه: (آية من القرآن خير من محمد وآله).
فأجاب: الحمد للّه، القرآن كلام اللّه منزل غير مخلوق،فلا يشبه بالمخلوقين، واللفظ المذكور غير مأثور.
ومما يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا من العرب، وليس العرب مني).
فأجاب: الحمد للّه، هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عنه ـ أيضًا ـ: (اللهم أحيني مسكينًا، وأمتني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين).
فأجاب: هذا يروي، لكنه ضعيف لا يثبت، ومعناه أحيني خاشعا متواضعًا، لكن اللفظ لم يثبت.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (إذا سمعتم عني حديثًا فاعرضوه على الكتاب والسنة، فإن وافق فَارْوُوه، وإن لم يوافق فلا).
فأجاب: الحمد للّه، هذا مروي ولكنه ضعيف عن غير واحد من الأئمة؛ كالشافعي، وغيره.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (ياعلي، اتخذ لك نعلين من حديد وافْنِهِمَا في طلب العلم ولو بالصين).
فأجاب: الحمد للّه، ليس هذا ولا هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (يقول اللّه تعالى: لاقُوني بِنَيَّاِتكم ولا تلاقوني بأعمالكم).
فأجاب: الحمد للّه، ليس هذا اللفظ معروفا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من قدم إبريقًا لمتوضئ فكأنما قدم جَوَادًا مسرجا مَلْجُوما يقاتل عليه في سبيل اللّه).
فأجاب: هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف في شيء من كتب المسلمين المعروفة.
ومما يروون عنـه صلى الله عليه وسلم: (يأتي على أمتي زمـان مـا يسلم بـدينه إلا مـن يفر من شاهق إلى شاهق).
فأجاب: الحمد للّه، هذا اللفظ ليس معروفا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (حسنات الأبرار سيئات المقربين).
فأجاب: الحمد للّه، هذا كلام بعض الناس، وليس هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ستروا من أصحابي هدنة: القاتل والمقتول في الجنة).
فأجاب: الحمد للّه، هذا اللفظ لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عنه: (إذا وصلتم إلى ما شَجَرَ بين أصحابي فأمسكوا، وإذا وصلتم إلى القضاء والقدر فأمسكوا).
فأجاب: الحمد للّه، هذا مأثور بإسناد منقطع، وماله إسناد ثابت.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (إذا كثرت الفتن فعليكم بأطراف اليمن).
فأجاب: الحمد للّه، هذا اللفظ لا يعرف.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (من بات في حراسة كلب بات في غضب الرب).
فأجاب: الحمد للّه، هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه أمر النساء بالغُنْجِ لأزواجهن عند الجماع).
فأجاب: ليس هذا عنه صلى الله عليه وسلم.
ومما يروون عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من كسر قلبًا فعليه جَبْرُه).
فأجاب: الحمد للّه، هذا أدب من الآداب، وهذا اللفظ ليس معروفا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكثير من الكلام يكون صحيحًا،لكن يمكن أن يقال عن الرسول صلى الله عليه وسلم مالم يقدح، إذ هذا اللفظ ليس بمطلق في كسر قلوب الكفار والمنافقين؛ إذ به إقامة الملة.
واللّه أعلم.
وصلى اللّه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا إلى يوم الدين، وعلى آله وأصحابه وأزواجه والتابعين.
وسُئِل شيخ الإسلام عما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الله - عز وجل - قال: (ما وسعني لا سمائي ولا أرضي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن).
فأجاب:
الحمد لله، هذا ما ذكروه في الإسرائيليات ليس له إسناد معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومعناه: وسع قلبه محبتي ومعرفتي. وما يروى: القلب بيت الرب، هذا من جنس الأول، فإن القلب بيت الإيمان بالله تعالى ومعرفته ومحبته.
ومـا يروونه: كنت كنزًا لا أعـرف! فـأحببت أن أعـرف، فخلقت خلـقًا فعرفتهم بي، فبي عرفـوني، هـذا ليس مـن كـلام النبي صلى الله عليه وسلم ولا أعـرف لـه إسـنادًا صحيـحًا ولا ضعيـفًا.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله خلق العقل، فقال له: أقبل. فأقبل، ثم قال له: أدبر. فأدبر، فقال: وعزتيوجلالي ما خلقت خلقًا أشرف منك، فبك آخذ وبك أعطي) هذا الحديث باطل موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث.
