عبدالعزيز الرواشده
08-01-2008, 07:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
كتب عبدالله بن بخيت في جريدة الجزيرة عدد الاثنين 26-7-1429 هـ مقالاً يقترح فيه
إيقاف الدعوة إلى الله وإغلاق بعض مدارس القرآن خوفاً من انتشار الفكر الإرهابي
والتكفيري بزعمه؛ حيث قال: (الإرهاب مثل الميكروبات المخادعة تعيد تشكيل نفسها، لا
تلغيها المضادات الحيوية، لا يلغيها سوى البيئة المطهرة النظيفة. المعركة الحقيقية
ليست بالسلاح وليست بالخطب والمواعظ وليست بالمناصحة).
كأنه يقول البيئة المطهرة هي النظيفة من الخطب والمواعظ والمناصحة؛ لأن هذه الأمور
بزعمه تولد الإرهاب. وهذا من قلب الحقائق؛ فالخطب والمواعظ والمناصحة هي التي
تعالج الأفكار المنحرفة، وهي طريقة الأنبياء والمرسلين والناصحين.
ثم قال: (على سبيل المثال إذا كان هناك مَن يصر على بقاء ما يسمى بالمراكز الصيفية
فيجب أن تتغير هذه المراكز جذرياً، يجب إلغاء أي شيء اسمه محاضرة من برامجها، وأن
يُكتفى فيها بالأنشطة الرياضية والفنية، على أن تُسند إدارتها بالكامل إلى الأندية
الرياضية ورعاية الشباب).
ونقول للكاتب: نحن - ولله الحمد - في مجتمع مسلم، نعالج فيه مشاكلنا بالكتاب والسنة
والسَيْر على منهج الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح، وكان النبي صلى الله
عليه وسلم وأصحابه يعالجون المشاكل بالخطب والمحاضرات والبيان الواضح من الكتاب والسنة، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها.
والإرهاب لا تعالجه الأندية الرياضية وإنما تعالجه المحاضرات المفيدة والمواعظ الناصحة؛ لأن الإرهاب يرتكز على شبهات لا يكشفها ويعالجها إلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله
عليه وسلم وبواسطة العلماء الربانيين، وهذه المحاضرات والمناصحة والمواعظ مكانها
في المراكز الصيفية وتجمعات الشباب في العطلة الدراسية؛ حيث لم يبق مجال غيرها
بمناسبة إغلاق المدارس والمعاهد والكليات.
ثم قال: (وبعض مدارس تحفيظ القرآن وغيرها من الأماكن التي تنطوي على بُعد
ديني..).
وهل البُعد الديني فيه محذور؟ ونقول للكاتب: عيِّن هذا البعض من مدارس تحفيظ القرآن، وحدِّد ما لاحظته عليها من انحراف فكري وإلا فالاتهام بالجزاف غير مقبول.
والقرآن الكريم لا ينشأ عن حفظه ودراسته إلا الخير؛ قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} الإسراء الآية 9. وأمة لا ترتبط بالقرآن ارتباطاً كاملاً ليس لها حظ من الهداية الربانية. وقولك: وغيرها من الأماكن التي تنطوي على بُعد ديني أيّاً كان هذا
البُعد - أقول: كأن الكاتب عنده عقدة من الدين والتدين؛ فهو يريد التخلص منه ومن أهله. وإلا فما ذنب الدين والتدين حتى يحاول الكاتب من الناس الابتعاد عنه؟! إن ديننا - ولله الحمد - دين قيم ملة إبراهيم السمحة المعتدلة، لا إفراط فيها ولا تفريط، ولا يصلح المجتمعات إلا الدين الصحيح.
ويريد الكاتب أن تكون علاقة الناس برجال الدين علاقة دينية أبوية لا علاقة فكرية قيادية،
وأن تختفي وظيفة الداعية من الوجود، مع إبطال أي تجمع يقوم على فكر ديني.. ونقول: كأن الكاتب يريد فصل الدين عن الفكر القيادي، وهذا مذهب علماني باطل يخالف قول الله
تعالى: {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} سورة النحل الآية (123)، {مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} سورة الحج
الآية (78)، {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ} سورة يوسف الآية (38).
وقول الكاتب: وأن تختفي وظيفة الداعية. هكذا يريد إيقاف الدعوة إلى الله التي هي
ميزة هذه الأمة؛ قال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} سورة آل عمران الآية (104)، وقال تعالى:
{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} سورة النحل الآية (125)، وقال تعالى لنبيه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ
وَمَنِ اتَّبَعَنِي} سورة يوسف الآية (108)، إلى غير ذلك من الآيات.
وعلى أي شيء يقوم الدين بدون الدعوة، وبأي شيء تحارَب الأفكار المنحرفة بدون
الدعوة الصحيحة القائمة على منهج الكتاب والسنة؟! والنبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من الدعوة التي تُبعدنا عن ديننا وأخبرنا بأنه سيأتي في آخر الزمان دعاة على أبواب جهنم مَنْ أطاعهم قذفوه فيها، قيل صفهم لنا يا رسول الله، قال: هم قوم من
جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا.
فلا بد من وجود الدعاة، إما إلى الخير وإما إلى الشر. هذا وإني أنبه الكاتب وغيره إلى أنه سيبقى للحق دعاته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم). فليكن من دعاة الخير لا من دعاة الشر.
