طيور مهاجره
01-19-2008, 10:04 PM
ماتت مشاعل وقد ماتت قبلها المشاعر
(قصه رأها الكثير... لكن هل قراؤها ؟؟؟)... والذي اقصده بذلك هو الا تكون قراءتك لهذه القصه مجرد مرور أو قراءة سريعه ، فلا اعتقد ان هناك قلب حي لاتحركه ولاتفيض الدموع منها
بقلم : جميل محمد علي فارسي
مشاعل ذات الخمسة عشر ربيعًا كأنها القمر، بل هي القمر، شعرها في سواد الليل، عيناها بهما كل براءة الطفولة، وبريق أمل واسع للمستقبل.?هل ستكون طبيبة؟ لا.. هل ستكون معلّمة؟ لا.. أخصائية اجتماعية؟ لا.. ربما ربة منزل؟ لا.. فلن تكون أيًّا من ذلك! كيف تكون وهي قد ماتت يوم أمس؟ نعم ماتت من البرد الشديد؛ لأن بيتها صفيح.?هل قتلها البرد؟ لا والله. فالبرد ليس هو القاتل. ما البرد إلاَّ أداة الجريمة فقط. فنحن القتلة فعلاً. نحن قتلناها عندما لم نهتم لماذا هذا المواطن يسكن في بيت صفيح، ولم يستطع المجتمع أن يوفر له بيتًا؟ هذا المجتمع الذي قسم الأراضي، مَن يأخذ أكبر مساحة ليورّثها لأولاده، ولا يهم بعد ذلك ماذا يحدث للمجتمع. قتلها هذا المجتمع الذي به فئات آثرت أن تجمع كل شيء، كل شيء، كل شيء.. أرض، ومال، وعمولة، وأسهم، وثروات، ومصالح. قتلها هذا المجتمع الذي أعماه الطمع. قتلناها لأننا بدلاً من أن نوظّف أباها فضّلنا أن نستقدم عاملاً أرخص منه، وأكثر طاعة.?اللهم انتقم من كل شخص منّا تسبب بجشعه في هذه المأساة. اللهم لا ترحم مَن لم يرحم فقرها.. (لا أدري إن كان يجوز مثل هذا الدعاء، فإن لم يكن جائزًا فلن يكون ذنبي في هذا الدعاء أكبر من ذنب السكوت عن هذه الجريمة، فالسكوت عن قول كلمة الحق، هو السبب في كل هذا).?ماتت مشاعل. ماتت قبل أن تحفظ مقرر التربية الوطنية، ماتت ولم تقرأ بعد خطط التنمية، ماتت في نصف المسافة الزمنية بين احتفالنا باليوم الوطني العام الماضي والعام المقبل.?مشاعل.. كيف تموتين من البرد؟ وهل يموت أحد من البرد؟ نحن نسافر إلى سويسرا لنستمتع بالبرد.?مسكين أبوها اعتقد أن بطاقة الأحوال التي يحملها في جيبه تضمن له حقًا على المجتمع. اعتقد أن شهادة (أن لا إله إلاَّ الله) التي يحملها في قلبه تضمن له حقًا على هذا المجتمع.?مشاعل.. نسيناك وسط ذبذبة مؤشر الأسهم ، نسيناك ونحن نسأل عن ربحنا في هذه الصفقة أو ذلك المخطط. نسيناك فلم نتذكّر إلاَّ رقم الاستثناء، ومبلغ العمولة .?مشاعل نسيناها. ولكن.. في هذه الليلة إن قام أحدنا ليغطي بالبطانية ابنته؛ لأن المكيف المركزي بارد، فليتذكّر اسم مشاعل، عسى اسمها أن يُذهب النوم من عينيه. على الأقل فلتحيا أعيننا إن ماتت قلوبنا.?مشاعل.. نسيناك. ولكن.. أقسم لك أننا سنذكرك جميعًا حين يسألنا الله عنك. كلنا سنُسأل عنك.?ماتت مشاعل، وقد ماتت قبلها المشاعر.?ماتت. وقد مات قبلها الضمير.?مشاعل.. انظري إلينا نظرة وداع وخبّرينا. مشاعل.. لِمَ لَمْ تلتصقي بأبيك الفقير، فلعل دفء قلبه ينجيك؟ هل وجدتِه يرتجف مثلك، فخاف قلبك الرقيق أن يزعجه؟. مشاعل.. بُنيتي لِمَ لَمْ تستنجدي بنا؟ هل لأنك علمت أن قلوبنا حجر ونحن لا نعلم؟! مشاعل.. ما آخر كلمة قلتِها قبل أن يقتلك البرد؟. مشاعل.. هل قلتِ: ماما، أم قلتِ: بابا، أم قلتِ: يا الله؟?مشاعل.. ارفعي رأسكِ، وصِفي لنا لحظاتك الأخيرة في صراعكِ مع البرد. مشاعل.. ارفعي رأسكِ وخبّرينا هل فقدت من ألم البرد الأحساس في يدكِ أولاً ، أم في قدمكِ؟ فهذه الجزئية تهمّنا. مشاعل.. قولي لي أي شيء. أي شيء عن لحظاتك الأخيرة. مشاعل.. صِفي لي الموت البطيء. مشاعل.. هل شاهدتِ في آخر ثواني حياتك كم هي زرقاء يديك، وشفتيك، أم شاهدتِ كم هي سوداء قلوبنا؟. مشاعل.. لِمَ لا تتكلمين؟ هل الصمت أبلغ؟ مشاعل.. افتحي عينيكِ الجميلتين، مشاعل.. ارفعي رأسك واجيبيني، مشاعل.. ارفعي رأسكِ.. وابصقي في وجوهنا.?
