بشير العصباني
02-10-2008, 05:31 AM
البحث عن النور
كالعادة ذاك هوالعم مفضي الرجل السبعيني في مزرعته الجميلة التي أخذت عليه شطر حياته وجل وقته ورغم التعب
والنصب الذي يكابده إلا أن محياه المتجعد يستهل بشرا على منظر تراقص شجرة التين التي غرسها أخوه الأصغر
مطلق وكل من بالجوار يدركون أن ارتباط العم مفضي بمزرعته متجذر وعميق إذ أنه يجد ذاته بين شجيراتها
ونخلاتها الباسقة فلايكاد يطيق فراقها لحظة واحدة ولولا ظلام المساء الذي يكبل بصره لظل فيها ولم يبرح مكانه منها
هاهو يعود أدراجه وكأنه مرغم ليرمي بجسده المنهك على فراشه وينام كالعادة على صوت المذياع وهولا يزال يحدث
نفسه بيوم جديد ليلثم ثرى مزرعته التي تعرف وطئ قدميه وتتحسس مشيته وتألف وخز عصاه فهي مدينة له بالجميل
وكأنها تدرك أنه هو من سقاها بعرق جبينه حتى صارت جنة تسر الناظرين مضى الليل بهدوء حتى صارت الساعة
في الثلث الأخير منه والعم مفضي مازال نائما واقترب موعد صياح الديك الذي أخترق حاجز الصمت من فوره لينتفض
الشيخ العجوز( كعصفور بله القطر) ويرفع عنه غطائه الذي يتدثر به مهللا ومكبرا ثم يخطو نحو الدلو العتيق الذي
لا يفارق البركة ليجتذب به سجلا من ماء فيتوضؤ ثم يتوكئ على الرفيقة عصاه (أم الجمايل )
كما يحلو له أن يسميها.......... (!!)
فكم حسمت لصالحه معارك شهيرة خاضها مع الأفاعي التي تصادفه أثناء تجواله في النواحي المخضرة ويستدل بها
ليتحسس موطن خطاه في الدلجة وبعد أن فرغ من طهوره مشى بسكينة ووقار ليقف بعد خطوات لا تتعدى الثلاثين على
عتبة صغيرة ليدير مزلاج بابها الذي يفضي به لباحة المسجد الطيني الذي
بناه بنفسه قبل ثلاث وخمسين سنة حيث بناه من اللبن وسقفه بجذوع النخل التي كانت من ذات مزرعته حتى فرشة
الــــــــــــــــــــــــحصـــير ...!!
تلك التي بداخله لم يستبدلها
بأي نوع من السجاد أو (الموكيت ) بتاتا لكونها وقف من زوجته أم مرشد ـ رحمها الله ـ التي خصفت ذلك
الحصير بيدها فصار قطعة واحدة متكاملة طولها أربعة أمتار وعرضها متر ونصف وأبو مرشد يفلها كل صلاة ثم يلفها
مرة أخرى حينما يخرج من مصلاه ورغم مررو السنين إلا أن تلك الحصيرة مازالت بحالة جيدة وها هوأبو مرشد يضع
سراجه الأزرق أمامه على رف مواجها للقبلة ثم يرفع صوته مناديا بالأذن وما إن توسط (الصلاة خير من النوم)
حتى خرج ......؟؟؟
أبويسري العامل المصري....!!
من غرفته يتابعه في الترديد لها ثم يخطو ليغترف من البركة ماء لطهوره مرددا عبارته المعتاده
(اصطبحنا واصطبح الملك لله، يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم)
****
حوار ريفي < أ >
أبويسري: داخل المسجد (السلام عليكم )
ـ العم مفضي: (وعليكم السلام)
ـ صباح الخير يا عم أبومرشد
ـ الله يصبحك بالخير يا أبويسري.
وبعد أن أتم أبو يسري صلاة الفجر جماعة مع العم مفضي أخذ بيده لينهض ـ السبعيني ـ بتثاقل متحاملا على نفسه
بجهد ومشقه معتمدا على رفيقته( أم الجمايل) بعد أن تأكد له أن أبا يسري لف الحصيرة بعناية مشيرا له بعصاه
أن ضعها بزاوية المسجد ففعل وخرج الأثنان من المسجدمتجاذبين أطراف الحديث الذي يمتزج به في تناغم تام
صوت شقشقة العصافير.
حوار ريفي < ب >
ـ أبو يسري: آها كيفك اليوم ياعم أبو مرشد إن شاء الله أحسن.
ـ العم مفضي: الحمدلله ابشرك بخير لكن مازال( الشوف شجر).
ـ أبويسري:آه هي العين مازالت في الوجع (إياه).
ـ العم مفضي: كأنك داري يا أبو يسري بس عسى الله يفرج الحال.
ثم إلتفت العم مفضي بحزم يكسوه ترفق وبسمة وقار
علي أبو يسري قائلا له :
ـ نبي همتك معنا ـ يا ابن النيل ـ لا زم ننتهي من جداد النخل اليوم.
ـ أبو يسري:(ما تشيل )هم يا عم مفضي ـ بإذن الله ـ نشطب قبل المغيب ؟؟.