وفّق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
كتبه: د.صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
كتب عبدالله بن بخيت في جريدة الجزيرة عدد الاثنين 26-7-1429 هـ مقالاً يقترح فيه
إيقاف الدعوة إلى الله وإغلاق بعض مدارس القرآن خوفاً من انتشار الفكر الإرهابي
والتكفيري بزعمه؛ حيث قال: (الإرهاب مثل الميكروبات المخادعة تعيد تشكيل نفسها، لا
تلغيها المضادات الحيوية، لا يلغيها سوى البيئة المطهرة النظيفة. المعركة الحقيقية
ليست بالسلاح وليست بالخطب والمواعظ وليست بالمناصحة).
كأنه يقول البيئة المطهرة هي النظيفة من الخطب والمواعظ والمناصحة؛ لأن هذه الأمور
بزعمه تولد الإرهاب. وهذا من قلب الحقائق؛ فالخطب والمواعظ والمناصحة هي التي
تعالج الأفكار المنحرفة، وهي طريقة الأنبياء والمرسلين والناصحين.
ثم قال: (على سبيل المثال إذا كان هناك مَن يصر على بقاء ما يسمى بالمراكز الصيفية
فيجب أن تتغير هذه المراكز جذرياً، يجب إلغاء أي شيء اسمه محاضرة من برامجها، وأن
يُكتفى فيها بالأنشطة الرياضية والفنية، على أن تُسند إدارتها بالكامل إلى الأندية
الرياضية ورعاية الشباب).
ونقول للكاتب: نحن - ولله الحمد - في مجتمع مسلم، نعالج فيه مشاكلنا بالكتاب والسنة
والسَيْر على منهج الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح، وكان النبي صلى الله
عليه وسلم وأصحابه يعالجون المشاكل بالخطب والمحاضرات والبيان الواضح من الكتاب والسنة، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها.
والإرهاب لا تعالجه الأندية الرياضية وإنما تعالجه المحاضرات المفيدة والمواعظ الناصحة؛ لأن الإرهاب يرتكز على شبهات لا يكشفها ويعالجها إلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله
عليه وسلم وبواسطة العلماء الربانيين، وهذه المحاضرات والمناصحة والمواعظ مكانها
في المراكز الصيفية وتجمعات الشباب في العطلة الدراسية؛ حيث لم يبق مجال غيرها
بمناسبة إغلاق المدارس والمعاهد والكليات.
ثم قال: (وبعض مدارس تحفيظ القرآن وغيرها من الأماكن التي تنطوي على بُعد
ديني..).
وهل البُعد الديني فيه محذور؟ ونقول للكاتب: عيِّن هذا البعض من مدارس تحفيظ القرآن، وحدِّد ما لاحظته عليها من انحراف فكري وإلا فالاتهام بالجزاف غير مقبول.
والقرآن الكريم لا ينشأ عن حفظه ودراسته إلا الخير؛ قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} الإسراء الآية 9. وأمة لا ترتبط بالقرآن ارتباطاً كاملاً ليس لها حظ من الهداية الربانية. وقولك: وغيرها من الأماكن التي تنطوي على بُعد ديني أيّاً كان هذا
البُعد - أقول: كأن الكاتب عنده عقدة من الدين والتدين؛ فهو يريد التخلص منه ومن أهله. وإلا فما ذنب الدين والتدين حتى يحاول الكاتب من الناس الابتعاد عنه؟! إن ديننا - ولله الحمد - دين قيم ملة إبراهيم السمحة المعتدلة، لا إفراط فيها ولا تفريط، ولا يصلح المجتمعات إلا الدين الصحيح.
ويريد الكاتب أن تكون علاقة الناس برجال الدين علاقة دينية أبوية لا علاقة فكرية قيادية،
وأن تختفي وظيفة الداعية من الوجود، مع إبطال أي تجمع يقوم على فكر ديني.. ونقول: كأن الكاتب يريد فصل الدين عن الفكر القيادي، وهذا مذهب علماني باطل يخالف قول الله
تعالى: {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} سورة النحل الآية (123)، {مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} سورة الحج
الآية (78)، {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ} سورة يوسف الآية (38).
وقول الكاتب: وأن تختفي وظيفة الداعية. هكذا يريد إيقاف الدعوة إلى الله التي هي
ميزة هذه الأمة؛ قال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} سورة آل عمران الآية (104)، وقال تعالى:
{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} سورة النحل الآية (125)، وقال تعالى لنبيه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ
وَمَنِ اتَّبَعَنِي} سورة يوسف الآية (108)، إلى غير ذلك من الآيات.
وعلى أي شيء يقوم الدين بدون الدعوة، وبأي شيء تحارَب الأفكار المنحرفة بدون
الدعوة الصحيحة القائمة على منهج الكتاب والسنة؟! والنبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من الدعوة التي تُبعدنا عن ديننا وأخبرنا بأنه سيأتي في آخر الزمان دعاة على أبواب جهنم مَنْ أطاعهم قذفوه فيها، قيل صفهم لنا يا رسول الله، قال: هم قوم من
جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا.
فلا بد من وجود الدعاة، إما إلى الخير وإما إلى الشر. هذا وإني أنبه الكاتب وغيره إلى أنه سيبقى للحق دعاته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم). فليكن من دعاة الخير لا من دعاة الشر.
وفّق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
كتبه: د.صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء