محمد العصباني
06-25-2008, 06:27 AM
ربط استشاري أمراض تنفسيـّة سعودي ـ في مقاربة أدبية لا تخلو من الطرافة ـ بين مرض الربو وبين القصة التراثية المروية عن ميسون بنت بجدل الكلبية التي تزوجها الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان وأسكنها قصراً في دمشق.
وفيما تشير القصة إلى أن الكلبية تململت من حياة الترف واشتاقت إلى بساطة حياة البادية، فإن الدكتور عبدالعزيز النويصر يرى في قصيدتها التي يتذاكرها المهتمون بتراث الأدب إشارات إلى أعراض مرضية تخصّ مرض الربو، ويستنطق النصّ المشهور واضعاً يده على احتمالات وقائية عبّرت عنها الشاعرة الأموية بوضوح.
الدكتور النويصر يعمل في مستشفى الملك فهد التخصصي في الدمام، وقد أمضى سنواتٍ طويلة في أبحاث مرض الربو وعلاجاته والوقاية منه والتوعية به. وهو يفسّر النص بناءً على فرضية تفيد بإصابة قرينة الخليفة الأمويّ بمرض الربو، مستدلاً بشواهد من قصيدتها المشهورة.
وبجرأة متخصص يتوقف عند الشواهد رابطاً بينها وبين مسبّبات المشاكل التنفسية ومثيرات الربو.
ويقول الدكتور النويصر لـ"الوطن" إن عدداً من أبيات ميسون الكلبية تحمل معاني نعتبرها، نحن الأطباء، من وسائل الوقاية من الربو وتجنب مثيرات الجهاز التحسسي الخاص بالتنفس. وفي هذا السياق يشير النويصر إلى أن بيت الكلبية القائل:
لبيتٌ تخفقُ الأرياحُ فيهِ
أحبّ إليّ من قصر ٍ منيفِ
يحمل مضمون الحاجة إلى الهواء الحرّ في بيت الشعر البدوي، خاصة أن مشاكل الجهاز التنفسي مرتبط بعضها بـالمدنية وحياة الترف، وبالذات داخل المباني التي لا تتمتع بتهوية تعادل وضع تهوية البيت البدويّ. واستناداً إلى فهم بيئة المنزل طبياً يُرجح الدكتور النويصر أن يكون أثاث القصر الذي سكنته زوجة الخليفة مصدر متاعب أشعرتها بالاختناق. ويوضّح "حتى الأثاث الفاخر يمكن أن تسكنه العثـّة، وهي كائن مجهري يتكاثر في البيئة المغلقة والرطبة، ويسبّب مشاكل تنفسية لمرضى الربو، بل إنه من مسبّباته أيضاً".
وفي تصوّر نظري استنتاجي يربط النويصر بين البيت السابق وبيت لاحق يقول:
خشونة عيشتي في البدو أشهى
إلى نفسي من العيش الظريف
ومع أنه لا يستبعد الحنين بوصفه حالة نفسية؛ فإنه يشير، من جانب آخر، إلى أن "خشونة" العيش ليست وحدها الداعي إلى الحنين، فـ "الربو يمكن أن ينشط بسبب البقاء في بيئة المنزل المغلقة، في حين يقلّ نشاطه في البيئة المفتوحة، كما يقل بفضل حركة الجسم في بيئات الهواء النقي".
ويضيف "والصحراء نموذج حقيقي لنقاء الهواء، خاصة في الزمن القديم".
لكن الدكتور النويصر يمسك بشاهد ثالث من شواهد مشكلة الربو لدى الشاعرة العربية؛ وذلك في بيتها القائل:
وكلب ينبح الطرّاق دوني
أحبّ إليّ من قط أليف ِ
ويشدّد على النصيحة التي يقدمها الأطباء دائماً للمصابين بالربو، وللآباء والأمّهات الذين لديهم أطفال مصابون بالمرض، منبّهاً إلى أن وجود الحيوانات والطيور في بيئة المنزل واحدٌ من الأسباب والمثيرات أيضاً.
وتأتي القطط الأليفة في صدارة قائمة الحيوانات التي يمكن أن يسبب وجودها في المنزل مشكلة مرضية. وفيما يخصّ ميسون الكلبية؛ فإن الدكتور النويصر يربط بين وجود الكلب في البيئة المفتوحة وبين وجود القط الأليف في البيئة المغلقة، ويستنتج، نظرياً، أن تفضيل الكلب على القط يمكن أن يكون عائداً للمشكلة الصحية التي تعانيها زوجة الخليفة.
وعلى الرغم من هذه الاحتمالات؛ فإن استشاري الأمراض التنفسية بمستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام يعود ليؤكد أنها "احتمالات نظرية" لا يمكن الجزم بها علمياً، وفي الوقت ذاته لا يمكن تجاهلها
hr
في الحقيقة جميلٌ من هذا الدكتور أن يجمع بين الطب والأدب فقراءته لهذه القصيدة المشهورة جدًا يدل على شجاعة وإقدام يتحلى بها .
فهل سنشهد في الأيام القادمة شجاعةً للتعرض لمثل هذه النصوص القديمة التي درسناها وتمت قراءتها بشكل أدبي بحت وقراءتها من جديد وبشكل جديد عما هو متعارفٌ عليه ؟؟
الجواب ستحمله لنا الأيام القادمة .
