فهد فريج الوابصي
03-19-2008, 10:32 PM
ملخص
دورة التذوق الأدبي للشعر
هذه الدورة أقيمت في النادي الأدبي في تبوك مدتها ثلاث أيام من يوم السبت
7/3/1429هـ وكان مقدم الدورة الدكتور لؤي خليل أستاذ الأدب العربي
في جامعة تبوك.
وقد يسر الله لي حضور الدورة التي كانت ممتعة ومفيدة إلى حد أنني تعلقت
بالنادي الأدبي وأحببته وسوف احرص على حضور كل دورة أو محاضرة أو ندوة
تقام فيها بأذن الله .
يدور محور الدورة على تعريف المتدربين وتعليمهم القدرة على التمييز بين
النصوص الأدبية الرفيعة من غيرها و على معرفة ما الذي يجعل هذه القصيدة
ذات قيمة والأخرى ليست قيمة وكيف نتذوق الجمال في النصوص الأدبية.
وقد لخصتها في هذه الورقات عسى أن تشاركني بعض ما استفدته :
تكلم في البداية عن عناصر جماليات النص الأدبي:
.................................................. .......................................
الأول : التعبير المجازي والغير مباشر :وهذا العنصر هو الذي يحدد النص الأدبي
من عدمه فعندما نقول فرحت فرحا شديدا هذا تعبير حقيقي مباشر لا جمال فيه
أما عندما نقول تعبيرا عن الفرح (رأيته فرفرف قلبي ) فهذه عبارة مجازية
دلت على الفرح بأسلوب غير مباشر مما أعطى المعنى جمال وميزة .
يقول أبو ذؤيب الهذلي :
وإذا المنية أنشبت أظفارها*** ألفيت كل تميمة لا تنفع
فالمعنى المراد توصيله في هذا البيت هو أن الموت لا مفر منه ولا يرده شيء
لكن ما رأيكم هل هذا التعبير أجمل أم تشبيهه للموت بالوحش الكاسر
الذي ينشب أظفاره بقوة في ضحيته.
.................................................. ..................................................
الثاني :بث الروح الإنسانية في الأشياء أو ما يسمى بالتجسيد أو التشخيص
يقول الدكتور أن هذا الركن من أهم الأمور التي تترك في النفس أثرا .
ومثاله يقول أبو فراس الحمداني من سجنه وقد رأى حمامة :
أقول وقد ناحت بقربي حمامة*** أيا جارتا هل تشعرين بحالي
أيا جارتا ،ما أنصف الدهر بيننا*** تعالي أقاسمك الهموم ،تعالي
يقول النقاد أن جمال النص في بث الروح الإنسانية في الحمامة
وكأنها إنسانه تجاوره وتأن ومن ثم يخاطبها متسائلا هل تشعرين بحالي .
ومثال آخر في بث الروح الإنسانية يقول الشاعر الأندلسي أبو عثمان المصحفي
في وصف سفرجلة (وهي فاكهة لا أعرفها لكن يقول الدكتور
أنها تشبه البرتقالة والله اعلم) :
ومصفرة تختال في ثوب نرجس ***وتعبق عن مسك ذكى التنفس
لها ريح محبوب وقسوة قلبه*** ولون محب حلة السقم مكتس
فصفرتها من صفرتي مستعارة ***وأنفاسها في الطيب أنفاس مؤنسى
فلما استتمت في القضيب شبابها*** وحاكت لها الأنواء أبراد سندس
مددت يدي باللطف أبغى اقتطافها ***لأجعلها ريحانتي وسط مجلسي
وكان لها ثوب من الزغب أغبر ***يرف على جسم من التبر أملس
فلما تعرت في يدي من لباسها ***ولم تبق إلا في غلالة نرجس
ذكرت بها من لا أبوح بذكره*** فأذبلها في الكف حر تنفسي
ففي هذه القصيدة التي يصف فيها فاكهة السفرجل تظن انه يصف عشيقة
وهذا هو التشخيص للأشياء بحيث تبث الروح فيها .
.................................................. ................................
الثالث :كذلك من جماليات النص : جمال التخييل والتصوير لكن لابد أن تكون
مرتبطة بتجارب خاصة شخصية حتى تكون أكثر جمالا وأكثر قيمة .
يقول الدكتور أن التصوير والتخييل لا يبلغ مداه الأفضل إلا إذا كان عن
تجربة خاصة وقال أن القاص هو قناص صور والشاعر يفكر بالصورة .
وقال أن قصيدة المتنبي في الحمى بلغت غاية الجمال
حينما قالها عن تجربة شخصية بعد إصابته بها :
وزائرتي كأن بها حياء ***فليس تزور إلافي الظلام
بسطت لها المطارف والحشايا ***فعافتها ونامت في عظامي
يضيق الجلدعن نفسي وعنها ***فتوسعه بأنواع السقام
إذا مافارقتني.. غسّلتني ***كأنا عاكفان على حرام
كأن الصبح يطردها فتجري*** مدامعها بأربعة سجام
أراقب وقتها من غير شوق*** مراقبة المشوق المستهام
ويصدق وعدها.. والصدق شر ***إذا ألقاك.. في الكرب العظام
أبنت الدهر.. عندي كل بنت ***فكيف وصلت أنت.. من الزحام
جرحت مجرحاً.. لم يبق فيه *** مكان للسيوف.. ولا السهام
وقول النابغة الذبياني في قصيدته التي قالها في أحد الملوك يستعطفه (نسيت اسمه)
عندما هرب منه حين أراد قتله لما قيل انه تغزل في امرأته :
فإنك كالليل الذي هو مدركي *** وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
وهذا البيت يعد من أجمل الأبيات عند العرب ؛ وعندما تحدى حسان بن ثابت
النابغة وقال أنا اشعر منك قال له النابغة يا ابن أخي أنك لن تستطيع أن
تأتي بمثل هذا البيت . وهو في هذا البيت يشبه قدرة الملك على الإمساك
به وإدراكه كإدراك الليل كل من في الأرض .
.................................................. ............................
الرابع : ومن جماليات النص الأدبي جمال الإيقاع في القصيدة
وقال الدكتور أن الإيقاع لا يأتي من الوزن فقط وإنما من أمور كثيرة
كالتراكيب الغوية والألفاظ مع بعضها البعض حين تكمل الجو العام للنص
وقسم الإيقاع إلى قسمين :
إيقاع خارجي الوزن
إيقاع داخلي التراكيب والمفردات
وفي موقف طريف تحدى الدكتور الحضور بتفسير البيت التالي
قاص التجين شحاله بتريسه *** الـ فاخي فلم يستف بطاسية البرن
وابتدء بجائزة 10 ريال إلى أن وصل إلى الألف ريال لمن يفسر هذا البيت
فلم يتجرأ أحد في القاعة على المحاولة لصعوبته .وفي النهاية بين
أن هذا البيت لا معنى له ولكن أتى لبيان أن للشعر متعة شكلية
وإيقاع جميل بغض النظر عن المعنى .
ثم ذكر أمثلة على الإيقاع الداخلي
مثل قصيدة امرؤ القيس (إيقاع سريع) :
مكر مفر مقبل مدبر معًا ***كجلمود صخر حطه السيل من عل ِ
وإيقاع هادئ
مثل قصيدة الصمة القشيري في الحنين إلى صاحبته ريا ووطنه
وتعد من أجمل قيل في هذا الشأن :
حننت إلى ريا ونفسك باعدت ***مزارك من "ريا" وشعباكما معا
فما حسن أن تأتي الأمر طائعاً ***وتجزع إن داعي الصبابة أسمعا
كأنك بدع لم تر البين قبلها ***ولم تك بالآلاف قبل مفجعا
قِفا ودّعا نجداً ومن حل بالحمى*** وقل لنجد عندنا أن يودعا
بنفسي تلك الأرض ما أطيب الربا *** وما أحسن المصطاف والمتربعا
وليست عشيات الحمى برواجع *** إليك ولكن خل عينيك تدمعا
ولما رأيت البشر قد حال بيننا ***وجالت بنات الشوق في الصدر نزعا
بكت عيني اليسرى، فلما زجرتها ***عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
تلفتُّ نحو الحي حتى وجدتني*** وجعت من الإصغاء ليتا وأخدعا
سلام على الدنيا فما هي راحة ***واذا لم يكن شملي وشملكموا معا
وأذكر أيام الحمى ثم أنثني ***على كبدي في خشية أن تصدعا
كأنا خلقنا للنوى، وكأنما ***حرام على الأيام أن نتجمعا
.................................................. ...........................
