أبو ضحى
05-05-2008, 06:03 AM
قصة هنادي رائعة انشروها
هذه قصة حدثت لفتاة اسمها هنادي أصابها مرض شديد
وتحسنت كثيرا بحمد الله لكن لازالت تستخدم الكرسي المتحرك وهي شبه كفيفة
ورغم كل ذلك أصبحت داعية
أصدرت هي مطوية نشرت فيه قصتها ليتعظ الكل ، المطوية من إصدار مدار الوطن للنشر والتوزيع
وكذا أصبحت تلقي الكلمات الوعظية في دور التحفيظ
الآن أترككم مع هذه المطوية وأرجو من الكل نشرها في المنتديات
أو شراءها وتوزيعها لكي يشعر الناس بنعمة الصحة ويحمدوا الله عليها ولكي يحرصوا خدمة دينهم
ويدعوا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة فهاهي هنادي قد أصبحت داعية رغم حالتها المرضية وما تعرضت له من آلام فما بال الأصحاء
يقصرون في خدمة الدين ولو بأفكار دعوية بسيطة المجال متاح والأفكار كثيرة فهيا نشمر لخدمة الدين
الآن مع هذه المطوية الرائعة :
وأما بنعمة ربك فحدث
إعداد : هنادي سليمان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة ..فله الحمد في الأولى والآخرة والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين
للنعم أثر ..للنعم لذة ... للنعم مذاق خاص ولكن لمن عرفها وأدى شكرها
وللنعم أيضا مذاق خاص لمن افتقدها ..
قد يتعجب القارئ من هذه المقدمة وهذه الكلمات التي ابتدأت بها ولكن
لعل السطور تُفصح وتُبين عن سبب كتابتها ..
.
النعم وما أدراك ما النعم !! إن النعم التي تحيط بنا ونتقلب فيها صباح
مساء نعم كثيرة وأقول بصراحة : قد تغمرنا غمرا حتى تكاد ألا نُحس
بها فضلا عمن يعصي الإله بها
ولعل من أعظم النعم بعد الإسلام نعمة الصحة والعافية ..لا تسلني
عن عظمها وعن علو قدرها فقد عشت التجربة وخضت غمارها
وبين يديك قصتي أكتبها بقلمي وهي تنبع من حبر قلبي حبرتها عظة
وعبرة آيات لقوم يعقلون وهي من باب الذكرى والتحدث بالنعمة
( وأما بنعمة ربك فحدث ) (الضحى : 11)
...
أنا فتاة أبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة أصابني مرض شديد
عندما كنت في المرحلة الثانوية وقد أعاقني هذا المرض عن إكمال
دراستي وتحقيق أمنياتي فطالما تمنيت أن أكمل دراستي وأدخل إحدى
الكليات الشرعية وأتخرج فيهاداعية إلى الله على علم وبصيرة , لقد أصابني المرض وكان فيه أعظم درس لي ؛ بل أعظم شهادة أخذتها من الحياة ..
...........
بداية المرض
بدأ المرض فجأة وبدون أية مقدمات فقد افتقدت جزءا من الذاكرة كم كان يختل توازني !
وعندما أريد المشي أتمايل ولا أثبت وبعدها لاأدري عما يحدث فقد قالوا لي : إنك عجزت عن القيام والحركة فجأة .
. لم تعد لي الذاكرة إلا وأنا في حالة المرض الشديد ، لقد افتقدت فيه نعما والله لاأعد فقدها شيئا عند نعمة الإسلام أََوَ لم نقرأ : (( أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم )) ( الملك :22)
...
نعمة الحركة
مما افتقدته من النعم نعمة الحركة وهي من أعظم النعم التي يتلذذ بها الإنسان ( من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)!!!
كنت أعجز عن المشي بل عن الحركة الطبيعية البسيطة .. أعجز عن رفع يدي إلى فمي ..
من تعجز عن الحركة هل ستلذذ بأداء طاعة أو عبادة ؟؟
إن الحركة قد تكون نعمة لصاحبها وقد تكون نقمة إذا كانت حركات المرء في معصية الله
يالها من لحظات كنت أتمنى أن أطأطئ الرأس فيها ساجدة أو راكعة
طالما تمنيت رفع يداي لأراهما أمامي وأنا أدعو الله
إذن أقدمها دعوة ... دعوة من أعماق القلب إلى تقوى الله في هذه النعمة واستغلالها فيما هو
بر وطاعة
...
على السرير الأبيض :
لبثت أياما وساعات طوال في المستشفى ولقد رأيت مارأيت في ذلك المكان إذ لم أكن إلا جسدا ملقى على ذلك السرير الأبيض واللباس الأبيض
..كم تمنيت يوما رفع يدي لأغطي وجهي إذا أتى الأطباء من حولي يمنة ويسرة ..
كم تمنيت ستر جسدي وقد كان العلاج يستدعي كشف أجزاء من جسدي فلم أتوقع يوما ما أن أتكشف أمام الرجال ولكن للضرورة أحكام من سماحة الإسلام .. لقد عُملت لي أكثر من مرة عملية صعبة في الظهر لأخذ عينة من النخاع الشوكي .
فقد كانت تستلزم البقاء على الظهر ست ساعات بعد إجراء العملية ، فهل رأيتِ كيف يقضي المرضى الساعات الطوال لإتمام العلاج ، والبعض منا يقضي الساعات الطوال في معصية الله ..
وأيضا ادخلت في الأشعة المغناطيسية فما خرجت منها إلا وقد تذكرت أعظم منزل سوف يمر بنا وهو القبر ؛ لأنها تشبه شكله فكان أعظم شيء يذكرني بالآخرة ..
..
موقف آلمني :
أيضا رأيت من المرضى من هم أعظم مني مرضا فمنهم تلك الفتاة الصغيرة التي عجزت عن الحركة تماما وعن الكلام وكان شعرها
طويلا جدا فعندما عجزوا عن تمشيط شعرها اضطروا إلى قصه فكانت تنظر إلى شعرها وهو يقص أمامها وتتحسر عليه
لكنها لا تستطيع الكلام فكيف ببعض الأخوات من تحملها قدماها للذهاب إلى المشاغل لتقص هذا الشعر بأبشع القصات المحرمة .
....
إلى منزلنا :
بعد ذلك خرجت من المستشفى إلى منزلنا فكنت أُخدم ولا أخدم
حتى عند قضاء الحاجة – أكرمكم الله – فلا أستطيع الذهاب إلى دورة المياه فأي نعمة يتقلب قيها الأصحاء وقد لا يشعرون !!
فلا تنسي نفسك من هذا الدعاء الذي من قاله في صباحه أدى شكر يومه ومن قاله حين يمسي أدى شكر ليلته:
( اللهم ما أصبح – أو ما أمسى بي – من نعمة أو بأحد من خلقك
فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر )
... ..... ....
تساؤلات ؟؟
ياترى هل التعبير عما في النفس نعمة ؟ هل الكتابة والإفصاح
عمل نريد نعمة ؟
إليك الجواب :
أثناء مرضي عجزت يدي عن الكتابة وهي نعمة يتلذذ بها
الإنسان في بعض أحواله ، وعجزت أيضا عن الكلام بطلاقة فعندما
أريد التعبير لا أجد ممن حولي يفهم ما أريد ، وفي بعض الأحيان
تفهمني أمي – جزاها الله خيرا – يا له من نعمة عظيمة هذا
اللسان ، هذه العضلة الصغيرة تتحرك بلا أذى ولا ألم وبسرعة
فتُفصح عما في النفس ...
يا الله كم يعُصى الإله بها .. غيبة ونميمة ، وكما أنه يُعصى الله
بها فهو يطاع ، الاستغفار والذكر والتسبيح وتأمل قد يأتي الإنسان
يوم القيامة ولديه أمثال الجبال من الحسنات فيقول : أنى لي
هذه فيقال : هذا تسبيحك واستغفارك وذكرك الله عزو وجل – بلسانك .
مرارة الفقدان :
ومن النعم الجليلة نعمة البصر فقد أحسست بمرارة فقدها في فترة المرض وإن لم يكن فقدي للبصر كاملا فقد كنت أرى بشكل غير واضح فلا أرى إلا الضوء ولكن لا أدري ما أمامي ثم بعد ذلك
تحسن النظر وأصبحت أرى الصورة الواحدة اثنتين فصار عندي ما يسمى بازدواجية البصر ..
ياإلهي ..إذا اشتاقت النفس لقراءة القرآن ووضع المصحف بين يدي رأيت الحروف متداخلة فهنيئا ثم هنيئا لأهل الصحة والعافية هنيئا لهم تلذذهم بكلام ربهم ، وكما قال أحد السلف : ماتلذذ المتلذذون بشيء مثل ذكر الله
يا الله كم يعصى الله بهذه النعمة !! أين من يقضي الأوقات وهو يقلب النظر في القنوات ينظر ويمعن النظر وقد قال تعالى : (( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ))( النور :30)
ياترى ألم يعمل بأن الله يراه وأنه محاسب على كل دقيقة تمر وعن كل ضخة دم يضخها القلب إلى أن تصل
إلى هذه العين وهي ناظرة
( ألم نجعل له عينين ، ولساناً وشفتين ، وهديناه النجدين ) ( البلد : 8-10)
......
وما أدراك ما السمع ؟
والآن مع نعمة السمع .. وماأدراك ماالسمع؟! يترتب عليه مصالح ومنافع كثيرة ،
عندما افتقدت نعمة السمع علمت حقا قدرها لقد كنت لا أسمع إلا همساً كم تمنيت وقتها سماع ما تنشرح به الضدور ، وتزول به الهموم ، وتطمئن به القلوب كلام علام الغيوب ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) ( الرعد : 28)
أين هم الذين بحثوا عن الطمأنينة في سماع المعازف والأغنيات ومع ذلك لايبالون حلال أم حرام !!!
(.... يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ..)
نعمة السمع كم هم الذين سخروها في معصية فقابلوا إحسان المنعم بسوء .
هيا لنفق من غفلة ؛ فننكر المنكر الذي نسمع من غيبة وغيرها فمن رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة ..
...
حتى الشوكة :
وهناك نعمة عظيمة قد ينساها أو يتناساها البعض ألا وهي نعمة الإحساس بالألم نعم والله عظيمة فإذا أحس الإنسان بأي ألم في جسده ، كفر الله من خطاياه كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه )
الإحساس يساعد الإنسان على إبعاد الأذى عنه أو الابتعاد عنه ...
عندما كنت في مرضي احترق جزء من جسدي ولم أشعر ؛ لأن الإحساس كان معدوما فكنت في المستشفى وقد وضعوا لي بعض الكمادات الحارة على بطني لأجل العلاج فاحترق جزء من بطني ولم أحس بهذا الحرق ولو كنت أحسست بشدة حرارتها لما تركتها تحرقني ..
....
الحياة :
الحياة نعمة فنحمد الله أننا مازلنا على قيد الحياة ..أنفاسنا لن تعود وأعمارنا تطوى
فكم ممن في القبور يتمنى الرجوع إلى هذه الحياة أياما .
إذن هي دعوة للعمل الصالح واستغلال لحظات الحياة ..
كم تعرق مني الجبين أثناء المرض .. كم فترت قواي .. كم ضاق النفس وبردت الأطراف فظننت حينها أن حياتي انقضت ، أمي تظن أني في احتضار .
أشعر ببكائها ودعواتها ، وتلك الأخت التي قالت : دعيني أقرأ عليها وأرقيها لعلها لم تحتضر فبدأت تقرأ علي حتى غشاني النوم ، أفقت بعدها وقد ظننت أنني سأكون في قبري .. فأحمد الله أن زادني بسطة في الوقت ، فالعمل العمل قبل حلول الأجل شعارا أجعله لنفسي وأومئ به للأصحاء من حولي .
