ابراهيم بن علي العثماني
01-15-2003, 09:52 PM
لما دخل المسلمون الفاتحون بلاد الأندلس كانوا قد انصهروا في بوتقة الإسلام حيث كان شعارهم ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )
و لهذا كانوا لا يتعصبون لفارق جنس أو لون .... بل كان معيارهم في المفاضلة بين الناس هو المعيار الإسلامي .. و هو التقوى و العمل الصالح .. ولهذا انضووا جميعاً تحت راية واحدة .. و عملوا معاً لتحقيق هدف واحد .. و كانوا جميعاً و بلا غضاضة تحت قيادة .. طارق بن زياد .. ذي النسب غير العربي ( قيل فارسي الأصل و قيل بربري )
و نتيجة لهذا الشعور .. و هو التجرد عن التعصب للجنس .. والنزعة القبلية .. والسعي لنشر الدين .. استطاع أولئك القوم أن يكتسحوا أرض العدو .. و أن ينشروا هذا الدين في شبه جزيرة أيبيريا .. بل إنهم رأوا أن الأندلس وحدها لا تكفي و أن عليهم أن يتوغلوا في أراضي العدو .. حتى كانت القسطنطينة هدفاً عند قائدهم .. موسى بن نصير .
هكذا كان واقع مسلمي الأندلس خلال القرن الأول الهجري .. فلما انتهى ذلك القرن و تعاقب على بلاد الأندلس عدد من الولاة في أعقاب خلافة الخليفة الأموي عمر بن عبدا لعزيز .. بدأت عوامل الضعف تنخر في المجتمع الإسلامي بالأندلس .. و كان أشدها فتكاً به .. روح العصبية القبلية .. التي ظهرت للعيان منذ العقد الأول من القرن الثاني الهجري ...
فقد آثر .. الهيثم بن عبدا لله الكناني .. قومه على اليمنيين .. مما أثار اليمنيين الذين أعلنوا العصيان ضد الدولة .. فاضطر الخليفة الأموي ... هشام بن عبدالملك إلى عزله و معاقبته عقاباً صارماً ..
هكذا كانت بدايات ظهور العصبية القبلية بالأندلس .. وما لبثت حتى استشرت بين العرب أنفسهم .. ولم يمضي وقت طويل حتى كشرت العصبية القبلية بين المسلمين في الأندلس عن أنيابها .. و بدأت تنخر في المجتمع الإسلامي ... وهذا بلا شك أثر على واقع المسلمين .. رغم ما بذله بعض الحكام في الأندلس من جهود للقضاء على هذا الداء .. و كان في مقدمتهم .. الخليفة عبدالرحمن الناصر ... حيث دفع ثمن ذلك غالياً في معركة الخندق حينما تغيرت نفوس العرب ضده .. ( أحمد مختار العبادي .. تاريخ المغرب و الأندلس )
و حينما تولى .. المنصور ابن أبي عامر .. الأمر .. عزم على القضاء على أكبر خطر في هذا الميدان .. و هو خطر العصبية القبلية العربية في بلاد الأندلس .. حيث فرق شمل القبائل العربية .. و منعهم من الجهاد .. و ألزمهم إعطاء الأموال على قدر إمكانهم .. فهمش العرب و ابرز في المقابل .. البربر .. و المماليك ... حتى يضعف قوة العرب .. و يحدث توازن في انتماءات الجنود ... ليضمن تعدد الأعراق المتكافئة داخل الجند .. فيصعب الخروج عليه ..
استفاد البربر من هذا الإجراء ...و حققوا مكاسب كبيرة .. و استمر الوضع على هذا الحال .. حتى عهد عبدالرحمن بن أبي عامر ... وحينما أطل عهد المهدي ( سنة 399 هـ ) دخلت العصبية القبلية بالأندلس منعطفاً خطيراً ..حيث أظهر بغضه للبربر .. و بهذا فتح باب الفتنة على مصرعيه ...
فقد تشدد في دخول البربر إلى القصر .. و أمر بأن يجردوا من سلاحهم .. و كما كانوا يهانون بالألفاظ السيئة .. و لم يسلم حتى زعمائهم من هذا الأذى ..
بل و تطور الأمر إلى .. ملاحقتهم .. و الفتك بهم .. و وضع جائزة .. لكل من يأتي برأس بربري ...
فتسارع أهل قرطبة في قتل من قدروا عليه ... فدخلوا على ... وسنار البرزالي ... و كان ممن له أثار جميلة في الجهاد .. فذبح على فراشه في داره ... و دخلوا على رجل صالح فذبحوه في داره ... و نهبت ديار البربر .. و هتك حريمهم ... و سبي نسائهم ....
هكذا كانت بداية ذلك التحول الخطير بين أجناس المجتمع الإسلامي بالأندلس .. وعلى الرغم من أن جذور تلك الأخلاق الجاهلية قد بدأت منذ زمن بعيد في بلاد الأندلس .. حيث كانت في بداية أمرها كانت بين العرب أنفسهم ... فإن كثيراً من المؤرخين يحملون المهدي مسؤولية كبيرة في هذا العمل المشين و لهذا قال عنه ....
