التليعاني
01-29-2008, 11:26 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على قائد الجهاد الاعلى نبي الملحمه والمبعوث بالجهاد رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد يقول الله تبارك وتعالى {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم} [10].
وعن المقدام بن معد يكرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( إن للشهيد عند الله خصالا: يُغفر له من أول دفعة من دمه، ويُرى مقعده من الجنة، ويُحلى حلية الإيمان، ويُزوج من الحور العين، ويُجار من عذاب القبر، ويَأمن الفزع الأكبر، ويُوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويُزوج اثني وسبعين من الحور العين، ويُشفع في سبعين إنسانا من أقاربه )) [11].
ولما كان للشهادة وللشهيد هذه المنزلة العظيمة جاز طلب الشهادة وتمني الموت في سبيل الله، كما قال عبد الله بن جحش رضي الله عنه : اللهم لقني من المشركين رجلا عظيما كفره شديدا حرده فأقاتله فيقتلني فيك ويسلبني ثم يجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك قلتَ: يا عبد الله بن جحش فيم جدعت؟ قلتُ: فيك يارب [12].
ولذلك فقد بـَوَّب البخاري في صحيحه باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء وقال عمر رضي الله عنه: اللهم ارزقني شهادة في بلد رسولك [13].
وقد فرض الله تعالى على المؤمنين أن يقاتلوا من كفر به سبحانه حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، قال تعالى {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} [14].
ولما قام المسلمون بالجهاد في سبيل الله كانوا أعز الناس، فلما تركوه أذلهم الله جزاءً وفاقا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم )) [18] ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ترك الجهاد سبب الذل والهوان وجعل العز كل العز في العودة للجهاد في سبيل الله تعالى وسماه عودة إلى الدين.
وقد قال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى {كتب عليكم القتال وهو كره لكم} [19] قال: ( قال أبو عبيدة: عسى أن تكرهوا ما في الجهاد من المشقة وهو خير لكم في أنكم تَغلبون وتَظفرون وتَغنمون وتُؤجرون، ومن مات مات شهيدا، وعسى أن تحبوا الدعة وترك القتال وهو شر لكم في أنكم تُغلبون وتذلون ويذهب أمركم ) ، قال القرطبي: ( وهذا صحيح لا غبار عليه، كما اتفق في بلاد الأندلس، تركوا الجهاد وجبنوا عن القتال وأكثروا من الفرار، فاستولى العدو على البلاد وأي بلاد؟ فقتل وأسر وسبى واسترق فإنا لله وإنا إليه راجعون، ذلك بما قدمت أيدينا وكسبته ) [20].
وفي بيان سبب القعود عن الجهاد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح حديث (( لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها )) : ( والحاصل أن المراد تسهيل أمر الدنيا وتعظيم أمر الجهاد. . . ) ، إلى أن قال: ( والنكتة في ذلك أن سبب التأخير عن الجهاد الميل إلى سبب من أسباب الدنيا، فنبه هذا المتأخر إن هذا القدر اليسير من الجنة أفضل من جميع ما في الدنيا ) اهـ [21].
ما سبق يدل على فضل الشهادة ووجوب قتال أئمة الكفر وأعوانهم، وأن ترك الجهاد والتعلق بالدنيا فيه الذل وضياع الأموال والأعراض والبلاد، وأن حب الشهادة والإقدام على الجهاد فيه العز والتمكين.
ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضل الناس مؤمن خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع منهما بشيء، كما روى أحمد في مسنده وغيره من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ألا أخبركم بخير الناس: رجل آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، ألا أخبركم بخير الناس منزلة بعده رجل معتزل في غنم أو غنيمة يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعبد الله لا يشرك به شيئا )) [22]، وفي رواية أخرى عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خطب الناس بتبوك: (( ما في الناس مثل رجل آخذ برأس فرسه يجاهد في سبيل الله عز وجل ويجتنب شرور الناس. . . الحديث )) [23].
فخير الناس منزلة من كان متأهبا للجهاد في سبيل الله تعالى يطلب الشهادة في مظانها كلما سمع هيعة الجهاد طار إليها حتى يأتيه أمر الله وهو على ذلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( خير معايش الناس لهم رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله ويطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه إليها يبتغي الموت أو القتل في مظانه. . . )) الحديث [24].
فمن بذل نفسه لله تعالى وقدمها في سبيل الله راضياً مختاراً فهو خير الناس بشهادة أصدق الخلق صلى الله عليه وسلم.
[10] سورة التوبة، الآية: 111.
[11] رواه أحمد والترمذي وابن ماجة بإسناد صحيح.
[12] راجع زاد المعاد، ج3/212. بتحقيق شعيب وعبد القادر الأرناؤوط.
[13] فتح الباري ج6/10.
[14] سورة الأنفال، الآية: 39.