...
حمد وثناء :
أحمد الله أن منّ عليّ بالشفاء بعد مرض دام أربع سنوات ، أحمده حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه ..
أحمده سبحانه أن بارك لي في وقتي وأن يسر لي ألذ شيء يتمتع به قلبي وله الأثر على جوارحي
كلام الكريم الرحمن ، الذي مازلت متعلقة به وإن كان المرض يعاودني فأنسى
ماحفظت فتكرر ذلك مرارا أسأل الله لي ولكم حفظ القرآن وأن يجعله ربيع قلوبنا
وجلاء همومنا وذهاب أسقامنا
.... ....... .....
وختاما إليك همسات :
1- تفكر فيمن حولك لتزداد يقينا وإيمانا وثباتا ..نعم تترى تشكرها بنعمه ( الإسلام ، الصحة
اللسان ،و عمل الجوارح )
2- - همسة في أذن المتبرجة ترى لو كنت مكاني في المرض لاقدر الله هل ستفتني الرجال من حولك بتمايلك في مشيتك والتفنن في حجابك !!
3-الصحة والفراغ نعمة أضيفي لها زمن الشباب ليكون الوقت العامر بطاعة الله ..
4- دروس الحياة مفيدة لمن يتعقلها ويستفيد من الأحداث
5- العقل نعمة من حقها التفكر والتفكير فيما يرضي الله
6- - همسة للمرضى .. نية المؤمن أبلغ من عمله ابني آمالا ولا يعيقك المرض فأنت قادرة على الإنتاج وتحصيل الأجور ..
7- الصبر همسة لكل مبتلى ..
8- استفيدي من الأحداث فقد تخرجت داعيةإلى الله وتحقق الأمل ولكن من مدرسة الحياة بعد توفيق الله ..
وهمسات بين طيات السطور
جعلني وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
......
مدار الوطن للنشر والتوزيع
هذه قصة حدثت لفتاة اسمها هنادي أصابها مرض شديد
وتحسنت كثيرا بحمد الله لكن لازالت تستخدم الكرسي المتحرك وهي شبه كفيفة
ورغم كل ذلك أصبحت داعية
أصدرت هي مطوية نشرت فيه قصتها ليتعظ الكل ، المطوية من إصدار مدار الوطن للنشر والتوزيع
وكذا أصبحت تلقي الكلمات الوعظية في دور التحفيظ
الآن أترككم مع هذه المطوية وأرجو من الكل نشرها في المنتديات
أو شراءها وتوزيعها لكي يشعر الناس بنعمة الصحة ويحمدوا الله عليها ولكي يحرصوا خدمة دينهم
ويدعوا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة فهاهي هنادي قد أصبحت داعية رغم حالتها المرضية وما تعرضت له من آلام فما بال الأصحاء
يقصرون في خدمة الدين ولو بأفكار دعوية بسيطة المجال متاح والأفكار كثيرة فهيا نشمر لخدمة الدين
الآن مع هذه المطوية الرائعة :
وأما بنعمة ربك فحدث
إعداد : هنادي سليمان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة ..فله الحمد في الأولى والآخرة والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين
للنعم أثر ..للنعم لذة ... للنعم مذاق خاص ولكن لمن عرفها وأدى شكرها
وللنعم أيضا مذاق خاص لمن افتقدها ..
قد يتعجب القارئ من هذه المقدمة وهذه الكلمات التي ابتدأت بها ولكن
لعل السطور تُفصح وتُبين عن سبب كتابتها ..
.
النعم وما أدراك ما النعم !! إن النعم التي تحيط بنا ونتقلب فيها صباح
مساء نعم كثيرة وأقول بصراحة : قد تغمرنا غمرا حتى تكاد ألا نُحس
بها فضلا عمن يعصي الإله بها
ولعل من أعظم النعم بعد الإسلام نعمة الصحة والعافية ..لا تسلني
عن عظمها وعن علو قدرها فقد عشت التجربة وخضت غمارها
وبين يديك قصتي أكتبها بقلمي وهي تنبع من حبر قلبي حبرتها عظة
وعبرة آيات لقوم يعقلون وهي من باب الذكرى والتحدث بالنعمة
( وأما بنعمة ربك فحدث ) (الضحى : 11)
...
أنا فتاة أبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة أصابني مرض شديد
عندما كنت في المرحلة الثانوية وقد أعاقني هذا المرض عن إكمال
دراستي وتحقيق أمنياتي فطالما تمنيت أن أكمل دراستي وأدخل إحدى
الكليات الشرعية وأتخرج فيهاداعية إلى الله على علم وبصيرة , لقد أصابني المرض وكان فيه أعظم درس لي ؛ بل أعظم شهادة أخذتها من الحياة ..
...........
بداية المرض
بدأ المرض فجأة وبدون أية مقدمات فقد افتقدت جزءا من الذاكرة كم كان يختل توازني !
وعندما أريد المشي أتمايل ولا أثبت وبعدها لاأدري عما يحدث فقد قالوا لي : إنك عجزت عن القيام والحركة فجأة .
. لم تعد لي الذاكرة إلا وأنا في حالة المرض الشديد ، لقد افتقدت فيه نعما والله لاأعد فقدها شيئا عند نعمة الإسلام أََوَ لم نقرأ : (( أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم )) ( الملك :22)
...
نعمة الحركة
مما افتقدته من النعم نعمة الحركة وهي من أعظم النعم التي يتلذذ بها الإنسان ( من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)!!!
كنت أعجز عن المشي بل عن الحركة الطبيعية البسيطة .. أعجز عن رفع يدي إلى فمي ..
من تعجز عن الحركة هل ستلذذ بأداء طاعة أو عبادة ؟؟
إن الحركة قد تكون نعمة لصاحبها وقد تكون نقمة إذا كانت حركات المرء في معصية الله
يالها من لحظات كنت أتمنى أن أطأطئ الرأس فيها ساجدة أو راكعة
طالما تمنيت رفع يداي لأراهما أمامي وأنا أدعو الله
إذن أقدمها دعوة ... دعوة من أعماق القلب إلى تقوى الله في هذه النعمة واستغلالها فيما هو
بر وطاعة
...
على السرير الأبيض :
لبثت أياما وساعات طوال في المستشفى ولقد رأيت مارأيت في ذلك المكان إذ لم أكن إلا جسدا ملقى على ذلك السرير الأبيض واللباس الأبيض
..كم تمنيت يوما رفع يدي لأغطي وجهي إذا أتى الأطباء من حولي يمنة ويسرة ..
كم تمنيت ستر جسدي وقد كان العلاج يستدعي كشف أجزاء من جسدي فلم أتوقع يوما ما أن أتكشف أمام الرجال ولكن للضرورة أحكام من سماحة الإسلام .. لقد عُملت لي أكثر من مرة عملية صعبة في الظهر لأخذ عينة من النخاع الشوكي .
فقد كانت تستلزم البقاء على الظهر ست ساعات بعد إجراء العملية ، فهل رأيتِ كيف يقضي المرضى الساعات الطوال لإتمام العلاج ، والبعض منا يقضي الساعات الطوال في معصية الله ..
وأيضا ادخلت في الأشعة المغناطيسية فما خرجت منها إلا وقد تذكرت أعظم منزل سوف يمر بنا وهو القبر ؛ لأنها تشبه شكله فكان أعظم شيء يذكرني بالآخرة ..
..
موقف آلمني :
أيضا رأيت من المرضى من هم أعظم مني مرضا فمنهم تلك الفتاة الصغيرة التي عجزت عن الحركة تماما وعن الكلام وكان شعرها
طويلا جدا فعندما عجزوا عن تمشيط شعرها اضطروا إلى قصه فكانت تنظر إلى شعرها وهو يقص أمامها وتتحسر عليه
لكنها لا تستطيع الكلام فكيف ببعض الأخوات من تحملها قدماها للذهاب إلى المشاغل لتقص هذا الشعر بأبشع القصات المحرمة .
