عاصفة الشمال
02-01-2008, 03:31 AM
مع صوت حفيف الأشجار و على أنغام سيمفونية الشتاء البارد ...
تسلل الصقيع إلى أنامله الصغيرة المُلامسة لزجاج النافذة يبكي بصمت
كي لا تسمعه والدته و نظرات بائسة تترقب ماخلف النافذة .... يُصاحبه
تأملٌ عميق لـسكون الليل المتناثر في الخارج ..
إنه خالد الطفل البالغ من العمر سبع سنوات .. على صوته تنبهت أمه
و بلمسةٍ حانية هتفت له / مابكَ يا خالد ألم تنم بعد يابني ..!!
عندما شعر بإقتراب أمه أرتفع صوت بُكائه ...
ثم بلهجة المذعورة استكملت الأم // هل هناك مايؤلمكَ..
مابكَ أخبرني ..!!!
صمت قليلاً و بنبرةٍ حزينة أجاب :::
قد حضر الشتاء يا أمي لكن والدي لم يحضر.. أم أنكِ نسيتِ قولكِ لي //
سيأتي والدك في الشتاء القادم هاقد مضى شتاء و قدم شتاءٌ آخر و أبي
لم يحضر يا أمي.. أجل لم يحضر ..!!
ألم يشتاق إلي ّياله من أبٍ قاسي ... !
هنا قاطعته أمه // كفى ... كفى ..يا خالد إن والدكَ يحبك كثيرًا ..
أولم أخبرك بأنه سيحضر قريبًا كما وعدنا .. فأقتربت منه و هي تربت
على كتفيه الصغيرين و بإبتسامة حانية يشوبها الحزن ::
أم أنك نسيت ماكتبه لنا والدك في الرسالة الأخيرة ..!!
( خالد أيها الطفل المشاكس سأعـــود قريبًا يابني
و قد اشتريت لك لعبة جميلة لا يستحقها إلا طفل عبقري مثلك )...
أرأيت ياخالد والدك أحضر لك لعب كثيرة ومفاجأةٌ أخرى لمح عنها في رسائله
( الأم تتحدث و الطفل الصغير يرمقها بنظرةٍ توشحت باليأس من
طول الإنتظار و كأنه يقول // لا أريد لعبًا يا أمي أريد أبي فقط... أريد أبي ... ))
بعد ذلك أخذت الأم صغيرها بعد أن هدأته و بقيت تروي له الحكايات
عن والده و مدى تعلقه الشديد به حتى خلد إلى النوم ...
حتى عادت تتأمل في صغيرها بعد أن غلبه النوم.. ملامحه البريئة
ماذنبها كي تنتظر و تتألم ..إلى متى !!!!!
ثم استرسلت في الكتابة //
طال غيابك يا أبا خالد و استفهامات طفلنا العطشى لم أعد قادرة على سد رمقها
رسائلك تتأخر علينا .. و أخبارك شبه منقطعـــــة ...!!
سنواتٍ مرت و أنا أكتب كمًّا من الرسائل الوهمية و اقرأها على ابنك
بِزعم أنها منك.. و أحضر له من الهدايا و اللعب و اقول له / هذه من
والدك .. فكانت سعادته بها تخلق بنفسي فرحة لا تـُعادلها فرحة
و تهون عليّ ..و الآن يا أبا خالد لم أعد أحتمل و ابنك يكبر يومٌ بعد يوم
متى تعود لتنتهي التساؤلات ...!!!
و تبقى الإجابة الوحيدة هي وجودك و بقاؤكَ بجانبه .....
يا إلهي.. كل سنة أخبره بأنك ستعود إلينا من غربتك في الشتاء و مع
بلوغ كل شتاء تتكرر هذه القصة المأساوية... فكما أنت في غربة أنا و ابنك
كذلك في غربةٍ أخرى ... كفى يا أبا خالد غيابًا أرجوك مللت مللت .. !!
أغلقت دفتر مذكراتها الصغير الذي لم يحتمل همومها و طفلها خالد سواه
مالبثت أن انهمرت دموعها حزنًا على حالها وطفلها الصغير ..
بعد هذا الموقف الحزين مــرت أيامٌ و شهور ...
حتى جاء ذلك اليــوم و إذ بالباب يطرق ..
**من الطارق ؟؟
**منزل السيد / ......؟؟؟
**نعم ..
**وصلتكم رسالة بريدية منه ..
بـِـهلع واستغراب ردت ( أم خالد) // ماذا قلت ..!!!
ثم استطردت // حسنًا.. حسنًا ضعها عند الباب لو سمحت و شكرًا لك ..