كل التقدير لهذا النويصـــر .
والسلام عليكم
وفيما تشير القصة إلى أن الكلبية تململت من حياة الترف واشتاقت إلى بساطة حياة البادية، فإن الدكتور عبدالعزيز النويصر يرى في قصيدتها التي يتذاكرها المهتمون بتراث الأدب إشارات إلى أعراض مرضية تخصّ مرض الربو، ويستنطق النصّ المشهور واضعاً يده على احتمالات وقائية عبّرت عنها الشاعرة الأموية بوضوح.
الدكتور النويصر يعمل في مستشفى الملك فهد التخصصي في الدمام، وقد أمضى سنواتٍ طويلة في أبحاث مرض الربو وعلاجاته والوقاية منه والتوعية به. وهو يفسّر النص بناءً على فرضية تفيد بإصابة قرينة الخليفة الأمويّ بمرض الربو، مستدلاً بشواهد من قصيدتها المشهورة.
وبجرأة متخصص يتوقف عند الشواهد رابطاً بينها وبين مسبّبات المشاكل التنفسية ومثيرات الربو.
ويقول الدكتور النويصر لـ"الوطن" إن عدداً من أبيات ميسون الكلبية تحمل معاني نعتبرها، نحن الأطباء، من وسائل الوقاية من الربو وتجنب مثيرات الجهاز التحسسي الخاص بالتنفس. وفي هذا السياق يشير النويصر إلى أن بيت الكلبية القائل:
لبيتٌ تخفقُ الأرياحُ فيهِ
أحبّ إليّ من قصر ٍ منيفِ
يحمل مضمون الحاجة إلى الهواء الحرّ في بيت الشعر البدوي، خاصة أن مشاكل الجهاز التنفسي مرتبط بعضها بـالمدنية وحياة الترف، وبالذات داخل المباني التي لا تتمتع بتهوية تعادل وضع تهوية البيت البدويّ. واستناداً إلى فهم بيئة المنزل طبياً يُرجح الدكتور النويصر أن يكون أثاث القصر الذي سكنته زوجة الخليفة مصدر متاعب أشعرتها بالاختناق. ويوضّح "حتى الأثاث الفاخر يمكن أن تسكنه العثـّة، وهي كائن مجهري يتكاثر في البيئة المغلقة والرطبة، ويسبّب مشاكل تنفسية لمرضى الربو، بل إنه من مسبّباته أيضاً".
وفي تصوّر نظري استنتاجي يربط النويصر بين البيت السابق وبيت لاحق يقول:
خشونة عيشتي في البدو أشهى
إلى نفسي من العيش الظريف
ومع أنه لا يستبعد الحنين بوصفه حالة نفسية؛ فإنه يشير، من جانب آخر، إلى أن "خشونة" العيش ليست وحدها الداعي إلى الحنين، فـ "الربو يمكن أن ينشط بسبب البقاء في بيئة المنزل المغلقة، في حين يقلّ نشاطه في البيئة المفتوحة، كما يقل بفضل حركة الجسم في بيئات الهواء النقي".
ويضيف "والصحراء نموذج حقيقي لنقاء الهواء، خاصة في الزمن القديم".
لكن الدكتور النويصر يمسك بشاهد ثالث من شواهد مشكلة الربو لدى الشاعرة العربية؛ وذلك في بيتها القائل:
وكلب ينبح الطرّاق دوني
أحبّ إليّ من قط أليف ِ
ويشدّد على النصيحة التي يقدمها الأطباء دائماً للمصابين بالربو، وللآباء والأمّهات الذين لديهم أطفال مصابون بالمرض، منبّهاً إلى أن وجود الحيوانات والطيور في بيئة المنزل واحدٌ من الأسباب والمثيرات أيضاً.
وتأتي القطط الأليفة في صدارة قائمة الحيوانات التي يمكن أن يسبب وجودها في المنزل مشكلة مرضية. وفيما يخصّ ميسون الكلبية؛ فإن الدكتور النويصر يربط بين وجود الكلب في البيئة المفتوحة وبين وجود القط الأليف في البيئة المغلقة، ويستنتج، نظرياً، أن تفضيل الكلب على القط يمكن أن يكون عائداً للمشكلة الصحية التي تعانيها زوجة الخليفة.
وعلى الرغم من هذه الاحتمالات؛ فإن استشاري الأمراض التنفسية بمستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام يعود ليؤكد أنها "احتمالات نظرية" لا يمكن الجزم بها علمياً، وفي الوقت ذاته لا يمكن تجاهلها
hr
في الحقيقة جميلٌ من هذا الدكتور أن يجمع بين الطب والأدب فقراءته لهذه القصيدة المشهورة جدًا يدل على شجاعة وإقدام يتحلى بها .
فهل سنشهد في الأيام القادمة شجاعةً للتعرض لمثل هذه النصوص القديمة التي درسناها وتمت قراءتها بشكل أدبي بحت وقراءتها من جديد وبشكل جديد عما هو متعارفٌ عليه ؟؟
الجواب ستحمله لنا الأيام القادمة .
كل التقدير لهذا النويصـــر .
والسلام عليكم