....
إلى منزلنا :
بعد ذلك خرجت من المستشفى إلى منزلنا فكنت أُخدم ولا أخدم
حتى عند قضاء الحاجة – أكرمكم الله – فلا أستطيع الذهاب إلى دورة المياه فأي نعمة يتقلب قيها الأصحاء وقد لا يشعرون !!
فلا تنسي نفسك من هذا الدعاء الذي من قاله في صباحه أدى شكر يومه ومن قاله حين يمسي أدى شكر ليلته:
( اللهم ما أصبح – أو ما أمسى بي – من نعمة أو بأحد من خلقك
فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر )
... ..... ....
تساؤلات ؟؟
ياترى هل التعبير عما في النفس نعمة ؟ هل الكتابة والإفصاح
عمل نريد نعمة ؟
إليك الجواب :
أثناء مرضي عجزت يدي عن الكتابة وهي نعمة يتلذذ بها
الإنسان في بعض أحواله ، وعجزت أيضا عن الكلام بطلاقة فعندما
أريد التعبير لا أجد ممن حولي يفهم ما أريد ، وفي بعض الأحيان
تفهمني أمي – جزاها الله خيرا – يا له من نعمة عظيمة هذا
اللسان ، هذه العضلة الصغيرة تتحرك بلا أذى ولا ألم وبسرعة
فتُفصح عما في النفس ...
يا الله كم يعُصى الإله بها .. غيبة ونميمة ، وكما أنه يُعصى الله
بها فهو يطاع ، الاستغفار والذكر والتسبيح وتأمل قد يأتي الإنسان
يوم القيامة ولديه أمثال الجبال من الحسنات فيقول : أنى لي
هذه فيقال : هذا تسبيحك واستغفارك وذكرك الله عزو وجل – بلسانك .
مرارة الفقدان :
ومن النعم الجليلة نعمة البصر فقد أحسست بمرارة فقدها في فترة المرض وإن لم يكن فقدي للبصر كاملا فقد كنت أرى بشكل غير واضح فلا أرى إلا الضوء ولكن لا أدري ما أمامي ثم بعد ذلك
تحسن النظر وأصبحت أرى الصورة الواحدة اثنتين فصار عندي ما يسمى بازدواجية البصر ..
ياإلهي ..إذا اشتاقت النفس لقراءة القرآن ووضع المصحف بين يدي رأيت الحروف متداخلة فهنيئا ثم هنيئا لأهل الصحة والعافية هنيئا لهم تلذذهم بكلام ربهم ، وكما قال أحد السلف : ماتلذذ المتلذذون بشيء مثل ذكر الله
يا الله كم يعصى الله بهذه النعمة !! أين من يقضي الأوقات وهو يقلب النظر في القنوات ينظر ويمعن النظر وقد قال تعالى : (( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ))( النور :30)
ياترى ألم يعمل بأن الله يراه وأنه محاسب على كل دقيقة تمر وعن كل ضخة دم يضخها القلب إلى أن تصل
إلى هذه العين وهي ناظرة
( ألم نجعل له عينين ، ولساناً وشفتين ، وهديناه النجدين ) ( البلد : 8-10)
......
وما أدراك ما السمع ؟
والآن مع نعمة السمع .. وماأدراك ماالسمع؟! يترتب عليه مصالح ومنافع كثيرة ،
عندما افتقدت نعمة السمع علمت حقا قدرها لقد كنت لا أسمع إلا همساً كم تمنيت وقتها سماع ما تنشرح به الضدور ، وتزول به الهموم ، وتطمئن به القلوب كلام علام الغيوب ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) ( الرعد : 28)
أين هم الذين بحثوا عن الطمأنينة في سماع المعازف والأغنيات ومع ذلك لايبالون حلال أم حرام !!!