ماهي إلا ثواني و اختطفت ( أم خالد ) الرسالة بعجلٍ و وجل ..
ثم نادت بأعلى صوتها // خالد... خالد ..رسالة عاجلة من والدك
حضر الصغير منتعشًا فرِحًا.... اقرأيها يا أمي أرجوكِ بسرعة.. بسرعة
سرعان مافتحت الأم الرسالة بيدين مرتعشتين لتقرأ مابها ////
(( السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
زوجتي العزيزة //
كيف حالكِ و ابني ( خالد ) مشتاق لكما
اعتذر عن إنقطاعي الفترة الماضية لِظروف العمل و صعوبة الإتصال ..
و أود أن أخبركِ عزيزتي أنني بخير و الحمدلله .. غير أنني
لن أحضر إلا في ( الشتاء القادم ) بإذن الله ..
تحياتي لكِ و لإبني الصغير / خالد
زوجكِ // .... )) ..
شعرت ( أم خالد ) و كأنها تعرضت لصــفعةٍ قوية
على وجهها ..و هي تردد بحزن // و بعد هذا الإنتظار الطويل
يا إلهي.. أيضًا الشتاء القادم .. الشتاء القادم..!!!
بينما ابنها الصغير ينتظر .. إلا أنه فهم مضمون الرسالة من تعابير وجه أمه
فلم ينبس بكلمةٍ بل سار نحـــو النافذة هامسًا بلغة الطفل البريئة
( أيّها الشتاء الطيب ... أخبرني متى سيأتي أبي..!!!)
على إثرها بقيت الأم متسمرة في مكانها و هي تقول بألم /
( رسالةٌ باردة ليست بأقسى برودة من هذا الشتاء القارس
لكن إلى متى ....إلى متى ...!!!))
ثم مـزقت الرسالة و هي تفكر بإعداد مضمون رسالةٍ جديدة
تـُهديء بها من روع إنتظار و قهر طفلها الصغير ...
على مـــوعدٍ آخر مع الشتاء القادم ..!!!!
****************
و مضـــة ::
كم من غائبٍ حاضر.. ..!!!
و ثمة حضور هو أشبه بـِ الغياب
و غـــربة روح داخل جسد وطن ..
متى تنتهي ..!!
في كِلا الحالتين يبقى الإنتظـار مسلكٌ يؤدي بنا
إمــا للأسوأ ..أو للأفضل ...!!!!
/
/
بقلم ::: العاصفــة.
تسلل الصقيع إلى أنامله الصغيرة المُلامسة لزجاج النافذة يبكي بصمت
كي لا تسمعه والدته و نظرات بائسة تترقب ماخلف النافذة .... يُصاحبه
تأملٌ عميق لـسكون الليل المتناثر في الخارج ..
إنه خالد الطفل البالغ من العمر سبع سنوات .. على صوته تنبهت أمه
و بلمسةٍ حانية هتفت له / مابكَ يا خالد ألم تنم بعد يابني ..!!
عندما شعر بإقتراب أمه أرتفع صوت بُكائه ...
ثم بلهجة المذعورة استكملت الأم // هل هناك مايؤلمكَ..
مابكَ أخبرني ..!!!
صمت قليلاً و بنبرةٍ حزينة أجاب :::
قد حضر الشتاء يا أمي لكن والدي لم يحضر.. أم أنكِ نسيتِ قولكِ لي //
سيأتي والدك في الشتاء القادم هاقد مضى شتاء و قدم شتاءٌ آخر و أبي
لم يحضر يا أمي.. أجل لم يحضر ..!!
ألم يشتاق إلي ّياله من أبٍ قاسي ... !
هنا قاطعته أمه // كفى ... كفى ..يا خالد إن والدكَ يحبك كثيرًا ..
أولم أخبرك بأنه سيحضر قريبًا كما وعدنا .. فأقتربت منه و هي تربت
على كتفيه الصغيرين و بإبتسامة حانية يشوبها الحزن ::
أم أنك نسيت ماكتبه لنا والدك في الرسالة الأخيرة ..!!
( خالد أيها الطفل المشاكس سأعـــود قريبًا يابني
و قد اشتريت لك لعبة جميلة لا يستحقها إلا طفل عبقري مثلك )...
أرأيت ياخالد والدك أحضر لك لعب كثيرة ومفاجأةٌ أخرى لمح عنها في رسائله
( الأم تتحدث و الطفل الصغير يرمقها بنظرةٍ توشحت باليأس من
طول الإنتظار و كأنه يقول // لا أريد لعبًا يا أمي أريد أبي فقط... أريد أبي ... ))
بعد ذلك أخذت الأم صغيرها بعد أن هدأته و بقيت تروي له الحكايات
عن والده و مدى تعلقه الشديد به حتى خلد إلى النوم ...
حتى عادت تتأمل في صغيرها بعد أن غلبه النوم.. ملامحه البريئة
ماذنبها كي تنتظر و تتألم ..إلى متى !!!!!
ثم استرسلت في الكتابة //
طال غيابك يا أبا خالد و استفهامات طفلنا العطشى لم أعد قادرة على سد رمقها
رسائلك تتأخر علينا .. و أخبارك شبه منقطعـــــة ...!!
سنواتٍ مرت و أنا أكتب كمًّا من الرسائل الوهمية و اقرأها على ابنك
بِزعم أنها منك.. و أحضر له من الهدايا و اللعب و اقول له / هذه من
والدك .. فكانت سعادته بها تخلق بنفسي فرحة لا تـُعادلها فرحة
و تهون عليّ ..و الآن يا أبا خالد لم أعد أحتمل و ابنك يكبر يومٌ بعد يوم
متى تعود لتنتهي التساؤلات ...!!!
و تبقى الإجابة الوحيدة هي وجودك و بقاؤكَ بجانبه .....
يا إلهي.. كل سنة أخبره بأنك ستعود إلينا من غربتك في الشتاء و مع
بلوغ كل شتاء تتكرر هذه القصة المأساوية... فكما أنت في غربة أنا و ابنك
كذلك في غربةٍ أخرى ... كفى يا أبا خالد غيابًا أرجوك مللت مللت .. !!
أغلقت دفتر مذكراتها الصغير الذي لم يحتمل همومها و طفلها خالد سواه
مالبثت أن انهمرت دموعها حزنًا على حالها وطفلها الصغير ..
بعد هذا الموقف الحزين مــرت أيامٌ و شهور ...
حتى جاء ذلك اليــوم و إذ بالباب يطرق ..
**من الطارق ؟؟
**منزل السيد / ......؟؟؟
**نعم ..
**وصلتكم رسالة بريدية منه ..
بـِـهلع واستغراب ردت ( أم خالد) // ماذا قلت ..!!!
ثم استطردت // حسنًا.. حسنًا ضعها عند الباب لو سمحت و شكرًا لك ..
ماهي إلا ثواني و اختطفت ( أم خالد ) الرسالة بعجلٍ و وجل ..
ثم نادت بأعلى صوتها // خالد... خالد ..رسالة عاجلة من والدك
حضر الصغير منتعشًا فرِحًا.... اقرأيها يا أمي أرجوكِ بسرعة.. بسرعة
سرعان مافتحت الأم الرسالة بيدين مرتعشتين لتقرأ مابها ////
(( السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
زوجتي العزيزة //
كيف حالكِ و ابني ( خالد ) مشتاق لكما
اعتذر عن إنقطاعي الفترة الماضية لِظروف العمل و صعوبة الإتصال ..
و أود أن أخبركِ عزيزتي أنني بخير و الحمدلله .. غير أنني
لن أحضر إلا في ( الشتاء القادم ) بإذن الله ..
تحياتي لكِ و لإبني الصغير / خالد
زوجكِ // .... )) ..
شعرت ( أم خالد ) و كأنها تعرضت لصــفعةٍ قوية
على وجهها ..و هي تردد بحزن // و بعد هذا الإنتظار الطويل
يا إلهي.. أيضًا الشتاء القادم .. الشتاء القادم..!!!
بينما ابنها الصغير ينتظر .. إلا أنه فهم مضمون الرسالة من تعابير وجه أمه
فلم ينبس بكلمةٍ بل سار نحـــو النافذة هامسًا بلغة الطفل البريئة
( أيّها الشتاء الطيب ... أخبرني متى سيأتي أبي..!!!)
على إثرها بقيت الأم متسمرة في مكانها و هي تقول بألم /
( رسالةٌ باردة ليست بأقسى برودة من هذا الشتاء القارس
لكن إلى متى ....إلى متى ...!!!))
ثم مـزقت الرسالة و هي تفكر بإعداد مضمون رسالةٍ جديدة
تـُهديء بها من روع إنتظار و قهر طفلها الصغير ...
على مـــوعدٍ آخر مع الشتاء القادم ..!!!!
****************
و مضـــة ::
كم من غائبٍ حاضر.. ..!!!
و ثمة حضور هو أشبه بـِ الغياب
و غـــربة روح داخل جسد وطن ..
متى تنتهي ..!!
في كِلا الحالتين يبقى الإنتظـار مسلكٌ يؤدي بنا
إمــا للأسوأ ..أو للأفضل ...!!!!
/
/
بقلم ::: العاصفــة.