[15] راجع البداية والنهاية، ج
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على قائد الجهاد الاعلى نبي الملحمه والمبعوث بالجهاد رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد يقول الله تبارك وتعالى {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم} [10].
وعن المقدام بن معد يكرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( إن للشهيد عند الله خصالا: يُغفر له من أول دفعة من دمه، ويُرى مقعده من الجنة، ويُحلى حلية الإيمان، ويُزوج من الحور العين، ويُجار من عذاب القبر، ويَأمن الفزع الأكبر، ويُوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويُزوج اثني وسبعين من الحور العين، ويُشفع في سبعين إنسانا من أقاربه )) [11].
ولما كان للشهادة وللشهيد هذه المنزلة العظيمة جاز طلب الشهادة وتمني الموت في سبيل الله، كما قال عبد الله بن جحش رضي الله عنه : اللهم لقني من المشركين رجلا عظيما كفره شديدا حرده فأقاتله فيقتلني فيك ويسلبني ثم يجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك قلتَ: يا عبد الله بن جحش فيم جدعت؟ قلتُ: فيك يارب [12].
ولذلك فقد بـَوَّب البخاري في صحيحه باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء وقال عمر رضي الله عنه: اللهم ارزقني شهادة في بلد رسولك [13].
وقد فرض الله تعالى على المؤمنين أن يقاتلوا من كفر به سبحانه حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، قال تعالى {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} [14].
ولما قام المسلمون بالجهاد في سبيل الله كانوا أعز الناس، فلما تركوه أذلهم الله جزاءً وفاقا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم )) [18] ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ترك الجهاد سبب الذل والهوان وجعل العز كل العز في العودة للجهاد في سبيل الله تعالى وسماه عودة إلى الدين.
وقد قال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى {كتب عليكم القتال وهو كره لكم} [19] قال: ( قال أبو عبيدة: عسى أن تكرهوا ما في الجهاد من المشقة وهو خير لكم في أنكم تَغلبون وتَظفرون وتَغنمون وتُؤجرون، ومن مات مات شهيدا، وعسى أن تحبوا الدعة وترك القتال وهو شر لكم في أنكم تُغلبون وتذلون ويذهب أمركم ) ، قال القرطبي: ( وهذا صحيح لا غبار عليه، كما اتفق في بلاد الأندلس، تركوا الجهاد وجبنوا عن القتال وأكثروا من الفرار، فاستولى العدو على البلاد وأي بلاد؟ فقتل وأسر وسبى واسترق فإنا لله وإنا إليه راجعون، ذلك بما قدمت أيدينا وكسبته ) [20].
وفي بيان سبب القعود عن الجهاد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح حديث (( لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها )) : ( والحاصل أن المراد تسهيل أمر الدنيا وتعظيم أمر الجهاد. . . ) ، إلى أن قال: ( والنكتة في ذلك أن سبب التأخير عن الجهاد الميل إلى سبب من أسباب الدنيا، فنبه هذا المتأخر إن هذا القدر اليسير من الجنة أفضل من جميع ما في الدنيا ) اهـ [21].
ما سبق يدل على فضل الشهادة ووجوب قتال أئمة الكفر وأعوانهم، وأن ترك الجهاد والتعلق بالدنيا فيه الذل وضياع الأموال والأعراض والبلاد، وأن حب الشهادة والإقدام على الجهاد فيه العز والتمكين.
ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضل الناس مؤمن خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع منهما بشيء، كما روى أحمد في مسنده وغيره من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ألا أخبركم بخير الناس: رجل آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، ألا أخبركم بخير الناس منزلة بعده رجل معتزل في غنم أو غنيمة يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعبد الله لا يشرك به شيئا )) [22]، وفي رواية أخرى عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خطب الناس بتبوك: (( ما في الناس مثل رجل آخذ برأس فرسه يجاهد في سبيل الله عز وجل ويجتنب شرور الناس. . . الحديث )) [23].
فخير الناس منزلة من كان متأهبا للجهاد في سبيل الله تعالى يطلب الشهادة في مظانها كلما سمع هيعة الجهاد طار إليها حتى يأتيه أمر الله وهو على ذلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( خير معايش الناس لهم رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله ويطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه إليها يبتغي الموت أو القتل في مظانه. . . )) الحديث [24].
فمن بذل نفسه لله تعالى وقدمها في سبيل الله راضياً مختاراً فهو خير الناس بشهادة أصدق الخلق صلى الله عليه وسلم.
[10] سورة التوبة، الآية: 111.
[11] رواه أحمد والترمذي وابن ماجة بإسناد صحيح.
[12] راجع زاد المعاد، ج3/212. بتحقيق شعيب وعبد القادر الأرناؤوط.
[13] فتح الباري ج6/10.
[14] سورة الأنفال، الآية: 39.
[15] راجع البداية والنهاية، ج