ابن حيان ( مفرق الجماعة في قرطبة .. و مبتعث تلك الفتنة المبيرة )
كما وصفه ابن الأبار ( باعث الفتنة بالأندلس و موقد نارها الخامدة .. و شاهر سيفها المغمد ... و أول من أرث نارها و أورث شنارها )
و نتيجة لذلك العمل ... خرج البربر ... على المهدي .. و أظهروا العصيان .. و بدؤوا يخططون للإطاحة به ... فلما علم المهدي بذلك .. أراد التقرب إليهم .. بأن يصلح ما أفسده .. و أعطاهم الأمان ... ولكن ...
لم يأبه البربر ( خارج قرطبة ) .. بهذا الأمر .. رغم أن المهدي كتب لهم الأمان ... فتجمعوا في قلعة رباح .. و بدؤوا ينظمون أنفسهم .. ثم التفوا حول سليمان بن عبدالرحمن الناصر و بايعوه و لقبوه بـ ( المستعين بالله ) ..
هكذا تطور الخلاف بين المسلمين بسبب النزعات العصبية الجاهلية .. و هذا أدى إلى حرب أهلية بين المسلمين أنفسهم ..
و قد استغل النصارى هذا الخلاف فأذكوا ناره .. و حاولوا الإستفادة منه قدر المستطاع و تسخيره لخدمة مصالحهم .. ليثأروا للنصرانية المهزومة في ذلك الوقت ...
و قد جاءت الفرصة مواتية للنصارى .. حين طلب البربر .. المساعدة منهم .. ضد المهدي .. و طلب المهدي من النصارى .. الصلح على أن يعطيهم ما أحبوا من مدن الأندلس ...
بهذه العروض الدنيئة التي تلقاها .. ملك النصارى .. من بعض زعما مسلمي الأندلس الذين غرقوا في مستنقع العصبية القبلية .. أصبح ذلك الزعيم سيد الموقف .. ففضل نصرة البربر على العرب ... و شرط عليهم أن يعطوه إذا ظفروا ما أحب من مدائن الأندلس .. فقبلوا ذلك ..
و كان هدف النصارى من تفضيل .. البربر على العرب .. هو استمرار الحروب الأهلية بين المسلمين .. فلو لم يناصر البربر .. لهزموا لأنهم قلة .. و انتهت بذلك الحروب الأهلية .. فأمدهم بالمال و العتاد ..
فدخل تحالف البربر مع النصارى حروب ضد المهدي فانتصروا عليه في النهاية .. و بايعوا المستعين خليفة في قرطبة و ذلك في .. 17 ربيع الأول سنة 400هـ
و لهذا كانوا لا يتعصبون لفارق جنس أو لون .... بل كان معيارهم في المفاضلة بين الناس هو المعيار الإسلامي .. و هو التقوى و العمل الصالح .. ولهذا انضووا جميعاً تحت راية واحدة .. و عملوا معاً لتحقيق هدف واحد .. و كانوا جميعاً و بلا غضاضة تحت قيادة .. طارق بن زياد .. ذي النسب غير العربي ( قيل فارسي الأصل و قيل بربري )
و نتيجة لهذا الشعور .. و هو التجرد عن التعصب للجنس .. والنزعة القبلية .. والسعي لنشر الدين .. استطاع أولئك القوم أن يكتسحوا أرض العدو .. و أن ينشروا هذا الدين في شبه جزيرة أيبيريا .. بل إنهم رأوا أن الأندلس وحدها لا تكفي و أن عليهم أن يتوغلوا في أراضي العدو .. حتى كانت القسطنطينة هدفاً عند قائدهم .. موسى بن نصير .
هكذا كان واقع مسلمي الأندلس خلال القرن الأول الهجري .. فلما انتهى ذلك القرن و تعاقب على بلاد الأندلس عدد من الولاة في أعقاب خلافة الخليفة الأموي عمر بن عبدا لعزيز .. بدأت عوامل الضعف تنخر في المجتمع الإسلامي بالأندلس .. و كان أشدها فتكاً به .. روح العصبية القبلية .. التي ظهرت للعيان منذ العقد الأول من القرن الثاني الهجري ...
فقد آثر .. الهيثم بن عبدا لله الكناني .. قومه على اليمنيين .. مما أثار اليمنيين الذين أعلنوا العصيان ضد الدولة .. فاضطر الخليفة الأموي ... هشام بن عبدالملك إلى عزله و معاقبته عقاباً صارماً ..
هكذا كانت بدايات ظهور العصبية القبلية بالأندلس .. وما لبثت حتى استشرت بين العرب أنفسهم .. ولم يمضي وقت طويل حتى كشرت العصبية القبلية بين المسلمين في الأندلس عن أنيابها .. و بدأت تنخر في المجتمع الإسلامي ... وهذا بلا شك أثر على واقع المسلمين .. رغم ما بذله بعض الحكام في الأندلس من جهود للقضاء على هذا الداء .. و كان في مقدمتهم .. الخليفة عبدالرحمن الناصر ... حيث دفع ثمن ذلك غالياً في معركة الخندق حينما تغيرت نفوس العرب ضده .. ( أحمد مختار العبادي .. تاريخ المغرب و الأندلس )
و حينما تولى .. المنصور ابن أبي عامر .. الأمر .. عزم على القضاء على أكبر خطر في هذا الميدان .. و هو خطر العصبية القبلية العربية في بلاد الأندلس .. حيث فرق شمل القبائل العربية .. و منعهم من الجهاد .. و ألزمهم إعطاء الأموال على قدر إمكانهم .. فهمش العرب و ابرز في المقابل .. البربر .. و المماليك ... حتى يضعف قوة العرب .. و يحدث توازن في انتماءات الجنود ... ليضمن تعدد الأعراق المتكافئة داخل الجند .. فيصعب الخروج عليه ..
استفاد البربر من هذا الإجراء ...و حققوا مكاسب كبيرة .. و استمر الوضع على هذا الحال .. حتى عهد عبدالرحمن بن أبي عامر ... وحينما أطل عهد المهدي ( سنة 399 هـ ) دخلت العصبية القبلية بالأندلس منعطفاً خطيراً ..حيث أظهر بغضه للبربر .. و بهذا فتح باب الفتنة على مصرعيه ...
فقد تشدد في دخول البربر إلى القصر .. و أمر بأن يجردوا من سلاحهم .. و كما كانوا يهانون بالألفاظ السيئة .. و لم يسلم حتى زعمائهم من هذا الأذى ..
بل و تطور الأمر إلى .. ملاحقتهم .. و الفتك بهم .. و وضع جائزة .. لكل من يأتي برأس بربري ...
فتسارع أهل قرطبة في قتل من قدروا عليه ... فدخلوا على ... وسنار البرزالي ... و كان ممن له أثار جميلة في الجهاد .. فذبح على فراشه في داره ... و دخلوا على رجل صالح فذبحوه في داره ... و نهبت ديار البربر .. و هتك حريمهم ... و سبي نسائهم ....
هكذا كانت بداية ذلك التحول الخطير بين أجناس المجتمع الإسلامي بالأندلس .. وعلى الرغم من أن جذور تلك الأخلاق الجاهلية قد بدأت منذ زمن بعيد في بلاد الأندلس .. حيث كانت في بداية أمرها كانت بين العرب أنفسهم ... فإن كثيراً من المؤرخين يحملون المهدي مسؤولية كبيرة في هذا العمل المشين و لهذا قال عنه ....
ابن حيان ( مفرق الجماعة في قرطبة .. و مبتعث تلك الفتنة المبيرة )
كما وصفه ابن الأبار ( باعث الفتنة بالأندلس و موقد نارها الخامدة .. و شاهر سيفها المغمد ... و أول من أرث نارها و أورث شنارها )
و نتيجة لذلك العمل ... خرج البربر ... على المهدي .. و أظهروا العصيان .. و بدؤوا يخططون للإطاحة به ... فلما علم المهدي بذلك .. أراد التقرب إليهم .. بأن يصلح ما أفسده .. و أعطاهم الأمان ... ولكن ...
لم يأبه البربر ( خارج قرطبة ) .. بهذا الأمر .. رغم أن المهدي كتب لهم الأمان ... فتجمعوا في قلعة رباح .. و بدؤوا ينظمون أنفسهم .. ثم التفوا حول سليمان بن عبدالرحمن الناصر و بايعوه و لقبوه بـ ( المستعين بالله ) ..
هكذا تطور الخلاف بين المسلمين بسبب النزعات العصبية الجاهلية .. و هذا أدى إلى حرب أهلية بين المسلمين أنفسهم ..
و قد استغل النصارى هذا الخلاف فأذكوا ناره .. و حاولوا الإستفادة منه قدر المستطاع و تسخيره لخدمة مصالحهم .. ليثأروا للنصرانية المهزومة في ذلك الوقت ...
و قد جاءت الفرصة مواتية للنصارى .. حين طلب البربر .. المساعدة منهم .. ضد المهدي .. و طلب المهدي من النصارى .. الصلح على أن يعطيهم ما أحبوا من مدن الأندلس ...
بهذه العروض الدنيئة التي تلقاها .. ملك النصارى .. من بعض زعما مسلمي الأندلس الذين غرقوا في مستنقع العصبية القبلية .. أصبح ذلك الزعيم سيد الموقف .. ففضل نصرة البربر على العرب ... و شرط عليهم أن يعطوه إذا ظفروا ما أحب من مدائن الأندلس .. فقبلوا ذلك ..
و كان هدف النصارى من تفضيل .. البربر على العرب .. هو استمرار الحروب الأهلية بين المسلمين .. فلو لم يناصر البربر .. لهزموا لأنهم قلة .. و انتهت بذلك الحروب الأهلية .. فأمدهم بالمال و العتاد ..
فدخل تحالف البربر مع النصارى حروب ضد المهدي فانتصروا عليه في النهاية .. و بايعوا المستعين خليفة في قرطبة و ذلك في .. 17 ربيع الأول سنة 400هـ