دورة التذوق الأدبي للشعر
هذه الدورة أقيمت في النادي الأدبي في تبوك مدتها ثلاث أيام من يوم السبت
7/3/1429هـ وكان مقدم الدورة الدكتور لؤي خليل أستاذ الأدب العربي
في جامعة تبوك.
وقد يسر الله لي حضور الدورة التي كانت ممتعة ومفيدة إلى حد أنني تعلقت
بالنادي الأدبي وأحببته وسوف احرص على حضور كل دورة أو محاضرة أو ندوة
تقام فيها بأذن الله .
يدور محور الدورة على تعريف المتدربين وتعليمهم القدرة على التمييز بين
النصوص الأدبية الرفيعة من غيرها و على معرفة ما الذي يجعل هذه القصيدة
ذات قيمة والأخرى ليست قيمة وكيف نتذوق الجمال في النصوص الأدبية.
وقد لخصتها في هذه الورقات عسى أن تشاركني بعض ما استفدته :
تكلم في البداية عن عناصر جماليات النص الأدبي:
.................................................. .......................................
الأول : التعبير المجازي والغير مباشر :وهذا العنصر هو الذي يحدد النص الأدبي
من عدمه فعندما نقول فرحت فرحا شديدا هذا تعبير حقيقي مباشر لا جمال فيه
أما عندما نقول تعبيرا عن الفرح (رأيته فرفرف قلبي ) فهذه عبارة مجازية
دلت على الفرح بأسلوب غير مباشر مما أعطى المعنى جمال وميزة .
يقول أبو ذؤيب الهذلي :
وإذا المنية أنشبت أظفارها*** ألفيت كل تميمة لا تنفع
فالمعنى المراد توصيله في هذا البيت هو أن الموت لا مفر منه ولا يرده شيء
لكن ما رأيكم هل هذا التعبير أجمل أم تشبيهه للموت بالوحش الكاسر
الذي ينشب أظفاره بقوة في ضحيته.
.................................................. ..................................................
الثاني :بث الروح الإنسانية في الأشياء أو ما يسمى بالتجسيد أو التشخيص
يقول الدكتور أن هذا الركن من أهم الأمور التي تترك في النفس أثرا .
ومثاله يقول أبو فراس الحمداني من سجنه وقد رأى حمامة :
أقول وقد ناحت بقربي حمامة*** أيا جارتا هل تشعرين بحالي
أيا جارتا ،ما أنصف الدهر بيننا*** تعالي أقاسمك الهموم ،تعالي
يقول النقاد أن جمال النص في بث الروح الإنسانية في الحمامة
وكأنها إنسانه تجاوره وتأن ومن ثم يخاطبها متسائلا هل تشعرين بحالي .
ومثال آخر في بث الروح الإنسانية يقول الشاعر الأندلسي أبو عثمان المصحفي
في وصف سفرجلة (وهي فاكهة لا أعرفها لكن يقول الدكتور
أنها تشبه البرتقالة والله اعلم) :
ومصفرة تختال في ثوب نرجس ***وتعبق عن مسك ذكى التنفس
لها ريح محبوب وقسوة قلبه*** ولون محب حلة السقم مكتس
فصفرتها من صفرتي مستعارة ***وأنفاسها في الطيب أنفاس مؤنسى
فلما استتمت في القضيب شبابها*** وحاكت لها الأنواء أبراد سندس
مددت يدي باللطف أبغى اقتطافها ***لأجعلها ريحانتي وسط مجلسي
وكان لها ثوب من الزغب أغبر ***يرف على جسم من التبر أملس
فلما تعرت في يدي من لباسها ***ولم تبق إلا في غلالة نرجس
ذكرت بها من لا أبوح بذكره*** فأذبلها في الكف حر تنفسي
ففي هذه القصيدة التي يصف فيها فاكهة السفرجل تظن انه يصف عشيقة
وهذا هو التشخيص للأشياء بحيث تبث الروح فيها .
.................................................. ................................
الثالث :كذلك من جماليات النص : جمال التخييل والتصوير لكن لابد أن تكون
مرتبطة بتجارب خاصة شخصية حتى تكون أكثر جمالا وأكثر قيمة .
يقول الدكتور أن التصوير والتخييل لا يبلغ مداه الأفضل إلا إذا كان عن
تجربة خاصة وقال أن القاص هو قناص صور والشاعر يفكر بالصورة .