..:.:..
(قصه رأها الكثير... لكن هل قراؤها ؟؟؟)... والذي اقصده بذلك هو الا تكون قراءتك لهذه القصه مجرد مرور أو قراءة سريعه ، فلا اعتقد ان هناك قلب حي لاتحركه ولاتفيض الدموع منها
بقلم : جميل محمد علي فارسي
مشاعل ذات الخمسة عشر ربيعًا كأنها القمر، بل هي القمر، شعرها في سواد الليل، عيناها بهما كل براءة الطفولة، وبريق أمل واسع للمستقبل.?هل ستكون طبيبة؟ لا.. هل ستكون معلّمة؟ لا.. أخصائية اجتماعية؟ لا.. ربما ربة منزل؟ لا.. فلن تكون أيًّا من ذلك! كيف تكون وهي قد ماتت يوم أمس؟ نعم ماتت من البرد الشديد؛ لأن بيتها صفيح.?هل قتلها البرد؟ لا والله. فالبرد ليس هو القاتل. ما البرد إلاَّ أداة الجريمة فقط. فنحن القتلة فعلاً. نحن قتلناها عندما لم نهتم لماذا هذا المواطن يسكن في بيت صفيح، ولم يستطع المجتمع أن يوفر له بيتًا؟ هذا المجتمع الذي قسم الأراضي، مَن يأخذ أكبر مساحة ليورّثها لأولاده، ولا يهم بعد ذلك ماذا يحدث للمجتمع. قتلها هذا المجتمع الذي به فئات آثرت أن تجمع كل شيء، كل شيء، كل شيء.. أرض، ومال، وعمولة، وأسهم، وثروات، ومصالح. قتلها هذا المجتمع الذي أعماه الطمع. قتلناها لأننا بدلاً من أن نوظّف أباها فضّلنا أن نستقدم عاملاً أرخص منه، وأكثر طاعة.?اللهم انتقم من كل شخص منّا تسبب بجشعه في هذه المأساة. اللهم لا ترحم مَن لم يرحم فقرها.. (لا أدري إن كان يجوز مثل هذا الدعاء، فإن لم يكن جائزًا فلن يكون ذنبي في هذا الدعاء أكبر من ذنب السكوت عن هذه الجريمة، فالسكوت عن قول كلمة الحق، هو السبب في كل هذا).?ماتت مشاعل. ماتت قبل أن تحفظ مقرر التربية الوطنية، ماتت ولم تقرأ بعد خطط التنمية، ماتت في نصف المسافة الزمنية بين احتفالنا باليوم الوطني العام الماضي والعام المقبل.?مشاعل.. كيف تموتين من البرد؟ وهل يموت أحد من البرد؟ نحن نسافر إلى سويسرا لنستمتع بالبرد.?مسكين أبوها اعتقد أن بطاقة الأحوال التي يحملها في جيبه تضمن له حقًا على المجتمع. اعتقد أن شهادة (أن لا إله إلاَّ الله) التي يحملها في قلبه تضمن له حقًا على هذا المجتمع.?مشاعل.. نسيناك وسط ذبذبة مؤشر الأسهم ، نسيناك ونحن نسأل عن ربحنا في هذه الصفقة أو ذلك المخطط. نسيناك فلم نتذكّر إلاَّ رقم الاستثناء، ومبلغ العمولة .?مشاعل نسيناها. ولكن.. في هذه الليلة إن قام أحدنا ليغطي بالبطانية ابنته؛ لأن المكيف المركزي بارد، فليتذكّر اسم مشاعل، عسى اسمها أن يُذهب النوم من عينيه. على الأقل فلتحيا أعيننا إن ماتت قلوبنا.?مشاعل.. نسيناك. ولكن.. أقسم لك أننا سنذكرك جميعًا حين يسألنا الله عنك. كلنا سنُسأل عنك.?ماتت مشاعل، وقد ماتت قبلها المشاعر.?ماتت. وقد مات قبلها الضمير.?مشاعل.. انظري إلينا نظرة وداع وخبّرينا. مشاعل.. لِمَ لَمْ تلتصقي بأبيك الفقير، فلعل دفء قلبه ينجيك؟ هل وجدتِه يرتجف مثلك، فخاف قلبك الرقيق أن يزعجه؟. مشاعل.. بُنيتي لِمَ لَمْ تستنجدي بنا؟ هل لأنك علمت أن قلوبنا حجر ونحن لا نعلم؟! مشاعل.. ما آخر كلمة قلتِها قبل أن يقتلك البرد؟. مشاعل.. هل قلتِ: ماما، أم قلتِ: بابا، أم قلتِ: يا الله؟?مشاعل.. ارفعي رأسكِ، وصِفي لنا لحظاتك الأخيرة في صراعكِ مع البرد. مشاعل.. ارفعي رأسكِ وخبّرينا هل فقدت من ألم البرد الأحساس في يدكِ أولاً ، أم في قدمكِ؟ فهذه الجزئية تهمّنا. مشاعل.. قولي لي أي شيء. أي شيء عن لحظاتك الأخيرة. مشاعل.. صِفي لي الموت البطيء. مشاعل.. هل شاهدتِ في آخر ثواني حياتك كم هي زرقاء يديك، وشفتيك، أم شاهدتِ كم هي سوداء قلوبنا؟. مشاعل.. لِمَ لا تتكلمين؟ هل الصمت أبلغ؟ مشاعل.. افتحي عينيكِ الجميلتين، مشاعل.. ارفعي رأسك واجيبيني، مشاعل.. ارفعي رأسكِ.. وابصقي في وجوهنا.?
..:.:..