وما يروونه: (حب الدنيا رأس كل خطيئة)، هذا معروف عن جندب بن عبد الله البجلي، وأما عن النبي صلى الله عليه وسلم فليس له إسناد معروف.
وما يروونه: (الدنيا حظوة رجل مؤمن) هذا لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره من سلف الأمة ولا أئمتها.
وما يروونه: (من بورك له في شيء فليلزمه، ومن ألزم نفسه شيئًا لزمه)، الأول: يؤثر عن بعض السلف، والثاني: باطل فإن من ألزم نفسه شيئًا قد يلزمه وقد لا يلزمه، بحسب ما يأمر به الله ورسوله.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (اتخذوا مع الفقراء أيادي فإن لهم في غد دولة وأي دولة؟!)، (الفقر فخري وبه أفتخر) كلاهما كذب لا يعرف في شيء من كتب المسلمين المعروفة.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا مدينة العلم وعلي بابها) هذا الحديث ضعيف، بل موضوع عند أهل العلم بالحديث،ولكن قد رواه الترمذي وغيره، ورفع هذا وهو كذب.
وما يروونه: أنه يقعد الفقراء يوم القيامة ويقول: (وعزتي وجلالي ما زويت الدنيا عنكم لهوانكم علي، ولكن أردت أن أرفع قدركم في هذا اليوم، انطلقوا إلى الموقف. فمن أحسن إليكم بكسرة، أو سقاكم شربة ماء، أو كساكم خرقة انطلقوا به إلى الجنة)، قال الشيخ: الثاني كذب لم يروه أحد من أهل العلم بالحديث، وهو باطل خلاف الكتاب والسنة والإجماع.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: لما قدم إلى المدينة خرجن بنات النجار بالدفوف وهن يقلن:
طلع البدر علينا ** من ثنيات الوداع
إلي آخر الشعر، فقال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هُزُّوا غرابيلكم بارك الله فيكم) حديث النسوة وضرب الدف في الأفراح صحيح؛ فقد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما قوله: (هزوا غرابيلكم) هذا لا يعرف عنه.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اللهم إنك أخرجتني من أحب البقاع إلي، فأسكني في أحب البقاع إليك)، هذا حديث باطل كذب، وقد رواه الترمذي وغيره، بل إنه قال لمكة: (إنك أحب بلاد الله إلي). وقال (إنك لأحب البلاد إلى الله).
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ زارني وزار أبي إبراهيم في عام دخل الجنة)، هذا كذب موضوع، ولم يروه أحد من أهل العلم بالحديث.
ومـا يروونه عـن على ـ رضي الله عنـه ـ: أن أعـرابيًا صلى ونقـر صلاته فقال علي: لا تنقـر صـلاتك. فقال الأعـرابي: يـا علي، لو نقـرهـا أبـوك مـا دخـل النار. هــذا كذب.
وما يروونه عن عمر: أنه قتل أباه، هذا كذب. فإن أباه مات قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم:(كنت نبيًا وآدم بين الماء والطين). (وكنت وآدم لا ماء ولا طين)، هذا اللفظ كذب باطل.
وما يروونه: (العازب فراشه من نار، مسكين رجل بلا امرأة، ومسكينة امرأة بلا رجل)، هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
ولم يثبت عن إبراهيم الخليل ـ عليه السلام ـ لما بني البيت صلى في كل ركن ألف ركعة؛ فأوحي الله تعالى إليه:(يا إبراهيم، ما هذا سد جوعة أو ستر عورة)، هذا كذب ظاهر، ليس هو في شيء من كتب المسلمين.
وما يروونه: (لا تكرهوا الفتنة، فإن فيها حصاد المنافقين)، هذا ليس معروفًا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وما يروونه: (من علم أخاه آية من كتاب الله ملك رِقَّه)، هذا كذب ليس في شيء من كتب أهل العلم.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (اطلعت على ذنوب أمتي، فلم أجد أعظم ذنبًا ممن تعلم آية ثم نسيها). إذا صح هذا الحديث فهذا عني بالنسيان التلاوة. ولفظ الحديث أنه قال: (يوجد من سيئات أمتي الرجل يؤتيه الله آية من القرآن، فينام عنها حتى ينساها) والنسيان الذي هو بمعني الإعراض عن القرآن، وترك الإيمان والعمل به، وأما إهمال درسه حتى ينسي فهو من الذنوب.