وقال أن قصيدة المتنبي في الحمى بلغت غاية الجمال
حينما قالها عن تجربة شخصية بعد إصابته بها :
وزائرتي كأن بها حياء ***فليس تزور إلافي الظلام
بسطت لها المطارف والحشايا ***فعافتها ونامت في عظامي
يضيق الجلدعن نفسي وعنها ***فتوسعه بأنواع السقام
إذا مافارقتني.. غسّلتني ***كأنا عاكفان على حرام
كأن الصبح يطردها فتجري*** مدامعها بأربعة سجام
أراقب وقتها من غير شوق*** مراقبة المشوق المستهام
ويصدق وعدها.. والصدق شر ***إذا ألقاك.. في الكرب العظام
أبنت الدهر.. عندي كل بنت ***فكيف وصلت أنت.. من الزحام
جرحت مجرحاً.. لم يبق فيه *** مكان للسيوف.. ولا السهام
وقول النابغة الذبياني في قصيدته التي قالها في أحد الملوك يستعطفه (نسيت اسمه)
عندما هرب منه حين أراد قتله لما قيل انه تغزل في امرأته :
فإنك كالليل الذي هو مدركي *** وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
وهذا البيت يعد من أجمل الأبيات عند العرب ؛ وعندما تحدى حسان بن ثابت
النابغة وقال أنا اشعر منك قال له النابغة يا ابن أخي أنك لن تستطيع أن
تأتي بمثل هذا البيت . وهو في هذا البيت يشبه قدرة الملك على الإمساك
به وإدراكه كإدراك الليل كل من في الأرض .
.................................................. ............................
الرابع : ومن جماليات النص الأدبي جمال الإيقاع في القصيدة
وقال الدكتور أن الإيقاع لا يأتي من الوزن فقط وإنما من أمور كثيرة
كالتراكيب الغوية والألفاظ مع بعضها البعض حين تكمل الجو العام للنص
وقسم الإيقاع إلى قسمين :
إيقاع خارجي الوزن
إيقاع داخلي التراكيب والمفردات
وفي موقف طريف تحدى الدكتور الحضور بتفسير البيت التالي
قاص التجين شحاله بتريسه *** الـ فاخي فلم يستف بطاسية البرن
وابتدء بجائزة 10 ريال إلى أن وصل إلى الألف ريال لمن يفسر هذا البيت
فلم يتجرأ أحد في القاعة على المحاولة لصعوبته .وفي النهاية بين
أن هذا البيت لا معنى له ولكن أتى لبيان أن للشعر متعة شكلية
وإيقاع جميل بغض النظر عن المعنى .
ثم ذكر أمثلة على الإيقاع الداخلي
مثل قصيدة امرؤ القيس (إيقاع سريع) :
مكر مفر مقبل مدبر معًا ***كجلمود صخر حطه السيل من عل ِ
وإيقاع هادئ
مثل قصيدة الصمة القشيري في الحنين إلى صاحبته ريا ووطنه
وتعد من أجمل قيل في هذا الشأن :
حننت إلى ريا ونفسك باعدت ***مزارك من "ريا" وشعباكما معا
فما حسن أن تأتي الأمر طائعاً ***وتجزع إن داعي الصبابة أسمعا
كأنك بدع لم تر البين قبلها ***ولم تك بالآلاف قبل مفجعا
قِفا ودّعا نجداً ومن حل بالحمى*** وقل لنجد عندنا أن يودعا
بنفسي تلك الأرض ما أطيب الربا *** وما أحسن المصطاف والمتربعا
وليست عشيات الحمى برواجع *** إليك ولكن خل عينيك تدمعا
ولما رأيت البشر قد حال بيننا ***وجالت بنات الشوق في الصدر نزعا
بكت عيني اليسرى، فلما زجرتها ***عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
تلفتُّ نحو الحي حتى وجدتني*** وجعت من الإصغاء ليتا وأخدعا
سلام على الدنيا فما هي راحة ***واذا لم يكن شملي وشملكموا معا
وأذكر أيام الحمى ثم أنثني ***على كبدي في خشية أن تصدعا
كأنا خلقنا للنوى، وكأنما ***حرام على الأيام أن نتجمعا
.................................................. ...........................