يتبع رقم (2)
كالعادة ذاك هوالعم مفضي الرجل السبعيني في مزرعته الجميلة التي أخذت عليه شطر حياته وجل وقته ورغم التعب
والنصب الذي يكابده إلا أن محياه المتجعد يستهل بشرا على منظر تراقص شجرة التين التي غرسها أخوه الأصغر
مطلق وكل من بالجوار يدركون أن ارتباط العم مفضي بمزرعته متجذر وعميق إذ أنه يجد ذاته بين شجيراتها
ونخلاتها الباسقة فلايكاد يطيق فراقها لحظة واحدة ولولا ظلام المساء الذي يكبل بصره لظل فيها ولم يبرح مكانه منها
هاهو يعود أدراجه وكأنه مرغم ليرمي بجسده المنهك على فراشه وينام كالعادة على صوت المذياع وهولا يزال يحدث
نفسه بيوم جديد ليلثم ثرى مزرعته التي تعرف وطئ قدميه وتتحسس مشيته وتألف وخز عصاه فهي مدينة له بالجميل
وكأنها تدرك أنه هو من سقاها بعرق جبينه حتى صارت جنة تسر الناظرين مضى الليل بهدوء حتى صارت الساعة
في الثلث الأخير منه والعم مفضي مازال نائما واقترب موعد صياح الديك الذي أخترق حاجز الصمت من فوره لينتفض
الشيخ العجوز( كعصفور بله القطر) ويرفع عنه غطائه الذي يتدثر به مهللا ومكبرا ثم يخطو نحو الدلو العتيق الذي
لا يفارق البركة ليجتذب به سجلا من ماء فيتوضؤ ثم يتوكئ على الرفيقة عصاه (أم الجمايل )
كما يحلو له أن يسميها.......... (!!)
فكم حسمت لصالحه معارك شهيرة خاضها مع الأفاعي التي تصادفه أثناء تجواله في النواحي المخضرة ويستدل بها
ليتحسس موطن خطاه في الدلجة وبعد أن فرغ من طهوره مشى بسكينة ووقار ليقف بعد خطوات لا تتعدى الثلاثين على
عتبة صغيرة ليدير مزلاج بابها الذي يفضي به لباحة المسجد الطيني الذي
بناه بنفسه قبل ثلاث وخمسين سنة حيث بناه من اللبن وسقفه بجذوع النخل التي كانت من ذات مزرعته حتى فرشة
الــــــــــــــــــــــــحصـــير ...!!
تلك التي بداخله لم يستبدلها
بأي نوع من السجاد أو (الموكيت ) بتاتا لكونها وقف من زوجته أم مرشد ـ رحمها الله ـ التي خصفت ذلك
الحصير بيدها فصار قطعة واحدة متكاملة طولها أربعة أمتار وعرضها متر ونصف وأبو مرشد يفلها كل صلاة ثم يلفها
مرة أخرى حينما يخرج من مصلاه ورغم مررو السنين إلا أن تلك الحصيرة مازالت بحالة جيدة وها هوأبو مرشد يضع
سراجه الأزرق أمامه على رف مواجها للقبلة ثم يرفع صوته مناديا بالأذن وما إن توسط (الصلاة خير من النوم)
حتى خرج ......؟؟؟
أبويسري العامل المصري....!!
من غرفته يتابعه في الترديد لها ثم يخطو ليغترف من البركة ماء لطهوره مرددا عبارته المعتاده
(اصطبحنا واصطبح الملك لله، يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم)
****
حوار ريفي < أ >
أبويسري: داخل المسجد (السلام عليكم )
ـ العم مفضي: (وعليكم السلام)
ـ صباح الخير يا عم أبومرشد
ـ الله يصبحك بالخير يا أبويسري.
وبعد أن أتم أبو يسري صلاة الفجر جماعة مع العم مفضي أخذ بيده لينهض ـ السبعيني ـ بتثاقل متحاملا على نفسه
بجهد ومشقه معتمدا على رفيقته( أم الجمايل) بعد أن تأكد له أن أبا يسري لف الحصيرة بعناية مشيرا له بعصاه
أن ضعها بزاوية المسجد ففعل وخرج الأثنان من المسجدمتجاذبين أطراف الحديث الذي يمتزج به في تناغم تام
صوت شقشقة العصافير.
حوار ريفي < ب >
ـ أبو يسري: آها كيفك اليوم ياعم أبو مرشد إن شاء الله أحسن.
ـ العم مفضي: الحمدلله ابشرك بخير لكن مازال( الشوف شجر).
ـ أبويسري:آه هي العين مازالت في الوجع (إياه).
ـ العم مفضي: كأنك داري يا أبو يسري بس عسى الله يفرج الحال.
ثم إلتفت العم مفضي بحزم يكسوه ترفق وبسمة وقار
علي أبو يسري قائلا له :
ـ نبي همتك معنا ـ يا ابن النيل ـ لا زم ننتهي من جداد النخل اليوم.
ـ أبو يسري:(ما تشيل )هم يا عم مفضي ـ بإذن الله ـ نشطب قبل المغيب ؟؟.
يتبع رقم (2)