وما يروونه: (أن آية من القرآن خير من محمد وآل محمد). القرآن كلام الله، منزل، غير مخلوق، فلا يشبه بغيره. اللفظ المذكور غير مأثور.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من علم علمًا نافعًا وأخفاه عن المسلمين ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار)، هذا معناه معروف في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من سئل عن علم يعلمه، فكتمه، ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار).
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا وصلتم إلى ما شجر بين أصحابي فأمسكوا، وإذا وصلتم إلى القضاء والقدر فأمسكوا) هذا مأثور بأسانيد منقطعة.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لسلمان الفارسي ـ وهو يأكل العنب ـ: (دو، دو) يعني: عنبتين، عنبتين هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وهو باطل.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ زَنَي بامرأة، فجاءت منه ببنت، فللزاني أن يتزوج
بابنته من الزنا) هذا يقوله من ليس من أصحاب الشافعي،وبعضهم ينقله عن الشافعي. ومن أصحاب الشافعي من أنكر ذلك عنه، وقال: إنه لم يصرح بتحليل ذلك، ولكن صرح بحل ذلك من الرضاعة إذا رضع من لبن المرأة الحامل من الزنا. وعامة العلماء؛ كأحمد وأبي حنيفة وغيرهما متفقون على تحريم ذلك. وهذا أظهر القولين في مذهب مالك.
وما يروونه: (أحق ما أخذتم عليه أجرة كتاب الله) نعم، ثبت ذلك أنه قال: (أحق ما أخذتم عليه أجرة كتاب الله) لكنه في حديث الرقية، وكان الجعل على عافية مريض القوم لا على التلاوة.
وهل يحرم اتخاذ أبراج الحمام إذا طارت من الأبراج تحط على زراعات الناس وتأكل الحب. فهل يحرم اتخاذ أبراج الحمام في القري والبلدان لهذا السبب؟ نعم، إذا كان يضر بالناس منع منه.
وما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من ظلم ذميًا كان الله خصمه يوم القيامة، أو كنت خصمه يوم القيامة) هذا ضعيف، لكن المعروف عنه أنه قال: (من قتل معاهدًا بغير حق لم يَرَحْ رائحةَ الجنة).
وما يروونه عنه: (من أسرج سراجًا في مسجد لم تزل الملائكة وحملة العرش تستغفر له ما دام في المسجد ضَوْءُ ذلك السراج)،هذا لا أعرف له إسنادًا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وسئل عن أحاديث:هل هي صحيحة؟وهل رواها أحد من المعتبرين بإسناد صحيح؟ وهي قوله: (أول ما خلق الله العقل قال له: أَقْبِل، فأقبل. ثم قال له: أَدْبِر، فأدبر. ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقًا أكرم على منك. بك آخذ، وبك أعطي؛ وبك أثيب، وبك أعاقب). وقوله: (أمرت أن أخاطب الناس على قَدْر عقولهم). وهل هذا اللفظ هو لفظ حديث؟ أو فيه تحريف؟ أو زيادة أو نقص؟ وقوله: (إن الله مَنَّ على فيما مَنَّ على: أن أعطيتك فاتحة الكتاب، وهي من كنوز عرشي، قسمتها بيني وبينك نصفين). وقوله: (الناس شركاء في ثلاث: الماء، والكلأ، والنار).
فأجاب:
أما الحديث الأول، فهو كذب موضوع عند أهل العلم بالحديث، ليس هو في شيء من كتب الإسلام المعتمدة، وإنما يرويه مثل داود بن المحبر، وأمثاله من المصنفين في العقل، ويذكره أصحاب [رسائل إخوان الصفا] ونحوهم من المتفلسفة، وقد ذكره أبو حامد في بعضكتبه، وابن عربي، وابن سَبعين، وأمثال هؤلاء، وهو عند أهل العلم بالحديث كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، كما ذكر ذلك أبو حاتم الرازي، وأبو الفرج ابن الجوزي، وغيرهما من المصنفين في علم الحديث.