(.... يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ..)
نعمة السمع كم هم الذين سخروها في معصية فقابلوا إحسان المنعم بسوء .
هيا لنفق من غفلة ؛ فننكر المنكر الذي نسمع من غيبة وغيرها فمن رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة ..
...
حتى الشوكة :
وهناك نعمة عظيمة قد ينساها أو يتناساها البعض ألا وهي نعمة الإحساس بالألم نعم والله عظيمة فإذا أحس الإنسان بأي ألم في جسده ، كفر الله من خطاياه كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه )
الإحساس يساعد الإنسان على إبعاد الأذى عنه أو الابتعاد عنه ...
عندما كنت في مرضي احترق جزء من جسدي ولم أشعر ؛ لأن الإحساس كان معدوما فكنت في المستشفى وقد وضعوا لي بعض الكمادات الحارة على بطني لأجل العلاج فاحترق جزء من بطني ولم أحس بهذا الحرق ولو كنت أحسست بشدة حرارتها لما تركتها تحرقني ..
....
الحياة :
الحياة نعمة فنحمد الله أننا مازلنا على قيد الحياة ..أنفاسنا لن تعود وأعمارنا تطوى
فكم ممن في القبور يتمنى الرجوع إلى هذه الحياة أياما .
إذن هي دعوة للعمل الصالح واستغلال لحظات الحياة ..
كم تعرق مني الجبين أثناء المرض .. كم فترت قواي .. كم ضاق النفس وبردت الأطراف فظننت حينها أن حياتي انقضت ، أمي تظن أني في احتضار .
أشعر ببكائها ودعواتها ، وتلك الأخت التي قالت : دعيني أقرأ عليها وأرقيها لعلها لم تحتضر فبدأت تقرأ علي حتى غشاني النوم ، أفقت بعدها وقد ظننت أنني سأكون في قبري .. فأحمد الله أن زادني بسطة في الوقت ، فالعمل العمل قبل حلول الأجل شعارا أجعله لنفسي وأومئ به للأصحاء من حولي .
...
حمد وثناء :
أحمد الله أن منّ عليّ بالشفاء بعد مرض دام أربع سنوات ، أحمده حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه ..
أحمده سبحانه أن بارك لي في وقتي وأن يسر لي ألذ شيء يتمتع به قلبي وله الأثر على جوارحي
كلام الكريم الرحمن ، الذي مازلت متعلقة به وإن كان المرض يعاودني فأنسى
ماحفظت فتكرر ذلك مرارا أسأل الله لي ولكم حفظ القرآن وأن يجعله ربيع قلوبنا
وجلاء همومنا وذهاب أسقامنا
.... ....... .....
وختاما إليك همسات :
1- تفكر فيمن حولك لتزداد يقينا وإيمانا وثباتا ..نعم تترى تشكرها بنعمه ( الإسلام ، الصحة
اللسان ،و عمل الجوارح )
2- - همسة في أذن المتبرجة ترى لو كنت مكاني في المرض لاقدر الله هل ستفتني الرجال من حولك بتمايلك في مشيتك والتفنن في حجابك !!
3-الصحة والفراغ نعمة أضيفي لها زمن الشباب ليكون الوقت العامر بطاعة الله ..
4- دروس الحياة مفيدة لمن يتعقلها ويستفيد من الأحداث
5- العقل نعمة من حقها التفكر والتفكير فيما يرضي الله
6- - همسة للمرضى .. نية المؤمن أبلغ من عمله ابني آمالا ولا يعيقك المرض فأنت قادرة على الإنتاج وتحصيل الأجور ..
7- الصبر همسة لكل مبتلى ..
8- استفيدي من الأحداث فقد تخرجت داعيةإلى الله وتحقق الأمل ولكن من مدرسة الحياة بعد توفيق الله ..
وهمسات بين طيات السطور
جعلني وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
......
مدار الوطن للنشر والتوزيع