ومع هذا فلفظ الحديث: (أول ما خلق الله العقل قال له: أقبل فأقبل، وقال له: أدبر، فأدبر، قال: ما خلقت خلقًا أكرم على منك، فبك آخذ، وبك أعطي، وبك الثواب، وبك العقاب)، وفي لفظ: (لما خلق الله العقل قال له: كذلك) ومعني هذا اللفظ أنه قال للعقل في أول أوقات خلقه،ليس فيه أن العقل أول المخلوقات،لكن المتفلسفة القائلون بقدم العالم أتباع أرسطو، هم ومن سلك سبيلهم من باطنية الشيعة، والمتصوفة، والمتكلمة، رَوَوْهُ أول ما خلق الله العقل [بالضم]، ليكون ذلك حجة لمذهبهم، في أن أول المبدعات هو العقل الأول، وهذا اللفظ لم يروه به أحد من أهل الحديث، بل اللفظ المروي ـ مع ضعفه ـ يدل على نقيض هذا المعني، فإنه قال: (ما خلقت خلقًا أكرم على منك) فدل على أنه قد خلق قبله غيره، والذي يسميه الفلاسفة العقل الأول، ليس قبله مخلوق عندهم.
وأيضًا، فـإنه قـال: (بك آخذ، وبك أعطي، وبك الثواب، وبك العقاب)، فجعل به هـذه الأعـراض الأربعـة، وعنـد أولئك المتفلسـفة الباطنية،أن جميع العالم صدر عن العقـل الأول، وهـو رب السمـوات والأرض ومـا بينهما عنـدهم، وإن كـان مربوبًا للواجب بنفسه، وهو عندهم متولد عن الله، لازم لذاته، وليس هذا قول أحد من أهل الملل، لا المسلمـين ولا إليهـود، ولا النصاري ـ إلا مَنْ أَلْحَدَ منهم ـ ولا هو قول المجوس، ولا جمهور الصابئين، ولا أكثر المشركين، ولا جمهور الفلاسفة، بل هو قول طائفة منهم.
وأيضًا، فإن العقل في لغة المسلمين عَرَض من الأعراض، قائم بغيره وهو غريزة، أو علم، أو عمل بالعلم، ليس العقل في لغتهم جوهرًا قائمًا بنفسه، فيمتنع أن يكون أول المخلوقات عرضًا قائمًا بغيره، فإن العرض لا يقوم إلا بمحل، فيمتنع وجوده قبل وجود شيء من الأعيان، وأما أولئك المتفلسفة، ففي اصطلاحهم أنه جوهر قائم بنفسه، وليس هذا المعني هو معني العقل في لغة المسلمين، والنبي صلى الله عليه وسلم خاطب المسلمين بلغة العرب، لا بلغة اليونان، فعلم أن المعني الذي أراده المتفلسفة لم يقصده الرسول، لو كان تكلم بهذا اللفظ، فكيف إذا لم يتكلم به؟!
وأما الحديث الثاني، وهو قوله: (أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم) فهذا لم يروه أحد من علماء المسلمين الذين يعتمد عليهم في الرواية، وليس هو في شيء من كتبهم، وخطاب الله ورسوله للناس عام يتناول جميع المكلفين، كقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} [النساء: 1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} [البقرة:104]، {يَا عِبَادِ} [الزخرف:68] {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: 47] وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يخاطب الناس على منبره بكلام واحد يسمعه كل أحد، لكن الناس يتفاضلون في فهم الكلام بحسب ما يخص الله به كل واحد منهم من قوة الفهم، وحسن العقيدة.
ولهذا كان أبو بكر الصديق أعلمهم بمراده، كما في الصحيحين، عن أبي سعيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: (إن عبدًا خَيَّره الله بين الدنيا والآخرة، فاختار ذلك العبد ما عند الله) قال: فبكى أبو بكر وقال: نفديك بأنفسنا وأموالنا، فجعل الناس يعجبون منه، ويقولون: عجبًا لهذا الشيخ! بكى أن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدًا خيره الله بين الدنيا والآخرة، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير. وكان أبو بكر أعلمنا به) فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر عبدًا مطلقًا لم يعينه، ولكن أبو بكر عرف عينه.
وما يرويه بعض الناس عن عمر، أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يتحدثان، وكنت كالزِّْنْجِي بينهما فهذا كذب مختلق. وكذلك ما يروي أنه أجاب أبا بكر بجواب، وأجاب عائشة بجواب، فهذا كذب باتفاق أهل العلم.
المصدر :
موقع : يا له من دين
فضيلة الشيخ : سلطان العمري
تبوك